بريطانيا تغلق سفارتها في القاهرة “مؤقتاً” بعد إزالة السلطات المصرية الحواجز الأمنية من أمامها. فما القصة؟

بريطانيا تغلق سفارتها في القاهرة “مؤقتاً” بعد إزالة السلطات المصرية الحواجز الأمنية من أمامها. فما القصة؟

أعلنت المملكة المتحدة إغلاق سفارتها في القاهرة مؤقتاً بعد أن أزالت السلطات المصرية الحواجز الأمنية أمام المبنى.

وأفادت وزارة الخارجية البريطانية بأن المبنى الرئيسي لسفارتها في حي جاردن سيتي بالعاصمة سيبقى مغلقاً “إلى أن يُستكمل تقييم أثر هذه التغييرات”، موضحة في ذات الوقت أن السفارة ستواصل أداء مهامها.

وأفادت أنباء أن القرار جاء عقب تزايد مطالب داخل مصر باتخاذ إجراءات رداً على طريقة تعامل المملكة المتحدة مع احتجاج نُظم في لندن في وقت سابق.

وذكرت صحيفة “ديلي نيوز إيجيبت” أن ناشطاً موالياً للحكومة المصرية أُعتُقل الأسبوع الماضي، وأُفرج عنه لاحقاً بعد تصديه، على ما يبدو، لمحتجّين أمام السفارة المصرية في المملكة المتحدة.

ونقلت التقارير أن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، أجرى اتصالاً هاتفياً الأسبوع الماضي مع مستشار الأمن القومي البريطاني، جوناثان باول، وطلب توضيحاً بشأن واقعة الاعتقال.

كما صرّح عبد العاطي في وقت سابق بأن لمصر “حق الرد بالمثل” تجاه الدول التي “لم تضمن الحماية للسفارات المصرية وفق أحكام اتفاقية فيينا”.

وأثار هذا الاعتقال جدلاً في مصر، إذ حث بعض المسؤولين السياسيين السلطات المصرية على رفع الحواجز أمام سفارة المملكة المتحدة في القاهرة.

وعلمت بي بي سي أن الحكومة البريطانية تواصل الحوار مع المسؤولين المصريين بشأن تأمين السفارة في القاهرة وضمان سلامة موظفيها.

وخصصت وزارة الخارجية البريطانية أرقاماً هاتفية للتواصل مع قسم نصائح السفر إلى مصر على موقعها الإلكتروني لمن قد يحتاج مساعدة قنصلية، ولم توجه الصفحة نصيحة بتجنب السفر إلى القاهرة، لكنها حذرت من السفر إلى بعض المناطق الأخرى في مصر.

وكانت السلطات المصرية قد نصبت حواجز ضخمة في محيط سفارتي المملكة المتحدة والولايات المتحدة بالقاهرة منذ سنوات، وقال بعض المعارضين في مصر إن هذه الحواجز أدت إلى إعاقة حركة المرور في الشوارع المحيطة.

وسبق أن علّقت سفارة المملكة المتحدة في القاهرة نشاطها مؤقتاً في عامي 2013 و2014 لأسباب أمنية مختلفة.

4 مسارات مصرية لإبطال مفعول تنصيب حميدتي نفسه رئيساً

4 مسارات مصرية لإبطال مفعول تنصيب حميدتي نفسه رئيساً

أفادت مصادر مصرية مطلعة لـ”العربي الجديد”، بأنّ القاهرة تتحرّك على مسارات متعدّدة، لدعم الحكومة السودانية الشرعية والجيش السوداني، إفشالاً لإعلان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أول من أمس السبت، نفسَه رئيساً للمجلس الرئاسي التابع لما يسمى “تحالف السودان التأسيسي”.

خطوة “خطيرة” من حميدتي

وتتحرك القاهرة على مسارات دعم أربعة: على المستوى الدبلوماسي، تكثف القاهرة اتصالاتها داخل الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية لتأكيد بطلان خطوات “الدعم السريع”. وعلى المستوى الأمني، تعمل على تعزيز التنسيق الميداني مع الجيش السوداني في إقليمَي كردفان ودارفور لقطع الطريق على أيّ محاولة للتوغل نحو الحدود المشتركة. وعلى المستوى الإقليمي، تستخدم علاقاتها مع السعودية والإمارات للضغط على حميدتي وتحجيم أي دعم سياسي أو مالي له. أمّا على المستوى الإنساني، فهي تواصل إدارة ملف اللاجئين السودانيين القادمين إلى مصر، مع السعي إلى حشد دعم أممي ودولي لتقليل الأعباء الاقتصادية والاجتماعية.

