تسريبات اجتماع سري.. الكابينت يلتئم الأحد لتحديد مصير غزة والضفة

تسريبات اجتماع سري.. الكابينت يلتئم الأحد لتحديد مصير غزة والضفة

قالت هيئة البث الإسرائيلية اليوم الجمعة، إن إعلان الجيش إلغاء الهدن التكتيكية في مدينة غزة واعتبارها منطقة قتال خطرة جزء من الاستعدادات لاحتلالها.

وكان جيش الاحتلال قد أشار إلى أن حالة الهدنة التكتيكية المؤقتة لعملياته لا تشمل مدينة غزة، لافتًا إلى أن المدينة ستعتبر منطقة قتال خطرة.

وقد ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، أن إعلان الجيش إخراج مدينة غزة من الهدن اليومية واعتبارها منطقة قتال خطرة خطوة تمهيدية للعملية العسكرية.

ويعقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت) يوم الأحد المقبل اجتماعًا لمناقشة تفاصيل احتلال مدينة غزة، وما يعرف بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة.

وقد أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن اجتماعًا وزاريًا مصغرًا برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، انعقد الأسبوع الماضي لمناقشة الموضوع دون أن يسفر عن نتائج أو قرارات حاسمة.

خطط عملياتية لاحتلال مدينة غزة

وقالت مراسلة التلفزيون العربي في القدس المحتلة كريستين ريناوي: إن العنوان العريض لاجتماع الكابينت الأمني والسياسي الأحد المقبل هو التصديق رسميًا على خطط عملياتية بشأن احتلال مدينة غزة، بالإضافة إلى “فرض السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية المحتلة.

وأشارت مراسلتنا إلى أن الاجتماع يأتي في وقت حساس قبل أيام معدودة من موعد بدء استدعاء جنود الاحتياط في 2 أيلول/ أيلول المقبل، حيث يبلغ عددهم 60 ألف جندي.

وأوضحت أن اجتماع أمس الخميس كان يفترض أن يصدق على هذه الخطط، ولكنه كان محدودًا واستمر لساعتين فقط، نظرًا لمقاطعة بعض الوزراء له، مضيفةً أن الموضوعات الكبرى رُحلت إلى اجتماع الأحد.

ولفتت مراسلتنا إلى أن البيانات الدعائية التي تصدر عن جيش الاحتلال تفيد بأنه يعمل على أطراف مدينة غزة، في وقت بدأ سكان المدينة عمليات نزوح منها وسط حالة من الترقب.

ووفقًا للتسريبات، فقد ضم اجتماع الخميس إلى جانب نتنياهو، وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر ووزيري الخارجية جدعون ساعر والمالية بتسلئيل سموتريتش ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، وسكرتير الحكومة يوسي فوكس.

خيارات “فرض السيادة” الإسرائيلية على الضفة الغربية

وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، ناقش الحضور خيارات “فرض السيادة” فقط على الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، أو على جميع المستوطنات، أو على كامل المناطق المصنفة (ج)، أو ربما فقط على المناطق المفتوحة وغور الأردن.

كما سعى الاجتماع الذي جرى وسط تكتم شديد للإجابة عن سؤال يتعلق بإمكانية “فرض السيادة” في حال تنفيذ دول عدة تهديداتها الاعتراف بدولة فلسطينية خلال الاجتماعات المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة، أو المضي قدمًا في ذلك بشكل فوري كإجراء وقائي.

وعبّر وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر خلال الاجتماع عن تأييده لفرض السيادة الإسرائيلية، وقال: “ستكون هناك سيادة والسؤال هو: على أي جزء منها؟”، بحسب “يديعوت احرونوت”.

مقابل ذلك، قال وزير الخارجية جدعون ساعر: “من المتوقع أن تواجه هذه الخطوة معارضة في أوروبا، ما قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في العلاقات بين إسرائيل والدول الأوروبية، تصريحاتي هذه جاءت من منطلق مهني، وليست مرتبطة بموقفي المبدئي من قضية السيادة”.

مقابل ذلك كله، تؤكد مصادر سياسية وإعلامية إسرائيلية أن نتنياهو ما زال متحفظًا على إعلان موقفه بوضوح من “فرض السيادة”، راهنًا ذلك بملفات عدة، أبرزها حجم الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية والتفاعلات المتعلقة بمصير حكومته.

