أصيب عدد من الفلسطينيين، فجر اليوم الجمعة، خلال هجوم نفذه مستوطنون على قرية خلة الضبع في مسافر يطا جنوبي الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة. وقال المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة في فلسطين، حسن مليحات، لـ”العربي الجديد” إن “مجموعات من المستوطنين نفذت، اليوم الجمعة، هجوماً دموياً على قرية خلة الضبع في مسافر يطا جنوب الخليل، ما أسفر عن إصابة عدد من الأهالي بينهم أطفال ونساء ومسنون بجروح خطيرة”.
وأوضح مليحات أن الاعتداء جرى باستخدام العصي والسكاكين، حيث أصيب المسن علي الدبابسة وزوجته آمنة بجروح في الرأس وكدمات، كما أصيب المواطن عباس الدبابسة بطعنات سكين، فيما تعرّضت زوجته لكسور ورضوض، وأصيبت طفلتهما البالغة من العمر ثلاثة أشهر برضوض، وابناه قتيبة وعز بجروح وكدمات مختلفة، كما أصيب هاني الدبابسة بطعنات وكدمات، وباسل عامر بجروح ورضوض، إلى جانب عدد آخر من الأهالي الذين تلقوا العلاج ميدانياً.
وأكدت منظمة البيدر، في بيان، أن الاعتداء يندرج ضمن سلسلة متصاعدة من الهجمات الممنهجة التي يتعرض لها سكان مسافر يطا في ظل حماية مباشرة من قوات الاحتلال، مشيرة إلى أن الهدف هو إرهاب الأهالي ودفعهم إلى الرحيل القسري عن أرضهم. ودعت البيدر المؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية إلى التحرك العاجل، محملة سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم التي وصفتها بأنها “ترتقي إلى مستوى جرائم حرب”، محذرة من أن استمرار الصمت الدولي سيشجع المستوطنين على تصعيد اعتداءاتهم بحق القرى الفلسطينية.
وفي سياق متصل، ذكر مليحات أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت، صباح اليوم الجمعة، خربة يانون قرب بلدة عقربا جنوب نابلس بعدد من الجيبات العسكرية، وشمل الاقتحام مسجد القرية، مؤكداً أن الاعتداء يأتي ضمن سلسلة متواصلة من الانتهاكات التي تستهدف القرى والمناطق النائية بهدف التضييق على سكانها ودفعهم للرحيل. إلى ذلك، أفادت مصادر محلية بأن مستوطنين اقتحموا، فجر الجمعة، مشتل الصنوبر الواقع على مدخل قرية يتما وقبلان جنوب نابلس، وقاموا بتدمير محتوياته بشكل كامل، وشمل الاعتداء تكسير واقتلاع عشرات الأشجار وتخريب الكواوير والمزروعات، ما ألحق أضراراً جسيمة بالمكان.
وفي إطار الانتهاكات اليومية، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة، عمليات اعتقال ومداهمات في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، طاولت عدداً من الفلسطينيين. وفي السياق، قال نائب رئيس مجلس قرية المغير مرزوق أبو نعيم لـ”العربي الجديد” إن “قوات الاحتلال اقتحمت فجراً قرية المغير شمال شرق رام الله، واعتقلت كلاً من وطن أبو عليا ويسري أبو عليا ومحمد أبو نعيم”.
إلى ذلك، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، حملة اعتقالات واسعة في قرية حارس غرب سلفيت شمال الضفة، طالت أكثر من 15 مواطناً فلسطينياً. كما داهمت قوات الاحتلال، فجر اليوم الجمعة، مدينة قلقيلية وفتشت عدة منازل، وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية أن قوات الاحتلال اقتحمت المدينة من مدخلها الشرقي، وانتشرت في محيط المقبرة وحي الشارقة، وداهمت عدداً من منازل المواطنين وعبثت بمحتوياتها. كما نصب جنود الاحتلال حاجزاً عسكرياً طياراً وسط المدينة، واعتقلوا شابا لم تُعرف هويته بعد أثناء مروره على الشارع الرئيسي.
