حذف منشورًا يتعلق بـ”الإبادة”.. متحف الهولوكوست الأميركي يثير موجة انتقادات

حذف منشورًا يتعلق بـ”الإبادة”.. متحف الهولوكوست الأميركي يثير موجة انتقادات

مثلما تركت محارق النازية وصمة لا تمحى في تاريخ الإنسانية، يترك ما يجري في غزة جرحًا غائرًا على جبين الوجدان الإنساني، حيث ترتكب حرب إبادة واضحة أمام أنظار العالم، وعلى الهواء مباشرة.

وظلت الهولوكوست مثالًا مرعبًا للإبادة الجماعية، التي تعني القتل الممنهج لمجموعة كبيرة من البشر، بسبب جنسيتهم أو عرقهم أو دينهم. وصنفت الهولوكوست على أنها أحد أبشع الجرائم في التاريخ الحديث.

وبالنسبة للإعلام والدعاية، لعب جوزيف غوبلز دورًا حاسمًا في صناعة الدعاية النازية وتنظيمها، وكان هو العقل المدبر لآليات التأثير على الجماهير من خلال التحكم الكامل في وسائل الإعلام، وخلق حالة من التوحيد الذهني، على نحو يصبح معه الانسياق خلف الأيديولوجيا النازية أمرًا بديهيًا ومحتملًا، بل ومقبولًا.

وأصدر النازيون قوانين تكرس التمييز ضد اليهود وسلب حقوقهم، وأقاموا معسكرات اعتقال أرسلوا إليها كل من اعتقدوا أنهم أعداء للدولة.

وأجبر النازيون اليهود في بولندا على العيش في مناطق محددة تسمى الأحياء اليهودية أو ما يعرف بالغيتوهات، وأنشؤوا معسكرات للإبادة أكبرها أوشفيتز- بيركناو.

وفي الحادي عشر من كانون الأول/ كانون الأول عام 1946، قضت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن الإبادة الجماعية جريمة بموجب القانون الدولي، تتعارض مع روح المنظمة وأهدافها، وتدينها كل دول العالم المتحضرة. ومن هنا برز شعار “لن تتكرر أبدًا” كتعهد عالمي لمنع تكرار هذه المأساة، ولكن ما نراه أمامنا يظهر أن الإبادة الجماعية تتكرر.

استيفاء معايير الإبادة الجماعية في غزة

وفي غزة، الحديث عن الإبادة ليس فائضًا في التعبير اللغوي، بل هو توصيف قانوني على استيفاء المعايير كافة لارتكاب إسرائيل الإبادة الجماعية في غزة بحسب رئاسة أكبر رابطة من العلماء المتخصصين في أبحاث الإبادة الجماعية حول العالم.

وذكرت الرابطة في تقريرها، الذي نشرته في الآونة الأخيرة، أن إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول/ تشرين الأول 2023 تنفذ جرائم منهجية ضد الإنسانية تشمل هجمات عشوائية على المدنيين والبنية التحتية المدنية كالمستشفيات والمنازل، إلى جانب التعذيب وحرمان السكان من الغذاء والماء، ما يرقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية واضحة.

فجيش الاحتلال الإسرائيلي قتل أو جرح أكثر من خمسين ألف طفل، ما يعتبر عاملًا من عوامل الإبادة الجماعية لأنه يستهدف بقاء مجموعة كاملة.

الإبادة لا تنطبق على الجميع

وفي مشهد يكاد يكون سورياليًا، قرر متحف الهولوكوست في لوس أنجلوس، وهو أول متحف أسسه ناجون وأقدم متحف للهولوكست، نشر صورة مناهضة للإبادة الجماعية، على صفحته في إنستغرام، لتوسيع معنى شعار “لن تتكرر أبدًا” ليشمل الإنسانية جمعاء، وليس اليهود فقط. وهذه لفتة إنسانية جميلة. وما إن مر بعض الوقت حتى تراجع المتحف عن منشوره السابق.

فقد هددت جماعات الضغط الصهيونية وبعض المتبرعين اليهود بسحب دعمهم للمتحف، فتراجع المتحف عن منشوره السابق وحذفه، لتصير كلمة “لا يمكن تكرار هذه الجريمة” لا تنطبق على الجميع من البشر، وهنا تعني أنها لا تنطبق على الفلسطينيين.

ونشر المتحف اعتذارًا وتوضيحًا جاء فيه أن “منشورهم السابق كان عرضة للتفسير الخطأ من البعض. على أنه بيان سياسي يعكس الوضع الجاري في الشرق الأوسط، ولم يكن ذلك في نيتنا”.

وأثار هذا الاعتذار والحذف بعد النشر موجة كبيرة من الغضب والاستهجان على مواقع التواصل الاجتماعي.

