أضاف انتشال تمثال من الكوارتز على هيئة أبي الهول، منقوش عليه اسم التتويج للملك رمسيس الثاني، من ميناء أبو قير بالإسكندرية قبل أيام، دليلا تاريخيا جديدا، يدعم ما ذهب إليه علماء فرنسيون في علم “الجيوأركيولوجي” أو علم الآثار الجيولوجي، قبل نحو 19 عاما، من أن وجود مدينة الإسكندرية سبق قدوم الإسكندر الأكبر إلى مصر.
ويستخدم “الجيوأركيولوجي” تقنيات وطرق علوم الأرض (مثل دراسة التربة والرسوبيات والمناخ القديم) لفهم مواقع وآثار الإنسان وعلاقته بالبيئة الطبيعية عبر التاريخ، ووظف الباحثون آلان فيرون وزملاؤه كريستوف مورانج ونيك مارينير من جامعة إيكس-آذاريليا (فرنسا)، إحدى هذه الأدوات وهي الرسوبيات، لإثبات وجود نشاط بشري في مدينة الإسكندرية يسبق قدوم الإسكندر الأكبر، وأعلنوا عن نتائجهم في عام 2006 بدورية “جيوفيزيكال ريسيرش ليترز”.
والحديث عن أن الإسكندر الأكبر لم يؤسس مدينة الاسكندرية من العدم ليس حديثا، فسبق أن تناولت كتابات لمؤرخين مثل بلوتارخ وأريانوس هذه الحقيقة، وذكروا أن الإسكندر الأكبر عندما وصل إلى ساحل مصر في شتاء عام 331 ق.م، اختار الموقع القريب من قرية قديمة اسمها “راكوطيس”، وقرر أن يؤسس فيه مدينة الإسكندرية، لكن لم يكن هناك دليل مادي يدعم هذا الكلام.
اسم التتويج للملك رمسيس الثاني، منقوش على التمثال الذي تم انتشاله من ميناء أبو قير بالإسكندرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الرصاص.. بصمة النشاط البشري
وقدم آلان فيرون ورفاقه هذه الدليل من رواسب قاع خليج الإسكندرية باستخدام التحليل الجيوكيميائي، وكانت فكرتهم أن أي نشاط بشري (مثل الصناعة أو صهر المعادن) يخلف تلوثا بالرصاص، ومن ثم فإن العثور على مستويات عالية من الرصاص في طبقات رسوبية معينة، يعني أن هناك أنشطة بشرية كبيرة تثبت أن الإسكندر لم يؤسس المدينة من العدم، وهو ما حدث بالفعل.
إعلان
وأظهرت نتائج هذه الدراسة، أن الرسوبيات التي تشير إلى عصر الدولة القديمة (حوالي 2500 – 2300 ق.م) ارتفعت فيها نسب الرصاص إلى مستويات ملحوظة، حيث وصل عامل الإثراء الى حوالى 5.3، بتركيز تجاوز 6 أجزاء في المليون، مقابل أن التركيز الطبيعي هو 2 الى 3 في المليون، وهو ما يعكس بداية نشاط بشري وصناعي مبكر في المنطقة.
وعامل الإثراء، هو مقياس يستخدمه العلماء لمعرفة ما إذا كان تركيز عنصر معين (مثل الرصاص أو النحاس أو الزنك) في التربة أو الرسوبيات يرجع إلى مصادر طبيعية أم بسبب نشاط بشري (تلوث صناعي أو معدني)، ويتم حسابه بمقارنة تركيز العنصر (مثلا الرصاص) في العينة مع تركيزه الطبيعي، فإذا كان العنصر في العينة أعلى بكثير من المستوى الطبيعي، فهذا يعني أن النشاط البشري لعب دورا في زيادته.
وارتفعت مؤشرات هذا العنصر في فترة الرعامسة من الدولة المصرية الحديثة (ما بين 1000–800 ق.م تقريبا)، حيث وصلت نسب عامل إثراء الرصاص إلى ما بين 6 و7، بتركيز يقارب 20 جزءا في المليون، وهو ما يتوافق تماما مع ازدهار عهد رمسيس الثاني وخلفائه وما ارتبط به من نشاط بحري وصناعي في منطقة الإسكندرية.
أما بعد عام 331 ق.م، وهو التاريخ الذي ارتبط باسم الإسكندر الأكبر كمؤسس لمدينة الإسكندرية، فقد قفزت نسب الرصاص بشكل هائل، إذ ارتفع التركيز من 2 – 6 أجزاء في المليون قبل التأسيس إلى أكثر من 200 جزء في المليون بعده مباشرة، قبل أن يصل في العصر الروماني (100–300 ميلادية) إلى مستويات قياسية قاربت 600 جزء في المليون، وهي من أعلى القيم التي وُثقت في موانئ العالم القديم.
وجود مدينة الإسكندرية سبق قدوم الإسكندر الأكبر إلى مصر (الجزيرة)
مدينة ضاربة في القدم
ويقول جمال العشيبي ، باحث ما بعد الدكتوراه في مجال الأركيولوجي بجامعة إكس-مرسيليا بفرنسا للجزيرة نت: ” ربما لم تكن الإسكندرية قبل الإسكندر الأكبر بالمدينة العظيمة التي نعرفها اليوم، لكنها كانت على الأرجح قرية أو مركزا ساحليا صغيرا له جذور فرعونية ضاربة في القدم، ويبدو أن دور الإسكندر الأكبر كان إعادة تخطيط هذا الموقع وتوسيعه وتنظيمه عمرانيا، قبل أن يُطلق عليه اسمه فيما بعد، لتصبح الإسكندرية إحدى أكبر مدن البحر المتوسط”.
ويرى أن الاكتشاف الأخير هو تأكيد لما جاء في دراسة آلان فيرون، ويقول للجزيرة نت “الاكتشاف المنسوب إلى رمسيس الثاني، ليس معزولا، بل ينسجم تماما مع الأدلة الجيوأركيولوجية والجيوكيميائية التي تؤكد أن الإسكندرية نشأت فوق إرث مصري سابق”.
واعتبر المؤرخ وكاتب علم المصريات بسام الشماع الاكتشاف الأخير لوزارة الآثار في ميناء أبو قير دليلا ماديا آخر يضاف إلى الدليل الجيوكيميائي، وقال في تصريحات للجزيرة نت، إن ” فترة رمسيس الثاني، اشتهرت بأنها فترة نشاط صناعي وبشري، لذلك فإن العثور على تمثال من الكوارتز منقوش عليه اسم التتويج للملك رمسيس الثاني في ميناء أبو قير، يدعم ما ذهبت إليه دراسة آلان فيرون ورفاقه، من أن الاسكندر لم يوجد مدينة الإسكندرية من العدم”.
