غوتيريس يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في الفاشر غربي السودان

غوتيريس يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في الفاشر غربي السودان

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس

الجمعة، إلى وقف فوري لإطلاق النار في مدينة الفاشر وما حولها في ولاية شمال دارفور السودانية. وقال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك في بيان، إن غوتيريس يشعر بصدمة بسبب الهجمات المتواصلة لقوات الدعم السريع على عاصمة شمال دارفور. وأشار إلى أن “الفاشر تخضع لحصار مشدد منذ أكثر من 500 يوم، وهناك مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين في المنطقة”. وقال المتحدث إن الأمين العام يشعر بقلق شديد إزاء المخاطر الكبيرة المتمثلة بحدوث انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، وكذلك انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الانتهاكات التي لها دوافع عرقية.

وبحسب دوجاريك، فإن الأمم المتحدة وثقت منذ 11 آب/آب، مقتل ما لا يقل عن 125 مدنياً في منطقة الفاشر، بما في ذلك عمليات إعدام دون محاكمة، ومن المرجح أن يكون عدد القتلى الحقيقي أعلى. وأضاف: “الأمين العام للأمم المتحدة يصر على ضرورة اتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام ودون معوقات إلى المنطقة، والسماح لأي مدني يسعى لمغادرة المنطقة طواعية للقيام بذلك بأمان”.

وتفرض قوات الدعم السريع، التي تخوض حرباً ضد الجيش منذ منتصف إبريل/ نيسان 2023، حصاراً منذ أيار/ أيار من العام نفسه على الفاشر، المدينة الرئيسية الوحيدة في الإقليم التي ما زالت تحت سيطرة الجيش. ومنذ أن سيطر الأخير على الخرطوم في آذار/ آذار، صعّدت قوات الدعم السريع هجماتها على الفاشر والمخيمات المحيطة بها في محاولة لإحكام قبضتها على غرب السودان، واتخذت الحرب منحى أكثر مأساوية في الأسابيع الأخيرة، في ظل شن قوات الدعم السريع غارات وصفت بأنها الأعنف منذ بداية الحرب، فيما يعيش عشرات الآلاف من السكان بلا مأوى أو طعام كافٍ، وسط انتشار مرض الكوليرا في ظل غياب المياه النظيفة والرعاية الصحية.

(أسوشييتد برس، العربي الجديد)

السودان.. غوتيريش مصدوم من هجمات الدعم السريع ويدعو لوقف فوري لإطلاق النار في الفاشر

السودان.. غوتيريش مصدوم من هجمات الدعم السريع ويدعو لوقف فوري لإطلاق النار في الفاشر

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف فوري لإطلاق النار في الفاشر في ولاية شمال دارفور السودانية، وقال إنه مصدوم بالهجمات المتواصلة لقوات الدعم السريع.

وقال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك في بيان إن غوتيريش يشعر بصدمة بسبب الهجمات المتواصلة لقوات الدعم السريع على عاصمة شمال دارفور.

وأشار إلى أن “الفاشر تخضع لحصار مشدد منذ أكثر من 500 يوم، وهناك مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين في المنطقة”.

وقال المتحدث إن الأمين العام يشعر بقلق شديد إزاء المخاطر الكبيرة المتمثلة في حدوث انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي وكذلك انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الانتهاكات ذات دوافع عرقية.

وأشار دوجاريك إلى أنه منذ 11 آب، وثقت الأمم المتحدة مقتل ما لا يقل عن 125 مدنيا في منطقة الفاشر، بما في ذلك عمليات إعدام بدون محاكمة، ومن المرجح أن يكون عدد القتلى الحقيقي أعلى.

وقال دوجاريك إن الأمين العام للأمم المتحدة “يصر على ضرورة اتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام وبدون معوقات إلى المنطقة، والسماح لأي مدني يسعى إلى مغادرة المنطقة طواعية للقيام بذلك بأمان”.

