لبنان بعد “يونيفيل”

لبنان بعد “يونيفيل”

بعد عامين ونيّف، على الأكثر، تنتهي مهمّة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2790 الصادر مساء الخميس. يفترض هذا القرار أن تصفية القوة الأممية في عام 2027، يجب أن يرافقه انسحاب إسرائيلي من النقاط الخمس، فضلاً عن النقاط الواقعة شمالي الخط الأزرق الحدودي، الذي رسمته الأمم المتحدة بعيد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في عام 2000. بات الجنوب اللبناني عملياً أمام آخر أيام لإحدى أطول المهمّات لقوات أممية في التاريخ، بعد الموجودة في كشمير منذ 1949، وقبرص منذ 1964، والجولان منذ 1974، وذلك إثر بدئها مهامّها في 1978 ردّاً على الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان.

مع أن “يونيفيل” لم تملأ فراغاً أمنياً في الجنوب اللبناني، خصوصاً بين عامي 1978 و2006، غير أنها ستترك فراغاً يُفترض أن يملأه الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية. وهنا بيت القصيد. ليس في تصفية القوة الأممية في 2027 تحدّياً لها ولتقييمها بما حققته في الجنوب اللبناني، بل تحدٍّ لانتشار حقيقي للدولة اللبنانية، لا عبر قواها الأمنية والعسكرية فحسب، بل أيضاً في سياقات الإنماء الشامل. ذلك، لأن الجنوب، مثل مناطق الأطراف اللبنانية، كان مُهملاً في حقبات تاريخية، الأمر الذي ساهم في إضعاف مركزية الدولة لمصلحة لامركزيةٍ لا تناصرها، بل وجدت في قوى إقليمية ملاذاً لها. وهو ما يستوجب فعلياً مصالحة بين الدولة وناسها، وإلا فإن ألف فصيل وفصيل سيولدون في المستقبل، سواء بوجود احتلال إسرائيلي أو لا، وسيتحدّون السلطة المركزية. وما ينطبق على الجنوب لا يمكن تغييبه لا عن البقاع ولا عن الشمال.

من الجائز اليوم البدء بالتفكير بصورة أشمل عن السابق، والعمل في إطار الإنماء خارج الخوف من “الأهالي” أو “القوى المحلية”. لا تستقيم اللامركزية في لبنان إلا بأبعادها الإدارية وتسهيل الحياة اليومية بين المواطن والدولة، لا أن تتحوّل إلى حرب تُطمس فيها الانتماءات إلى لبنان أو تتشدّد، وفقاً لنوازع طائفية ومناطقية. لبنان على صغره قادرٌ على استيعاب الجميع، وإن كان هناك مرحلة انتقالية ستستوجب معها فرض مفهوم الدولة، بحقوقها وواجباتها، من الحدود إلى الحدود شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً.

ليس في ذلك قصة رحبانية أو شعرٌ، بل واقع يتطلّب فهم معاني الفكر الدولتي. في ذلك أيضاً بسط لسيطرة الدولة وأجهزتها على كل شبرٍ من لبنان، لا أن تكون هناك مناطق ممنوعة عليها ومسلّحون يتبخترون بأسلحتهم بحجّة “غياب الدولة”. كذلك، من أهم واجبات الدولة ومسؤوليها التواضع قليلاً وفهم أن المواطنين، وإن تهمّهم مسألة سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية، فإنهم أيضاً لا يرغبون في إبقاء الأسلحة الفردية بين أيدي كثيرين. انظروا إلى سجلات قوى الأمن الداخلي اللبناني لإدراك كمّ الجرائم الفردية الحاصلة في البلاد. ومع أن رئيس الجمهورية، جوزاف عون، اعتبر في حديث تلفزيوني في إبريل/ نيسان الماضي أن “الأسلحة الخفيفة ثقافة عند اللبنانيين”، لكن خطيئة مثل هذه تتطلّب منه العمل على سحب هذه الأسلحة من أيدي المقيمين في لبنان، لبنانيين وسوريين وفلسطينيين وغيرهم. وهو يتابع أيضاً الملفات الأمنية اليومية، ويدرك تماماً خطورة الفلتان الأمني.

