طالبت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، دول العالم، بنقل جلسة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين، إلى بلد آخر، ردًّا على إلغاء واشنطن تأشيرات دخول عدد من المسؤولين الفلسطينيين، ومنعهم من المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة الشهر المقبل.
وفي وقت سابق الجمعة، أعلنت الولايات المتحدة، إلغاء تأشيرات دخول عدد من المسؤولين الفلسطينيين، ومنعهم من المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في أيلول/ أيلول المقبل، في خطوة تأتي بينما تستعد عدة دول غربية للاعتراف بدولة فلسطين.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان: “وفقا للقانون الأميركي، يرفض وزير الخارجية ماركو روبيو، ويلغي تأشيرات أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة”، دون تحديد أسماء.
“اعتداء فج”
وقالت حركة المبادرة، إنها “تدين القرار الأميركي بمنع الوفد الفلسطيني من المشاركة في اجتماع الأمم المتحدة، وتعتبره اعتداء مباشرًا على الشعب الفلسطيني، وعلى الأمم المتحدة نفسها”.
وأضافت أن القرار “يؤكد انحياز الإدارة الأميركية المطلق لحكومة إسرائيل التي ترتكب جرائم الحرب الكبرى، ويثير التساؤل حول جدوى وجود الأمم المتحدة على الأرض الأميركية، في ظل الاعتداء الفج على مواثيقها وقوانينها”.
ودعت المبادرة إلى “مطالبة دول العالم بنقل جلسة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين، إلى بلد آخر، لضمان مشاركة الوفد الفلسطيني الكاملة، رغم الإجراءات التعسفية ضد الشعب الفلسطيني”.
وشددت على أن “هذا القرار لن يؤثر في تصميم الشعب الفلسطيني على النضال من أجل حريته واستقلاله أو على دور منظمة التحرير الفلسطينية في حشد التضامن العالمي لقضيته العادلة”.
الموقف الأميركي
وكان بيان الخارجية الأميركية قد ذكر بأن “إدارة ترمب واضحة: من مصلحتنا الأمنية القومية أن نحمل منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية مسؤولية عدم الوفاء بالتزاماتهما، وتقويض آفاق السلام”.
وفي بيان منفصل عبر منصة “إكس”، كتب تومي بيغوت نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية: “قبل أن نأخذهم على محمل الجد كشركاء في السلام، يجب على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية رفض الإرهاب رفضًا قاطعًا، والتوقف عن السعي غير المثمر للاعتراف الأحادي الجانب بدولة افتراضية”، وفق تعبيره.
يأتي ذلك فيما يتصاعد حراك الاعتراف بدولة فلسطين، حيث أطلقت 15 دولة غربية بينها فرنسا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والبرتغال، أواخر تموز/ تموز الماضي، نداء جماعيًا للاعتراف بدولة فلسطين ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأخيرا، أعلنت عدة دول بينها بريطانيا وفرنسا وأستراليا، اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول المقبل.
في الثاني والعشرين من تموز/ تموز 1987، كان القاتل الذي يعرف هدفه جيدًا ينتظر رسام الكاريكاتور الفلسطيني الشهير ناجي العلي، غير بعيد عن مقر صحيفة القبس الكويتية في شارع آيفيز في منطقة نايتسبريدج التي يسكنها الأثرياء في لندن.
يترجل العلي، الذي يغطي شعره الأشيب رأسه كغيمة بيضاء، من سيارته التي أوقفها في شارع إيكسوورث بلايس، ثم يتوجه مشيًا إلى شارع آيفيز حيث مقر الصحيفة.
في هذه الأثناء، كان القاتل، الذي يرتدي سترة جينز وسروالًا داكن اللون، بشعر أسود كثيف متموّج، ينتظر. وما إن اقترب العلي من مخزن “بيتر جونز”، حتى لحق به القاتل وسار خلفه ثم بمحاذاته لنحو أربعين ثانية، قبل أن يُخرج مسدسه ويطلق رصاصاته باتجاه رأس العلي مباشرة.
يسقط العلي على الأرض مضرّجًا بدمائه، بينما يفر القاتل الذي وصفه شهود عيان بأنه ذو ملامح شرق أوسطية ويبلغ من العمر نحو 25 عامًا.
جنازة ناجي العلي الذي اغتيل في لندن عام 1987-فيسبوك
من قتل ناجي العلي؟
وفق الشهود، فقد شوهد القاتل يفر من شارع آيفيز إلى شارع إيكسوورث بلايس. وبحسب تحقيقات الشرطة البريطانية، أفاد شاهد عيان آخر برؤية رجل بعد دقائق قليلة من الحادث، كان يعبر شارع فولهام إلى لوكان بلايس ليستقل سيارة مرسيدس فضية اللون.
ويُعتقد أن القاتل التقى بالرجل الآخر مباشرة بعد الاغتيال من أجل إخفاء السلاح والتخلص منه. ووُصف الرجل الآخر بأنه ذو مظهر شرق أوسطي، في الخمسينيات من عمره، متوسط الطول، عريض المنكبين، وجهه يميل إلى الامتلاء، أنيق المظهر ويرتدي بزة رمادية. ورغم أن الشرطة البريطانية تمكنت من تحديد ملامح الرجلين بدقة، إلا أنها لم تعثر على أي منهما يومًا.
وخلال التحقيقات، اعتقلت السلطات طالبًا فلسطينيًا في مدينة “هال” وسجنته لاحقًا، لكن بتهمة حيازة أسلحة ومتفجرات. وادّعى الطالب أثناء التحقيق أنه كان يعمل لصالح كل من منظمة التحرير الفلسطينية والمخابرات الإسرائيلية (الموساد)، لكن لم يثبت تورطه في اغتيال العلي.
ولد “حنظلة العلي” عام 1969 في جريدة السياسة الكويتية-فيسبوك
وفي آب/آب 2017، أعادت قيادة مكافحة الإرهاب في الشرطة البريطانية فتح التحقيق بعد ثلاثين عامًا من الجريمة، وطلبت من أي شخص لديه معلومات عن القاتل المجهول أو الرجل الذي يُعتقد أنه ساعده على الهروب، أن يتقدم بها. لكن دون الوصول إلى نتائج تُذكر يمكن أن تقود إلى فك مغاليق اغتيال واحد من أشهر رسامي الكاريكاتور في المنطقة والعالم.
فباستثناء العثور على المسدس الذي استُخدم في الجريمة، وهو من طراز “توكاريف” عيار 7,62، في أرض خلاء في لندن عام 1989، وتأكيد الفحوص تطابق الطلقات مع الرصاص الذي أصاب العلي، لم يُعثر على أي خيط آخر يقود إلى الحقيقة.
توفي ناجي العلي في 29 آب/ آب 1987، بعد غيبوبة دامت أكثر من شهر، عن 51 عامًا أنتج خلالها ما يزيد على 14 ألف رسم كاريكاتوري. ودُفن في مقبرة بروك وود الإسلامية في لندن، وليس في مخيم عين الحلوة كما كان يرغب.