المصدر: “أ ب”

العدالة ضحية أخرى للحرب السودانية

العدالة ضحية أخرى للحرب السودانية

تتواصل الحرب الأهلية السودانية، للعام الثالث، مع تقدّم قوات الجيش وتأمين العاصمة الخرطوم بعد هزيمة قوات الدعم السريع وانسحابها منها. ومع تعيين السلطة العسكرية رئيس وزراء مدني بلا صلاحيات، إذ يتولّى عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر مهمّة تهيئة المدينة لعودة العاصمة النازحة من مدينة بورتسودان في شرق البلاد، ويتولّى أعضاء المجلس العسكري الحاكم مع قادة الحركات المسلحة وقيادات الحركة الإسلامية إدارة العمليات الحربية، ويسيطر المجلس العسكري على إدارة الشؤون الخارجية والأمنية، كما يسيطر على الشؤون المالية للبلاد بالشراكة مع حركة العدل والمساواة، وهي حركة مسلحة موقّعة على اتفاق جوبا لسلام السودان 2020 الذي وقعه عن النظام السوداني قائد مليشيا الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي). وقد عدّل الجيش الوثيقة الدستورية الانتقالية مرّة جديدة ليزيل عنها كل ما يتصل بثورة كانون الأول (2018) والتحوّل المدني الديمقراطي، وتفكيك قبضة الجيش على الاقتصاد، فقد نصّت الوثيقة في تعديلها بليل في 2025 على سيطرة الجيش على المؤسسات الاقتصادية التابعة له. بعد أن سعت الحكومة الانتقالية قبل انقلاب 25 تشرين الأول (2021) الى وضع كل شركات الجيش الاستثمارية تحت ولاية وزارة المالية.

أما “الدعم السريع” فيواصل مع المتحالفين معه في تأسيس حكومته الموازية من مدينة نيالا، التي تشهد تسلّطاً أمنياً لا يختلف عما يرتكب في مناطق سيطرة الجيش. يظهر عبدالرحيم دقلو (شقيق قائد المليشيا وقائدها الثاني) آمراً قواته بتفتيش هواتف المواطنين، وقتل كل من في هاتفه رسالة أو صورة او منشور يؤكد ارتباطه بـ “العدو”.

كما تضج المدينة بالمعتقلات غير الإنسانية، مثل التي أنشأها “الدعم السريع” إبّان احتلاله العاصمة الخرطوم. كما نقلت المليشيا مئات الأسرى من الخرطوم في أثناء انسحابها. حجم الوفيات في المعتقلات المشابهة في الخرطوم ومدني، وتفشّي الأوبئة وسط المختطفين، والتعذيب، كلها تعطي صورة عن شكل المأساة في معتقلات “الدعم السريع” في نيالا والضعين وغيرهما. كما يتحمّس منسوبو “الدعم السريع” لتصوير جرائمهم، وقتل العزّل والأسرى وتعذيبهم. مثلما يتحمّس مقاتلو تحالف الجيش لتصوير مستنفرين يلقون شاباً حياً في النيل (!) أو أحد المسلحين مرتدياً زياً نظامياً ويطلق الرصاص على شخص في وسط الحي مع زغاريد النساء وهتاف المحتفلين. مشهد يليق بفيلم “مالينا”. إذ يطلق منسوبو القوات النظامية الرصاص على المتهمين بالتعاون مع “الدعم السريع” في الشارع. وينشر مستنفرون مقاطع مصوّرة تفاخر أن ذبح العدو من الدين. أغلب من يظهرون في هذه الفيديوهات مدنيون انخرطوا في القتال لسببٍ أو آخر. ومن المفترض أن الذبّاحين وقاتلي الأسرى وقاذفي المتهمين في النهر ودافني الأحياء في قبور جماعية سيعودون، إذا انتهت الحرب، الى حيواتهم المدنية. يأكلون معك الطعام، ويمشون بجوارك في الأسواق.

المنتصرون في الخرطوم وفي نيالا يوجهون نصال عدالتهم إلى الآخر المختلف. في مناطق سيطرة الجيش من السهل أن تقتل أو تعتقل بتهمة التعاون والتخابر. أما أحكام الإعدام فإنها تصدُر بلا توقف. ومن 21 آب/ آب الجاري حتى 28 منه أعلنت النيابة العامة عن صدور 14 حكماً بالإعدام من محاكم متعدّدة ضد متهمين بالتعاون مع قوات الدعم السريع، وتقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب ضد الدولة وجرائم ضد الإنسانية.

أما في مناطق سيطرة الدعم السريع فلم تبلغ حكومتهم الموازية بعد مرحلة الأحكام القضائية، لكن الموت هو الموت. وإن أعلن تحالف الدعم السريع هياكل سلطته، وأدّت اليمين خلال هذا الأسبوع كما هو متوقع، فسنشهد الأحكام المتوالية بالإعدام على أفعال مثل امتلاك أوراق نقدية صادرة عن السلطة الأخرى.

