سياسة إسرائيل وأهدافها من هدم الأبراج السكنية في غزة

سياسة إسرائيل وأهدافها من هدم الأبراج السكنية في غزة

غزة – لم يكن تدمير الأبراج السكنية العالية في قطاع غزة سياسة طارئة فرضتها الحرب الحالية، بل هو نهج قديم يوظفه الاحتلال الإسرائيلي ضمن أدوات الضغط العسكري والسياسي على المقاومة الفلسطينية عبر إيذاء السكان.

فمنذ استهداف برج “الظافر” عام 2014، مرورا بهدم ثلاثة أبراج رئيسية خلال أقل من 24 ساعة في عدوان أيار/أيار 2021، وصولا إلى قصف برج مُشتهى أمس الجمعة، تتكرر الإستراتيجية ذاتها: العقاب الجماعي، والضغط على المقاومة، وتحويل العمران المدني إلى ركام بهدف تشريد الفلسطينيين.

وبحسب ما نشرته الصحافة الإسرائيلية، فإن هذه السياسة تندرج ضمن خطة شاملة لإعادة احتلال مدينة غزة.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أعلن أمس الجمعة إصدار ما وصفه بـ”أول بلاغ لإخلاء مبنى متعدد الطوابق في مدينة غزة (برج مُشتهى) قبل استهدافه”، وقال “عندما ينفتح الباب لن يغلق وستتزايد عملياتنا تدريجيا حتى تقبل (حركة المقاومة الاسلامية) حماس شروطنا لإنهاء الحرب”.

بهدف التهجير

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية خلدون البرغوثي أن “قصف الأبراج السكنية لا يعدو أن يكون ذريعة لتبرير تدمير كل شيء في غزة”، موضحا أن الهدف المركزي يتمثل في “تحويل مدينة غزة إلى ما يشبه الصحراء الأسمنتية لإجبار السكان على النزوح جنوبا تمهيدا لتهجيرهم خارج الحدود”.

ويشير البرغوثي، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن هذا التوجّه يتسق مع الرؤية الفكرية لتيار سياسي إسرائيلي يضم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة-والوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، إضافة إلى دانييلا فايس، وهم جميعا معروفون بـ”عرّابة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة وغزة، ويدفعون باتجاه حسم ديمغرافي” عبر التهجير القسري.

ويضيف “قصف الأبراج ليس سوى ذريعة للتغطية على سياسة استهداف شامل لكل مظاهر الحياة، خصوصا وأن التحريض على الأبراج التي تؤوي آلاف النازحين، سبق القصف بأسابيع عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية”.

إعلان

وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قد كشفت يوم 22 آب/آب الماضي أن جيش الاحتلال يخطط لهدم الأبراج التي لا تزال قائمة في مدينة غزة في إطار خطته لإعادة احتلال المدينة.

-6 تدمير البرج أثار حالة من الهلع بين السكان وتسبب بتشريد عشرات العائلات
تدمير الأبراج سياسة إسرائيلية للضغط أكثر على الغزيين (الجزيرة)

ويُقلّل البرغوثي من فرص نجاح هذه السياسة، مشيرا إلى أن العديد من المحللين العسكريين والقادة الأمنيين الإسرائيليين السابقين يعترفون بصعوبة تطبيقها، موضحا أن إسرائيل ستواجه فشلا بتهجير كامل السكان من غزة إلى الجنوب، فضلا عن استحالة تهجير جميع سكان القطاع إلى الخارج.

ويتوقع البرغوثي أن تؤدي هذه السياسة الإسرائيلية إلى تصعيد المواقف والإجراءات الدولية ضد إسرائيل، مؤكدا أن الإصرار على مواصلة التدمير والعدوان سيجعلها في مواجهة عزلة متزايدة.

لكنه يلفت في المقابل إلى أن الولايات المتحدة تتحرك بشكل مواز لتشديد الضغط على الفلسطينيين، سواء بمنع وفودهم الرسمية من الوصول إلى الأمم المتحدة، أو التضييق على حملة الجوازات الفلسطينية في منح التأشيرات، أو فرض عقوبات على مؤسسات حقوقية ومحاكم دولية.

