غزة بلا تعليم للعام الثالث والأمية تهدد طلبة المرحلة الأساسية

غزة بلا تعليم للعام الثالث والأمية تهدد طلبة المرحلة الأساسية

غزة- لولا الحرب لكانت الطفلة “ناي” على مقعد الدراسة في الصف الأول الابتدائي، لكنها اليوم نازحة مشردة مع أسرتها المكونة من 4 أفراد في خيمة بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة.

ولا تعرف ناي المسارعي (6 أعوام) عن المدرسة شيئا سوى أنها “مركز إيواء” قضت فيها شهورا في مدينة رفح جنوب القطاع، عندما نزحت وأسرتها في الأسبوع الأول من اندلاع الحرب الإسرائيلية في 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023، من منزلها في مخيم جباليا للاجئين في شماله، واضطرت عشية اجتياح المدينة لمغادرتها نحو مدينة دير البلح.

وكانت ناي آنذاك في الرابعة من عمرها، ونتيجة تداعيات الحرب والنزوح تقول والدتها نيرمين يحيى (27 عاما) -للجزيرة نت- إنها لم تتح لها فرصة تسجيلها في روضة أطفال لتعلم أبجديات القراءة والكتابة.

مصير مجهول

وتوشك المدارس في الأراضي الفلسطينية المحتلة على فتح أبوابها للموسم الدراسي الجديد، في حين يواجه طلبة غزة مصيرا تعليميا مجهولا للعام الثالث على التوالي من توقف المسيرة التعليمية.

الطفلة ناي المسارعي ومئات آلاف الطلبة في غزة محرومون من التعليم للعام الثالث على التوالي
ناي المسارعي ومئات آلاف الطلبة في غزة محرومون من التعليم للعام الثالث على التوالي (الجزيرة)

وتنظر نيرمين إلى طفلتها ناي، وتقول بحسرة “لا أعلم متى سأرى ناي بزي المدرسة واقفة في طابور الصباح تستمع إلى جرس المدرسة بدلا من أصوات انفجارات الصواريخ والقنابل”.

وباءت بالفشل محاولات الأم في تعليم طفلتها الإمساك بالقلم، وتعليمها الأرقام والحروف. وتشير إلى خيمتها وسط خيام متهالكة ومترامية على مد البصر، وهي تتحدث عن ظروف حياتية بائسة لا تتوفر فيها البيئة المناسبة للتعليم.

“كيف نعلمهم وهم جوعى؟ وكيف سيتعلمون وهم ونحن لا نمتلك اليقين أن نبقى على قيد الحياة، وقد نكون في لحظة في عداد الشهداء؟” هكذا تتساءل “أم ناي” بحزن وألم.

وتسببت الحرب في تدمير البيئة التعليمية، فوفقا للمكتب الإعلامي الحكومي فإنها حرمت أكثر من 785 ألف طالب وطالبة من التعليم في المراحل المختلفة، وأدت إلى استشهاد أكثر من 13 ألفا و500 طالب وطالبة.

إعلان

وتشير بيانات المكتب الحكومي إلى أن جيش الاحتلال دمر 156 مدرسة كليا، و382 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية لحق بها دمار جزئي.

“وحتى بعد توقف الحرب فإن العودة للتعليم لن تكون سهلة، وقد دمرت الحرب شوارعنا ومنازلنا ومدارسنا، وتنتظرنا معركة طويلة وقاسية مع إعادة الإعمار والعودة لحياتنا الطبيعية” حسبما تعتقد نيرمين.

اغتيال الأمل

ولمريم حماد رأي مماثل، إذ تقول للجزيرة نت إن “الحرب قتلت في نفوسنا مساحة الأمل والحياة والتعليم”.

ولدى هذه الأم الثلاثينية طفلان: جاد (6 أعوام) وكنان (4 أعوام) ويعيشان منذ عامين ويلات الحرب من موت وجوع ونزوح، ويدركان اليوم مفردات الحرب ومعانيها أكثر بكثير مما يعرفان عن المدرسة والحروف والأرقام.