تعزيز الفرضية.. دراسات إضافية
وكان الباحث آلان فيرون، هو الأكثر سعادة بالاكتشاف الأخير، وقال للجزيرة نت إنه “يرتبط ارتباطا واضحا بأبحاثه السابقة”، مشيرا إلى أن ما توصل إليه من بيانات كيميائية وبيئية يتماشى مع فكرة وجود استيطان بشري في المنطقة منذ القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
إعلان
وأوضح فيرون أن تعزيز هذه الفرضية يتطلب الحصول على عينات رسوبية جديدة بدقة زمنية أعلى، بحيث يمكن دمجها مع البيانات الكيميائية والبيئية المستقلة. وأشار إلى أن بحيرة مريوط تمثل موقعا واعدا لمثل هذه التحقيقات، نظرا لقدرتها على حفظ ترسيبات أوضح وأكثر تفصيلا.
وبشأن إمكانية مقارنة الطبقات الرسوبية التي خضعت للتحليل الكيميائي مع الطبقات في موقع الاكتشاف الحديث، أكد فيرون أن ذلك ممكن شريطة أن تكون منطقة إيداع رسوبي أكثر سمكا، مما يمنح العلماء فرصة أوضح لقراءة التاريخ البيئي والبشري للمنطقة.
وفيما يتعلق بالخطوات المستقبلية، أعرب فيرون عن حماسه لإجراء أبحاث جديدة على عينات رسوبية قريبة من الإسكندرية، مشيرا إلى أن فريقه نشر مؤخرا 4 دراسات حول هضبة الجيزة، أظهرت كيف يمكن للمتغيرات البيئية أن تكشف توقيت بناء الأهرامات وفترات حكم بعض الملوك المصريين، فضلا عن دور فروع نهر النيل القديمة، مثل فرع الأهرامات، في عملية البناء. ويرى أن تطبيق منهج مشابه على مناطق أخرى سيمنح العلماء فرصة استثنائية لفهم العلاقة بين البيئة والأنشطة البشرية في مصر القديمة بشكل أعمق.
“اغلِ لتراً من الماء، وضع عليه ملعقتين من القهوة العربية الخضراء بعد تحميصها وطحنها، واترك القدر على نار هادئة لمدة 10 دقائق، وبعد إطفاء النار أضِف الهيل والزعفران والزنجبيل”. هذه كانت وصفة تحضير القهوة العربية على طريقة تطبيق الذكاء الاصطناعي “هيوماين تشات”.
“هيوماين تشات”، هو روبوت دردشة سعودي مدعوم بالنموذج اللغوي الكبير “علّام”، المطور بالكامل في المملكة العربية السعودية. وتُعرِّف الشركة المطورة التطبيق، بأنه “مساعد ذكي مصمم خصيصاً لخدمة المتحدثين باللغة العربية”.
وقد أطلقت شركة هيوماين التطبيق قبل أيّام، وحصرت استخدامه حالياً بالسعودية، رغم أنه مجهّز لتقديم إجاباته بعدد من اللهجات العربية المختلفة، منها المصري والسوري واللبناني والأردني فضلاً عن اللهجات المحلية لدول الخليج.
وطلبنا من مستخدمين مقيمين في السعودية، أن يسألوا التطبيق عدّة أسئلة، منها طريقة تحضير القهوة العربية، وأسئلة أخرى متعلقة بالترجمة والعلميات الحسابية، وكانت إجاباته دقيقة.
وتروّج الشركة المطورة للتطبيق لخاصية التحدّث بمختلف اللهجات العربية، بقولها “اكتب بطريقتك، أو تكلّم بلهجتك.. في الحالتين بيفهمك”.
وفي هذا الصدد، يتحدّث خبراء لبي بي سي عن التحديات التي تواجه القائمين على التطبيق فيما يتعلّق بترميز اللغة العربية في ظل وجود لهجات مختلفة.
ويقول الدكتور نادر غزال رئيس المجلس الأفريقي الآسيوي للذكاء الإصطناعي والأمن السيبراني، إن صعوبة ترميز اللغة العربية يكمن بوجود تشكيل للغة، وباختلافه يختلف معنى وسياق الجملة.
ويوضح أن الحديث مع روبوت الدردشة باللهجة العامية يُصعّب عليه توليد الإجابة، لاختلاف اللهجات التي تختلف معها سياقات الحديث والسياقات الثقافية.
كما يشير غزال إلى تحدٍّ آخر يواجه التطبيقات حديثة الإصدار، ألا وهو صغر النموذج اللغوي المستخدم، وإمكانية انحيازها لفئات معينة؛ كأن تتدرب هذه الروبوتات على بيانات ذكورية ما سيجعل إجاباتها منحازة للذكور.
ويتّفق معه الخبير في تقنيات “البلوك تشاين” والذكاء الاصطناعي معاذ خليفات، الذي يرى أن عدم توازن بيانات التدريب قد يسبب بعض التحيزات في النتائج، لذلك يجب أن يتم تدريب النموذج بتوازن من حيث اللهجات والخلفيات الثقافية المختلفة في المنطقة والجغرافيا وأنماط الحياة المتعددة التي تختلف من دولة عربية لأخرى.
ويقول لبي بي سي، إن التحدي الأبرز لتطوير نموذج لغوي عربي يتمثل بندرة البيانات الموثّقة للهجات مقارنة بالفصحى، إضافة إلى عدم وجود شكل واحد لكتابة اللهجات العامية، مما يجعل هذه البيانات غير مستقرة.
وبرأي خليفات، فإن اللهجات المتعددة لا تختلف فقط من ناحية النطق، بل أيضاً من ناحية الانتماء الاجتماعي والثقافي للمستخدم، معتبراً أن “تجاهل ذلك قد يولّد تحيّزاً”.
ويضيف أن التحول المستمر للغة العامية التي تتغير بسرعة بسبب عوامل الجغرافيا، والموسيقى، والإعلام، والتواصل الرقمي، تشكل تحدياً إضافياً، على عكس الفصحى التي تعتبر الأثبت.
وتصدّر “هيوماين تشات” قائمة التطبيقات في متجر “Apple Store” في السعودية، خلال أيام قليلة من إطلاقه في البلاد.
“إغلاق فجوة رقمية”
ويعتبر خليفات إطلاق هذا النموذج، بمثابة إغلاقٍ لفجوة رقمية عمرها سنوات، مشيراً إلى أن المستخدمين العرب يتعاملون مع نماذج مُدربة بالأساس على اللغة الإنجليزية التي بطبيعتها لا تفهم السياق الثقافي والديني للمنطقة.
ويبيّن أن وجود نموذج ذكاء اصطناعي مُدرّب عربياً ويفهم الصياغات الفصيحة والمحكية ويستوعب الحسّ الثقافي والديني والاجتماعي، سيرفع بالتأكيد من دقة المخرجات.
وفيما يتعلّق بحماية بيانات المستخدمين، يقول خليفات إن تطبيق “هيوماين تشات” يمتثل لنظام حماية البيانات الشخصية السعودي (PDPL)، كما تنص سياسة الخصوصية على ضوابط شديدة لنقل البيانات للخارج عند الضرورة وفق متطلبات الجهة المختصة في السعودية.