طوال سنوات الحكم العسكري للسودان الممتد أكثر من نصف قرن، أضرّت النظم الشمولية بالخدمة المدنية، وبالأجهزة القضائية، ثم جاءت الحرب الأهلية الكبرى في 15 إبريل/ نيسان 2023 لتهدم البنيان الهشّ الذي ظل نصف قرن يتعرّض للتجريف، ولتقتل الحرب السودانيين بالرصاص والجوع والأوبئة وحبل المشنقة بتهمة التعاون.

تخضع لحصار خانق.. غوتيريش يدعو إلى وقف إطلاق النار في الفاشر السودانية

تخضع لحصار خانق.. غوتيريش يدعو إلى وقف إطلاق النار في الفاشر السودانية

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجمعة، عن قلقة إزاء الهجمات المتواصلة التي تشنها قوات الدعم السريع، على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في المدينة.

جاء ذلك في بيان منسوب للمتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، نشره موقع “أخبار الأمم المتحدة” الإلكتروني، دون ذكر اسم المتحدث الأممي.

وأوضح البيان، أن الفاشر “تخضع لحصار خانق منذ أكثر من 500 يوم، حيث يُحاصر مئات الآلاف من المدنيين” في المنطقة.

وشرح أن “الأسابيع الأخيرة شهدت قصفًا شبه متواصل للمنطقة، وتوغلات مميتة متكررة في مخيم أبو شوك للنازحين، حيث تم الإعلان عن ظروف المجاعة هناك في كانون الأول/ كانون الأول 2024”.

“عمليات إعدام بإجراءات موجزة”

وكشف البيان، أنه منذ 11 آب/ آب الجاري، “وثقت الأمم المتحدة مقتل ما لا يقل عن 125 مدنيًا في منطقة الفاشر، بما في ذلك عمليات إعدام بإجراءات موجزة، ومن المرجح أن يكون عدد القتلى الفعلي أعلى من ذلك” .

وأعلن غوتيريش، عن قلقه إزاء المخاطر الجسيمة المتمثلة في وقوع “انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني”، فضلًا عن “انتهاكات وتجاوزات للقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الانتهاكات ذات الدوافع القبلية”، وفق البيان.

ولفت البيان إلى أنه جرى تجهيز إمدادات إغاثية في مكان قريب من المدينة، لكن جهود الأمم المتحدة وشركائها لنقلها إلى الفاشر “لا تزال تواجه عراقيل”.

وأضاف أن “الأشهر الأخيرة شهدت هجمات متكررة على العاملين في المجال الإنساني وأصول المساعدات الإنسانية في شمال دارفور”.

ودعا غوتيريش، إلى “وقف فوري لإطلاق النار في الفاشر وما حولها”.

وشدد على “ضرورة اتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة بشكل آمن ودون عوائق ومستدام، والسماح لأي مدني يرغب في مغادرة المنطقة طواعية بمغادرتها بأمان”.

“هجمات هي الأعنف”

ودأبت اللجان الشعبية والسلطات المحلية في الفاشر على اتهام الدعم السريع بالمسؤولية عن القصف المدفعي والهجمات المتكررة على المدينة، التي تفرض عليها حصارًا منذ 10 أيار/ أيار 2024، رغم التحذيرات الدولية من خطورة المعارك في الفاشر باعتبارها مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.

ومنذ أكثر من عام، تحاصر قوات الدعم السريع الفاشر عاصمة شمال دارفور، وهي العاصمة الوحيدة في الإقليم الشاسع التي لا تزال تحت سيطرة الجيش، إلا أن شهود عيان وطواقم إغاثة يتحدثون في الأسابيع الأخيرة عن هجمات للدعم السريع هي الأعنف منذ بدء الحرب.

وأدت الحرب إلى تقسيم السودان إلى مناطق نفوذ إذ يسيطر الجيش على شمال وشرق البلاد بينما تسيطر الدعم السريع على معظم إقليم دارفور في الغرب وأجزاء من الجنوب.

مذكرات امرأة سودانية حامل فرّت من الحرب: “تمنيت ألّا يُولد الطفل”

مذكرات امرأة سودانية حامل فرّت من الحرب: “تمنيت ألّا يُولد الطفل”

في شهر أيار/أيار الماضي، شرعت أميرة في رحلة محفوفة بالمخاطر عبر إحدى مناطق الحرب الأكثر سخونة في السودان.

