الجيش الإسرائيلي ينفذ إنزالاً جوياً على قاعدة جوية سابقة جنوب غرب دمشق

الجيش الإسرائيلي ينفذ إنزالاً جوياً على قاعدة جوية سابقة جنوب غرب دمشق

أفادت وسائل إعلام سورية رسمية، فجر الخميس، أنّ الجيش الإسرائيلي نفّذ إنزالا جويا في موقع عسكري قرب العاصمة دمشق بعدما استهدفه بغارات جوية يومي الثلاثاء والأربعاء.

وكان الجيش الإسرائيلي قصف الثلاثاء هذا الموقع القريب من مدينة الكسوة في ريف دمشق، ما أسفر عن مقتل ستة جنود سوريين، وفقاً لوزارة الخارجية السورية.

كما جدّدت إسرائيل قصف هذا الموقع مساء الأربعاء، بحسب التلفزيون الرسمي السوري.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر حكومي قوله إنّه يوم الثلاثاء عثر عناصر من الجيش السوري خلال قيامهم بجولة ميدانية قرب جبل المانع “على أجهزة مراقبة وتنصّت، وأثناء محاولة التعامل معها، تعرّض الموقع لهجوم إسرائيلي جوي أسفر عن ارتقاء عدد من الشهداء وإصابات وتدمير آليات”، بحسب المصدر.

  • سوريا وإسرائيل: بين التسريبات والنفي، تكهنات تُطرح حول مستقبل العلاقة بين الجانبين

من جهته، قال مسؤول في وزارة الدفاع السورية لوكالة فرانس برس، طالباً عدم نشر اسمه، إن الموقع الذي استهدفته إسرائيل بغارتين جويتين في ريف دمشق، كان قاعدة عسكرية سابقة، أثناء حكم الرئيس السابق بشار الأسد.

ويتمركز عدد من قوات الجيش السوري الجديد في القاعدة.

بينما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له ويعتمد في سوريا على شبكة من المصادر الميدانية، إنّ الموقع المستهدف في تلّ المانع هو “مستودع ضخم للصواريخ، كان يُستخدم سابقا من قبل حزب الله” اللبناني المدعوم من إيران.

صورة تظهر أفراداً من قوات الأمن السوري ترتدي زياً عسكرياً، ومدججين بالسلاح.
صورة أرشيفية لقوات من الأمن السوري.

“خرقاً فاضحاً لسيادة سوريا”

وفي سياق متصل، أفادت وكالة رويترز للأنباء، نقلاً عن مصدرين بالجيش السوري بأن إسرائيل شنت، الأربعاء، سلسلة غارات على ثكنات عسكرية سابقة في الكسوة، بريف دمشق الجنوبي الغربي، وذلك في ثاني هجوم خلال 24 ساعة.

وردا على طلب للتعليق من قبل وكالة رويترز، قال متحدث عسكري إسرائيلي “لا نعلق على التقارير الأجنبية”.

وصعّدت إسرائيل من توغلاتها في جنوب سوريا، وتتزامن الغارات الأخيرة مع محادثات أمنية بين إسرائيل وسوريا بهدف التوصل إلى اتفاق لخفض التوترات.

من جانبها، أعربت الخارجية السورية في بيان الأربعاء عن “بالغ إدانتها واستنكارها للاعتداء”، مؤكدةً أنه “يشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وخرقاً فاضحاً لسيادة سوريا”.

ودعت دمشق “المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في وضع حد لهذه الاعتداءات المتكررة”.

صورة تظهر الرئيس السوري، أحمد الشرع، يرتدي سترة سوداء وربطة عنق خضراء، وقميصاً أبيض.
وتتزامن الغارات الأخيرة مع محادثات أمنية بين إسرائيل وسوريا بهدف التوصل إلى اتفاق لخفض التوترات.

مساعٍ لخفض التوترات بين إسرائيل وسوريا

وتتزامن الغارات الأخيرة مع محادثات أمنية بين إسرائيل وسوريا بهدف التوصل إلى اتفاق لخفض التوترات.

فمنذ الإطاحة بحكم بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/كانون الأول 2024، شنّت إسرائيل مئات الضربات على مواقع عسكرية في سوريا، مبررة ذلك برغبتها في منع وقوع الترسانة العسكرية في أيدي السلطة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع.

وتوغّل الجيش الإسرائيلي داخل المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في الجولان، والواقعة على أطراف الجزء الذي تحتله إسرائيل من الهضبة السورية.

وقال الجيش في بيان آنذاك، إن دخوله تلك المنطقة كان بسبب: “دخول مسلحين” إليها، وبناء على “تقييم للأحداث الأخيرة في سوريا”.