بدوره، يشدد الدكتور غزال على أن التخزين السحابي لنموذج “علّام” موجود في السعودية لا خارجها، مقارنة بنماذج لغوية عربية أخرى تستخدم التخزين السحابي لشركة مايكروسوفت، وذلك في إشارة إلى وجود ضمانات بالحفاظ على خصوصية بيانات المستخدم.
ويضيف أن ما يميز النموذج اللغوي “علّام” عن النماذج العربية الأخرى، أنه يراعي الثقافة العربية والإسلامية بشكل كبير، إضافة إلى اعتماده على الكتب كمراجع بصورة أكبر من غيره، حيث يعتمد نموذج “علّام” على أكثر من 394 ألف كتاب باللغة العربية، وفق ما تفيد شركة “هيوماين إيه آي”.
“كل مجال دخل فيه الذكاء البشري سيدخل إليه الذكاء الاصطناعي”
وبشأن منافسة روبوتات الدردشة التوليدية العالمية، يرى غزال أن تطبيق “هيوماين تشات” ليس هدفه أن ينافس النماذج العالمية مثل “تشات جي بي تي” و”ديب سيك”، كونه موجه لمستخدمين محددين من العرب.
ويضيف أن روبوتات الدردشة التوليدية تتنافس بين بعضها بحجم نماذج اللغة المستخدمة، وفي حالة “هيوماين تشات” فإن نموذجه اللغوي “علاّم” المكوّن من 34 بليون وحدة لغوية لا يزال أصغر حجماً من النموذج اللغوي المستخدم في “تشات جي بي تي” على سبيل المثال الذي يتكوّن من 1.7 ترليون وحدة لغوية.
وينوه إلى أن هذه النماذج اللغوية ذاتية التعلّم، أي تتعلّم من تفاعل المستخدمين معها، وبالتالي تكبر قاعدة البيانات الخاصة بها، أو ما يسمى “بالوحدات اللغوية”.
ويبيّن غزال أن “كل مجال دخل فيه الذكاء البشري سيدخل إليه الذكاء الاصطناعي التوليدي”، سواء في الجانب الصحي أو الخدماتي الحكومي أو الاقتصادي أو غيرها من القطاعات.
أمّا خليفات، فيرى أن “هيوماين تشات” سيدخل بمنافسة قوية في الأسواق العالمية إذا ما استمر بخطة التطوير المُعدّة له للسنوات الخمس المقبلة، حتى مع بقاء التفوّق العام للنماذج العالمية في بعض المهام العريضة.
ويقول إن المنافسة المباشرة صعبة على أي نموذج جديد، “لكن هيوماين تبنّى ميزة سيادية واضحة، وهي؛ ببناء نموذج عربي، وإنشاء بنية رقمية داخل المملكة، مع شراكات ضخمة لتمكين القدرة الحاسوبية”.
ويرى أن أكثر القطاعات المستفيدة من هذه النماذج، هي المدن الذكية، وقطاعات الطاقة والرعاية الصحية والتصنيع والخدمات المالية.
أمّا في الختام، فإن كنت تنوي تجربة وصفة القهوة التي اقترحها “هيوماين تشات”، تجدر الإشارة إلى أنه نصح بإضافة القليل من القرنفل للقهوة، وتقديمها ساخنة مع التمر.
هل أخبرت روبوت دردشة بمعلومات أو أسرار شخصية؟ هل أجريت جلسات “علاج نفسي” مع نموذج ذكاء اصطناعي؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فلست وحدك، إذ إن هناك عدداً متزايداً من الأشخاص الذين يستخدمون “تشات جي بي تي” على سبيل المثال، للحصول على نصائح في أمور شخصية وكأداة للعلاج، وفق سام ألتمان المدير التنفيذي لشركة أوبن إيه آي OpenAI صاحبة روبوت الدردشة الشهير. لكن هل فكرت يوماً فيما إذا كانت هذه المحادثات خاصة لا يمكن أن يطلع عليها غيرك، أو إذا كانت تشكل مساحة آمنة؟
الإجابة بالنفي، وفق تصريحات أدلها بها ألتمان مؤخراً وأشار فيها إلى أنه إذا تحدث المستخدم مع “تشات جي بي تي” عن أمور شخصية بالغة الحساسية، ثم كانت هناك دعوى قضائية ضده، فإن الشركة من الممكن أن تُلزَم بتقديم تلك المحادثات.
تصريحات ألتمان تثير أسئلة مهمة تتعلق بخصوصية البيانات واحتمال تسربها أو إساءة استخدامها، والمخاطر السيبرانية التي تنتج عن تزويد روبوتات الدردشة بمعلومات حساسة.
هل يجعلنا الذكاء الاصطناعي “أكثر غباء”؟
“هلاوس” الذكاء الاصطناعي، ما أسبابها؟ وهل يمكن التغلب عليها؟
هل يوجد شيء اسمه “محادثة خاصة” مع روبوتات الدردشة؟
روبوتات الدردشة الشهيرة مثل “تشات جي بي تي” و”كوبايلوت” و”جيميناي” لا توفر خاصية التشفير من طرف إلى طرف، التي تضمن أن الرسائل أو البيانات يتم تشفيرها على جهاز المرسل ولا تُفَك شفرتها إلا على جهاز المستلم. وتُستخدم هذه الخاصية على نطاق واسع في تطبيقات مثل “واتساب” و”سيغنال” و”آي مسج” لحماية خصوصية المستخدمين ومنع اعتراض البيانات.
عادة ما تقوم منصات الذكاء الاصطناعي بجمع البيانات وتخزينها لتدريب نماذجها بغرض تحسينها. هذه البيانات قد تستخدم لتحليل سلوك المستخدم وتحديد الاتجاهات الشائعة، أو “التريندات”.
تقول إيفا غالبرين، مديرة الأمن السيبراني بمؤسسة إلكترونيك فرانتيير غير الربحية التي تعمل في مجال الدفاع عن الحريات المدنية في الفضاء الرقمي، لبي بي سي عربي إنه “يمكن للشركة التي تشغّل نظام الذكاء الاصطناعي أن ترى تلك المحادثات، وقد تقوم بما يعرف بعملية التنقيب في البيانات (data mining) أو بيع محتوى المحادثة”.
ويلفت الدكتور مايكل فيل، أستاذ الحقوق والقواعد الرقمية بكلية القانون في جامعة يونيفرسيتي كولدج لندن، إلى أن بعض روبوتات الدردشة بشكل عام “توفر إعدادات إذا تم تفعيلها يمكن أن تحد من استخدام محادثات الأفراد في التدريبات المستقبلية”، لكنه يضيف أنها “تحتفظ بكل البيانات بغرض مراقبة المحتوى، أي التحقق مما إذا كنت قد قلت شيئاً ضاراً أم لا والتعلم من ذلك”.
كما أن بعض الأشخاص لا يدركون أنهم يجعلون محتويات محادثاتهم متاحة للآخرين.
