لسنوات طويلة كانت الشرعية الدولية تخذل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورفاق أوسلو، إذ واصلت إسرائيل تحطيم مستقبل الدولة الفلسطينية عبر توسيع الاستيطان واستباحة مدن الضفة بالاعتداءات والاعتقالات.
واليوم يتعرض عباس لخذلان آخر من القانون الدولي، إذ رفضت الولايات منحه تأشيرة لحضور دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في نيويورك في أيلول/أيلول.
تقول اتفاقية المقر إنه يجب منح التأشيرة لكل الوفود والشخصيات الراغبة في حضور اجتماعات الأمم المتحدة، ولو كانت تنتمي لدول تنخرط في حروب ضد الولايات المتحدة.
وقد ناشدت السلطة الفلسطينية السلطات الأميركية العدول عن قرارها وطلبت منها منح عباس ووفده الحق في الوصول إلى نيويورك.
ويبدو أن التأشرة الأميركية أصبحت حلما بعيد المنال، إذ ردت الخارجية الأميركية بالرفض المطلق وتعهدت بمحاسبة السلطة الفلسطينية.
فماذا تريد الولايات المتحدة من سلطة عباس؟
بالنسبة لمدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي، يمثل الموقف الأميركي إعلان حرب على الشعب الفلسطيني.
ويؤكد الرنتاوي أن “السلطة حاربت حماس وقاتلتها في الضفة الغربية ليل نهار، وقطعت شوطا كبيرا في الاتساق والتساوق مع الموقفين الأميركي والإسرائيلي في ملف إعانة أسر الشهداء”، حسب تعبيره.
وكانت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة أطلقت حملة أمنية في جنين بالضفة الغربية منتصف كانون الأول/كانون الأول 2024 بهدف “استعادة السيطرة الأمنية على المخيم”، ووصفت المقاومين بـالخارجين عن القانون واتهمتهم بتلقي دعم من إيران.
ووفق عباس الذي يكبر إسرائيل بـ13 عاما، فإن حماس ألحقت ضررا كبيرا بالقضية الفلسطينية، “ووفرت للاحتلال ذرائع مجانية لمؤامراته وجرائمه في الضفة وغزة”.
ومع ذلك لم ترض عن عباس إسرائيل ولا الولايات المتحدة، بل تريدان منه حاليا ثمنا يتجاوز التخلي عن الكفاح المسلح ومحاربة المقاومة، إلى التخلي عن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي طالما زيّن الغربيون والأميركيون لرهط أوسلو التعويل عليها في تحقيق حلم الدولة والتوصل لاتفاق سلام تاريخي مع إسرائيل.
إعلان
ويطالب الرنتاوي السلطة بالدعوة لكلمة سواء، ومواجهة الاحتلال بكل أطياف الشعب الفلسطيني، بدل مواصلة التنسيق الأمني مع إسرائيل.
مطالب واضحة
أما المسؤول السابق بالخارجية الأميركية توماس واريك فيذكّر في حديث للجزيرة بوجود تعاون أمني يجري خلف الكواليس بين السلطة وإسرائيل.
لكنه يرى أن هذا التنسيق لا يكفي، فالمطوب من عباس “التخلي عن الوسائل القانونية لتحدي إسرائيل، وعدم السعي للاعتراف بالدولة الفلسطينية”.
وبالفعل، فإن الخارجية الأميركية اتهمت الفلسطينيين بشن “حرب قانونية” عن طريق لجوئهم إلى المحكمة الجنائية الدوليةومحكمة العدل الدولية لمقاضاة إسرائيل.
ولم تتوقف عند هذا الحد بل استنكرت جهودهم للحصول على ما سمته “اعترافا أحاديا بدولة فلسطينية افتراضية”.
ومع ذلك يشدد واريك على عدم قانونية الإجراء الأميركي لأن اتفاقية المقر تنص على وجوب منح التأشيرات لكل الوفود الرسمية الأممية، حتى لو كانت تنتمي لحكومات معادية لواشنطن أو في حرب معها.
وسبق للولايات المتحدة أن اتخذت إجراء مماثلا عام 1988 ضد الرئيس الراحل ياسر عرفات، ما جعل الأمم تعقد اجتماعا في جنيف للاستماع إلى خطاب الزعيم الفلسطيني هناك.
ولا يشكل التحول لجنيف بديلا مقبولا حاليا لأن الفلسطينيين “مصرون على الوصول لنيويورك لإحراج واشنطن التي تريد من الفلسطيني البقاء تحت الاحتلال مدى الحياة”، وفق الباحث محمد المصري.
ويرى محمد المصري -الذي يرأس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات برام الله– أن السياسة الأميركية جزء من العدوان على الشعب الفلسطيني. وتتماهى مع حرب الإبادة”.
وهذا هو ما يفسر الموقف الأميركي الجديد، إذ لا يوجد مبرر، فـ”أبو مازن معلّب ومنتج سلام ولا يؤمن باستخدام السلاح”.