ويرى أن هذه التطورات ستسهم في تصعيد الوضع الدولي بشكل أكبر، مشيرا إلى أن الإعلام الإسرائيلي بات يوسع تغطيته لهذه الإجراءات الشعبية والرسمية حول العالم، في ظل تزايد الانتقادات التي تحمّل نتنياهو وحكومته مسؤولية تحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة.

إرباك المقاومة

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات أن التركيز على استهداف الأبراج السكنية بعد مرور 23 شهرا على الحرب لا يندرج في سياق العمليات الاعتيادية.

ويقول للجزيرة نت إن التوقيت الحالي يعكس أبعادا متعددة؛ أولها مرتبط بالكثافة السكانية الكبيرة في مدينة غزة التي تضم قرابة مليون نسمة.

ويضيف أن الهدم يهدف إلى:

  • إحداث صدمة نفسية عميقة تدفع العائلات، التي اعتادت التعايش مع أجواء الحرب وترفض النزوح جنوبا، إلى مغادرة منازلها بفعل الخوف والهلع، مبينا أن هذه السياسة تمثل جزءا من استعدادات إسرائيل للمرحلة الثانية من عملية “عربات جدعون“.
  • توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن الحرب لا تزال في أوجها، وأن إسرائيل لن تستجيب لأي دعوات لوقفها قبل تحقيق أهدافها كاملة وفق منظورها الخاص، فهي تريد من العالم الاستمرار في منحها الوقت والغطاء السياسي لمواصلة العمليات العسكرية.
  • إرباك حسابات المقاومة عبر سلسلة صدمات متتابعة، بحيث يصعب عليها فهم النمط الإسرائيلي أو التنبؤ بخطواته، مما يمنح الاحتلال فرصة الإمساك بزمام المبادرة وتحديد مسار الحرب.
-تهدف إسرائيل من وراء تدمير الأبراج إلى إثارة هلع السكان وعقابهم بشكل جماعي
تهدف إسرائيل عبر تدمير الأبراج إلى عقاب أهالي غزة جماعيا لإجبارهم على النزوح والتهجير (الجزيرة)

رهان إسرائيل

كما تراهن إسرائيل -حسب بشارات- على إمكانية حدوث تطورات سياسية أو دبلوماسية لاحقة، بما في ذلك احتمال تقديم المقاومة بعض المرونة أو التنازلات، مما ستعتبره إنجازا ناجما عن الضغط العسكري المكثف.

إعلان

ويتابع “الاحتلال لا يزال يعتمد مقاربة القوة وفائض القوة كخيار أساسي في إدارة الحرب سعيا لإخضاع المقاومة بشكل كامل”.

ويستبعد بشارات أن ينجح الاحتلال في سياسته من خلال هدم الأبراج، مضيفا “التجربة أثبتت حتى الآن أن محدودية الخيارات أمام الفلسطينيين تجعلهم أكثر ميلا للصمود بدلا من رفع الراية البيضاء”.

1-تصاعد سحب الدخان والغبار الكثيف لحظة انهيار برج مشتهى وسط مدينة غزة، بعد استهدافه المباشر من الطائرات الإسرائيلية.
لحظة انهيار برج مشتهى وسط مدينة غزة بعد قصف إسرائيل له (الجزيرة)

ويشدد على أن الاحتلال يسعى كذلك لاستخدام نموذج غزة كوسيلة ردع إقليمية عبر خلق “نموذج تدميري” يوجّه من خلاله رسالة إلى جبهات أخرى مثل الضفة الغربية المحتلة ولبنان وسوريا واليمن وإيران، فالمعادلة التي يسعى لتكريسها هي “ما حدث في غزة يمكن أن يتكرر في أي مكان آخر”.

أما على المستوى الدولي -يرى بشارات- أن سياسة هدم الأبراج ستثير ردود فعل، لكنها ستظل محصورة في إطار الشجب والاستنكار، دون أي خطوات عملية للضغط على إسرائيل أو ردعها.