على سبيل المثال، مستخدمو تطبيق روبوت الدردشة الجديد التابع لشركة “ميتا” قد لا يدركون أنهم عندما يضغطون على خيار المشاركة “Share” فإنهم يضيفون محادثاتهم إلى قائمة المحتوى “Discover”، وهو ما يعني أن المستخدمين الآخرين بات باستطاعتهم رؤيتها.
تحدث العديد من خبراء الأمن السيبراني عن أن ذلك يشكل مشكلةً أمنيةً كبيرة لأنه يمكن تتبع المحادثة بسهولة إلى حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال أسماء المستخدمين أو صور البروفايل الخاصة بهم.
عندما تتحول الروبوتات إلى أسلحة فتاكة
عادة ما تقوم منصات الذكاء الاصطناعي بجمع البيانات وتخزينها لتدريب نماذجها بغرض تحسينها
في وقت سابق من الشهر الحالي، وفي مثال آخر على مخاطر افتراض أن محادثات الذكاء الاصطناعي تتمتع بالسرية، سُربت محادثات مع “تشات جي بي تي” إلى محرك البحث “غوغل”، بعضها يحتوي على مواد حساسة مثل مناقشات تتعلق بمضاربات في البورصة وتفاصيل شخصية واعترافات عاطفية أو قانونية.
حدث ذلك بسبب خاصية المشاركة “Share” التي تسمح للمستخدمين بإنشاء رابط يتيح للآخرين الاطلاع على المحادثة. أثناء المشاركة، كان هناك خيار “Make this chat discoverable” الذي إذا تم تفعيله، فإن الرابط يصبح قابلاً للفهرسة على محركات البحث مثل “غوغل”، ومن ثم يظهر في نتائج البحث. وقد دفع ذلك شركة “أوبن إيه آي” إلى التخلص من هذا الخيار، كما قالت إنها تعمل على إزالة المحادثات من محركات البحث.
لكن خبراء في مجال الإنترنت نبهوا إلى أنها قد تظل متاحة من خلال بعض الأدوات التي تحفظ أو تخزن صفحات الإنترنت، مثل تلك الموجودة على موقع “أرشيف الإنترنت” Internet Archive.
كما يلفت الدكتور فيل إلى أن “أحد أبرز الصعوبات هي أن بعض روبوتات الدردشة، كتلك الموجودة على أجهزة غوغل أو أبل، مدمجة في نظام التشغيل وكل ملفاتك ورسائلك الموجودة عليه”.
خبير القانون الرقمي يشرح قائلا إنه “من الصعب جداً فهم ما سيحدث لتلك البيانات. والمخاطر الأمنية لهذا الدمج كبيرة، لا سيما عندما تعطى ربوتات الدردشة القدرة على الدخول على شبكة الإنترنت أو التفاعل معها، إذ إن هذا قد يؤدي إلى تسريب المعلومات من جهازك إلى مواقع أخرى”.
هل يمكن أن تتعرض روبوتات الدردشة للقرصنة؟
قد تتعرض روبوتات الدردشة لما يعرف بـ”هجمات حقن الأوامر” “prompt injection attacks”، وهي نوع من الهجمات السيبرانية التي تشمل إدخال بيانات أو أوامر خبيثة لنموذج الذكاء الاصطناعي بغرض الحصول على بيانات حساسة أو وثائق خاصة يحتفظ بها ذلك النموذج.
كما أن “الشركة [المشغلة للروبوت] نفسها من الممكن أن تتعرض للقرصنة، لكن هذا يكون أحياناً أقل إثارة للقلق عندما يتعلق الأمر بشركات تكنولوجيا كبرى، مقارنةً بتسريب حساب فردي. ومع ذلك، فإن العديد من الأنظمة يتم دمجها بشكل متزايد مع خدمات أطراف ثالثة، ومثل هذا الأمر اعتاد تاريخياً أن يجعل البيانات شديدة القابلية للتسريب ومعرضة للاختراق”، على حد قول الدكتور فيل.
هل يمكن لمحادثات الذكاء الاصطناعي أن تُستخدم ضدك؟
“إذا ذهبت للتحدث مع تشات جي بي تي عن أكثر أمورك حساسية، ثم كانت هناك دعوى قانونية مقامة ضدك أو شيء من هذا القبيل، فإننا قد نجبَر على تقديم تلك البيانات، وأعتقد أن هذا أمر غير سليم على الإطلاق”، هكذا قال سام ألتمان خلال ظهوره في أحد حلقات بودكاست صانع المحتوى الرقمي “ثيو فون” في أواخر تموز/تموز.
في الوقت الحالي، يمكن لجهات إنفاذ القانون أن تطلب بيانات تتعلق بالمستخدمين أنفسهم أو بمحتوى محادثاتهم مع نماذج الذكاء الاصطناعي.
وتكشف تقارير “أوبن إيه آي” عن زيادة في عدد الطلبات التي تتلقاها من جهات إنفاذ القانون وغيرها من الوكالات الحكومية للحصول على بيانات المستخدمين، لإدراك “الشرطة ووكالات الاستخبارات أنها مصدر قيّم للمعلومات التي تتعلق بما يفعله الناس على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم”، على حد قول الدكتور فيل.
ومع تزايد عدد الأشخاص الذين يلجأون إلى “تشات جي بي تي” للحصول على الاستشارات الطبية والقانونية، يلفت ألتمان إلى أنه “عندما تتحدث مع معالج نفسي أو محام أو طبيب عن هذه المشكلات، فإن هناك امتيازات قانونية، هناك السرية المهنية بين الطبيب والمريض، وبين المحامي والموكل. هذا غير متوافر بعد فيما يخص حديثك مع تشات جي بي تي”. وطالب ألتمان بضرورة أن يكون هناك “نفس مفهوم الخصوصية لمحادثاتك مع الذكاء الاصطناعي”.
نبه سام ألتمان المدير التنفيذي ل”أوبن إيه آي” إلى أن محادثاتنا مع “تشات جي بي تي” لن تتمتع بالخصوصية إذا تلقت الشركة أمراً قضائيها بتسليمها
كيف نحمي خصوصيتنا؟
تقول خبيرة الأمن السيبراني إيفا غالبرين إن شركات الذكاء الاصطناعي لا تتخذ إجراءات كافية لحماية خصوصية المستخدمين، خاصةً عندما لا يدرك الأشخاص أن محادثاتهم قد تخَزن أو يراجعها بشر.
وفيما يتعلق بالأطر التشريعية، يقول الدكتور فيل: ” أولاً وقبل أي شيء، ينبغي أن تصدر الحكومات قوانين قوية لحماية البيانات والخصوصية وتطبق هذه القوانين. وسوف يتطلب ذلك تعاوناً دولياً في المجال التشريعي ومجهودات ضخمة في السلك القضائي. سوف يكون نضالاً شاقاً، بل هو كذلك بالفعل، لأن الشركات تحاول اللجوء إلى الكثير من الحيل القانونية القذرة لكي تتهرب من المحاسبة في هذا المجال”.
