رئيس وزراء إثيوبيا يتحدى مصر والسودان: سد النهضة لن يكون الأخير

رئيس وزراء إثيوبيا يتحدى مصر والسودان: سد النهضة لن يكون الأخير

قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إن مشاريع ضخمة مثل سد النهضة الإثيوبي ستُطلق خلال 5 إلى 15 عاما، معتبرا أن “الاستفادة من النيل ليست خطأ ولا جريمة”، وفق قوله.

وأضاف آبي أحمد، في مقابلة تلفزيونية، أن اكتمال بناء سد النهضة وبدء تشغيله أنهى مرحلة مهمة في التاريخ الجيوسياسي لإثيوبيا، وحسّن من مكانة البلاد الجيوسياسية بشكل كبير.

وذكر أن التحدي الأكبر الذي واجهته إثيوبيا عبر العصور كان مرتبطا بنهر النيل، مضيفا أن “إثيوبيا عوملت كثيرا في قضية سد النهضة وكأنها أخذت شيئا لا يخصها، في حين أنها بدأت باستخدام موارد النهر بشكل محدود فقط”.

وتحدث عن الوجود الإثيوبي في البحر الأحمر، والذي تتطلع أديس أبابا إلى استعادته، قائلا إن “البحر الأحمر كان بحوزتنا قبل 30 عاما، والأخطاء الماضية سيتم تصحيحها”، لكنه أشار إلى أن قضية نهر النيل أكبر بكثير من المشاكل الأخرى.

وزعم رئيس الوزراء الإثيوبي، أن من يخشون من تأثير بناء سد النهضة سيكتشفون أنه لن يضرهم، مؤكدا أن مشاريع ضخمة مثل سد النهضة ستنفذ خلال السنوات القادمة.

وتابع: “رأينا أنه يمكننا البدء وإنهاء المشاريع الآن، وإذا تمكنا من تحقيق حلم سد النهضة وحل مشكلاته، فيمكننا حل المشكلات الصغيرة الأخرى، وهذا سيحسن وضعنا الاقتصادي”.

وأشار إلى أن الرد على الحديث عن إيقاف السد لجريان المياه هو أن “السد ليس مصمما لذلك”، وأنه يخزن حاليا 74 مليار متر مكعب من المياه، ورغم ذلك يستمر النيل في التدفق إلى دول الجوار، وفق قوله.

وجدد آبي أحمد، التأكيد على أن “ما تحقق في سد النهضة ليس إلا بداية”، موضحا أن بلاده “بدأت بمشروع واحد، لكن يمكننا بناء المزيد من السدود في حوض النيل لتوليد كميات هائلة من الطاقة، ليس لصالح إثيوبيا وحدها، بل لصالح المنطقة بأسرها ولحماية البيئة”، على حد قوله.

وقال آبي أحمد، إن إثيوبيا ملتزمة التزاما كاملا بعدم الإضرار بدول المصب، وأن الهدف من السد هو توليد الكهرباء وإدارة المياه بما يخدم التنمية المشتركة.

وترى إثيوبيا أن سد النهضة يُقام داخل أراضيها، بينما تطالب مصر والسودان بالتعاون وتبادل المعلومات حول السد باعتباره يقام على نهر دولي مشترك.

وتؤكد مصر مرارا تمسكها بالحفاظ على حقوقها المائية في نهر النيل، ورفض الإجراءات الأحادية التي تنفذها إثيوبيا في الحوض الجنوبي للنهر، وتطالب بتوقيع اتفاقية ملزمة تحقق مصالح جميع الأطراف وتسمح لإثيوبيا بالاستفادة من المياه دون الإضرار بمصالح مصر.

وذكرت في بيان صادر عن وزارتي الخارجية والري الشهر الماضي، أن “مصر لطالما تمسكت بالتعاون وتحقيق المنفعة المتبادلة مع جميع الأشقاء من دول حوض النيل، وأننا علي يقين من أن الحفاظ علي الأمن المائي المصري لا يعني التأثير علي المصالح التنموية لدول حوض النيل الشقيقة”.

وأكدت أنه “يمكن تحقيق التوازن المطلوب عن طريق الالتزام بقواعد القانون الدولي لحوكمة نهر النيل، وضرورة التعاون لتحقيق المنفعة المشتركة علي أساس القانون الدولي”.