قرابين رفضتها أميركا وإسرائيل
وكان عباس الحاصل على الدكتوراه في تاريخ الصهيونية، دان في أكثر من مناسبة عملية طوفان الأقصى التي شنتها كتائب عز الدين القسام ضد الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/تشرين الأول 2023.
وفي رسالة بعثها للرئيس الفرنسي، قال عباس إن “ما فعلته حماس في تشرين الأول/تشرين الأول 2023 من قتل وأسر مدنيين أمر غير مقبول”، داعيا الحركة إلى الإفراج الفوري عن الأسرى الإسرائيليين.
ووفق محمد المصري فإن “السلطة مستهدفة ويراد تهميشها وتحطيمها لأنها تمثل الشرعية الفلسطينية”، على المسرح الدولي.
وتنوي دول عدة في مقدمتها فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالتزامن مع استمرار إسرائيل في حرب الإبادة والتجويع ضد الفلسطينيين في قطاع غزة وسعيها لضم الضفة الغربية المحتلة.
وبينما يواصل عباس طرق الباب الأميركي ليؤذن له بالدخول، أقرت إسرائيل خططا لبناء مستوطنات جديدة، وأدلى قادتها بمن فيهم بنيامين نتنياهو برفضهم مبدأ حل الدولتين الذي مثل ركيزة أساسية في مواقف ساسة الغرب من صراع الشرق الأوسط.
ولم تكتف إسرائيل عند هذا الحد، إذ أفادت تقارير عزمها خلع السلطة الفلسطينية وتنصيب زعامات عشائرية موالية لها في الضفة.
ورغم عزم أميركا منع السلطة من مواصلة عزف سيمفونية الشرعية الدولة، يشدد المصري على أنه لا بديل عن مواصلة النضال في المحافل والمنظمات الدولية لعزل إسرائيل.
كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن بقية تفاصيل خطة احتلال مدينة غزة تنفيذا لما طرحه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجيا، بدءا بمدينة غزة.
وحسب هآرتس، سيسلم النازحون من مدينة غزة أرقاما بدلا من أسمائهم للتعامل معهم عند دخولهم معسكرات “سدي تيمان 2″ في محور موراغ (فيلادلفيا 2) جنوب رفح جنوبي قطاع غزة.
وسيتم وضع عدد كبير من الخيام داخل المعسكرات، كما سيعمل عناصر الحراسة على سحب ومصادرة الهواتف من كافة السكان ومنع إجراء أي اتصالات أو تصوير.
وإضافة إلى كل هذه الخطوات، سيعمل جيش الاحتلال -حسب الصحيفة- على منع دخول المنظمات الإنسانية والحقوقية والإعلامية للمعسكرات.
مآذارات نازية
وقد تمتد فترة عمل هذه المعسكرات إلى 3 سنوات، ويشبهها مراقبون بالمعتقلات النازية التي طبقها أدولف هتلر ضد اليهود خلال الحكم النازي لألمانيا.
كما تذكر هذه المآذارات بتشبيه مسؤولين إسرائيليين الفلسطينيين بالحيوانات، إذ قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت إن من يقاتلونهم في غزة حيوانات بشرية.
كما سبق وقال وزير التراث عميحاي إلياهو إن أحد الخيارات أمام إسرائيل هو إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة.
يذكر أن خطة احتلال غزة تقسم إلى 4 مراحل رئيسية، بحسب ما أعده الجيش الإسرائيلي:
إقامة مراكز تجميع: تشمل إنشاء مجمعات سكنية مؤقتة في جنوب القطاع مزودة بالخيام والمياه والعيادات والمساعدات الغذائية.
الإخلاء الواسع: تنفيذ إخلاء واسع النطاق لمدينة غزة التي يقدر عدد سكانها الحاليين بأكثر من 800 ألف مدني، على أن يبدأ الإخلاء خلال أسبوعين تقريبا.
التطويق والحصار: تطويق المدينة بالكامل وعزلها عن المناطق المحيطة بما في ذلك المخيمات المركزية ومنطقة المواصي، عبر إعادة فتح محور نتساريم وبدء مناورات برية لعزل المدينة عن بقية القطاع، بالتوازي مع استمرار عمليات الإخلاء.
الاقتحام والاحتلال التدريجي: دخول القوات الإسرائيلية إلى المدينة بشكل متدرج مدعومة بغارات جوية مكثفة تهدف إلى السيطرة الكاملة على غزة، مع التركيز على فرض ضغوط إنسانية على النازحين وتنظيم عمليات التهجير القسري.
إعلان
ومنذ 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023، خلّفت الإبادة الإسرائيلية بغزة 63 ألفا و459 شهيدا، و160 ألفا و256 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة متعمدة أزهقت أرواح 339 شخصا، بينهم 124 طفلا.
ذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أعد خطة لمعاقبة المشاركين في أسطول الصمود الذي ينطلق من برشلونة في وقت لاحق لكسر الحصار عن غزة.