لا أحد يطلب من العهد الجديد حلولاً سريعة، إلا من كان في السلطة سنوات مديدة وساهم في خراب البلاد اقتصادياً وسياسياً وأمنياً. ومعلوم أن حجم المشكلات الملقاة على عاتق السلطات اللبنانية هائل، لكن لا بدّ من البدء في مكانٍ ما. وإذا كانت عناوين مثل سحب السلاح والانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان طاغية، فإن المسارعة إلى تمدّد دور الدولة، وهو الحقيقة الطبيعية، على امتداد البلاد، سيسمح للمرّة الأولى منذ استقلال 1943، اعتبار الـ10452 كيلومتراً مربعاً قطعة واحدة، لا قطعاً متناثرة لطوائف ومناطق ولقوى إقليمية.

ترحيب من بيروت وباريس.. كيف علقت تل أبيب على تمديد مهمة اليونيفيل؟

ترحيب من بيروت وباريس.. كيف علقت تل أبيب على تمديد مهمة اليونيفيل؟

أعقب قرار مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل) لمرة أخيرة، ردود فعل متحفظة وأخرى مؤيدة، بعد أن قضى بنهاية عمل القوة الأممية في نهاية كانون الأول/ كانون الأول 2026.

وعقب صدور القرار رحّبت به بيروت، وقالت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان إن تمديد ولاية اليونيفيل لمدة عام، يأتي “في ظرف حساس ودقيق يمر به لبنان في ظل الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة عليه”.

الاحتلال يتهم اليونيفيل بالفشل

من جانبه، رحّب الاحتلال الإسرائيلي في بيان لوزارة خارجيته بقرار مجلس الأمن الدولي، لكن الوزارة ادعت أن قرار مجلس الأمن “بإنهاء مهمة اليونيفيل بشكل منظم وتدريجي هو القرار الصحيح الذي سيساهم في الاستقرار الإقليمي”.

وزعمت  أنّ “اليونيفيل فشلت على مدار سنوات في منع التراكم العسكري المستمر لحزب الله، داخل منطقة عملياتها، كما أن تقاريرها لم تعكس الواقع على الأرض وخلقت مظهرًا زائفًا للاستقرار”.

وقالت الخارجية الإسرائيلية إن على الحكومة اللبنانية مسؤولية “اغتنام هذه الفرصة التاريخية لمآذارة سيادتها كاملة”.

فرنسا تتمسك بضرورة انسحاب إسرائيل من النقاط الحدودية

وفجر الجمعة، رحّب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جهته بتمديد مهمة اليونيفيل حتى 2027، مشدّدًا في الوقت نفسه على ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من نقاط حدودية لبنانية ما زالت تحتلّها.

وعقب محادثات هاتفية مع كلّ من نظيره اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، قال ماكرون: “لقد أشدتُ بالقرارات الشجاعة التي اتّخذتها السلطة التنفيذية اللبنانية نحو استعادة حصرية القوة. أشجّع الحكومة اللبنانية على اعتماد الخطة التي ستُعرض على مجلس الوزراء لهذا الغرض”.

وأضاف في منشور على منصة إكس، أنّ المبعوث الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان “سيزور لبنان للعمل جنبًا إلى جنب مع السلطات على أولوياتنا بمجرد اعتمادها”.

وشدّد الرئيس الفرنسي على أنّ “الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وإنهاء كل الانتهاكات للسيادة اللبنانية هما شرطان أساسيان لتنفيذ هذه الخطة”، مضيفًا: “لطالما أبدت فرنسا استعدادها لأداء دور في تسليم النقاط التي لا تزال تحتلها إسرائيل”.

وجاء القرار الدولي وسط ضغوط إسرائيلية، فمؤخرًا قالت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية، إن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، بعث رسالة إلى نظيره الأميركي ماركو روبيو، طالبه فيها بإنهاء عمل القوة الأممية.

