by | Sep 1, 2025 | تكنولوجيا
منذ اندلاع حرب الإبادة على غزة، تحوّل اسم مايكروسوفت إلى علامة متكرّرة في تقارير تربط بين عوالم الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وبين آلة الحرب الإسرائيلية. على امتداد عام 2025، تكشّفت سلسلة وقائعَ متتابعة: تسريبات تُظهر عمق الشراكة التقنية، ومراجعات داخلية متأخّرة ومربكة، وقراراتٌ قمعية بحق الموظفين المعترضين، واحتجاجاتٌ تنتهي أحياناً بالاعتقال. هذا الخط الزمني يرصد أبرز المحطات وفق تسلسلها:
24 كانون الثاني/كانون الثاني 2025: دعم عملياتي مباشر
في أولى المحطات المفصلية، كشفت وثائق داخلية ــ استعرضتها صحيفة ذا غارديان البريطانية بالتعاون مع مجلة 972+ وموقع لوكال كول ــ أنّ اعتماد جيش الاحتلال على خدمات منصة أزور وأدوات الذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت ارتفع بشكلٍ حاد بعد 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023. لا تتحدث التسريبات عن أدوات إدارية فحسب، بل توضح إسناداً تقنياً لعمليات قتالية واستخبارية، بما في ذلك تقديم آلاف الساعات من الدعم الهندسي، وصفقات لا تقل قيمتها عن عشرة ملايين دولار، وإتاحة نطاق واسع للوصول إلى نموذج GPT-4 عبر “أزور”. هذه الصورة المبكرة أسست لفهم الشراكة بوصفها بنية تحتية لحربٍ مستمرة.
26 شباط/شباط 2025: طرد تأديبي أوّل
خلال اجتماع داخلي في ريدموند، وقف موظفون على بُعد أمتار من الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا مرتدين قمصاناً تسأل: “هل يقتل كودنا الأطفال يا ساتيا؟”. لم تتسامح الشركة مع المشهد: طردت خمسة موظفين على خلفية الاحتجاج، فيما أعادت تقارير إخبارية التذكير بدور منتجات مايكروسوفت وأدوات أوبن إيه آي ضمن برنامج عسكريّ لاختيار الأهداف خلال الحربين على غزة ولبنان، وما ترتّب على أخطاء خوارزمية من “وفيات غير عادلة”.
9 إبريل/نيسان 2025: تصاعد احتجاجاتٍ وعقوبات
مع اقتراب الربيع، أخذ الاحتقان داخل مايكروسوفت منحى تصاعدياً، مزج من التنديد العمالي والدعوات العلنية لوقف التعاون العسكري، بالتوازي مع إجراءات عقابية ضد موظفين معارضين. كما كشفت تسريبات عن توسّعٍ في استخدام الذكاء الاصطناعي لدى الجيش الإسرائيلي.
22–23 أيار/أيار 2025: قمع رقميّ لموظفي مايكروسوفت
في أيار، ظهرت سياسةٌ داخلية مثيرة للجدل: حظر رسائل البريد الإلكتروني التي تتضمن كلمات مثل “فلسطين” و”غزة” و”إبادة جماعية”. فسّرت الشركة ذلك بالرغبة في الحدّ من “الرسائل السياسية” على نطاق واسع داخلياً، لكن شهادات موظفين ومنسّقي حملة “لا أزور للفصل العنصري” قرأت في الإجراء قمعاً لحرية التعبير وتمييزاً ضد الموظفين الفلسطينيين والمتضامنين. وخلال أسبوعٍ واحد، طُرد موظفون قاطعوا كلمات قياديين في مؤتمرات عامة، فيما أكّدت مايكروسوفت رسمياً أنها توفّر للحكومة الإسرائيلية خدمات سحابية وذكاءً اصطناعياً، مع نفي استخدامها “لإيذاء المدنيين”.
9 آب/آب 2025: “التدقيق” المتأخر
بعد نشر تحقيقٍ مشترك يُظهر أن الوحدة 8200 خزّنت تسجيلات ملايين مكالمات الفلسطينيين في غزة والضفة على بيئةٍ معزولة داخل “أزور”، أعلنت مايكروسوفت أنها “تدقق” في كيفية استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لمنصتها، وسط شكوكٍ داخلية في أن بعض موظفي فرع إسرائيل قدّموا معلومات “غير دقيقة” عن مشاريع حسّاسة. الشركة نفت علمها باستخدام “أزور” لتخزين محتوى المكالمات، لكن مصادر داخلية أشارت إلى معرفةٍ مؤسسية بعزم الوحدة نقل بياناتٍ استخبارية إلى “أزور” منذ 2021.