وفق قراءة مصرية، فإنّ أخطر ما تحمله خطوة حميدتي، ترسيخ واقع الانقسام بين حكومتَين متوازيتَين، وهو ما قد يحوّل السودان إلى ساحة صراع مفتوحة شبيهة بالنموذج الليبي. هذا السيناريو تعتبره القاهرة “كابوساً أمنياً”، لأنه يهدّد بخلق فراغ طويل الأمد على حدودها الجنوبية. أما السيناريو الآخر، والمفضل لدى مصر، فهو نجاح الجيش في حسم المعركة عسكرياً واستعادة وحدة الدولة السودانية، وترى المصادر أن تنصيب حميدتي نفسَه رئيساً لمجلس رئاسي موازٍ قد يمنحه زخماً إعلامياً في دارفور، لكنه لا يغيّر حقيقة أن قواته في موقع دفاعي بعد خسائر متتالية. بالنسبة لمصر، يشكل التطوّر إنذاراً جديداً بضرورة مضاعفة الجهد لدعم الجيش السوداني، سياسياً وعسكرياً، مع الانفتاح على تحرك إقليمي ودولي واسع، لتفادي سيناريو تقسيم السودان، وما يحمله من أخطار مباشرة على الأمن المصري.

تعمل مصر على تعزيز التنسيق الميداني مع الجيش السوداني في كردفان ودارفور

وفي السياق، قال السفير حسام عيسى، مساعد وزير الخارجية المصري ومدير إدارة السودان وجنوب السودان السابق، لـ”العربي الجديد”، إن الخطوة التي أقدم عليها دقلو بتنصيب نفسه رئيساً لمجلس رئاسي موازٍ “لن يكون لها تأثير مباشر على مصر، لكنها تمثل مشكلة كبيرة للسودان نفسه، لأنها تكرّس الانقسام وتؤدي إلى وجود سلطتَين وغياب حكومة مركزية”. وانتقد السفير انخراط بعض السياسيين السودانيين في هذه التطورات، مثل فضل الله برمة ناصر، رئيس حزب الأمة، ومريم الصادق المهدي، وقيادات أخرى، رغم أنهم ينتمون إلى أحزاب قومية، معتبراً أن هذه المواقف “تعزّز النزعات الانفصالية والهوياتية التي تمزق السودان بدلاً من توحيده”.

من جهتها، قالت الدكتورة نجلاء مرعي، الخبيرة في الشؤون الأفريقية، لـ”العربي الجديد”، إنّ الخطوة التي أقدم عليها حميدتي كانت متوقعة، في ظل الإعلان السابق عن هذه الحكومة في تموز/تموز الماضي، والذي قوبل برفض من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وأشارت إلى أن المنظمة الأممية سبق أن حذرت من مخاطر مثل هذه الخطوات على وحدة السودان، معتبرة أن “شبح التقسيم يخيّم على البلاد منذ اندلاع الأزمة السودانية”.

نجلاء مرعي: حميدتي يحاول تشتيت المجتمع الدولي بخطوات متتالية

وأضافت مرعي أن هذه الخطوة جاءت وسط تصاعد ميداني لافت في شهر آب/آب الماضي، إذ أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن “فزعه” من الهجمات المتواصلة، لا سيّما في مدينة الفاشر (عاصمة ولاية شمال دارفور) التي تحولت، من وجهة نظرها، إلى “بؤرة قتال دامية” بين الجيش والدعم السريع منذ إبريل/نيسان 2023، وأكدت أن “الحكومة الموازية” لن تلقى صدى على الصعيد الخارجي، حتى لدى بعض الدول الداعمة لأطراف النزاع، لكنها تؤثر سلبياً على جهود إطلاق حوار سياسي شامل بين طرفَي الأزمة، كما أنها تضعف فرص الوصول إلى هدنة إنسانية طالبت بها الأمم المتحدة منذ حزيران/حزيران الماضي ولم تتحقق حتّى الآن.