أوكرانيا تطلب اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن بعد الهجمات الروسية

أوكرانيا تطلب اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن بعد الهجمات الروسية

كشف مصدر في الأمم المتحدة، اليوم الخميس، أن أوكرانيا طلبت عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لبحث قضية “دعم السلام والأمن في أوكرانيا”، وذلك في أعقاب هجوم جوي واسع شنته روسيا على العاصمة كييف الليلة الماضية، وسط تعثر جهود التسوية التي يرعاها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد استقباله نظيريه الروسي فلاديمير بوتين

والأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الولايات المتحدة مطلع آب/آب الماضي.

وأوضح المصدر، الذي لم يحدد موعد الجلسة المرتقبة أو توقيتها، لوكالة “نوفوستي” الروسية الرسمية، أن “أوكرانيا طلبت عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن بموجب المادتين 34 و35 من ميثاق الأمم المتحدة”، واللتين تنصان على فحص أي نزاع أو وضع قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو يهدد باندلاع نزاع.

في المقابل، أفادت صحيفة “كوميرسانت” الروسية بأن موسكو ستشارك في الاجتماع في حال انعقاده، بينما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها نفذت “ضربة جماعية بأسلحة عالية الدقة” استهدفت مصانع تابعة لمجمع الصناعات العسكرية الأوكراني وقواعد جوية. إلى ذلك، نفى المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، التوصل إلى أي اتفاق مع أوكرانيا بشأن هدنة جوية، مؤكداً أن “كل ما يتعلق بالتسوية يجب أن يناقش بسرية تامة”.

وكان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو قد اقترح، نهاية الأسبوع الماضي، التوصل إلى هدنة جوية بين روسيا وأوكرانيا، معتبراً أن هذا الإجراء يجب أن يكون الخطوة الأولى في أي مفاوضات، غير أن اقتراحه لم يلقَ تجاوباً.

وفي واشنطن، قال البيت الأبيض الخميس إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب “لم يكن سعيداً” بالضربات الروسية القاتلة على العاصمة الأوكرانية، لكنه لم يُفاجأ بها، داعياً “الجانبين” إلى إنهاء الحرب. وصرّحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت للصحافيين: “لم يكن (ترامب) سعيداً بهذه الأنباء، لكنه لم يُفاجأ بها أيضاً. البلدان في حالة حرب منذ فترة طويلة”. وأضافت: “شنّت روسيا هذا الهجوم على كييف، وعلى نحو مماثل استهدفت أوكرانيا مؤخراً مصافي نفط روسية”، مشيرة إلى أن ترامب قد يُدلي بمزيد من التعليقات بشأن هذه المسألة في وقت لاحق.

وقد أسفر القصف الروسي، الذي استُخدمت فيه مسيّرات وصواريخ، عن مقتل 19 شخصاً على الأقل إثر استهداف مبانٍ سكنية، في واحد من أعنف الهجمات منذ اندلاع الحرب عام 2022. كما طاول القصف بعثة الاتحاد الأوروبي ومبنى ثقافياً تابعاً للحكومة البريطانية، بحسب وكالة “فرانس برس”.

وتعهّد ترامب بإنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة من توليه منصبه، لكنه أقر لاحقاً بأن المهمة أصعب مما كان يتوقع. وكان قد عقد قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا مطلع الشهر الحالي، من دون تحقيق أي اختراق. وأكدت ليفيت أن ترامب عمل “أكثر من أي شخص آخر” من أجل السلام، لكنها أعادت التذكير بتصريحات سابقة للرئيس الأميركي حمّل فيها أوكرانيا جزءاً من المسؤولية عن استمرار الحرب، قائلة: “قد لا يكون الجانبان في هذه الحرب مستعدين لإنهائها بنفسيهما”. وأضافت: “الرئيس يريد إنهاء هذه الحرب، لكن يجب أن تكون هناك إرادة لدى رئيسي البلدين لإنهائها أيضاً”.