20 آب 2025: الاعتصام في ريدموند
صعّد موظفون حاليون وسابقون تحركاتهم باعتصامٍ استمر يومين داخل حرم الشركة في ريدموند. أعلن المحتجون الساحة “منطقة محرّرة”، رافعين مطالب واضحة: قطع العلاقة فوراً مع جيش الاحتلال، وإنهاء الإبادة والتجويع، وتعويض المتضررين، ووقف التمييز. لم تكن الوقفة استعراضاً رمزياً، بل تصعيد منظّم يعكس تبلور حركة عمالية ـ أخلاقية داخل الشركة تطالب بوقف التربّح من الحرب.
21 آب 2025: الاعتقالات
في اليوم التالي، تدخّلت شرطة ريدموند واعتقلت 18 محتجاً اتُّهم بعضهم بالتعدّي و”التسبّب بأضرار” بعد إلقاء طلاءٍ أحمر على لافتة مايكروسوفت. ربط المحتجون تحرّكهم بتقارير التجسّس عبر “أزور”، وباغتيال صحافيين في غزة، مؤكدين رفض التواطؤ في الإبادة. ردّ الشركة كان أمنياً بامتياز: استدعاء الشرطة وإقفال مبانٍ، فيما تواصل الخطاب الرسمي والتمسك بمراجعاتٍ داخلية تنفي حصول استخدامٍ يستهدف المدنيين.
27 آب 2025: وعود وعود وعود
بعد اقتحام المحتجين مجمّعاً يضم مكاتب كبار التنفيذيين، عقد رئيس شركة مايكروسوفت براد سميث مؤتمراً صحافياً استعجل فيه التعهّد بالحفاظ على “معايير حقوق الإنسان” ومواصلة الحوار مع الموظفين. تعهّدت الشركة بمراجعات قانونية خارجية جديدة، واعتبرت ما كُشف “مزاعم دقيقة تستحق مراجعة عاجلة”، من دون أن تُظهر شفافيةً فعلية حيال نتائج تحقيقاتها السابقة التي نفت “إيذاء المدنيين”. الواقع بقي على حاله: احتجاجات تتسع، وسمعةٌ دولية تتآكل، وشبه إقرارٍ بأن استخدامات “أزور” الحكومية تبقى خارج الرؤية المباشرة للشركة.
28 آب 2025: فصل موظفَين
بعد عشرة أيام من موجة الاعتقالات، فصلت مايكروسوفت موظفَين نظّما وقفة تضامنٍ داخل مقر الشركة بواشنطن. الرسالة الإدارية تواصلت على المنوال ذاته: بدلاً من التفاعل الجاد مع أسئلة المسؤولية الأخلاقية، تَغلبُ مقاربةٌ بوليسية داخلية تُصنّف الاحتجاج “تعطيلاً للأعمال”.
29 آب 2025: طرد أربعة موظفين
بعد 24 ساعة فقط، أعلنت تقارير جديدة طرد أربعة موظفين إضافيين على خلفية احتجاجهم على عقود الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية مع الجيش الإسرائيلي. بهذا انتقلنا من طردٍ فرديّ/محدود إلى سياسةٍ شبه ممنهجة، تثبّت خط الشركة: حماية التعاقدات أولاً، ثم إدارة “الضرر” الاتصالي، ولو على حساب أصواتٍ داخلية تحذّر من تعميق التواطؤ التقني مع آلة الحرب.
