ينتظر هواة الفلك في مختلف أنحاء العالم مشهداً ساحراً يوم الأحد، حين يتحوّل القمر المكتمل إلى اللون الأحمر بفعل خسوف كلي للقمر.
وعندما يمرّ القمر عبر ظل الأرض، سيكتسب لوناً أحمر داكناً، ليشكل ما يُعرف بـ “القمر الدموي” المدهش.
يحدث ذلك لأن ضوء الشمس يمر عبر غلاف الأرض الجوي، حيث يتم تصفية الضوء الأزرق وينتقل الضوء الأحمر نحو القمر.
من المتوقع أن يتمكن المراقبون في أقصى شرق أفريقيا، والشرق الأوسط، ومعظم آسيا، وغرب أستراليا من متابعة الحدث كاملاً من بدايته حتى نهايته.
ويظهر القمر الكامل عندما يكون في الجانب المقابل للأرض بالنسبة للشمس، مما يجعل الجانب المواجه لنا مضاء بالكامل.
كان للقمر المكتمل دورٌ مهم في تشكيل الثقافات والتقاليد حول العالم، حيث أثر على المآذارات الزراعية، وقد يؤثر أيضاً على نومنا.
كما يعتبره العديد من المزارعين وقتاً مثالياً لزراعة البذور.
ما أهمية القمر المكتمل بالنسبة لأجدادنا؟
نسخة ضخمة من عظم إيشانغو في بروكسل، حيث يتم عرض الاكتشاف الأثري الأصلي في متحف
استُخدمت دورات القمر – بمراحله المنتظمة من الاكتمال والتراجع – منذ الأزمنة البدائية كوسيلة لقياس الوقت، وخير مثال على ذلك عظم إيشانغو – الذي عُثر عليه في عام 1957 في ما يُعرف اليوم بجمهورية الكونغو الديمقراطية.
يُعتقد أن العظمة، التي يُرجح أنها أُخذت من ساق قرد البابون ويُقدَّر عمرها بأكثر من 20,000 عام، تمثل أحد أقدم أشكال التقويم.
وقد اكتشفها عالم جيولوجيا بلجيكي، وتحمل العظمة نقوشاً مميزة – بعضها على شكل دوائر فاتحة، أو داكنة، أو أنصاف دوائر.
وقد افترض عالم الآثار من جامعة هارفارد، ألكسندر مارشاك، أن هذه النقوش ربما كانت تمثل المراحل المختلفة للقمر، مما يشير إلى أن العظمة ربما استُخدمت كتقويم قمري يمتد لستة أشهر.
يظهر “قمر الثلج” في شباط/شباط خلف جبال الألب في إيطاليا
يُطلق اسم “قمر الحصاد” على القمر المكتمل الذي يظهر في أقرب موعد من الاعتدال الخريفي، والذي يحدث في أواخر أيلول/أيلول أو أوائل تشرين الأول/تشرين الأول.
في هذا الوقت من العام، يشرق القمر بعد وقت قصير من غروب الشمس، مما كان يُتيح للمزارعين، الذين كانوا يسابقون الزمن لجني محاصيلهم، مواصلة العمل حتى ساعات متأخرة من الليل على ضوء القمر. أما اليوم، فيعتمد معظمهم على الإضاءة الكهربائية.
الهلال وكوكب الزهرة يثيران دهشة الفلكيين
ماذا يحدث حول العالم أثناء اكتمال القمر بدراً؟
ما هي الاحتفالات التي تُقام عند اكتمال القمر؟
خلال مهرجان تشوسوك، يشكر الكوريون الحصاد ويُكرّمون أسلافهم
في الصين، يُحتفل بمهرجان منتصف الخريف – المعروف باسم “زونغتشيو جيه” أو “مهرجان القمر” – في يوم قمر الحصاد، ويُعد هذا اليوم عطلة رسمية. يعود تاريخ المهرجان إلى نحو 3000 عام، وكان يُحتفل به تقليدياً للتعبير عن الأمل في حصاد وفير.
وبالمثل، تحتفل الثقافة الكورية بمهرجان تشوسوك الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام، ويتزامن مع قمر الحصاد. وخلال هذا المهرجان، تجتمع العائلات للاحتفال بثمار الحصاد وتكريم الأجداد والأسلاف.