العلي وميلاد حنظلة
وُلد ناجي العلي (1937-1987) في قرية الشجرة التابعة لقضاء طبريا شمال شرق فلسطين، واضطر مع عائلته للجوء إلى لبنان بعد نكبة عام 1948، حيث أقاموا في مخيم عين الحلوة القريب من مدينة صيدا.
اكتشف الروائي غسان كنفاني موهبة ناجي العلي (الصورة) في مخيم عين الحلوة-فيسبوك
أما “حنظلة“ن الذي أصبح توقيعه الشخصي على رسومه الكاريكاتورية، ورمزًا فلسطينيًا وعالميًا للحرية والمقاومة، فقد وُلد عام 1969 على صفحات صحيفة السياسة الكويتية التي شهدت أول ظهور له.
يمثل حنظلة في رسوم العلي طفلًا لا يكبر، يقارب عمره عمر العلي عندما هُجّر من بلاده. طفل غاضب، حافي القدمين، بملابس مرقعة.
ورغم أنه لم يتقدّم في السن، إلا أن شخصيته شهدت تحولات مهمة. فبعد حرب تشرين الأول/ تشرين الأول 1973، أدار ظهره للعالم رفضًا للمشروع الأميركي لاحتواء مصر بعد الحرب.
وخلال اجتياح إسرائيل لبيروت عام 1982، ظهر وهو يقدّم وردة إلى بيروت التي جسّدها العلي فتاة حزينة تطل من بين الركام.
اتسمت رسوم العلي الكاريكاتورية بالنقد اللاذع للأنظمة العربية – فيسبوك
وفي عام 1987، عام اغتيال العلي، ظهر حنظلة في أحد رسومه وهو يرمي الحجارة، قبل شهور قليلة من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى (انتفاضة الحجارة) في كانون الأول/ كانون الأول 1987.
ويُعتقد أن “حنظلة” مأخوذ من نبات الحنظل المنتشر في فلسطين ودول أخرى، والذي يتميّز بأوراقه الخشنة ومرارته الشديدة، ما يجعله معادلًا موضوعيًا لحياة اللاجئين الفلسطينيين.
في أول تقديم له عام 1969 كتب العلي على لسان حنظلة:
“عزيزي القارئ، اسمح لي أن أقدم لك نفسي. اسمي حنظلة. اسم أبي مش ضروري. أمي اسمها نكبة. نمرة رجلي ما بعرف لأني دائمًا حافي. ولدت في 5 حزيران 1967.
جنسيتي: أنا مش فلسطيني، مش أردني، مش كويتي، مش لبناني، مش مصري، مش حدا. باختصار معيش هوية ولا ناوي أتجنّس. محسوبك عربي وبس”.
وفي حوار نادر أجرتْه معه الروائية والناقدة المصرية رضوى عاشور عام 1985، ونشر في مجلة المواجهة التي كانت تصدرها لجنة الدفاع عن الثقافة القومية في مصر، يبدو حنظلة تميمة العلي وقرينه وضميره في آن.
في الحوار يتحدث العلي عن علاقته بحنظلة الذي يصفه ببوصلته التي لا تشير إلا إلى فلسطين:
شخصية هذا الطفل الصغير الحافي هي رمز لطفولتي. تركتُ فلسطين في هذه السن وما زلت فيه، رغم أن ذلك حدث منذ 35 عامًا.
إن شخصية حنظلة كانت بمثابة أيقونة حفظت روحي من السقوط.
إنه كالبوصلة بالنسبة لي، وهذه البوصلة تُشير دائمًا إلى فلسطين. وليس فقط إلى فلسطين بالمعنى الجغرافي، ولكن بالمعنى الإنساني والرمزي، أي القضية العادلة أينما كانت.
كانت حياة ناجي العلي شبيهة بالحنظل، مليئة بالمرارة كحياة بقية اللاجئين الفلسطينيين الذين قطعت نكبة 1948 مسار حياتهم وألجأتهم إلى الغربة، وربما شكّلت موهبته الفنية الفذة دافعًا له لتغيير هذا الواقع المرير بتشييد عوالم حُلمية تمنحه العزاء عما فقده من بلاد، لكن بؤس المآل دفعه إلى الكاريكاتور باعتباره سلاحًا لا عزاءً.
من الميكانيك إلى الكاريكاتور
خلال طفولته وصباه، عمل العلي في مهن شاقة منها قطاف الحمضيات والزيتون في قرى جنوب لبنان، ليساعد أسرته المقيمة في مخيم عين الحلوة. ثم انتقل إلى طرابلس شمال لبنان، حيث التحق بمعهد مهني حصل منه على دبلوم في ميكانيك السيارات.
عمل بعد ذلك في ورش عدة ببيروت قبل أن يسافر إلى السعودية عام 1957 ليعمل ميكانيكيًا للسيارات لعامين. وبعد عودته، التحق عام 1959 بـ”الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة” لفترة قصيرة، وتعرّض خلال تلك المرحلة للاعتقال مرارًا لانتمائه إلى “حركة القوميين العرب”. كما عمل معلمًا للرسم للأطفال في إحدى مدارس مدينة صور.
عمل العلي في الصحافتين الكويتية واللبنانية وقتل خلال عمله في القبس الكويتية-فيسبوك
اكتشفه الروائي الفلسطيني الكبير غسان كنفاني ونشر له عدة رسوم في مجلة الحرية التي كان يحرّرها.
يقول العلي في حواره مع رضوى عاشور:
كان أول من شجعني هو المرحوم غسّان كنفاني الذي مرَّ على المخيم (عين الحلوة) للمشاركة في إحدى الندوات. وكان لدينا ناد بسيط أقمناه من الزنك، والتفتَ غسّان إلى الرسوم الكاريكاتيرية التي كانت على الحائط وتعرَّف عليّ، وأخذ مني رسمتين أو ثلاثًا ونشرها في “الحرية”، مجلة التقدميين العرب، التي كان يعمل فيها في ذلك الوقت.
رشحه كنفاني لاحقًا للعمل في مجلة الطليعة الكويتية، حيث بدأ العمل فيها عام 1963، ومنذ ذلك الوقت بدأ يتنقل بين الكويت ولبنان، حيث عمل في صحف عدة منها السياسة والقبس الكويتيتان والسفير اللبنانية. وفي 1985، أبعدته السلطات الكويتية عن أراضيها، فانتقل إلى لندن حيث اغتيل.
كثيرا ما انتقد ناجي العلي في رسومه الخيارات السياسية للقيادة الفلسطينية-فيسبوك
كثيرًا ما انتقد ناجي العلي في رسومه خيارات القيادة الفلسطينية وزعماءها. ورغم نفي منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات أي علاقة باغتياله، إلا أن خصومها سارعوا إلى اتهامها بالتورط، خاصة أن العلي لم يوفرها من نقده اللاذع، بل إن بعض هؤلاء لم يتورع عن الغمز من قناة الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في هذا السياق.