3 دول أوروبية تُفعل عملية إعادة فرض العقوبات على إيران

3 دول أوروبية تُفعل عملية إعادة فرض العقوبات على إيران

أظهرت رسالة اطلعت عليها “رويترز”، اليوم الخميس، أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا فعلت عملية إعادة فرض العقوبات على إيران. وبحسب الرسالة ستسعى الدول الثلاث لاستغلال الأيام الثلاثين المقبلة لحل القضايا العالقة مع طهران، حاثة إياها على الانخراط في دبلوماسية بناءة لتبديد المخاوف المرتبطة ببرنامجها النووي. وقالت الرسالة إن فرنسا وألمانيا وبريطانيا ستواصل مناقشة إيران في عرض تمديد القرار الذي يرسّخ الاتفاق النووي لعام 2015.

في السياق، نقلت “رويترز” عن مسؤول إيراني كبير قوله إن خطوة الدول الأوروبية الثلاث لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات غير قانونية ومؤسفة، مضيفاً أن الخطوة هي ضد الدبلوماسية وليست فرصة لها. وقال إن إيران تدرس بعض الخيارات مثل تقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار اتفاق الضمانات، أو حتى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، مشدداً على أنها لن تتنازل تحت الضغط.

وكان دبلوماسيان أوروبيان قد قالا إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا ستبدأ عملية إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران في مجلس الأمن اليوم الخميس. واجتمعت الدول الثلاث، المعروفة باسم الترويكا الأوروبية، مع إيران أمس الأول الثلاثاء في محاولة لإحياء الجهود الدبلوماسية بشأن البرنامج النووي قبل أن تفقد قدرتها في منتصف تشرين الأول/ تشرين الأول على إعادة فرض العقوبات على طهران التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي الموقع في 2015 مع قوى عالمية.

لكن تلك المحادثات لم تسفر عن التزامات ملموسة كافية من إيران. وقال الدبلوماسيان إن الترويكا الأوروبية قررت الآن تفعيل ما يسمى آلية العودة السريعة للعقوبات على إيران (سناب باك) بسبب اتهامات لها بانتهاك اتفاق 2015. وأبلغ وزراء الترويكا الأوروبية، أمس الأربعاء، وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بقرارهم، وسينقلون رسالة إلى مجلس الأمن في وقت لاحق من اليوم الخميس. ويأمل الوزراء بأن تدفع هذه الخطوة طهران إلى تقديم التزامات بشأن برنامجها النووي خلال 30 يوماً تقنعهم بتأجيل اتخاذ إجراء ملموس.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، الخميس، في بيان لها، أن وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أجروا اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وأبلغوه نيتهم تقديم إخطار رسمي لمجلس الأمن لبدء العملية المعروفة بآلية “الزناد” أو “سناب باك” المنصوص عليها في الاتفاق النووي.

وبحسب بيان الخارجية الإيرانية، أكد وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في الوقت نفسه، استعدادهم لإيجاد حل دبلوماسي خلال الثلاثين يوماً المقبلة، بهدف معالجة القضايا العالقة ومنع عودة قرارات مجلس الأمن السابقة ضد إيران. واعتبر وزير الخارجية الإيراني هذه الخطوة من الدول الأوروبية الثلاث “غير مبررة، وغير قانونية، وخالية من أي أساس حقوقي”، مؤكداً أن بلاده أظهرت “سلوكاً مسؤولاً وحسن نية” في التزامها بالدبلوماسية لتسوية المسائل المرتبطة بالملف النووي.

وشدد عراقجي على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية سترد بالشكل المناسب على هذه الخطوة “غير القانونية وغير المبررة” من جانب الدول الأوروبية الثلاث، بما يحفظ حقوقها ومصالحها الوطنية. وأكد أيضاً جدية إيران في الدفاع عن مصالحها وحقوقها القانونية وفقاً للقانون الدولي ومعاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، معرباً عن أمله في أن تتبنى الدول الأوروبية الثلاث موقفاً مسؤولاً وتدرك الحقائق الراهنة، وأن تُصحّح هذه الخطوة الخاطئة في الأيام المقبلة.