أحلام عبد العاطي الحرب أثرت على قدرات الطلبة بالتركيز والمذاكرة والرغبة في التعليم
أحلام عبد العاطي: الحرب أثرت على قدرات الطلبة بالتركيز والرغبة في التعليم (الجزيرة)

وقد اندلعت الحرب وكان جاد لتوه التحق بروضة قريبة من منزله في مخيم خان يونس جنوب القطاع، متلمسا أولى خطواته نحو الإمساك بالقلم وتعلم أبجديات القراءة والكتابة.

وعلى صغر عمره، يدرك جاد ما يدور من حوله، ويقول للجزيرة نت “الروضة سكرت (أغلقت) بسبب الحرب والنزوح”.

واضطرت أسرة جاد آنذاك للنزوح نحو مدينة رفح المجاورة إثر الاجتياح الإسرائيلي لمدينة خان يونس مطلع كانون الأول/كانون الأول 2023، واستمر لنحو 4 شهور.

وما لبثت هذه الأسرة أن عادت إلى منزلها حتى اضطرت للنزوح مجددا نحو منطقة المواصي، وتقول والدة الطفل “حياتنا غير مستقرة فكيف سيتعلم جاد وأطفالنا؟”.

وبدلا من انتظامهم بمدارسهم يتحمل هؤلاء الأطفال أعباء لا تقوى عليها أجسادهم الغضة، ويقومون بمهام يومية مرهقة وشاقة، بحثا عن المياه والطعام لأسرهم، وتتحدث مريم بقهر عن طفلها الذي لا يعرف شيئا عن المدرسة ولا يسأل عنها، لكنه يزاحم من أجل الحصول على المياه، والقليل من الطعام من تكايا خيرية.

معوقات وتدمير هائل

في مثل هذا الوقت تستعد المدارس لاستقبال الطلبة، لكنها أغلبيتها في غزة مدمرة، وما تبقى منها تحول لمراكز إيواء لنازحين ضاقت بهم السبل، حتى أنهم حطموا مقاعد الدراسة واستخدموها وقودا للنيران في ظل أزمة غاز طهي حادة.

وتظهر صور صادرة عن مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة أن 9 من كل 10 مدارس، بما فيها مدارس تابعة لوكالة الأونروا في غزة، في حاجة إما إلى إعادة بناء كاملة أو أعمال ترميم كبيرة لتعود صالحة للاستخدام.

تقدر هيئات محلية ودولية أن 9 من كل 10 مدارس في غزة تعرضت للتدمير الكلي أو البليغ
هيئات محلية ودولية تقدر أن 9 من كل 10 مدارس بغزة تعرضت للتدمير الكلي أو البليغ (الجزيرة)

ويقدر الدكتور مجدي برهوم رئيس قسم التقنيات التربوية بوزارة التربية والتعليم في غزة والناطق باسمها أن الاستهداف الإسرائيلي الممنهج للبنية التحتية التعليمية أدى لتدمير أكثر من 95% من مدارس ومرافق، فضلا عن استشهاد أكثر من 800 معلم وعضو في العمل التربوي والإداري.

وكان لتوقف المسيرة التعليمية أثرها الأكثر خطورة على الأطفال في مرحلة رياض الأطفال، والمرحلة الأساسية الدنيا من الصف الأول وحتى الرابع الابتدائي، والذين يعانون بشدة من “فاقد تعليمي”. وتعاني هذه الشريحة في مرحلة متقدمة من خطر الأمية الأبجدية، وهذه أدنى درجات الأمية، والتي كانت نسبتها في قطاع غزة ما قبل الحرب من أقل الدول بالإقليم، غير أنها اليوم ارتفعت على نحو ملحوظ وخطير نتيجة الحرب التي تقترب من دخول عامها الثالث على التوالي، وفقا لبرهوم.