العلي: درويش خيبتنا الأخيرة
في 16 حزيران/ حزيران 1987، أي قبل شهر من اغتياله، نشر العلي رسمًا كاريكاتوريًا وصف فيه درويش بأنه “خيبتنا الأخيرة”، لموافقته على عقد لقاء بين كتاب فلسطينيين وإسرائيليين.
وبعد اغتياله، كتب درويش مقالًا في مجلة اليوم السابع التي كانت تصدر في باريس (أيلول/ أيلول 1987) بعنوان كان يرسم وكنت أكتب. في المقال روى آخر مكالمة بينهما، قال فيها:
عندما استبدل عبارتي بيروت خيمتنا الأخيرة بعبارته اللاذعة “محمود خيبتنا الأخيرة” كلّمته معاتبًا، فقال لى: لقد فعلت ذلك لأنى أحبك، ولأني حريص عليك من مغبة ما أنت مقدم عليه. ماذا جرى؟ هل تحاور اليهود؟ اخرج مما أنت فيه لأرسمك على الجدران.
ويضيف درويش: “لم يكن سهلًا أن أشرح له أن تدخلنا في أزمة الوعي الإسرائيلي ليس تخليًا عن شيء مقدس، وبأن استعدادنا لمحاورة الكتاب الإسرائيليين الذين يعترفون بحقنا فى إنشاء دولتنا الوطنية المقدسة، على ترابنا الوطني، ليس تنازلًا منا، بل هو محاولة اختراق لجبهة الأعداء”.
ويقول إنه “لم يكن سهلاً أن تناقش ناجي العلي الذي يقول: لا أفهم هذه المناورات. لا افهم السياسة، لفلسطين طريق واحد وحيد هو البندقية”.
من رسوم العلي النادرة التي هاجم فيها محمود درويش – فيسبوك
ويوضح درويش أن ناجي العلي “كان غاضبًا على كل شيء”، وأنه قال له: “مهما جرحتني فلن أجرحك بكلمة، لأنك قيمة فنية نادرة، ولكن، بعدما صرت ”خيبتك الأخيرة” لم يعد من الضروري أن نكتب وأن نرسم معًا، وافترقنا، كما التقينا، على الهواء”.
وشدّد درويش في مقالته على أنه استحضر تلك المكالة لأن “صناعة الشائعات السامة قد طوّرتها من عتاب إلى تهديد، طوّرتها ونشرتها إلى حد ألزمني الصمت، فلقد ذهب الشاهد الوحيد دون إن يشهد أحد أنه قال ذلك”.
وأوضح درويش أن إحدى المجلات العربية نشرت على لسان العلي أنه عاتب درويش، وأنه أبلغ رئيس تحرير ”القبس” أنه ينوي كتابة رسالة مفتوحة إلى درويش يشرح فيها عواطفه الايجابية، وعلى الرغم من كل ذلك، قال درويش إن “صناعة الشائعات ما زالت تعيد إنتاج الفرية”.
انتج العلي نحو 14 الف رسم كاريكاتوري-فيسبوك
رحل ناجي العلي (1937-1987)، كما رحل غسان كنفاني (1936-1972) ومحمود درويش (1941-2008). ثلاثتهم كانوا من كبار المبدعين الفلسطينيين والعرب الذين عبّروا عن مأساة شعبهم جماليًا، وأنتجوا صورة الفلسطيني عن نفسه وأمام العالم: ضحيةً مقتلعة لا تكف عن محاولة استعادة وطنها.
ينتظر أن تبدأ في لبنان، اليوم الخميس وعلى مدى يومين، المرحلة الثانية من عملية تسليم السلاح من داخل المخيمات الفلسطينية تنفيذاً لمقرّرات القمة اللبنانية – الفلسطينية (خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت في أيار/أيار الماضي)، في وقتٍ لا يزال فيه الانقسام الفلسطيني بشأن الخطوة قائماً، وسط تمسّك بعض الفصائل برفض تسليم أسلحتها، رابطة إيّاها بالقضية الفلسطينية وحق العودة ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وتسلّم الجيش اللبناني، يوم الخميس الماضي (21 آب/آب)، أسلحة ثقيلة ومتوسطة من حركة فتح في مخيم برج البراجنة في بيروت، بعملية جاءت لتدشن مسار تسليم السلاح، بعدما تعثر بدؤها في موعدها الأول في منتصف حزيران/حزيران الماضي.
وأثارت المشاهد التي رافقت تسليم السلاح في المرحلة الأولى الكثير من الانتقادات في اتجاهين متناقضين، الأول ركز على حجم الأسلحة الصغيرة التي جُمِعت ووضّبت داخل أكياس في شاحنة صغيرة، فيما رأى البعض الآخر أن وجود أسلحة ثقيلة داخل مخيم في قلب بيروت يطرح الكثير من التساؤلات حول أسباب تجميعه في المخيم وكيفية دخوله.
رامز دمشقية: المرحلة المقبلة ستُستكمل في مخيمات برج البراجنة ومار الياس والبص
عدا عن الانقسامات التي طاولت الخطوة في المواقف، سواء على صعيد مسؤولي حركة فتح أنفسهم أو باقي الفصائل الفلسطينية، وتحديداً بين من وضع عملية تسليم السلاح في إطار مقرّرات القمة اللبنانية – الفلسطينية، ومن حصرها بالشأن التنظيمي الداخلي المرتبط بحركة فتح فقط، ومصادرة أسلحة مرتبطة بالمسؤول الذي أقيل منها، شادي الفار، وأنها لا تمت بصلة إلى ملف السلاح في المخيمات.
خطوة على الطريق
يقول رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، رامز دمشقية، إن عملية التسليم انطلقت الخميس الماضي تنفيذاً لمقررات القمة اللبنانية الفلسطينية التي عقدت بتاريخ 21 أيار/أيار 2025، بين الرئيسين جوزاف عون ومحمود عباس، وتنفيذاً لمقررات الاجتماع المشترك للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بتاريخ 23 أيار الماضي، برئاسة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام وبمشاركة ممثلين عن السلطات اللبنانية والفلسطينية، بحيث جرى الاتفاق على وضع آلية تنفيذية وجدول زمني واضح لمعالجة ملف السلاح الفلسطيني.
ويشير دمشقية، في اتصال مع “العربي الجديد”، إلى أن المرحلة المقبلة ستُستكمل هذا الأسبوع في مخيم برج البراجنة، إضافة إلى مخيّمي مار الياس في بيروت والبص في مدينة صور جنوبي لبنان، والمفترض أن تنفذ اليوم الخميس وغداً الجمعة، وستشمل الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
ويلفت دمشقية إلى أن “عملية تسليم السلاح داخل المخيمات بدأت وستستمرّ وستليها مراحل مقبلة”، متوقفاً عند الانتقادات بالقول: “صحيح أن حجم العملية التي حصلت الخميس الماضي صغير، لكنها كبيرة بدلالاتها ومعانيها، وهي خطوة على طريق تنفيذ خطاب قسم الرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري، وطبعاً اتفاق الطائف”.