كما صرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل أيام، قائلا إنه “مُخطئ من يتوهم أن مصر ستغض الطرف عن تهديد وجودي لأمنها المائي”، مؤكدا أن مصر لن تتخلى عن حقها المائي لأن ذلك “يعني التخلي عن حياتنا”.

وأكد السيسي، في مؤتمر صحفي مع نظيره الأوغندي عقب مباحثات في القاهرة، أن مصر ستظل تتابع هذا الملف وستخذ جميع التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي للحفاظ على المقدرات الوجودية للشعب المصري، مشددا على رفض مصر الكامل للإجراءات الأحادية في حوض النيل الشرقي، “الذي سعت القاهرة إلى أن يكون مصدرا للتعاون لا للصراع”، وفق قوله.

وتحدث السيسي عن حجم مياه الأمطار التي تتساقط على حوض النيل والتي تقدر بـ1600 مليار متر مكعب، ولا يصل منها إلى السودان ومصر سوى 85 مليار متر مكعب، بما يعادل 4% فقط، مستطردا: “حينما نطلب أن هذا الحجم من المياه يصل إلى مصر والسودان من أجل العيش بهم، لأن ليس لدينا مصدر آخر بخلافهم، هل يعني ذلك رفض التنمية في دول الحوض أو رفض الاستفادة من المياه المتاحة لديهم سواء كان في الزراعة أو في إنتاج الكهرباء؟ لا بالطبع”.

وواصل: “أقول للمصريين إن موقفنا منذ البداية أننا لسنا ضد التنمية، ولم نتحدث حتى عن الاقتسام العادل للمياه، حيث إن ذلك سيعني التحدث عن الـ1600 مليار متر مكعب من المياه، وإنما نتحدث عن المتبقي وهو لا يزيد عن 4% أو 5% وذلك أمر مهم جدا”.

والأربعاء، أكدت مصر والسودان في بيان مشترك، ارتباط الأمن المائي السوداني والمصري كجزء واحد لا يتجزأ، وأعادا تأكيد رفضهما التام لأية تحركات أحادية في حوض النيل الشرقي من شأنها إيقاع الضرر بمصالحهما المائية.

وذكرت الدولتان في بيان بعد اجتماعات آلية 2+2 التشاورية لوزراء الخارجية والري في البلدين، “ضرورة تأمين الأمن المائي لدولتي مصب نهر النيل، والعمل المشترك للحفاظ على حقوق واستخدامات البلدين المائية كاملة، وفقا للنظام القانوني الحاكم لنهر النيل في إطار مبدأ مجتمع المصالح المشتركة والمساواة في الحقوق، طبقا للقانون الدولي واتفاقية عام 1959 المُبرمة بين البلدين”.

المصدر: إذاعة fana الإثيوبية + RT

فضاءات القاهرة… استثمارات تحرم الفقراء المتنفس المجاني

فضاءات القاهرة… استثمارات تحرم الفقراء المتنفس المجاني

تشهد العاصمة المصرية القاهرة تحولات جذرية على امتداد ضفاف نهر النيل وفي مساحاتها الخضراء، إذ تتوالى قرارات الإزالة بزعم التطوير التي يرى البعض أنها تهدف إلى تحويل الفضاءات العامة إلى مشاريع استثمارية، ما يحد من وصول الطبقات الفقيرة والمتوسطة إليها، ويثير مخاوف بشأن الحق في التمتع بالساحات المجانية في ظل أوضاع معيشية متردية.
وفي خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أصدرت محافظة الجيزة قراراً بهدم ممشى “مركب فرعون النيل”، وهو معلم سياحي يعود تاريخ ترخيصه إلى عام 1978. ورغم أن أصحابه بادروا بإقامة دعوى قضائية لوقف الهدم، إلا أن المحافظة سارعت إلى هدمه قبل صدور الحكم.
ويُمهد القرار لتسليم الممشى إلى جهاز مشروعات القوات المسلحة (الجيش)، الذي يعتزم إقامة أنشطة استثمارية عليه، في إطار ظاهرة حجب رؤية نهر النيل عن عموم المواطنين المتكررة خلال السنوات الأخيرة.
وبموجب قرار أصدره رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، آلت إلى الجيش ملكية التصرف في أراضي “طرح النيل” بدلاً من وزارة الموارد المائية والري، وهي أراض تمتد إلى نحو 50 كيلومتراً على جانبي النيل في القاهرة. وعادة ما تصدر قرارات إزالة للمخالفات، بينما تُستثنى منها الأندية التابعة للجيش والشرطة والهيئات القضائية، وغيرها من الهيئات والنقابات.

