مناورات “النجم الساطع”… 4 عقود من التحالف العسكري الأميركي المصري

مناورات “النجم الساطع”… 4 عقود من التحالف العسكري الأميركي المصري

انطلقت في قاعدة محمد نجيب وعدد من القواعد الجوية والبحرية المصرية، اليوم الثلاثاء، فعاليات التدريب المصري الأميركي المشترك “النجم الساطع 2025″، بمشاركة أكثر من 40 دولة بين قوات مشاركة ومراقبة، وبقوام يزيد عن 8000 جندي. وبينما ترفع القاهرة وواشنطن شعار تعزيز القدرات المشتركة ومواجهة التحديات الأمنية، فإنّ المناورة تحمل في طياتها أبعاداً أعمق، تعكس مسيرة أربعة عقود من التعاون العسكري، وما طرأ عليها من خفوت وتحولات مرتبطة بالسياق الإقليمي والدولي.

وُلدت “النجم الساطع” في أعقاب اتفاقية “كامب ديفيد“، كإحدى ثمار الشراكة العسكرية المصرية الأميركية، وانطلقت أولى نسخها في مطلع الثمانينيات تدريباً ثنائياً يهدف إلى اختبار الجاهزية، وإبراز قدرات مصر بوصفها مسرح عمليات رئيسياً. وسرعان ما تطورت لتصبح أكبر المناورات متعددة الجنسيات في المنطقة. وفي نهاية التسعينيات بلغت ذروتها، إذ شارك في نسخة 1999 نحو 70 ألف عسكري من 11 دولة، بحضور أكثر من 30 دولة بصفة مراقب، وهو حجم غير مسبوق في مناورات إقليمية، جاء في سياق ما بعد حرب الخليج الأولى وقبيل الغزو الأميركي للعراق.

وفي عام 2001، ورغم وقوع هجمات 11 أيلول/ أيلول، مضت المناورة في موعدها مع تدابير استثنائية لحماية القوات، ما عكس مكانتها في أولويات واشنطن العسكرية. غير أن التورط الأميركي في العراق وأفغانستان بعد 2003 أدى إلى إلغائها أو تقليصها بشكل لافت، قبل أن تُلغى نسخة 2011 لأسباب داخلية مصرية، ونسخة 2013 احتجاجاً من إدارة باراك أوباما على الانقلاب العسكري الذي حدث في القاهرة آنذاك.

استؤنفت المناورات عام 2017 بوتيرة جديدة، أكثر تركيزاً وأقل عدداً. إذ شاركت 21 دولة في نسخة 2021، ثم ارتفع العدد إلى 34 دولة عام 2023 مع أكثر من 8 آلاف جندي، بينما تؤكد نسخة 2025 اتساع المشاركة إلى 44 دولة، بما في ذلك منظمات دولية مثل الصليب الأحمر وحلف شمال الأطلسي (ناتو) مع تراجع بأعداد المعدات والقوات. ورغم أن الأحجام لم تعد تقارن بذروة التسعينيات، فإن التركيز انتقل إلى التدريبات النوعية، مثل مكافحة الإرهاب، والأمن البحري، والتشغيل البيني في القيادة والسيطرة، والإغاثة الإنسانية، وهي أولويات تعكس طبيعة التوجهات الجديدة لكلا الطرفين: مصر والولايات المتحدة.

“النجم الساطع”.. من المستفيد؟

من الجانب المصري، وفّرت “النجم الساطع” فرصة لاختبار جاهزية القوات المسلحة في بيئات عملياتية معقدة، وتحديث أنظمة القيادة والسيطرة وفق معايير الناتو، وتدريب القوات على تكامل الأسلحة المشتركة، بما في ذلك القوات الخاصة والمظلات. كما مثّلت المناورة منصة لإبراز قدرة مصر على استضافة عمليات واسعة في قواعدها.

أما بالنسبة للولايات المتحدة، فالمناورة تشكّل حجر زاوية في علاقتها الدفاعية مع القاهرة، ومختبراً دورياً لقياس سرعة الانتشار والتمركز في نطاق القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM). وتتيح المناورة للولايات المتحدة اختبار جاهزية خطوط الإمداد والتشغيل البيني مع شركاء من الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا، وهو ما يمنحها ميزة استراتيجية يصعب الاستغناء عنها.