مع استمرار حرب الإبادة الجماعية والتجويع الإسرائيلية على قطاع غزة، تتفاقم الكارثة الإنسانية يوماً بعد يوم، لتصل إلى مستويات غير مسبوقة تضع حياة أكثر من مليوني فلسطيني على المحك، في ظل تفشي المجاعة والأمراض المعدية والحصار وتدمير البنى التحتية، في وقت تبدو جهود الإغاثة عاجزة عن مواكبة حجم الدمار والاحتياجات الإنسانية الهائلة.
وبعد أشهر من التردد أعلنت الأمم المتحدة وخبراء دوليون رسميا تفشي حالة المجاعة على نطاق واسع في قطاع غزة الذي يتعرض منذ أشهر لحصار وتجويع إسرائيلي متعمد أدى إلى استشهاد 281 فلسطينيا بينهم 114 طفلا، وفق إحصاء لوزارة الصحة في القطاع.
اقرأ أيضا
list of 2 items
list 1 of 217 مليون يمني على حافة المجاعة وأجيال كاملة محرومة من التعليم
list 2 of 2بالفيديو.. التطوع مسيرة عطاء بوجه الأزمات في لبنان
end of list
فقد أصدرت منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بيانا مشتركا بجنيف أكدت فيه أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة عالقون في مجاعة، مطالبين إسرائيل بضمان توفر الغذاء والإمدادات الطبية لسكان غزة من دون عوائق للحد من الوفيات الناجمة عن الجوع وسوء التغذية.
وبالتزامن مع البيان الأممي المشترك، أصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مبادرة عالمية متخصصة في موضوع قياس الأمن الغذائي وسوء التغذية، تقريرا قال فيه إن “المجاعة تتفشى في محافظة غزة”.
ومع تسارع الأحداث، التقت الجزيرة نت مع المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) عدنان أبو حسنة، للاطلاع على تطورات الوضع الإنساني في قطاع غزة، وفيما يلي نص الحوار:
بداية، كيف تصف لنا المشهد الإنساني الراهن في قطاع غزة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار والتجويع؟
الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة يمكن وصفها بما بعد الكارثة أو تسونامي إنساني يضرب كل مناطق القطاع، نتحدث الآن عن 2.3 مليون فلسطيني على الأقل كلهم مجوعون، كلهم يعانون من درجات مختلفة من سوء التغذية
إعلان
ونتحدث عن 50% من سكان القطاع هم من الأطفال والمئات منهم يعانون من أعلى درجات سوء التغذية، وإذا استمرت الأوضاع بهذه القسوة فمن الممكن أن يموتوا أو أن يتعرضوا لندوبات جسدية وأمراض تصاحبهم مدى حياتهم مثل التقويس أو التقزم.
كما نتحدث عن 100% تقريبا من سكان قطاع غزة يشربون مياها ملوثة بدرجات مختلفة، فلا يمكن العثور في غزة على مياه صالحة للشرب، بالإضافة إلى تلوث الخزان الجوفي في القطاع بسبب تدمير شبكة الصرف الصحي
أيضا انهيار القطاع الصحي بصورة شبه كاملة مع انتشار كبير للأمراض المعدية، وأصبح مئات الآلاف من المرضى لا يجدون الدواء، أما الأطباء والعاملون في القطاع الطبي فهم منهكون وجائعون وغير قادرين على العمل، باختصار ما يحدث في غزة غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية.
ورغم إعلان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي -وهو المرصد الوحيد المخول بإعلان حالات المجاعة عالمياً- عن وجود مجاعة في غزة، لم تستجب إسرائيل بزيادة عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات أو السماح بإدخال مئات الشاحنات يومياً كما كان متوقعاً، بل على العكس، تمادت في إنكار هذه الحقيقة لدرجة أن أحد المسؤولين الإسرائيليين ادعى وجود أشخاص جائعين في ضواحي تل أبيب أيضاً، في مقارنة لا يمكن تخيلها.
في ظل هذا الوضع المأساوي، ما أبرز الأنشطة الإغاثية التي لا تزال الأونروا قادرة على تنفيذها بالقطاع؟ وما أبرز التحديات التي تواجهونها في إيصال المساعدات؟
(بالنسبة) للعمليات الإنسانية -فيما يتعلق بالأونروا والتي تعتبر العمود الفقري للعمل الإغاثي والإنساني في قطاع غزة- فإن بعض العيادات الصحية لا تزال تعمل لدينا وهي حوالي 7 عيادات رئيسية و25 نقطة طبية متنقلة، ونستقبل يوميا 18 ألف مريض، كما لدينا المئات العاملين في فرق الدعم النفسي التي تجوب في مخيمات النزوح لتقديم الخدمة للمواطنين، كذلك نحاول توفير بعض المياه الصالحة للشرب وجمع النفايات الصلبة في بعض مناطق القطاع.
