عملية تكميم معدة طفلة في مصر تثير جدلا.. هل هذه الجراحات ملائمة للأطفال؟

عملية تكميم معدة طفلة في مصر تثير جدلا.. هل هذه الجراحات ملائمة للأطفال؟

أثار نشر طبيب مصري مقطع فيديو لإجراء عملية تكميم معدة لطفلة تبلغ من العمر 9 سنوات جدلا واسعا، حيث بدت الطفلة في حالة من الخوف الشديد، رافضةً تلقي الحقنة أو ارتداء قناع التخدير، مطالبة بوجود والدتها إلى جانبها داخل غرفة العمليات. وظهر الطبيب في الفيديو وهو يحاول طمأنتها وتهدئتها.

وبعد انتشار المقطع، تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير وطرحوا تساؤلات حول مدى ملاءمة إجراء مثل هذه العمليات الجراحية للأطفال.

يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.

مدير مكتبة الإسكندرية: الحداثة الهجينة تربك الوعي وتدفع المجتمعات لتسريع الاقتصاد وتراجع الأخلاق

مدير مكتبة الإسكندرية: الحداثة الهجينة تربك الوعي وتدفع المجتمعات لتسريع الاقتصاد وتراجع الأخلاق

للدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، والحائز حديثا جائزة النيل -أرفع تكريم مصري في مجالات الثقافة والفنون-، تاريخ طويل في الإدارة الأكاديمية، والبحث العلمي، والمشاركة المجتمعية.

أشتهر الدكتور “زايد” بإسهاماته البارزة في مجال الترجمة العلمية، إذ ترجم وأشرف على ترجمة عشرات الكتب والموسوعات، فضلا عن إنتاجه العلمي الغزير الذي يضم أكثر من 200 عنوان بين مؤلفات وأبحاث ومقالات، منها: “تناقضات الحداثة في مصر” و”البناء السياسي في الريف المصري” وأحدثها كتاب “سؤال الأخلاق في مشروع الحداثة”.

وقد تولى مناصب رفيعة، منها عمادة كلية الآداب بجامعة القاهرة، والتمثيل الثقافي لمصر بالرياض، ورئاسة عدد من اللجان والمجالس الوطنية والدولية المعنية بالشأن الثقافي والتعليمي، كما أسهم في تأسيس وإدارة مراكز بحثية مرموقة، وشارك في صياغة السياسات العلمية والتعليمية بعدد من الجامعات والهيئات.

كما حصل على العديد من الجوائز، على رأسها جائزة الدولة للتفوق العلمي في العلوم الاجتماعية عام 2004، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 2007، وجائزة جامعة القاهرة للتميز العلمي، وجائزة العويس الثقافية.

وفي حوار مع الجزيرة نت، يرى عالم الاجتماع الدكتور أحمد زايد أن الحضارة المعاصرة تعيش مفارقة صارخة، إذ تتسارع خطواتها الاقتصادية والتكنولوجية بينما تتراجع أخلاقيا، في ظل ما يسميه “الحداثة الهجينة” التي تخلط القيم وتربك الوعي.

SANA'A, YEMEN - SEPTEMBER 26: Yemenis visit the book fair opened as an opportunity to enable people to buy books with reduced prices during the continued economic crisis, on أيلول 26, 2021 in Sana'a, Yemen. Book Fair in Sana'a is in dire straits owing to a lack of customers during the six days it has been because of the severe economic crisis of people following the nearly seven years of war and blockade that left 80% of the country's 28-million population in need of assistance and pushed most of them only to focus on how they can feed their children. Only a handful of visitors came to the fair and most of them did not even buy books but left after only reading the books while standing beside its shelves. Despite the fair opening that was planned to enable reading enthusiasts and university students who were affected by the continued crisis greatly, to be able to buy books they need at discount prices, but it seems that most Yemenis look on basic daily needs like food and water more than anything else. (Photo by Mohammed Hamoud/Getty Images)
أحمد زايد: تحتل العلوم الاجتماعية ومخرجاتها في العالم العربي مرتبة متأخرة في سلم الأولويات (غيتي)

ويشير مدير مكتبة الإسكندرية إلي أن” العلوم الاجتماعية ومخرجاتها لا تلقى الاهتمام الكافي في المجتمعات العربية رغم أهميتها في تشكيل وعي ومدارك المجتمعات” مما يتطلب إعادة النظر في الأسس التي يقوم عليها علم الاجتماع من حيث المفاهيم والمنهجيات لا سيما في ظل التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي.

إعلان

ويؤكد “زايد” أن الأزمات تجعل الثقافة أكثر إلحاحا لا أقل، مستعرضا خطط المكتبة لترسيخ قيم المعرفة والانفتاح على الأجيال الجديدة، ومشروعاتها التوسعية، ودورها كجسر للتواصل الحضاري بين مصر والعالم، في وقت يسعى فيه لتعزيز حضور العلوم الاجتماعية في صنع القرار العربي.

وأشار إلى أن المكتبة صرح حضاري وثقافي يقدم للعالم ولعشاق المعرفة التاريخ والفكر في شكل أفكار وفنون متنوعة وفي قوالب تتناسب مع تطورات العصر مما يزيد من مساحة التقارب بين الثقافات والحضارات.

  • كيف ترى موقع العلوم الاجتماعية في عالمنا العربي، وبخاصة في صياغة السياسات وفهم المجتمعات؟

للأسف، تحتل العلوم الاجتماعية ومخرجاتها في العالم العربي مرتبة متأخرة في سلم الأولويات، بينما تظل العلوم الطبيعية الأكثر حضورا في السياسات العامة وفي التعاطي مع التفاعلات المعقدة داخل المجتمعات.

وقد كان هذا الوضع واضحا لعقود بصورة لا تتناسب مع أهمية هذه العلوم، وهو ما بدأ يتغير في السنوات الأخيرة من خلال الاعتماد على مراكز الفكر والمؤسسات المتخصصة في إجراء البحوث وتقديم التحليلات حول القضايا المجتمعية كأداة داعمة لصانع القرار.