إعلان

ويقول للجزيرة نت إن الوزارة تجتهد رغم الظروف المعقدة في توفير بدائل متاحة، عبر إقامة نقاط تعليمية في خيام داخل مخيمات النزوح ومراكز الإيواء، تركز على الطلبة في مرحلتي “البستان والتمهيدي” والمرحلة الأساسية الدنيا، إدراكا منها بقيمة “التعليم الوجاهي” لهذه الشريحة لتمكينها من كسب المهارات والمعارف.

ولمن لا يتمكن من الوصول لهذه النقاط، إما لبعد المسافة أو لخشية الأسر على أطفالها من الاستهداف الإسرائيلي للتجمعات، يوضح برهوم أن الوزارة نسقت -مع “أونروا” و”خلية الأزمة” في رام الله- بإنشاء “فصول افتراضية” للتعلم عن بعد عبر تطبيقات الإنترنت.

ولكن هذه البدائل غير كافية، وبرأي برهوم فإنها “محاولات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه” وتعترضها الكثير من المعوقات سواء المرتبطة بمخاطر الاستهداف الإسرائيلي، أو تلك الناجمة عن أزمة انقطاع الكهرباء وعدم توفر الوقود وتردي خدمات الإنترنت، وعدم امتلاك الكثير لأجهزة حديثة لمتابعة تعليمهم إلكترونيا.

تجهيل وأمية

وبموازاة الجهد الرسمي، تنتشر مبادرات فردية لمعلمين يشرفون على مدارس صغيرة من الخيام في مخيمات النزوح، وتقول المعلمة أحلام عبد العاطي للجزيرة نت “نصارع الظروف الصعبة والمعقدة من أجل إنقاذ أطفالنا”.

وقد افتتحت أحلام مدرسة خيرية من خيام ملاصقة لخيمة نزوحها في مدينة خان يونس، قبل أن تضطر للنزوح بها لمدينة دير البلح، غير أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية لاحقتها واضطرت لتفكيك المدرسة والعودة إلى منزلها في مدينة غزة، وتواجه حاليا مع سكان هذه المدينة مخاطر النزوح الجبري نحو جنوب القطاع مجددا.

مدرسة تابعة لأونروا في مدينة خان يونس تحولت ومئات غيرها لمراكز إيواء للنازحين
مدرسة تابعة للأونروا بمدينة خان يونس تحولت ومئات غيرها لمراكز إيواء للنازحين (الجزيرة)

وعن تجربتها مع الطلبة، تقول أحلام للجزيرة نت “أغلبيتهم يجهلون القراءة والكتابة، وحتى أنهم لا يميزون الحروف، ولا يستطيعون التعامل مع أبسط المسائل الحسابية”.

ويسيطر القلق والخوف عليهم، وكثيرون يعانون من صدمات نفسية، وتحذر المعلمة من “ارتفاع معدلات الجهل والأمية في أوساط الأطفال بمرحلة التعليم الأساسي كلما طالت فترة الحرب والغياب عن المدارس التقليدية والتعليم الوجاهي”.

وتقول أحلام إن الحرب تركت آثارا سلبية خاصة على الأطفال من عمر 4 إلى 10 أعوام، وأفقدتهم القدرة على التركيز، وأصابتهم بضعف بالذاكرة وتشتت الانتباه، وتجزم بأنه “لا يوجد طفل في غزة سليم جسديا ونفسيا”.

الطفل وليد المريدي (10 أعوام) كان ملتحقا بمدرسة أحلام، وتصفه بأنه كان ذكيا ومجتهدا، غير أنه أصيب بانتكاسة ويتملكه الحزن واليأس بعد إصابة والده بالشلل نتيجة عيار ناري إسرائيلي أصابه في رأسه خلال محاولته الحصول على مساعدات إنسانية لإطعام أسرته.