هامش مناورة مصري

على مدار العقد الأخير، سعت القاهرة إلى تقليص اعتمادها المطلق على واشنطن، عبر تنويع مصادر تسليحها. حصلت على مقاتلات “ميغ-29” الروسية ومنظومات دفاع جوي متطورة، وأبرمت صفقات “رافال” مع فرنسا، وتعاقدت مع ألمانيا لتطوير أسطول غواصاتها، فضلاً عن تعاون مع الصين في مجالات الطائرات المسيّرة والاتصالات العسكرية. وبحسب خبراء فقد يمنح هذا المسار مصر هامشاً أكبر في إدارة علاقاتها الدفاعية، لكنه لا يلغي حقيقة أن المساعدات العسكرية الأميركية السنوية، البالغة 1.3 مليار دولار، لا تزال دعامة أساسية لبنية الجيش المصري.

أما من جانب واشنطن، فيرى خبراء أنها تتعامل مع هذا التنويع بحذر. فهي تدرك أن القاهرة بحاجة إلى تنويع علاقاتها الدولية، لكنها تضع خطوطاً حمراء تتعلق بالأنظمة الأكثر حساسية، مثل الطائرات المقاتلة المتقدمة أو أنظمة الدفاع الصاروخي بعيدة المدى. وهنا يظهر التوازن: مصر توسع شراكاتها، لكنها لا تستطيع المجازفة بفقدان الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.

وقال توفيق طعمة، الباحث والمحلل في الشأن الأميركي والشرق الأوسط، لـ”العربي الجديد”، إن مناورات “النجم الساطع” شهدت تغيراً واضحاً في زخمها عبر العقود. ففي التسعينيات وبداية الألفية الجديدة كانت المناورة أكبر بكثير من حيث عدد القوات والمعدات المشاركة، لكنها تراجعت نسبياً بعد أحداث 2011 وما تبعها من تحولات سياسية وأمنية. وأضاف أن السنوات الأخيرة شهدت عودة تدريجية للزخم، مع مشاركة أوسع من دول عربية وأجنبية، لافتاً إلى أن طبيعة الزخم اليوم تختلف، إذ تتجه نحو تنويع المشاركين وتحديث السيناريوهات لتواكب التحديات غير التقليدية.

وأوضح طعمة أن “النجم الساطع” تُعد من أكبر وأقدم المناورات العسكرية المشتركة في المنطقة، وتكمن أهميتها في عدة نقاط؛ أبرزها رفع مستوى الجاهزية والتدريب بين الجيش المصري والقوات المشاركة، وعلى رأسها القوات الأميركية، إلى جانب جيوش عربية وأوروبية وأفريقية. كما تتيح تبادل الخبرات في مجالات متعددة مثل مكافحة الإرهاب، وعمليات حفظ السلام، والدفاع الجوي، والتدريب بالذخيرة الحية، وحرب المدن.

من ناحيته، قال العقيد حاتم صابر، خبير مقاومة الإرهاب الدولي وحرب المعلومات، لـ”العربي الجديد”، إن المناورات شهدت توسعاً ملحوظاً منذ مطلع الألفية الثانية، حيث انضمت إليها دول أوروبية مثل اليونان وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إلى جانب دول عربية وأفريقية وآسيوية بينها الأردن والسعودية والإمارات وباكستان. ولفت إلى أن نسختي 2023 و2024 شهدتا مشاركة نحو 30 دولة، ما يعكس تنامي الثقل الدولي للتدريب، واهتمام القوى الكبرى بالعمل العسكري المشترك على الأراضي المصرية.

مادورو يشرف على تدريبات عسكرية تزامنا  مع نشر سفن حربية أمريكية قبالة مياه فنزويلا

مادورو يشرف على تدريبات عسكرية تزامنا مع نشر سفن حربية أمريكية قبالة مياه فنزويلا

تعهد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بالدفاع عن سيادة بلاده قائلا إنه “من المستحيل” أن تغزو القوات الأمريكية فنزويلا وسط انتشار البحرية الأمريكية في جنوب البحر الكاريبي.

جاء ذلك خلال إشراف الرئيس الفنزويلي على مناورات عسكرية أُجريت في كاراكاس يوم الخميس، في ظل استمرار التوترات مع الولايات المتحدة بشأن نشر سفن حربية بالقرب من المياه الإقليمية الفنزويلية.

ونشرت الولايات المتحدة 3 سفن حربية قبالة المياه الإقليمية لفنزويلا، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى استخدام الجيش لإحباط عصابات المخدرات تشارك في تدفق الفنتانيل وغيره من المخدرات إلى الولايات المتحدة.

المصدر: AP