وكانت قوات الدعم السريع شبه العسكرية قد سيطرت حديثاً على المدينة التي كانت تعيش فيها، وهي مدينة النهود في ولاية غرب كردفان.

كان الطريق محفوفاً بالمخاطر، لكنها شعرت أنه لا خيار أمامها. فقد كانت حبلى في شهرها السابع.

قالت أميرة: “لم تعد هناك مستشفيات ولا صيدليات، وكنت أخشى ألا أجد أي سيارة مغادرة إذا بقيتُ لفترة أطول. أصبح السفر شبه معدوم، وصعباً للغاية ومكلفاً جداً”.

حصدت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أرواح المدنيين لأكثر من عامين. والآن، انتقلت جبهات القتال إلى منطقة كردفان الجنوبية، التي عبرتها أميرة.

ولا تستخدم بي بي سي في هذا التقرير اسمها الحقيقي، وذلك في سبيل حماية هويتها.

أثناء فرارها، سجّلت أميرة مذكرات صوتية عرضتها منظمة “آفاز” الحقوقية على بي بي سي. كما تواصلنا معها هاتفياً في العاصمة الأوغندية كامبالا، حيث تنتظر ولادة طفلها.

وكانت رحلة أميرة منذ بدايتها تعتريها الصعاب.

  • لماذا تعتبر معركة كردفان حاسمة في الحرب السودانية؟

وقالت أميرة إن قوات الدعم السريع وحلفاءها كانوا يسيطرون على جميع وسائل النقل.

وعندما صعدت هي وزوجها على متن شاحنة لنقلها من مدينة النهود، اندلع شجار بين الشاب الذي استأجر المركبة لعائلته، وسائق من قوات الدعم السريع الذي كان يعرض مزيداً من المقاعد على ركاب آخرين.

قالت أميرة: “أخرج السائق سلاحه على الفور وهدد بإطلاق النار على الشاب الذي استأجر الشاحنة. كان الجميع يتوسلون إليه، بمن فيهم رفيقه من قوات الدعم السريع”.

“كانت جدة الصبي ووالدته تبكيان وتمسكان بساقي السائق، وتتوسلان إليه ألا يطلق النار. كنا نحن الركاب متجمدين من الخوف”.

تضيف أميرة: “لسبب وجيه، شعرتُ أنه إذا قرر إطلاق النار، فسيُطلق النار على العديد من الأشخاص، وليس شخصاً واحداً فقط، لأنه كان ثملاً ويدخن الماريغوانا”.

وأخيراً أبعد السائق مسدسه جانباً، لكن الشاب بقي في مدينة النهود.

انطلقت الشاحنة المحملة بالركاب على طريق غير مستوٍ مليء بالحفر وتتخلله الجداول، محملةً بالأمتعة و70 أو 80 شخصاً، بينهم أمهات يتمسكن بأي شيء يمكنهن الإمساك به، ويحاولن الحفاظ على سلامة أطفالهن في الوقت ذاته.

قالت أميرة: “كنت خائفة طوال الوقت. كنت أدعو الله ألّا يُولد الطفل الذي في رحمي، وكنت آمل أن يكون كل شيء على ما يرام”.

  • نقص التغذية في الفاشر يبلغ أسوأ مراحله، والإمارات تتهم الحكومة السودانية بعرقلة جهود السلام
صورة تُظهر رجالاً يدفعون مركبة محملة بالأمتعة على طريق ترابي في السودان.
تعطلت المركبات التي سافرت بها أميرة وزوجها عدة مرات خلال رحلتهما اليائسة

في النهاية، وصل المسافرون إلى مدينة الفولة، عاصمة ولاية غرب كردفان. لكن أميرة لم ترغب في البقاء هناك أكثر مما ينبغي، لأن الجيش كان يقترب من المنطقة.

وقالت أميرة في مذكراتها الصوتية: “لم أكن أعرف ماذا سيحدث إذا وصل الجيش إلى الفولة، خاصة وأن الجنود بدأوا في استهداف أشخاص من مجموعات عرقية معينة يعتقدون أنها مرتبطة بقوات الدعم السريع، مثل البقارة والرزيقات”.