وفي الثقافة الهندوسية، تُعدّ أيام اكتمال القمر، المعروفة باسم “بورنيما”، مناسبات دينية يرافقها الصيام والصلوات. ويُقام مهرجان “كارتك بورنيما” في شهر تشرين الثاني/تشرين الثاني، الذي يُعتبر أقدس شهور السنة في التقويم الهندوسي، إحياء لذكرى انتصار الإله شيفا على الشيطان تريبوراسورا، وظهور أول تجسد للإله فيشنو في هيئة “ماتسيا”. وتشمل الطقوس الاستحمام في الأنهار، وإضاءة صفوف من المصابيح الطينية.
يُقام مهرجان كومبه ميلا، الذي يبدأ مع اكتمال القمر، مرة واحدة كل 12 عاماً.
في يوم بورنما في بالي، يُقدّم الناس القرابين للآلهة
يعتقد البوذيون أن بوذا وُلد تحت ضوء القمر قبل 2500 عام، كما يعتقدون أنه بلغ التنوير وتوفي أيضاً تحت ضوء القمر. ويتم إحياء هذه المناسبات في مهرجان بوذا بورنيما، الذي يصادف عادة يوم اكتمال القمر في شهري نيسان/نيسان أو أيار/أيار.
في سريلانكا، يُعتبر يوم اكتمال القمر عطلة رسمية تُعرف باسم “بويا”، يُحظر فيها بيع الكحول واللحوم.
وفي بالي، يُحتفل باكتمال القمر خلال عيد بورناما، حيث يُعتقد أن الآلهة تنزل إلى الأرض لتنشر بركاتها. ويُعد هذا الوقت للصلاة وتقديم القرابين للألهة وزراعة أشجار الفاكهة في الحدائق.
وفي المسيحية، يُحتفل بعيد الفصح في أول يوم أحد يلي أول اكتمال للقمر بعد الاعتدال الربيعي.
وفي المكسيك وبعض بلدان أمريكا اللاتينية الأخرى، عادت البلاد لإحياء رقصة القمر التقليدية لدى السكان الأصليين، حيث تجتمع النساء في وقت اكتمال القمر للرقص والعبادة خلال مهرجان يستمر ثلاثة أيام.
هل تؤثر أطوار القمر على حالتك المزاجية دون أن تدري؟
ما الأساطير والحكايات التي تُحيط بالقمرالمكتمل؟
أسطورة المستذئب استمرّت حتى العصر الحديث، ويرجع ذلك إلى أفلام الرعب مثل فيلم “مستذئب لندن” الذي صدر عام 1935
في أوروبا، منذ العصور القديمة، كان يُعتقد أن اكتمال القمر يسبب الجنون لدى البعض. وكلمة “جنون” مشتقة من كلمة “لونا” اللاتينية التي تعني القمر.
نشأت أسطورة المستذئبين من الاعتقاد بأن اكتمال القمر يُحرّض سلوكاً خارجاً عن السيطرة، حيث يُقال إن بعض البشر يتحولون تلقائياً إلى ذئاب ويُرعبون من حولهم في ليالي اكتمال القمر.
في القرن الرابع قبل الميلاد، كتب المؤرخ اليوناني هيرودوت عن قبيلة تُدعى “النيوري” كانت تعيش في منطقة سكيثيا (وهي جزء من روسيا الحالية)، وقال إن أفراد هذه القبيلة كانوا يتحولون إلى ذئاب لعدة أيام كل عام.
وفي أوروبا، خضع عدد من الأشخاص لمحاكمات بتهمة كونهم مستذئبين بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر.
إحدى أشهر القضايا كانت قضية مالك أرض في ألمانيا يُدعى بيتر ستوب (أو شتومب)، في عام 1589. حيث زعم بعض الصيادين المحليين أنهم رأوه يتحول من ذئب إلى إنسان. وبعد تعرضه للتعذيب، اعترف بيتر بأنه كان يملك حزامًا سحريًا يستخدمه ليتحول إلى مستذئب، مما مكّنه من صيد الناس وأكلهم.