ورداً على بدء عملية تفعيل آلية “سناب باك”، أعلنت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، في بيان، أن “أعضاء المجلس يقفون في لحظة مصيرية: فإما أن يدعموا مشروع القرار الروسي الصيني الذي يهدف إلى التمديد الفني (لقرار 2231) واستمرار المسار الدبلوماسي، أو أن يمضوا في تفعيل آلية الزناد، بما سيترتب عليه من عواقب وخيمة”. وبحسب ما نقل التلفزيون الإيراني، أكدت البعثة الإيرانية أنّ رد الترويكا الأوروبية على مشروع القرار الروسي الصيني سيكشف في نهاية المطاف ما إذا كانت هذه الدول ملتزمة حقاً بالدبلوماسية، أم أنها تسعى إلى تفاقم الأزمة.

وبالعودة إلى نص خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، أو ما يعرف بالاتفاق النووي، يظهر أن البندين 36 و37 من القرار 2231 يتحدثان عن آلية “فضّ النزاع” كإطار لحل الخلافات بين أطراف الاتفاق. وينص البند 36 على أنه في حال رأى أي من الطرفين (إيران أو مجموعة 1+5، التي أصبحت لاحقاً 1+4 بعد انسحاب الولايات المتحدة) أن الطرف الآخر لا ينفّذ تعهداته، فيمكنه إحالة الموضوع للجنة المشتركة التي تضم إيران وروسيا والصين والدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي. وسيكون أمام اللجنة 15 يوماً لحل الخلافات، قابلة للتمديد بإجماع الأطراف.

وإذا لم يقتنع الطرف المشتكي بالتزام الطرف الآخر، فيمكنه إحالة الأمر إلى اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتفاق، ولديهم 15 يوماً للحل، قابلة أيضاً للتمديد. وبعد ذلك، يكون أمام مجلس الأمن 30 يوماً للنظر في تفعيل آلية “فضّ النزاع” بعد تلقيه إخطاراً من دولة مشاركة في خطة العمل.

من جهته، حذر نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي من أنه من “غير المنطقي” أن تعمل طهران مع المفتشين النوويين إذا أعيد فرض العقوبات الأممية، وقال في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الإيراني: “لقد قلنا لهم إنه في حال حدوث ذلك، فإن المسار الذي قمنا بفتحه مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية سوف يتضرر بصورة كاملة، ومن المحتمل أن تتوقف العملية”. وأضاف: “إذا اختاروا إعادة فرض العقوبات، فسيكون من غير المنطقي بالنسبة لإيران استمرار التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

وهددت إيران من قبل باتخاذ “رد قاسٍ” في حال إعادة فرض العقوبات. وشاب التوتر المحادثات بين الترويكا الأوروبية وإيران بسبب غضب طهران الشديد من قصف الولايات المتحدة وإسرائيل منشآتها النووية في حزيران/ حزيران. وتستغرق عملية إعادة فرض العقوبات من الأمم المتحدة 30 يوماً قبل دخولها حيّز التنفيذ، وتشمل قطاعات المؤسسات المالية والبنوك والنفط والغاز والدفاع.

وحذّر آبادي، مساء أمس الأربعاء، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني، من أن “أي إجراء أوروبي لتفعيل آلية سناب باك سيُواجَه برد، بما في ذلك وقف التعاون القائم حالياً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية“. وأضاف أن أوروبا إذا اختارت مسار المواجهة، فإنها “ستُقصي نفسها من الساحة الدبلوماسية مع إيران، وستجد نفسها مضطرة إلى الإجابة حصراً في مجلس الأمن”.

وأشار غريب‌ آبادي إلى أن الجانب الأوروبي طرح، خلال اجتماع الثلاثاء، فكرة تمديد العمل بالقرار 2231، مؤكداً أن “هذا الموضوع يقع ضمن صلاحيات مجلس الأمن، وقرارات المجلس ملزمة لجميع الدول”، مضيفاً: “بيّنا (خلال الاجتماع) بشكل واضح أن الأوروبيين ليسوا في وضع قانوني يسمح لهم بتفعيل سناب باك، ولا توجد أي أرضية قانونية لخطوتهم، وقد شرحنا ذلك لهم تفصيلاً، رغم أنهم يملكون وجهة نظر مغايرة”.