لماذا “أزور” مركز الجدال؟
من خلال كل التسريبات التي نشرت منذ مطلع هذا العام يبدو واضحاً أن البنية السحابية لـ”أزور” ليست صندوق بريدٍ أو تخزيناً إدارياً فحسب، بل عدّةُ عملٍ عملياتية: تفريغ وترجمة ومعالجة كمٍّ ضخم من بيانات المراقبة الجماعية (مكالمات، نصوص، بريد صوتي)، والبحث السريع داخل النصوص لرصد أنماط وتحديد مواقع. تُظهر الوثائق المسربة نمواً هائلاً في استهلاك أدوات التعلّم الآلي من “أزور” بعد تشرين الأول 2023، وارتفاعاً كبيراً في التخزين والاستخدام خلال الأشهر التالية، وهو ما يفسّر ضغط الموظفين الرافضين لأن تصبح منصتهم العمود الفقري لخرائط القتل الذكية.
by | Aug 28, 2025 | أخبار العالم
فصلت شركة مايكروسوفت الأمريكية موظفَين اثنَين، الأربعاء، بعد اقتحامهما مكتب نائب رئيس مجلس الإدارة ورئيس الشركة، براد سميث، على خلفية احتجاجات مناهضة لعلاقات مزعومة بين الشركة وإسرائيل، بحسب ما نقلت وسائل إعلام أمريكية.
وأفادت قناة “سي بي إس نيوز” أن سبعة أشخاص اقتحموا المكاتب التنفيذية لمقرّ شركة مايكروسوفت العالمي في ريدموند بولاية واشنطن، الثلاثاء، ونفّذوا اعتصاماً داخل المبنى.
وطالب المحتجّون، الذين اعتقلتهم الشرطة، بقطع العلاقات المزعومة بين الشركة وإسرائيل، وذلك في أعقاب تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية في بداية شهر آب/آب، تحدّث عن أن وحدة في الجيش الإسرائيلي تستخدم منصة “أزور” (Azure) السحابية من مايكروسوفت لمراقبة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
- كيف قاطعت ابتهال أبو السعد احتفال مايكروسوفت احتجاجاً على “دعم الشركة لإسرائيل”؟
- بين القصف والاحتجاج: الانقسام يتعمّق في إسرائيل حول حرب غزة
ونقلت صحيفة نيويورك بوست، عن بيان للمتحدث باسم الشركة، قال فيه إن موظفين اثنين فُصلا على خلفية “انتهاكات خطيرة” لسياسات الشركة وقواعد السلوك، مضيفاً أنه كانت هناك عمليات “اقتحام غير قانونية” للمكاتب التنفيذية.
وأكد المتحدث أن هذه الحوادث “تتعارض مع التوقعات التي تضعها الشركة لموظفيها”، وأن الشركة مستمرة في التحقيق بالقضية.
بدورها قالت مجموعة “نو أزور فور أبارتايد”، عبر منشور على منصة إكس، إن الموظفين المفصولين هما، آنا هاتل وريكي فاميلي، مؤكدةً أنهما شاركا في اعتصام داخل مكتب رئيس الشركة للمطالبة بـ “قطع العلاقات مع إسرائيل”.
وتقول المجموعة، التي يعني اسمها بالإنجليزية “لا (أزور) لنظام الفصل العنصري”، عبر موقعها الإلكتروني إنها تشكّلت في سبيل مطالبة مايكروسوفت بـ “إنهاء تواطؤها في نظام الفصل العنصري الإسرائيلي والإبادة الجماعية”، على حدّ وصفها.
وأكّدت المجموعة عبر منصة إكس إطلاق سراح جميع من اعتقلوا على خلفية الاعتصام داخل مقرّ الشركة.
وأفادت وكالة رويترز بأن الخمسة الآخرين الذين شاركوا في الاعتصام كانوا موظفين سابقين في مايكروسوفت، إضافة إلى أشخاص من خارج الشركة.
ونقلت الوكالة عن بيان للموظفة المفصولة هاتل نشرته يوم الأربعاء: “نحن هنا لأن مايكروسوفت تواصل تزويد إسرائيل بالأدوات التي تحتاجها لارتكاب إبادة جماعية، بينما تُضلّل موظفيها بشأن هذا الواقع”.
وكانت صحيفة الغارديان قد نشرت تحقيقاً استقصائياً أجرته بالتعاون مع وسائل إعلام أخرى، يفيد بأن وكالة مراقبة عسكرية إسرائيلية استخدمت منصة “أزور” لتخزين عدد كبير من سجّلات المكالمات التي أجراها فلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
واستجابة لذلك، أعلنت مايكروسوفت أنها ستلجأ إلى شركة محاماة لإجراء مراجعة في هذه المسألة.