كيف يؤثر اكتمال القمر على الحياة اليومية؟
تشير الدراسات إلى أن جودة نومنا تتراجع أثناء اكتمال القمر
يزرع العديد من المزارعين البذور والشتلات خلال فترة اكتمال القمر، كما يفعل سكان بالي في مهرجان بورناما، معتقدين أن القمر يعزز خصوبة التربة.
ويعتقد بعض الناس أن اكتمال القمر يؤثر سلباً على جودة النوم.
تشير الدراسات إلى أنه خلال فترة اكتمال القمر وفي الأيام القريبة منها، يستغرق الناس وقتاً أطول للنوم، ويقضون وقتاً أقل في النوم العميق، وينامون لفترة أقل، كما تنخفض مستويات هرمون الميلاتونين في أجسامهم، وهو الهرمون الذي يساعد على النوم.
وفي دراسة أُجريت عام 2000 في برادفورد بالمملكة المتحدة، وُجد أن الحيوانات تصبح أكثر عدوانية وتميل إلى العض بشكل أكبر خلال فترة اكتمال القمر.
وأظهرت الدراسة أنه خلال الفترة من 1997 إلى 1999، ارتفع عدد المرضى الذين نُقلوا إلى المستشفى بسبب إصابات ناجمة عن هجمات الحيوانات بشكل ملحوظ في الأيام القريبة من اكتمال القمر.
حظي فيلم غزة “صوت هند رجب” يتصفيق حار استمر لـ 23 دقيقة بعد عرضه العالمي الأول في مهرجان البندقية السينمائي، ويُعتبر ذلك رقماً قياسياً.
تعيد المخرجة كوثر بن هنية سرد قصة الطفلة هند رجب البالغة من العمر ست سنوات، التي قُتلت مع أبناء عمومتها وخالتها وعمها ومسعفين اثنين كانوا يحاولون مساعدتهم بعد أن أطلقت القوات الإسرائيلية النار على سيارتهم في مدينة غزة في كانون الثاني/ كانون الثاني، عام 2024.
تشتهر المهرجانات السينمائية بتصفيق الجمهور المطول، إلا أن هذا التصفيق يبدو أنه تجاوز مدة التصفيق التي استمرت 22 دقيقة لفيلم “متاهة بان” في مهرجان كان عام 2006.
حُذف المقال: ‘تابعنا حياة ثلاثة أطفال نجوا من الحرب في غزة، وهذا ما وجدناه’
ما قصة القرية التي صور فيها فيلم الأوسكار “لا أرض أخرى”؟
انضم عدد من نجوم هوليوود إلى الفيلم، الأسبوع الماضي، كمنتجين تنفيذيين، من بينهم خواكين فينيكس، وروني مارا، بالإضافة إلى براد بيت وألفونسو كوارون وجوناثان جليزر.
كان فينيكس ومارا حاضرَين في جلسة التصوير في البندقية، كما شاركا في العرض الأول المليء بالعواطف يوم الأربعاء، حيث رفع فريق العمل صورة الفتاة الراحلة هند رجب والعلم الفلسطيني خلال التصفيق الحار.
المنتجان التنفيذيان خواكين فينيكس وروني مارا مع المخرجة كوثر بن هنية والممثل معتز ملحيس يحملون صورة الفتاة الراحلة هند رجب.
بعد وقت قصير من الحادثة التي قُتلت فيها هند وأقاربها والمسعفون، أعلن الجيش الإسرائيلي أن التحقيق الأولي أظهر أن “جنوده لم يكونوا من بين من أطلقوا النار على السيارة”، وفي وقت لاحق، صرح متحدث باسم الجيش بأن “تحقيقاً إضافياً” مستمر، لكن لم تُعلن أي نتائج حتى الآن.
شن الجيش الإسرائيلي عملية في غزة رداً على الهجوم الذي نفذته حماس في جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023، وأسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص واحتجاز 251 رهينة.
فيما قُتل ما لا يقل عن 64,231 شخصاً في الهجمات الإسرائيلية على غزة منذ ذلك الحين، بحسب وزارة الصحة في القطاع.
4 فلسطينيين يسجلون يومياتهم لبي بي سي على مدار سنة، فما مصيرهم الآن؟
بي بي سي أمام أزمتي “والاس” و”وثائقي غزة”… هل تنجح في تجاوزهما؟
“صوت كل ابنة”
من المتوقع أن يفوز فيلم “صوت هند رجب” بجائزة في مهرجان البندقية، وربما يحصد أيضاً تكريماً في حفل توزيع جوائز الأوسكار.