وأزال الجيش العديد من المنشآت المستأجرة من وزارة الري على أراضي طرح النهر في منطقة الزمالك عام 2022، وامتدت الإزالة إلى الضفة الأخرى في منطقة الكيت كات، واستهدفت “العوامات” التي تستخدم بيوتاً لبعض الأسر، ويرجع بعضها إلى فترة الحرب العالمية الأولى.
وأصبح التمتع بنزهة على ضفاف النيل مكلفاً بعد أن فرضت السلطات رسوماً على السير في “ممشى أهل مصر” بقيمة 20 جنيهاً للفرد الواحد، لتُقدر تكلفة نزهة عائلة مكونة من خمسة أفراد بنحو ألف جنيه (الدولار = 48.45 جنيهاً)، شاملة التنقل ورسوم الدخول والمأكولات والمشروبات، ما يجعلها بعيدة عن متناول غالبية الأسر المصرية.

وتنتقد عضو مجلس النواب إيناس عبد الحليم فرض رسوم لمجرد السير على النيل، قائلة لـ”العربي الجديد” إن “كورنيش النيل متنفس مجاني للمواطنين في ظل موجة الغلاء، والدستور يمنح الحق لكل مواطن في التمتع بنهر النيل، ومن ثم يجب ألا يدفع رسوماً لرؤيته أو السير على ضفافه. الممشى تم تمويله من أموال دافعي الضرائب، والجزء العلوي منه (المجاني) لا يرى النيل بوضوح، وفرض رسوم على الجزء السفلي المطل على النيل مخالف للدستور الذي ينص على عدم فرض ضرائب أو رسوم إلا بقانون”.
وتسبب الممشى في تشريد عشرات من أصحاب المراكب التي كانت تنظم رحلات نيلية بأسعار في متناول البسطاء، فضلاً عن منع الأهالي من دخول نصف مساحته بحجة تخصيصها للمطاعم الفاخرة. وافتتحت المرحلة الأولى من الممشى في 2022، بعد ردم مساحات واسعة من النهر، في مخالفة صريحة للدستور الذي ألزم الدولة بحماية النيل، وحظر التعدي على حرمه، أو الإضرار بالبيئة النهرية.
ولا تقتصر التحولات على النيل وحده، بل تشمل أيضاً الحدائق العامة والمساحات الخضراء، التي تتعرض للإزالة، أو تحويلها إلى مشاريع تجارية. وتؤكد النائبة إيناس عبد الحليم أن “الاستثمار لا يعني تغيير الطابع التاريخي المميز للقاهرة، أو تحويل الحدائق العامة إلى تجمعات للمطاعم، باعتبارها المتنفس الوحيد للأسر البسيطة في أيام العطلات، لا سيما مع استمرار إغلاق حديقتي الحيوان والأورمان إلى حين الانتهاء من عمليات التطوير”.

وتُعد حديقتا الحيوان والأورمان من بين الأمثلة الصارخة، إذ أُغلقا في تموز/تموز 2023، لتنفيذ مخطط تطوير بالتعاون مع تحالف إماراتي، في عملية تجرى تحت إشراف شركة الإنتاج الحربي للمشروعات التابعة للجيش.
وشملت حملة الإزالة أيضاً حدائق تاريخية مثل حديقة الفنون وحديقة أم كلثوم في حي المنيل، وحديقة المسلة في حي الزمالك، كما تعرضت حديقة الميريلاند في حي مصر الجديدة وحديقة الطفل في مدينة نصر إلى تغييرات جذرية، واستُبدلت المساحات الخضراء فيها بالمطاعم والمقاهي.
وبينما أصبح مهرجان “محكى القلعة” الذي تنظمه دار الأوبرا المصرية أحد الوجهات القليلة المتاحة للبسطاء، إلا أنه يعاني من سوء التنظيم، وقد منحت دار الأوبرا شركة “تذكرتي” المملوكة للمخابرات العامة مهام حجز حفلات المهرجان مقابل نسبة من قيمة البطاقات بعد رفع سعرها من 40 إلى 100 جنيه للفرد، ما دفع الشركة إلى فتح الباب للحجز إلكترونياً من دون التقيد بعدد المقاعد. وشهد حفل المطرب مدحت صالح الأخير حضور نحو عشرة آلاف شخص في ساحة لا تتسع لأكثر من أربعة آلاف.
وأعربت العاملة في مصنع ملابس بمنطقة الهرم في الجيزة نهى صالح عن استيائها الشديد من سوء التنظيم، قائلة إنها حضرت الحفل رفقة والدتها وطفليها، وفوجئت بعدم وجود مقاعد، أو أماكن قريبة من المسرح، ما دفعهم إلى الوقوف خلف شاشة كبيرة للمشاهدة، والانصراف باكراً بسبب شعورهم بالتعب من جراء الوقوف الطويل. وتقول لـ”العربي الجديد” إنها قررت حضور الحفل مع أسرتها لأنه يعتبر “رخيصاً” مقارنة بأي وسيلة ترفيه أخرى في العطلة الأسبوعية.