يمهد لاقتحامها.. الاحتلال الإسرائيلي يعلن مدينة غزة “منطقة قتال خطرة”

يمهد لاقتحامها.. الاحتلال الإسرائيلي يعلن مدينة غزة “منطقة قتال خطرة”

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة، بدء العمليات التمهيدية للهجوم على مدينة غزة، وأنه يعمل بقوة في مشارف المدينة.

كما أعلن أن مدينة غزة التي يقطنها نحو مليون فلسطيني “منطقة قتال خطيرة”، في إطار خطته لاحتلال المدينة واستكمالًا للإبادة الجماعية التي يرتكبها منذ نحو 23 شهرًا.

وقال متحدث جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي عبر منصة إكس: “بناءً على تقييم الوضع وتوجيهات المستوى السياسي، تقرر ابتداء من اليوم الجمعة في تمام الساعة (7:00 بتوقيت غرينتش) أن حالة الهدنة التكتيكية المحلية والمؤقتة للأنشطة العسكرية لا تشمل منطقة مدينة غزة، التي ستعتبر منطقة قتال خطيرة”.

ظروف مأساوية للنازحين

ومن بلدة الزوايدة، رصد مراسل التلفزيون العربي في قطاع غزة عبد الله مقداد أوضاع أعداد كبيرة من الفلسطينيين الذين أجبرتهم إسرائيل على النزوح قسرًا.

وفي حديثه إلى التلفزيون العربي، قال أبو مالك وهو أحد النازحين من مدينة غزة إلى بلدة الزوايدة إنه أجبر على النزوح بسبب القصف الإسرائيلي المستمر والأوضاع السيئة التي تشهدها المدينة.

وأضاف أبو مالك الذي نزح منذ نحو أسبوع أنه وعائلته يواجهون في منطقة نزوحهم صعوبات كثيرة بسبب قلة المياه والأوضاع المعيشية الصعبة التي يفرضها الاحتلال، لافتًا إلى أنه لم يتمكن من ترتيب مكان يؤويه وأسرته بسبب انعدام الأدوات اللازمة لذلك.

وناشد الرجل الفلسطيني الذي نزح في السابق من حي الشيخ رضوان إلى حي التفاح الوقوف إلى جانب النازحين ومساعدتهم لترتيب أوضاعهم المعيشية في مناطق نزوحهم.

ويقوم الاحتلال بعمليات قصف وتدمير وتوغلات في أحياء الشجاعية والزيتون والصبرة شرق مدينة غزة وجنوبها، وكذلك في مخيم جباليا شمالًا، ما أدى إلى تهجير آلاف الفلسطينيين.

وفي 27 تموز/ تموز الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء ما أسماه “تعليقًا تكتيكيًا محليًا للأنشطة العسكرية” في مناطق محددة بقطاع غزة، بينها مدينة غزة، للسماح بمرور المساعدات الإنسانية. لكنه، رغم ذلك، واصل قصف الخيام والمنازل وقتل الفلسطينيين.

تسريبات اجتماع سري.. اجتماع للكابينت الأحد يحدد مصير غزة والضفة

تسريبات اجتماع سري.. اجتماع للكابينت الأحد يحدد مصير غزة والضفة

قالت هيئة البث الإسرائيلية اليوم الجمعة، إن إعلان الجيش إلغاء الهدن التكتيكية في مدينة غزة واعتبارها منطقة قتال خطرة جزء من الاستعدادات لاحتلالها.

وكان جيش الاحتلال قد أشار إلى أن حالة الهدنة التكتيكية المؤقتة لعملياته لا تشمل مدينة غزة، لافتًا إلى أن المدينة ستعتبر منطقة قتال خطرة.

وقد ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، أن إعلان الجيش إخراج مدينة غزة من الهدن اليومية واعتبارها منطقة قتال خطرة خطوة تمهيدية للعملية العسكرية.

ويعقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت) يوم الأحد المقبل اجتماعًا لمناقشة تفاصيل احتلال مدينة غزة، وما يعرف بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة.

وقد أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن اجتماعًا وزاريًا مصغرًا برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، انعقد الأسبوع الماضي لمناقشة الموضوع دون أن يسفر عن نتائج أو قرارات حاسمة.