إخلاء أهالي غزة بيوتهم تحت النار… خروج الروح من الجسد

إخلاء أهالي غزة بيوتهم تحت النار… خروج الروح من الجسد

لم يعد في غزة بيت آمن ولا خيمة مستقرة، فكل مكان مهدد بالرحيل، وكل زاوية مرشحة لأن تُمحى من الخريطة، ومع كل عملية إخلاء جديدة، تتكرر المأساة وكأنها ولادة ألم متواصلة، يخرج فيها الغزيون من بيوتهم كما لو أنهم يتركون أرواحهم خلفهم، حيث لا يعتبر الإخلاء في غزة مجرد حركة نزوح عابرة، بل أصبح طقساً من الألم يشبه انتزاع الروح من الجسد، فحين يضطر الناس إلى مغادرة بيوتهم سواء كانت قائمة على جدران نصف مهدمة أو خيام مهترئة في محيط الركام، فإنهم يرحلون مثقلين بالذاكرة، يحملون معهم مفاتيح بلا أبواب، وصوراً بلا جدران، وأحلاماً بلا سقف.

الوجع الحقيقي لا يكمن فقط في الخروج من البيوت، بل في إحساس الناس أنهم يخرجون من تاريخهم الشخصي

في الأحياء الشمالية والشرقية من مدينة غزة، تتكرر المشاهد القاسية، عائلات تُساق تحت التهديدات المتلاحقة بالاجتياح، نساء يودعن مطابخهن الصغيرة التي بالكاد وفرت لهم طعام يومهم، رجال يضعون على أكتافهم ما تبقى من أغطية، وأطفال يتشبثون بعرائس ممزقة كأنها آخر ما يربطهم ببيوتهم. الوجع الحقيقي لا يكمن فقط في الخروج من البيوت، بل في إحساس الناس أنهم يخرجون من تاريخهم الشخصي، من شجرة زرعوها، من باب ورثوه عن آبائهم، ومن حجر يعرف أسماءهم. حتى من يعيشون اليوم في خيام مهترئة فوق ركام منازلهم، يفضلون بقاءهم هناك على أن يُجبروا على الرحيل مرة أخرى، لكن التهديدات المتلاحقة للاحتلال الإسرائيلي باقتحام مدينة غزة وتفريغها من سكانها تحول الحياة اليومية إلى دائرة مغلقة من الخوف والانتظار، فكل لحظة قد تعني قرار الرحيل القسري الجديد. ولا يقتصر الإخلاء على الأثاث والجدران، بل يمتد إلى اقتلاع الإنسان من ذاكرته وكيانه، لتصبح غزة اليوم شاهدة على مشهد جماعي يتكرر، رحيل بلا وجهة، وحياة تترك أهلها وهم ما زالوا على قيدها.

في غزة النزوح وخروج الروح

ياسمين الشوربجي (45 عاماً) إحدى النساء النازحات تصف لحظة خروجها من بيتها قائلة: “كأنني تركت قلبي خلفي، كنت أسمع صرير الباب الحديدي وهو يغلق للمرة الأخيرة، شعرت أنني أدفن عمري كله هناك”. وتتابع الشوربجي حديثها لـ”العربي الجديد”: “حين خرجت من بيتي شعرت أنني خرجت من جلدي، تركت أواني المطبخ التي رافقتني في كل مواسم الفرح والحزن، تركت شجرة الليمون التي زرعها زوجي قبل أن يستشهد، لم أحمل معي سوى ثوب الصلاة وصورة أولادي، كنت أمشي والدمع يحرق وجهي، وكأنني أدفن بيتي وأنا على قيد الحياة”.
وتشاركها شعور الألم الفلسطينية سعاد حمد التي خسرت بيتها بعد أن قصفته الطائرات الحربية الإسرائيلية، ما دفعها إلى إنشاء خيمة على أنقاضه في شارع الجلاء وسط مدينة غزة، لكنها نقلتها مجدداً نحو المناطق الغربية، وتعيش الآن هاجس الخروج النهائي من مدينتها. وتقول لـ”العربي الجديد” إنها ورغم تدمير بيتها كانت تعيش بجانبه في خيمة صغيرة، “عندما جاء التهديد الجديد بالرحيل، شعرت أن الاحتلال لا يكتفي بهدم الحجر، بل يريد أن يهدم فينا ما تبقى من ذاكرة، كنت أنظر للركام وأقول: هنا وُلدت، وهنا سأموت، لكنني مجبرة على تركه وكأنني أترك قلبي معلقاً بين الحجارة”.

