مع تزايد حديث قادة جيش الاحتلال عن عملية السيطرة على مدينة غزة في شمال القطاع ما زالت الخلافات تتصاعد بين المستوى السياسي وكبار مسؤولي المنظومة الأمنية الذين أبدوا رغبتهم بالتوصل إلى صفقة.
فقد كشفت شبكة “سي إن إن” الأميركية أن التوتر بين القيادتين العسكرية والسياسية تصاعد بشكل حاد خلال الأسبوع الماضي.
ونقلت الشبكة الأميركية عن مصادر سياسية أن رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير عارض قرار تنفيذ الهجوم الموسع على مدينة غزة خلال اجتماعين للمجلس الأمني المصغر (الكابينت).
وركز زامير خلال تلك الاجتماعات على المخاطر المحتملة على الجنود الأسرى لدى المقاومة وعلى الجنود في الميدان، وحث الوزراء على النظر بمقترح وقف النار الذي قدمه الوسطاء وقبلته حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وكشفت القناة الـ13 الإسرائيلية أن جلسة الكابينت أمس الاثنين شهدت توترات حادّة بعدما أبدى رئيس الموساد، ديفيد برنيع، دعمه لصفقة جزئية تقضي بالإفراج عن بعض الأسرى الإسرائيليين في القطاع، وقد أيّد هذا الموقف القائم بأعمال رئيس الشاباك، إلى جانب قادة الأجهزة الأمنية الذين شددوا على أن الوقت مناسب للمضي في هذا المسار.
أين كنتم في 7 تشرين الأول؟
لكن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، رفض المقترح بشكل قاطع، مؤكدا أنه “لا توجد صفقة جزئية على الطاولة، ولدي دعم كامل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب في هذا الموقف”.
ووجّه زامير انتقادا حادا للوزراء قائلا لهم “أنتم كابينت 7 تشرين الأول، الآن تذكرتم حسم حماس؟ أين كنتم في الأيام التي تلت السابع من تشرين الأول 2023؟”، مضيفا أن “70% من غزة قد حُسمت حتى الآن”.
فيما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن زامير تمسّك بموقفه، مؤكدا أن مهمته عرض “التداعيات والمعاني المترتبة على كل قرار، وأنتم من تقررون”.
وكشفت قناة “آي 24” أن نتنياهو قال لرؤساء الأجهزة الأمنية “أسمع مواقفكم، لكن القرار في النهاية لي، وعليكم الالتزام بما يُتخذ من قرارات”.
نتنياهو يخاطب الجنود
في ظل تلك الأجواء الملبدة بالاتهامات والشكوك من جدوى عملية احتلال مدينة غزة وانخفاض الاستجابة لأوامر التجنيد من قِبل الاحتياط بجيش الاحتلال وجه نتنياهو، المتهم بارتكاب جرائم حرب، رسالة للجنود النظاميين والاحتياط.
إعلان
وقال نتنياهو في رسالته “طوال فترة الحرب اتخذنا قرارات صعبة جدا، قرارات لم يصدق أحد أننا سنتمكن فعلا من تنفيذها”.
وأضاف “لكننا نفذناها لأنكم أنتم منحتمونا، ومنحتموني أنا، القوة لدفع دولة إسرائيل نحو نصر شامل، الآن نحن نقف أمام مرحلة الحسم، أنا أثق بكم”.
طالب المقرر الأمم المتحدة المعني بالحق في السكن اللائق بالاكريشنان راجاغوبال بضرورة وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، بسبب استخدامها في حرب الإبادة بقطاع غزة.
ووجه راجاغوبال -في تصريحات للجزيرة- لوما للدول التي لم تفعل ما يكفي لوقف المجازر في غزة، مؤكدا أن العالم خذل الفلسطينيين والنظام الدولي فشل.
كما أكد أن مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة فشلا بوقف الإبادة في غزة، وقال إن مسؤوليات تقع على قادة الدول لمنع حصول إبادة جماعية في القطاع الفلسطيني المحاصر.