فقالت عبير خطيب: “تحت ضغط الجماعات الصهيونية على متحف الهولوكوست في لوس أنجلوس المتحف يحذف المنشور، وكأنه يقول: لا يمكن تكرار ذلك تعني اليهود فقط وليس كل البشر”.

وكتبت ريان غريم: “لا يوجد من الكلمات ما يعبر عما جرى. تخيلوا فقط حجم المعترضين على المنشور الأول حتى دفعت إدارة المتحف إلى نشر اعتذار وحذف المنشور”.

في حين قال شايغان: “‏عندما تستثني عبارة “لن يتكرر أبدًا” الفلسطينيين، يصبح التجريد من إنسانيتهم مؤسسيًا. الإبادة الجماعية مهمة فقط بالنسبة للبعض، بينما يختفي البعض الآخر من الذاكرة”.‏

نسف ممنهج للعمران.. الاحتلال يدمر برج الرؤيا غربي مدينة غزة

نسف ممنهج للعمران.. الاحتلال يدمر برج الرؤيا غربي مدينة غزة

دمرت غارة إسرائيلية، اليوم الإثنين، برج الرؤيا غربي مدينة غزة، بحسب ما أفاد به مراسل التلفزيون العربي، وذلك بعد وقت قصير من إنذاره سكانه والنازحين في محيطه بالإخلاء.

ولم يترك جيش الاحتلال وقتًا كافيًا لمئات العائلات الفلسطينية التي كانت تسكن المبنى، حتى تحول بما يضمه من شقق سكنية ومقرات مؤسسات وشركات، إلى ركام، تاركًا مئات المدنيين والنازحين بلا مأوى.

وكان الاحتلال قد أنذر بإخلاء البرج السكني الذي يؤوي المئات من الفلسطينيين في مدينة غزة، ضمن سياسته الهادفة إلى تهجير السكان من المدينة.

والجمعة الماضي، شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي في عملية تدمير تدريجية مكثفة للأبراج السكنية بقطاع غزة، ما أدى إلى تشريد مزيد من المواطنين الفلسطينيين في أوضاع كارثية.

ويؤكد الفلسطينيون أن هذا التدمير يهدف إلى إجبارهم على ترك مدينة غزة إلى جنوبي القطاع، ضمن مخطط إسرائيلي أميركي لتهجيرهم قسرًا إلى خارجه.

“هجوم غير مسبوق”

من جهته، توعد مسؤول أمني إسرائيلي، بهجوم غير مسبوق على مدينة غزة مع تصاعد محاولات تل أبيب لإجبار الفلسطينيين بالمدينة على النزوح تمهيدًا لاحتلالها.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عن مسؤول أمني رفيع المستوى، لم تسمه، قوله: “ستُهاجم مدينة غزة اليوم كما لم تُهاجم من قبل”.

وأشارت هيئة البث إلى أن “الجيش الإسرائيلي يصعد هجماته في غزة، وسيواصل زيادة وتيرة الهجمات طوال اليوم”، وخاصةً على ما أسمته “المباني الشاهقة”.

وكان وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد توعد في وقت سابق بقصف المزيد من الأبراج السكنية في مدينة غزة.

وكتب كاتس على منصة “إكس”، “اليوم سيضرب إعصار مدوٍ سماء مدينة غزة، وأسقف أبراج الإرهاب ستتزلزل”.

وأطلقت إسرائيل هجومًا واسعًا الشهر الماضي على مدينة غزة، حيث يعيش مئات الآلاف من السكان وسط الأنقاض بعدما عادوا للمنطقة التي سبق أن شهدت جانبًا من أعنف المواجهات خلال الحرب.

“خطاب الإبادة”

وقال سكان في مدينة غزة إن القوات الإسرائيلية قصفت عدة أحياء من الجو والبر وفجرت عربات مدرعة معطلة‭ ‬بعد تفخيخها ودمرت مجموعات من المنازل في أحياء الشيخ رضوان والزيتون والتفاح.

وذكر مسعفون أن من بين 12 فلسطينيًا على الأقل استشهدوا في غزة اليوم الإثنين أسامة بعلوشة وهو صحفي يعمل في وسائل إعلام فلسطينية. وأفاد مراسل التلفزيون العربي باستشهاد أكثر من 40 فلسطينيًا منذ فجر الإثنين.

وكان المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك قد أعرب عن قلقه إزاء ما وصفه بـ”خطاب الإبادة” الصريح الصادر عن مسؤولين إسرائيليين بشأن غزة، محذرًا من أن القطاع تحوّل فعلًا إلى “مقبرة”، ودعا إلى تحرك دولي حاسم “لإنهاء المذبحة”.