الصورة

نزوح من مدينة غزة / 5 أيلول 2025 (Getty)

النزوح في غزة معاناة لا نهاية لها تحت قصف الاحتلال،5 أيلول 2025 (Getty)

أما الفلسطيني أحمد أبو حديد، والذي انتهي مؤخراً من تركيب الشادر بديلاً عن الجدران المهدمة في بيته وسط مدينة غزة، فيوضح أن الاحتلال الإسرائيلي يدرك جيداً مدى قسوة أوامر الإخلاء ووقعها الكارثي على نفوس الناس الذين فقدوا كل شيء. ويبين أبو حديد لـ”العربي الجديد” أن النزوح الحالي سيكون أكثر صعوبة وقسوة من أي نزوح سابق، خاصة بعد تدمير المحافظات الجنوبية وانعدام الخيارات أمام الفلسطينيين الذين خسروا مدخراتهم وقدرتهم على الحركة، وتحديداً في ظل الارتفاع الجنوني بأسعار النقل والمواصلات.ويضيف “أصعب لحظة يمكن أن يعيشها الشخص وهو يغلق باب بيته للمرة الأخيرة، وهو يدرك أنه لن يعود إليه مجدداً، وإن عاد سيجده كومة من الركام”، مبيناً أن هذا الشعور يدركه الاحتلال الذي يحاول مضاعفة الألم والمعاناة لدى الفلسطينيين عبر زيادة حالة التشتت والضياع والتشرد.

وتثبت الحالة الصعبة التي يعيشها الغزيون في هذه اللحظات أن الإخلاء ليس مجرد انتقال من مكان إلى آخر، بل جرح ينزف في الروح، يخرج الناس من بيوتهم كما لو يودعون أعمارهم، تاركين خلفهم أحلاماً وأثراً وذاكرة، بين الركام والخيام والتهديدات، ليتحول الرحيل القسري إلى موت بطيء يشبه خروج الروح من الجسد.

إسرائيل تعلن اعتقال شخص “يحمل زجاجة حارقة” قرب سفارتها في بلجيكا

إسرائيل تعلن اعتقال شخص “يحمل زجاجة حارقة” قرب سفارتها في بلجيكا

أوقفت الشرطة شخصاً في بلجيكا يحمل زجاجة حارقة، ليل أمس الجمعة، خارج السفارة الإسرائيلية في بروكسل. وأفادت وزارة الخارجية الإسرائيلية بأن قوات الأمن في بروكسل أوقفت مشتبهاً به “يحمل زجاجة حارقة”. وفي حين لم يُبلغ عن وقوع إصابات زعمت تقديرات إسرائيلية، نقلها موقع “واينت”، بأنه جرى إحباط “محاولة للقيام بعملية ضد السفارة الإسرائيلية، وأن حرّاس الأخيرة حددوا هويّة المشتبه به، قبل أن يعتقله عناصر الشرطة المحليّة”.

وتأتي الحادثة بعد أيامٍ من إعلان وزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، نيّة بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، المزمع عقده في وقتٍ لاحق من الشهر الجاري، بالإضافة لفرض سلسلة من الإجراءات العقابية على الحكومة الإسرائيلية، بحسب ما كتب في منشور على منصة إكس. وانضمت بلجيكا بذلك إلى عدد من الدول التي أعلنت بالفعل أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية، في ظل الإبادة والحرب المتواصلة على قطاع غزة منذ 700 يوم. وقال الوزير البلجيكي موضحاً إنه “نظراً للمأساة الإنسانية التي تحدث في فلسطين، وخصوصاً في غزة، وبالنظر إلى العنف الذي تآذاره إسرائيل في خرقٍ للقانون الدولي، اضطرت بلجيكا إلى اتخاذ قرارات صعبة من أجل زيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية وعلى مسلحي حماس”، وأوضح أنّ “بلجيكا ستنضمّ إلى الدول الموقّعة على إعلان نيويورك، ممهدة الطريق نحو حلّ الدولتين، وبالتالي الاعتراف بهما”.