ورغم ذلك، يعتبر بعض المتخصصين في العلوم الاجتماعية أن هذه المراكز قليلة، أو أن مخرجاتها لا تلقى الاهتمام الكافي، لكننا نرى أن هذه مجرد بدايات، ولدينا أمل كبير في أن تتطور التجربة مستقبلا.

ففي مصر مثلا، يوجد منذ ستينيات القرن الماضي مركز لدعم اتخاذ القرار، يعد التقارير ويرفعها إلى الوزارات المعنية. كما تم إنشاء مراكز فكر في دول عربية أخرى مثل الإمارات وقطر والأردن ودول شمال أفريقيا، بعضها حكومي وبعضها خاص، تسهم في تحليل المشكلات الاجتماعية وكيفية تأثيرها على الأفراد والمنظمات.

Back rear view of young asian woman, freelance data scientist work remotely at home coding programing on Big data mining, AI data engineering, IT Technician Works on Artificial Intelligence Project.; Shutterstock ID 1854821353; purchase_order: d; job: ; client: ; other:
التكنولوجيا الحديثة جعلت التطور أسرع وأعمق وظهرت برامج متقدمة قادرة على تحليل النصوص وتحويلها إلى بيانات إحصائية (شترستوك)
  • وماذا عن تأثير التحولات السريعة والتقدم التكنولوجي في بنية المجتمعات على دور وأداء العلوم الاجتماعية؟

مع التطور والتحولات السريعة في بنية المجتمعات، لم تعد المفاهيم التقليدية حول كثير من المعاني والقيم الاجتماعية كافية لتفسير الواقع، لذلك كان من الطبيعي أن تتطور أدوات البحث العلمي والمنهجي التي يستخدمها الباحثون في العلوم الاجتماعية.

وجعلت التكنولوجيا الحديثة هذا التطور أسرع وأعمق، وظهرت برامج متقدمة قادرة على تحليل النصوص وتحويلها إلى بيانات إحصائية، وهذا يفتح آفاقا جديدة أمام الباحثين. ولدينا اليوم في العالم العربي علماء اجتماع ونفس واقتصاد وسياسة وتاريخ وجغرافيا، لديهم وعي كبير بأهمية هذه الأدوات الحديثة، ويستفيدون منها في تطوير أبحاثهم. وهذا وعي مهم يجب أن يتوسع ويترسخ.

  • في ظل هذه التغيرات المجتمعية والتقنية، هل بالفعل الحضور الثقافي والقيمي يتوارى عن المشهد العالمي وما السبب؟

نعم، نحن نعيش مفارقة واضحة، فالاقتصاد العالمي يتطور، ورأس المال يكتسح العالم، والثقافة الاستهلاكية تنتقل بلا حدود، وتكنولوجيا الاتصالات أحدثت ثورة في حياة الناس وأفكارهم. لكن في المقابل، هناك تدهور في الأخلاق، وهو ما يبدو في المآذارات السياسية التي تقوم على الازدواجية والقوة والقهر والاستغلال والصراعات المسلحة، كلها تقلب القيم رأسا على عقب.

إعلان

والنتيجة أن المجتمعات تتقدم تكنولوجيا واقتصاديا لكنها تتخلف أخلاقيا، ويظهر ما يسميه علم الاجتماع “الوهن الأخلاقي”، حيث تستحضر الأخلاق فقط في الخطابات الرسمية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو مواثيق الأمم المتحدة واليونسكو، لكن المآذارات الفعلية كثيرا ما تخالف تلك الشعارات، فلا يوجد عدل أو مساواة.

A view of the inner hall of the Bibliotheca Alexandrina آذار 28, 2005. The ultramodern, 11-storey disc-shaped structure standing on the Chatby Corniche in Alexandria evokes the legacy of the ancient Alexandria library and the Temple of the Muses, the Mouseion, where the Old Testament was translated into Greek from Hebrew for the first time. The institution and the city came to symbolise diversity, culture and learning, and it was the point at which cultures and civilisations met and flourished. Picture taken آذار 28, 2005. REUTERS/Aladin Abdel Naby AN
مكتبة الإسكندرية من الداخل (رويترز)
  • دعنا ننتقل إلى المكتبة.. ما الذي يميز رؤيتكم لإدارتها؟

مكتبة الإسكندرية لها خصوصية استثنائية، فهي تقوم على إرث تاريخي عريق يعود إلى مكتبة الإسكندرية القديمة التي تأسست في القرن الثالث قبل الميلاد. نحن نحاول أن نعيد إحياء هذا الإرث، لكن برؤية معاصرة تجعل المكتبة أكثر من مجرد مكان للقراءة والبحث.

ونسعى لأن تكون المكتبة صرحا حضاريا وثقافيا يقدم للعالم ولعشاق المعرفة التاريخ والفكر والعلم في شكل أفكار وفنون متنوعة، وفي قوالب تتناسب مع تطورات العصر، مما يزيد من مساحة التقارب بين الثقافات والحضارات.

كما نسعى لأن تكون المكتبة فضاء لإنتاج المعرفة، ومكانا للتفاعل بين الشعوب والحضارات، ونشر ثقافة الحوار والتسامح، من خلال ما تقوم به من مشروعات وأنشطة متنوعة ما بين معارض ومؤتمرات وغيرها من الجهود الكبيرة في الرقمنة والتوثيق لحفظ المخطوطات والخرائط والتسجيلات والصور النادرة، وأرشيف ضخم لذاكرة مصر التاريخية.

  • هل من الممكن أن تحدثنا عن دور المكتبة في مجال صناعة الثقافة والاهتمام بالتراث الثقافي؟

المكتبة لديها إمكانات مادية وبشرية ضخمة، وتقدم خدمات كثيرة ومتنوعة مثل القراءة والاطلاع والبحث العلمي، وقطاع المتاحف، فضلا عن المراكز البحثية المتخصصة في الدراسات الإستراتيجية والهلنستية.

كما يوجد بها معمل لترميم المخطوطات يندر أن يوجد مثله إلا القليل في العالم، وخدمة حفظ المخطوطات وترميمها، حيث تضم 6 آلاف مخطوط أصلي، و120 ألف مخطوط مصور، و15 ألف كتاب نادر.