النصيحة التي يقدمها كل من فيل وغالبرين لمستخدمي روبوتات الدردشة بسيطة للغاية: عدم إعطائها أي بيانات يفضلون أن تظل خاصة وألا تكون متاحةً للعامة، “وخاصةً إذا كانوا لا يفهمون إعدادات الخصوصية للنظم التي يستخدمونها، أو إذا كانوا لا يرغبون في المجازفة بوضع ثقتهم في تلك الشركات”.
يتحدث الكثير من خبراء الأمن السيبراني عن توخي الحذر فيما نشارك به روبوتات الدردشة من بيانات ومعلومات، ومن بين الأشياء المشتركة التي يقول هؤلاء أن المستخدم لا ينبغي أن يعطيها لتلك الروبوتات:
المعلومات الخاصة التي يمكن من خلالها التعرف على هويتك مثل الاسم الكامل وعنوان المنزل ورقم الهاتف وتاريخ الميلاد
كلمات المرور الخاصة بحساباتك على الإنترنت
المعلومات المالية مثل أرقام الحسابات أو البطاقات الائتمانية
البيانات التي تتعلق بأسرار عملك
بياناتك الطبية
لا شك أن روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أصبحت تلعب دوراً كبيراً في الحياة اليومية للكثيرين في شتى بقاع العالم، فعدد المستخدمين النشطين ل”تشات جي بي تي” وحده بلغ ما بين 700 إلى 800 مليون مستخدم في الأسبوع وفق أحدث التقديرات. هذه الأدوات من الممكن أن تكون قيمة للغاية، لكنها ليست “مساحات آمنة” للبوح بالأسرار.
وما بين التسريبات المحتملة للمحادثات وتهديدات القرصنة واحتمال استخدام “دردشاتنا” في قاعات المحاكم، يتبين أن الخطوط الفاصلة بين ما هو خاص وما هو عام ليست بالوضوح الذي قد يتصوره البعض. من هنا تبرز أهمية فهم إعدادات الخصوصية لنموذج الذكاء الاصطناعي الذي نستخدمه، وعدم إعطائه أي معلومات شخصية أو حساسة. في نهاية المطاف نحن نتعامل مع أدوات توصف طريقة عملها بأنها “كالصندوق الأسود”، وتوصف هي نفسها بأنها “ثقب أسود للخصوصية”.
متى الوقت الأنسب تحديداً لاستخدام واقي الشمس، وما مدى فعالية مظلات الشاطئ؟ إليك ما تُخبرنا به الأبحاث العلمية حول كيفية البقاء آمنين تحت أشعة الشمس.
خلال أيام الصيف الحارة والرطبة، يُعد واقي الشمس من الأدوات المهمة لمعظمنا عند الخروج. لكن هناك أيضاً عدداً مذهلاً من الخرافات حوله، غالباً ما يُروّج لها مُؤثرو الصحة الذين يُقدمون “بدائل” خاصة بهم لواقيات الشمس، ولكن بعضها تُشاركه مصادر أكثر موثوقية، بينما يبدو أن البعض الآخر قد تسلل إلى القبول العام.
إذن، ما الذي يعنيه عامل حماية البشرة (SPF) حقاً من حيث الحماية؟ هل تُسبب الأشعة فوق البنفسجية (UVA) وحدها الشيخوخة؟ وهل تتطلب واقيات الشمس 20 دقيقة بعد وضعها قبل أن “تبدأ مفعولها”؟ إليك ما يقوله الباحثون وكبار الخبراء إنه من الضروري أن نعرفه.
هل تستخدم واقي الشمس بطريقة صحيحة؟
كيف يعمل الكريم الواقي من الشمس؟
1. لا، لا يعني عامل الحماية من الشمس 50 أنك بإمكانك أن تتعرض لأشعة الشمس لمدة أطول بخمسين مرة، مما لو كنت لا تستخدم واقياً شمسياً:
فكلما ارتفع عامل الحماية، زادت الحماية. لكن الرقم يشير إلى قيمة مختلفة عما يعتقده الكثيرون. تُشير إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) إلى أن “عامل الحماية من الشمس لا يُحدد المدة، التي يمكنك البقاء فيها تحت الشمس دون التعرض لحروق الشمس”. “لا يعني عامل الحماية من الشمس أنه إذا كنت تتعرض لحروق الشمس عادةً في ساعة واحدة، واستخدمت واقياً شمسياً بعامل حماية 8، فسيستغرق الأمر ثماني ساعات حتى يحترق الجلد”.
بل إنها نسبة: كمية الأشعة فوق البنفسجية التي قد تُسبب حروقًا للجلد عند استخدام واقي الشمس، مقسومة على كمية الأشعة فوق البنفسجية، التي قد تُسبب حروقًا للجلد بدون واقي الشمس.
يُحسب هذا عادةً كنسبة الإشعاع المُسبب لحروق الشمس الذي لا يزال منقولاً: على سبيل المثال، يسمح واقي الشمس ذو عامل الحماية من الشمس 25 بدخول 1/25 من أشعة الشمس الحارقة، أي 4 في المئة، بينما يسمح عامل الحماية من الشمس 50 بدخول 1/50، أي 2 في المئة. بمعنى آخر، يحجب عامل الحماية من الشمس 25 ما نسبته 96 في المئة من الأشعة فوق البنفسجية، بينما يحجب عامل الحماية من الشمس 50 ما نسبته
98 في المئة.
من المهم ملاحظة أن هذه النسبة تُحسب بناءً على الاختبارات العملية، حيث يُوضع واقي الشمس بكمية أعلى بكثير (2 ملغ/سم2 من الجلد) مما يستخدمه معظم الناس، لذا فإن معظمنا يتعرض لأشعة فوق البنفسجية أكثر مما تشير إليه هذه الأرقام أعلاه.
في كلتا الحالتين، يجب إعادة وضع واقي الشمس بانتظام طوال اليوم (كل ساعتين على الأقل، وكذلك بعد السباحة أو التعرق) حتى يعمل بنجاح. للحصول على أفضل حماية، ابحث عن واقي شمس ذي عامل حماية مرتفع، بالإضافة إلى واقي شمس يوفر حماية واسعة الطيف.
في بريطانيا، يتم تصنيف الأشعة فوق البنفسجية UVA على أساس النجوم، مما يشير إلى فعالية واقي الشمس ضد الأشعة فوق البنفسجية طويلة الموجة، حيث يمثل الرقم خمسة أعلى مستوى من الحماية.
ليس بالضرورة أن يكون واقي الشمس ظاهراً على الجلد ليعمل، ولكن عليك التأكد من توزيعه بالتساوي
2. لا تقتصر الأشعة فوق البنفسجية (UVA) على التسبب في الشيخوخة وحروق الشمس الناتجة عن أشعة (UVB) – وهي نوع من الأشعة فوق البنفسجية أيضاً – بل قد يتسبب كلا النوعين من الأشعة في الإصابة بالسرطان:
ينقسم طيف الأشعة فوق البنفسجية إلى نطاقات أصغر ذات أطوال موجية مختلفة. تتميز الأشعة فوق البنفسجية (UVA) بمدى موجي أطول، مما يسمح لها باختراق الجلد بعمق أكبر، بينما تتميز موجات الأشعة فوق البنفسجية (UVB) بمدى موجي أقصر قليلاً، وتخترق الطبقات الخارجية فقط. ومع ذلك، هذا لا يعني أن الأشعة فوق البنفسجية (UVB) لا تُسبب ضرراً أعمق.