تابعت أميرة: “زوجي ينتمي إلى إحدى هذه المجموعات العرقية، مع أنه لا علاقة له بقوات الدعم السريع. هو موظف في القطاع العام، ودرس القانون، لكن هذا لا يهم الآن؛ فالناس يُستهدفون لمجرد انتمائهم العرقي”.

وقد اتُهمت القوات المسلحة السودانية والميليشيات المتحالفة معها بملاحقة المدنيين المشتبه في تعاونهم مع قوات الدعم السريع في الأراضي التي تسيطر عليها، وهو ما وصفته الأمم المتحدة بـ “تقارير موثوقة عن عمليات قتل خارج القانون”.

وكان الجيش السوداني قد أدان في وقت سابق الانتهاكات “الفردية” التي ارتكبها بعض جنوده، عندما اتُّهم بانتهاك حقوق الإنسان.

وشكّل رئيس أركان الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، لجنة في وقت سابق من هذا العام للتحقيق في الانتهاكات المزعومة خلال اجتياح الجيش لوسط السودان.

  • السودان: كيف يؤثر الإعلان عن حكومة موازية في أزمة البلد ومستقبله؟
  • قصة مدينة الفاشر من الازدهار في عصر سلطنة الفور وحتى اليوم

أصبحت كردفان، المكونة من ثلاث ولايات، ساحة المعركة الرئيسية. وتتمتع هذه المنطقة بأهمية بالغة في حرب السودان، إذ تضم حقول نفط رئيسية، وتُعد محوراً استراتيجياً لطرق النقل المهمة.

وقد أدى تورط ميليشيات أخرى إلى جانب قوات الدعم السريع، وخاصة “الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال”، إلى تصعيد العنف وتفاقم الأزمة الإنسانية، ما يجعل من شبه المستحيل على منظمات الإغاثة إرسال الإمدادات.

بعد مغادرة الفولة، قضت أميرة ثلاثة أيام، وتنقلت خلالها بين عدة مركبات، للوصول إلى الحدود مع جنوب السودان، حيث الأمان. وكانت العقبات لا حصر لها.

وقالت إن “سائقي قوات الدعم السريع كانوا يعملون حسب مزاجهم”.

“كانوا يقررون من يركب، وأين يجلس، ومقدار الأجر. لم تكن هناك تسعيرة محددة، وكان عليك تحمّل ذلك. فهؤلاء الرجال مسلحون، وكان العنف أمراً هيّناً بالنسبة لهم”.

وأضافت أن المسافرين كانوا يتوقفون كل عشرين دقيقة تقريباً عند نقاط تفتيش تابعة لقوات الدعم السريع، ويجبرون على دفع الأموال لعناصر القوات المتمركزين هناك.

وذلك على الرغم من أنهم كانوا برفقة أفراد تابعين لقوات الدعم السريع، وكانوا يدفعون لهم أيضاً.

كان الطعام باهظ الثمن، وكانت المياه شحيحة.

صورة تُظهر سريراً مصنوعاً من الخيوط وأغصان الأشجار موضوعاً فوق طريق موحل.
استأجرت أميرة هذا السرير لقضاء ليلة في قرية الحجيرات حيث تمكنت من الاتصال بالإنترنت عبر ستارلينك

في قرية الحجيرات، تمكن المسافرون من الاتصال بالإنترنت عبر جهاز ستارلينك تابع لقوات الدعم السريع، لكن حتى هذا الأمر انطوى على مخاطر.

قالت أميرة: “بمجرد اتصالك بالإنترنت، عليك توخي الحذر. إذا سمعك أفراد قوات الدعم السريع وأنت تشاهد فيديو للجيش، أو تشغّل نغمة رنين أو أغنية عسكرية، أو تذكر قوات الدعم السريع بشكل عرضي خلال محادثة، فسيعتقلونك”.

كانت حالة الطرق سيئة للغاية، وكانت المركبات تتعطل باستمرار، وتعطّلت مركبة أميرة ثلاث مرات أثناء الرحلة.

أسوأ لحظة لأميرة كانت عندما انفجر إطار المركبة التي تُقلّها أثناء مرورها عبر غابة أكاسيا، تاركةً الركاب عالقين دون ماء. وكان السائقون المارّون بالطريق يقولون إنه لا يملكون مساحة إضافية.

قالت أميرة: “أقسم بالله، شعرت أنني قد لا أصل إلى مكان آخر أبداً، وأنني سأموت هناك”.