في المؤتمر الصحفي الذي عُقد في البندقية للإعلان عن فيلمها الجديد، استُقبلت هي وطاقم العمل بحفاوة كبيرة.
وأضافت: “هذا الفيلم ليس رأياً أو خيالاً، بل هو واقع مُرسخ. قصة هند تحمل ثقل شعبٍ بأكمله. صوتها واحدٌ من بين عشرات آلاف الأطفال الذين قُتلوا في غزة خلال العامين الماضيين فقط. إنه صوت كل ابنة وكل ابن، له الحق في العيش والحلم والوجود بكرامة. ومع ذلك، سُلب كل ذلك أمام أعيننا التي لا ترف”.
شهدت مدينة البندقية يوم السبت مظاهرة احتجاجية كبيرة على شاطئ الليدو دعماً للفلسطينيين وتنديداً بالمآذارات الإسرائيلية في غزة.
وقدمت تونس فيلم المخرجة كوثر بن هنية ليمثلها رسمياً في سباق جائزة أفضل فيلم دولي في حفل الأوسكار القادم، ويُتوقع أن يكون من أبرز الأفلام المنافسة على الجائزة.
في العام الماضي، تم ترشيح بن هنية لجائزة الأوسكار بعدما دخل فيلمها “أربع بنات” القائمة المختصرة لأفضل فيلم وثائقي. أما في عام 2021، فقد تم ترشيح فيلمها “الرجل الذي باع جلده” ضمن فئة الأفلام الدولية.
“إلحاح يمزق القلب”
في مراجعة لموقع ديدلاين”، وصف دامون وايز الفيلم بأنه “بالغ الأهمية”، وقال إنه “قد يكون الشرارة التي ينتظرها مؤيدو القضية الفلسطينية؛ عملٌ، يستخدم وسائل سينمائية، مثل اللقطات القريبة بالكاميرا المحمولة، وكاميرا متحركة، لإيصال رسالته”.
أشاد غاي لودج من مجلة فارايتي بـ”الدراما الساحقة” مع بعض الملاحظات. وكتب: “من المستحيل ألا تتأثر بالتسجيل الصوتي الواقعي الذي يشكل جوهر فيلم كوثر بن هنية، لكن تثار بعض الشكوك حول أخلاقيات العمل وطريقة تنفيذه”.
وذكرت الناقدة شيري ليندن من مجلة هوليوود ريبورتر أن “الدراما المشوقة تغوص في حرب غزة بحس إنساني مؤلم يمزق القلب”.
حتى العرض الأول يوم الأربعاء، كان المخرج المكسيكي جييرمو ديل تورو يحتفظ بالرقم القياسي لأطول مدة تصفيق حار في مهرجان سينمائي.
في مقابلة مع مجلة “جي كيو” العام الماضي، كشف أنه كان يشعر ببعض الذهول من تلك التجربة.
قال المخرج: “من الصعب وصف ما يحدث عند استمرار التصفيق لفترة طويلة، لأن أول ثلاث أو أربع دقائق تكون غارقاً في حالة من الاستيعاب والفرح”. وأضاف: “بعد مرور عشر دقائق، لا تعرف ماذا تفعل، فقط تبتسم وتهز رأسك”.
شوهد دواين جونسون مؤخراً وهو يبكي خلال التصفيق الذي استمر 15 دقيقة لفيلمه “ذا سماشينج ماشين” أيضاً في مهرجان البندقية.
تحوّل مهرجان البندقية السينمائي، أحد أعرق المهرجانات في العالم، هذا العام إلى مساحة واضحة للتضامن مع الفلسطينيين الذين يتعرضون لحرب إبادة متواصلة منذ السابع من تشرين الأول/ تشرين الأول 2023 في قطاع غزة. ففي دورته الـ82، لم تقتصر الأضواء على الأفلام والنجوم، بل امتدّت لتغطي واحدة من أوسع المظاهرات المؤيدة لفلسطين في تاريخ الفعاليات السينمائية الكبرى. أمام الكاميرات التي لطالما اعتادت التقاط صور الفساتين الفاخرة والابتسامات اللامعة، علت أصوات المحتجّين، ملوّحين بالعلم الفلسطيني ومطالبين بوقف حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، فيما قدّم المهرجان مساحة غير مسبوقة لأعمال سينمائية تناولت جرائم الحرب والمعاناة الإنسانية.