يعيش الطفل وليد المريدي حياة بائسة إثر إصابة والده بالشلل أثناء محاولته الحصول على مساعدات إنسانية
وليد المريدي يعيش حياة صعبة إثر إصابة والده بالشلل أثناء محاولته الحصول على مساعدات إنسانية (الجزيرة)

وكان وليد يحلم بأن يصبح طبيبا، غير أنه اليوم طفل بائس فاقد للأمل، ويتحمل مسؤولية أسرته (7 أفراد) وبدا في حديثه مع الجزيرة نت وكأن الحرب أضافت أعواما إلى عمره، ويتساءل “أبي أصبح مشلولا، والحرب دمرت منازلنا ومدارسنا، وطوال اليوم أبحث عن الماء والطعام، فكيف سأصبح طبيبا؟”.

تحذيرات من “جِل التسنين” وهذه مخاطره على الأطفال وبدائله الآمنة

تحذيرات من “جِل التسنين” وهذه مخاطره على الأطفال وبدائله الآمنة

تُعدّ مرحلة التسنين من أصعب المراحل في حياة الرضيع والأهل على حد سواء، إذ ترافقها أعراض مثل الأرق، والبكاء المستمر، وتورم اللثة، والرغبة الدائمة في العض. وفي محاولة للتخفيف من هذه المتاعب، يلجأ الكثير من الوالدين إلى استخدام “جِل التسنين” والزيوت المخصصة التي تُسوَّق بوصفها حلولا فعالة.

غير أن دراسة حديثة لمجلة “أوكو تست” الألمانية -المتخصصة في اختبار المنتجات- شككت في جدوى هذه المستحضرات، مؤكدة أنها تفتقر إلى الفوائد الملموسة، بل قد تنطوي على مخاطر صحية للطفل.

مُحليات صناعية

المجلة أوضحت أن بعض منتجات “جِل التسنين” تحتوي على محليات صناعية مثل السكرين والسكرالوز، وهي مواد قد تعزز رغبة الأطفال في تناول الأطعمة الحلوة منذ سن مبكرة، الأمر الذي يهدد صحتهم على المدى الطويل.

كما كشفت النتائج عن احتواء بعض المنتجات على مركبات “بي إي جي” ومشتقاتها، التي تزيد من نفاذية الجلد، وبالتالي تسمح بمرور مواد غير مرغوب فيها إلى جسم الطفل.

أما الأخطر، فكان وجود الكحول مادة حافظة في بعض المنتجات، وهو أمر اعتبرته المجلة غير مقبول تماما في مستحضرات مخصصة للأطفال.

زيوت التدليك خيار أبسط

إلى جانب “جِل التسنين” تعرض بعض الشركات زيوتا خاصة لتدليك خدود الطفل وحافة الفك الخارجية في مرحلة التسنين. لكن “أوكو تست” شددت على أن استخدام زيوت أو كريمات الأطفال العادية يكفي لتحقيق النتيجة نفسها، دون الحاجة إلى منتجات إضافية.

وطمأنت المجلة الوالدين بأن هذه الزيوت لا تنطوي على أي مخاطر صحية، مما يجعلها خيارا آمنا مقارنة بالمنتجات التجارية التي أظهرت نتائج الاختبارات أنها غير جديرة بالثقة.

طرق طبيعية لتخفيف متاعب التسنين

قدّمت المجلة أيضا نصائح عملية للوالدين لمساعدة أطفالهم خلال هذه المرحلة، أبرزها تدليك الفك بلطف للمساعدة على تهدئة اللثة، وتبريد اللثة المتهيجة باستخدام حلقة التسنين أو ملعقة باردة من الثلاجة، حيث يخفف البرود من الألم ويمنح الطفل راحة مؤقتة.

إعلان

يُذكر أن الأطفال في هذه المرحلة يكون لديهم ميل شديد لقضم الأشياء، مما يجعل هذه الوسائل الطبيعية مناسبة وفعالة.