وأوضحت الخبيرة في الشؤون الأفريقية أن توقيت خطوة حميدتي تزامن مع إلغاء وزارة الخارجية الأميركية اجتماع “الرباعية حول السودان” الذي كان مقرراً في 30 تموز بمشاركة مصر والسعودية، مشيرة إلى أن “حميدتي يحاول تشتيت المجتمع الدولي بخطوات متتالية، تارةً بإعلان حكومة موازية، وتارةً بتنصيب نفسِه رئيساً لها، وذلك بهدف إجهاض أيّ مسار لحوار سياسي جاد”، وأشارت إلى أن محاولاته لتوسيع دائرة الاهتمام الإقليمي بإدخال أطراف مثل قطر والاتحاد الأوروبي تعكس بحثه عن مخرج بعد التراجع الأميركي عن بعض خطوات الانخراط في الأزمة.

“أسوأ من قطار الموت” غضب وانتقادات بعد انقلاب “قطار مطروح” غربي مصر

“أسوأ من قطار الموت” غضب وانتقادات بعد انقلاب “قطار مطروح” غربي مصر

غضب واسع في مصر بعد مصرع ثلاثة مواطنين وإصابة أكثر من 100 في حادث انقلاب قطار في محافظة مرسى مطروح غربي الساحل الشمالي المصري، كان متجهاً نحو العاصمة القاهرة.

وكان المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية قد أوضح في بيان نشره عبر فيسبوك، أن وقوع الضحايا جاء بعد انقلاب عربتين، نتيجة “حادث خروج عدد 7 عربات عن القضبان، وذلك في طريق العودة من مطروح مروراً بالإسكندرية، وصولاً إلى القاهرة في القطار المتجه من مطروح إلى القاهرة بنطاق محافظة مطروح”.

وفي وقت لاحق، تم تأكيد ارتفاع الإصابات إلى 103، جرى نقلهم بسيارات الإسعاف إلى مستشفى الضبعة المركزي، ومستشفى رأس الحكمة.

وأوضح بعض رواد مواقع التواصل أن الحادث وقع قرب مدينة الضبعة في محافظة مطروح، بين قريتي الفردية وزاوية العوامة.

صورة لانقلاب قطار مطروح وتجمع الناس
صور للحادث من مواقع التواصل

“لا أحد يجرؤ على مغادرة مقعده”

وتصدر “قطار مطروح” محركات البحث خلال الساعات الماضية، وتفاعل معه رواد منصات التواصل في مصر، معبرين عن غضبهم واستيائهم من سوء إدارة شبكة سكك الحديد في البلاد.

وطالب عبده هاشم بضرورة أن يتقدم وزير النقل كامل الوزير باستقالته، محملاً إياه المسؤولية.

ونشر هاشم على منصة إكس مقطعاً صوره خلال رحلته بالقطار إلى مرسى مطروح، موضحاً أن القضبان غير متساوية، ما سيؤدي بالضرورة إلى انقلاب أي قطار يحاول سائقه زيادة سرعته.

ورصد محمد صبحي حالاً مشابهاً لتلك التي رصدها هاشم خلال رحلته ما بين الإسكندرية ومطروح، قائلاً إن القطار الذي استقله قبل أربع سنوات كان يسير على قضبان حالتها يُرثى لها، حيث كان يتمايل يمنة ويسرة، دون أن يفكر أحدهم في إجراء صيانة للسكة الحديد.

في حين وصفه محمد حسنين بأنه “أسوأ من قطار الموت” في الملاهي أو مدن الترفيه، موضحاً أنه لا أحد يجرؤ على مغادرة مقعده بمجرد مغادرته الإسكندرية.

وتساءل عن سبب إهمال القضبان التي تدفع عربات القطار إلى أن تتطوح يميناً ويساراً لدرجة أنه لا يمكن تمييز الركاب فيها من شدة الحركة.

وانتقد خالد البشري استثناء وزير النقل من المسؤولية في حوادث النقل، مشيراً إلى ما يُقال عن علاقته “الشخصية” بالرئيس عبد الفتاح السيسي، فيما قال نبيل المصري إن مصر هي البلد الوحيد التي يحظى فيها وزير النقل “بصلاحيات أكبر وعلاوات وترقيات أكثر مع كل حادث”.