وفي الوقت الحالي، تعمل المكتبة على ترميم وثائق قناة السويس وعددها 1868 مجلدا، بموجب اتفاقية مع هيئة قناة السويس لترميم تلك المجلدات.

400775 05: Library staff sort through books inside the newly completed Alexandria Library at the University of Alexandria شباط 7, 2002 in Egypt. The Bibliotheca Alexandrina will officially open نيسان 23, 2002, restoring the library founded by Ptolemy II in 295 B.C. to its past glory when it was the intellcutal hub of Hellenistic culture from 400 B.C.to 300 A.D. (Photo by Norbert Schiller/Getty Images)
أحمد زايد: تسعى المكتبة إلى تنفيذ مبادرات وفعاليات غير تقليدية لترسيخ ثقافة القراءة كوسيلة أصيلة لاكتساب المعرفة (غيتي)
  • ما أبرز التحديات التي تواجهكم في نشر قيم المعرفة والتسامح؟

لا يوجد مكان في العالم دون تحديات، وإن كان أكبر تحد هو غياب ثقافة البحث عن المعرفة أو تكوين العقل النقدي في كثير من البيئات العربية.

فعلى الرغم من شهرة المكتبة العالمية، هناك كثير من المتعلمين وأصحاب الشهادات العليا لا يعرفونها، بينما يقبل عليها المثقفون والنخب فقط. لكن الأمل موجود، فنحن نسجل اليوم نحو ألفي زائر يوميا، بينهم أطفال وشباب، وهذا يمنحني شعورا بأن الأجيال الجديدة قد تكون أكثر ارتباطا بالثقافة.

  • هل هناك خطة لتعظيم وتطوير نطاق المكتبة بحيث تستقطب جمهورا أوسع؟

لدينا رؤية وخطة تستهدف التطوير المستمر لأنشطة المكتبة وجعلها حاضرة بقوة في المشهد الثقافي المصري والدولي، من خلال التوسع في نطاق أنشطة المكتبة بالوصول إلى مختلف المحافظات المصرية عبر مبادرة (سفراء المعرفة) التي وصل عددها إلى 28 نقطة، أو التعاون مع المكاتب الثقافية في الخارج لافتتاح فروع للمكتبة خارج مصر.

ونسعى حاليا لبناء مقر جديد بغرب الإسكندرية باسم “دار مكتبة الإسكندرية للمعرفة والابتكار والإبداع”، وسيكون مركزا شبيها بالكليات العالمية، يمنح درجات علمية بالتعاون مع جامعة الإسكندرية، في مجالات مثل المكتبات، وتكنولوجيا المعلومات، والتاريخ الهلنستي القديم.

  • أطلقت المكتبة جوائز عدة مؤخرا.. ما الهدف منها؟

تسعى المكتبة إلى تنفيذ مبادرات وفعاليات غير تقليدية لترسيخ ثقافة القراءة كوسيلة أصيلة لاكتساب المعرفة ودعم الإبداع الثقافي في مختلف أشكاله، لذا عمدت إلى تخصيص عدة جوائز لتكريم الرواد والمبدعين.

إعلان

بدأت بإطلاق جائزة عالمية بقيمة مليون جنيه عن التكنولوجيا الخضراء، وأخرى للقراءة، وجائزة ثالثة للشباب تمنح سنويا في 7 من فروع الإبداع. ونستعد حاليا لإطلاق جائزة للإبداع العربي تمنح للمبدعين العرب ليكون لهم نصيب في جوائز المكتبة.

400775 04: Library staff fill shelves with books inside the newly completed Alexandria Library at the University of Alexandria شباط 7, 2002 in Egypt. The Bibliotheca Alexandrina will officially open نيسان 23, 2002, restoring the library founded by Ptolemy II in 295 B.C. to its past glory when it was the intellcutal hub of Hellenistic culture from 400 B.C.to 300 A.D. The library will be able to handle 4 million books on the shelves and another 4 million in storage.
أحمد زايد: مكتبة الإسكندرية لا تخدم فئة معينة بل تمثل نموذجا للتعددية والتقاء الأفكار بين مختلف الثقافات (غيتي)
  • كيف تتعاملون مع الشباب تحديدا؟

الشباب هم محور عملنا، ولدينا قطاعات خاصة للأطفال والناشئة، ومكتبة للطفل، ومكتبة للشباب، وبرامج لتلخيص التراث الإنساني لهم، و”سفارات المكتبة” في عدة مناطق. نحن نؤمن أن الاستثمار في الجيل الجديد هو الضمانة الحقيقية لاستمرار رسالتنا.

  • المكتبة كجزء من القوة الناعمة لمصر.. كيف ترى هذا الدور؟

المكتبة، بصفتها مؤسسة ثقافية دولية، تعتبر نافذة العالم على مصر ومعروفة في الخارج بشكل واسع، خاصة لدى المؤسسات الثقافية ووزارات التعليم العالي والمكتبات الوطنية. كثير منهم يعرفونها منذ الطفولة من خلال الكتب المدرسية، وهذا يسهل وصول الرسالة المصرية إلى الخارج ويسهم مع المؤسسات المختلفة في تشكيل الهوية والوجدان للمصريين والعرب، وإبراز رؤانا الإنسانية وأفكارنا في الخارج.

  • وماذا عن علاقاتكم الدولية وتعاونكم مع المكتبات العالمية؟

المكتبة لا تخدم فئة معينة، بل تمثل نموذجا للتعددية والتقاء الأفكار بين مختلف الثقافات، وتقدم خدمة عالمية ومحلية في مجال صناعة الثقافة والاهتمام بالتراث الثقافي. لدينا شراكات مع جميع المكتبات الكبرى مثل مكتبة الكونغرس والمكتبة الوطنية الفرنسية، وهناك تعاون وتبادل للمعلومات والمواد الثقافية والكتب المرقمنة مع مكتبات وطنية أخرى، ليكون لنا امتداد في كافة أنحاء العالم. كما نشارك في منتديات عالمية تبحث مستقبل المكتبات في العصر الرقمي ودورها في إعادة إنتاج المعرفة والحضارة.