ورغم فعالية التدابير الطبيعية في معظم الحالات، فإن بعض الأطفال قد يعانون من آلام شديدة لا تهدأ حتى مع هذه الوسائل. وهنا، ينصح أطباء الأطفال باللجوء إلى الأقماع المسكّنة للألم، مثل تلك التي تحتوي على الباراسيتامول، شريطة أن يتم استخدامها تحت إشراف طبيب مختص لتفادي أي مخاطر محتملة.

لماذا لا ينبغي أن نجبر أطفالنا على إخفاء الأسرار؟

لماذا لا ينبغي أن نجبر أطفالنا على إخفاء الأسرار؟

لكل إنسان أسراره التي يحتفظ بها لنفسه أو يشاركها مع دائرة ضيقة من المقرّبين، فهي جزء من حياتنا اليومية ووسيلة لحماية خصوصيتنا وبناء جسور الثقة مع الآخرين.

وإذا كان الكبار يملكون من الخبرة ما يساعدهم على معرفة متى وكيف يكتمون أسرارهم، فإن الأطفال لا يملكون هذه القدرة بعد، فهم يتعاملون مع “الأسرار” كنوع من اللعب أو الترابط مع الأصدقاء والعائلة، من دون إدراك أن بعضها قد يخفي خطرا يستوجب الإفصاح عنه، ما يجعلهم عرضة للاستغلال أو الإساءة.

ولهذا ينصح خبراء التربية بعدم تشجيع الأطفال حتى 10 سنوات على إخفاء الأسرار، ووضع قاعدة منزلية مفادها “نحن لا نحتفظ بالأسرار”.

المسلسل المصري “لام شمسية”، بطولة أمينة خليل وأحمد السعدني، سلّط الضوء على هذه القضية في رمضان الماضي 2025، وفي المسلسل يتعرض الطفل “يوسف” للتحرش من قِبل مدرسه الخاص وصديق والده، الذي يخبره بأن ما يحدث بينهما هو مجرد “لعبة سر” لا ينبغي التحدث عنها مع أي شخص.

من الضروري أن يكون لدى الطفل شخص بالغ يثق به ويلجأ إليه لإخباره بأي أسرار  (بيكسلز)

الأسرار ليست آمنة

هناك أنواع مختلفة من الأسرار، إذ يمكن أن تكون الأسرار آمنة أو ضارة ولكل منهما تأثير مختلف على الصحة العاطفية والمعرفية والجسدية للطفل، كما تقول عالمة النفس كاثرين هاليسي لصحيفة مترو البريطانية.

وأضافت هاليسي “إن السر الآمن لا يسبب أي أذى نفسي أو جسدي للطفل وإخفاؤه يُشعره بالسعادة والحماس، في حين تثير الأسرار السيئة مشاعر القلق والخوف والتوتر والاشمئزاز، وتشعر الطفل بأنه لا يستطيع إخبار أحد”.

وتشير كاثرين إلى أهمية توعية الأطفال بكيفية التمييز بين الأسرار الجيدة والأسرار السيئة وكيفية الاستجابة لكل منهما، فإذا كان سرا يتعلق بخبر سعيد أو التخطيط لمفاجأة، فلا بأس من كتمانه بعض الوقت، وإذا كان سرا مزعجا يسبب ضررا للطفل أو للآخرين، فمن المهم ألا يحتفظ به أبدا، وأن يتحدث على الفور مع شخص بالغ يثق به لتجنب أي خطر محتمل.

إعلان

وتستكمل “من الضروري أن يكون لدى الطفل شخص بالغ يثق به ويلجأ إليه لإخباره بأي أسرار لا يرغب في كتمانها كالآباء أو الأجداد أو أحد المقربين، وأن نصف للأطفال كيف يطلب بعض الناس من الأطفال كتمان السر، وتهديدهم بحدوث مشاكل إذا أخبروا أحدا لأنهم يفعلون أشياء غير لائقة ويخشون من كشف الحقيقة، وأن إخفاء هذا السر قد يؤدى إلى استمرار الإساءة أو عدم الارتياح.