وحول الانقسامات الفلسطينية وتأكيد بعض الفصائل أنها لن تسلّم سلاحها، يشدّد دمشقية على أن “التركيز الآن هو مع حركة فتح ومنظمة التحرير، والمشاورات ستحصل طبعاً مع باقي المجموعات الفلسطينية، ولا يمكن الحديث عن النتيجة من الآن”.
وإذ يرى دمشقية أن عملية تسليم السلاح ستتم بسلاسة، يعتقد في معرض ردّه على سؤال أن المخيم الذي قد يكون الأصعب هو عين الحلوة، مشيراً إلى أنه “بعد كل المتغيرات والتطورات التي حصلت في المنطقة والزلازل التي ضربتها، لا أعتقد أن السلاح يخدم القضية الفلسطينية بشكل مناسب، لكنه قادر على زعزعة خطة أمنية لبنانية طموحة يحلم بها اللبنانيون منذ عقود، وهي حصر السلاح بيد الدولة”.
على صعيدٍ متصل، يقول مصدر في الجيش اللبناني لـ”العربي الجديد”، إن “عملية تسليم السلاح بدأت، وهناك خطة وضعها الجيش ماض في تنفيذها، سواء على صعيد الأسلحة ونوعيتها وكذلك تراتبية المخيمات، مع الأخذ بعين الاعتبار الترتيبات الخاصة المرتبطة بكل مخيم، وهناك تنسيق لبناني فلسطيني رسمي أيضاً بذلك، ونأمل أن يكون الجميع متجاوباً”.
من جهته، يقول المستشار القانوني والسياسي في لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، علي مراد، لـ”العربي الجديد”، إن “ما جرى في مخيم برج البراجنة هو تطبيق وترجمة وتنفيذ لمقررات القمة اللبنانية الفلسطينية، وتنفيذاً لمقررات الاجتماع المشترك للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، ومنها التشديد على إنهاء المظاهر المسلحة في المخيمات الفلسطينية والالتزام بسيادة لبنان، والذي كان مفترضاً أن يبدأ في حزيران الماضي لكن تأخر ربطاً بترتيبات متعلقة بالجانب الفلسطيني”.
سلاح المخيمات الفلسطينية… ملف معقد
ويشدد مراد على أن “المسار بدأ، والدفعة الأولى من تسليم السلاح في المخيمات انطلقت، وسنرى الخميس (اليوم) وفي الأيام المقبلة استمراراً لهذه العملية، التي بدأت لتستمرّ على صعيد كل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وذلك ترجمة أيضاً لاتفاق الطائف الذي تأخر تطبيقه وخطاب القسم الرئاسة والبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام وقرارات مجلس الوزراء الأخيرة المرتبطة بحصرية السلاح بيد الدولة ومآذارة سيادتها بشكل كامل على جميع أراضيها”.
جابر سليمان: ما يحصل استثمار سياسي بلحظة راهنة، والطرفان الفلسطيني واللبناني، لديهما مصلحة بإظهار أن العملية تسير على ما يرام
ولا يخفي مراد أن الملف مركّب ومعقد، بالنظر إلى كون المشكلة متراكمة منذ عقود طويلة، ولكن القرار اتخذ، وهناك جوانب أمنية يتابعها الجيش اللبناني مع الجهات الفلسطينية، بحيث إن الأولوية هي لحماية أمن المخيمات الفلسطينية واللبنانيين أيضاً، والعملية يجب أن تدار بدقة وبعيداً من التجاذبات الإعلامية.
ويضيف مراد أنه “ربما هناك جهات فلسطينية ولبنانية غير راضية عن المشهد وحاولت التخفيف من قيمته لكن المسار بدأ وسنراه تباعاً، وتتبقّى أمور مرتبطة بكيفية إدارة الملف مع المنظمات التي هي ربما خارج إطار منظمة التحرير، وسنتابعها”.
ويوضح مراد أن “هناك خطاً موازياً، بعيداً من منطق المبادلة، فالسيادة اللبنانية غير مشروطة وحقوق الشعب الفلسطيني مسألة تعمل عليها لجنة الحوار منذ نشأتها، على صعيد كيفية تحسين الوضع الإنساني والحقوق الاقتصادية الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهذه مسألة تلتزم بها اللجنة وكذلك بيان القمة والبيان الوزاري”، مشدداً على أن “الدولة سوف تتحمّل مسؤولياتها وتدير الموضوع بشكل هادئ على المستوى السياسي كما الأمني والعسكري وسنرى النتائج خلال الأيام المقبلة”.
وتعليقاً على ذلك، يرى الباحث الفلسطيني والمستشار في مجال دراسات اللجوء واللاجئين، جابر سليمان، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “ما يحصل اليوم فيه استثمار سياسي بلحظة سياسية راهنة، ويبدو أن الطرفين الرسميين، سواء الفلسطيني أو اللبناني، لديهما مصلحة بإظهار أن العملية تسير على ما يرام”، معتبراً أن “هناك مسؤوليات أخرى اليوم متصلة بالمخيمات لا تقتصر فقط على تلك الأمنية، وخصوصاً المرتبطة بالحقوق، ولا أعتقد أن الدولة مهيأة حالياً للقيام بهذا الدور”.
ويشير سليمان إلى أنه “بالعودة إلى الوراء، نرى أن المسألة ليست جديدة أبداً، ففي عام 1991، استؤنف للمرة الأولى الاتصال بين منظمة التحرير والدولة اللبنانية وذلك بعد إغلاق مكتب المنظمة في بيروت عام 1982، والتقي حينها وزير الخارجية اللبناني فارس بويز مع فاروق القدومي، الذي كان يرأس الدائرة السياسية في المنظمة، وتمّ الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية لإجراء الحوار، وذلك برئاسة وزير الدفاع محسن دلول، وكان على جدول أعمالها ثلاث نقاط، الوجود العسكري الفلسطيني في لبنان، الوضع الأمني داخل المخيمات الفلسطينية والحقوق المدنية للفلسطينيين بما يوحي بمقايضة بين الحقوق والسلاح، لكن لم تخرج اللجنة بنتائج، وذلك في أيار من 1991”.