حوادث ومنتجعات

أما الدكتور مراد علي، استشاري الاستثمار، فقال إن حادث انقلاب قطار مطروح وقع “على بعد كيلومترات قليلة من مدينة العلمين؛ حيث يستمتع السادة الوزراء بصحبة رئاسة الجمهورية”، في انتقاد للتناقض بين المشهدين.

ووصف مراد، الذي كان الرئيس التنفيذي السابق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لواحدة من الشركات العالمية الكبرى، هذا المشهد المتناقض بأنه “يؤكد عدم الإحساس بآلام الشعب”.

وتساءل في تغريدة على منصة إكس: “هل يُقاس النجاح في إدارة الدولة بعدد المنتجعات الفاخرة والأبراج العالية، أم بمدى احترام كرامة الإنسان، ورعاية أبسط حقوقه في المواصلات الآمنة؟”.

زائر يلتقط صورة سيلفي أمام فندق ريجال هايتس في مشروع مدينة العلمين الجديدة، بمحافظة مطروح، مصر، يوم الخميس 24 آب/آب 2023.
صورة لمدينة العلمين الجديدة في محافظة مطروح

في المقابل، ترى سحر الحسيني أن حوادث القطارات “قليلة” في مطروح بالمقارنة بحوادث الطرق التي تحدث بشكل شبه يومي، أما حوادث القطار فلا تحدث إلا كل نحو “ستة أشهر”؛ بسبب وجود قطار وحيد لهذه الرحلة.

أما حبيبة فكشفت أن من بين الضحايا الثلاثة الذين لقوا مصرعهم في الحادث، أماً لطفلين تبلغ 27 عاماً وتُدعى نرمين.

الوزير: “هذا هو حال الدنيا”

على الرغم من إعراب رواد المواقع عن أن السكة الحديد باتجاه مطروح في حالة سيئة، إلا أن وزير النقل كامل الوزير أكد أن السكة “سليمة مئة في المئة” في موقع الحادث و”بحالة ممتازة” وأن القطار جديد، نافياً وجود أي هبوط أرضي، ومعرباً عن استغرابه من سبب وقوع الحادث.

وألمح الوزير، خلال مداخلة هاتفية مع إحدى الفضائيات، إلى أن السبب قد يكون نتيجة «انفصال (البوجي) المعدني الرابط بين العربات». وأضاف أن «تسجيلات جرار القطار مع تحقيقات الجهات الفنية والنيابة العامة ستُظهر أسباب الحادث، مؤكداً «سنعلن نتائج التحقيق بكل شفافية، وسينال المتسبب في الحادث عقابه».

وقال: “نعزي ضحايا الحادث، وربنا يرحم الوفيات ويمنّ بالشفاء على المصابين”، مضيفاً أنه وجه بضرورة إقالة المسؤولين عن الحادث.

وأشار إلى أن الوزارة حريصة على القيام بواجبها على أكمل وجه، وأن كل “ركاب القطار مستمتعين” بخدمة القطارات بشكل عام، ويبعثون إليه شكرهم كل يوم؛ “لكن هذا هو حال الدنيا”، بحسب تعبيره.

وأكد أنه لا أحد يتمنى وقوع أي حوادث، أو أن يصاب أي مصري بخدوش، مشدداً على أن الوزارة تتخذ كل الإجراءات الفنية لتأمين كل القطارات وشبكة المترو ووسائل النقل الأخرى.

هل يشهد قطاع الصناعة في مصر انفراجة بعد قرارات وزير الصناعة الجديد الفريق كامل الوزير؟

جدير بالذكر أن كامل الوزير كان قد أكد سابقاً أنه لن يستقيل حتى الموت، وذلك خلال لقاء متلفز بعد حادث المنوفية الذي أودى بحياة 19 من الفتيات المراهقات العاملات باليومية.

وكانت شاحنة نقل قد اصطدمت بحافلة صغيرة تقل الفتيات العاملات من أماكن سكنهن في قرية كفر السنابسة، بمحافظة المنوفية، إلى مكان عملهن في دلتا النيل، على بعد 100 كيلومتر شمال العاصمة القاهرة.

