رغم التأكيدات المتكررة الصادرة عن القيادة العسكرية بشأن عدم جدوى احتلال مدينة غزة، تستمر حكومة بنيامين نتنياهو في النهج ذاته، الحرب والقتل والتدمير والتجويع والقضاء على كل فرص التوصل لاتفاق يؤدي للإفراج عن أسراها، وهو نهج يقول محللون تحدثوا لبرنامج “مسار الأحداث” إنه يدفع إليه بتشجيع من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
فلم يهتم نتنياهو للأصوات الداخلية والخارجية التي تحذر من أن عملية “عربات جدعون 2” لن تحقق له أهداف الحرب، بل أنها ستزيد من خسائر الجيش الإسرائيلي، وهو ما أشار إليه لواء احتياط في الجيش الإسرائيلي إسحاق بريك، بقوله إن “خطة إعادة احتلال غزة قد تفضي إلى نتائج كارثية على إسرائيل”، مؤكدا أن الجيش يفتقر إلى القدرات البرية والوسائل القتالية اللازمة لحسم المعركة ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
كما لم يعبأ نتنياهو وجيشه بالتحذيرات الأممية من التبعات الكارثية لعمليته العسكرية على نحو مليون شخص من سكان مدينة غزة.
ويقول محللون إن نتنياهو ما كان ليتمسك بموقفه في ظل الضغوط الداخلية والخارجية عليه لولا الدعم الأميركي، وهو ما يؤكد عليه الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات، د. لقاء مكي، بقوله إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يتسلح بموقف ترامب الداعم للعملية العسكرية في غزة، ولا يستبعد أنه يدفعه لإعلان ضم الضفة الغربية المحتلة في حال اعترفت الدول الأوروبية وغيرها بالدولة الفلسطينية.
ويرى مصطفى من جهته أن ترامب هو الوحيد في العالم الذي يؤيد استمرار العملية العسكرية في غزة، وبأنه أكبر معادٍ للحق الفلسطيني، ويقول إنه بخلاف الأوروبيين الذين يؤيدون إسرائيل ويعارضون حكومتها، يؤيد هو -أي ترامب- هذه الحكومة من منطلق أيديولوجي، وهو مثل موقف سفيره لدى إسرائيل مايك هاكابي، يحرض على ضم الضفة الغربية وعلى احتلال قطاع غزة.
إعلان
وحتى في موضوع فرض السيادة على الضفة الغربية المحتلة، فإن نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) متردد حتى اللحظة، لأن ترامب لم يقدم له الضوء الأخضر، بحسب مصطفى.
تحريض وإبادة
وبعد أن عارض رئيس الأركان إيال زامير في البداية خطة احتلال غزة، خضع في الأخير وقامت مؤسسته العسكرية بتجنيد عشرات الآلاف في إطار عملية “عربات جدعون2″، التي يقول الخبير العسكري والإستراتيجي، العميد إلياس حنا إن هدفها هو ما سماه الردع العقابي، أي الانتقام من المدنيين الفلسطينيين وتدمير البنى التحتية للمقاومة.
وحسب الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية، د. مهند مصطفى، فإن جيش الاحتلال كان مترددا في خوض عملية احتلال غزة، لخوفه من الخسائر ومن التكلفة الباهظة التي قد يدفعها، ويقول إنها المرة الأولى التي يقود فيها هذا الجيش عملية عسكرية لا يوجد إجماع عليها داخل إسرائيل.
كما يستفيد رئيس الوزراء الإسرائيلي -بحسب محللين تحدثوا لبرنامج “مسار الأحداث”- من المزاج العام داخل إسرائيل، والمؤيد في أغلبه لإبادة الفلسطينيين، وهو ما يشير إليه مهند مصطفى، بقوله إن التيار الذي يحذر من أن الكارثة الإنسانية في غزة ستلاحق اليهود ظهر في الآونة الأخيرة، لكنه ضئيل، في حين أن الأغلبية لا تكترث بما يفعله الجيش في غزة، ولولا قضية الأسرى لما حدثت مظاهرات تطالب بوقف الحرب.