ويضيف سليمان: “في أيلول/أيلول 1991، شكّلت لجنة وزارية ثانية برئاسة وزير العمل والشؤون الاجتماعية عبدالله الأمين ووزير الزراعة شوقي فاخوري، ووفد فلسطيني موحّد، قدّم مذكرة بعنوان الحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني، ولكن كان الهدف مقايضة الحقوق بالسلاح ولم تسفر عن نتائج”، مشيراً إلى أنه “في إبريل/نيسان 1999، في عهد الرئيس اللبناني إميل لحود، قام رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الدكتور أسعد عبد الرحمن بزيارة للبنان التقى خلالها وزير الاتصالات حينها عصام نعمان وقدّم مذكرة نحو علاقات لبنانية فلسطينية جديدة، ولاحقاً شكلت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني LPDC في عام 2005 بعد خروج القوات السورية واغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وعلى جدول أعمالها تنظيم السلاح وضبطه داخل المخيمات وفتح آلية حوار لتسليمه خارج المخيمات، وقد جرى تسليمه في خارج المخيمات في منطقة الدامور وعلى الحدود السورية اللبنانية”.
ربطاً بذلك، يرى سليمان أن مسألة تسليم السلاح داخل المخيمات الفلسطينية معقدة جداً، في ظلّ تعدّد المجموعات والمنظمات والفصائل، معتبراً أن مخيم عين الحلوة هو الأكثر تعقيداً، بالنظر إلى تاريخه، ورمزيته، عدا عن أن معظم الفصائل ممثلة فيه وهناك وجود إسلامي تاريخي ومنظمات متطرفة، وربطاً بالاشتباكات التي تحصل بين فترة وأخرى، إلى جانب كونه يظهر وكأنه يُمثل كل المخيمات في لبنان، وهو أكبرها ويضم أكثر من 70 ألف فلسطيني.
كذلك، يعتبر جابر أن الرئيس الفلسطيني ارتكب خطأ كبيراً في أيار الماضي لدى زيارته بيروت، وتمثل بعدم فتحه حواراً داخلياً فلسطينياً حول السلاح ولم يتصل بالفصائل الأخرى حتى لتسهيل العملية، معرباً عن اعتقاده بأنه كان هناك نوع من التوظيف السياسي لموضوع السلاح، سواء من الجهة الفلسطينية الرسمية لإظهار النية بتأهيل السلطة وقدرتها على ضبط السلاح، أو اللبناني، تنفيذاً للمذكرة الأميركية، وإظهار نيّات القيام بخطوة إلى الأمام في ملف السلاح، ولا سيما في ظل التعقيدات المرتبطة بسلاح حزب الله. ويؤكد من وجهة نظره أن ما حصل الأسبوع الماضي أخذ شكلاً مسرحياً إلى حدّ ما، خصوصاً في ظل التصريحات الفلسطينية واللبنانية المتناقضة.
ينتظر أن تبدأ في لبنان، اليوم الخميس وعلى مدى يومين، المرحلة الثانية من عملية تسليم السلاح من داخل المخيمات الفلسطينية تنفيذاً لمقرّرات القمة اللبنانية – الفلسطينية (خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت في أيار/أيار الماضي)، في وقتٍ لا يزال فيه الانقسام الفلسطيني بشأن الخطوة قائماً، وسط تمسّك بعض الفصائل برفض تسليم أسلحتها، رابطة إيّاها بالقضية الفلسطينية وحق العودة ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وتسلّم الجيش اللبناني، يوم الخميس الماضي (21 آب/آب)، أسلحة ثقيلة ومتوسطة من حركة فتح في مخيم برج البراجنة في بيروت، بعملية جاءت لتدشن مسار تسليم السلاح، بعدما تعثر بدؤها في موعدها الأول في منتصف حزيران/حزيران الماضي.
وأثارت المشاهد التي رافقت تسليم السلاح في المرحلة الأولى الكثير من الانتقادات في اتجاهين متناقضين، الأول ركز على حجم الأسلحة الصغيرة التي جُمِعت ووضّبت داخل أكياس في شاحنة صغيرة، فيما رأى البعض الآخر أن وجود أسلحة ثقيلة داخل مخيم في قلب بيروت يطرح الكثير من التساؤلات حول أسباب تجميعه في المخيم وكيفية دخوله.
رامز دمشقية: المرحلة المقبلة ستُستكمل في مخيمات برج البراجنة ومار الياس والبص
عدا عن الانقسامات التي طاولت الخطوة في المواقف، سواء على صعيد مسؤولي حركة فتح أنفسهم أو باقي الفصائل الفلسطينية، وتحديداً بين من وضع عملية تسليم السلاح في إطار مقرّرات القمة اللبنانية – الفلسطينية، ومن حصرها بالشأن التنظيمي الداخلي المرتبط بحركة فتح فقط، ومصادرة أسلحة مرتبطة بالمسؤول الذي أقيل منها، شادي الفار، وأنها لا تمت بصلة إلى ملف السلاح في المخيمات.
خطوة على الطريق
يقول رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، رامز دمشقية، إن عملية التسليم انطلقت الخميس الماضي تنفيذاً لمقررات القمة اللبنانية الفلسطينية التي عقدت بتاريخ 21 أيار/أيار 2025، بين الرئيسين جوزاف عون ومحمود عباس، وتنفيذاً لمقررات الاجتماع المشترك للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بتاريخ 23 أيار الماضي، برئاسة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام وبمشاركة ممثلين عن السلطات اللبنانية والفلسطينية، بحيث جرى الاتفاق على وضع آلية تنفيذية وجدول زمني واضح لمعالجة ملف السلاح الفلسطيني.
ويشير دمشقية، في اتصال مع “العربي الجديد”، إلى أن المرحلة المقبلة ستُستكمل هذا الأسبوع في مخيم برج البراجنة، إضافة إلى مخيّمي مار الياس في بيروت والبص في مدينة صور جنوبي لبنان، والمفترض أن تنفذ اليوم الخميس وغداً الجمعة، وستشمل الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
ويلفت دمشقية إلى أن “عملية تسليم السلاح داخل المخيمات بدأت وستستمرّ وستليها مراحل مقبلة”، متوقفاً عند الانتقادات بالقول: “صحيح أن حجم العملية التي حصلت الخميس الماضي صغير، لكنها كبيرة بدلالاتها ومعانيها، وهي خطوة على طريق تنفيذ خطاب قسم الرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري، وطبعاً اتفاق الطائف”.
وحول الانقسامات الفلسطينية وتأكيد بعض الفصائل أنها لن تسلّم سلاحها، يشدّد دمشقية على أن “التركيز الآن هو مع حركة فتح ومنظمة التحرير، والمشاورات ستحصل طبعاً مع باقي المجموعات الفلسطينية، ولا يمكن الحديث عن النتيجة من الآن”.
وإذ يرى دمشقية أن عملية تسليم السلاح ستتم بسلاسة، يعتقد في معرض ردّه على سؤال أن المخيم الذي قد يكون الأصعب هو عين الحلوة، مشيراً إلى أنه “بعد كل المتغيرات والتطورات التي حصلت في المنطقة والزلازل التي ضربتها، لا أعتقد أن السلاح يخدم القضية الفلسطينية بشكل مناسب، لكنه قادر على زعزعة خطة أمنية لبنانية طموحة يحلم بها اللبنانيون منذ عقود، وهي حصر السلاح بيد الدولة”.