وأوضح الوزير أن بروكسل فرضت 12 عقوبة على إسرائيل بينها حظر استيراد المنتجات من المستوطنات، ومراجعة سياسة المشتريات العامة مع الشركات الإسرائيلية، وفرض قيود على تقديم المساعدة القنصلية للبلجيكيين المقيمين في المستوطنات غير القانونية حسب القانون الدولي، اتخاذ إجراءات قانونية محتملة، قيود على الرحلات الجوية والتنقل، وإدراج الوزيرين الإسرائيليين المتطرفين، إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش، وعدد من المستوطنين، وقادة من حركة حماس، في قائمة “أشخاص غير مرغوب فيهم” في بلجيكا. 

وهاجم رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو

، يوم الأربعاء الماضي، رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر، واصافاً إياه بـ”زعيم ضعيف يسعى لاسترضاء الإرهاب الإسلامي على حساب إسرائيل”، مضيفاً أن رئيس الوزراء البلجيكي “يريد إطعام التمساح الإرهابي قبل أن يفترس بلجيكا. إسرائيل لن توافق على ذلك وستواصل الدفاع عن نفسها”.

الجامعة العربية: لا تعايش سلمياً في المنطقة في ظل الاحتلال

الجامعة العربية: لا تعايش سلمياً في المنطقة في ظل الاحتلال

أكّدت الجامعة العربية في وثيقة بعد اجتماعها الذي انتهى أمس الجمعة، أن لا تعايش سلمياً في منطقة الشرق الأوسط، في ظل استمرار احتلال إسرائيل لأراضٍ عربية، وسعيها لضمّ أراضٍ أخرى، واستمرارها في “مآذاراتها العدائية”. وتبنت الجامعة، الخميس، خلال الاجتماع الذي عُقد في مقرّها في القاهرة على المستوى الوزاري، “الرؤية المشتركة للأمن والتعاون في المنطقة” التي تقدّمت بها مصر والسعودية، وتحدّثت عن “تقويض مسارات السلام والأمن والاستقرار كافة، ولا سيما عبر مواصلة إسرائيل… من دون رادع لحربها العبثية على قطاع غزة (…) والانتهاكات الجسيمة من قتل وحصار وتجويع وضمّ أراضٍ واستيطان ومحاولة تهجير الشعب الفلسطيني”.

وشدّدت القرارات الصادرة عن الجامعة العربية على “عدم إمكانية التعويل على ديمومة أي ترتيبات للتعاون والتكامل والتعايش بين دول المنطقة، في ظل استمرار احتلال إسرائيل لبعض الأراضي العربية أو التهديد باحتلال أو ضمّ أراضٍ عربية أخرى”. وثمة اتفاق سلام بين كل من مصر والأردن مع إسرائيل، فيما وقّعت الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب اتفاقات تطبيع مع الدولة العبرية في عام 2020. وكانت السعودية تتفاوض مع إسرائيل حول التطبيع حتى السابع من تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، تاريخ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، التي تسبّبت بوقف هذه المفاوضات.

وجدّدت الجامعة العربية في البيان الصادر عنها، التأكيد أن “غياب التسوية السلمية للقضية الفلسطينية هو السبب الرئيسي في اندلاع جولات عنف” في المنطقة، مشيرة الى أن هذه التسوية تتمّ من خلال حل الدولتين ومبادرة السلام العربية لعام 2002 التي عُرفت بالأرض مقابل السلام، وانسحاب إسرائيل حتى خطوط الرابع من حزيران/ حزيران 1967 وتجسيد القضية الفلسطينية. وتحفظت كل من تونس والعراق عن بعض التعابير في هذه الفقرة الأخيرة. من جهتها، أشادت مصر بالقرار، وأكّدت أن “لا مجال للسماح بهيمنة أي طرف على المنطقة، أو فرض ترتيبات أمنية أحادية تنتقص من أمن المنطقة واستقرارها”.