احتجاجات غير مسبوقة
شهدت البندقية مسيرات شارك فيها آلاف المحتجين من ضيوف المهرجان وسكان المدينة على حدّ سواء. ورفع هؤلاء شعارات تطالب بوقف الإبادة وتحرير فلسطين، ورفرفت الأعلام الفلسطينية في أرجاء جزيرة الليدو، بينما أغلق الأمن الطرق المؤدية إلى مقرّ المهرجان. الاحتجاج الذي نظّمته مجموعات محلية ودولية، جاء نتيجة خطاب مفتوح وقّعه مئات المخرجين والممثلين والمنتجين يطالبون إدارة المهرجان باتخاذ موقف واضح وصريح ضد جرائم الحرب في غزة.
جاء في البيان: “مهرجان البندقية يجب ألا يبقى حدثًا معزولًا عن الواقع، بل منصة لإدانة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، وللتنديد بتواطؤ الحكومات الغربية، ولدعم الشعب الفلسطيني”.
من بين الموقعين على البيان أسماء بارزة مثل الممثل البريطاني تشارلز دانس (Game of Thrones) والمخرجين الفلسطينيين طرزان وعرب ناصر، إضافة إلى فنانين أوروبيين بارزين. كما طالبت الحملة بمنع حضور ممثلين وفنانين دعموا إسرائيل علنًا، مثل غال غادوت وجيرارد بتلر، وهو ما أدى لاحقًا إلى تأكيد عدم مشاركة غادوت في المهرجان.
صوت هند رجب
أحد أبرز أعمال المهرجان كان فيلم “صوت هند رجب” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، الذي حظي بعرض عالمي أول ضمن المسابقة الرسمية. الفيلم يعيد سرد الساعات الأخيرة في حياة الطفلة هند رجب (6 سنوات)، التي علقت في سيارة تحت نيران الاحتلال الإسرائيلي في غزة يوم 29 كانون الثاني/ كانون 2024، بعد أن قُتل خمسة من أفراد أسرتها. ظلّت هند تتوسل عبر الهاتف فرق الإسعاف التابعة لـ”الهلال الأحمر الفلسطيني”، قبل أن يُستهدف المسعفون أنفسهم وتُقتل الطفلة برصاص جنود الاحتلال، حيث اخترقت السيارة 335 رصاصة.
بنت كوثر بن هنية فيلمها على التسجيلات الصوتية الأصلية لنداء استغاثة هند، بعد حصولها على إذن العائلة والهلال الأحمر الفلسطيني. واستعانت بممثلين فلسطينيين لتجسيد المسعفين، لكنها أبقت صوت هند الحقيقي كما هو. تقول بن هنية في تصريحات إعلامية سبقت عرض الفيلم يوم أمس في المهرجان: “كنت خائفة أن أفشل في إيصال صوتها، ألا يكرّم الفيلم ذكراها. كان عليّ أن أجد لغة سينمائية للحزن والشهادة، وأن أواجه صمت العالم”.
يحمل الفيلم أبعادًا سياسية متشعبة، إذ يضع المشاهد أمام سؤال مركزي: هل الاكتفاء بالمشاهدة شكل من أشكال التواطؤ؟
كما حظي بدعم تنفيذي من أسماء هوليوودية لامعة مثل براد بيت، ووواكين فينيكس، وألفونسو كوارون، ما منح الفيلم زخمًا عالميًا وأتاح له فرصة أوسع للوصول إلى جماهير جديدة.
من لا يزال حيًّا
الفيلم الوثائقي السويسري “من لا يزال حيًّا” (Who Is Still Alive) للمخرج نيكولا واديموف سجّل حضورًا بارزًا آخر في المهرجان. العمل يعرض في قسم Giornate Degli Autori، ويمثّل شهادة بصرية جماعية لقصص تسعة ناجين من غزة.