على صعيدٍ متصل، يقول مصدر في الجيش اللبناني لـ”العربي الجديد”، إن “عملية تسليم السلاح بدأت، وهناك خطة وضعها الجيش ماض في تنفيذها، سواء على صعيد الأسلحة ونوعيتها وكذلك تراتبية المخيمات، مع الأخذ بعين الاعتبار الترتيبات الخاصة المرتبطة بكل مخيم، وهناك تنسيق لبناني فلسطيني رسمي أيضاً بذلك، ونأمل أن يكون الجميع متجاوباً”.
من جهته، يقول المستشار القانوني والسياسي في لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، علي مراد، لـ”العربي الجديد”، إن “ما جرى في مخيم برج البراجنة هو تطبيق وترجمة وتنفيذ لمقررات القمة اللبنانية الفلسطينية، وتنفيذاً لمقررات الاجتماع المشترك للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، ومنها التشديد على إنهاء المظاهر المسلحة في المخيمات الفلسطينية والالتزام بسيادة لبنان، والذي كان مفترضاً أن يبدأ في حزيران الماضي لكن تأخر ربطاً بترتيبات متعلقة بالجانب الفلسطيني”.
سلاح المخيمات الفلسطينية… ملف معقد
ويشدد مراد على أن “المسار بدأ، والدفعة الأولى من تسليم السلاح في المخيمات انطلقت، وسنرى الخميس (اليوم) وفي الأيام المقبلة استمراراً لهذه العملية، التي بدأت لتستمرّ على صعيد كل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وذلك ترجمة أيضاً لاتفاق الطائف الذي تأخر تطبيقه وخطاب القسم الرئاسة والبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام وقرارات مجلس الوزراء الأخيرة المرتبطة بحصرية السلاح بيد الدولة ومآذارة سيادتها بشكل كامل على جميع أراضيها”.
جابر سليمان: ما يحصل استثمار سياسي بلحظة راهنة، والطرفان الفلسطيني واللبناني، لديهما مصلحة بإظهار أن العملية تسير على ما يرام
ولا يخفي مراد أن الملف مركّب ومعقد، بالنظر إلى كون المشكلة متراكمة منذ عقود طويلة، ولكن القرار اتخذ، وهناك جوانب أمنية يتابعها الجيش اللبناني مع الجهات الفلسطينية، بحيث إن الأولوية هي لحماية أمن المخيمات الفلسطينية واللبنانيين أيضاً، والعملية يجب أن تدار بدقة وبعيداً من التجاذبات الإعلامية.
ويضيف مراد أنه “ربما هناك جهات فلسطينية ولبنانية غير راضية عن المشهد وحاولت التخفيف من قيمته لكن المسار بدأ وسنراه تباعاً، وتتبقّى أمور مرتبطة بكيفية إدارة الملف مع المنظمات التي هي ربما خارج إطار منظمة التحرير، وسنتابعها”.
ويوضح مراد أن “هناك خطاً موازياً، بعيداً من منطق المبادلة، فالسيادة اللبنانية غير مشروطة وحقوق الشعب الفلسطيني مسألة تعمل عليها لجنة الحوار منذ نشأتها، على صعيد كيفية تحسين الوضع الإنساني والحقوق الاقتصادية الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهذه مسألة تلتزم بها اللجنة وكذلك بيان القمة والبيان الوزاري”، مشدداً على أن “الدولة سوف تتحمّل مسؤولياتها وتدير الموضوع بشكل هادئ على المستوى السياسي كما الأمني والعسكري وسنرى النتائج خلال الأيام المقبلة”.
وتعليقاً على ذلك، يرى الباحث الفلسطيني والمستشار في مجال دراسات اللجوء واللاجئين، جابر سليمان، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “ما يحصل اليوم فيه استثمار سياسي بلحظة سياسية راهنة، ويبدو أن الطرفين الرسميين، سواء الفلسطيني أو اللبناني، لديهما مصلحة بإظهار أن العملية تسير على ما يرام”، معتبراً أن “هناك مسؤوليات أخرى اليوم متصلة بالمخيمات لا تقتصر فقط على تلك الأمنية، وخصوصاً المرتبطة بالحقوق، ولا أعتقد أن الدولة مهيأة حالياً للقيام بهذا الدور”.
ويشير سليمان إلى أنه “بالعودة إلى الوراء، نرى أن المسألة ليست جديدة أبداً، ففي عام 1991، استؤنف للمرة الأولى الاتصال بين منظمة التحرير والدولة اللبنانية وذلك بعد إغلاق مكتب المنظمة في بيروت عام 1982، والتقي حينها وزير الخارجية اللبناني فارس بويز مع فاروق القدومي، الذي كان يرأس الدائرة السياسية في المنظمة، وتمّ الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية لإجراء الحوار، وذلك برئاسة وزير الدفاع محسن دلول، وكان على جدول أعمالها ثلاث نقاط، الوجود العسكري الفلسطيني في لبنان، الوضع الأمني داخل المخيمات الفلسطينية والحقوق المدنية للفلسطينيين بما يوحي بمقايضة بين الحقوق والسلاح، لكن لم تخرج اللجنة بنتائج، وذلك في أيار من 1991”.
ويضيف سليمان: “في أيلول/أيلول 1991، شكّلت لجنة وزارية ثانية برئاسة وزير العمل والشؤون الاجتماعية عبدالله الأمين ووزير الزراعة شوقي فاخوري، ووفد فلسطيني موحّد، قدّم مذكرة بعنوان الحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني، ولكن كان الهدف مقايضة الحقوق بالسلاح ولم تسفر عن نتائج”، مشيراً إلى أنه “في إبريل/نيسان 1999، في عهد الرئيس اللبناني إميل لحود، قام رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الدكتور أسعد عبد الرحمن بزيارة للبنان التقى خلالها وزير الاتصالات حينها عصام نعمان وقدّم مذكرة نحو علاقات لبنانية فلسطينية جديدة، ولاحقاً شكلت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني LPDC في عام 2005 بعد خروج القوات السورية واغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وعلى جدول أعمالها تنظيم السلاح وضبطه داخل المخيمات وفتح آلية حوار لتسليمه خارج المخيمات، وقد جرى تسليمه في خارج المخيمات في منطقة الدامور وعلى الحدود السورية اللبنانية”.
ربطاً بذلك، يرى سليمان أن مسألة تسليم السلاح داخل المخيمات الفلسطينية معقدة جداً، في ظلّ تعدّد المجموعات والمنظمات والفصائل، معتبراً أن مخيم عين الحلوة هو الأكثر تعقيداً، بالنظر إلى تاريخه، ورمزيته، عدا عن أن معظم الفصائل ممثلة فيه وهناك وجود إسلامي تاريخي ومنظمات متطرفة، وربطاً بالاشتباكات التي تحصل بين فترة وأخرى، إلى جانب كونه يظهر وكأنه يُمثل كل المخيمات في لبنان، وهو أكبرها ويضم أكثر من 70 ألف فلسطيني.
