كوالالمبورـ في الذكرى الـ68 لاستقلال بلادهم، يستحضر الماليزيون تلك اللحظة التاريخية التي أنزل فيها آخر أعلام الاستعمار، “العلم ذو الصلبان المتقاطعة بألوانه الأحمر والأزرق والأبيض”، ليرتفع مكانه علم الاستقلال رمزا للحرية والسيادة.
ذلك العلم المكون من الهلال والشمس المشرقة وأشرطة الطول الحمراء والبيضاء التي عكست في حينها عدد الولايات المشكلة لماليزيا الجديدة، وكانت يومها 11 ولاية، قبل أن تنضم إليها 3 ولايات أخرى بعد 6 سنوات.
وخلال هذه العقود، تمكنت ماليزيا من تقليص نسبة الفقر إلى 6% عام 2025، بعد أن كانت تتجاوز 50% غداة الاستقلال في 31 آب/آب 1957.
ويقول الخبير في البنك الدولي بورفا سانغي -في تصريح نقلته وكالة الأنباء الماليزية (برناما)- إن بلاده تقدمت على دول عديدة رافقتها في رحلة الاستقلال مثل الفلبين المجاورة وزامبيا في القارة الأفريقية، مشيرا إلى أن ماليزيا تطمح اليوم إلى “تصفير الفقر” اقتداء بجارتها سنغافورة.
ويذكّر هذا التاريخ الماليزيين بأن الاستعمار مهما طال أمده مصيره الزوال، وأن النهوض يمكن تحقيقه متى توافرت الإرادة الشعبية والقيادة السياسية.
ماليزيا استطاعت بناء نهضة كبيرة بعد الاستقلال (الجزيرة)
ميزات اقتصادية وسياسية
قبل قرون من الاستعمار، حكمت سلطنة ملقة -في القرن الـ14 الميلادي- الساحل الشرقي لشبه جزيرة الملايو وجزيرة سومطرة عبر المضيق الذي حمل اسمها، وقد منحها موقعها الإستراتيجي على مضيق ملقة ميزات اقتصادية وسياسية مهمة، إذ ربطت بين شرق آسيا والشرق الأوسط.
كما عزز اعتناق السلطنة للإسلام -حكاما وشعوبا- العلاقات التجارية مع جنوب الهند والمنطقة العربية، إلى جانب الروابط التقليدية مع الصين، وكان المضيق الذي يتجاوز طوله 800 كيلومتر ويتراوح عرضه بين 50 و320 كيلومترا، صلة وصل بين المحيط الهندي وبحر جنوب الصين.
إعلان
ومن اللافت أن أحفاد المهاجرين المسلمين القدماء من الهند يهيمنون اليوم على قطاع الصيرفة في ماليزيا، وهي مهنة ورثوها عن أجدادهم الذين اعتادوا تبادل السلع وصرف العملات على متن السفن الراسية في المضيق. وكما كانت التجارة مدخلا للازدهار، كان الإسلام عامل استقرار وأمن وسلام.
ولم يفقد المضيق أهميته الإستراتيجية حتى اليوم، إذ تعبره سنويا نحو 94 ألف سفينة تمثل أكثر من 30% من التجارة العالمية. ومع صعود الصين كقوة اقتصادية كبرى خلال العقود الثلاثة الماضية، ظهر مصطلح “معضلة المضيق”، حيث تمر عبره 80% من واردات وصادرات بكين.
وقد دفعت هذه المعطيات القيادة الصينية إلى البحث عن بدائل عبر ممرات في ميانمار وباكستان، وأخرى مقترحة مع تايلند لربط بحر جنوب الصين بالمحيط الهندي عبر بحر إندامان.
مضيق ملقة أحد أكثر الممرات المائية ازدحاما في العالم (الجزيرة)
محطات أساسية
شكل تأسيس حزب “أمنو” (المنظمة الوطنية الملايوية المتحدة) عام 1946 خطوة مركزية على طريق التحرر، إذ وفر للملايويين إطارا رسميا للتفاوض مع الاستعمار البريطاني ووضع اللبنات الأولى لدولة مستقلة. ثم جاء إعلان اتحاد الملايو عام 1948 ليجمع ولايات شبه الجزيرة الغربية.