خطط عملياتية لاحتلال مدينة غزة

وقالت مراسلة التلفزيون العربي في القدس المحتلة كريستين ريناوي: إن العنوان العريض لاجتماع الكابينت الأمني والسياسي الأحد المقبل هو التصديق رسميًا على خطط عملياتية بشأن احتلال مدينة غزة، بالإضافة إلى “فرض السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية المحتلة.

وأشارت مراسلتنا إلى أن الاجتماع يأتي في وقت حساس قبل أيام معدودة من موعد بدء استدعاء جنود الاحتياط في 2 أيلول/ أيلول المقبل، حيث يبلغ عددهم 60 ألف جندي.

وأوضحت أن اجتماع أمس الخميس كان يفترض أن يصدق على هذه الخطط، ولكنه كان محدودًا واستمر لساعتين فقط، نظرًا لمقاطعة بعض الوزراء له، مضيفةً أن الموضوعات الكبرى رُحلت إلى اجتماع الأحد.

ولفتت مراسلتنا إلى أن البيانات الدعائية التي تصدر عن جيش الاحتلال تفيد بأنه يعمل على أطراف مدينة غزة، في وقت بدأ سكان المدينة عمليات نزوح منها وسط حالة من الترقب.

ووفقًا للتسريبات، فقد ضم اجتماع الخميس إلى جانب نتنياهو، وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر ووزيري الخارجية جدعون ساعر والمالية بتسلئيل سموتريتش ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، وسكرتير الحكومة يوسي فوكس.

خيارات “فرض السيادة” الإسرائيلية على الضفة الغربية

وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، ناقش الحضور خيارات “فرض السيادة” فقط على الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، أو على جميع المستوطنات، أو على كامل المناطق المصنفة (ج)، أو ربما فقط على المناطق المفتوحة وغور الأردن.

كما سعى الاجتماع الذي جرى وسط تكتم شديد للإجابة عن سؤال يتعلق بإمكانية “فرض السيادة” في حال تنفيذ دول عدة تهديداتها الاعتراف بدولة فلسطينية خلال الاجتماعات المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة، أو المضي قدمًا في ذلك بشكل فوري كإجراء وقائي.

وعبّر وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر خلال الاجتماع عن تأييده لفرض السيادة الإسرائيلية، وقال: “ستكون هناك سيادة والسؤال هو: على أي جزء منها؟”، بحسب “يديعوت احرونوت”.

مقابل ذلك، قال وزير الخارجية جدعون ساعر: “من المتوقع أن تواجه هذه الخطوة معارضة في أوروبا، ما قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في العلاقات بين إسرائيل والدول الأوروبية، تصريحاتي هذه جاءت من منطلق مهني، وليست مرتبطة بموقفي المبدئي من قضية السيادة”.

مقابل ذلك كله، تؤكد مصادر سياسية وإعلامية إسرائيلية أن نتنياهو ما زال متحفظًا على إعلان موقفه بوضوح من “فرض السيادة”، راهنًا ذلك بملفات عدة، أبرزها حجم الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية والتفاعلات المتعلقة بمصير حكومته.

ماذا نعرف عن غزة على مر العصور؟ ولماذا وصفت بـ”بنت الأجيال”؟

ماذا نعرف عن غزة على مر العصور؟ ولماذا وصفت بـ”بنت الأجيال”؟

“من أقدم المدن التي عرفها التاريخ. إنها ليست بنت قرن من القرون، أو وليدة عصر من العصور، وإنما هي بنت الأجيال المنصرمة كلها، ورفيقة العصور الفائتة كلها، من اليوم الذي سطر التاريخ فيه صحائفه الأولى إلى يومنا هذا”.

بهذه الكلمات، تحدث المؤرخ الفلسطيني المقدسيّ عارف العارف، عن مدينة غزة، في كتاب صدر عام 1943، جمع فيه خلاصة ما ورد عن هذه المدينة الساحلية في المؤلفات العربية والإنجليزية والفرنسية والتركية.

وفي كتاب أقدم صدر عام 1907 للحاخام الأمريكي مارتن ماير عن غزة، وصفها المستشرق الأمريكي ريتشارد غوتهيل في مقدمته قائلاً بأنها “مدينة مثيرة للمهتم بدراسة التاريخ”.