وعقدت الجامعة العربية في شهر آب/ آب الماضي، اجتماعاً طارئاً، دانت فيه خطة إسرائيل لاحتلال قطاع غزة، معتبرة ذلك بمثابة “عدوان سافر على جميع الدول العربية وأمنها القومي ومصالحها السياسية والاقتصادية، وتهديد للأمن والسلام والاستقرار في المنطقة”، داعية الجزائر والصومال، العضوين في مجلس الأمن، والمجموعة العربية في نيويورك، إلى تقديم مشروع قرار لإلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار في غزة.

وطالب البيان الختامي “المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف عمليات الإبادة والتجويع للفلسطينيين في قطاع غزة. وأعرب مجلس جامعة الدول العربية عن إدانته “قرارات وخطط حكومة الاحتلال الإسرائيلي لفرض السيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة، وتهجير الشعب الفلسطيني، وجرائم العدوان والإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي ترتكبها إسرائيل في غزة والضفة الغربية المحتلة، بما فيها مدينة القدس”.

(فرانس برس، العربي الجديد)

إسرائيل تتعاقد بـ45 مليون دولار مع غوغل للتنصل من جرائمها في غزة

إسرائيل تتعاقد بـ45 مليون دولار مع غوغل للتنصل من جرائمها في غزة

كشف موقع “دروب سايت نيوز” أن شركة “غوغل” أبرمت اتفاقا بـ45 مليون دولار مع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للترويج لرواية تل أبيب، والتنصل من الجرائم التي ترتكبها بحق فلسطينيي قطاع غزة على مدار 700 يوم، في واحدة من أطول وأقسى المآسي الإنسانية في العصر الحديث.

وأفاد “دروب سايت نيوز”، الأربعاء الماضي، بأن “شركة غوغل، بموجب عقد مدته 6 أشهر بقيمة 45 مليون دولار، أبرمته مع نتنياهو، تساهم في الترويج لرسائل الحكومة الإسرائيلية، والتقليل من شأن الأزمة الإنسانية في غزة”.

وحسب الموقع، فإن العقد قد وُقّع أواخر حزيران/حزيران الماضي، ويصف غوغل بأنها “جهة رئيسية” في دعم إستراتيجية نتنياهو للعلاقات العامة.

ووفقا للتقرير، تُدار الإعلانات عبر يوتيوب ومنصة “غوغل ديسبلاي آند فيديو 360″، وتُوصف في الوثائق الحكومية الإسرائيلية بأنها “هاسبارا”، وهو مصطلح عبري يُترجم غالبا إلى “دعاية”.

 الجرائم الإسرائيلية في غزة طالت البشر والحجر ( الأوروبية)

دعاية وإدانة

وتُظهر السجلات أن إسرائيل أنفقت أيضا 3 ملايين دولار على الإعلانات عبر منصة شركة “إكس” الأميركية، و2.1 مليون دولار عبر منصة “أوت برين” الإسرائيلية.

وقال متحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي آنذاك “إن السلطات قد تُطلق حملة رقمية لتوضيح عدم وجود سياسة تجويع بغزة وعرض البيانات”.

ومنذ ذلك الحين، انتشرت على نطاق واسع إعلانات حكومية إسرائيلية تُنكر وجود مجاعة في غزة، بما في ذلك مقطع مصور على يوتيوب من قبل وزارة الخارجية الإسرائيلية، جاء فيه أن “هناك طعاما في غزة، وأن أي ادعاء آخر هو كذبة”

وقد حصد المقطع أكثر من 6 ملايين مشاهدة، وقد رُفع جزء كبير منه من خلال إعلانات ترويجية مدفوعة.

ويتزامن تكثيف تل أبيب أساليب الدعاية لترويج روايتها مع تزايد الإدانة الدولية لإغلاق إسرائيل، في 2 آذار/آذار الماضي، جميع المعابر المؤدية إلى غزة مانعة أي مواد غذائية أو علاجات أو مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده.

إعلان