وأما بخصوص عمليات توزيع المواد الغذائية فقد توقفت منذ فترة سواء من قبل الأونروا أو المنظمات الخيرية والإغاثية الأخرى، والآن أصبح توزيع المساعدات الإغاثية مقتصرا على “مؤسسة غزة الإنسانية“.
وحتى الكميات القليلة من المساعدات التي يتم إدخالها إلى القطاع عبر المنظمات الأممية يتم الاستيلاء عليه بسبب إصرار الجانب الإسرائيلي على مرور شاحنات المساعدات في ممرات غير آمنة بها عصابات مسلحة.
هناك جدل كبير حول “مؤسسة غزة الإنسانية” فكيف تنظرون إلى دورها وما انعكاس وجودها على المدنيين؟
نحن حذرنا قبل إنشاء هذه المؤسسة من فكرة إنشائها وأثناء إنشائها وبعد إنشائها، وببساطة ما حدث هو إضافة ساحة جديدة لقتل الفلسطينيين، وهذه المؤسسة ببساطة ليس لها علاقة بالعمل الإغاثي والإنساني، حيث يعمل بها مجموعة من المتقاعدين العسكريين، وأقامت 4 أقفاص من الأسلاك الشائكة يدعون الفلسطينيين للذهاب إليها للحصول على بعض آلاف من السلال الغذائية التي لا تكفي حاجة المواطنين.
ويتعرض الفلسطينيون للقتل والإذلال وهم ذاهبون وهم عائدون وهم يتجمهرون بالقرب منها، نتحدث عن أكثر من 1400 فلسطيني قتلوا حتى الآن داخل مقرات هذه المؤسسة.
إعلان
وهذه المنظمة لا لزوم لها عمليا لأنها تبتعد عن أسس وقيم العمل الإنساني الدولي، التي أقرتها الأمم المتحدة، وللأسف هناك شبهات حول هذه المنظمة وأنها تعمل بأجندة سياسية وعسكرية وهذا غير مقبول في العمل الإنساني.
هل تمتلك الأونروا خطة جاهزة لإنقاذ سكان غزة في حال فتح المعابر والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية؟
لدينا خطط جاهزة ولدينا آلاف من موظفي الإغاثة في الأونروا وسبق أن أدرنا 400 نقطة لتوزيع المساعدات الغذائية في مختلف مناطق القطاع، قبل الثاني من آذار/آذار عندما أعلن نتنياهو وقف إدخال كل أنواع المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
وفي شباط/شباط وكانون الثاني/كانون الثاني الماضي عند وقف إطلاق النار استطعنا الوصول إلى مليوني فلسطيني وتزويدهم بالمواد الغذائية خلال أيام قليلة.
والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قدم خطة للجانب الإسرائيلي من 5 مراحل حول كيفية إدخال المساعدات الإنسانية والمسارات التي يجب أن تأخذها والمعابر ومخازن الأمم المتحدة والأسماء، وكل ذلك عدة مرات.
في ظل رفض إسرائيل المتكرر لمقترحات وقف إطلاق النار، ما الانعكاسات الإنسانية الكارثية على سكان القطاع؟
بالتأكيد عدم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار كارثة ومصيبة لأنه تم دفع كل سكان قطاع غزة إلى مساحة أقل من 55 كيلومترا مربعا، ولو ألقيت أي حرجة في تلك المنطقة فستقتل وتجرح أعداد كبيرة من المواطنين.
أيضا في ظل سياسة التجويع الخطيرة المتبعة وما تسببت فيه من انتشار سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي وعدم توفر مياه شرب صالحة، يعني عمليا الفتك بهذه المجموعة البشرية، حيث يحاصرهم الموت قتلا بالطائرات والدبابات أو الموت جوعا وعطشا أو الموت مرضا.
وباختصار الوضع الإنساني في قطاع غزة لا يحتمل على الإطلاق ولا يمكن وصفه بالكلمات.