وفي عام 1956، عقدت الأعراق الثلاثة المكونة للاتحاد (الملايو والصينيون والهنود) اجتماعا اعترف فيه زعماء الصينيين والهنود بالسيادة السياسية للملايو ممثلين بالسلاطين، مقابل منح الجنسية والمواطنة لمن وصفوا حينها بـ”الأجانب”.
وبناء على هذا التوافق، قاد تنكو عبد الرحمن وفريقه مفاوضات مع بريطانيا أفضت إلى إعلان الاستقلال في 31 آب/آب 1957.
بعد 6 سنوات، انضمت ولايات صباح وساراواك وسنغافورة إلى الاتحاد الجديد، لكن الأخيرة انسحبت لاحقا بتفاهم مشترك صادق عليه البرلمان الماليزي.
وقد اعتبر العقد الاجتماعي أساس الاستقلال، إذ بدد ذرائع الاستعمار البريطاني التي طالما اشترطت التوافق السياسي والاجتماعي قبل منح الحرية. غير أن سنوات لاحقة شهدت أعمال عنف عرقية بين الملايو والصينيين نتيجة شعور الأولين بالغبن الاقتصادي، وأدت إلى استقالة رئيس الوزراء الأول تنكو عبد الرحمن.
ولاحقا، انتهج خلفه عبد الرزاق بن حسين سياسة اقتصادية جديدة عام 1971 هدفت إلى معالجة التفاوت بين المكونات العرقية، عبر منح السكان الأصليين “بومي بوترا” أولوية في التعليم والاقتصاد والإدارة، في خطة استمرت 20 عاما لتجسير الهوة مع بقية المكونات.
مسجد حديث يطل على مضيق ملقة (الجزيرة)
إرث الاستعمار
بدأ الاستعمار الأوروبي لملقة عام 1511 حين أطاح البرتغاليون السلطان المحلي بعد حملة بحرية مدعومة بمدافع متطورة، وفي عام 1614، أطاح الهولنديون بالبرتغاليين، قبل أن يتنازلوا عن البلاد للبريطانيين بموجب اتفاقية عام 1824، وعلى خلاف أسلافهم، تدخل البريطانيون في الشؤون الداخلية للسكان، مما فجر سلسلة ثورات.
لكن النهضة التعليمية والثقافية مطلع القرن الـ20 أسهمت في إذكاء الروح الوطنية، خاصة مع تبادل الطلاب مع العالم العربي وبروز الصحافة المحلية مثل “رسالة السلطان”. وقد أثرت الحرب العالمية الثانية -حين احتل اليابانيون المنطقة- في تسريع الوعي بالتحرر، إذ أثار الاستعمار الجديد مشاعر رفض واسعة، قبل أن ينهزم اليابانيون ويعود البريطانيون عام 1945، لتبدأ المرحلة الحاسمة من الكفاح.
إعلان
ويشير مؤرخون إلى أن اغتيال الحاكم البريطاني هنري غورني عام 1951 مثل نقطة تحول دفعت لندن إلى التعجيل بمفاوضات الاستقلال، خاصة مع اتساع نفوذ الاشتراكيين المدعومين من الصين. وقد قايضت بريطانيا السلاطين بالاستقلال مقابل نأيهم بأنفسهم عن المقاومة الاشتراكية.
ملك ماليزيا إبراهيم إسكندر ورئيس الوزراء أنور إبراهيم أثناء الاحتفال بالذكرى 68 للاستقلال (هيئة الإعلام الماليزية)
تحديات الحاضر
رغم ما تحقق، تواجه ماليزيا اليوم جملة تحديات، من بينها تراجع الاستقرار السياسي، واستمرار الفساد، وارتفاع معدلات التضخم مقابل ضعف نمو الدخل، إلى جانب تداعيات التغير المناخي وارتفاع مستوى سطح البحر.
كما يبقى التوازن في العلاقات الخارجية تحديا محوريا، خاصة بين الولايات المتحدة والصين، في ظل التوتر المتصاعد بينهما. ويزداد المشهد تعقيدا مع النزاعات الإقليمية في بحر جنوب الصين، حيث تتمسك بكين بموقفها باعتبار البحر شبه خاص بها.