وتضيف: “لم يعد هناك مكان للمشي على نهر النيل كما كان الحال سابقاً، بعد حجبه ابتداءً من منطقة المظلات في شبرا حتى ميدان التحرير بسبب مشروع (ممشى أهل مصر)، وسيطرة البواخر والمراكب النيلية الفاخرة على مناطق الزمالك والمنيل والمعادي. لا مكان حالياً لتنزه الفقراء في القاهرة بعد حجب النيل، وإزالة أغلب الحدائق العامة، وتحولها إلى مقاه ومطاعم مخصصة للأغنياء. حتى إن بطاقة صعود برج القاهرة زادت من 70 إلى 150 جنيهاً”.
بدوره، يقول الموظف في إحدى شركات قطاع الأعمال العام محمد عبد المنعم إن أسعار الوجبات الشعبية مثل “الكشري” سجلت أرقاماً قياسية في مناطق وسط القاهرة، وسعر الطبق يبدأ من 50 جنيهاً، ويرتفع إلى نحو 150 جنيهاً حال تناوله في المطاعم الفاخرة. ويوضح لـ”العربي الجديد”: “أنفق 1500 جنيه حداً أدنى لنزهة أسرتي المكونة من أربعة أفراد، إذا ما قررنا الخروج في يوم الإجازة، وهو أمر بات يحدث مرة واحدة في الشهر بعد أن كان أسبوعياً، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار المواصلات والمأكولات، وعدم توفر أماكن مجانية للتنزه بعد تحول جميع الحدائق العامة إلى مطاعم ومقاه”.

فضاءات القاهرة… استثمارات تحرم الفقراء المتنفس المجاني

فضاءات القاهرة… استثمارات تحرم الفقراء المتنفس المجاني

تشهد العاصمة المصرية القاهرة تحولات جذرية على امتداد ضفاف نهر النيل وفي مساحاتها الخضراء، إذ تتوالى قرارات الإزالة بزعم التطوير التي يرى البعض أنها تهدف إلى تحويل الفضاءات العامة إلى مشاريع استثمارية، ما يحد من وصول الطبقات الفقيرة والمتوسطة إليها، ويثير مخاوف بشأن الحق في التمتع بالساحات المجانية في ظل أوضاع معيشية متردية.
وفي خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أصدرت محافظة الجيزة قراراً بهدم ممشى “مركب فرعون النيل”، وهو معلم سياحي يعود تاريخ ترخيصه إلى عام 1978. ورغم أن أصحابه بادروا بإقامة دعوى قضائية لوقف الهدم، إلا أن المحافظة سارعت إلى هدمه قبل صدور الحكم.
ويُمهد القرار لتسليم الممشى إلى جهاز مشروعات القوات المسلحة (الجيش)، الذي يعتزم إقامة أنشطة استثمارية عليه، في إطار ظاهرة حجب رؤية نهر النيل عن عموم المواطنين المتكررة خلال السنوات الأخيرة.
وبموجب قرار أصدره رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، آلت إلى الجيش ملكية التصرف في أراضي “طرح النيل” بدلاً من وزارة الموارد المائية والري، وهي أراض تمتد إلى نحو 50 كيلومتراً على جانبي النيل في القاهرة. وعادة ما تصدر قرارات إزالة للمخالفات، بينما تُستثنى منها الأندية التابعة للجيش والشرطة والهيئات القضائية، وغيرها من الهيئات والنقابات.