- لماذا يخفت صوت الشارع في الضفة رغم الحرب في غزة؟
- حرب غزة: كيف يواجه أطفال غزة فقدان التعليم للعام الثالث على التوالي؟
وليست هذه المرة الأولى التي تُثار فيها مسألة العلاقات المزعومة بين مايكروسوفت وإسرائيل، ففي نيسان/نيسان الماضي، قاطعت موظفة مُحتجة مؤيدة للفلسطينيين، خطاباً للرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت للذكاء الاصطناعي، مصطفى سليمان، خلال احتفال الشركة بالذكرى الخمسين لتأسيسها، احتجاجاً على علاقة الشركة مع إسرائيل. وعلى إثر ذلك طُردت الموظفة إلى جانب موظفة مُحتجة أخرى.
واعتقلت الشرطة الأسبوع الماضي 18 شخصاً بعد احتجاج نفّذوه في مقر الشركة في ريدموند.
وواجهت شركات ومؤسسات تعليمية أخرى احتجاجات بشأن علاقاتها المزعومة مع إسرائيل، وذلك بالتزامن مع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.
واندلعت الحرب في قطاع غزة على إثر هجوم شنته حركة حماس في 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023 على إسرائيل.
وأسفرت الهجمات والعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء الحرب في غزة عن مقتل نحو 63 ألف شخص، بحسب وزارة الصحة في القطاع.
by | Aug 28, 2025 | تكنولوجيا
تعرض موظفان في شركة مايكروسوفت للفصل، أمس الأربعاء، بعد مشاركتهما في اعتصام بمكتب رئيس الشركة احتجاجاً على العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في ظل تواصل حرب الإبادة في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ تشرين الأول 2023. وذكر متحدث باسم مايكروسوفت أنه تم فصلهما في أعقاب “انتهاكات جسيمة لسياسات الشركة ومدونتها للسلوك” متمثلة بـ”اقتحام المكاتب التنفيذية”. وقالت مجموعة “نو آزور فور أبارتايد” الاحتجاجية في بيان إن آنا هاتل وريكي فاميلي تلقيا رسائل صوتية لإبلاغهما بفصلهما.
وكان الموظفان من بين سبعة محتجين تم اعتقالهم يوم الثلاثاء بعد احتلال مكتب رئيس الشركة براد سميث. وكان الخمسة الآخرون من العاملين السابقين في مايكروسوفت أو أشخاص من خارج الشركة. وقالت هاتل في بيان، أمس الأربعاء: “نحن هنا لأن مايكروسوفت تواصل تزويد إسرائيل بالأدوات التي تحتاجها لارتكاب الإبادة الجماعية بينما تقوم بتضليل موظفيها بشأن هذا الواقع”. وطالبت مجموعة “نو آزور فور أبارتايد”، التي يشير اسمها إلى برمجيات “آزور” التابعة لمايكروسوفت، الشركة بقطع علاقاتها بإسرائيل ودفع تعويضات للفلسطينيين.
وقال سميث، يوم الثلاثاء: “نحترم حرية التعبير التي يتمتع بها الجميع في هذا البلد طالما أنهم يقومون بذلك بشكل قانوني”. وأفاد تحقيق إعلامي مشترك بأن جهاز مراقبة تابعا للجيش الإسرائيلي استخدم برمجيات آزور لتخزين عدد لا يحصى من تسجيلات مكالمات الهواتف المحمولة التي أجراها فلسطينيون يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين.
(رويترز، العربي الجديد)
by | Aug 28, 2025 | تكنولوجيا
تعرض موظفان في شركة مايكروسوفت للفصل، أمس الأربعاء، بعد مشاركتهما في اعتصام بمكتب رئيس الشركة احتجاجاً على العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في ظل تواصل حرب الإبادة في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ تشرين الأول 2023. وذكر متحدث باسم مايكروسوفت أنه تم فصلهما في أعقاب “انتهاكات جسيمة لسياسات الشركة ومدونتها للسلوك” متمثلة بـ”اقتحام المكاتب التنفيذية”. وقالت مجموعة “نو آزور فور أبارتايد” الاحتجاجية في بيان إن آنا هاتل وريكي فاميلي تلقيا رسائل صوتية لإبلاغهما بفصلهما.