وقد أدانت وقتها بعثة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (أوندوف)، التي تتولى مسؤولية مراقبة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا منذ عام 1974، دخول الجيش.

  • ماذا نعرف عن هضبة الجولان المحتلة وما أهميتها الاستراتيجية؟

إوقال حينها متحدث باسم البعثة إنهم لاحظوا “تحركات للجيش الإسرائيلي وعمليات بناء في أربعة مواقع في منطقة جبل الشيخ، ورفع أعلام إسرائيلية في ثلاثة مواقع داخل منطقة الفصل”.

وتتقدم قوات إسرائيلية بين الحين والآخر إلى مناطق في عمق الجنوب السوري.

ولا تزال سوريا وإسرائيل في حالة حرب رسمياً منذ عام 1948.

وكان الرئيس الانتقالي أحمد الشرع قد أكد منذ توليه الحكم أنّ سوريا لا ترغب في تصعيد مع جيرانها، ودعا المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها.

السلطات اللبنانية تستكمل تسلّم أسلحة من مخيمات ببيروت، فماذا نعرف عن السلاح الفلسطيني في لبنان؟

السلطات اللبنانية تستكمل تسلّم أسلحة من مخيمات ببيروت، فماذا نعرف عن السلاح الفلسطيني في لبنان؟

يستكمل الجيش اللبناني تسلّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في لبنان اليوم الخميس، وتحديداً من مخيمات الرشيدية والبرج الشمالي والبص في منطقة صور جنوبي لبنان.

قالت الرئاسة الفلسطينية إن الجهات الفلسطينية المختصة في لبنان سلمت الدفعة الثانية من سلاح منظمة التحرير الفلسطينية الموجود في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وهي مخيمات الرشيدية والبص والبرج الشمالي للجيش اللبناني كعهدة (وديعة)، اليوم الخميس، على أن تستكمل عمليات التسليم لباقي المخيمات تباعاً.

وأضاف الناطق الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، في بيان اليوم الخميس، أن ذلك جاء بناء على البيان الرئاسي الصادر عن الرئيس محمود عباس، والرئيس اللبناني العماد جوزاف عون، في 21 أيار/ أيار الماضي.

وأوضح أن الجانبين اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة لبنانية فلسطينية لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، والعمل على تحسين الظروف المعيشية والإنسانية للاجئين، مع احترام السيادة اللبنانية والالتزام بالقوانين اللبنانية.

وأشار أبو ردينة إلى أن الجانبين أكدا التزامهما بتوفير الحقوق الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بما يضمن لهم حياة كريمة دون المساس بحقهم في العودة، أو التأثير في هويتهم الوطنية.

وتشمل الأسلحة التي تُسلم اليوم أسلحة متوسطة وثقيلة وتحتوي على صواريخ وقاذفات متنوعة.

يذكر أن حركة فتح هي الجهة الوحيدة التي تقوم بتسليم السلاح إلى الجيش اللبناني، تنفيذاً لمقررات القمة اللبنانية-الفلسطينية التي عقدت في أيار/أيار الماضي بين الرئيسين اللبناني جوزاف عون والفلسطيني محمود عباس.

وتأتي العملية في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من خطة أقرها الجانبان قبل نحو ثلاثة أشهر، وسعي بيروت لحصر السلاح بيد الدولة.

وناقش الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع الرئيس اللبناني جوزاف عون، ملف السلاح الفلسطيني في لبنان، خلال زيارة رسمية في أيار/أيار.

وقال مصدر أمني في مخيم فلسطيني في بيروت إن حركة فتح ستبادر إلى تسليم السلاح، معتبراً أن الخطوة “شكلية” لتشجيع الفصائل الأخرى على الإقدام.

وقال بيان صادر عن فصائل فلسطينية في لبنان إن “ما يجري داخل مخيم برج البراجنة هو شأن تنظيمي داخلي يخصّ حركة فتح، ولا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بمسألة السلاح الفلسطيني في المخيمات”.

  • ياسر عرفات: بوش أمر المخابرات الأمريكية بالبحث عن بديل للزعيم الفلسطيني

وأوضح مصدر حكومي لبناني لوكالة فرانس برس أن زيارة عبّاس كانت “تهدف إلى وضع آلية تنفيذية لتجميع وسحب السلاح من المخيمات”.

وقال رئيس دائرة العلاقات الوطنية في حركة حماس في لبنان علي بركة لفرانس برس قبيل وصول عباس “نطالب الحكومة اللبنانية والرئيس محمود عباس أن تكون المقاربة شاملة ولا تقتصر على ملف السلاح أو الجانب الأمني”.