وأزال الجيش العديد من المنشآت المستأجرة من وزارة الري على أراضي طرح النهر في منطقة الزمالك عام 2022، وامتدت الإزالة إلى الضفة الأخرى في منطقة الكيت كات، واستهدفت “العوامات” التي تستخدم بيوتاً لبعض الأسر، ويرجع بعضها إلى فترة الحرب العالمية الأولى.
وأصبح التمتع بنزهة على ضفاف النيل مكلفاً بعد أن فرضت السلطات رسوماً على السير في “ممشى أهل مصر” بقيمة 20 جنيهاً للفرد الواحد، لتُقدر تكلفة نزهة عائلة مكونة من خمسة أفراد بنحو ألف جنيه (الدولار = 48.45 جنيهاً)، شاملة التنقل ورسوم الدخول والمأكولات والمشروبات، ما يجعلها بعيدة عن متناول غالبية الأسر المصرية.

وتنتقد عضو مجلس النواب إيناس عبد الحليم فرض رسوم لمجرد السير على النيل، قائلة لـ”العربي الجديد” إن “كورنيش النيل متنفس مجاني للمواطنين في ظل موجة الغلاء، والدستور يمنح الحق لكل مواطن في التمتع بنهر النيل، ومن ثم يجب ألا يدفع رسوماً لرؤيته أو السير على ضفافه. الممشى تم تمويله من أموال دافعي الضرائب، والجزء العلوي منه (المجاني) لا يرى النيل بوضوح، وفرض رسوم على الجزء السفلي المطل على النيل مخالف للدستور الذي ينص على عدم فرض ضرائب أو رسوم إلا بقانون”.
وتسبب الممشى في تشريد عشرات من أصحاب المراكب التي كانت تنظم رحلات نيلية بأسعار في متناول البسطاء، فضلاً عن منع الأهالي من دخول نصف مساحته بحجة تخصيصها للمطاعم الفاخرة. وافتتحت المرحلة الأولى من الممشى في 2022، بعد ردم مساحات واسعة من النهر، في مخالفة صريحة للدستور الذي ألزم الدولة بحماية النيل، وحظر التعدي على حرمه، أو الإضرار بالبيئة النهرية.
ولا تقتصر التحولات على النيل وحده، بل تشمل أيضاً الحدائق العامة والمساحات الخضراء، التي تتعرض للإزالة، أو تحويلها إلى مشاريع تجارية. وتؤكد النائبة إيناس عبد الحليم أن “الاستثمار لا يعني تغيير الطابع التاريخي المميز للقاهرة، أو تحويل الحدائق العامة إلى تجمعات للمطاعم، باعتبارها المتنفس الوحيد للأسر البسيطة في أيام العطلات، لا سيما مع استمرار إغلاق حديقتي الحيوان والأورمان إلى حين الانتهاء من عمليات التطوير”.

وتُعد حديقتا الحيوان والأورمان من بين الأمثلة الصارخة، إذ أُغلقا في تموز/تموز 2023، لتنفيذ مخطط تطوير بالتعاون مع تحالف إماراتي، في عملية تجرى تحت إشراف شركة الإنتاج الحربي للمشروعات التابعة للجيش.
وشملت حملة الإزالة أيضاً حدائق تاريخية مثل حديقة الفنون وحديقة أم كلثوم في حي المنيل، وحديقة المسلة في حي الزمالك، كما تعرضت حديقة الميريلاند في حي مصر الجديدة وحديقة الطفل في مدينة نصر إلى تغييرات جذرية، واستُبدلت المساحات الخضراء فيها بالمطاعم والمقاهي.
وبينما أصبح مهرجان “محكى القلعة” الذي تنظمه دار الأوبرا المصرية أحد الوجهات القليلة المتاحة للبسطاء، إلا أنه يعاني من سوء التنظيم، وقد منحت دار الأوبرا شركة “تذكرتي” المملوكة للمخابرات العامة مهام حجز حفلات المهرجان مقابل نسبة من قيمة البطاقات بعد رفع سعرها من 40 إلى 100 جنيه للفرد، ما دفع الشركة إلى فتح الباب للحجز إلكترونياً من دون التقيد بعدد المقاعد. وشهد حفل المطرب مدحت صالح الأخير حضور نحو عشرة آلاف شخص في ساحة لا تتسع لأكثر من أربعة آلاف.
وأعربت العاملة في مصنع ملابس بمنطقة الهرم في الجيزة نهى صالح عن استيائها الشديد من سوء التنظيم، قائلة إنها حضرت الحفل رفقة والدتها وطفليها، وفوجئت بعدم وجود مقاعد، أو أماكن قريبة من المسرح، ما دفعهم إلى الوقوف خلف شاشة كبيرة للمشاهدة، والانصراف باكراً بسبب شعورهم بالتعب من جراء الوقوف الطويل. وتقول لـ”العربي الجديد” إنها قررت حضور الحفل مع أسرتها لأنه يعتبر “رخيصاً” مقارنة بأي وسيلة ترفيه أخرى في العطلة الأسبوعية.