ويعمل اليمين الإسرائيلي على التحريض ضد الفلسطينيين ويقوم بتجييش الإعلام لصالحه حتى أن القناة 14 على سبيل المثال تبث برامج تستهزئ بالتجويع في قطاع غزة، كما يقول مهند مصطفى.
قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن الاحتلال الإسرائيلي سيُهجر سكان مدينة غزة سواء وجد بديلا آمنا أم لم يجد، لأنه هدفه الأساسي هو التهجير، مشيرا إلى أن عملية “عربات جدعون 2″ تختلف عن عملية “عربات جدعون 1”.
وكانت القناة 14 الإسرائيلية قد أفادت أن “الجيش سيصدر في الأيام المقبلة بلاغا بإجلاء سكان مدينة غزة إلى جنوب القطاع”، في حين توعد جيش الاحتلال بمواصلة الضغط خلال الأيام القادمة، زاعما أنه سيطر على 40% من مدينة غزة.
ووفق اللواء الدويري، فإن الاحتلال الإسرائيلي يزعم أنه سيبني 100 ألف خيمة إلى الجنوب من ممر “موراغ“ّ، ويتحدث عن منطقة المواصي في جنوب غرب قطاع غزة، باعتبارها بدائل لسكان مدينة غزة المهجرين، لكن في الواقع، فإن هذه البدائل غير موجودة، وكل ما يسعى له الاحتلال هو تهجير الغزيين.
ولا يستبعد الخبير العسكري والإستراتيجي -في تحليله للمشهد العسكري في غزة- أن يقدم الاحتلال على تنفيذ مخططاته، لأن إدارة المعركة -وفق الدويري- في العملية العسكرية “عربات جدعون 2” تختلف عن “عربات جدعون 1” وعن “خطة الجنرالات“.
ويوضح أن جيش الاحتلال يكثّف القصف ويفجر المربعات السكنية، ويدفع بالآليات القديمة المحملة بالمتفجرات والتي تصل أحيانا إلى 7 أطنان، ويفجرها في المربعات السكنية.
دمار وتهجير
وفي ظل الدمار الذي ألحق بمناطق الزيتون والتفاح والشجاعية وجباليا في شمال القطاع، يحاول الغزيون -وفق اللواء الدويري- تجنب الذهاب نحو جنوب القطاع واللجوء بدلا من ذلك إلى حي الرمال والشيخ رضوان شمالي مدينة غزة ومنطقة شارع الرشيد، ولكنهم قد يضطرون إلى عبور محور نتساريم والتوجه نحو المنطقة الجنوبية، لو قام جيش الاحتلال بمناورة من الشمال.
وشبه الدويري ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي بالغزيين بـ “الغيتو النازي” الذي ما يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) و”وزراؤه المتطرفون يتباكون عليه”.
إعلان
وبشأن إعلان جيش الاحتلال سيطرته على 40% من مدينة غزة، أوضح اللواء الدويري أن هذه المناطق هي التي دخلها مرات عديدة في السابق، الزيتون مثلا 7 مرات والشجاعية وجباليا عدة مرات، والمناطق المتبقية لم يدخلها بصورة فعلية.
ولفت إلى أن جيش الاحتلال يقول إنه يسيطر على 70% من الزيتون والشجاعية والتفاح وجباليا، أي الجزء الشرقي والجنوب الشرقي من مدينة غزة.
ووفق اللواء الدويري، فإن جيش الاحتلال سيتعامل مع مناطق لم يسبق القتال فيها مثل غزة البلد، أي وسط المدينة، ثم الشيخ رضوان والرمال، ويقول إن شبكة الأنفاق لا تزال أفضل في تلك المنطقة والمقاومة لا تزال قادرة على خوض المعارك.