وأوضح غوتهيل أهميتها الاستراتيجية قائلاً إنها “نقطة التقاء للقوافل التي كانت تنقل بضائع جنوب الجزيرة العربية والشرق الأقصى إلى البحر الأبيض المتوسط، ومركز توزيع هذه البضائع إلى سوريا وآسيا الصغرى وأوروبا، وهي كذلك همزة الوصل بين فلسطين ومصر”.

ثلاث مدن بهذا الاسم

صورة للبلدة القديمة في غزة، التقطها فرانسيس فريث عام 1858
صورة للبلدة القديمة في غزة، التقطها فرانسيس فريث عام 1858

من المثير للاهتمام، أن موسوعة “معجم البلدان” للأديب والرحالة ياقوت الحمويّ، ذكرت ثلاث بلدات عُرفت بهذا الاسم في المنطقة، الأولى “جزيرة العرب” التي تحدث عنها “الأخطل” في شعره.

والثانية بلد بـ “إفريقيّة” وهو الاسم القديم لتونس، يقول الحموي إن بينها وبين القيروان مسيرة ثلاثة أيام، تنزلها القوافل المتجهة إلى الجزائر.

أما غزة الأشهر عبر التاريخ فيصف الحموي موقعها بأنها “مدينة في أقصى الشام من ناحية مصر، وهي من نواحي فلسطين غربي عسقلان”.

أسماء غزة عبر التاريخ

خريطة قديمة ملحقة بكتاب "تاريخ غزة" الذي صدر عام 1943
خريطة قديمة ملحقة بكتاب “تاريخ غزة” الذي صدر عام 1943م

منذ قديم الزمن والعرب يطلقون عليها “غزة”، وفي العصر الإسلامي أطلِق عليها “غزة هاشم” في إشارة إلى جد نبي الإسلام “هاشم بن عبد مناف” الذي توفي فيها، وهي التي ولد فيها “الإمام الشافعي” مؤسس المذهب الإسلامي الشهير، الذي قال عنها:

وإني لمشتاق إلى أرض غزة * وإن خانني بعد التفرقِ كتماني

أما في اللغة العبرية فيطلق عليها “عزة” بالعين أو بالهمزة بدلاً من الغين.

ويقول العارف في كتابه “تاريخ غزة” إن الكنعانيين كانوا يطلقون عليها “هزاتي”، أما المصريون القدماء فكانوا يسمونها “غازاتو” أو “غاداتو”.

وقد جاء في المعجم اليوناني أنها سميت عبر العصور بأسماء مختلفة، منها “إيوني” و”مينووا” و “قسطنديا”، كما أطلق عليها الصليبيون “غادريس”

إحدى البوابتين المتبقيتين لمدينة غزة القديمة التاريخية
بوابة أثرية بمدينة غزة القديمة التاريخية

معنى غزة

لوحة للفنان فيكتور جورين تجسد مدينة غزة في فلسطين القديمة عام 1875م
لوحة للفنان فيكتور جورين تجسد مدينة غزة في فلسطين عام 1875م

يقول يوسابيوس القيصري الذي أطلق عليه “أبو التاريخ الكنسي”، وقد عاش في القرن الرابع بعد الميلاد، إن “غزة” تعني العِزة والمَنَعة والقوة. وانضم إليه في ذلك، بحسب “العارف”، السير وليام سميث في قاموس العهد القديم الذي صدر عام 1863.

وأرجع الفريق السبب في ذلك إلى الحروب الكثيرة التي دارت رحاها في المدينة وحولها، والتي صمدت غزة خلالها، وهو المعنى الذي يميل إليه المؤرخ الفلسطيني.

أما صفرونيوس صاحب قاموس العهد الجديد الذي صدر عام 1910، فيقول إن “غازا” كلمة فارسية تعني الكنز الملكي، وهو معنى لا يبتعد كثيراً عمن يقول إن “غزة” كلمة يونانية تعني الثروة أو الخزينة.

ويُقال إن ملكاً من ملوك الفرس دفن ثروته فيها وغاب عنها، ثم رجع إليها فوجدها على حالتها. وقيل إن تلك الرواية تكررت في عهد الرومان.