وتعتبر تلك الزيارة الأولى لعبّاس إلى لبنان منذ العام 2017. وجاء في بيان مشترك عقب اللقاء بين الرئيسين في قصر بعبدا، أن الجانبين شدّدا على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، ورفض أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة، مؤكدَين انتهاء زمن السلاح غير الشرعي، بعد ما تحمّله الشعبان اللبناني والفلسطيني من “أثمان باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة” على مدى عقود، بحسب الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

  • “موت في بيروت”، مقتل نصر الله نقطة تحول جيوسياسية مدمرة

الفصائل الفلسطينية في المخيمات

رجال مسلحون خلال مراسم تشييع أبو شريف العرموشي، عضو حركة فتح، وثلاثة حراس قتلوا في اشتباكات بين فصيلين في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، لبنان في 31 تموز/ تموز 2023
الحادثتان تأتيان ضمن سلسلة طويلة من العمليات الإسرائيلية العسكرية ضد الفصائل المسلحّة في المخيمات الفلسطينية في لبنان

يُقدَّر عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين الذين يعيشون في لبنان بنحو 490 ألفاً، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).

وتنشط في بعض المخيمات على الأراضي اللبنانية فصائل فلسطينية مسلّحة، هذه الفصائل هي:

  • حركة فتح:

تأسست حركة فتح في عام 1959 وهي أقدم مجموعة فلسطينية مسلحة في لبنان. تشكّلت تحت قيادة ياسر عرفات الذي استمر بقيادتها حتى وفاته في عام 2004. وهي منظمة علمانية واشتراكية. وتأسست كتائب شهداء الأقصى التابعة للحركة عام 2000، وتنشط في المخيمات الفلسطينية في لبنان بقيادة منير المقدح.

وتُعدّ فتح عنصراً أساسياً في منظمة التحرير الفلسطينية وجزءًا من السلطة الفلسطينية. ومنظمة التحرير الفلسطينية هي الكيان المعترف به دولياً كممثل شرعي للفلسطينيين. تأسست المنظمة في عام 1964 وتضم عدة فصائل فلسطينية أبرزها حركة فتح، والجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، إضافة إلى مؤسسات أخرى تشمل المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية.

  • حركة حماس:

تأسست حركة حماس في عام 1987، وهي مقربة من جماعة الإخوان المسلمين وتعد الفصيل الإسلامي الفلسطيني الأبرز. لطالما عارضت حركة فتح، وتتأرجح العلاقات بينهما بين التوتر والمصالحة. كما تُعتبر حماس حليفاً قريباً لحزب الله وإيران.

وأعلنت حماس قبل أيام عن مقتل قائدها في لبنان وعضو قيادتها في الخارج فتح شريف أبو الأمين مع زوجته وابنه وابنته في غارة إسرائيلية استهدفت منزلهم في مخيم البص للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور جنوبي لبنان.

  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين:

هي منظمة ثورية ماركسية لينينية تأسست على يد جورج حبش عام 1967. كانت تاريخياً ثاني أكبر عضو ضمن منظمة التحرير الفلسطينية، وتأرجحت علاقتها مع حركة فتح عبر التاريخ. أحمد سعدات المعتقل في السجون الإسرائيلية هو الأمين العام الحالي لها.

عضو منظمة التحرير الفلسطينية جمال جبارة يحمل رشاشاً، بجوار خيمة وعلم فلسطيني.
لطالما كان مخيم عين الحلوة مسرحاً للاشتباكات بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة
  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة:

هي فصيل فلسطيني مسلح تأسس في عام 1968 كمنظمة منشقة عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. أمينها العام الحالي هو طلال ناجي، بعد أحمد جبريل الذي كان أحد القادة العسكريين في الجبهة الشعبية وقد توفي عام 2021.

  • الجبهة الديمقراطية الشعبية لتحرير فلسطين:

هي منظمة ثورية علمانية ماوية تأسست في عام 1968 على يد نايف حواتمة، وهي أيضاً عضو في منظمة التحرير الفلسطينية.

  • عصبة الأنصار:

تأسست في التسعينيات، وهي جماعة جهادية سلفية كانت نشطة جداً حتى عام 2010، ولها وجود قوي في مخيم عين الحلوة.

  • جند الشام:

جماعة إسلامية سلفية مرتبطة بتنظيم القاعدة، تأسست في عام 1991 وتعارض حركة فتح، حيث خاضت معها معركة في عام 2006.

  • عصبة النور:

جماعة سلفية إسلامية مرتبطة أيضاً بتنظيم القاعدة. اندلعت اشتباكات بينها وبين فتح للسيطرة على مخيم عين الحلوة. أدت المفاوضات إلى وقف إطلاق النار بين المجموعتين.