واستعرض المقرر الأممي أحد أشكال الإبادة التي تنفذها إسرائيل، إذ تقصف الغزيين رغم وجودهم في الخيام، محذرا من خطورة مخطط التهجير وتبعاته على سكان القطاع، ومن بينها منع وصولهم إلى الغذاء.
وتهدد الحكومة الإسرائيلية باحتلال مدينة غزة، في حين قالت القناة الـ13 الإسرائيلية إن تقديرات الجيش تفيد بأن احتلال المدينة قد يستغرق عاما كاملا، مضيفة أن تلك التقديرات تشير إلى احتمال مقتل 100 جندي في العملية.
وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة 63 ألفا و633 شهيدا على الأقل، و160 ألفا و914 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 361 فلسطينيا منهم 130 طفلا.
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الثلاثاء، إن قرار الولايات المتحدة عدم منح تأشيرات دخول للمسؤولين الفلسطينيين لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة “غير مقبول” ويجب التراجع عنه. وأضاف ماكرون على منصة إكس “ندعو إلى إلغاء هذا الإجراء وضمان التمثيل الفلسطيني بما يتماشى مع اتفاقية البلد المضيف”.
وأكد ماكرون أنه التقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إذ سيترأسان معاً مؤتمر حل الدولتين المزمع عقده في نيويورك بتاريخ 22 أيلول/ أيلول الحالي. وقال “إن هدفنا يتمثل في حشد أوسع دعم دولي من أجل الدفع بحل الدولتين، باعتباره الحل الوحيد القادر على تلبية التطلعات المشروعة للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي”.
ولفت ماكرون إلى أن ذلك سيقتضي “التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن (المحتجزين في غزة)، وضمان إيصال مساعدات إنسانية عاجلة وواسعة النطاق إلى سكان غزة، إضافة إلى نشر بعثة استقرار هناك”. وشدد على أنه “لن تنجح أي هجمات أو محاولات ضم أو تهجير قسري في تقويض الزخم الذي أطلقناه مع ولي العهد (السعودي)، والذي انضمت إليه بالفعل أطراف وشركاء عديدون”.
والجمعة الفائت، ألغى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو تأشيرات دخول الرئيس الفلسطيني محمود عباس و80 مسؤولاً آخرين، قبل الاجتماعات السنوية رفيعة المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة الشهر الحالي، والتي كان يتم تمثيل الفلسطينيين فيها سابقاً، ما أثار ردود فعل دولية منددة.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو قد ندّد، السبت الفائت، برفض الولايات المتحدة منح تأشيرات دخول لمسؤولين في السلطة الفلسطينية، مؤكداً أن الوصول إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك “لا يمكن أن يكون خاضعاً لأي قيود”. وأكد بارو في كوبنهاغن، قبيل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أن “مقر الأمم المتحدة مكان حيادي في خدمة السلام. ولا يمكن أن يكون حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة خاضعاً لأي قيود”.
وبموجب اتفاقية المقر (أبرمتها الولايات المتحدة مع الأمم المتحدة المبرمة عام 1947)، فإن الإدارة الأميركية ملزمة بالسماح للوفود من مختلف أنحاء العام بالقدوم إلى نيويورك من أجل المشاركة في أشغال الجمعية العامة. وفي محاولة لتبرير خطوتها تلك، اتهمت الخارجية الأميركية الفلسطينيين بشنّ “حرب قانونية” من خلال لجوئهم إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لمقاضاة إسرائيل. وعبارة “الحرب القانونية” كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستخدمها باستمرار لوصف متاعبه القانونية بعد مغادرته الرئاسة إثر انتهاء ولايته الأولى. وأضافت أن “إدارة ترامب واضحة: من مصلحتنا الأمنية القومية أن نحمل منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية مسؤولية عدم الوفاء بالتزاماتهما، وتقويض آفاق السلام”.