كان يُعتقد لفترة طويلة أن الأشعة فوق البنفسجية (UVB) هي السبب الرئيسي لسرطان الجلد، ولكن في العقود الأخيرة، أشارت الأبحاث إلى أن الضرر الناتج عن الأشعة فوق البنفسجية (UVA) قد يكون أيضاً سبباً للإصابة بسرطانات الجلد. وقد أدى ذلك إلى ابتكار تركيبات واقية من الشمس تحجب كلا النوعين من الأشعة فوق البنفسجية.
عندما يتعرض الجلد لأيٍّ من نوعي الأشعة فوق البنفسجية، تستجيب خلاياه بإطلاق مواد وسيطة مثل السيتوكينات (cytokines)، والتي تُسبب التهاباً أعمق، مما يُسهم في تلف طويل الأمد، والشيخوخة، وخطر الإصابة بالسرطان، كما يقول أنتوني يونغ، الأستاذ الفخري لعلم الأحياء الضوئي التجريبي في كينغز كوليدج لندن، والباحث المخضرم في فعالية واقيات الشمس.
تقول ماري سومرلاد، استشارية الأمراض الجلدية في لندن والمتحدثة باسم مؤسسة الأمراض الجلدية البريطانية – وهي مؤسسة خيرية صحية في بريطانيا – إن كلاً من الأشعة فوق البنفسجية المتوسطة (UVB) والأشعة فوق البنفسجية الطويلة (UVA) يُسهمان أيضًا في الشيخوخة وتسمير البشرة.
في الواقع، تُشير إلى أنه إذا كان لديها مريض يُعاني من حالة مثل الكَلَف، حيث توجد بقع داكنة على الجلد، فإنها تُخبره بضرورة حماية نفسه من طيف الأشعة فوق البنفسجية الواسع – بما في ذلك الأشعة فوق البنفسجية الطويلة (UVA) – لأن الأشعة فوق البنفسجية الطويلة (UVA) “تُسبب اسمرار الجلد”.
3. نعم، يُمكن أن تُصاب بحروق جلدية في يوم غائم:
يتجاهل الكثير منا ارتداء القبعة واستخدام واقي الشمس عند رؤية غطاء الغيوم. ولكن قد تكون هذه فكرة سيئة.
يعود ذلك إلى أنه على الرغم من أن السحب تُشتت إشعاع الشمس، إلا أن تأثيرها على مستويات الأشعة فوق البنفسجية على سطح الأرض قد يتفاوت بشكل كبير. فالسحب الكثيفة جداً قد تُخفف حوالي 99 في المئة من الأشعة فوق البنفسجية، التي تصل إلى سطح الأرض، بينما قد لا يكون للغطاء السحابي الرقيق أو السحب المتفرقة أي تأثير يُذكر. وقد تؤدي بعض أنواع تكوينات السحب إلى وصول كمية أكبر من الأشعة فوق البنفسجية إلى الأرض في بعض المناطق، مقارنةً بالأيام الصافية.
يُعد البحث عن الظل وسيلة رائعة لتقليل التعرض للأشعة فوق البنفسجية، ولكنه لا يعني بالضرورة الاستغناء عن استخدام واقي الشمس
4. ليست كل الظلال سواء:
عندما يتعلق الأمر بفهم الحماية من الشمس، فإن الأهم هو مؤشر الأشعة فوق البنفسجية – وهو مقياس لمستوى الأشعة فوق البنفسجية الذي توصي منظمات الصحة العامة باستخدامه، تماماً مثل درجة الحرارة، للمساعدة في تخطيط الناس لنشاطهم اليومي ونوع ملابسهم.
عندما يكون مؤشر الأشعة فوق البنفسجية 3 أو أكثر، تقترح منظمات الصحة العامة ارتداء قبعة وملابس واقية وواقي شمس – والبحث عن الظل. لكن الخبراء يشيرون إلى أهمية نوع الظل.
لنأخذ مظلة الشاطئ المنتشرة في كل مكان على سبيل المثال. نظراً لوجودها على الأرجح على ارتفاع مترين فوق رأسك، “فإن بشرتك معرضة تقريباً للأشعة فوقك”، كما يقول برايان ديفي، الأستاذ الفخري لعلم الأحياء الضوئي في علوم الأمراض الجلدية، بجامعة نيوكاسل في بريطانيا ومبتكر تصنيف الأشعة فوق البنفسجية الطويلة (UVA). “أنت تحصل على عامل حماية من الشمس يعادل حوالي خمسة”. على سبيل المثال، وجدت إحدى التجارب أنه بينما أصيب 25 في المئة من الأشخاص الذين يستخدمون واقي الشمس بحروق الشمس، أصيب 78 في المئة ممن يستخدمون مظلة الشاطئ فقط بحروق الشمس.
من بين أنواع الظل الأخرى التي وُجد أنها لا توفر حماية كافية سقف الشرفة (إذا كانت لا تزال تتعرض لأشعة الشمس بعد الظهر) أو المدرجات.
قد توفر الأشجار المورقة حماية أكبر – على سبيل المثال، قد توفر شجرة بلوط كثيفة الأوراق، ما يعادل عامل حماية من الشمس يصل إلى 20. ومع ذلك، قد توفر العديد من أنواع الأشجار عامل حماية من الشمس يبلغ حوالي 5 أو أقل.
وبشكل عام، كلما كانت مساحة الظل المغطاة من الشمس أكبر، أو كانت الأشجار كثيفة وتجمعت مع بعضها البعض، كلما كانت الحماية أكبر.
كما يمكن للأشعة فوق البنفسجية أن تنعكس من أسطح مثل الزجاج والرمل والخرسانة والماء – لذلك من المهم أيضاً الحذر من الأشعة فوق البنفسجية المنعكسة خلسةً.
5. قد لا تحتاج إلى وضع عامل حماية من الشمس على مدار العام (ولكن يعتمد ذلك على موقعك ونوع نشاطك)
بشكل عام، حتى بالنسبة للأشخاص ذوي البشرة الفاتحة والحساسين للشمس، فإن خطر الضرر الذي قد تسببه الأشعة فوق البنفسجية عندما يكون مؤشر الأشعة فوق البنفسجية أقل من 2 يكون محدوداً، ولا حاجة إلى تدابير وقائية إضافية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
هذا يعني أنه في بعض أنحاء العالم، لن يحتاج معظم الناس إلى استخدام واقي الشمس طوال العام. ففي بريطانيا، على سبيل المثال، يقل مؤشر الأشعة فوق البنفسجية عن ثلاثة في الفترة من منتصف تشرين الأول/ تشرين الأول تقريباً إلى منتصف آذار/ آذار، كما يقول البروفيسور ديفي.