تواجه الأونروا حملة سياسية وإعلامية ممنهجة وبعض الدول علّقت تمويلها. ما تأثير هذه الأزمة المالية على عملياتكم بقطاع غزة والمناطق الأخرى؟
هناك حملة منظمة سياسية وإعلامية ضد الأونروا لم تتوقف، تستهدف قضم شرعيتها وتقويض عملياتها في الضفة وغزة والقدس (ولكن) معظم الدول -التي مساعداتها للأونروا بعد الادعاءات الإسرائيلية حول مشاركة بعض موظفيها في أحداث 7 تشرين الأول/تشرين الأول، وهي ادعاءات لم تثبت على الإطلاق حتى الآن- أعادت تمويل الأونروا ما عدا الولايات المتحدة والسويد، وفي المقابل هناك أيضا دول انضمت للدول المانحة للأونروا مثل الجزائر والعراق.
وحقيقة نحن نعاني من أزمة مالية طاحنة، فنحن بحاجة إلى 200 مليون دولار حتى نهاية هذا الشهر حتى لا تتأثر عمليات الأونروا في مناطقة عملها الخمس (سوريا ولبنان والضفة والقدس وغزة) وحتى لا تضطر الوكالة لاتخاذ إجراءات قاسية حول عملياتها.
هناك من يتحدث عن الإسقاطات الجوية كحل بديل لإدخال المساعدات في ظل إغلاق إسرائيل للمعابر، فلماذا تنتقد الأمم المتحدة هذا المقترح؟
بالتأكيد الإسقاطات الجوية لا يمكن أن تحل مشكلة المجاعة في غزة، ونحن نصر على فتح المعابر البرية بين إسرائيل وقطاع غزة.
وهناك 5 معابر بين غزة وإسرائيل وبإمكان إسرائيل أن تدخل ألف شاحنة يوميا إذا أرادت وتمكين الأمم المتحدة من مواجهة المجاعة، بالإضافة إلى فتح المجال أمام القطاع التجاري لإدخال البضائع المختلفة.
وقد تم قبل ذلك تجربة فكرة الميناء البحري المؤقت، وأيضا الإسقاطات الجوية لم تنجح في السابق في حل الأزمة، والحقيقة أن إسرائيل لا تريد حل أزمة التجويع المتعمد لسكان قطاع غزة.
ما رسالتكم الأخيرة للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بالشأن الإنساني لوقف هذه الكارثة؟
رسالتنا للمجتمع الدولي يجب أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار من أجل إنقاذ 2.3 مليون فلسطيني يتعرضون للموت عبر القتل والجوع والمرض.
إعلان
إن كل القيم والمعايير والمواثيق الأممية والقانون الدولي الإنساني تتحطم على أبواب قطاع غزة، وهذا نموذج خطير يمكن تطبيقه في أماكن أخرى إذا لم يتم إجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار وإنقاذ سكان قطاع غزة من هذه المقتلة الخطيرة وغير المسبوقة.
وما زالت هناك فرصة لوقف هذه الوحشية، من أجل الحفاظ على كرامة الإنسان في العالم والحفاظ على الثوابت الإنسانية والقانون الدولي الإنساني والقيم العالمية.
شهدت الضفة الغربية المحتلة سلسلة من الاقتحامات والاعتداءات الجديدة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، أسفرت عن إصابات واعتقالات متفرقة في عدة مناطق.
وأفادت مصادر فلسطينية بأن قوات الاحتلال اقتحمت قرية المغير شمال رام الله، وداهمت منازل واعتقلت عددا من الشبان.
كما اقتحمت قوات الاحتلال مخيم الجلزون شمال رام الله، مما أدى إلى إصابة شابين بالرصاص الحي، أحدهما أصيب في الخاصرة واليد، والآخر في القدم، ووصفت جروحهما بالمستقرة.
وفي جنوب الخليل، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن “3 مواطنين أصيبوا جراء هجوم نفذه مستوطنون على منطقة خلة الضبع بمسافر يطا”، حيث تم نقل المصابين لتلقي العلاج.
وفي مدينة نابلس، اقتحمت قوة عسكرية إسرائيلية بناية سكنية في منطقة الجبل الشمالي، وداهمت شققًا سكنية وفتشتها.
وفي بلدة بيتا جنوب نابلس، أصيب 3 فلسطينيين خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي، وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمه تعاملت مع إصابة بالرصاص الحي في اليد لشاب يبلغ من العمر 18 عاما.