تزامنا مع عرض فيلمها “صوت هند رجب” ضمن المسابقة الرسمية في الدورة الـ82 من مهرجان فينيسيا السينمائي، كشفت المخرجة التونسية كوثر بن هنية، أن الدافع وراء تقديمها العمل، جاء بعد تأثرها العميق بنداء الاستغاثة الذي أطلقته الطفلة الفلسطينية هند رجب قبل استشهادها برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضحت بن هنية، من حوارها لمجلة هوليود ريبورتر، أن صوت هند ظل يلازمها، مما دفعها للتواصل مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني التي نشرت مقطعا من الاتصال للحصول على التسجيل الكامل. وتابعت: “حين استمعت للتسجيل، ما طاردني لم يكن فقط عنف ما حدث، بل أيضا الصمت بين الأصوات. كنت أستعد لإنجاز فيلم آخر، لكن كان عليّ أن أتوقف عن كل شيء لأروي هذه القصة”.
استلهمت كوثر بن هنية الفيلم من المكالمات الأخيرة للطفلة الفلسطينية ذات الأعوام الستة، التي علقت داخل سيارة في غزة يوم 29 كانون الثاني/كانون الثاني الماضي بعد أن قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي بالدبابات عائلتها، وفقدت معظم أقاربها. وظلت هند على الخط مع طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني لأكثر من ساعة وهي ترجو إنقاذها، غير أن سيارة الإسعاف التي تحركت إليها استهدفت بدورها، مما أسفر عن استشهاد المسعفين الذين كانوا على متنها.
وبعد أن منعت كوثر بن هنية من دخول غزة، اختارت أن توصل ردها عبر السينما، فأنجزت عملا يدمج بين الوثائقي والدرامي، مستندة إلى تسجيل يمتد لـ70 دقيقة. تواصلت مع والدة هند للتأكد من رغبتها في مشاركة القصة مع العالم، قبل أن تسند أدوار المسعفين إلى ممثلين فلسطينيين، في حين أبقت صوت الطفلة كما هو من التسجيل الأصلي.
التسلسل الحقيقي للأحداث
وتوضح بن هنية أن الفيلم التزم بدقة بما جرى، إذ استند إلى التسلسل الحقيقي للأحداث: تسجيل اللحظات الأخيرة للأقارب داخل السيارة، ثم رسالة العم التي تكشف بقاء الطفلة ذات الأعوام الستة على قيد الحياة، يليها نداءات هند المستمرة، وصولا إلى المكالمة الأخيرة للمسعف الذي كان في طريقه لإنقاذها. وتؤكد أن الهدف كان الحفاظ على صدق التجربة كما وقعت، مع الحد الأدنى من التدخل الفني.
إعلان
وتقول المخرجة في حوارها لهوليود ريبورتر: “كنت خائفة أن أخون صوتها، وأن يعجز الفيلم عن تكريم ذكراها”.
وتابعت: “هذا العمل يتمحور حول نداء استغاثة سمعه العالم ولم يستجب له أحد. إنه يواجه ليس فقط الصمت الذي قابل صرخة هند، بل أيضًا التواطؤ الواسع، بما فيها وسائل إعلام دولية، التي اكتفت بالمشاهدة دون أن تقدم العون للأصوات التي تنادي من غزة”.
مشيرة إلى الثقل الأخلاقي في تصوير اللحظات الأخيرة لهند، ومؤكدة أهمية رفض الصمت والتواطؤ، قائلة: “على الأقل، مع هذا الفيلم، لم يتم إسكاتي”، فاستخدمت لغة الفن لتعبر عن مشاعرها الشخصية كي لا تكون متواطئة، كونها لا تملك سلطة سياسية وليست ناشطة.
وترى كوثر بن هنية، أن الخطوة الأهم تكمن في مشاهدة الفيلم نفسه، معتبرة أن دورها اقتصر على إنجازه، بينما يبقى استقباله بيد الجمهور. بالنسبة لها، مجرد أن يجد العمل من يشاهده يعد إنجازا في حد ذاته.
وعموما ترى أن النظرة إلى الرواية الفلسطينية لا تزال محاطة بالريبة، وهو أمر يتجاوز حدود فيلمها. تعتقد أن هذا الوضع يجب أن يتغير، إذ من العبث أن يظل العالم بحاجة إلى تذكير بأن الفلسطينيين بشر، لهم مشاعر وأحزان حين يفقدون أحبتهم. بالنسبة لها، تكرار مثل هذه البديهيات يختصر حجم المأساة.