إلى ذلك، وصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، قرار فرنسا وبريطانيا وألمانيا إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران بسبب برنامجها النووي بأنه “خطوة مهمة”. وقال دانون، في بيان الخميس، إن “دول العالم تنضم إلى الحرب على محور الشر”، مضيفاً أن “هذه خطوة مهمة من أجل وقف البرنامج النووي الإيراني وزيادة الضغط على النظام في طهران”.

وعرضت الترويكا الأوروبية تأجيل تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات لمدة تصل إلى ستة أشهر لإتاحة الوقت لمفاوضات جادة إذا سمحت إيران مجدداً بعمليات التفتيش الكاملة من قبل الأمم المتحدة ووافقت على الانخراط في محادثات مع الولايات المتحدة. وستسعى عمليات التفتيش تلك أيضاً لمعرفة حجم المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب الذي لم يجرِ التحقق منه منذ القصف الإسرائيلي والأميركي على المنشآت النووية الإيرانية في حزيران/حزيران.

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تخصب إيران اليورانيوم إلى درجة نقاء انشطاري تصل إلى 60%، مقتربة من نسبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي. وتقول الوكالة إن طهران كان لديها ما يكفي من المواد المخصبة إلى هذا المستوى لصنع ستة أسلحة نووية، إذا جرت معالجتها بدرجة أكبر، قبل الهجمات الإسرائيلية التي بدأت في 13 حزيران/حزيران. ومع ذلك، فإن إنتاج سلاح فعلياً سيستغرق وقتاً أطول، وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه لا يمكنها ضمان سلمية برنامج طهران النووي بالكامل، وأوضحت أنها لا تملك مؤشراً موثوقاً إلى وجود مشروع تسلح نووي. ويقول الغرب إن تقدم البرنامج النووي الإيراني يتجاوز الاحتياجات المدنية، بينما تنفي طهران سعيها لإنتاج أسلحة نووية.

3 دول أوروبية تُفعل عملية إعادة فرض العقوبات على إيران

3 دول أوروبية تُفعل عملية إعادة فرض العقوبات على إيران

أظهرت رسالة اطلعت عليها “رويترز”، اليوم الخميس، أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا فعلت عملية إعادة فرض العقوبات على إيران. وبحسب الرسالة ستسعى الدول الثلاث لاستغلال الأيام الثلاثين المقبلة لحل القضايا العالقة مع طهران، حاثة إياها على الانخراط في دبلوماسية بناءة لتبديد المخاوف المرتبطة ببرنامجها النووي. وقالت الرسالة إن فرنسا وألمانيا وبريطانيا ستواصل مناقشة إيران في عرض تمديد القرار الذي يرسّخ الاتفاق النووي لعام 2015.

في السياق، نقلت “رويترز” عن مسؤول إيراني كبير قوله إن خطوة الدول الأوروبية الثلاث لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات غير قانونية ومؤسفة، مضيفاً أن الخطوة هي ضد الدبلوماسية وليست فرصة لها. وقال إن إيران تدرس بعض الخيارات مثل تقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار اتفاق الضمانات، أو حتى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، مشدداً على أنها لن تتنازل تحت الضغط.

وكان دبلوماسيان أوروبيان قد قالا إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا ستبدأ عملية إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران في مجلس الأمن اليوم الخميس. واجتمعت الدول الثلاث، المعروفة باسم الترويكا الأوروبية، مع إيران أمس الأول الثلاثاء في محاولة لإحياء الجهود الدبلوماسية بشأن البرنامج النووي قبل أن تفقد قدرتها في منتصف تشرين الأول/ تشرين الأول على إعادة فرض العقوبات على طهران التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي الموقع في 2015 مع قوى عالمية.