“لقد استسلمت. لم يكن لدي سوى بطانية، لذا أخذتها واستلقيت ونمت على الأرض”، “في ذلك اليوم، شعرت حقاً أن نهايتي ستكون هناك”.

لكن لم تكن تلك النهاية، تمكنت أميرة وزوجها أخيراً من ركوب شاحنة صغيرة محملة بشحنة من الخضروات.

  • قتال عنيف في مدينة الفاشر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
  • اليوم العالمي للاجئين: سودانيات بين الاغتصاب والاستغلال في ليبيا

وفي اليوم التالي، وصلوا إلى أبيي عند الحدود، لكن السفر إلى هناك تباطأ بسبب الأمطار والفيضانات.

في هذه المرحلة كانوا داخل مركبة محملة ببراميل الوقود، وظلت المركبة تتعطل.

قالت أميرة: “كانت السيارة تغرق في الوحل مراراً وتكراراً”.

“كانت ملابسنا مبللة. وكذلك حقائبنا، التي تضررت أصلاً بسبب الغبار والحرارة، والآن أصبحت مبللة”.

“كنا نتجمد من البرد وكنا ندعو الله أن نصل إلى بر الأمان”.

وفي نهاية المطاف، وصل الزوجان إلى جوبا، عاصمة جنوب السودان، التي تبعد نحو 1300 كيلومتر إلى الجنوب من النهود، ومن هناك استقلوا حافلة إلى عاصمة أوغندا.

والآن بعد أن وصلت إلى بر الأمان، أصبح الشعور بالارتياح مريراً وحلواً في آن واحد.

صورة تظُهر كوباً من الحليب إلى جانب كوب من الشاي وعلبة من البسكويت.
تلقّت أميرة وجبة خفيفة ترحيبية في أبيي، إذ كان الطعام باهظ الثمن خلال الرحلة، وكان المسافرون يشربون في كثير من الأحيان من البرك

تشعر أميرة بقلق بالغ إزاء أفراد عائلتها الذين بقوا في السودان، كما تشعر بالحزن والتوتر وهي تستعد للولادة.

“أنا خائفة جداً من شعور الولادة، لأنها المرة الأولى بالنسبة لي، طفلي الأول ولن تكون والدتي معي”، قالت أميرة.

“سيكون هناك معي صديقتي وزوجي فقط. لا أعلم… إنها أمور كثيرة، غير منظمة، ومربكة للغاية”.

أميرة ناشطة في مجال حقوق المرأة والديمقراطية، وقد تولت أعمال الإغاثة أثناء الحرب، من خلال ما يُعرف بغرف الاستجابة للطوارئ.

وقالت إن مجموعتها كانت موضع شك من قبل الجيش، وأُلقي القبض على بعض أعضائها.

أخبرتني أميرة: “كنت خائفة من الجيش والمخابرات العسكرية. كانوا يعتقلون الشباب ويحتجزونهم”.

  • السودان: كيف يواجه السودانيون مأساتي الحرب وانتشار الأوبئة في آن واحد؟

وأضافت: “لكن حين جاءت قوات الدعم السريع، لم يكونوا أفضل. فهم ينهبون ويغتصبون. ولا تقلّ أعمالهم عمّا يفعله الجيش. كلهم سواء”.

ورغم الأدلة الكثيرة على أعمال النهب ومزاعم الاغتصاب، تُصرّ قوات الدعم السريع على أنها لا تستهدف المدنيين. ونفت اتهامات التطهير العرقي، واصفةً العنف بأنه صراعات قبلية.

وينفي طرفا الصراع في السودان الاتهامات الموجهة إليهما بارتكاب جرائم حرب.

التحدي الذي تواجهه أميرة الآن، والفرحة في الوقت ذاته، يتمثل في أن تصبح أماً.

لكن السؤال المطروح دائماً هو: هل ستتمكن من العودة إلى السودان مع طفلها؟

قالت أميرة: “آمل أن يتحسن الوضع في السودان، لن يكون الوضع آمناً كما كان من قبل، ولن يبقى الناس كما هم، ولن تبقى الأماكن كما هي، كل شيء سيتغير”.

“لكن إذا توقفت الحرب، فسيكون هناك على الأقل شكل من أشكال الأمان. ولن يموت الناس عشوائياً كما يحدث الآن”.