ALEXANDRIA, EGYPT - OCTOBER 16: The normally busy road in front of the Bibliotheca Alexandrina was practically empty due to security arraingments تشرين الأول 16, 2002 in Alexandria, Egypt. Dignitaries from around the world gathered to celebrate the new facility, a modern version of the famous ancient library that burned down in the fourth century. The complex includes a planetarium, a conference hall, five research institutes, six galleries and three museums. (Photo by Getty Images)
مكتبة الإسكندرية مؤسسة رائدة في العصر الرقمي تمتلك إمكانات إلكترونية هائلة تضم مكتبات رقمية كاملة وأرشيفا هائلا للصحف والمجلات (غيتي)
  • هل تأثرت المكتبة بالأزمات الاقتصادية؟

على العكس، أعتقد أن الأزمات تدفعنا أكثر نحو الثقافة، فالتمويل لدينا يزيد، والجمهور يزداد، لأن الثقافة تصبح أكثر أهمية في أوقات الأزمات.

  • الذكاء الاصطناعي بات حديث العالم.. أين المكتبة منه؟

المكتبة مؤسسة رائدة في العصر الرقمي، تمتلك إمكانات إلكترونية هائلة تضم مكتبات رقمية كاملة وأرشيفا هائلا للصحف والمجلات، مخزنة على أجهزة ضخمة، وبراءات اختراع للعديد من الأفكار والمشروعات.

ولدينا واحد من أقوى قطاعات تكنولوجيا المعلومات في الشرق الأوسط، ونعمل على تطوير برمجيات، ونستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الحديثة والأساليب الرياضية الجديدة في مشروعاتنا.

  • أخيرا.. ما القيمة التي تتمنى أن تغرس في الأجيال الجديدة؟

إذا آمن الإنسان بقيمة العدل، فسوف يصل من خلالها إلى كل القيم الأخرى، ومنها “المساواة والأمانة والثقة والعمل والإنجاز”. فالقيم الكبرى تفتح الطريق للقيم الفردية، وهي تزدهر حين يرتقي التعليم والفنون والذائقة الجمالية، لكن طالما هناك “حداثة هجينة”، ستظل القيم مختلطة.

سعاد حسني ترقص وتغنّي في بيروت: وقت مستقطع مع الفرح

سعاد حسني ترقص وتغنّي في بيروت: وقت مستقطع مع الفرح

لنتخيّل أنّنا في صيف عام 1972، نستعدّ للذهاب إلى السينما لمشاهدة فيلم “خلي بالك من زوزو” من بطولة سعاد حسني، وإخراج حسن الإمام.

في القاهرة، شبّان بقمصان ملوّنة وسراويل واسعة، وشابات بفساتين زاهية قصيرة، يقفون في طوابير أمام شبابيك التذاكر. البلاد لم تتعافَ من هزيمة 1967، ولم تختبر بعد صدمة حرب 1973. الدولة في عهد أنور السادات، تدعم الفنون والسينما لتصدير سرديّة عن مجتمع منفتح في مواجهة التيارات الفكرية المتشدّدة.

أما في بيروت، فمقاهٍ تعجّ بالمثقفين والفنانين، وصالات سينما ومسارح في أوج نشاطها، فيما جمر الحرب الأهلية المقبلة يتّقد تحت الرماد. وسط هذا المناخ، حطّت زوزو في الصالات وبقيت لأكثر من عام كامل.

في بيروت 2025، أتفقُ مع صديقتي على مشاهدة الفيلم بمناسبة عرضه على شاشة كبيرة في الهواء الطلق، تحت سماء المدينة، ضمن برنامج “في الصيف يغنين ويرقصن” نظّمته صالة “ميتروبوليس” خلال شهر آب/آب.

البلاد خارجة من حرب مدمّرة مع إسرائيل، وجراح العاصمة لم تلتئم بعد من تفجير المرفأ، ولا من وطأة الانهيار المالي، فيما الجوّ العام مثقل بمآسي الحرب المستمرة في غزة.

تقول هانية مروة، مؤسسة ومديرة “ميتروبوليس”: “أحببنا أن نقدّم هذا البرنامج في الصيف، خلال فترة قاسية وأزمة متواصلة. جمهورنا (في متروبوليس) اعتاد على أفلام جادة وملتزمة بقضايا اجتماعية وسياسية، لكننا جميعاً كنّا بحاجة إلى متنفّس، إلى مساحة لنأخذ نفساً”.

  • سعاد حسني: “السندريلا” في ذكرى وفاتها
  • كتاب جديد “يكشف أسرار ملاحقة المخابرات المصرية” لعبد الحليم حافظ وسعاد حسني
أشخاص يتجمعون في باحة سينما متروبوليس في بيروت أمام شاشة سينما في الهواء الطلق لعرض فيلم خلي بالك من زوزو
خلال العرض

أفلام قديمة بنسخ مُرمّمة: “انتصار الشباب” (1941/ أحمد بدرخان) بطولة أسمهان، “العيش والملح” (1949/ حسين فوزي) بطولة نعيمة عاكف، “عفريت مراتي” (1968/ فطين عبدالوهاب) بطولة شادية، وصولاً إلى “خلي بالك من زوزو” (1972/ حسن الإمام) بطولة سعاد حسني الذي عرض في 26 الشهر الحالي.

من يتابع البرمجة كاملة، يستطيع أن يرسم خطاً زمنياً يوضح كيف تغيّرت صورة البطلة الأولى في السينما الموسيقية: من مطربة إلى راقصة إلى ممثلة أو نجمة استعراضية، وكيف اختلفت وجوهها وأدوارها باختلاف الحقبة والمدرسة الفنية والظرف الاجتماعي والسياسي.