كذلك، يعتبر جابر أن الرئيس الفلسطيني ارتكب خطأ كبيراً في أيار الماضي لدى زيارته بيروت، وتمثل بعدم فتحه حواراً داخلياً فلسطينياً حول السلاح ولم يتصل بالفصائل الأخرى حتى لتسهيل العملية، معرباً عن اعتقاده بأنه كان هناك نوع من التوظيف السياسي لموضوع السلاح، سواء من الجهة الفلسطينية الرسمية لإظهار النية بتأهيل السلطة وقدرتها على ضبط السلاح، أو اللبناني، تنفيذاً للمذكرة الأميركية، وإظهار نيّات القيام بخطوة إلى الأمام في ملف السلاح، ولا سيما في ظل التعقيدات المرتبطة بسلاح حزب الله. ويؤكد من وجهة نظره أن ما حصل الأسبوع الماضي أخذ شكلاً مسرحياً إلى حدّ ما، خصوصاً في ظل التصريحات الفلسطينية واللبنانية المتناقضة.
ينتظر أن تبدأ في لبنان، اليوم الخميس وعلى مدى يومين، المرحلة الثانية من عملية تسليم السلاح من داخل المخيمات الفلسطينية تنفيذاً لمقرّرات القمة اللبنانية – الفلسطينية (خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت في أيار/أيار الماضي)، في وقتٍ لا يزال فيه الانقسام الفلسطيني بشأن الخطوة قائماً، وسط تمسّك بعض الفصائل برفض تسليم أسلحتها، رابطة إيّاها بالقضية الفلسطينية وحق العودة ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وتسلّم الجيش اللبناني، يوم الخميس الماضي (21 آب/آب)، أسلحة ثقيلة ومتوسطة من حركة فتح في مخيم برج البراجنة في بيروت، بعملية جاءت لتدشن مسار تسليم السلاح، بعدما تعثر بدؤها في موعدها الأول في منتصف حزيران/حزيران الماضي.
وأثارت المشاهد التي رافقت تسليم السلاح في المرحلة الأولى الكثير من الانتقادات في اتجاهين متناقضين، الأول ركز على حجم الأسلحة الصغيرة التي جُمِعت ووضّبت داخل أكياس في شاحنة صغيرة، فيما رأى البعض الآخر أن وجود أسلحة ثقيلة داخل مخيم في قلب بيروت يطرح الكثير من التساؤلات حول أسباب تجميعه في المخيم وكيفية دخوله.
رامز دمشقية: المرحلة المقبلة ستُستكمل في مخيمات برج البراجنة ومار الياس والبص
عدا عن الانقسامات التي طاولت الخطوة في المواقف، سواء على صعيد مسؤولي حركة فتح أنفسهم أو باقي الفصائل الفلسطينية، وتحديداً بين من وضع عملية تسليم السلاح في إطار مقرّرات القمة اللبنانية – الفلسطينية، ومن حصرها بالشأن التنظيمي الداخلي المرتبط بحركة فتح فقط، ومصادرة أسلحة مرتبطة بالمسؤول الذي أقيل منها، شادي الفار، وأنها لا تمت بصلة إلى ملف السلاح في المخيمات.
خطوة على الطريق
يقول رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، رامز دمشقية، إن عملية التسليم انطلقت الخميس الماضي تنفيذاً لمقررات القمة اللبنانية الفلسطينية التي عقدت بتاريخ 21 أيار/أيار 2025، بين الرئيسين جوزاف عون ومحمود عباس، وتنفيذاً لمقررات الاجتماع المشترك للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بتاريخ 23 أيار الماضي، برئاسة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام وبمشاركة ممثلين عن السلطات اللبنانية والفلسطينية، بحيث جرى الاتفاق على وضع آلية تنفيذية وجدول زمني واضح لمعالجة ملف السلاح الفلسطيني.
ويشير دمشقية، في اتصال مع “العربي الجديد”، إلى أن المرحلة المقبلة ستُستكمل هذا الأسبوع في مخيم برج البراجنة، إضافة إلى مخيّمي مار الياس في بيروت والبص في مدينة صور جنوبي لبنان، والمفترض أن تنفذ اليوم الخميس وغداً الجمعة، وستشمل الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
ويلفت دمشقية إلى أن “عملية تسليم السلاح داخل المخيمات بدأت وستستمرّ وستليها مراحل مقبلة”، متوقفاً عند الانتقادات بالقول: “صحيح أن حجم العملية التي حصلت الخميس الماضي صغير، لكنها كبيرة بدلالاتها ومعانيها، وهي خطوة على طريق تنفيذ خطاب قسم الرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري، وطبعاً اتفاق الطائف”.
وحول الانقسامات الفلسطينية وتأكيد بعض الفصائل أنها لن تسلّم سلاحها، يشدّد دمشقية على أن “التركيز الآن هو مع حركة فتح ومنظمة التحرير، والمشاورات ستحصل طبعاً مع باقي المجموعات الفلسطينية، ولا يمكن الحديث عن النتيجة من الآن”.
وإذ يرى دمشقية أن عملية تسليم السلاح ستتم بسلاسة، يعتقد في معرض ردّه على سؤال أن المخيم الذي قد يكون الأصعب هو عين الحلوة، مشيراً إلى أنه “بعد كل المتغيرات والتطورات التي حصلت في المنطقة والزلازل التي ضربتها، لا أعتقد أن السلاح يخدم القضية الفلسطينية بشكل مناسب، لكنه قادر على زعزعة خطة أمنية لبنانية طموحة يحلم بها اللبنانيون منذ عقود، وهي حصر السلاح بيد الدولة”.
على صعيدٍ متصل، يقول مصدر في الجيش اللبناني لـ”العربي الجديد”، إن “عملية تسليم السلاح بدأت، وهناك خطة وضعها الجيش ماض في تنفيذها، سواء على صعيد الأسلحة ونوعيتها وكذلك تراتبية المخيمات، مع الأخذ بعين الاعتبار الترتيبات الخاصة المرتبطة بكل مخيم، وهناك تنسيق لبناني فلسطيني رسمي أيضاً بذلك، ونأمل أن يكون الجميع متجاوباً”.
من جهته، يقول المستشار القانوني والسياسي في لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، علي مراد، لـ”العربي الجديد”، إن “ما جرى في مخيم برج البراجنة هو تطبيق وترجمة وتنفيذ لمقررات القمة اللبنانية الفلسطينية، وتنفيذاً لمقررات الاجتماع المشترك للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، ومنها التشديد على إنهاء المظاهر المسلحة في المخيمات الفلسطينية والالتزام بسيادة لبنان، والذي كان مفترضاً أن يبدأ في حزيران الماضي لكن تأخر ربطاً بترتيبات متعلقة بالجانب الفلسطيني”.