وأكد الوزير، الذي يتولى منصبه منذ عام 2019، أنه سيواصل العمل لخدمة الوطن حتى لو لم يكن في الوزارة، مشدداً على أن وزارته لا تهدر المال العام، وتعمل بشفافية تامة على تطوير الطرق.

الكيمياء تؤكد أن مدينة الإسكندرية سبقت قدوم الإسكندر الأكبر إلى مصر

الكيمياء تؤكد أن مدينة الإسكندرية سبقت قدوم الإسكندر الأكبر إلى مصر

أضاف انتشال تمثال من الكوارتز على هيئة أبي الهول، منقوش عليه اسم التتويج للملك رمسيس الثاني، من ميناء أبو قير بالإسكندرية قبل أيام، دليلا تاريخيا جديدا، يدعم ما ذهب إليه علماء فرنسيون في علم “الجيوأركيولوجي” أو علم الآثار الجيولوجي، قبل نحو 19 عاما، من أن وجود مدينة الإسكندرية سبق قدوم الإسكندر الأكبر إلى مصر.

ويستخدم “الجيوأركيولوجي” تقنيات وطرق علوم الأرض (مثل دراسة التربة والرسوبيات والمناخ القديم) لفهم مواقع وآثار الإنسان وعلاقته بالبيئة الطبيعية عبر التاريخ، ووظف الباحثون آلان فيرون وزملاؤه كريستوف مورانج ونيك مارينير من جامعة إيكس-آذاريليا (فرنسا)، إحدى هذه الأدوات وهي الرسوبيات، لإثبات وجود نشاط بشري في مدينة الإسكندرية يسبق قدوم الإسكندر الأكبر، وأعلنوا عن نتائجهم في عام 2006 بدورية “جيوفيزيكال ريسيرش ليترز”.

والحديث عن أن الإسكندر الأكبر لم يؤسس مدينة الاسكندرية من العدم ليس حديثا، فسبق أن تناولت كتابات لمؤرخين مثل بلوتارخ وأريانوس هذه الحقيقة، وذكروا أن الإسكندر الأكبر عندما وصل إلى ساحل مصر في شتاء عام 331 ق.م، اختار الموقع القريب من قرية قديمة اسمها “راكوطيس”، وقرر أن يؤسس فيه مدينة الإسكندرية، لكن لم يكن هناك دليل مادي يدعم هذا الكلام.

اسم التتويج للملك رمسيس الثاني، منقوش على التمثال الذي تم انتشاله من ميناء أبو قير بالإسكندرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
اسم التتويج للملك رمسيس الثاني، منقوش على التمثال الذي تم انتشاله من ميناء أبو قير بالإسكندرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

الرصاص.. بصمة النشاط البشري

وقدم آلان فيرون ورفاقه هذه الدليل من رواسب قاع خليج الإسكندرية باستخدام التحليل الجيوكيميائي، وكانت فكرتهم أن أي نشاط بشري (مثل الصناعة أو صهر المعادن) يخلف تلوثا بالرصاص، ومن ثم فإن العثور على مستويات عالية من الرصاص في طبقات رسوبية معينة، يعني أن هناك أنشطة بشرية كبيرة تثبت أن الإسكندر لم يؤسس المدينة من العدم، وهو ما حدث بالفعل.

إعلان

وأظهرت نتائج هذه الدراسة، أن الرسوبيات التي تشير إلى عصر الدولة القديمة (حوالي 2500 – 2300 ق.م) ارتفعت فيها نسب الرصاص إلى مستويات ملحوظة، حيث وصل عامل الإثراء الى حوالى 5.3، بتركيز تجاوز 6 أجزاء في المليون، مقابل أن التركيز الطبيعي هو 2 الى 3 في المليون، وهو ما يعكس بداية نشاط بشري وصناعي مبكر في المنطقة.