يبقى لفيلم “خلي بالك من زوزو” مكانة خاصة، إذ شاهده كثيرون مراراً على التلفزيون، ويتمتع بتأثير ثقافي وجماهيري لا يخبو رغم مرور أكثر من نصف قرن على إنتاجه. فمن منّا لا يحفظ أغنيات “يا واد يا تقيل” (كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل) و”خلي بالك من زوزو” (كلمات جاهين وألحان سيد مكاوي)؟

تقول المخرجة اللبنانية جوانا حاجي توما، وهي من أعضاء جمعية “ميتروبوليس”: “صحيح أننا نستطيع مشاهدة هذه الأفلام في منازلنا أو على شاشات الكمبيوتر، لكن وجودنا في فضاء عام نتشارك فيه التجربة هو ما يمنح الأمر قيمة إضافية. التجربة مختلفة تماماً حين نجتمع لمشاهدة هذه الأفلام والاستمتاع بها معاً، وهذا في جوهره هو الدور الحقيقي للسينما: مكان يجمع الناس”.

وبالفعل، فإنّ مشاهدة “خلي بالك من زوزو” للمرّة الأولى على شاشة كبيرة، وسط جمهور متنوع الأعمار والخلفيات، تحوّلت إلى تجربة من نوع آخر.

قرّرنا، صديقتي وأنا، أن نعيش الدور بإتقان: ارتدينا فستانين أبيضين يشبهان ما كانت ترتديه أمهاتنا في صور السبعينيات. بدونا كأننا عدنا بالزمن خمسين عاماً إلى الوراء، ولم يكن ينقصنا إلا شبيه لحسين فهمي بجانب كل واحدة منّا!

الممثل حسين فهمي بقميص أحمر والممثلة سعاد حسني بفستان أبيض يقفان على ناصية قارب بحري في نهر النيل
حسين فهمي وسعاد حسني في مشهد من الفيلم

نقص حادّ في الفرح

لم نكن قد تجاوزنا الخامسة عشرة حين رحلت سعاد حسني (1943 – 2001) في نهاية مأساوية غامضة، إثر سقوطها من شرفة منزل في لندن.

نحن جيل الألفية، عرفنا سعاد حسني عبر شاشات الفضائيات، ولم نختبر حضورها في ذروة عطائها على الشاشة الكبيرة، لذلك جاء هذا العرض كموعد مع حنين إلى زمن لم نعشه.

يبدأ الفيلم الذي نحفظ تفاصيله كافة تقريباً، بلقطة فوز زوزو في سباق الجري الجامعي، ثم الاستعراض الأول لسعاد على سلالم الكليّة بفستانها الجلدي الأحمر، مروراً بوصلات الرقص البلدي، وصولاً إلى مشاهد شجارها مع تحية كاريوكا في دور الأم العالمة “نعيمة ألماظية”، ومشاغباتها، ولقاءاتها مع سعيد (حسين فهمي).

مع كل مشهد، كنت أتبادل مع صديقتي نظرات الدهشة ممّا جئنا نعرفه وننتظره مسبقاً: أيعقل أن تكون سعاد بهذا الجمال؟ أي خفّة ظلّ هذه؟ ما هذه الفساتين الرائعة؟ وأي كاريزما وموهبة يصعب تكرارهما؟

منذ مدة طويلة، لم أختبر بهجة الفرجة هذه: سعاد حسني ترقص وتغني وتقفز بفساتينها المبهرة. بقينا مبتسمتين لساعتين تقريباً حتى تعبت عضلات خدودنا.

ولكن، بموازاة تلك البهجة، يترسّخ شعور موازٍ بالنقص. ربما لأننا نفتقد الفرحة البسيطة بمشاهدة عمل فني يلمسنا ويسلينا ويضحكنا، في زمن بات الترفيه بمعظمه استعراضات للثراء والمكانة الاجتماعية على مواقع التواصل.

كانت الكاتبة اللبنانية كلوديا مارشليان من بين الحضور، وتحدّثت في تقديمها لعرض الفيلم، عن ريادته في طرح قضايا اجتماعية بجرأة نفتقدها اليوم. سألتُها عمّا ينقصنا لنصنع سينما شبيهة في وقتنا الراهن، فقالت إننا قد نكون أكثر تقدماً تقنياً، لكن ما نفتقده “هو الفرح. نحن نفتقد الفرح الذي كان يملأ تلك الأفلام، فرح الناس وفرح الحياة نفسها. وما نحتاجه لنخلق فناً مماثلاً هو أن نستعيد هذا الفرح”.

جمهور من المشاهدين ينتظرون عند مدخل صالة سينما متروبوليس لمشاهدة عرض الفيلم
شارك العشرات بعروض في الهواء الطلق استضافتها سينما “متروبوليس” في بيروت طوال شهر آب/آب

رائدة الاستعراض

في تقديمه للعرض، أشار أنطوان خليفة، منظّم البرمجة وعضو جمعية “متروبوليس”، إلى الدور المحوري لسعاد حسني في تمهيد الطريق أمام نجمات الاستعراض لاحقاً مثل نيللي وشيريهان.

شريهان: أنشودة احتفاء بالحياة

في تجربة سعاد حسني تلاقت عناصر عدّة جعلت منها حلقة وصل محورية في تاريخ السينما المصرية: موهبتها التمثيلية الفريدة، حضورها الكاريزمي، ووعيها بزمنها. غير أنّها لم تقف وحدها، بل بنت نجاحها على تراكم تجارب فنانات استعراضيات رائدات مثل نعيمة عاكف وهند رستم وشويكار، وأكملته بتعاونها مع أعمدة المسرح الغنائي والموسيقي كصلاح جاهين وسيد مكاوي، وفتحت الباب لمن جئن بعدها.

عند عرض “خلّي بالك من زوزو”، كانت سعاد في ذروة نجوميتها؛ إذ حقّق الفيلم نجاحاً غير مسبوق بطرحه قضايا شائكة: الصدام بين التيارات الليبرالية والمحافظة في الشارع المصري والصراع الطبقي وصعود النساء على سُلّم التعليم والعمل.

وعلى مستوى الصنعة، كرّس العمل سعاد حسني كفنانة طوّرت من إرث السينما الغنائية الراقصة، بمآذارة فنية متعدّدة الإمكانات والخبرات، اغتنمت كل فرصة لتبني على إرث راسخ وتعيد قولبته على طريقتها الخاصة.