في الفيلم، يرسم المشاركون خرائط أحيائهم المدمّرة بالطبشور من ذاكرتهم، بينما يروون تفاصيل ما فقدوه من أحبّاء وأصدقاء، في سردية تجمع بين التوثيق الحميمي والرمزية الفنية. يقول واديموف: “لسنا أمام حرب عادية. ما يحدث في غزة يختبر إنسانيتنا جميعًا. إذا فقدنا إنسانيتنا هنا، سنفقدها في أوكرانيا، وفي الولايات المتحدة، وفي كل مكان”. يقدّم الفيلم مقاربة مختلفة عبر التركيز على الطبقة الوسطى الفلسطينية، من موسيقيين ومصورين ومؤثرين على وسائل التواصل، في محاولة لتقريب المشاهد الغربي من حياة الغزيّين العاديين، وكسر الصورة النمطية التي تحصر الفلسطيني في دور الضحية البعيدة.
البندقية بين الحياد والانخراط
رغم محاولات إدارة المهرجان الحفاظ على “الحياد الفني”، إلا أن ألبرتو باربيرا، المدير الفني، اضطر للرد على أسئلة متكررة حول موقف المهرجان من الحرب. قال باربيرا: “لم نرفض أي فنان بسبب مواقفه السياسية، لكننا في الوقت نفسه عبّرنا بوضوح عن حزننا العميق لما يحدث في غزة، وخصوصًا لمقتل المدنيين والأطفال”. لكن على الأرض، تجاوز المهرجان الحياد التقليدي، فعرض أفلاما تتناول المجازر في غزة، ووضع على جدول أعماله جلسات حوارية عن أخلاقيات التمثيل السينمائي للضحايا، كما فتح مساحاته لاحتجاجات مرئية، حيث حمل الفنانون لافتات دعم لفلسطين على السجادة الحمراء، ما جعله أكثر الأحداث السينمائية انخراطاً منذ بدء حرب الإبادة قبل قرابة عامين.
مع كل دورة لمهرجان المسرح التجريبي في القاهرة ثمّة عودة لسؤال قديم يتجدّد باستمرار، حول ما يعنيه التجريب في المسرح اليوم، وهل يبقى التجريب حبيس قاعات النخبة، أم يستطيع أن يشقّ طريقه إلى جمهور أوسع، ويعيد للمسرح بعضاً من مكانته المفقودة في زمن مزدحم بالشاشات والوسائط؟
تلك الأسئلة تحضر مجدداً مع افتتاح الدورة الثانية والثلاثين في دار الأوبرا المصرية، حيث ارتفعت ستارة المسرح الكبير مساء الاثنين الماضي لتعلن انطلاق المهرجان، الذي تتواصل أنشطته حتى الثامن من الشهر الجاري. وتشمل عروضه 13 عرضاً عربياً، من بينها أربعة عروض مصرية، وكذلك سبعة عروض أجنبية.
في الافتتاح، استعاد المخرج وليد عوني أجواء الأساطير الفرعونية في عرضه “انتصار حورس”. العرض مأخوذ عن واحد من أقدم النصوص المسرحية في التاريخ، دُوِّن في العصر البطلمي (237 – 57 ق.م) على جدران معبد إدفو بالقرب من مدينة أسوان المصرية؛ هذا النص الذي يعتبره الباحثون وثيقة مسرحية استثنائية، يصوّر الصراع الأسطوري بين الإله حورس، إله السماء، وعمّه سِت إله الفوضى على عرش مصر بعد مقتل أوزوريس. وقد نُقل إلى اللغة الإنكليزية في أوائل القرن العشرين على يد عالم المصريات البريطاني إتش دبليو فيرمان، ثم ترجمه إلى العربية الباحث عادل سلامة.
دعم رسمي ولكن
لكن خلف ذلك، تبقى الأزمات حاضرة. التمويل مثلاً يظلّ عقبة أساسية، إذ يعتمد المهرجان على الدعم الرسمي من وزارة الثقافة في ظل غياب شبه تام لرعاية القطاع الخاص، وهو ما ينعكس على حجم المشاركة الدولية، ويُضعف قدرة المهرجان على التوسّع، خلافاً لمهرجانات عربية أخرى استطاعت أن تخلق شبكات تمويل وشراكات مؤسسية أكبر.