وفي المعاجم العربية، يقال “غزَّ فلان بفلان” أي اختصه من بين أصحابه، وهو المعنى الذي أورده الحموي في معجمه وهو يتحدث عن مدينة غزة، ويشرح “العارف” المعنى قائلاً إن ذلك يعني أن الذين بنوا غزة، اختصوها من بين المواقع الأخرى على البحر المتوسط.

كما ذكر ياقوت الحموي أن “غزة” كان اسم زوجة “صور” الذي بنى مدينة صور الفينيقية التي تقع في لبنان حالياً.

من بنى غزة؟

الكنيسة الأثرية في بلدة غزة القديمة
الكنيسة الأثرية في بلدة غزة القديمة

ويقول عالم الآثار الإنجليزي السير فلندرس بتري إن غزة القديمة أنشئت قبل الميلاد بثلاثة آلاف عام، فوق التل المعروف بـ “تل العجول”، وإن سكانها تركوها بسبب الملاريا التي اجتاحتها في ذلك الوقت.

وعلى بعد ثلاثة أميال، حط سكانها رحالهم و أنشأوا غزة الجديدة الموجودة في موقعها الحالي. ويقال إن ذلك حدث في عهد الهكسوس الذين سيطروا على هذه المنطقة قبل ألفي عام من ميلاد المسيح.

وهناك من ينفي هذه الرواية ويقول إن غزة ما زالت حتى اليوم في موقعها القديم، وإن “تل العجول” كانت ميناء غزة التجاري. وهناك من قال إن غزة القديمة خربت على يد الإسكندر الأكبر، وإن غزة الحديثة ليست ببعيدة عنها كما قال السير بتري.

ويقول “العارف” في كتابه إن “المعينيين” الذين يقال إنهم أقدم شعب عربي حمل لواء الحضارة في الألفية الأولى قبل الميلاد، هم أقدم من ارتاد مدينة “غزة”، وأسسوها كمركز يحملون إليه بضائعهم.

وتنبع أهمية “غزة” لدى العرب من كونها تربط بين مصر والهند، فكانت الطريق التجاري الأفضل لهم مقارنة بالملاحة في البحر الأحمر، ومن هنا تأسست مدينة غزة واكتسبت شهرتها التاريخية.

وكانت التجارة تبدأ من جنوب بلاد العرب في اليمن، التي يجتمع فيها تجارة البلاد وتجارة الهند، ثم تسير شمالاً إلى مكة ويثرب “المدينة المنورة حالياً” والبتراء، قبل أن تتفرع إلى فرعين؛ أحدهما في غزة على البحر المتوسط، وثانيهما في طريق الصحراء إلى تيماء ودمشق وتدمر.

ومن هنا استنتج مؤرخون أن مملكة معين وسبأ أولى الممالك العربية التي أسست مدينة غزة. كما كان “العويون” و “العناقيون” الذين يقال إنهم الفلسطينيون القدماء، وجاء ذكرهم في أسفار العهد القديم، هم أول من استوطن غزة، بحسب “العارف”.

كما استوطنها “الديانيون” أحفاد النبي إبراهيم، و”الآدوميون” وهي قبائل بدوية كانت تقطن جنوب الأردن، و”العموريون” و”الكنعانيون” الذين اختُلف في أصلهم.

الكنعانيون

لوحة تعود لعام 1886م تجسد معركة غزة خلال حرب ملوك طوائف الإسكندر الأكبر عام 312 قبل الميلاد
لوحة تعود لعام 1886م تجسد معركة غزة خلال حرب ملوك طوائف الإسكندر الأكبر عام 312 قبل الميلاد

يذكر كتاب “تاريخ غزة” أن سفر التكوين ذكر المدينة باعتبارها من أقدم مدن العالم، سكنها الكنعاني من نسل حام بن نوح، وفي رواية أخرى أنها كانت قائمة عندما احتلها الكنعانيون وأخذوها من العموريين.

وقد ذكر المؤرخ ابن خلدون عن ابن جرير أن الكنعانيين من العرب البائدة، وأنهم يرجعون بأنسابهم إلى العمالقة.

ويرى البعض أن الكنعانيين أتوا من “خليج العجم” المعروف حالياً بالخليج العربي، والبعض قال إنهم جاءوا من البحر الأحمر، ويقدر المؤرخون أنهم عاشوا في هذه المنطقة قبل 5 آلاف عام.