لكن تلك المحادثات لم تسفر عن التزامات ملموسة كافية من إيران. وقال الدبلوماسيان إن الترويكا الأوروبية قررت الآن تفعيل ما يسمى آلية العودة السريعة للعقوبات على إيران (سناب باك) بسبب اتهامات لها بانتهاك اتفاق 2015. وأبلغ وزراء الترويكا الأوروبية، أمس الأربعاء، وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بقرارهم، وسينقلون رسالة إلى مجلس الأمن في وقت لاحق من اليوم الخميس. ويأمل الوزراء بأن تدفع هذه الخطوة طهران إلى تقديم التزامات بشأن برنامجها النووي خلال 30 يوماً تقنعهم بتأجيل اتخاذ إجراء ملموس.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، الخميس، في بيان لها، أن وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أجروا اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وأبلغوه نيتهم تقديم إخطار رسمي لمجلس الأمن لبدء العملية المعروفة بآلية “الزناد” أو “سناب باك” المنصوص عليها في الاتفاق النووي.

وبحسب بيان الخارجية الإيرانية، أكد وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في الوقت نفسه، استعدادهم لإيجاد حل دبلوماسي خلال الثلاثين يوماً المقبلة، بهدف معالجة القضايا العالقة ومنع عودة قرارات مجلس الأمن السابقة ضد إيران. واعتبر وزير الخارجية الإيراني هذه الخطوة من الدول الأوروبية الثلاث “غير مبررة، وغير قانونية، وخالية من أي أساس حقوقي”، مؤكداً أن بلاده أظهرت “سلوكاً مسؤولاً وحسن نية” في التزامها بالدبلوماسية لتسوية المسائل المرتبطة بالملف النووي.

وشدد عراقجي على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية سترد بالشكل المناسب على هذه الخطوة “غير القانونية وغير المبررة” من جانب الدول الأوروبية الثلاث، بما يحفظ حقوقها ومصالحها الوطنية. وأكد أيضاً جدية إيران في الدفاع عن مصالحها وحقوقها القانونية وفقاً للقانون الدولي ومعاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، معرباً عن أمله في أن تتبنى الدول الأوروبية الثلاث موقفاً مسؤولاً وتدرك الحقائق الراهنة، وأن تُصحّح هذه الخطوة الخاطئة في الأيام المقبلة.

ورداً على بدء عملية تفعيل آلية “سناب باك”، أعلنت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، في بيان، أن “أعضاء المجلس يقفون في لحظة مصيرية: فإما أن يدعموا مشروع القرار الروسي الصيني الذي يهدف إلى التمديد الفني (لقرار 2231) واستمرار المسار الدبلوماسي، أو أن يمضوا في تفعيل آلية الزناد، بما سيترتب عليه من عواقب وخيمة”. وبحسب ما نقل التلفزيون الإيراني، أكدت البعثة الإيرانية أنّ رد الترويكا الأوروبية على مشروع القرار الروسي الصيني سيكشف في نهاية المطاف ما إذا كانت هذه الدول ملتزمة حقاً بالدبلوماسية، أم أنها تسعى إلى تفاقم الأزمة.

وبالعودة إلى نص خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، أو ما يعرف بالاتفاق النووي، يظهر أن البندين 36 و37 من القرار 2231 يتحدثان عن آلية “فضّ النزاع” كإطار لحل الخلافات بين أطراف الاتفاق. وينص البند 36 على أنه في حال رأى أي من الطرفين (إيران أو مجموعة 1+5، التي أصبحت لاحقاً 1+4 بعد انسحاب الولايات المتحدة) أن الطرف الآخر لا ينفّذ تعهداته، فيمكنه إحالة الموضوع للجنة المشتركة التي تضم إيران وروسيا والصين والدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي. وسيكون أمام اللجنة 15 يوماً لحل الخلافات، قابلة للتمديد بإجماع الأطراف.

وإذا لم يقتنع الطرف المشتكي بالتزام الطرف الآخر، فيمكنه إحالة الأمر إلى اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتفاق، ولديهم 15 يوماً للحل، قابلة أيضاً للتمديد. وبعد ذلك، يكون أمام مجلس الأمن 30 يوماً للنظر في تفعيل آلية “فضّ النزاع” بعد تلقيه إخطاراً من دولة مشاركة في خطة العمل.