على الصعيد الداخلي، ما زال خروج سنغافورة من الاتحاد الماليزي يلقي بظلاله الدستورية، حيث تنص اتفاقية انضمام الولايات الثلاث بأن تمتلك حصة الثلث في البرلمان بما يحول دون انفراد شبه جزيرة الملايو بتغيير الدستور، وبخروج سنغافورة فقدت ساراواك وصباح الشرط المعطل، حيث نقص من ممثلي الولايات الثلاث في البرلمان 15 عضوا ليصبح إلى الربع وليس الثلث.
وتستمر الخلافات حول ملكية حقول الغاز والنفط، إضافة إلى إشكاليات إدارية في مجالات الصحة والتعليم وتأخر المشاريع. وتطرح أيضا مطالب بالحفاظ على الخصوصية الثقافية والدينية للولايتين، لاسيما أن نسبة المسلمين في ساراواك لا تتجاوز 25%.
ورغم إقرار الحكومة المركزية حصة 20% من إيرادات الموارد الطبيعية للولايتين، فإن الخلافات حول آليات احتسابها ما زالت قائمة، وإلى جانب ذلك، تتجدد المطالبات بضمان الحقوق الأساسية عبر الدستور، بحيث تبقى بمنأى عن التعديل أو التغيير.
شهدت شركة ستاربكس، المشغلة لمقاهي ستاربكس في ماليزيا، خسائر قياسية بعدما امتنع العملاء عن شراء منتجاتها بسبب دعوات المقاطعة التي استهدفت عدداً من العلامات المشهورة احتجاجاً على الحرب في غزة. وتضاعف صافي خسائر شركة برجايا للأغذية، المشغلة للعلامة، بأكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى 292 مليون رينجيت ماليزي (69 مليون دولار) للسنة المالية المنتهية في حزيران/حزيران، وفقاً لما أعلنته الشركة ونقلته وكالة بلومبيرغ.
كما انخفضت إيرادات الشركة بنسبة 36% على أساس سنوي لتصل إلى 477 مليون رينجيت ماليزي. وعزت الشركة هذه النتائج إلى التأثير الممتد للأجواء المرتبطة بالصراع في الشرق الأوسط، والذي انعكس على ديناميكيات السوق وأنماط إنفاق العملاء. ونتيجة لذلك، طُلب من “برجايا للأغذية” رصد المخصصات اللازمة لانخفاض قيمة الممتلكات والمصانع والمعدات، إضافة إلى أصول حق الانتفاع الناتجة عن تقليص عمليات ستاربكس في ماليزيا.
وأظهر التقرير أن الخسائر تضاعفت ستة أضعاف تقريباً لتصل إلى 152.8 مليون رينجيت. وقد واجهت العلامات الأميركية للوجبات السريعة منذ العام الماضي تكثيفًا في حملات المقاطعة بسبب صلاتها المزعومة بإسرائيل وسط الحرب في غزة. بحسب “بلومبيرغ”، صرح الرئيس التنفيذي لشركة ستاربكس برايان نيكول، خلال زيارته الأولى للشرق الأوسط منذ توليه منصبه العام الماضي، بأن المقاطعة لم تكن مبنية على أي أساس دقيق أو صحيح، مضيفًا: “لم ندعم أي جيوش قط.”
وكان نيكول قد أقر في وقت سابق من هذا العام بأن حملة المقاطعة التي واجهتها الشركة في 2024 بمنطقة الشرق الأوسط كان لها أثر كبير على حركة المبيعات والإيرادات. وقد انطلقت هذه الحملة على خلفية اتهامات واسعة لستاربكس بدعم إسرائيل التي تشن حربًا مدمرة على قطاع غزة، وهو ما وصفه نيكول بأنه “غير دقيق وغير صحيح”. يُذكر أن شركة الشايع، الشريك المحلي لستاربكس في المنطقة، اضطرت العام الماضي إلى تسريح نحو ألفي موظف بسبب ما وصفته بـ”ظروف السوق الصعبة”.
حملات المقاطعة
تعود جذور حملات المقاطعة إلى اتهامات موجهة ضد ستاربكس بدعم إسرائيل وعدم اتخاذ موقف ضاغط عليها خلال حربها في غزة. وقد لقيت هذه الحملات دعمًا واسعًا من المستهلكين في المنطقة، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في المبيعات وحركة العملاء داخل المتاجر. ورغم محاولات ستاربكس نفي هذه الاتهامات، إلا أن آثارها السلبية كانت واضحة على الأداء المالي والإداري للشركة. وأقر نيكول بأن ستاربكس تواجه تحديات متعددة، أبرزها تراجع المبيعات في المنطقة، إلى جانب مشاكل أخرى مثل طول فترات الانتظار في المتاجر وارتفاع الأسعار الذي دفع بعض المستهلكين إلى تقليص مشترياتهم.
