انتخابات فرعية في غانا تختبر وعود ماهاما وقوة المعارضة

انتخابات فرعية في غانا تختبر وعود ماهاما وقوة المعارضة

تتجه الأنظار في غانا إلى مدينة أكواتيا -الواقعة في قلب حزام الألماس- حيث تُجرى غدا الثاني من أيلول/أيلول انتخابات فرعية حاسمة تُعد اختبارا مبكرا لسياسات الرئيس جون ماهاما، ومقياسا حاسما لقدرة حزب المعارضة الرئيسي “الحزب الوطني الجديد” على الحفاظ على ما تبقى من نفوذه البرلماني.

تأتي هذه الانتخابات بعد 7 أشهر فقط من عودة ماهاما إلى السلطة إثر فوزه على الحزب الوطني الجديد في انتخابات كانون الأول/كانون الأول 2024، وفقا لتقرير نشره موقع أفريكا ريبورت.

معركة رمزية في معقل متقلب

تُعرف أكواتيا، التي تبعد نحو 105 كيلومترات عن العاصمة أكرا، تاريخيا بأنها “مدينة الألماس”، غير أن تراجع القطاع دفع السكان إلى الاعتماد على الزراعة والتعدين اليدوي للذهب.

ويعكس هذا التحول الاقتصادي بدقة تقلبات المزاج السياسي في المنطقة، التي تتأرجح بين الحزب الوطني الجديد وحزب المؤتمر الوطني الديمقراطي منذ عام 1992.

ورغم أن المدينة تقع ضمن منطقة نفوذ الحزب الوطني الجديد، فإنها لم تُظهر ولاء ثابتا لأي طرف.

ففي انتخابات 2024، فاز النائب الراحل إرنست كومي عن الحزب الوطني الجديد بفارق ضئيل تجاوز ألفي صوت فقط، مما يجعل المقعد اليوم ساحة مواجهة بين أبرز خصمين سياسيين في البلاد.

ويقول الدكتور جوناثان أسانتي أوتشيري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كيب كوست، لموقع أفريكا ريبورت إن “الناس يميلون إلى حيث توجد السلطة، ومن المرجح أن يصوّت سكان أكواتيا لحزب المؤتمر الوطني الديمقراطي هذه المرة، بالنظر إلى تحسن الوضع الاقتصادي وتراجع تكاليف المعيشة”.

اختبار اقتصادي وسياسي

تُجرى الانتخابات في ظل مؤشرات على تعاف اقتصادي نسبي، إذ انخفض معدل التضخم من أكثر من 45% في عهد الرئيس السابق نانا أكوفو-أدو إلى نحو 12%، كما بدأت أسعار المواد الغذائية بالاستقرار، وفقا لما أوردته الحكومة التي تعتبر ذلك دليلا على نجاح خطتها للإنقاذ الاقتصادي.

إعلان

وفي هذا السياق، صرّح جونسون أسييدو نكيتياه، رئيس حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي، بأن “سكان أكواتيا سيصوتون من أجل الاستمرار والتقدم”، مؤكدا أن الحزب لن يتدخل في عمل الشرطة، وأنه يثق بالمؤسسات لحماية العملية الانتخابية.

في المقابل، يرى الحزب الوطني الجديد أن هذه الانتخابات تمثل معركة للدفاع عن الديمقراطية، محذرا من “مخططات تخريبية” يتهم بها خصومه.

وقال ريتشارد أهياغباه، مدير الاتصالات في الحزب، إن لديهم معلومات استخباراتية تفيد بأن حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي يدرب “بلطجية” متنكرين في زي عناصر أمنية بهدف التأثير على نتائج التصويت.

هواجس أمنية وتاريخ من العنف

أكواتيا ليست غريبة عن التوترات السياسية، فقد شهدت انتخابات عام 2008 أعمال عنف دفعت القوات الأمنية إلى التدخل.

كما أن أحداثا دامية وقعت مؤخرا في انتخابات فرعية بأحياء أخرى من أكرا، مثل أبلكما نورث وأيواسو ويست ووغون، مما يزيد من المخاوف قبيل يوم الاقتراع.

ولتفادي أي تصعيد، أعلن قائد الشرطة الوطنية كريستيان تيتي يوهونو نشر 5 آلاف عنصر أمن في المدينة.

كما دعا “المجلس الوطني للسلام” إلى ضبط النفس، إذ قال الشيخ أرمياوو شعيب إن “الانتخابات ليست حروبا، ويجب ألا تتحول أكواتيا إلى ساحة معركة”.

رهانات برلمانية ثقيلة

تركت وفاة النائب كومي الحزب الوطني الجديد بـ87 مقعدا فقط في البرلمان المؤلف من 275 عضوا، مقابل 137 لحزب المؤتمر الوطني الديمقراطي، في حين تتوزع المقاعد المتبقية على المستقلين.

لذا، فإن خسارة أكواتيا ستُعمّق من مأزق الحزب الوطني الجديد، وتُضعف قدرته على مواجهة مشاريع القوانين الحكومية.