كما لا يزال الحضور مقتصراً على نقّاد وطلاب ومسرحيين، فيما يبقى الجمهور العام بعيداً، كما أن التسويق الإعلامي المحدود لا يساهم في استقطابه، إذ تمرّ معظم العروض دون أن تصل إلى جمهور واسع. وهنا يبرز السؤال، حول دور الورش والندوات في توسيع قاعدة المتابعين، هل تُحقق ذلك بالفعل، أم تبقى محصورة كالعادة في دوائر ضيقة؟
في تعريف التجريب
إلى جانب ذلك، تعاني العروض من أزمة الاستمرارية، فغالباً ما تُقدَّم مرة أو مرتين خلال أيام المهرجان، ثم تختفي من المشهد، وبهذا تتحول الأعمال إلى لحظات عابرة بدلاً من أن تصبح جزءاً من حركة مسرحية مستمرة. يضاف إلى ذلك النقد المتكرر بأن المهرجان بات مسرحاً للمسرحيين، أي نخبوياً يقدّم أعمالاً يصعب على الجمهور العادي تلقيها، والمسألة لا تتعلق بالمهرجان وحده، بل بالمسرح التجريبي عموماً. تعريف التجريب مثلاً ظل موضع نقاش طويل؛ وهو نقاش مستمر إلى اليوم، هل هو مختبر يفتح المجال لتجارب جديدة، أم مجرد تنويع بصري وشكلي؟ خاصة أن الكثير من العروض التجريبية تُتهم بأنها تركز على الشكل والتقنية على حساب الفكرة والمضمون.
عرض الافتتاح مأخوذ من أقدم النصوص المسرحية في التاريخ
كذلك تبدو العلاقة بين التجريب والمشهد المسرحي المصري والعربي متوترة، فبينما يرى بعض النقاد أنه يمدّ المسرح بطاقات متجددة، يراه آخرون معزولاً عن هموم الجمهور، ومع غياب بنية تحتية مجهزة وقنوات إنتاج منتظمة، يصبح التجريب أقرب إلى حدث موسمي منه إلى مسار مستقر. هذه الإشكالية ليست مصرية فحسب، بل تواجه المسرح التجريبي عربياً وعالمياً، إذ تتكرر الشكوى من عروض تُبهر بصرياً لكنها تفشل في بناء خطاب مسرحي متماسك.
مفترق طرق
يبقى المهرجان مساحة أساسية للتلاقي بين التجارب المسرحية، فهو يفتح نافذة على أحدث التيارات العالمية، ويمنح الفرصة لعرض تجارب عربية متنوعة، لكنه في الوقت نفسه يواجه تحديات تكشف أن المهرجان ليس مجرد حدث فني، بل مرآة تعكس حالة المسرح العربي. من هنا، تبدو الدورة الثانية والثلاثون وكأنها تضع المهرجان أمام مفترق طرق، إمّا أن يظل احتفالاً موسمياً يضيء لبضعة أيام، أو أن يتحول إلى منصة أكثر رسوخاً تتبنى خططاً طويلة الأمد للعرض والتدريب ودعم الإنتاج. وإذا كان التجريب في جوهره سؤالاً دائماً، فإن المهرجان مدعو إلى إعادة طرح هذا السؤال في مواجهة جمهوره، لا في دوائر ضيقة فقط.
ولعل الدرس الأهم في الدورة الحالية هو أن الطريق إلى جمهور أوسع يمر عبر مزيج من السياسات، أهمها تطوير لغة مسرحية تجمع بين الطليعية والواقع الاجتماعي. فالمسرح، في النهاية، ليس مختبراً مغلقاً، بل فضاءً للحوار والتأثير.
استعادات وتكريمات
على مستوى التكريم، ضمت القائمة 11 اسماً من مصر والعالم، من بينهم صبري فواز وحنان يوسف من مصر، والكاتب والمنتج المسرحي حمد الرميحي من قطر، ورفيق علي أحمد من لبنان، ومحمد المنصور من الكويت، والراحلة إقبال نعيم من العراق، إلى جانب الناقد الفرنسي باتريك بافيز.
أما الإصدارات الجديدة المواكبة للمهرجان، فبلغت 11 كتاباً مترجماً أو مؤلفاً، منها، الدراماتورجيا الركحية، والمسرح الرقمي وصناعة المعنى، وسيناريوهات الطاقة وجماليات اللامادي، التي تكشف عن دور المهرجان باعتباره بوابةً معرفية لا تقل أهمية عن عروضه.