الأداء المالي العالمي
رغم خطط ستاربكس الطموحة لافتتاح 500 متجر جديد وإضافة 5 آلاف وظيفة خلال السنوات الخمس المقبلة، فإن التحديات الحالية تضعها في موقف صعب، بحسب “بلومبيرغ”. وكانت سلسلة المقاهي الأميركية قد كشفت عن تراجع مبيعاتها بنسبة 7% خلال الفترة بين تموز/تموز وأيلول/أيلول 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، في ظل حملات المقاطعة.
وأصدرت ستاربكس بياناتها المالية للربع الأخير من العام الماضي (تموز/تموز – أيلول/أيلول)، حيث تراجعت أرباح الشركة إلى 909.3 ملايين دولار مقابل 1.21 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق. فقد انخفضت مبيعات ستاربكس في أميركا الشمالية والولايات المتحدة بنسبة 6%، وتراجعت المبيعات في الأسواق الدولية بنسبة 9%، أما في الصين فقد انخفضت المبيعات بنسبة 14%.
وبلغت إيرادات ستاربكس في الفترة بين تموز وأيلول 2024 نحو 9.1 مليارات دولار، مسجلة انخفاضًا سنويًا بنسبة 3.2%. كما تراجع ربح الشركة للسهم الواحد بنسبة 25% ليصل إلى 80 سنتًا، وهو ما جاء أقل من توقعات السوق.
تُظهر الخسائر القياسية لستاربكس في ماليزيا، وما رافقها من تراجع عالمي في المبيعات، أن حملات المقاطعة الشعبية لم تعد مجرد ردة فعل عابرة، بل تحولت إلى أداة ضغط مؤثرة تمتد آثارها إلى كبرى الشركات متعددة الجنسيات. وبينما تحاول ستاربكس مواجهة هذه الأزمة بخطط للتوسع وافتتاح متاجر جديدة، يبقى نجاحها مرهونًا بقدرتها على استعادة ثقة المستهلكين والتكيف مع واقع اقتصادي متغير تفرضه التوترات الجيوسياسية. وفي ظل استمرار الصراع في غزة، تبدو التحديات أمام الشركة أكبر من أي وقت مضى، مما يجعل تجربة ماليزيا مؤشرًا واضحًا على ما قد يواجهه عملاق القهوة الأميركي في أسواق أخرى حول العالم.
شهدت شركة ستاربكس، المشغلة لمقاهي ستاربكس في ماليزيا، خسائر قياسية بعدما امتنع العملاء عن شراء منتجاتها بسبب دعوات المقاطعة التي استهدفت عدداً من العلامات المشهورة احتجاجاً على الحرب في غزة. وتضاعف صافي خسائر شركة برجايا للأغذية، المشغلة للعلامة، بأكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى 292 مليون رينجيت ماليزي (69 مليون دولار) للسنة المالية المنتهية في حزيران/حزيران، وفقاً لما أعلنته الشركة ونقلته وكالة بلومبيرغ.
كما انخفضت إيرادات الشركة بنسبة 36% على أساس سنوي لتصل إلى 477 مليون رينجيت ماليزي. وعزت الشركة هذه النتائج إلى التأثير الممتد للأجواء المرتبطة بالصراع في الشرق الأوسط، والذي انعكس على ديناميكيات السوق وأنماط إنفاق العملاء. ونتيجة لذلك، طُلب من “برجايا للأغذية” رصد المخصصات اللازمة لانخفاض قيمة الممتلكات والمصانع والمعدات، إضافة إلى أصول حق الانتفاع الناتجة عن تقليص عمليات ستاربكس في ماليزيا.