من خلال شخصية زوزو، حطّمت سعاد حسني القوالب النمطية للبطلة السينمائية: تلك الفتاة الرقيقة المسكينة التي تهيم بحبّ بطل وسيم وحزين. ظهرت بدلاً من ذلك كفتاة عصرية، رياضية، تواظب على دراستها، تخرج مع أصدقائها، تواجه واقعها بشجاعة، تساعد والدتها في كسب رزقها، ولا تخجل من أصولها.

وربما نشعر اليوم بالنقص لأن الشاشة نادراً ما تقدّم شخصيات نسائية تشبه “ابنة البلد” أو “واحدة من الناس”. سعاد لم تكتفِ بأن تكون “نجمة ملصق جميلة”، بل تجاوزت تلك الصورة لتخلق حضوراً كثيفاً وغنيّاً، وظلّت قادرة على حفظ تلك المعادلة النادرة: فن جماهيري شعبي يلامس كل الناس، من دون أن يسقط في الابتذال.

تتحدث هانية مروة عن أهمية حفظ التراث السينمائي وترميمه بوصفه جزءاً من الذاكرة الجماعية، لكنها في الوقت نفسه تنظر بعين نقدية إلى الميل النوستالجي لمنح حقبات مضت محاسن قد تكون أكبر مما كانت عليه بالفعل.

برأيها، فإن قيمة أفلام مثل “خلي بالك من زوزو” تكمن في صمودها أمام امتحان الزمن: “السينما الجماهيرية اليوم تحوّلت إلى سينما تجارية هدفها الأول الربح، أما في تلك الفترة فكانت السينما شعبية تصل إلى الجميع، ومع ذلك تحافظ على مستواها الفني وتحقق أرباحاً، وهذا ما نفتقده”.

حين غادرنا العرض كنت أفكّر بأدوار سعاد حسني الأخيرة، من ظهورها التلفزيوني في “هو وهي” (1985) إلى فيلم “الراعي والنساء” (1991)، وكيف تغيّرت شروط الصناعة السينمائية آنذاك بحيث لم تعد “فتاة الشاشة الأولى”، وربما لم تكتب لها أدوار تليق بموهبتها وتاريخها.

مع ابتعادها التدريجي عن الأضواء، خلّفت سعاد حسني لدى الجمهور عطشاً لرائدات من طراز خاص، كنّ قادرات على صناعة الفرح، حتى عبر تجسيد شخصيات تراجيدية من رحم واقعنا المحاصر بالهزائم.

تخيّلتها معنا في صالة “متروبوليس”، جالسة بيننا، تشاركنا الاحتفال بزمن صنعته هي، ولا يزال يُلهمنا حتى اليوم.

أزمة السفارات المصرية… مقاربات مختلفة لـ”دبلوماسية الغضب”

أزمة السفارات المصرية… مقاربات مختلفة لـ”دبلوماسية الغضب”

لم يمر سوى ساعات على توقيف السلطات البريطانية المواطن المصري، أحمد عبد القادر، رئيس ما يسمى بـ”اتحاد شباب المصريين في الخارج”، حتى تحولت الواقعة إلى محور حملة سياسية وإعلامية داخل مصر، تقودها أطراف محسوبة على السلطة، وتقوم على خطاب التصعيد والتهديد بالمثل في مواجهة لندن. وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد ربط أزمة السفارات المصرية بما وصفه بـ”خدمة الاحتلال الإسرائيلي”.

وتصاعدت الأزمة الأسبوع الحالي، مع إعلان الشرطة البريطانية، أول من أمس الأربعاء، القبض على الشاب المصري يوسف حواس على خلفية مشاركته في واقعة حماية مبنى السفارة المصرية في لندن، خلال محاولة اعتداء. وكان قد سبق ذلك القبض على أحمد عبد القادر (ميدو)، رئيس اتحاد شباب مصر بالخارج، ونائبه أحمد ناصر، في الواقعة نفسها، قبل أن يُفرج عنهما لاحقاً. وبعد التحرك السريع لوزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، الذي أجرى اتصالاً عاجلاً مع مستشار الأمن القومي البريطاني، جوناثان باول، مطالباً بالإفراج عن عبد القادر، دخلت أحزاب وقوى سياسية وإعلامية موالية للنظام المصري على خط الأزمة. روّجت تلك الأحزاب والقوى فكرة “المعاملة بالمثل”، وصولاً إلى حد التلويح بإجراءات تمس الوضع القائم للبعثات الأجنبية في القاهرة وإزالة الحواجز الأمنية المحيطة بمقراتها وسط القاهرة. 

أحزاب على خط أزمة السفارات المصرية

في هذا السياق، أعلن حزب الجبهة الوطنية، في بيان أول من أمس الأربعاء، تضامنه مع بيان الخارجية المصرية حول الاتصال عبد العاطي وباول، وذهب أبعد من ذلك بالمطالبة بإزالة الحواجز الخرسانية المحيطة بالسفارة البريطانية في منطقة “غاردن سيتي”، وإلزامها بما تلتزم به باقي السفارات الأجنبية. واعتبر الحزب أن “الوقت قد حان لإعادة النظر في المعاملة الممنوحة للبعثات البريطانية”، في إشارة واضحة إلى مبدأ المعاملة بالمثل.

ساهمت منابر إعلامية محسوبة على الدولة في تضخيم الأزمة

لكن الحزب المرتبط بشكل وثيق برجل الأعمال، إبراهيم العرجاني، لم يكن وحده؛ إذ رددت صحف وبرامج حوارية العبارات نفسها تقريباً، مركزة على أن كرامة المصريين “خط أحمر”، وأن لندن يجب أن تعتذر رسمياً عن الواقعة. وجرى تقديم القضية كصراع كرامة وطنية أكثر من كونها إجراءً قضائياً بحق شخص يواجه اتهامات محددة. وإلى جانب الأحزاب، ساهمت المنابر الإعلامية المحسوبة على الدولة في تضخيم الأزمة، عبر لغة أقرب إلى “المكايدة السياسية” منها إلى الدفاع الدبلوماسي. فالمقالات والتغطيات التلفزيونية ركزت على ضرورة “رد الاعتبار” لمصر، وتبني خطاب “لا نحمي من لا يحمينا”، وهو الشعار الذي أطلقه حزب “الجبهة” وتحول إلى أزمة متكررة في الأوساط الإعلامية.