ووفق مصادر محلية، تمركزت قوات الاحتلال في الحارة الغربية من البلدة، وأطلقت الرصاص الحي والقنابل الصوتية، في حين اعتدت بالضرب على طفلين بعد احتجازهما.
وأضافت المصادر أن القوات الإسرائيلية داهمت عدة منازل وفتشتها وعبثت بمحتوياتها، وسط حالة من التوتر والاشتباكات المحدودة مع السكان.
إضافة إلى ذلك، اقتحمت قوات الاحتلال مساء أمس قرية تياسير شرق طوباس، وانتشرت في أحياء عدة بالقرية وسط تحركات عسكرية مكثفة.
تعزيز احتلال الضفة
سياسيا، ترأس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية على خلفية جرائم الحرب المرتكبة في قطاع غزة- اجتماعا لبحث الوضع في الضفة الغربية المحتلة، في وقت تتصاعد فيه الدعوات داخل حكومته لتعزيز احتلال الضفة.
إعلان
وقالت القناة 13 الإسرائيلية إن النقاشات شملت بحث ما تسميه تل أبيب “فرض (أو بسط) السيادة” على الضفة الغربية المحتلة، في حين حذر جهاز الأمن العام (الشاباك) الحكومة من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تصعيد واسع، موصيا بإعادة أموال المقاصة المحتجزة إلى السلطة الفلسطينية.
وبحسب القناة 14، فإن 20 وزيرا من أصل 24 يؤيدون “فرض السيادة” فورا، حيث دعا وزير السياحة حاييم كاتس إلى “فرض سيادة كاملة على جميع أراضي الضفة الغربية”، في وقت قال فيه وزير الطاقة إيلي كوهين إن “إسرائيل يجب أن تكون الدولة الوحيدة بين النهر والبحر”.
من جانبه، صرح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأن بلاده أبلغت دولا أخرى أن الاعتراف بدولة فلسطينية سيؤدي إلى رد فعل إسرائيلي قوي، معتبرا أن خطط فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة المحتلة “ليست نهائية بعد لكنها كانت متوقعة” في ظل اعتراف عدد من الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويأتي هذا التصعيد في ظل حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023، التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 64 ألف فلسطيني وإصابة ما يزيد على 161 ألفا، معظمهم من النساء والأطفال، فضلا عن مئات آلاف النازحين، والمجاعة التي أودت بحياة مئات المدنيين بينهم عشرات الأطفال، وفق معطيات فلسطينية.
أما في الضفة الغربية، فقد أدت الاعتداءات المتصاعدة منذ بداية الحرب إلى استشهاد ما لا يقل عن 1017 فلسطينيا وإصابة نحو 7 آلاف، إضافة إلى اعتقال أكثر من 18 ألفا و500 آخرين.
في تحوّل دبلوماسي لافت، أعلنت الدنمارك أن قرار الاعتراف بدولة فلسطين لم يعد مشروطاً بموافقة الحكومة الإسرائيلية، في مؤشر واضح إلى تغيير مهم في توجهات السياسة الخارجية الدنماركية تجاه القضية الفلسطينية، وذلك في وقت يتصاعد فيه الزخم الدولي المؤيد للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وقال وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكا راسموسن، في تصريحات لهيئة البث العام “دي آر” مساء الخميس: “في الواقع، كنا قد منحنا الحكومة الإسرائيلية نوعاً من حق النقض (الفيتو) بشأن اعترافنا بفلسطين، وهذا لم يعد مجدياً. لذلك، نرفع الآن هذا الحق (الفيتو)”. وتُعد الدنمارك من بين دول شمال أوروبا التي تبدي حساسية خاصة تجاه وضع الضفة الغربية المحتلة، حيث تعتبر أن الاستيطان الإسرائيلي والمساس بالوضع القانوني للأراضي الفلسطينية يُعدّان من أبرز العوائق أمام تطبيق حل الدولتين.
وترتبط كوبنهاغن بعلاقات دبلوماسية مع السلطة الفلسطينية، إذ تمتلك تمثيلاً رسمياً في مدينة رام الله، وتشارك من خلال “البيت الدنماركي” في برامج تنموية واجتماعية وثقافية، تركز على الحقوق المدنية ودعم المجتمع المحلي. كما تحتفظ فلسطين بممثلية دبلوماسية في كوبنهاغن، يترأسها السفير مانويل حساسيان.