ولطالما كان مخيم عين الحلوة مسرحاً للاشتباكات بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة. وفي حين أن بعض المخيمات الفلسطينية غير مسلحة، فإن عين الحلوة يعتبر ملاذاً للعديد من الفصائل الفلسطينية المسلحة التي تتغير تحالفاتها أحياناً وتتنافس مصالحها.

لماذا هناك وجود فلسطيني مسلّح في لبنان؟

الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر وزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات
عام 1969، وبعد انطلاق بعض العمليات العسكرية من جنوب لبنان ضد إسرائيل، أبرم الأفرقاء في لبنان اتفاقية القاهرة في ما بينهم برعاية الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر

بين أواخر عام 1947 حتى أوائل عام 1949 نزح نحو 750 ألف فلسطيني خارج الأراضي التي أصبحت فيما بعد إسرائيل، بعد طرد معظمهم أو فرارهم خوفاً على سلامتهم، ولم يُسمح لهم بالعودة.

واستقبل لبنان نحو 100 ألف منهم، استقروا في 12 مخيماً للاجئين في جميع أنحاء البلاد.

عام 1969، وبعد انطلاق بعض العمليات العسكرية من جنوب لبنان ضد إسرائيل، أبرم الأفرقاء في لبنان اتفاقية القاهرة في ما بينهم برعاية الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر.

نصّت الاتفاقية على أنه لا يمكن نشر الجيش اللبناني داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وأن الفصائل الفلسطينية الموجودة في المخيمات هي المسؤولة عن أمنها.

بحلول عام 1971، أصبح لبنان القاعدة الوحيدة لمقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية، بعد اشتباكات مسلحة بين مقاتلي المنظمة والجيش الأردني، عُرفت بأحداث “أيلول الأسود” عام 1970 والتي قضت على وجودهم في المملكة.

في بداية السبعينيات، امتد نفوذ منظمة التحرير الفلسطينية إلى مناطق خارج المخيمات في بيروت وجنوب لبنان، وأصبحت بعض المناطق في الجنوب تُعرف باسم “فتح لاند” (أرض فتح)، بينما ظهرت “جمهورية الفاكهاني” في غرب بيروت، في إشارة إلى الحي الذي كان يضم المقر الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وإلى جانب استخدامها لبنان كقاعدة عمليات للغارات على إسرائيل ومصالحها في جميع أنحاء العالم، بدأت منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها سلسلة من عمليات اختطاف الطائرات التي استهدفت الرحلات الجوية الإسرائيلية والدولية التي تقل الإسرائيليين.

وكان لهذه العمليات تأثير كبير على الاستقرار الداخلي في لبنان وزيادة الصراع الطائفي، لا سيما بين أحزاب اليمين المسيحي وأحزاب اليسار المتحالف مع منظمة التحرير الفلسطينية، في أزمةٍ تحولت في نهاية المطاف إلى حرب أهلية شاملة بدءاً من 13 إبريل/ نيسان 1975.

مغادرة منظمة التحرير الفلسطينية لبنان

مقاتلون فلسطينيون يظهرون في صورة مؤرخة 22 آب/آب 1982 وهم يرفعون علامات النصر ويحملون صورة زعيمهم ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، فوق شاحنة عسكرية في بيروت، أثناء توجههم إلى تونس
مع انتقال حوالي 12 ألف مقاتل إلى العديد من الدول العربية، شكل اجتياح 1982 نهاية وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان

لعبت الفصائل الفلسطينية المسلحة دوراً كبيراً في الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، ويرى بعض اللبنانيين أن الوجود الفلسطيني المسلّح في لبنان هو السبب الرئيسي لاندلاع الصراع الأهلي.

في البداية، تحالف العديد من الفصائل الفلسطينية، وبخاصة حركة فتح، مع الجماعات اللبنانية اليسارية مثل الحركة الوطنية اللبنانية ولعبت دوراً رئيسياً في الجولة الأولى من الحرب الأهلية والتي تُعرف باسم “حرب السنتين” (من نيسان/ نيسان 1975 حتى تشرين الأول/ تشرين الأول 1976).

وفي حزيران/ حزيران 1982، بدأت إسرائيل اجتياحاً واسع النطاق للبنان تحت عنوان الرد على محاولة اغتيال فاشلة لسفيرها في لندن، شلومو أرغوف. وقد أُعلن عن هذا الهجوم من قِبَل مجموعة منشقّة عن منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة صبري البنا، المعروف أيضاً باسم أبو نضال.

مجزرة صبرا وشاتيلا: الصدمة الجماعية المحفورة في ذاكرة الفلسطينيين واللبنانيين

القوات اللبنانية: قصة الحزب من بشير الجميل وحتى سمير جعجع

قُدِّرت الخسائر المدنية اللبنانية والفلسطينية بين 17 ألف و20 ألف وفق تقارير منظمات إنسانية كالصليب الأحمر الدولي ومنظمة العفو الدولية،. بينما قُدِّرت خسائر الجيش الإسرائيلي بحوالي 650 جندياً وفقاً لمصادر حكومية إسرائيلية ومنشورات الجيش الإسرائيلي​.