وردا على إمكانية فتح تحقيق بجرائم حرب ضد الضباط العسكريين المسؤولين عن القتل ترى، أن المأساة أعمق من حدود فيلم واحد، فينما تروى قصة هند، يتواصل سقوط الضحايا في غزة بأعداد يصعب حتى تخيل المدة التي قد يتطلبها أي تحقيق جاد في كل حالة. تشير إلى أن قضية هند نفسها لم تُفتح بعد، وأن غياب الصحفيين عن الميدان يجعل الوصول إلى الحقيقة شبه مستحيل. ورغم ذلك يبقى الأمل قائمًا بأن يأتي يوم تتحقق فيه العدالة، لأن العالم بحاجة إليها.
من فينسيا إلى الأوسكار
وبينما يشارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي، حيث يعرض غدا الأربعاء 3 أيلول/أيلول.
أعلن المركز الوطني للسينما والصورة في تونس قبل أيام اختيار الفيلم ليمثل تونس في فئة أفضل فيلم دولي في النسخة المقبلة من جوائز الأوسكار.
العمل من تأليف وإخراج المخرجة التونسية كوثر بن هنية، وقد حظي بدعم بارز من نجوم هوليود منهم براد بيت، خواكين فينيكس، وروني مارا الذين انضموا إليه منتجين تنفيذيين قبل عرضه العالمي الأول ضمن فعاليات المهرجان التي انطلقت في 27 آب/آب.
وشارك في التمثيل سجا الكيلاني، معتز ملحيس، كلارا خوري وعامر حليحل، والموسيقى التصويرية لأمين بوحافة.
نشرت صحيفة “زمن إسرائيل” العبرية، مقالا للكاتب الإسرائيلي، دورون ماينرت كشف فيه تحولا عميقا في طبيعة الجيش الإسرائيلي الذي لم يعد -بحسب تعبيره- “جيش الدولة” بل “جيش المستوطنين”، يخدم مصالحهم وينفذ مخططاتهم على حساب الفلسطينيين وأرضهم ومقدراتهم.
ويصف الكاتب حادثة اقتلاع الجيش أكثر من 3100 شجرة زيتون في قرية المغير شمال رام الله نهاية الأسبوع الماضي، باعتبارها “برهانا صارخا” على أن الانتقام تحوّل من استثناء مستتر إلى سياسة رسمية معلنة، لا تكتفي بذرائع “الأمن” كما كان الحال سابقا، بل تآذار العقاب الجماعي علنا، مع مصادرة الأرض وتجريفها، وتحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم متواصل.
ويوضح الكاتب أن اقتلاع الأشجار لم يكن مجرد عمل عابر، بل جرى بقرار مباشر من قائد المنطقة الوسطى اللواء آفي بلوط، الذي قال بوضوح “كل قرية يخرج منها هجوم ستدفع ثمنا باهظا: عزلا، حصارا، واقتلاعا”.
ويؤكد الكاتب أن الهدف الحقيقي لم يكن حماية المستوطنين من “خطر الأشجار”، بل فرض معادلة ردع جماعية، عبر وصف 3 آلاف إنسان في المغير بأنهم “أعداء” وتجريدهم من مصدر رزقهم الأساسي، وهو الزيتون الذي ينتظرونه في موسم قصير لتأمين جزء من قوتهم.
تواطؤ الجيش والمستوطنين
ويشير الكاتب إلى أن الجيش لم يعد فقط يغض الطرف عن اعتداءات المستوطنين، بل تبنى أساليبهم كما هي. فبينما كان الجنود يقتلعون الأشجار، كانت مجموعات مسلحة من المستوطنين تجوب القرية ترويعا واعتداء على الأهالي، في تكرار مفضوح لسياسات الاقتلاع والتهجير القسري.