بالنسبة للأشخاص الذين يقضون معظم يومهم في الداخل، فإن يوماً شتوياً كاملاً يُعرّضهم لأشعة فوق بنفسجية تعادل أقل من دقيقة واحدة مما قد يتعرضون له في حمامات الشمس، في ذروة الصيف.
يقول ديفي عن استخدام واقي الشمس في الشتاء: “إذا كنت في المكتب والجو غائم وممطر في كانون الأول/ كانون الأول، فهذا هراء. أنت تفعل شيئاً لا فائدة منه”.
بالطبع، السياق مهم: فقد وجدت الدراسات أنه في بعض الحالات، يمكن أن يزيد الغطاء الثلجي من الأشعة فوق البنفسجية المسببة لحروق الشمس بأكثر من 60 في المئة. لذلك، إذا كنت في الشتاء ولكنك تتزلج طوال اليوم، فمن المهم حماية بشرتك من الشمس.
هناك تحذير آخر، كما تشير الدكتورة سومرلاد: مؤشر الأشعة فوق البنفسجية قد يتغير بسرعة كبيرة. تقول: “إذا كنتَ في الخارج وانقشعت السحابة فجأةً ولم تكن محمياً، فقد تُصاب بحروق”. بمعنى آخر، من المرجح أن تكون أقل أماناً إذا اعتمدت على مؤشر الأشعة فوق البنفسجية وتخليت عن حماية إضافية، في يوم صيفي مثلاً، مقارنةً بفترة يكون فيها مؤشر الأشعة فوق البنفسجية منخفضاً باستمرار – كما هو الحال في منتصف الشتاء.
لا توفر المظلة سوى حماية طفيفة من الأشعة فوق البنفسجية
6. من غير الصحيح أن واقيات الشمس المعدنية تعمل فقط إذا كانت مرئية:
على الرغم من أن واقيات الشمس المعدنية – وتعرف أيضاً باسم واقيات الشمس الفيزيائية، وتستخدم مكونات معدنية مثل أكسيد الزنك وثاني أكسيد التيتانيوم – لها طبقة بيضاء، لأنها تعكس جزءاً من طيف الضوء المرئي، إلا أن ذلك لا يدل على فعاليتها في حماية البشرة من الأشعة فوق البنفسجية الطويلة UVA والمتوسطة UVB – وهما طيفا الأشعة فوق البنفسجية الوحيدان على سطح الأرض، واللذان يُسببان تلف الجلد والسرطان.
ولأن واقيات الشمس المعدنية تعمل أساساً على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية – حيث تعكس أو تشتت 5 في المئة فقط منها – فلا داعي لأن تبدو “عاكسة” حتى تعمل.
7. لا، الاستخدام المنتظم لواقي الشمس (على الأرجح) لن يُسبب نقص فيتامين د.
مع أن أجسامنا تُنتج هرمون فيتامين د3 من خلال التعرض للأشعة فوق البنفسجية من أشعة الشمس، إلا أن هذا لا يعني أن استخدام واقي الشمس يُحدث فرقاً كبيراً. قليل منا يضع كميات كافية من واقي الشمس بانتظام، للحصول على مستوى الحماية الكامل الموضح على العبوة بتصنيف عامل الحماية من الشمس – مما يعني أن معظمنا يتعرض لأشعة فوق البنفسجية أكثر مما نعتقد.
بالنسبة لأصحاب البشرة الفاتحة، عند الاستلقاء تحت أشعة الشمس في يوم صيفي مشرق، غالباً ما يستغرق الأمر بضع دقائق فقط من التعرض (حسب عوامل مثل مؤشر الأشعة فوق البنفسجية ومنطقة الجلد المعرضة) ليبدأ تكوين فيتامين د3، ليس فقط، بل ليصل إلى أقصى مستوياته. ومع ذلك، في سياقات أخرى، مثل المشي في بيئة حضرية، مرتدياً ملابسك بالكامل، قد يستغرق الأمر ما يقرب من ساعة.
بغض النظر عن ذلك، بعد الوصول إلى هذا المستوى، لا يعني الأمر بالضرورة “أن التعرض أكثر يعني مزيداً من فيتامين د”. بل على العكس يزداد تلف الحمض النووي، بينما تظل مخزونات فيتامين د3 كما هي.
ولعل هذا هو السبب، في أن الأبحاث السابقة خلُصت إلى أن مستخدمي واقيات الشمس ليسوا أكثر عرضة لنقص فيتامين د من غير مستخدميها، مع أن البروفيسور برايان ديفي يشير إلى أن جزءاً كبيراً من هذه الأبحاث أُجري في بلدان مشمسة ذات عامل حماية من الشمس منخفض نسبياً.
إذا كنت ترغب في الهروب من وهج الشمس تحت شجرة، فابحث عن شجرة ذات أوراق كثيفة قدر الإمكان
8. لا يستغرق واقي الشمس 20 دقيقة “ليبدأ مفعوله”:
تشير معظم ملصقات واقيات الشمس إلى أنه يجب وضعها قبل 15-20 دقيقة من التعرض للشمس. لكن هذا لا يعني أنها غير فعالة أثناء فترة الانتظار. في الواقع، أظهرت الدراسات أن واقيات الشمس يمكن أن تكون فعالة فوراً، وهو ما تؤكده أيضاً العديد من الشركات المصنعة. بدلاً من ذلك، تُعطي فترة 15-20 دقيقة التركيبة وقتاً كافياً لتجفّ وتكوّن طبقة واقية متماسكة يصعب تلطيخها أو التعرّق منها أو إزالتها بالغسل، كما تُشير ميشيل وونغ، الكيميائية ومؤلفة كتاب “علم الجمال”، والتي تُعالج باستمرار خرافات واقيات الشمس على الإنترنت.
قد تكون 15 دقيقة تقديراً مُتحفّظاً للوقت المُستغرق، حيث وجدت دراسة أن واقي الشمس المُختبر كوّن هذه الطبقة بعد ثماني دقائق فقط. مع ذلك، فإن اتباع تعليمات الشركة المُصنّعة هو الأفضل دائماً.
9. من غير الصحيح أن الأشخاص ذوي البشرة السمراء لا يجب أن يقلقوا بشأن الأشعة فوق البنفسجية:
يُوفّر الميلانين الموجود في البشرة السمراء بعض الحماية الطبيعية من الأشعة فوق البنفسجية، ولهذا السبب يميل معدل الإصابة بسرطان الجلد إلى أن يكون أقل بكثير لدى السود مُقارنةً بذوي البشرة الفاتحة.
ومع ذلك، لا يزال الأشخاص ذوو درجات لون البشرة الداكنة معرضين للإصابة بحروق الشمس وسرطان الجلد، كما أن التعرض لأشعة الشمس قد يؤدي إلى إصابتهم باضطرابات فرط التصبغ، مثل الكَلَف – وهذا من الأسباب التي تجعل أطباء الجلد، مثل الدكتورة ماري سومرلاد، يوصون الأشخاص ذوي جميع درجات لون البشرة باستخدام واقيات الحماية من الشمس.