من جهته، حذر نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي من أنه من “غير المنطقي” أن تعمل طهران مع المفتشين النوويين إذا أعيد فرض العقوبات الأممية، وقال في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الإيراني: “لقد قلنا لهم إنه في حال حدوث ذلك، فإن المسار الذي قمنا بفتحه مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية سوف يتضرر بصورة كاملة، ومن المحتمل أن تتوقف العملية”. وأضاف: “إذا اختاروا إعادة فرض العقوبات، فسيكون من غير المنطقي بالنسبة لإيران استمرار التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

وهددت إيران من قبل باتخاذ “رد قاسٍ” في حال إعادة فرض العقوبات. وشاب التوتر المحادثات بين الترويكا الأوروبية وإيران بسبب غضب طهران الشديد من قصف الولايات المتحدة وإسرائيل منشآتها النووية في حزيران/ حزيران. وتستغرق عملية إعادة فرض العقوبات من الأمم المتحدة 30 يوماً قبل دخولها حيّز التنفيذ، وتشمل قطاعات المؤسسات المالية والبنوك والنفط والغاز والدفاع.

وحذّر آبادي، مساء أمس الأربعاء، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني، من أن “أي إجراء أوروبي لتفعيل آلية سناب باك سيُواجَه برد، بما في ذلك وقف التعاون القائم حالياً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية“. وأضاف أن أوروبا إذا اختارت مسار المواجهة، فإنها “ستُقصي نفسها من الساحة الدبلوماسية مع إيران، وستجد نفسها مضطرة إلى الإجابة حصراً في مجلس الأمن”.

وأشار غريب‌ آبادي إلى أن الجانب الأوروبي طرح، خلال اجتماع الثلاثاء، فكرة تمديد العمل بالقرار 2231، مؤكداً أن “هذا الموضوع يقع ضمن صلاحيات مجلس الأمن، وقرارات المجلس ملزمة لجميع الدول”، مضيفاً: “بيّنا (خلال الاجتماع) بشكل واضح أن الأوروبيين ليسوا في وضع قانوني يسمح لهم بتفعيل سناب باك، ولا توجد أي أرضية قانونية لخطوتهم، وقد شرحنا ذلك لهم تفصيلاً، رغم أنهم يملكون وجهة نظر مغايرة”.

إلى ذلك، وصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، قرار فرنسا وبريطانيا وألمانيا إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران بسبب برنامجها النووي بأنه “خطوة مهمة”. وقال دانون، في بيان الخميس، إن “دول العالم تنضم إلى الحرب على محور الشر”، مضيفاً أن “هذه خطوة مهمة من أجل وقف البرنامج النووي الإيراني وزيادة الضغط على النظام في طهران”.

وعرضت الترويكا الأوروبية تأجيل تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات لمدة تصل إلى ستة أشهر لإتاحة الوقت لمفاوضات جادة إذا سمحت إيران مجدداً بعمليات التفتيش الكاملة من قبل الأمم المتحدة ووافقت على الانخراط في محادثات مع الولايات المتحدة. وستسعى عمليات التفتيش تلك أيضاً لمعرفة حجم المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب الذي لم يجرِ التحقق منه منذ القصف الإسرائيلي والأميركي على المنشآت النووية الإيرانية في حزيران/حزيران.

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تخصب إيران اليورانيوم إلى درجة نقاء انشطاري تصل إلى 60%، مقتربة من نسبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي. وتقول الوكالة إن طهران كان لديها ما يكفي من المواد المخصبة إلى هذا المستوى لصنع ستة أسلحة نووية، إذا جرت معالجتها بدرجة أكبر، قبل الهجمات الإسرائيلية التي بدأت في 13 حزيران/حزيران. ومع ذلك، فإن إنتاج سلاح فعلياً سيستغرق وقتاً أطول، وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه لا يمكنها ضمان سلمية برنامج طهران النووي بالكامل، وأوضحت أنها لا تملك مؤشراً موثوقاً إلى وجود مشروع تسلح نووي. ويقول الغرب إن تقدم البرنامج النووي الإيراني يتجاوز الاحتياجات المدنية، بينما تنفي طهران سعيها لإنتاج أسلحة نووية.