أجبر الاجتياح منظمة التحرير الفلسطينية على مغادرة مقرها في بيروت بموجب اتفاق جديد توسط فيه مبعوث الأمم المتحدة آنذاك فيليب حبيب. ومع انتقال حوالي 12 ألف مقاتل إلى العديد من الدول العربية، شكل اجتياح 1982 نهاية وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان.

عودة مقاتلين فلسطينيين إلى لبنان

مقاتلون في حركة أمل اللبنانية عام 1987
العائدون اصطدموا بحركة أمل التي كانت تمثل المجتمع الشيعي اللبناني وكانت شعبيتها كبيرة في جنوب لبنان

بعد أقل من أسبوعين على مغادرة منظمة التحرير الفلسطينية، شهد مخيما صبر وشاتيلا للاجئين مجرزة راح ضحيتها الآف الفلسطينيين من القتلى والجرحى والمفقودين.

وُجّهت الاتهامات إلى ميليشيات لبنانية بعد يومين على اغتيال قائد “القوات اللبنانية” المُنتخب رئيساً للجمهورية بشير الجميّل.

مع انتهاء إسرائيل من انسحاب جزئي من جنوب لبنان بحلول ربيع 1985 في أعقاب تصاعد الهجمات المسلحة ضدها من قبل فصائل لبنانية مختلفة، عاد مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية إلى المخيمات في المنطقة. وأعادوا تنظيم صفوفهم وبدأوا الاستعداد لاستئناف أنشطتهم المسلحة ضد القوات الإسرائيلية المتبقية في جنوب لبنان.

لكن العائدين اصطدموا بحركة أمل التي كانت تمثل المجتمع الشيعي اللبناني وكانت شعبيتها كبيرة في جنوب لبنان. وعلى الرغم من أنها نفذت عمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي في الجنوب، كانت حركة أمل مصممة على عدم السماح باستئناف منظمة التحرير الفلسطينية هجماتها على إسرائيل من الأراضي اللبنانية.

حركة أمل اللبنانية منذ موسى الصدر وحركة المحرومين حتى نبيه بري

في السنوات التالية تراجع النشاط المسلّح الفلسطيني في لبنان. وتم إلغاء اتفاقية القاهرة من قبل البرلمان اللبناني في أيار/ أيار 1987. وفي تشرين الأول/ تشرين الأول 1989، وقع النواب اللبنانيون اتفاقاً بوساطة سعودية-سورية لإنهاء الحرب الأهلية في البلاد، عُرف باسم “اتفاق الطائف”.

وفي محاولة لاستعادة سلطته في جميع أنحاء البلاد، نشر الجيش اللبناني قواته في مناطق واسعة من جنوب لبنان في تموز/ تموز 1991، مما أجبر مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية على العودة إلى المخيمات.

ما بعد الحرب الأهلية

في 19 نيسان/نيسان 2023، يقف مقاتل ببندقية هجومية على طول زقاق في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في الضاحية الجنوبية لبيروت
على الرغم من جهود نزع السلاح، استمرت الفصائل الفلسطينية المسلحة في الوجود في لبنان

بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية شهدت العديد من الفصائل الفلسطينية المسلحة انخفاضاً في عملياتها العسكرية وتحولاً نحو الأنشطة السياسية. وكان اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية، يهدف إلى نزع سلاح الميليشيات واستعادة سلطة الدولة، مما أدى إلى توترات بين الدولة اللبنانية والفصائل الفلسطينية.

ووضعت الحكومة اللبنانية ترتيبات أمنية مع الفصائل الفلسطينية في مخيمات اللاجئين، مما سمح لها بالحفاظ على درجة من الحكم الذاتي مع الحد من قدراتها العسكرية.

وعلى الرغم من جهود نزع السلاح، استمرت وجود الفصائل الفلسطينية المسلحة في لبنان.

وتحافظ جماعات مثل فتح وحماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وغيرها على وجودها في مخيمات اللاجئين، وغالبا ما تنخرط في القضايا الأمنية والسياسية المحلية.

ووقعت اشتباكات دورية بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وكذلك بين الجماعات الفلسطينية والجيش اللبناني.

وتشمل الحوادث البارزة النزاعات في مخيم نهر البارد شمال لبنان عام 2007 وفي مخيم عين الحلوة، خصوصاً النزاع الذي شهده في تموز/ تموز عام 2023، حيث اندلعت التوترات بين حركة فتح وجماعات أخرى مثل عصبة الأنصار وجند الشام.