وأعلنت إسرائيل عن خطة عسكرية لاحتلال مدينة غزة تشمل استدعاء 60 ألف جندي احتياط، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعانيها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر.
كشف استطلاع للقناة الـ14 الإسرائيلية أن 20 وزيرا في الحكومة من أصل 24 يؤيدون ما تسميه إسرائيل “فرضا فوريا للسيادة” على الضفة الغربية المحتلة، في حين حذّر جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) من مؤشرات على انهيار السلطة الفلسطينية.
من ناحيتها، قالت القناة الـ13 الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للجنائية الدولية- ترأس اجتماعا لبحث الوضع بالضفة الغربية مع دعم فرنسا الاعتراف بدولة فلسطينية. وحسب القناة، تجري مناقشات بشأن إحلال السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية.
وأضافت القناة أن المناقشات الإسرائيلية تتطرق أيضا إلى احتمال مصادرة مزيد من الأموال التي تعود للسلطة الفلسطينية وعائدات الضرائب وفرض عقوبات أخرى.
وفي سياق متصل قال وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين إن هناك مكان لدولة واحدة بين النهر والبحر وهي إسرائيل، معتبرا أن فرض السيادة على الضفة الغربية حق تاريخي وضرورة أمنية.
بدورها، قالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن جهاز الشاباك رصد مؤخرا إشارات على هشاشة الوضع الداخلي للسلطة الفلسطينية نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، محذرا من انعكاسات ذلك على الاستقرار الأمني.
وذكرت القناة أن الشاباك أبلغ القيادة السياسية بأن “الوضع الاقتصادي المتدهور للسلطة، وارتفاع نسب البطالة، وعدم تلقي عناصر أجهزتها الأمنية رواتبهم، تشكل عوامل قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد” في الضفة الغربية المحتلة.
ووفقا للقناة الإسرائيلية فقد أوصى الشاباك بإعادة أموال عائدات الضرائب المصادرة إلى السلطة الفلسطينية.
ولم يصدر تعليق فوري من جانب السلطة الفلسطينية بشأن ما أوردته القناة الإسرائيلية.
والثلاثاء، دعت وزارة الخارجية الفلسطينية إلى جهد دولي “حقيقي” لتوفير “شبكة أمان مالية” ولضمان الإفراج عن أموالها المحتجزة لدى إسرائيل، محذرة من سياسة الخنق المالي والمعيشي.
إعلان
وقالت إنها تنظر “بخطورة بالغة لاستمرار العجز الدولي ليس فقط في وقف جرائم الإبادة والتهجير والضم، إنما أيضا في وقف المجاعة والكارثة الإنسانية المفروضة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وسياسة الخنق المالي والمعيشي (الإسرائيلية) لعموم الشعب الفلسطيني وضرب مقومات حياته المعيشية وفي مقدمتها التعليم والصحة”.
والأموال المحتجزة أو “المقاصة” هي أموال مفروضة على السلع المستوردة إلى الجانب الفلسطيني، سواء من إسرائيل أو من خلال المعابر الحدودية التي تسيطر عليها تل أبيب، وتجمعها الأخيرة لصالح السلطة الفلسطينية، لكن بدءا من 2019 قررت إسرائيل اقتطاع مبالغ منها بذرائع مختلفة وصل مجموعها إلى نحو 3 مليارات دولار، ما أوقع السلطة في أزمة مالية جعلتها عاجزة عن دفع رواتب موظفيها كاملة.
روبيو: لا للاعتراف بدولة فلسطينية
من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن خطط ضم الضفة الغربية ليست نهائية ولا تزال تناقش في الأوساط السياسية الإسرائيلية.
وأضاف روبيو، خلال مؤتمر صحفي في العاصمة الإكوادورية، أن خطط ضم الضفة الغربية كانت متوقعة بسبب قرار عدة دول غربية الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال “أخبرنا جميع هذه الدول، قلنا لها جميعا، إنها إذا اعترفت بدولة فلسطينية، فإن هذا كله مزيف وليس حقيقيا، إذا فعلتم هذا، فستحدثون مشكلات”.