وتضيف: “لم يعد هناك مكان للمشي على نهر النيل كما كان الحال سابقاً، بعد حجبه ابتداءً من منطقة المظلات في شبرا حتى ميدان التحرير بسبب مشروع (ممشى أهل مصر)، وسيطرة البواخر والمراكب النيلية الفاخرة على مناطق الزمالك والمنيل والمعادي. لا مكان حالياً لتنزه الفقراء في القاهرة بعد حجب النيل، وإزالة أغلب الحدائق العامة، وتحولها إلى مقاه ومطاعم مخصصة للأغنياء. حتى إن بطاقة صعود برج القاهرة زادت من 70 إلى 150 جنيهاً”.
بدوره، يقول الموظف في إحدى شركات قطاع الأعمال العام محمد عبد المنعم إن أسعار الوجبات الشعبية مثل “الكشري” سجلت أرقاماً قياسية في مناطق وسط القاهرة، وسعر الطبق يبدأ من 50 جنيهاً، ويرتفع إلى نحو 150 جنيهاً حال تناوله في المطاعم الفاخرة. ويوضح لـ”العربي الجديد”: “أنفق 1500 جنيه حداً أدنى لنزهة أسرتي المكونة من أربعة أفراد، إذا ما قررنا الخروج في يوم الإجازة، وهو أمر بات يحدث مرة واحدة في الشهر بعد أن كان أسبوعياً، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار المواصلات والمأكولات، وعدم توفر أماكن مجانية للتنزه بعد تحول جميع الحدائق العامة إلى مطاعم ومقاه”.

السودان.. انهيار أكثر من 150 منزلا جراء أمطار غزيرة في ولاية النيل

السودان.. انهيار أكثر من 150 منزلا جراء أمطار غزيرة في ولاية النيل

أصدرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية في السودان إنذارا برتقاليا عالي الخطورة يوم الخميس، حذرت فيه من هطول أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية في عدد من ولايات البلاد.

وبينت الهيئة أن التحذير يشمل بشكل رئيسي ولايات دارفور وشمال كردفان، حيث من المتوقع أن تتأثر مناطق غرب ولاية شمال كردفان وشمال ولاية غرب كردفان ووسط وجنوب شمال دارفور، إضافة إلى شرق وجنوب ووسط وغرب دارفور. وسيستمر هذا الإنذار من ظهر اليوم الخميس حتى الساعة الحادية عشرة مساء بالتوقيت المحلي.

وناشدت الهيئة المواطنين في هذه المناطق توخي الحذر الشديد واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، بما في ذلك فتح المصارف والخيران لتصريف المياه، والامتناع عن عبور المجاري المائية سريعة الجريان سواء سيرا على الأقدام أو بواسطة المركبات، كما دعت إلى التضامن المجتمعي من خلال مساعدة الآخرين في تجنب المخاطر.

وفي سياق متصل، أعلنت شبكة أطباء السودان عن كارثة إنسانية جديدة تتمثل في انهيار 154 منزلا بالكامل نتيجة السيول والأمطار الغزيرة في ولاية نهر النيل، مما يضيف بعدا جديدا للتحديات التي تواجه المواطنين.

وأكدت الهيئة أن هذا التحذير قابل للتحديث في أي وقت وفقا لتطور التغيرات المناخية، مما يستدعي متابعة مستمرة للنشرات الجوية الرسمية.

يذكر أن العاصمة السودانية الخرطوم شهدت في آب الجاري أمطارا غزيرة وعواصف رعدية، حيث غطت الأمطار مناطق واسعة في المدينة والمناطق المحيطة بها، مما أدى إلى حدوث سيول وفيضانات في بعض الأماكن.

المصدر: RT