وكان الموظفان من بين سبعة محتجين تم اعتقالهم يوم الثلاثاء بعد احتلال مكتب رئيس الشركة براد سميث. وكان الخمسة الآخرون من العاملين السابقين في مايكروسوفت أو أشخاص من خارج الشركة. وقالت هاتل في بيان، أمس الأربعاء: “نحن هنا لأن مايكروسوفت تواصل تزويد إسرائيل بالأدوات التي تحتاجها لارتكاب الإبادة الجماعية بينما تقوم بتضليل موظفيها بشأن هذا الواقع”. وطالبت مجموعة “نو آزور فور أبارتايد”، التي يشير اسمها إلى برمجيات “آزور” التابعة لمايكروسوفت، الشركة بقطع علاقاتها بإسرائيل ودفع تعويضات للفلسطينيين.
وقال سميث، يوم الثلاثاء: “نحترم حرية التعبير التي يتمتع بها الجميع في هذا البلد طالما أنهم يقومون بذلك بشكل قانوني”. وأفاد تحقيق إعلامي مشترك بأن جهاز مراقبة تابعا للجيش الإسرائيلي استخدم برمجيات آزور لتخزين عدد لا يحصى من تسجيلات مكالمات الهواتف المحمولة التي أجراها فلسطينيون يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين.
(رويترز، العربي الجديد)
by | Aug 28, 2025 | اقتصاد
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من تشرين الأول/تشرين الأول 2023، وما أعقبها من حملة إبادة وتجويع، ضد أكثر من مليوني فلسطيني، لم يكن دور الشركات الأميركية الكبرى، خاصة عمالقة التكنولوجيا مثل غوغل ومايكروسوفت وأمازون، يقتصر على العلاقات التجارية مع إسرائيل، بل كان مزيجاً من دور الشريك الفاعل والشاهد المتواطئ.
سخرت تلك الشركات برمجياتها أداة لدى الجيش الإسرائيلي، ووفرت قواعد بياناتها وخدماتها السحابية، التي استخدمها مدنيون فلسطينيون ببراءة، لتعقب و”اصطياد” المستخدمين في بيوتهم ومقاهي الإنترنت وشوارعهم.
قائمة طويلة من الاتهامات المؤكدة والضمنية تلاحق عمالقة التكنولوجيا وتوجِب مقاطعتهم، في مقدمتها، توفير خدمات الحوسبة السحابية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن والمخابرات في تعقب الفلسطينيين والتوجس على بياناتهم واتصالاتهم، خاصة بعدما وقعت أمازون وغوغل مشروعاً مشتركاً مع الحكومة الإسرائيلية “مشروع نيمبوس” بقيمة 1.2 مليار دولار في عام 2021. إضافة إلى ذلك توفر خدمات الحوسبة السحابية مقترنة بأدوات الذكاء الاصطناعي وسيلة للجيش الإسرائيلي لمراقبة الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية واغتيالهم، وهي اتهامات تطاول مايكروسوفت وبرنامجها المعروف “أزور“.
تصاعد الحرب ودور عمالقة التكنولوجيا فيها، أدى إلى تصعيد من قبل النشطاء المناهضين للإبادة والموظفين في هذه الشركات الذين يعارضون سياساتها المتواطئة مع الحرب الإسرائيلية، وعلى مدى شهور تعرض عشرات العاملين في غوغل ومايكروسوفت للفصل أو الاعتقال من مقار عملهم بسبب ما أنشطتهم المناهضة لإمدادات إسرائيل بالمعلومات والبيانات أو عدم منعها من استخدام تطبيقاتها المتطورة أدواتٍ للقتل. كانت ذروة تلك الاحتجاجات هذا الأسبوع عندما اقتحم موظفون مناهضون للحرب مقر رئاسة مايكروسوفت في ريدموند بولاية واشنطن على الساحل الغربي واحتلوا مكتب رئيسها التنفيذي براد سميث احتجاجاً على السماح لإسرائيل باستخدام تطبيق “أزور” السحابي. بعد استدعاء الشرطة والقبض على بعض الموظفين، أعلن سميث أن الشركة ستفتح من جديد تحقيقاً في تلك “المزاعم”، وهو وعد رددته مايكروسوفت مراراً من دون أن تنفذه. فماذا تغير في تلك المواجهة؟
معايير مزدوجة
لطالما منحت شركات التكنولوجيا العملاقة موظفيها هامشاً واسعاً للتعبير عن المواقف السياسية في أماكن العمل، لكن موجة النشاط الأخيرة الناهضة للحرب على غزة وضعت بعض العاملين بقطاع التكنولوجيا في مواجهة مع أرباب عملهم. فقد أعلنت مايكروسوفت أمس الأربعاء أنها فصلت موظفَين شاركا في اقتحام مكاتبها هذا الأسبوع. وفي العام الماضي، فصلت غوغل عشرات الموظفين بعدما نظموا اعتصامات مشابهة.