وتابع “سيكون هناك رد فعل، وسيجعل من الصعب التوصل إلى وقف إطلاق النار، وقد يؤدي ذلك إلى هذا النوع من الإجراءات التي رأيتموها، أو على الأقل هذه المحاولات لهذه الإجراءات”، مضيفا أنه لن يبدي رأيه في مناقشة إسرائيل لضم الضفة الغربية، لكن ذلك ليس نهائيا.
أكد الممثل الفلسطيني وبطل فيلم “صوت هند رجب” معتز ملحيس أن الفيلم الذي عرض أمس بمهرجان فينيسيا السينمائي حظي باستقبال جماهيري واسع وغير مسبوق حين صعد طاقم العمل على المسرح، حيث صفق الجمهور 24 دقيقة، تكريما لأرواح أطفال غزة الذين يعانون من ويلات الحرب منذ نحو عامين.
وقال ملحيس -في لقاء مع الجزيرة- إن التصفيق كان سيستمر لوقت أطول بكثير لولا تدخل إدارة المسرح وطلبهم من طاقم العمل النزول عن المنصة.
ويحكي الفيلم الوثائقي قصة الطفلة هند رجب ذات الأعوام الخمسة، التي صوّب عليها الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 355 رصاصة، بعد أن استنجدت بكل العالم لكن لا أحد تمكن من إنقاذها، ويهدف صناع الفيلم لتسليط الضوء على حكايات الفلسطينيين الذي يستحقون الحرية بحسب بطل الفيلم.
ففي كانون الثاني/كانون الثاني 2024، لقيت الطفلة الفلسطينية هند رجب مصرعها بعد أن علقت داخل سيارة عائلتها التي تعرضت لإطلاق نار من الجيش الإسرائيلي في حي الزيتون بمدينة غزة.
وظلت هند على تواصل عبر الهاتف مع فرق الإسعاف والدفاع المدني الفلسطيني لأكثر من 3 ساعات، تستغيث وتصف ما حولها، قبل أن ينقطع الاتصال، ليعثر عليها بعد أن 12 يوما جثة هامدة إلى جانب أفراد أسرتها، وقد مزقت رصاصات الاحتلال الـ355 جسدها الصغير.
وبحسب ملحيس -الممثل صاحب الـ16 عاما خبرة بالعمل السينمائي- فإن هذه هي المرة الأولى الذي يحظى عمل سينمائي بهذا الحجم من الحفاوة والتأثر من قِبل الجمهور وشعور بالانبهار والصدمة الذي طغى على الجميع منذ بداية عرض الفيلم.
ويضيف أن كل من بالقاعة كان “ينتحب ويبكي” من أول 5 دقائق بالفيلم، تأثرا بالفيلم الذي استخدم تسجيلات صوتية حقيقية للطفلة البطلة هند رجب.
وحول ردود فعل الجمهور الغربي على الفيلم، قال الممثل الفلسطيني إن غالبية الجمهور عبروا له عن صدمتهم وعدم قدرتهم على استيعاب أن هذه القصة حدثت بالفعل في بقعة من الأرض في وقتنا الحاضر وسط صمت العالم، واصفا فيلم “صوت هند رجب” بأنه من أقوى الأفلام التي أنتجتها السينما العالمية وليس فقط العربية والفلسطينية.
إعلان
وأعرب الممثل الفلسطيني عن إيمانه بأهمية السينما كسلاح لنصرة القضية الفلسطينية خاصة في دول أوروبا والغرب، مشيرا لنجاح دورها في ضرب المزاعم الإسرائيلية وروايتها الزائفة التي تروج لها في الغرب.