تغيير في ثوابت السياسة الخارجية
لطالما التزمت الدنمارك، على غرار عدد من الدول الأوروبية، بموقف يُرجئ الاعتراف بالدولة الفلسطينية إلى حين التوصل إلى اتفاق سلام على أساس حل الدولتين. لكن هذا الموقف بدأ يتآكل، خاصة مع تعثر المفاوضات وتصلّب الحكومة الإسرائيلية الرافضة لهذا الحل. في هذا السياق، أشار راسموسن إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، برئاسة بنيامين نتنياهو، لا تُظهر أي نية للسير في مسار الدولتين، مؤكداً أن الدنمارك “لا يمكنها أن تنتظر موافقة إسرائيل إلى الأبد”.
كما تشهد الدنمارك حراكاً إعلامياً وشعبياً متزايداً يصف ما يجري في قطاع غزة بـ”الإبادة الجماعية”، إلى جانب موجة انتقادات شديدة بسبب تصريحات لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش حول نية ضم 83% من الضفة الغربية، ما عمّق الشعور بغياب أي أفق سياسي للحل، وعزز الدعوات داخل البرلمان والأحزاب السياسية لفرض عقوبات على الاحتلال، ومراجعة العلاقة مع إسرائيل.
الاقتراب من الاعتراف دون حسمه
رغم الزخم المتصاعد، أكد راسموسن أن بلاده لم تتخذ بعد قراراً نهائياً بشأن الاعتراف بدولة فلسطين، لكنها “تقترب من هذه الخطوة”، وتدرس حالياً الشروط المناسبة لتنفيذها. كما أعلن راسموسن نية انضمام الدنمارك إلى “إعلان نيويورك”، وهو مبادرة دولية تسعى إلى وقف إطلاق النار في غزة، واستعادة الحكم الفلسطيني في كل من الضفة الغربية والقطاع، وتهيئة الطريق نحو تسوية سياسية شاملة تقوم على حل الدولتين.
دولة فلسطينية بشروط واضحة
في رؤيته لحل الدولتين، أوضح وزير الخارجية الدنماركي أن بلاده لا تكتفي بالاعتراف الرمزي، بل تطالب بقيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح، تُجري إصلاحات مؤسسية، ولا تكون خاضعة لسيطرة حركة حماس. وقال راسموسن: “الدولة الفلسطينية التي نتخيلها هي دولة بلا حماس، بلا جماعات مسلحة، تُطلق سراح الرهائن، وتلتزم بالقانون الدولي. وجود حماس في غزة، المصنفة منظمة إرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي، يُعقّد المشهد، لكنه لا يمنع تغيير نهجنا السياسي”.
تحرك أوروبي متسارع
يأتي هذا التغير في الموقف الدنماركي في سياق أوسع يشهده الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي. فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن في تموز/ تموز الماضي، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين “في الوقت المناسب”، وقد يتبلور ذلك خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية أيلول/ أيلول الجاري. كما عبّرت دول أخرى مثل بلجيكا وأستراليا وكندا عن استعدادها لاتخاذ خطوات مشابهة، فيما تتحضر فرنسا والسعودية لعقد اجتماع دولي خاص بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وفي هذا الإطار، قال راسموسن: “لا جدوى من ربط قرارنا باعتراف إسرائيل. لو بقينا ننتظر، فلن يحدث شيء. آن الأوان لإعادة النظر”، وذلك ربما يعكس جدية ما طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خسارة الاحتلال الإسرائيلي في معركة الرأي العام والعلاقات العامة حول العالم.
وفي حين سبق أن وصفت الحكومة الدنماركية الاعتراف بالدولة الفلسطينية بأنه “خطوة رمزية”، يبدو أن المزاج السياسي في كوبنهاغن آخذ بالتغير. فقد باتت الرمزية، في هذا السياق الدولي الضاغط، تُعد ذات أثر سياسي ملموس، خاصة مع تصاعد الغضب من الجرائم الإسرائيلية في غزة، وتعطل العملية السياسية. وكانت وزيرة الخارجية الفلسطينية فارسين شاهين قد دعت، في وقت سابق، الدنمارك إلى الاعتراف الفوري بفلسطين، وردّ عليها راسموسن آنذاك بقوله: “الاعتراف في الظروف الحالية يعني الاعتراف بنصف الحقيقة فقط، فهناك سلطة في رام الله، لكن حماس تسيطر على غزة، وهذا واقع لا يمكن تجاهله”.