التجديد لليونيفيل: مواجهة دبلوماسية قد تغيّر المشهد في الجنوب اللبناني

التجديد لليونيفيل: مواجهة دبلوماسية قد تغيّر المشهد في الجنوب اللبناني

في موازاة التحركات الخارجية والداخلية المتعلقة بموضوع سحب سلاح حزب الله في لبنان، تدور معركة دبلوماسية كبيرة في نيويورك قد تغيّر المشهد في الجنوب اللبناني وتضاعف التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية في هذه المرحلة.

المسألة تتعلق بالتجديد لولاية قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الجنوب اللبناني- اليونيفيل. فبعد نحو نصف قرن على تمركزها في تلك المنطقة، يبدو مصير هذه القوات غير محسوم: يريد لبنان بقاءها وتسعى إسرائيل لإنهاء وجودها.

يصوّت مجلس الأمن الدولي، الخميس 28 اغسطس آب، على مشروع قرار يمدّد لمرة أخيرة عمل قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل) حتى نهاية العام المقبل تمهيداً لانسحابها سنة 2027. فلماذا كل هذا التجاذب بشأن هذه القوات؟

في موقع إطلاق صواريخ حزب الله، وفي آلية بيضاء مصفحة وكبيرة معروفة في الجنوب بآليات “الأمم”، انتقلنا في دورية مع عناصر من الكتيبة الهندية إلى منطقة شبعا الحدودية.

“سترون أحد المواقع العسكرية لحزب الله”. قال لنا الرائد ر. س. بهانوكا – ضابط الإعلام العام وضابط التعاون المدني – العسكري في الكتيبة الهندية.

مراسلة بي بي سي برفقة ضابط الإعلام العام وضابط التعاون المدني - العسكري في الكتيبة الهندية في اليونيفيل
انتقلنا في دورية مع عناصر من الكتيبة الهندية إلى منطقة شبعا الحدودية

بعد نحو عشرين دقيقة على الطريق، توقفت الآليات واقتادنا الضابط سيراً على الأقدام داخل أحد الأحراش. كان الطريق صخرياً ودون أي معالم خاصة.

بعد بضع دقائق وصلنا إلى نقطة مطوّقة بالأشجار، تتناثر فيها مقتنيات شخصية من أحذية وحرامات وطاسات وركوة قهوة وعبوات مياه.

قال لنا الضابط إن المكان الذي كنا نقف فيه هو مدخل نفق تابع لحزب الله، وإنه تمّ اكتشاف سلالم حديدية موصولة فيه كان عناصر من حزب الله يستخدمونها للدخول إلى النفق والخروج منه.

ما رأيناه بأعيننا هنا يختلف عن الصور التي رأيناها من على هاتف الضابط التي أظهرت نوعاً من البنية الهندسية المتطورة.

“هكذا كان النفق عندما عثرنا عليه”، قال لنا.

رفض مشاركتنا الصورة، وبقي المشهد الموجود هنا هو تلك الحفرة المطمورة التي تتناثر حولها أغراض بدائية أساسية للحياة في الخفاء تحت الأرض، وفي ظروف طبيعية ومناخية قاسية.

بدأ البحث عن هذا النفق في هذه المنطقة بناء على مشاهدات إطلاق الصواريخ من تلك البقعة أثناء الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل.

“بعد وقف إطلاق النار تم تمشيط المنطقة خطوة خطوة حتى تمكنّا من تحديد المكان من خلال دوريات جوية وبرية. ففي هذه المنطقة الواسعة، من الصعب جداً العثور على موقع بعينه، لا سيما أن النقطة نفسها كانت مخفية جيداً”، بحسب ما شرح لنا الضابط الهندي.

دلّنا الضابط أيضاً على موقع مجاور، يبعد بضعة أمتار فقط عن النفق المدمّر. قال إنه كان يُستخدم كغرفة عمليات عسكرية لحزب الله، وهو ما يجعل مجمل المكان الذي اكتُشف نقطة عسكرية مهمة للغاية.

منذ توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل في 28 تشرين الثاني/تشرين الثاني الماضي، بات البحث عن أي مواقع عسكرية لحزب الله من أبرز مهام اليونيفيل.

مقتنيات شخصية عثر عليها داخل النفق المُكتشف بحسب اليونيفل
مدخل نفق تابع لحزب الله بحسب اليونيفل

القرار 1701

تندرج مهام اليونيفيل هذه في إطار القرار الأممي 1701 الصادر عام 2006، عقب انتهاء حرب الثلاثة وثلاثين يوماً بين حزب الله وإسرائيل، الذي ينص على وجوب التأكد من خلو أي وجود عسكري بين الخط الأزرق ونهر الليطاني في الجنوب اللبناني، من غير الجيش اللبناني وقوات الأمن اللبنانية الرسمية وقوات اليونيفيل.