وأظهر التقرير أن الخسائر تضاعفت ستة أضعاف تقريباً لتصل إلى 152.8 مليون رينجيت. وقد واجهت العلامات الأميركية للوجبات السريعة منذ العام الماضي تكثيفًا في حملات المقاطعة بسبب صلاتها المزعومة بإسرائيل وسط الحرب في غزة. بحسب “بلومبيرغ”، صرح الرئيس التنفيذي لشركة ستاربكس برايان نيكول، خلال زيارته الأولى للشرق الأوسط منذ توليه منصبه العام الماضي، بأن المقاطعة لم تكن مبنية على أي أساس دقيق أو صحيح، مضيفًا: “لم ندعم أي جيوش قط.”
وكان نيكول قد أقر في وقت سابق من هذا العام بأن حملة المقاطعة التي واجهتها الشركة في 2024 بمنطقة الشرق الأوسط كان لها أثر كبير على حركة المبيعات والإيرادات. وقد انطلقت هذه الحملة على خلفية اتهامات واسعة لستاربكس بدعم إسرائيل التي تشن حربًا مدمرة على قطاع غزة، وهو ما وصفه نيكول بأنه “غير دقيق وغير صحيح”. يُذكر أن شركة الشايع، الشريك المحلي لستاربكس في المنطقة، اضطرت العام الماضي إلى تسريح نحو ألفي موظف بسبب ما وصفته بـ”ظروف السوق الصعبة”.
حملات المقاطعة
تعود جذور حملات المقاطعة إلى اتهامات موجهة ضد ستاربكس بدعم إسرائيل وعدم اتخاذ موقف ضاغط عليها خلال حربها في غزة. وقد لقيت هذه الحملات دعمًا واسعًا من المستهلكين في المنطقة، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في المبيعات وحركة العملاء داخل المتاجر. ورغم محاولات ستاربكس نفي هذه الاتهامات، إلا أن آثارها السلبية كانت واضحة على الأداء المالي والإداري للشركة. وأقر نيكول بأن ستاربكس تواجه تحديات متعددة، أبرزها تراجع المبيعات في المنطقة، إلى جانب مشاكل أخرى مثل طول فترات الانتظار في المتاجر وارتفاع الأسعار الذي دفع بعض المستهلكين إلى تقليص مشترياتهم.
الأداء المالي العالمي
رغم خطط ستاربكس الطموحة لافتتاح 500 متجر جديد وإضافة 5 آلاف وظيفة خلال السنوات الخمس المقبلة، فإن التحديات الحالية تضعها في موقف صعب، بحسب “بلومبيرغ”. وكانت سلسلة المقاهي الأميركية قد كشفت عن تراجع مبيعاتها بنسبة 7% خلال الفترة بين تموز/تموز وأيلول/أيلول 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، في ظل حملات المقاطعة.
وأصدرت ستاربكس بياناتها المالية للربع الأخير من العام الماضي (تموز/تموز – أيلول/أيلول)، حيث تراجعت أرباح الشركة إلى 909.3 ملايين دولار مقابل 1.21 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق. فقد انخفضت مبيعات ستاربكس في أميركا الشمالية والولايات المتحدة بنسبة 6%، وتراجعت المبيعات في الأسواق الدولية بنسبة 9%، أما في الصين فقد انخفضت المبيعات بنسبة 14%.
وبلغت إيرادات ستاربكس في الفترة بين تموز وأيلول 2024 نحو 9.1 مليارات دولار، مسجلة انخفاضًا سنويًا بنسبة 3.2%. كما تراجع ربح الشركة للسهم الواحد بنسبة 25% ليصل إلى 80 سنتًا، وهو ما جاء أقل من توقعات السوق.
تُظهر الخسائر القياسية لستاربكس في ماليزيا، وما رافقها من تراجع عالمي في المبيعات، أن حملات المقاطعة الشعبية لم تعد مجرد ردة فعل عابرة، بل تحولت إلى أداة ضغط مؤثرة تمتد آثارها إلى كبرى الشركات متعددة الجنسيات. وبينما تحاول ستاربكس مواجهة هذه الأزمة بخطط للتوسع وافتتاح متاجر جديدة، يبقى نجاحها مرهونًا بقدرتها على استعادة ثقة المستهلكين والتكيف مع واقع اقتصادي متغير تفرضه التوترات الجيوسياسية. وفي ظل استمرار الصراع في غزة، تبدو التحديات أمام الشركة أكبر من أي وقت مضى، مما يجعل تجربة ماليزيا مؤشرًا واضحًا على ما قد يواجهه عملاق القهوة الأميركي في أسواق أخرى حول العالم.