التصريحات الأخيرة الصادرة عن وزير الخارجية الدنماركي، والقرار بإلغاء “الفيتو الإسرائيلي” الضمني، والانخراط في المبادرات الدولية الداعمة لحل الدولتين، كلها مؤشرات إلى أن كوبنهاغن بصدد إعادة رسم سياستها الخارجية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ورغم أن الاعتراف الرسمي لم يُعلن بعد، إلا أن الدنمارك باتت، كما يبدو، أقرب من أي وقت مضى إلى اتخاذ هذه الخطوة، خاصة إذا ما استمر الزخم الأوروبي والدولي في هذا الاتجاه.
ويبقى أن نترقب ما ستسفر عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة بنهاية هذا الشهر، وما إذا كانت كوبنهاغن ستنضم رسمياً إلى الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، أم ستواصل السير تدريجياً نحو ذلك في إطار سياسة محسوبة.
طولكرم- في منطقة المسقوفة بمدينة طولكرم بالضفة الغربية المحتلة، يقيم الخمسيني عبد السلام عودة داخل حافلة قديمة تحولت إلى مأوى له منذ 7 شهور، وبغصة يروي كيف انتهت رحلة نزوحه من منزله في مخيم طولكرم رفقة زوجته، إلى حياة قاسية داخل حافلة قديمة لتصبح بيتهما الوحيد.
ويوضح عودة أنه اضطر لمغادرة منزله تحت وابل من الرصاص الحي وقنابل الغاز، بعدما اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي مخيم طولكرم في 28 كانون الثاني/كانون الثاني الماضي، وأجبر سكانه على النزوح.
وبعد أن تنقل المواطن لفترات متقطعة بين بيوت أقاربه في أحياء مختلفة من مدينة طولكرم، بدأ عودة يبحث عن حل أكثر استقرارا يجنبه حرج الاعتماد الدائم على الآخرين ويوفر له وزوجته قدرا من الخصوصية، ومن هنا ولدت فكرة السكن في حافلة قديمة.
حياة صعبة يعيشها عبد السلام عودة بعد أن حول حافلة لمنزل يعيش فيه منذ 7 شهور (الجزيرة)
بلا منزل أو عمل
يقول عبد السلام عودة للجزيرة نت “صحيح أنني أملك قطعة أرض، لكن لا أملك المال لبناء غرفة واحدة عليها، لذلك طلبت من صديقي أن يعطيني حافلة قديمة كان يحتفظ بها، فأعددت لها بابا، وجهزتها بما استطعت حمله من منزلي في المخيم من أغطية ووسائد، ومنذ ذلك الحين أصبحت بيتي”.
بالإضافة لفقد المنزل فقد المواطن مصدر دخله بعد النزوح، ولم يستطع إيجاد عمل إلا قبل أسبوع من لقائنا به، حيث يعمل سائقا بأجرة يومية، وكل ذلك زاد من ضنك الحياة عليه ومن ثقلها.
ويصف صعوبة الحياة في الحافلة بقوله “استطعت تدبر أمري فيها طوال هذه الشهور الماضية، لكني كنت مجبرا فلا بديل أمامي: إيجارات المنازل مهما كانت مساحتها وحجمها ثقيلة علي، ولا يوجد أي جهة تقدم المساعدة للنازحين”.
ويضطر الزوجان إلى قضاء معظم ساعات النهار خارج الحافلة هربا من حرارتها الخانقة، فلا يعودان إليها إلا مع حلول المساء، وعن ذلك يقول “نحاول قدر المستطاع ألا نبقى هنا في النهار، فالأجواء شديدة الحرارة، وقد وضعت قطعا من القماش على سطح الحافلة لتخفيف حدة الشمس، ومع ذلك نلجأ إلى زيارة الأقارب أو نمضي الوقت في المساجد حتى تهدأ الحرارة”.