ويُعتبر الخط الأزرق خط الانسحاب الإسرائيلي من جنوبي لبنان في عام 2000 – وهو ليس حدوداً بين البلدين، إنما خط فاصل بينهما.

وبنتيجة ذاك القرار زاد حجم قوات اليونيفيل بشكل ملحوظ ليصل لأكثر من 11 ألف عنصر اليوم، من أكثر من أربعين دولة.

أما عن آلية العمل المتفق عليها، فإن قوات اليونيفيل تبلّغ الجيش اللبناني عند عثورها على أي موقع عسكري أو عند رصدها خرقاً للقرار. في حالة نفق شبعا، قال الضابط إن الجيش اللبناني دمّره بعد أن أخذ الذخيرة التي كانت موجودة فيه.

لكن بالرغم من كل ما تتحدث عنه اليونيفيل باعتباره نجاحاً في تحقيق مهامها، لا تريد إسرائيل لها أن تواصل عملها.

فقد طلب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر من نظيره الأمريكي ماركو روبيو، وقف عمل اليونيفيل، بحسب ما نقلت صحيفة “إسرائيل هيوم” التي أشارت إلى أن ساعر اعتبر أن “اليونيفيل فشلت في مهمتها الأساسية، وهي منع تموضع حزب الله جنوبي نهر الليطاني”.

وقد يكون الانتقاد الإسرائيلي الأخير لليونيفيل منطلق مما كشفته جبهة الإسناد التي فتحها حزب الله دعماً لغزة في 8 تشرين الأول/تشرين الأول عام 2023 من وجود عسكري متطور لحزب الله في منطقة جنوبي الليطاني.

في المقابل، تطول لائحة الخروقات الإسرائيلية للقرار الأممي ذاته التي وثقتها تقارير اليونيفيل على مدى السنوات السابقة، وليس أقلها الخرق المتكرر للأجواء اللبنانية من خلال طلعات جوية للجيش الإسرائيلي فوق لبنان وخرقه لجدار الصوت.

اليونيفيل عبر سنوات الصراع

تأسيس اليونيفيل يعود لما قبل صدور القرار 1701 وحتى قبل نشوء حزب الله نفسه.

فهي تأسست عام 1978 عقب أول اجتياح إسرائيلي للجنوب اللبناني، بقرار 425 الصادر عن الأمم المتحدة والذي ينص من بين أمور أخرى، على مساعدة الحكومة اللبنانية في تأمين عودة سلطتها الفعلية إلى المنطقة وذلك بعد أن يكون الجيش الإسرائيلي قد انسحب منها.

لم تنسحب إسرائيل يومها ولم يمنعها وجود اليونيفيل من اجتياح بيروت عام 1982، ولا من استمرار احتلالها لمناطق شاسعة من لبنان لأكثر من عقدين من الزمن، حتى عام 2000.

تحوّل دور اليونيفيل بعد الانسحاب الإسرائيلي إلى تثبيت هذا الانسحاب ومراقبة الحدود وتسجيل الخروقات والعمل على تبديد أو إنهاء أي توتر يحصل عبر هذه الحدود. وقد عملت اليونيفيل مع السلطات اللبنانية والإسرائيلية على تحديد الخط الأزرق والعمل على حلّ النزاع على النقاط الخلافية بشأنه.

بعد حرب عام 2006 وصدور القرار 1701، شكلت اليونيفيل بين ذاك العام والعام 2023، آلية لخفض أي توتر أو فض نزاع بين الطرفين من خلال ما سُمّي باللجنة الثلاثية المؤلفة من مسؤولين عسكريين منها (اليونيفيل) ومن إسرائيل ومن لبنان.

وكانت هذه فترة الهدوء الأطول بين البلدين.

طوال كل هذه المراحل، كانت قوات اليونيفيل تعدّ تقارير دورية عن الوضع في الجنوب وعن انتهاكات القرارات الدولية من الجانبين.

شاهد دولي

في هذا الإطار شكّل وجود هذه القوات شاهداً دولياً على كل ما يحدث في الجنوب اللبناني، ووثّق احتلالاً واجتياحات وخروقات وتعدّيات لم يتمكّن بحكم مهامه المحدودة من منعها، ولكنه بقي مرجعاً دولياً بشأنها.

وهذا ما قد يفقده لبنان، من بين أمور أخرى، في حال إنهاء مهام هذه القوات.