ويؤكد الباحث السياسي في جامعة غانا، جوشوا جيبنتي زاتو، أن “المعركة في أكواتيا رمزية وإستراتيجية، وقد يعوّل الحزب الوطني الجديد على تعاطف الناخبين، لكن خسارته ستُعد مؤشرا واضحا على تغيّر المزاج العام لمصلحة حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي”.

أما بالنسبة لحكومة ماهاما، فإن الفوز بالمقعد سيُعزز سردية التعافي الاقتصادي ويمنحها دفعة سياسية قوية في بداية ولايتها.

أما الخسارة، فستُظهر أن الشكوك لا تزال قائمة في مناطق تُعد تقليديا غير موالية للحزب الحاكم.

ومع وجود أكثر من 52 ألف ناخب مسجل موزعين على 119 مركز اقتراع، فإن الانتخابات في أكواتيا ستكون تحت المجهر، ليس فقط سياسيا، بل أيضا اقتصاديا، في مدينة كانت يوما ما جوهرة صناعة الألماس في غانا، قبل أن تتحول إلى رمز للبطالة والانكماش الاقتصادي.

الغاني كوفور.. رحلة ملهمة من تلميع الأحذية إلى المجد الكروي

الغاني كوفور.. رحلة ملهمة من تلميع الأحذية إلى المجد الكروي

في كرة القدم، هناك قصص تتجاوز المستطيل الأخضر لتصبح دروسا في الصبر والإيمان والكفاح، وقصة المدافع الغاني صامويل كوفور هي واحدة من تلك الحكايات التي تجسد الانتقال من الفقر والمعاناة إلى المجد والأضواء العالمية.

وُلد صامويل كوفور في 3 أيلول/أيلول 1976 بمدينة كوماسي الغانية، ونشأ كأصغر أبناء عائلة فقيرة.

عمل في طفولته على تلميع الأحذية ليساعد والدته في إعالة الأسرة، وكان حلمه أن يصبح لاعب كرة قدم رغم رفض شقيقاته اللواتي تمنين أن يسلك طريق الطب أو المحاماة.

لكن إيمان والدة صامويل بموهبته جعلها تضحي بكل شيء من أجله، حتى باعت جهاز التلفاز العائلي لتشتري له حذاء كرة قدم.

من كوماسي إلى بافاريا

بدأ صامويل كوفور مسيرته الكروية في نادي كالوماسي متيورز بغانا، قبل أن يلفت الأنظار بموهبته الدفاعية الكبيرة، لينتقل سريعا إلى تورينو الإيطالي وهو في سن صغيرة.

عام 1993 شهد الاستقرار الحقيقي في مسيرة كوفور حين ارتدى قميص بايرن ميونخ الألماني، حيث عاش سنوات مليئة بالتحديات والبطولات، وكان اسمه حاضرا دائما في خط الدفاع البافاري.

لحظات الانكسار والمجد

اللحظة الأكثر قسوة في مسيرة كوفور الكروية كانت عام 1999 ففي نهائي دوري أبطال أوروبا، انهار المدافع الصلب بالبكاء بعد الخسارة المؤلمة أمام مانشستر يونايتد، لكن بعد عامين فقط، عاد ليكتب التاريخ عندما فاز مع بايرن على فالنسيا بركلات الترجيح، رافعا الكأس التي حرم منها سابقا.

وهنا بدأت سنوات المجد، إذ أسهم اللاعب الغاني في تتويج بايرن ميونخ بـ6 ألقاب في الدوري الألماني، و4 كؤوس محلية، ودوري أبطال أوروبا، إلى جانب اختياره أفضل لاعب أفريقي من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عام 2001، وفوزه بجائزة أفضل لاعب في غانا 3 مرات.

MUNICH, GERMANY - NOVEMBER 23: Samuel Kuffour of Bayern Munich in action during the UEFA Champions League group C match between FC Bayern Munich and Maccabi Tel Aviv at The Olympic Stadium on تشرين الثاني 23, 2004 in Munich, Germany. (Photo by Stuart Franklin/Getty Images)
صامويل كوفور اعتزل كرة القدم عام 2009 بعد مسيرة ناجحة (غيتي)

لم يكن صامويل أطول المدافعين، لكنه عوّض ذلك بوعيه التكتيكي وقوته البدنية الهائلة، ليصبح واحدا من أبرز المدافعين في أوروبا خلال جيله.

ألم شخصي أمام المجد الرياضي

لم تخلُ مسيرة صامويل كوفور من لحظات قاسية خارج الملاعب، إذ تلقى في عام 2003 صدمة كبيرة بوفاة ابنته الصغيرة “جوديفا” غرقا في مسبح العائلة، فكانت مأساة قلبت حياته رأسا على عقب، لكنها جعلته أكثر تمسكا بإيمانه، حيث قال: “كنت أسأل الله لماذا أنا؟ لكنني تعلمت أن أسأل: لماذا لا أكون أنا؟”.

إعلان

اعتزل صامويل كوفور كرة القدم عام 2009، لكنه لم يبتعد عن اللعبة، إذ أصبح محللا رياضيا في قناة “سوبر سبورت” بجنوب أفريقيا، في حين يسير أبناؤه على خطاه في عالم المستديرة.