إعلان
ذاكرة المخيم
داخل الحافلة التي تحولت إلى غرفة ضيقة، يجلس المواطن عودة يقرأ كتابا عن الذاكرة الفلسطينية، فتستحضر ذاكرته أيام حياته بالمخيم، ليقول “كنا نعيش بكرامة، لكن إسرائيل حاولت انتزاعها بتهجيرنا وتدمير المخيمات، فالنزوح عبء ثقيل على النفس، وهذه الأزمة طالت كثيرا ولا تلوح في الأفق أي بوادر لحل”.
ويضيف “أحن إلى منزلي كثيرا، كنت أعيش فيه بكل راحة، كنا عائلة كبيرة في المخيم الكل يسأل عن الكل”.
وتتشابه حكاية عودة مع قصص كثير من نازحي طولكرم الذين تقطعت بهم السبل، وتوزعوا بين مدارس للإيواء، وجمعيات محلية، وقرى متفرقة داخل المحافظة.
فعلى أطراف بلدة بلعا يعيش أبو صابر مشّه مع عائلته المكونة من 6 أفراد داخل مخزن مكشوف السقف يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة والخدمات الأساسية.
رحلة نزوح عبد السلام عودة وزوجته من منزلهما بمخيم طولكرم انتهت إلى حياة قاسية داخل حافلة قديمة (الجزيرة)
بلا سقف
يقول مشّه إنه اضطر للانتقال بعائلته إلى ذلك المخزن بعد فترة قصيرة من الإقامة في بيوت معارفه، موضحا أنه حاول تغطية سقفه بقطع من البلاستيك والقماش ليحتمي وأطفاله من الشمس والمطر.
ويشرح -للجزيرة نت- تفاصيل معاناته اليومية في مكان لا يصلح للعيش، خصوصا مع وجود الأطفال، قائلا “همي الأول اليوم أن أتمكن من تسجيل أبنائي بالمدرسة حتى لا تضيع عليهم السنة الدراسية”.
وأوضح أن “أقرب مدرسة تبعد عنا نحو 25 دقيقة بالسيارة، وهذا يعني تكلفة مواصلات يومية باهظة. وحتى لو توفرت، فإن وعورة الطريق تجعل وصول سيارات الأجرة إلى هنا صعبا للغاية”.
وتتفاقم معاناة عائلة مشّه مع الخطر الدائم الذي يشكله انتشار الزواحف والحشرات السامة بالمنطقة الترابية الصخرية، ورغم محاولاته المتكررة للتواصل مع البلديات القريبة من أجل تزويده بخطوط مياه وكهرباء، لم يتلق أي استجابة منذ أشهر.
ويضيف “نشتري صهاريج المياه مرة كل أسبوع، وقد منحني أحد الجيران خطا كهربائيا من منزله بالكاد أشغل به إضاءة صغيرة وثلاجة، وهذه ليست مقومات حياة طبيعية يمكن أن تعيشها عائلة”.
وفي تصريح سابق للجزيرة نت، قال فيصل سلامة نائب محافظ طولكرم إن المشروع توقف بعد رفض الاحتلال الإسرائيلي، وتهديده بهدم أي تجمع جديد يقام للنازحين بحجة عدم السماح بإنشاء مخيمات جديدة.
واليوم يحاول مشّه مواجهة برد الشتاء القادم بإمكانياته البسيطة، إذ بدأ باستبدال الشادر الذي يغطي سقف المخزن بألواح من الصفيح (الزينكو) في محاولة منه لتقليل تسرب مياه المطر إلى الداخل.
ويقول “أعرف أن ألواح الصفيح (الزينكو) لن يحمينا من المطر بالكامل، ولن يصد برودة الجو، لكن لا خيار آخر لدي، بالكاد أستطيع توفير الطعام لعائلتي بعد أن فقدت عملي داخل أراضي الـ48، وحتى الآن لم أجد مصدر رزق جديد، أما وسائل التدفئة فلن تتجاوز إشعال النار والحطب”.
إعلان
وتشير التقديرات إلى أن قرابة 26 ألف مواطن فلسطيني طردتهم إسرائيل من منازلهم في مخيمات طولكرم، منذ بدء عملية السور الحديدي، ويعيش النازحون ظروفا اقتصادية واجتماعية صعبة، وتعجز الحكومة عن توفير بدائل للسكن، مع تدمير جيش الاحتلال قرابة 400 منزل بشكل كامل، و2573 منزلا بشكل جزئي في مخيميْ نور شمس وطولكرم.