وشدد ملحيس على أهمية استخدام الفن ووسائل التواصل الاجتماعي في نسف رواية الاحتلال الإسرائيلي الزائفة عن ما يحدث في غزة، وأنه في ظل تفوق الاحتلال في قوته على العرب والفلسطينيين، فلم يتبق سوى سلاح الفن للمقاومة و”إيصال رسالتنا” للعالم.
يذكر أن عرض فيلم “صوت هند رجب” -للمخرجة التونسية كوثر بن هنية- كان ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي 3 أيلول/أيلول الجاري، وهو يوثّق اللحظات الأخيرة للطفلة الفلسطينية هند رجب التي حوصرت داخل سيارة تحت القصف الإسرائيلي وسط تسجيلات صوتية حقيقية.
غزة- أطلقت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس سلسلة عمليات “عصا موسى” ردا على عملية “عربات جدعون 2” الإسرائيلية التي تستهدف احتلال مدينة غزة وتهجير سكانها.
ورغم أن اسم العملية الإسرائيلية يحمل دلالة دينية توراتية تظهر طموح حكومة الاحتلال في فرض السيطرة على قطاع غزة، فإن المقاومة الفلسطينية تصر على إفشال الأهداف الإسرائيلية من خلال جاهزيتها للمواجهة، واعتماد تكتيكات ميدانية جديدة تهدف إلى إيقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوف جنود الاحتلال.
ضربات نوعية
وتشير العمليات الميدانية الأخيرة لكتائب القسام إلى محاولة تحقيق أهداف إستراتيجية كفيلة بتوجيه ضربة قاسية للجيش الإسرائيلي وإفشال “الإنجازات” التي تسوقها الحكومة الإسرائيلية، عبر تنفيذ هجمات نوعية تفضي إلى أسر جنود جدد.
ويأتي ذلك على خلاف ما يردده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو– المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- والذي يعتبر بأن الضغط العسكري يفضي لإطلاق سراح أسراه من غزة.
وبدا هذا التوجه واضحا من خلال عملية الفخاري شرقي خان يونس، عندما دفعت كتائب القسام في 20 من آب/آب الماضي فصيلا كاملا لاقتحام معسكر مستحدث للجيش الإسرائيلي.
وما تبعها يوم السبت الماضي في حي الزيتون، جنوبي مدينة غزة، عندما اندلعت مواجهة مباشرة بين المقاومين وجيش الاحتلال، ودار الحديث حينها عن فقدان آثار 4 جنود إسرائيليين، مما استدعى تدخل الطائرات الحربية وفرق الإنقاذ الجوي.
وعززت تغريدة أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام، -التي نشرها السبت الماضي- هذا التوجه، عندما قال إن “خطط العدو الإجرامية لاحتلال غزة ستكون وبالا على قيادته السياسية والعسكرية، وسيدفع ثمنها جيش العدو من دماء جنوده، وستزيد من فرص أسر جنود جدد”.
ويقول قائد ميداني في فصائل المقاومة للجزيرة نت إن “المقاتلين على الأرض استفادوا من جميع المواجهات السابقة في المواجهة المباشرة مع جنود الاحتلال، وباتوا يعرفون جيدا كيف يشكلون خطرا عليهم من خلال الكمائن المحكمة”.
إعلان
وبحسب القيادي الميداني فإن القوة النارية التي يستخدمها الاحتلال أثناء توغله داخل المناطق السكنية، لن تُبقي جنوده في مأمن، وقد استطاعت المقاومة تسخير خططها بما يتلاءم مع تحركات العدو على الأرض، وبما يضمن إيقاعه في كمائن مركزة.
جيش الاحتلال أطلق النسخة الثانية من “عربات جدعون” بأهداف العملية الأولى نفسها (مواقع التواصل)
معركة طويلة
يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني وسام عفيفة، إن حملة الجيش الإسرائيلي العسكرية “عربات جدعون 2” تستند إلى رمز توراتي يعكس طموحا في فرض سيطرة كاملة بالقوة، وردّت عليها المقاومة الفلسطينية بعمليات وكمائن “عصا موسى” في دلالة مباشرة على المعجزة التي أبطلت سحر فرعون وقلبت المعادلة.