سلاح المخيمات الفلسطينية… ملف معقد
ويشدد مراد على أن “المسار بدأ، والدفعة الأولى من تسليم السلاح في المخيمات انطلقت، وسنرى الخميس (اليوم) وفي الأيام المقبلة استمراراً لهذه العملية، التي بدأت لتستمرّ على صعيد كل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وذلك ترجمة أيضاً لاتفاق الطائف الذي تأخر تطبيقه وخطاب القسم الرئاسة والبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام وقرارات مجلس الوزراء الأخيرة المرتبطة بحصرية السلاح بيد الدولة ومآذارة سيادتها بشكل كامل على جميع أراضيها”.
جابر سليمان: ما يحصل استثمار سياسي بلحظة راهنة، والطرفان الفلسطيني واللبناني، لديهما مصلحة بإظهار أن العملية تسير على ما يرام
ولا يخفي مراد أن الملف مركّب ومعقد، بالنظر إلى كون المشكلة متراكمة منذ عقود طويلة، ولكن القرار اتخذ، وهناك جوانب أمنية يتابعها الجيش اللبناني مع الجهات الفلسطينية، بحيث إن الأولوية هي لحماية أمن المخيمات الفلسطينية واللبنانيين أيضاً، والعملية يجب أن تدار بدقة وبعيداً من التجاذبات الإعلامية.
ويضيف مراد أنه “ربما هناك جهات فلسطينية ولبنانية غير راضية عن المشهد وحاولت التخفيف من قيمته لكن المسار بدأ وسنراه تباعاً، وتتبقّى أمور مرتبطة بكيفية إدارة الملف مع المنظمات التي هي ربما خارج إطار منظمة التحرير، وسنتابعها”.
ويوضح مراد أن “هناك خطاً موازياً، بعيداً من منطق المبادلة، فالسيادة اللبنانية غير مشروطة وحقوق الشعب الفلسطيني مسألة تعمل عليها لجنة الحوار منذ نشأتها، على صعيد كيفية تحسين الوضع الإنساني والحقوق الاقتصادية الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهذه مسألة تلتزم بها اللجنة وكذلك بيان القمة والبيان الوزاري”، مشدداً على أن “الدولة سوف تتحمّل مسؤولياتها وتدير الموضوع بشكل هادئ على المستوى السياسي كما الأمني والعسكري وسنرى النتائج خلال الأيام المقبلة”.
وتعليقاً على ذلك، يرى الباحث الفلسطيني والمستشار في مجال دراسات اللجوء واللاجئين، جابر سليمان، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “ما يحصل اليوم فيه استثمار سياسي بلحظة سياسية راهنة، ويبدو أن الطرفين الرسميين، سواء الفلسطيني أو اللبناني، لديهما مصلحة بإظهار أن العملية تسير على ما يرام”، معتبراً أن “هناك مسؤوليات أخرى اليوم متصلة بالمخيمات لا تقتصر فقط على تلك الأمنية، وخصوصاً المرتبطة بالحقوق، ولا أعتقد أن الدولة مهيأة حالياً للقيام بهذا الدور”.
ويشير سليمان إلى أنه “بالعودة إلى الوراء، نرى أن المسألة ليست جديدة أبداً، ففي عام 1991، استؤنف للمرة الأولى الاتصال بين منظمة التحرير والدولة اللبنانية وذلك بعد إغلاق مكتب المنظمة في بيروت عام 1982، والتقي حينها وزير الخارجية اللبناني فارس بويز مع فاروق القدومي، الذي كان يرأس الدائرة السياسية في المنظمة، وتمّ الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية لإجراء الحوار، وذلك برئاسة وزير الدفاع محسن دلول، وكان على جدول أعمالها ثلاث نقاط، الوجود العسكري الفلسطيني في لبنان، الوضع الأمني داخل المخيمات الفلسطينية والحقوق المدنية للفلسطينيين بما يوحي بمقايضة بين الحقوق والسلاح، لكن لم تخرج اللجنة بنتائج، وذلك في أيار من 1991”.
ويضيف سليمان: “في أيلول/أيلول 1991، شكّلت لجنة وزارية ثانية برئاسة وزير العمل والشؤون الاجتماعية عبدالله الأمين ووزير الزراعة شوقي فاخوري، ووفد فلسطيني موحّد، قدّم مذكرة بعنوان الحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني، ولكن كان الهدف مقايضة الحقوق بالسلاح ولم تسفر عن نتائج”، مشيراً إلى أنه “في إبريل/نيسان 1999، في عهد الرئيس اللبناني إميل لحود، قام رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الدكتور أسعد عبد الرحمن بزيارة للبنان التقى خلالها وزير الاتصالات حينها عصام نعمان وقدّم مذكرة نحو علاقات لبنانية فلسطينية جديدة، ولاحقاً شكلت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني LPDC في عام 2005 بعد خروج القوات السورية واغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وعلى جدول أعمالها تنظيم السلاح وضبطه داخل المخيمات وفتح آلية حوار لتسليمه خارج المخيمات، وقد جرى تسليمه في خارج المخيمات في منطقة الدامور وعلى الحدود السورية اللبنانية”.
ربطاً بذلك، يرى سليمان أن مسألة تسليم السلاح داخل المخيمات الفلسطينية معقدة جداً، في ظلّ تعدّد المجموعات والمنظمات والفصائل، معتبراً أن مخيم عين الحلوة هو الأكثر تعقيداً، بالنظر إلى تاريخه، ورمزيته، عدا عن أن معظم الفصائل ممثلة فيه وهناك وجود إسلامي تاريخي ومنظمات متطرفة، وربطاً بالاشتباكات التي تحصل بين فترة وأخرى، إلى جانب كونه يظهر وكأنه يُمثل كل المخيمات في لبنان، وهو أكبرها ويضم أكثر من 70 ألف فلسطيني.
كذلك، يعتبر جابر أن الرئيس الفلسطيني ارتكب خطأ كبيراً في أيار الماضي لدى زيارته بيروت، وتمثل بعدم فتحه حواراً داخلياً فلسطينياً حول السلاح ولم يتصل بالفصائل الأخرى حتى لتسهيل العملية، معرباً عن اعتقاده بأنه كان هناك نوع من التوظيف السياسي لموضوع السلاح، سواء من الجهة الفلسطينية الرسمية لإظهار النية بتأهيل السلطة وقدرتها على ضبط السلاح، أو اللبناني، تنفيذاً للمذكرة الأميركية، وإظهار نيّات القيام بخطوة إلى الأمام في ملف السلاح، ولا سيما في ظل التعقيدات المرتبطة بسلاح حزب الله. ويؤكد من وجهة نظره أن ما حصل الأسبوع الماضي أخذ شكلاً مسرحياً إلى حدّ ما، خصوصاً في ظل التصريحات الفلسطينية واللبنانية المتناقضة.