عروض تُبهر بصرياً لكنها تفشل في بناء خطاب مسرحي متماسك
وبدأ برنامج الورش أول أمس الثلاثاء بثلاث ورش متخصّصة، وهي ورشة “الأداء التوافقي” بإشراف إرك مكاريان من الولايات المتحدة، و”الأداء الحركي” مع شويمدي من اليابان، و”الإلقاء علم وفن” مع خالد عبد السلام من مصر. هذه الورش، الممتدة بين القاهرة والإسماعيلية، تمثل محاولة لإشراك جيل جديد في لغة التجريب. وهي ليست مجرد نشاط جانبي، بل هي جزء من سياسة يتبناها المهرجان منذ سنوات لربط الفعل المسرحي بالتكوين المستمر، بحيث لا يقتصر الأثر على أيام العروض فحسب، بل يمتد إلى صقل مهارات شباب المسرحيين.
أما في المجلس الأعلى للثقافة، فتحتضن قاعاته ثلاث ندوات فكرية متتالية؛ الأولى بعنوان “المسرح ما بعد الموجة: البصريات، السينما والذكاء الاصطناعي”، بمشاركة باحثين من مصر ولبنان والكويت والعراق، أما الثانية فبعنوان “المسرح والذاكرة الشعبية”، وتناقش العلاقة بين النص المسرحي والجذور الشعبية. أما الجلسة الثالثة فتُخصّص للسيناريوهات المستقبلية لتوظيف الذكاء الاصطناعي في المسرح، على يد الباحث والمخرج عزت إسماعيل، مقدمةً تصوّراً لاندماج التكنولوجيا مع الأداء الحي.
احتشد آلاف الأشخاص من ذوي الشعر الأحمر من مختلف أنحاء العالم في مدينة تيلبورخ الهولندية، نهاية الأسبوع، للمشاركة في مهرجان الشعر الأحمر، الذي يهدف إلى تعزيز التواصل والفخر والانتماء لدى مجتمع أصحاب الشعر الأحمر.
وذكر منظمو المهرجان، الذي يُقام هذا العام للمرة الـ20، أن المشاركين جاؤوا من أكثر من 80 دولة. ويشمل برنامج المهرجان، الذي يُقام في أحد المتنزهات، عروضاً موسيقية وحفلات وفعاليات للمواعدة السريعة وألعاباً وأنشطة مبتكرة، فضلاً عن إمكانية الإقامة في موقع تخييم مخصص للمشاركين.
ونقلت صحيفة ألجمينه داجبلاد عن مؤسس المهرجان ومديره بارت روفتهورست قوله إن “الشعر الأحمر يربط بين الزوار. إنك تبدو مشابهاً لهم، فتشعر بنوع من الرابطة الأسرية. لكن هناك ما هو أعمق من ذلك، مثل تجارب الطفولة المرتبطة بالشعر الأحمر، الذي يجعل صاحبه مميزاً… خاصة إذا كنت تعيش في أماكن مثل المكسيك، حيث نادراً ما تصادف أشخاصاً بشعر أحمر”. وذكرت وكالة أسوشييتد برس أن المهرجان مجاني ومفتوح للجميع، باستثناء الصورة الجماعية التي تُلتقط يوم الأحد، والمخصصة حصرياً لأصحاب الشعر الأحمر الطبيعي.
وكانت نسخة عام 2013 قد حققت رقماً قياسياً في موسوعة غينيس لأكبر تجمع من أصحاب الشعر الأحمر الطبيعي، إذ التُقطت صورة جماعية ضمّت 1672 شخصاً.
ويعود أصل هذه التقاليد إلى نحو عقدين، حين دعا الفنان الهولندي بارت روفتهورست 15 عارضة أزياء بشعر أحمر للمشاركة في مشروع فني نشر إعلانه في صحيفة محلية، لكن الاستجابة فاقت توقعاته عشرة أضعاف، فقرر جمعهم والتقاط صورة جماعية. وقد حظي المشروع باهتمام واسع، مما دفعه إلى تكرار التجربة في العام التالي، قبل أن يتطور إلى مهرجان سنوي متعدد الأيام، كما هو عليه اليوم.