وتقول صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير لها عن تلك المواجهة، إن النقاشات المتعلقة بحرب غزة تضع سياسات العمل في مايكروسوفت وغوغل التابعة لشركة ألفابت على المحك. وتنقل الصحيفة عن موظفين حاليين وسابقين، بالإضافة إلى مراسلات داخلية اطّلعت عليها، أن المشرفين على لوحات النقاش الداخلية حذفوا مرارًا تعليقات مرتبطة بالنزاع. كما تُظهر لقطات اطّلعت عليها الصحيفة أن مشرفي مايكروسوفت حذفوا أسئلة وسجلات نقاش تتعلق بالحرب في غزة وبعمل الشركة مع إسرائيل. ففي لوحة نقاش عامة على مستوى الشركة، كتب أحد الموظفين عن تأثير نقص الغذاء والهجمات على سكان غزة: “إلى متى علينا أن نتحمّل قبل أن نقول كفى؟”. ورد أحد المشرفين على المحتوى بتذكير الكاتب بضرورة الالتزام بقواعد المجموعة التي تحدد ضوابط الحوار باحترام داخل الشركة. وأضاف: “نغلق الآن هذا النقاش أمام التعليقات.”
يوم الثلاثاء الماضي، وبعد اختراق مكتبه، قال براد سميث، رئيس شركة مايكروسوفت، إن الشركة تراجع مزاعم تفيد باستخدام تقنياتها لاستهداف أشخاص في غزة. وكانت الشركة قد حققت سابقًا في ادعاءات باستخدام برامجها للإضرار بالناس، لكنها قالت إنها لم تجد أي دليل على ذلك. لكن سميث كان غاضباً من الاحتجاج الذي وصل إلى مكتبه الشخصي، ووصف أفعال المحتجّين بأنها “لا تمثل السلوك المعتاد للموظفين”، وأكد أن الشركة تراجع تصرّفات المنظمين من الموظفين بالإضافة إلى مراجعة بروتوكولات أمن مبانيها. وقد تم توقيف مهندسي البرمجيات من قبل الشرطة، وتم فصلهما لاحقًا، لينضموا بذلك إلى موظف سابق في غوغل وأربعة موظفين سابقين في مايكروسوفت كانوا ضمن الاحتجاجات.
وقال عبدو محمد، وهو موظف سابق في مايكروسوفت ساهم في تنظيم الاحتجاجات، إنه لاحظ العام الماضي العديد من الحالات التي تدخّل فيها مشرفو المحتوى عندما طرح الموظفون أسئلة على التنفيذيين بشأن عمل الشركة في إسرائيل. وأضاف “مايكروسوفت بذلت قصارى جهدها لاستخدام الأدوات المتاحة لديها للتقليل من أي مخاوف أُثيرت.” وقالت مايكروسوفت إنها تتخذ إجراءات عندما ينتهك محتوى المناقشات سياسات الشركة وإرشاداتها، وأنها تتيح منتديات مخصصة للنقاشات التي قد تكون مثيرة للجدل. وجاء في بيانها “لدينا مسؤولية والتزام بخلق بيئة عمل رقمية آمنة وشاملة.”
جدل متصاعد
ويُعتبر الجدل السياسي الداخلي مسألة معقدة بالنسبة لقواعد العمل في الشركات، خاصة في صناعات مثل التكنولوجيا حيث يمتلك الموظفون تاريخًا من النشاط والمشاركة. لكن بعض الشركات اكتسبت مزيدًا من السيطرة على النقاشات بين موظفيها في سوق عمل يشهد تغيّرات، خصوصاً في ما يتعلق بالقضايا المثيرة للجدل.
في غوغل، احتج الموظفون على العقود المرتبطة بالجيش الأميركي، وفي عام 2018 أقنعوا الشركة بالتوقف عن التعاون مع وزارة الدفاع الأميركية في تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي لتحديد أهداف الطائرات المسيّرة. ومنذ ذلك الحين، اتخذت الشركة خطوات للحد من النقاشات حول السياسة والمواضيع الخلافية الأخرى، من بينها تعيين موظفين لإدارة تلك المحادثات.