ومن المقرر أن يعرض بن غفير خطته خلال نقاش يجريه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وتتضمن الخطة، حسب الصحيفة، المصادرة الفورية للسفن المشاركة في كسر الحصار، وتحويلها إلى ملكية الشرطة الإسرائيلية.
كما تشمل الخطة سجن النشطاء في ظروف مشابهة للأسرى الأمنيين داخل سِجنَي، كتسيعوت والدامون، لفترة طويل الأمد.
مناصرون لغزة تجمعوا على رصيف ميناء برشلونة قبل انطلاق أسطول الصمود (أسوشيتد برس)
انطلاق الأسطول
وكان “أسطول الصمود العالمي” انطلق اليوم الأحد من ميناء برشلونة، حاملا مساعدات إنسانية وناشطين، في محاولة لكسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
ويضم الأسطول ناشطين من 50 دولة، ونوابًا أوروبيين، وشخصيات عامة.
وقال مراسل الجزيرة إن الأسطول انطلق بعد أيام من التجهيزات المتواصلة، لجمع التمويلات اللازمة لتوفير المواد الطبية والإنسانية، في رحلة تستغرق نحو أسبوعين صوب شواطئ غزة.
وقام المشاركون والمتضامنون من مختلف الجنسيات بالتبرع بثمن السفن المشارِكة وتجهيزها للإبحار.
المشاركون والمتضامنون من مختلف الجنسيات تبرعوا بثمن السفن المشارِكة وتجهيزها للإبحار (الجزيرة)
وأكد المشاركون في كلمات لهم خلال مؤتمر صحفي على أن ما يقومون به ليس للاستعراض، بل هي حملة تضامنية تهدف إلى مساعدة أهالي قطاع غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة تآذارها ضدهم إسرائيل.
وقال المتحدث باسم أسطول “الصمود العالمي” سيف أبو كشك، إن تحركهم جاء بسبب الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة وسعيه إلى تهجيرهم، مؤكدا أن خطوتهم هي بعثة غير عنيفة تهدف إلى فتح ممر للمساعدات الإنسانية في غزة.
إعلان
وأوضح أن سبب اختيار برشلونة هو كونها مرجعا للتضامن مع الفلسطينيين منذ سنوات.
أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأن وثيقة سرية داخلية في الجيش أقرت بفشل عملية عربات جدعون في قطاع غزة، وأن أهدافها بإخضاع حماس وإعادة الأسرى لم تتحقق.
وقال المصدر ذاته أن الوثيقة تكشف أن من بين أسباب فشل العملية هو التخطيط العشوائي للعملية، وعدم ملاءمة هذا النوع من العمليات لأسلوب قتال حماس.
وأشارت القناة إلى أن الوثيقة تؤكد أن إسرائيل ارتكبت كل خطأ ممكن لا سيما عدم تحديد وقت لهذه العملية.
وكان المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر “الكابينت” أقر مطلع أيار/أيار 2025 خطة عملية “عربات جدعون” بهدف تحقيق حسم عسكري وسياسي في القطاع، عبر عملية منظمة من 3 مراحل.
وأقرت الخطة استخدام 5 عوامل ضغط ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في محاولة لإرغامها على القبول باتفاق لتبادل الأسرى، وتفكيك بنيتها العسكرية. واستدعى الجيش الإسرائيلي لغرض تنفيذها عشرات الآلاف من جنود الاحتياط.
أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بإصابة 4 جنود، اليوم الأحد، خلال اشتباكات وصفتها بالعنيفة في قطاع غزة، مشيرة إلى أن أحد الجنود أصيب بجروح خطيرة.
وأفاد المصدر ذاته بأن مسلحين من حركة حماس أطلقوا 3 صواريخ مضادة للدبابات على آلية إسرائيلية في جباليا شمالي قطاع غزة.
وتحدثت منصات للمستوطنين عن “حدث أمني صعب” في غزة، وهو مصطلح يشير إلى تعرض الجيش الإسرائيلي لخسائر على يد المقاومة الفلسطينية.
ووفقا لهذه المنصات، فقد أصيب جندي على الأقل بعد استهداف آلية من نوع “هامر” في جباليا بصاروخ مضاد للدروع.
في غضون ذلك، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اليوم أنها استهدفت أمس دبابة ميركافا وجرافة عسكرية بقذيفة الياسين 105 وعبوة شواظ في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة.
وتخوض كتائب القسام وسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي معارك مع قوات الاحتلال المتوغلة في أطراف الأحياء الجنوبية والشرقية لمدينة غزة، ومنها حيا الزيتون والصبرة.
من جانبها، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن مقاتلات إسرائيلية ألقت خطأ قنابل على مقربة من موقع عسكري للجيش شمالي قطاع غزة.
وكانت كتائب القسام أعلنت في وقت سابق عن عمليات في جباليا شملت تفجير عبوات ناسفة في آليات إسرائيلية متوغلة بالمنطقة.
ومساء أمس، أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل جندي في ما وصفه بحادث عملياتي في خان يونس جنوبي قطاع غزة.