ويروي الكاتب سلسلة من الحوادث التي تابعها ميدانيا خلال السنوات الأخيرة: منع الرعاة من الوصول إلى المراعي، وعرقلة موسم الحصاد عبر إقامة بؤر استيطانية عشوائية على الطرق المؤدية للحقول، وفرض وقائع جديدة على الأرض بحماية الجيش. ويقول “كلما تراجع الفلسطينيون تحت الضغط، تقدم المشروع الاستيطاني خطوة إلى الأمام”.
جانب من وداع شهداء قرية كفر مالك شرق رام الله، في مجمع فلسطين الطبي، عقب استشهادهم برصاص المستوطنين (وسائل التواصل الاجتماعي)
تهجير ممنهج
وبحسب الكاتب، فإن ما جرى للمغير ليس معزولا، فقبلها كانت هناك 3 تجمعات رعي بدوية اُجبرت على الرحيل تحت ضغط المستوطنين، وانتقل أهلها إلى أطراف قرى مجاورة. وما إن تم إفراغ هذه المناطق حتى انتقل المستوطنون للمرحلة التالية: تضييق الخناق على القرى نفسها.
إعلان
ويذكر الكاتب أن ذروة هذا التصعيد كانت في نيسان/نيسان الماضي بعد مقتل مستوطن في المنطقة، حيث اقتحم آلاف المستوطنين قريتي دومة والمغير ونفذوا اعتداءات واسعة لثلاثة أيام متتالية، أسفرت عن مقتل فلسطينيين وتدمير ممتلكات واسعة، وسط صمت إسرائيلي عام بعد صدمة أحداث السابع من تشرين الأول/تشرين الأول.
دورون ماينرت: سموتريتش يطمح إلى حصر القرى الفلسطينية في نطاق المباني السكنية فقط، بينما تُصادر كل الأراضي الزراعية والمراعي المحيطة، تمهيدا لضمها للمستوطنات.
مشروع استيطاني واسع
ويربط الكاتب هذه السياسات برؤية وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي يطمح -وفق الكاتب- إلى حصر القرى الفلسطينية في نطاق المباني السكنية فقط، بينما تُصادر كل الأراضي الزراعية والمراعي المحيطة، تمهيدا لضمها للمستوطنات.
ويضيف أن الجيش بات أداة تنفيذية لتحقيق هذا “الحلم الاستيطاني”، عبر اقتلاع الزرع وتقييد الحركة وفرض الحصار.
ويقول الكاتب “الجيش اليوم لا يسعى إلى التهدئة، بل إلى التصعيد، مهمته لم تعد توفير حياة طبيعية للسكان، بل دفعهم نحو الانفجار، حتى يتسنى سحقهم وإتمام مشروع السيطرة على الأرض”.
ويلفت الكاتب إلى أن الرواية الإسرائيلية الرسمية تصف كل فلسطيني يُقتل خلال هذه الأحداث بأنه “مخرّب”، حتى وإن كان ضحية بريئة.
ويضيف “نعم، تقع أحيانا هجمات فردية من فلسطينيين كرد فعل على هذا الواقع، لكن كيف يمكن مقارنتها بمشروع استيطاني ضخم وغير قانوني، ينهب الأرض ويجوّع المزارعين ويمنعهم من الوصول إلى حقولهم، بينما يحظى بدعم الدولة والجيش؟”.
جيش المستوطنين
ويخلص الكاتب إلى أن إسرائيل باتت أمام جيش جديد: “جيش المستوطنين”. لم يعد الجيش الذي يقدَّم للرأي العام كـ “حام للدولة”، بل تحول إلى ذراع تنفيذية لمشروع اليمين الديني القومي.
ويشبّه الكاتب هذا التحول بمعلّم سيئ يشجع المتنمرين على حساب الضعفاء، قائلا “كل قائد عسكري يعرف أن الاستقرار يتحقق حين يُتاح للناس العيش الكريم. لكن هذا الجيش لا يريد استقرارا، بل حسما يقوم على إذلال الفلسطينيين”.
ويختم الكاتب مقاله بجملة لافتة قال فيها “لقد اقتلعوا الأشجار هذا العام، فلا حاجة بعد الآن لإرسال الجنود لحماية المزارعين في موسم الزيتون. لقد أنجز الأشرار مهمتهم، لكن بأيدي أشرار آخرين”.