وأوضح عفيفة في حديث للجزيرة نت، أن هذه الرمزية الدينية ليست مجرد أسماء، بل تعكس حرب روايات ومعنويات موازية للمعركة الميدانية، حيث يسعى الاحتلال إلى إضفاء مشروعية تاريخية وعقائدية على حربه، فيما توظف المقاومة رموزا قرآنية تحمل رسائل معنوية لجمهورها وتحديا لخصمها.
ولفت إلى أن إعلان الجانب الإسرائيلي المصادقة على خطة للسيطرة على مدينة غزة، هو محاولة للتدليل على قدرته المضاعفة على الحسم.
وفي ميزان الواقع العسكري، أكد عفيفة أن “عصا موسى” قد تواجه “عربات جدعون 2” عبر تكتيكات حرب العصابات التي خبرتها المقاومة والمتمثلة في الكمائن المتقدمة، والأنفاق، والعبوات، وضرب الخطوط الخلفية للإمداد، وهي أساليب ثبت أنها أضعفت القوة المتفوقة تقنيا، وأجبرت الاحتلال مرارا على التراجع أو تعديل خططه.
وتوقع الكاتب والمحلل السياسي أن العملية لن تكون مواجهة أسماء، بقدر ما هي مواجهة بين إرادات وإستراتيجيات، لأنه في الوقت الذي يسعى فيه الجيش الإسرائيلي إلى فرض سيطرة ميدانية شاملة، إلا أنه في المقابل لا تزال المقاومة تملك زمام المبادرة على أرض تعرفها، وتعدّها حاضنة لمعركة طويلة النفس.
دلالات توراتية
ويعود إطلاق اسم “عربات جدعون” على العملية العسكرية في غزة إلى أيار/أيار الماضي، حين أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يهدف لتوسيع الحرب ونقل معظم السكان إلى رفح جنوب قطاع غزة، ومن ثم إدخال قوات عسكرية برا لاحتلال أجزاء واسعة من غزة بشكل تدريجي، والإعداد لوجود عسكري طويل الأمد في القطاع بهدف القضاء على حركة حماس، والعمل على هدم أنفاقها كاملة.
ويرتبط اسم “عربات جدعون” بالتراث الديني اليهودي، حيث تشير الرواية التوراتية إلى أن “جدعون” كان قائدا عسكريا للإسرائيليين تمكن بجيش صغير من إلحاق الهزيمة بجيوش مدين الكبيرة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي انتهاء “عربات جدعون” الشهر الماضي، لكنه لم يحقق أيا من أهدافها، وهو ما كشفته وثيقة داخلية للجيش نقلتها القناة 12 العبرية، أكدت فيها أن “العملية ركزت على تدمير المباني، في حين ارتكب الجيش كل خطأ ممكن في إدارة المعركة خلافا لعقيدته القتالية”، وأن العملية أسهمت في فقدان إسرائيل للشرعية الدولية في الحرب على غزة.
ورغم هذا الفشل، أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي النسخة الثانية منها وبالأهداف ذاتها، مما دفع اللواء احتياط بالجيش الإسرائيلي إسحاق بريك للتأكيد على أن “خطة احتلال غزة بعيدة المنال، وستؤدي لفوضى عارمة بإسرائيل” وذلك حسبما نقلت صحيفة معاريف العبرية.
إعلان
وأكد بريك أن وضع القوات البرية يفسر سبب عدم التمكن من هزيمة حماس، كما أن عدم وجود قوات إضافية قلل القدرة على البقاء في المناطق التي احتلها الجيش، الذي لم ينشئ قوات محترفة للتعامل مع مئات الكيلومترات من الأنفاق في غزة.