  •  الأسرار الضارة أو غير الآمنة.
  • تشمل الأسرار غير الآمنة أي نوع من اللمسات، خاصة تلك التي تجعل طفلك غير مرتاح.
  • الهدايا أو الخدمات التي يقدمها أشخاص خصيصا لطفلك دون غيره.
  • الألعاب التي تنتهك قواعد السلامة وتتضمن أنشطة غير مقبولة.
  • أي شيء يزعج طفلك أو أي موقف يجعل طفلك غير مرتاح أو لا يشعر بالأمان.

ويمكن أن تؤثر هذه الأسرار الضارة على الأطفال بعدة طرق:

  • قد يشعر الطفل بالذنب أو يشعر بالثقل بسبب كتمان الأسرار ومسؤوليته عن نتائج حجب الحقيقة.
  • قد يشعر بالعجز وعدم القدرة على منع الأذى الواقع عليه.
  • قد تشكل الأسرار ضغطا عليه مما قد يؤدي إلى العزلة ومشاكل في التركيز، وقد تغرز فيه انعدام الثقة والخوف الدائم، وهذا بدوره قد يُؤدي إلى القلق والاستياء والتوتر والسلوك العدواني.
  • تحدث عن المفاجآت بدلا من الأسرار.

تتفق المستشارة في تربية الأطفال ديفون كونتزمان مع عدم تشجيع الأطفال على الاحتفاظ بالأسرار، لأن ذلك قد يجعلهم بدون قصد أكثر عرضة لمرتكبي جرائم الأطفال، لا سيما أن المسيئين غالبا ما يطلبون من ضحاياهم الأطفال الاحتفاظ بشيء ما سرا بينهما.

وتابعت أنه عندما نطلب من الطفل الاحتفاظ بسر آمن أو جيد مثل التخطيط لحفل عيد ميلاد أو عدم إخبار أحد بالهدية التي قام بتغليفها معك للتو وأشياء من هذا القبيل، تقول كونتزمان “أنصح الآباء بأن يستخدموا كلمة “مفاجأة” بدلا من “سر”، فالمفاجأة محددة بوقت، وتتم مشاركتها بعد فترة، على عكس السر الذي قد يحفظ إلى الأبد.

وتوضح لموقع “جود تو نو” أهمية التمييز بين “السر” و”المفاجأة”، إذ قد تبدو المفاجآت والأسرار متشابهة، لكنها تُرسل رسائل مختلفة تماما للأطفال، المفاجأة شيء إيجابي كهدية عيد ميلاد أو رحلة مميزة سينكشف في النهاية ويجلب الفرح، أما السر فهو شيء يُفترض أن يبقى مخفيا إلى أجل غير مسمى.

4-إن تزويد طفلك باهتمام فردي يشجع على إرسال رسالة مفادها أنه محل تقدير-(بيكسلز)
توعية الأطفال بعدم الاحتفاظ بالأسرار لا تعني أبدا مطالبتهم بالكشف عن كل تفاصيلهم الشخصية للآخرين (بيكسلز)

السرية والخصوصية

توعية الأطفال بعدم الاحتفاظ بالأسرار لا تعني أبدا مطالبتهم بالكشف عن كل تفاصيلهم الشخصية للآخرين، فهناك فرق واضح بين الخصوصية والسرية، لذلك من المهم أن يتعلم الطفل كيف يضع حدودا لما يشاركه مع الآخرين، وفي الوقت نفسه يحترم خصوصياتهم.

ويمكن للأسرة أن تعزز هذا السلوك من خلال وضع معايير عملية لاحترام الخصوصية داخل البيت، مثل طرق الأبواب المغلقة قبل الدخول، وانتظار الإذن، وغيرها من السلوكيات البسيطة التي تُرسّخ هذا المفهوم.