سيكون من التداعيات الأخرى لذلك، ترك الجيش اللبناني وحيداً بمواجهة أي أعمال عسكرية عبر الحدود، وفقدان أي قناة اتصال تسهم في تسهيل بعض الأمور أو تخفيف الاحتقان بين الطرفين، في وقت لا اتصال مباشر أبداً بين إسرائيل ولبنان الذي يعتبر جارته الجنوبية عدواً رسمياً.

كما أن ذلك قد يحصل في توقيت حساس جداً للجيش اللبناني الذي يفتقر لأدنى مقومات المواجهة، وللتجهيز المناسب عدداً وعتاداً، ولا يزال في أولى مراحل بسط سيطرته الكاملة على الجنوب اللبناني وذلك بعد حرب دمّرت خلالها إسرائيل بلدات بأكملها هناك، وانتهت بتكليف الجيش نزع أي سلاح لحزب الله وغيره من المنظمات المسلحة في البلاد.

نقص في الميزانية

بالإضافة إلى كل ما سبق، فإن اليونيفيل شكّلت وبحُكم وجودها في الجنوب اللبناني لنحو خمسة عقود قوّة اقتصادية محلية لمجتمعات الجنوب. فبالإضافة إلى عناصرها العسكريين، يعمل نحو 800 موظف مدني مع اليونيفيل، 250 من بينهم أجانب والبقية لبنانيون.

سيكون هذا العنصر أيضاً في حسابات الخسارة للبنان في حال انتهت مهمة اليونيفيل.

التحديات التي تواجهها هذه القوة الدولية ترتبط أيضاً بالواقع العام لقوات حفظ السلام في العالم، خصوصاً بعد قرار الولايات المتحدة تجميد مساهماتها المالية. فواشنطن تغطي نحو 30% من ميزانية اليونيفيل، المقدّرة بحوالي نصف مليار دولار سنوياً.

وبذلك، حتى لو جرى التصويت على تمديد بقاء هذه القوات في لبنان، فإنها ستُجبر على خفض عددها وأنشطتها ما لم تحصل على تمويل بديل من دول أخرى، وهو أمر بالغ الصعوبة.

مقتنيات شخصية عثر عليها داخل النفق المُكتشف بحسب اليونيفل
مقتنيات شخصية عثر عليها داخل النفق المُكتشف بحسب اليونيفل

إذا ما الخيارات؟

في البداية هناك طبعاً خيار الأبيض والأسود، بمعنى أنه إما يتمّ التجديد للقوات الدولية بصلاحياتها ومهامها الحالية أو إلغاء وجودها.

هناك أيضاً مقترح آخر يتم التداول به في الكواليس الدبلوماسية والسياسية، من بينها أن يكون التجديد لمرة أخيرة ولمدة عام أو ستة أشهر مع خفض تدريجي لمهمة اليونيفيل وصولاً إلى إنهائها بالكامل. يترافق ذلك مع تعزيز كبير لدور الجيش اللبناني في الجنوب.

تناقلت تقارير مقترحاً آخر يقضي بتجديد ولاية اليونيفيل، ولكن مع تقوية صلاحياتها، لا سيّما في ما يتعلّق بحرية حركتها أي من دون مرافقة من الجيش اللبناني وهذا أمر ممنوح أصلاً لها ولكنه يخضع أحياناً لاعتبارات محلية بحيث لا تستفز الدوريات أهالي البلدات الجنوبية ولا تتحوّل إلى مصدر توتر.

إذ تنتشر أحياناً فيديوهات لأهالي يعترضون دوريات أو يصطدمون مع عناصر من القوات الدولية وسط اتهامات لهم بالتعدّي على أملاك خاصة أو العمل لصالح إسرائيل أو لأن الدورية ليست برفقة الجيش اللبناني رغم أنه ليس فرضاً على اليونيفيل.

وبالرغم من أن حوادث مشابهة تبقى محدودة للغاية، إلا أنها تُظهر حساسية عمل هذه القوات في بعض الأحيان ومشاعر البعض في المناطق الحدودية تجاهها.

يبقى مقترح آخر تم التداول به بشكل غير رسمي وهو تعزيز صلاحيات اليونيفيل بشكل يسمح لها باستخدام القوة أي تغير طبيعتها من قوة أنشأت لحلّ أي نزاعات بطريقة سلمية استناداً إلى الفصل السادس في الأمم المتحدة إلى قوة يسمح لها باستخدام القوة العسكرية استناداً إلى الفصل السابع. أي دفع في هذا الاتجاه قد يخلق عدائية كبيرة في لبنان ضد أي قوات مشابهة.

ماذا سيحدث مع اليونيفيل في جلسة التجديد لمهامها؟ قد يحمل الجواب على هذا السؤال جزءاً من اللغز الأكبر الذي يؤرق اللبنانيين: ماذا سيحدث في البلاد؟ وما توجهات القوى الأساسية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، بشأنه؟