يتمتع الأشخاص ذوو مستويات الميلانين العالية في بشرتهم بحماية طبيعية من الأشعة فوق البنفسجية، لكنهم مع ذلك معرضون للإصابة بحروق الشمس وسرطان الجلد
10. لا، واقي الشمس لا يتسبب في ارتفاع معدلات سرطان الجلد:
تشهد معدلات الإصابة بسرطان الجلد ارتفاعاً بين ذوي البشرة الفاتحة، في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وأستراليا، لكن هذا لا يعني أن واقي الشمس هو السبب.
أولًا، تزداد احتمالية الإصابة بجميع أنواع السرطان بين كبار السن، وسكان هذه الدول يتقدمون في السن. كما نعلم أنه كلما زادت مرات تعرض الشخص لحروق الشمس أو استخدامه لأجهزة التسمير، زاد خطر إصابته بسرطان الجلد. وقد ازدادت شعبية حمامات الشمس والتسمير بشكل خاص خلال العقود القليلة الماضية.
خلُصت إحدى دراسات سرطانات الجلد في أستراليا أن حوالي ثلثي حالات الميلانوما – نوع من سرطان الجلد يبدأ في الخلايا الصبغية، ويسمى أيضا الورم الميلانيني – و”جميع” سرطانات الخلايا القاعدية والحرشفية تقريباً تنتج تحديداً عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية، بينما توصلت دراسة أجريت على جميع المرضى الذين شُخِّصوا بالميلانوما في السويد، بين عامي 1960 و2004، إلى أن الميلانوما كانت أكثر شيوعاً في الجذع والأطراف لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 70 عاماً، مما يشير إلى أن التعرض للأشعة فوق البنفسجية كان سبباً رئيسياً.
تقول الدكتورة ماري سومرلاد: “إذا كنت مهتماً بصحتك وترغب في حماية طول عمرك وصحتك، فإن حماية نفسك من حروق الشمس من أفضل ما يمكنك فعله”.
ولكن هناك طريقة غير مباشرة ربما يكون واقي الشمس قد أدى بها إلى زيادة الإصابة بسرطان الجلد، كما يشير الخبراء: يمكن أن يجعلنا نشعر بأننا لا نقهر.
يقول البروفيسور برايان ديفي: “عندما يضع الناس واقياً من الشمس، يعتقدون أنهم يشكلون حاجزاً غير مرئي ضد الشمس، ويميلون إلى تغيير سلوكهم وقضاء وقت أطول تحت أشعة الشمس. لكنني لا أعتقد أن واقيات الشمس بحد ذاتها مسببة للسرطان”.
في اكتشاف مثير وغير متوقع، وجد فريق بحثي من جامعة ستوكهولم والمتحف السويدي للتاريخ الطبيعي، بالتعاون مع شركاء في غرينلاند وكندا، نوعا جديدا من المواد الكيميائية الصناعية المعروفة باسم “المواد الكيميائية الأبدية” في دهون الحيتان القاتلة (الأوركا).
وهذه المواد تدعى اختصارا “بي إف إيه إس” وهي عائلة ضخمة جدا تضم أكثر من 4700 مركب مختلف من المواد الكيميائية الصناعية التي تحتوي على ذرات فلور مرتبطة بذرات كربون، وهذه الروابط قوية جدا لدرجة أنها تكاد لا تتحلل طبيعيا، لذلك تُعرف باسم “المواد الكيميائية الأبدية”.
هذه المواد تُستخدم منذ الخمسينيات في مئات المنتجات اليومية مثل أواني الطهي غير اللاصقة (شترستوك)
أضرار بالجملة
وتُستخدم هذه المواد منذ الخمسينيات في مئات المنتجات اليومية، مثل أواني الطهي غير اللاصقة (تيفلون) ومواد مقاومة للماء والزيت على الملابس والأثاث، ورغوات مكافحة الحرائق، وتغليف الأغذية (مثل علب الفشار بالمايكرويف أو صناديق البيتزا).
ولأنها لا تتحلل بسهولة في البيئة، يحدث لها تراكم في الماء والتربة والكائنات الحية، وتتراكم في جسم الإنسان والحيوانات مع مرور الوقت. وقد ارتبطت بأمراض، مثل مشاكل في الكبد والكلى وضعف جهاز المناعة وبعض أنواع السرطان، علاوة على الاضطرابات الهرمونية.
والمعروف عن تلك المواد أنها تتراكم في الأعضاء الغنية بالبروتين مثل الكبد والدم، لكن المواد الجديدة المكتشفة، والتي تم الإعلان عنها في الدراسة الجديدة المنشورة بدورية “إنڤايرونمينتل ساينس آند تكنولوجي لترز” وهي 5 مركبات من فئة “سلفونات الفلورو تيلومير” التي تنتمي إلى “المواد الكيميائية الأبدية” ووجدوا أنها تتراكم في الدهون.
تلك المواد تتراكم في الأعضاء الغنية بالبروتين مثل الكبد والدم (رويترز)
ساكن الدهون
وتوصل الباحثون لهذه النتيجة بعد أن استخدموا تقنيات متقدمة في مطيافية الكتلة لتحليل عينات الأنسجة المأخوذة من الحيتان في غرينلاند والسويد، ووجدوا أن المركبات الجديدة تشكل نحو 75% من المواد الفلورية في الدهون، بينما كانت غير موجودة تقريبا في الكبد.
إعلان
وقالت ميلاني لوريا، الباحثة السابقة بجامعة ستوكهولم والحالية في المعهد السويسري للعلوم المائية والتكنولوجيا -في بيان نشره الموقع الإلكتروني للجامعة- إنها المرة الأولى التي “نثبت فيها أن المواد الكيميائية الأبدية عالية الفلور يمكن أن تتراكم في الدهون، وليس في الكبد أو الدم كما كنا نعتقد”.
ومن جانبه أشار البروفيسور جوناثان بنسكين، من قسم علوم البيئة بجامعة ستوكهولم، إلى أن هذا الاكتشاف يسلط الضوء على أن تقديرات تعرض الحيوانات البحرية لـ “المواد الكيميائية الأبدية” قد تكون أقل بكثير من الواقع، خاصة وأن الدهون تمثل نحو نصف وزن الحيتان.
وأضاف الباحثون أن النتائج تثير تساؤلات جديدة حول التعرض الكيميائي للمفترسات العليا، مع آثار محتملة على البيئة وصحة الإنسان، خصوصا في المناطق القطبية حيث يعتمد السكان التقليديون على لحوم ودهون الحيتان ضمن غذائهم.
ودعا الفريق البحثي إلى توسيع برامج المراقبة لتشمل هذا النوع الجديد من “المواد الكيميائية الأبدية” المحب للدهون، لضمان فهم أفضل للملوثات في النظم البيئية البحرية.