 

انتقادات للدولة

ووجّه خبراء دبلوماسيون انتقادات لتعامل الدولة مع أزمة السفارات المصرية بالخارج، معتبرين أن اللجوء إلى الاستعانة بمواطنين مؤيدين للتصدي لمتظاهرين، يمثل مساراً غير سليم، في حين أن القواعد الدولية واضحة وهي أن تأمين السفارات هو واجب الدولة المضيفة أولاً. وأشار هؤلاء إلى أن الإجراء الصحيح يبدأ بتوثيق الاعتداءات، ثم استدعاء الشرطة المحلية، وفي حال الإخفاق في الاستجابة يكون الرد عبر الاحتجاج الدبلوماسي والمعاملة بالمثل، وليس عبر خلق “مواجهات شعبية” تفتح الباب لمشكلات قانونية.

معصوم مرزوق: أي إجراءات تتخذها مصر لحماية البعثات الدبلوماسية واجب قانوني وأمني

وفي السياق، قال السفير المصري السابق، معصوم مرزوق، لـ”العربي الجديد”، إن دعوات إزالة الحواجز المحيطة بالسفارة البريطانية في القاهرة لا تعدو كونها “تعبيرات غاضبة لموقف طارئ”، مؤكداً أن أي إجراءات تتخذها مصر لحماية البعثات الدبلوماسية على أراضيها هي في الأصل واجب قانوني وأمني. وفي رأيه “إذا كانت هذه الإجراءات غير ضرورية لتأمين البعثة، فلا مانع من رفعها دون تشنج أو انفعال، لأن القانون الدولي يفرض التزاماً واضحاً على بريطانيا بتوفير الحماية لمقر وأعضاء البعثة المصرية في لندن”. المعيار الأساسي، وفق مرزوق، هو “مدى قدرة الإجراءات الأمنية على توفير الحماية الفعلية، فإذا رأت مصر أن ذلك ممكن حتى بعد إزالة الحواجز، فلا يوجد عائق قانوني أمامها”. لكنه استبعد أن تُقدم القاهرة على هذه الخطوة دون تنسيق كامل مع السلطات البريطانية، مشدداً على أن الأمر، إن حدث، ينبغي أن يتم بالشكل والتوقيت اللذين لا يسببان أي خلل أمني قد يضر بالسفارة أو بسمعة مصر.

أما عن ردود الأفعال في الداخل المصري، فانتقد مرزوق ما وصفه بـ”التسخين الإعلامي” والدعوات لحض المصريين في المهجر على حماية السفارات المصرية بأنفسهم، معتبراً أن “هذا ليس دورهم، ولن يحققوا منه سوى إثارة الشغب بالقرب من البعثات، وربما التعرض للمحاسبة القانونية وفقاً لقوانين الدول المضيفة”. ويتمثل السبيل الأمثل، بحسب مرزوق، في “التنسيق المستمر بين السفارات المصرية ووزارات الخارجية في الدول المضيفة، بحيث تقوم الأجهزة الأمنية المحلية بواجبها في الحماية”. ولفت إلى ضرورة الانتباه إلى أن حصانة مبنى البعثة لا تمتد إلى خارجه، محذراً من التعرض لأي شخص خارج الأسوار أو محاولة جذبه بالقوة إلى داخل المقر، لما قد يترتب على ذلك من مخاطر قانونية جسيمة.

في المقابل، سعت الخارجية المصرية إلى صياغة خطاب مختلف، أكثر تماسكاً. ففي مقال له بعنوان “مصر وغزة: عندما يُستهدف مناصرو الحق” نشره في الأهرام ويكلي، الاثنين الماضي، قدّم عبد العاطي رواية رسمية تؤكد أن استهداف السفارات المصرية هو عمل “يخدم الاحتلال الإسرائيلي”، وذلك عبر تشتيت الضغط الدولي عن جرائمه في غزة وتحويل الغضب نحو مصر. وشدد عبد العاطي على أن حماية البعثات مسؤولية الدول المضيفة بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961)، واصفاً الهجمات على السفارات بأنها “اعتداء على السيادة وضرب للذات الوطنية”. كما أبرز دور مصر في إبقاء معبر رفح (بين مصر وقطاع غزة) مفتوحاً، وإرسال آلاف الشاحنات بما يمثل أكثر من 70% من إجمالي المساعدات الإنسانية إلى القطاع، فضلاً عن استضافتها مؤتمرات دولية لدعم الفلسطينيين. وفي رؤيته، فإن تحويل الغضب الشعبي من إسرائيل إلى مصر يمثل “تزييفاً للوعي” ويصبّ في مصلحة الاحتلال.

وأكد وزير الخارجية المصري أن موقف بلاده من القضية الفلسطينية “واضح وثابت”، يقوم على رفض أي مخطط لتهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم أو المساس بحقوقهم المشروعة. وبنبرة تهديد واضحة حذّر من أن السياسات الإسرائيلية الرامية إلى دفع سكان قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة نحو التهجير، تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ومن شأنها أن تطلق موجات غير مسبوقة من الفرار والهجرة غير النظامية، لا تهدد استقرار المنطقة فحسب، بل تمتد تبعاتها لتطاول أوروبا والعالم بأسره.

تأكيد مصري قطري لضرورة وقف عمليات القتل وإدخال المساعدات إلى غزة فوراً

تأكيد مصري قطري لضرورة وقف عمليات القتل وإدخال المساعدات إلى غزة فوراً

أكدت مصر وقطر، اليوم الخميس، ضرورة الوقف الفوري لعمليات القتل في غزة وأهمية إدخال المساعدات إلى القطاع الفلسطيني المحاصر. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مدينة العلمين الجديدة: “نؤكد مع قطر ضرورة الوقف الفوري لعمليات القتل في غزة وأهمية إدخال المساعدات”، مضيفاً: “بحثنا سبل وقف الإبادة في حق الشعب الأعزل بقطاع غزة”.