وعامل الإثراء، هو مقياس يستخدمه العلماء لمعرفة ما إذا كان تركيز عنصر معين (مثل الرصاص أو النحاس أو الزنك) في التربة أو الرسوبيات يرجع إلى مصادر طبيعية أم بسبب نشاط بشري (تلوث صناعي أو معدني)، ويتم حسابه بمقارنة تركيز العنصر (مثلا الرصاص) في العينة مع تركيزه الطبيعي، فإذا كان العنصر في العينة أعلى بكثير من المستوى الطبيعي، فهذا يعني أن النشاط البشري لعب دورا في زيادته.

وارتفعت مؤشرات هذا العنصر في فترة الرعامسة من الدولة المصرية الحديثة (ما بين 1000–800 ق.م تقريبا)، حيث وصلت نسب عامل إثراء الرصاص إلى ما بين 6 و7، بتركيز يقارب 20 جزءا في المليون، وهو ما يتوافق تماما مع ازدهار عهد رمسيس الثاني وخلفائه وما ارتبط به من نشاط بحري وصناعي في منطقة الإسكندرية.

أما بعد عام 331 ق.م، وهو التاريخ الذي ارتبط باسم الإسكندر الأكبر كمؤسس لمدينة الإسكندرية، فقد قفزت نسب الرصاص بشكل هائل، إذ ارتفع التركيز من 2 – 6 أجزاء في المليون قبل التأسيس إلى أكثر من 200 جزء في المليون بعده مباشرة، قبل أن يصل في العصر الروماني (100–300 ميلادية) إلى مستويات قياسية قاربت 600 جزء في المليون، وهي من أعلى القيم التي وُثقت في موانئ العالم القديم.

وجود مدينة الإسكندرية سبق قدوم الإسكندر الأكبر إلى مصر (الجزيرة)

مدينة ضاربة في القدم

ويقول جمال العشيبي ، باحث ما بعد الدكتوراه في مجال الأركيولوجي بجامعة إكس-مرسيليا بفرنسا للجزيرة نت: ” ربما لم تكن الإسكندرية قبل الإسكندر الأكبر بالمدينة العظيمة التي نعرفها اليوم، لكنها كانت على الأرجح قرية أو مركزا ساحليا صغيرا له جذور فرعونية ضاربة في القدم، ويبدو أن دور الإسكندر الأكبر كان إعادة تخطيط هذا الموقع وتوسيعه وتنظيمه عمرانيا، قبل أن يُطلق عليه اسمه فيما بعد، لتصبح الإسكندرية إحدى أكبر مدن البحر المتوسط”.

ويرى أن الاكتشاف الأخير هو تأكيد لما جاء في دراسة آلان فيرون، ويقول للجزيرة نت “الاكتشاف المنسوب إلى رمسيس الثاني، ليس معزولا، بل ينسجم تماما مع الأدلة الجيوأركيولوجية والجيوكيميائية التي تؤكد أن الإسكندرية نشأت فوق إرث مصري سابق”.

واعتبر المؤرخ وكاتب علم المصريات بسام الشماع الاكتشاف الأخير لوزارة الآثار في ميناء أبو قير دليلا ماديا آخر يضاف إلى الدليل الجيوكيميائي، وقال في تصريحات للجزيرة نت، إن ” فترة رمسيس الثاني، اشتهرت بأنها فترة نشاط صناعي وبشري، لذلك فإن العثور على تمثال من الكوارتز منقوش عليه اسم التتويج للملك رمسيس الثاني في ميناء أبو قير، يدعم ما ذهبت إليه دراسة آلان فيرون ورفاقه، من أن الاسكندر لم يوجد مدينة الإسكندرية من العدم”.

تعزيز الفرضية.. دراسات إضافية

وكان الباحث آلان فيرون، هو الأكثر سعادة بالاكتشاف الأخير، وقال للجزيرة نت إنه “يرتبط ارتباطا واضحا بأبحاثه السابقة”، مشيرا إلى أن ما توصل إليه من بيانات كيميائية وبيئية يتماشى مع فكرة وجود استيطان بشري في المنطقة منذ القرن الثالث عشر قبل الميلاد.

إعلان

وأوضح فيرون أن تعزيز هذه الفرضية يتطلب الحصول على عينات رسوبية جديدة بدقة زمنية أعلى، بحيث يمكن دمجها مع البيانات الكيميائية والبيئية المستقلة. وأشار إلى أن بحيرة مريوط تمثل موقعا واعدا لمثل هذه التحقيقات، نظرا لقدرتها على حفظ ترسيبات أوضح وأكثر تفصيلا.