وفي إبريل الماضي، فصلت غوغل 28 موظفاً بعد احتجاجهم على عقد بقيمة 1.2 مليار دولار مع الحكومة الإسرائيلية، ثم أقالت بعد ذلك بأيام 20 موظفًا آخرين. وكانت غوغل وأمازون قد وقعتا العقد مع إسرائيل عام 2021.
كما ألقت الشرطة في نيويورك وكاليفورنيا القبض على بعض موظفي غوغل عقب اعتصامات داخل مكاتبها. وقالت غوغل إن الموظفين الذين تم فصلهم عطلوا سير العمل وجعلوا زملاءهم يشعرون بعدم الأمان. وفي أثناء مناقشة الحرب في غزة وعقد الحوسبة السحابية بين غوغل والحكومة الإسرائيلية، أظهرت لقطات اطّلعت عليها “وول ستريت جورنال” أن الموظفين الذين أشاروا إلى “الإبادة الجماعية” في رسائل البريد الإلكتروني أو المنتديات الداخلية تم إغلاق أو حذف مشاركاتهم. كما تلقى بعضهم رسائل من مشرفي المحتوى تشرح أسباب ذلك.
وتقول غوغل إن من المآذارات الروتينية لفريق الإشراف على المحتوى لديها القدرة على إزالة المنشورات التي تنتهك سياسات الشركة المتعلقة بالمحتوى التخريبي، والتي تشمل مجموعة واسعة من الموضوعات إلى جانب مسألة الإبادة الجماعية. وقالت المتحدثة باسم الشركة كورتني منسيني”لقد كنا واضحين بأن مكان العمل لدينا ليس ساحة لمناقشة السياسة أو لإجراء نقاشات تخريبية حول أي موضوع خلافي. لقد ذكّرنا موظفينا بذلك باستمرار ونتخذ بانتظام خطوات لتطبيق السياسات في الحالات النادرة التي يخرق فيها الموظفون القواعد.”
وأبلغ المشرفون موظفة سابقة في غوغل، أعدّت وثيقة تشرح فيها مشاعرها تجاه الصراع في غزة وأرفقت روابط لتغطية إعلامية حول عقد الشركة مع إسرائيل، بأن الوثيقة اعتُبرت مزعزعة للاستقرار في بيئة العمل. كما أزال المشرفون نقاشات أخرى تناولت قضايا مثل استخدام تقنيات المراقبة خلال النزاع. وتركّزت العديد من حالات تدخل المشرفين على سير المحادثات العامة في هذه الشركات على استخدام كلمة “إبادة جماعية”. فقد ظلّ الجدل محتدمًا حول كيفية ومتى يُستخدم هذا المصطلح، وكان تطبيقه على نزاعات مثل أرمينيا ورواندا وغيرها مثيرًا للخلاف.
وعندما استخدم أحد موظفي غوغل كلمة “إبادة جماعية” في محادثة الشهر الماضي، تدخّل المؤسس المشارك سيرغي برين بتحذير شديد، وفقًا للقطات اطّلعت عليها “وول ستريت جورنال”، ونشرتها واشنطن بوست أيضًا في وقت سابق. وتطرّق النقاش إلى التقرير الذي صدر عن مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، الذي أشار إلى أن أعمال عدد من الشركات، من بينها غوغل، تُسهم في دعم حرب إسرائيل على غزة، والتي وصفها التقرير بأنها “حملة إبادة جماعية”.
وكتب الموظف”الشيء الإيجابي الوحيد هنا هو أننا ننفق أموالنا ونمضي كل وقتنا على (جيميني) وليس على شيء أكثر فائدة للإبادة الجماعية”، في إشارة إلى نموذج الذكاء الاصطناعي وروبوت المحادثة الخاص بغوغل. وردّ برين قائلاً”مع كامل الاحترام، التلاعب بمصطلح إبادة جماعية أمر مسيء بعمق لكثير من الناس الذين عانوا إبادة حقيقية. كما أنني أحذّر من الاستشهاد بجهات ذات توجهات معادية للسامية بشكل واضح مثل الأمم المتحدة في هذه القضايا”.