وأكد عبد العاطي أنه ناقش مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري المساعي الجادة لإيجاد حلول سياسية بشأن غزة، لافتاً إلى أن جهود الوساطة المصرية القطرية تصطدم بتعنت الجانب الإسرائيلي وعرقلته لمقترح الهدنة، لكنه أكد أن جهود البلدين لن تتوقف رغم هذا التعنت. وشدد على أن مشروع تهجير الفلسطينيين لن يحدث تحت أي ذريعة، مردفاً: “مستمرون في مهمتنا الأولى” والمتمثلة بـ”وقف حمام الدم في قطاع غزة”. 

من جهته، قال رئيس الوزراء القطري، إن الدوحة ستواصل جهودها مع القاهرة للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب في غزة، مطالباً المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف حربها على غزة. وقال أيضاً إن تصرفات إسرائيل في سورية غير مسؤولة وتزيد من اضطراب الأوضاع في المنطقة.

وفي وقت سابق اليوم، استقبل رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني والوفد المرافق له، في مقر الحكومة بمدينة العلمين الجديدة؛ لبحث مجالات التعاون المشترك، والقضايا محل الاهتمام بين البلدين. وحضر اللقاء وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، بدر عبد العاطي، ووزير المالية أحمد كجوك.

وطبقاً لبيان رسمي عن مجلس الوزراء المصري، فقد استهل مدبولي اللقاء، بالترحيب ببن عبد الرحمن والوفد المرافق له، مؤكداً أن هناك نقلة نوعية تشهدها العلاقات الثنائية المصرية القطرية خلال الفترة الأخيرة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية، وهو ما يستوجب ضرورة استكمال العمل على ملفات التعاون المشترك بين البلدين. كما أكد مدبولي أهمية البناء على مُخرجات زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى دولة قطر في إبريل/نيسان الماضي، وما برز خلالها من اهتمام الدولة القطرية بدعم الشراكة الاقتصادية مع مصر.

وفي السياق نفسه، شدد مدبولي على اهتمام الجانب المصري بالتواصل المستمر مع مجتمع الأعمال القطري؛ لتعزيز الثقة لدى قطاع الأعمال القطري بفرص الاستثمار المتاحة، ودعم الحكومة المصرية للاستثمارات القطرية في مصر، وتيسير الإجراءات اللازمة لذلك. من جانبه، أعرب رئيس الوزراء القطري، وفق البيان، عن سعادته بحفاوة الاستقبال، مؤكداً حرص القيادة القطرية على تعزيز وتوسيع أطر التعاون الثنائي في مختلف المجالات، ولا سيّما في ما يتعلق بدعم مشروعات الاستثمار المشترك، بما يُلبّي تطلعات الشعبين الشقيقين.

وقد شهد اللقاء التأكيد المشترك للأهمية البالغة لانعقاد أعمال اللجنة العليا المشتركة المصرية القطرية، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين، وبما يسهم في توفير فرصة غاية في الأهمية أمام مرحلة جديدة من التعاون الأعمق والأشمل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية بين البلدين. وعلى الصعيد السياسي، شهد اللقاء تأكيد الأهمية القصوى التي توليها البُلدان لجهودهما المتواصلة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة؛ من أجل التوصل إلى اتفاق يضمن الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ويتيح إدخال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، مع تأكيد الرفض التام لأية محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم.

وفي 18 آب/آب الحالي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بحضور رئيس المخابرات العامة المصري اللواء حسن رشاد، ورئيس جهاز أمن الدولة القطري خلفان بن علي بن خلفان الكعبي، وبحثا خلال اللقاء “العلاقات الثنائية والجهود لإنهاء الحرب على غزة”.

وقال حينها المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، محمد الشناوي، إنّ رئيس مجلس الوزراء القطري نقل للرئيس المصري “تحيات أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مؤكداً حرص الدوحة على تعزيز أطر التعاون الثنائي، خصوصاً في مجالات الاستثمار والمشروعات المشتركة، بما يلبي تطلعات الشعبَين الشقيقَين”. من جانبه، أعرب السيسي عن “تقديره العميق لأمير قطر”، مشدداً على “الإرادة المشتركة للارتقاء بالعلاقات الثنائية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية الراهنة”.

من جانبها، ذكرت وزارة الخارجية القطرية، في بيان، أن الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نقل في بداية اللقاء تحيّات أمير قطر إلى الرئيس المصري. وأشارت إلى أنه جرى خلال اللقاء استعراض علاقات التعاون بين البلدين، وتطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة وكذلك “الجهود المشتركة الحثيثة التي تقودها دولة قطر مع جمهورية مصر العربية في ملف الوساطة بقطاع غزة، من أجل الوصول إلى اتفاق يضع حداً للحرب، وينهي المعاناة الإنسانية في القطاع، ويضمن حماية المدنيين وتبادل المحتجزين والأسرى، بالإضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.

وشهد اللقاء تأكيداً مصرياً– قطرياً مشتركاً لأهمية تكثيف الجهود للتوصّل، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، إلى اتفاق يضمن وقفاً فورياً لإطلاق النار في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة دون عوائق، إلى جانب الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، كما شدد الجانبان على رفض إعادة الاحتلال العسكري الإسرائيلي للقطاع أو أيّ محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وأكد الرئيس المصري ورئيس مجلس الوزراء القطري أن “إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية، هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام واستقرار دائمَين في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، شدّد السيسي على ضرورة “البدء الفوري بعملية إعادة إعمار قطاع غزة عقب وقف إطلاق النار، والإعداد لعقد مؤتمر القاهرة الدولي لإعادة الإعمار، بالتعاون مع الحكومة الفلسطينية والأمم المتحدة”.

والأحد الفائت، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، أن القاهرة مستمرة في جهودها للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة بالتعاون مع قطر، لافتاً إلى أنّ المفاوضات شهدت “صعوداً وهبوطاً” منذ تقاعس إسرائيل عن تنفيذ اتفاق كانون الثاني/كانون الثاني الماضي، وقال إنّ “الكرة الآن في ملعب إسرائيل” بعد تقديم مقترح مصري قطري يتضمن وقفاً لإطلاق النار لمدة 60 يوماً، وتوسيع دخول المساعدات الإنسانية، وتبادل أسرى ورهائن.