ويعتقد السير بتري أن قسماً كبيراً من سور المدينة الذي عُثر على بقاياه أنشئ في عهد الكنعانيين، وأن المنقبين لم يعثروا على حجارة ضخمة بهذا الحجم بعد الكنعانيين.

كما عُثر في الطرف الجنوبي من تل العجول على أطلال مدينة كنعانية كانت على ما يبدو تحت احتلال الهكسوس. وعُثر كذلك على مقابر يعود بعضها إلى العصر البرونزي قبل الميلاد بـ4000 عام.

ويقول “العارف” إن الكنعانيين هم “أول من عرف زراعة الزيتون على هذه الأرض، وصناعة النسيج والفخار والتعدين، واخترعوا الحروف الهجائية، وسنوا الشرائع والقوانين، فأخذ عنهم بنو إسرائيل الكثير من سننهم وشرائعهم وأفكارهم ومبادئهم حتى حضارتهم”.

وقد وقعت غزة عبر تاريخها القديم تحت سيطرة قدماء المصريين والبابليين والآشوريين واليونان والفرس والرومان.

وقد وصف المؤرخ الفلسطيني عارف العارف تاريخ غزة بـ”المجيد”؛ لأنها “صمدت لنوائب الزمان بجميع أنواعها، وطوارئ الحدثان بجميع ألوانها، حتى أنه لم يبق فاتح من الفاتحين أو غاز من الغزاة المتقدمين والمتأخرين الذين كانت لهم صلة بالشرق، إلا ونازلته، فإما أن يكون قد صرعها، أو تكون هي قد صرعته”.

حي الرمال.. شريان غزة النابض الذي حوّله الاحتلال إلى مقبرة جماعية

حي الرمال.. شريان غزة النابض الذي حوّله الاحتلال إلى مقبرة جماعية

أدت حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، إلى تدمير كامل للأحياء، لكنّ قصّة حي الرمال في مدينة غزة تُسلّط الضوء على النهج الإسرائيلي في تصعيد العنف بشكل غير مسبوق قبل الدخول في مفاوضات من أجل أي هدنة ممكنة.

وبعد أنّ كان حي الرمال نابضًا بالحياة، يحمل الآن آثار هذا الرعب المنظّم، حيث تقف شوارعه ومنازله شاهدًا وحيدًا على هذا الدمار الذي لا يرحم، وفقًا للكاتبة الفلسطينية داليا أبو رمضان.

وحي الرمال هو واحد من أقدم وأعرق أحياء غزة. اشتهر بجماله وازدهاره وحيويته، إذ يجمع بين الأناقة السكنية والحيوية التجارية.

ويمتد الحي على طول ساحل مدينة غزة، وكان يجذب السكان والزوار على حد سواء بمبانيه الحديثة الشاهقة ومطاعمه الراقية المطلة على البحر، ومؤسساته التعليمية المرموقة.

وقد جعله سوق العمل المزدهر مركزًا اقتصاديًا وثقافيًا في قلب غزة. فخلال الأعياد، كانت العائلات من الشمال والجنوب تتوافد على سوق الحي النابض بالحياة، والذي كان يُعتبر رمزًا للكرامة والرخاء وسط حصار دام عقودًا.

وهذا الأمر جعل جيش الاحتلال يتباهى بتدمير الحي خلال غزوه البري للمدينة، إذ اعتبر جرائمه “ضربةً لرمز قوة أهل غزة وازدهارهم، ومحاولة مدروسة لكسر عزيمة سكانها الذين صمدوا في وجه القصف والدمار”، وفق ما كتبت أبو رمضان في مقال لمنصّة “prism” الأميركية المستقلّة.

حي الرمال غير قابل للتمييز

وبعد أن كان من أكثر مناطق غزة كثافة بالسكان، أصبح حي الرمال الآن غير قابل للتمييز.

فبعد توافد السكان إليه عقب وقف إطلاق النار الذي استمر 60 يومًا عام 2024، استهدف جيش الاحتلال في أيار/ أيار من العام نفسه، وبشكل يومي الحي، كما لو أنّ مجرد وجود المدنيين أصبح مبررًا إسرائيليًا لتحويل الحي إلى ساحة قتل. وكلما ازداد عدد المدنيين في مبانيه وشوارعه، ازدادت الغارات الإسرائيلية شراسة.