وبشأن إمكانية مقارنة الطبقات الرسوبية التي خضعت للتحليل الكيميائي مع الطبقات في موقع الاكتشاف الحديث، أكد فيرون أن ذلك ممكن شريطة أن تكون منطقة إيداع رسوبي أكثر سمكا، مما يمنح العلماء فرصة أوضح لقراءة التاريخ البيئي والبشري للمنطقة.

وفيما يتعلق بالخطوات المستقبلية، أعرب فيرون عن حماسه لإجراء أبحاث جديدة على عينات رسوبية قريبة من الإسكندرية، مشيرا إلى أن فريقه نشر مؤخرا 4 دراسات حول هضبة الجيزة، أظهرت كيف يمكن للمتغيرات البيئية أن تكشف توقيت بناء الأهرامات وفترات حكم بعض الملوك المصريين، فضلا عن دور فروع نهر النيل القديمة، مثل فرع الأهرامات، في عملية البناء. ويرى أن تطبيق منهج مشابه على مناطق أخرى سيمنح العلماء فرصة استثنائية لفهم العلاقة بين البيئة والأنشطة البشرية في مصر القديمة بشكل أعمق.

استمرار الاتصالات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة

استمرار الاتصالات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة

قال مصدر مصري مطلع على جهود الوساطة التي تشارك بها القاهرة بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، اليوم الأحد، إن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة على تواصل دائم مع الجانب الإسرائيلي، مؤكداً على أن القاهرة لا تزال تعول على عدم صدور رد رسمي من حكومة الاحتلال، معتبرة أن ذلك ربما يحمل مخرجاً طالما أنه لم يتم الرد بالرفض.

وأضاف المصدر،  الذي طلب عدم ذكر نفسه، إن المشاورات المصرية الأميركية، التي جرت خلال الساعات الماضية، بشأن الوضع في قطاع غزة وسبل إنهاء الحرب تطرقت إلى مصير حركة حماس وإقناع نتنياهو بضرورة الوصول إلى محطة النهاية سريعاً، لافتاً إلى أن هناك مطالب أميركية من الوسيطين المصري والقطري بشأن ضغوط على حماس للوصول إلى صيغة تخص مستقبلها وتحديد مصير جناحها العسكري؛ وذلك ضمن مشاورات تستهدف فتح مسارات لإقناع رئيس حكومة الاحتلال بالسير نحوها.

من جانبه، قال قيادي في وفد التفاوض في حركة حماس إن الحركة لا تزال تتواصل مع الوسطاء في مصر وقطر في انتظار الرد الإسرائيلي على المقترح الأخير الذي وافقت عليه الحركة من دون شروط. وشدد القيادي على أن هناك تنسيقاً كاملاً مع الوسطاء في القاهرة والدوحة بشأن جهود إنهاء الحرب والتوصل إلى هدنة قائلاً إن “المقاومة في الوقت الراهن تعمل على محورين، أحدهما يتعلق باستمرار الصمود الميداني والثاني يستهدف التوصل إلى اتفاق، سواء جاء دائماً أو هدنة من أجل تخفيف الضغط عن الناس في القطاع”.

وعلق القيادي في الحركة على أنباء استهداف الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة بأن “المعني بالحديث عن هذه الملفات هو قيادة القسام”، متابعاً: “حتى وإن كان الخبر صحيحاً، فإن المقاومة لا تتوقف على أحد”، مضيفاً: “خلال عامين، استشهد كبار القادة في المستويين السياسي والعسكري وعلى رأسهم يحيى السنوار وإسماعيل هنية ومحمد الضيف، واستمرت المقاومة وزادت شراستها”.

وأكد المصدر أن عمل الجناح العسكري في القطاع في الوقت الراهن أخذ شكلاً غير مركزي، ما جعله أكثر مرونة وزاد من صعوبة كسره”، ثم أضاف: “في كل مرة يخرج الجيش الإسرائيلي ويؤكد أنه قضى على المقاومة في منطقة، ولا يمر أكثر من ساعات أو أيام قليلة حتى يتلقى ضربة قوية في المناطق التي يتحدث عنها”.