وكانت مجزرة 7 أيار 2024، التي ارتكبها الاحتلال في المطعم التايلندي بشارع الوحدة واحدة من أفظع الجرائم التي شهدها الحي، حيث استشهد 33 فلسطينيًا وأُصيب 86 آخرين، معظمهم من الطلاب والخريجين الذي تجمّعوا للدراسة عازمين على مواصلة السعي وراء أحلامهم رغم الحرب.

ومع بدء الحديث عن إمكانية التوصّل إلى وقف إطلاق نار مؤقت في أواخر حزيران/ حزيران الماضي، جدّد الاحتلال مجازره في حي الرمال، مرتكبًا مجزرة الخيام قرب مدرسة العائلة المقدّسة في 27 من الشهر ذاته، ما أدى إلى استشهاد نحو 19 شخصًا، وفقدان آخرين.

واستمرّت سلسلة متواصلة من الفظائع التي حوّلت حي الرمال وقطاع غزة بأكمله إلى أرض يسودها الموت، وحصاد لا ينضب للشهداء. هؤلاء أناس كان لهم عائلات، ومستقبل، وأحلام.

وقصف جيش الاحتلال الإسرائيلي برج شوا وحصري ومحطة للوقود مليئة بالمدنيين قرب مطعم الجرجاوي في شارع الوحدة، ما أسفر عن استشهاد 20 فلسطينيًا وجرح العشرات.

وفي مجزرة مقهى الباقة في 30 حزيران، سقط ما لا يقل عن 41 شهيدًا وأصيب أكثر من 75 آخرين بجروح بالغة.

ففي مدينة لم يبقَ فيها أي مكان آمن، ولا مقاه عاملة، وإنترنت محدود، كان مقهى “الباقة” ملتقى للغزيّين، بينما كان الشاطئ المُواجه للمقهى ملاذًا لهم والمكان الوحيد الذي كانوا يشعرون فيه بالحرية.

كل يوم أسوأ من سابقه

في الثالث من تموز/ تموز الماضي، استيقظ سكان حي الرمال على صراخ النازحين في مدرسة مصطفى حافظ، حيث كانوا يركضون مشتعلين من المبنى، بعد أن قصفتهم طائرات الاحتلال.

وقد وقفت سيارات الإسعاف يومها عاجزة لعدم وجود ماء أو معدات، بينما حاول الناجون استخدام جرار الماء وأيديهم العارية لإطفاء النيران وإنقاذ الجرحى.

واستشهد نحو 15 شخصًا في القصف، معظمهم من النساء والأطفال.

وفي أوائل تموز أيضًا، استهدفت إسرائيل محطة تحلية المياه بالقرب من ساحة الجندي المجهول. وبعد أن كانت الساحة مليئة بالأشجار، أصبحت تعجّ بخيام النازحين والدخان والقصف.

في مرحلة ما، كان حي الرمال جزءًا من شمال غزة لأنّه يقع قبل حاجز نتساريم مباشرة، وهو الجدار الفاصل بين شمال غزة وجنوبها، ولأنّه كان يضمّ مستشفى الشفاء، أحد أوائل المراكز الطبية التي استهدفتها إسرائيل ودمرتها.

لكنّ كل يوم يبدو أسوأ من سابقه، حيث تشتدّ مخالب الاحتلال أكثر في قطاع غزة، بينما يُكافح سكان الحي وقطاع غزة عمومًا من أجل البقاء.

ومع إعلان الاحتلال خطة احتلال مدينة غزة، يشعر سكان حي الرمال والمدينة بالقلق من التهجير.

وقالت: “بعد أن عانينا قرابة عامين من القصف والقتل والدمار، استسلمنا للحياة بين الأنقاض. المدينة مُدمرة، منازل سُوّيت بالأرض، وشوارع لا تُعرف معالمها، وأحياء خالية من الحياة. تحمّلنا قصفًا لا هوادة فيه، وجوعًا مُريعًا، وألمًا لفقدان أحبائنا، ومع ذلك تشبّثنا بهذه الأرض، حاملين ذكريات من رحلوا، والحياة التي كانت تملأ شوارعها يومًا ما”.

وأردفت: “الآن، تُريد إسرائيل إجبارنا على الرحيل، لتمحو ليس فقط الأنقاض، بل أيضًا الذكريات التي حملناها لسنوات، مُهددةً بمحو غزة من قلوبنا إلى الأبد”.