التمييز بين الأسرار للحفاظ على سلامتهم؟

من الطبيعي أن يحتفظ الأطفال ببعض الأمور الخاصة مثل المحادثات العادية مع الأصدقاء مثلا، وهو جزء من النمو وتعلم الاستقلالية، ومع ذلك، فإن التمييز بين الأسرار الجيدة والسيئة أمر بالغ الأهمية لسلامتهم ورفاهيتهم، ويكون ذلك من خلال:

إعلان

التواصل المفتوح: شجع طفلك على التحدث بصراحة عن يومه ومشاعره وتفاعلاته، والأهم من ذلك، أوضح له أنه يستطيع إخبارك بأي شيء بدون خوف من الحكم أو العقاب.

لعب الأدوار: استخدم سيناريوهات تمثيل الأدوار لمساعدة طفلك على فهم أنواع مختلفة من الأسرار، ومثّل مواقف يُطلب منه فيها الاحتفاظ بسر، وناقش معه السر المناسب والسر الذي يجب عليه إخبارك به.

قواعد سلامة الجسم: علّم طفلك أهمية استقلالية جسده والفرق بين اللمسة الآمنة وغير الآمنة، على سبيل المثال، علّمه قاعدة ملابس السباحة وأن أي منطقة مغطاة بها ممنوع لمسها، مع ضرورة اللجوء إلى شخص بالغ موثوق في حال انتهاك أي أحد لهذه القاعدة.

بناء الثقة بينك وبين طفلك: غالبا ما يخفي الأطفال الأسرار خوفا من الوقوع في مشاكل، لذلك طمئن طفلك أنه لن يعاقب على قول الحقيقة، سواء تصرف بالطريقة التي تريدها أم لا.

حين يهتز العالم.. كيف تدعم طفلك نفسيا أثناء الحرب والأزمات الكبرى؟

حين يهتز العالم.. كيف تدعم طفلك نفسيا أثناء الحرب والأزمات الكبرى؟

في ظل الحروب والأزمات الكبرى، يظل الأطفال الحلقة الأضعف، إذ يتعرضون لآثار نفسية واجتماعية قد تلازمهم مدى الحياة إذا لم يتلقوا الدعم المناسب. ويؤكد خبراء الصحة النفسية والمنظمات الدولية أن توفير بيئة آمنة وداعمة للأطفال في هذه الظروف يعد عاملا أساسيا لحمايتهم من الانهيار النفسي وتعزيز قدرتهم على التكيف.

أطفال غزة نموذج صارخ للمعاناة

تشير تقارير الأمم المتحدة ومنظمات دولية عدة إلى أن أطفال غزة يعيشون اليوم واحدة من أعنف الأزمات الإنسانية عالميا. ووفقا لبيانات اليونيسيف، يواجه ما يقارب مليون طفل دون سن الـ15 خطر الفقد واليُتم والنزوح القسري. كما يعاني عدد كبير منهم من اضطرابات نفسية وسلوكية، أبرزها الأرق والكوابيس والتبول اللاإرادي، نتيجة التعرض المباشر للقصف أو مشاهدة مشاهد الدمار وفقدان الأحباء بشكل متكرر.

وتوضح منظمة “أنقذوا الأطفال” أن الصدمات المتكررة دفعت الكثير من أطفال غزة إلى حالة من القلق الدائم، إذ تظهر لديهم أعراض انسحابية أو عدوانية، إلى جانب مشكلات صحية مثل الصداع وآلام الصدر المرتبطة بالتوتر المزمن. وتشير التقديرات إلى أن واحدا من كل 3 أطفال يعاني من اضطرابات نفسية حادة كالاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة، الأمر الذي يجعل الدعم النفسي ضرورة أساسية لمساعدتهم على تجاوز المحنة واستعادة الشعور بالأمان.

من شدة الجوع لا يجد الأطفال الأيتام سوى النوم للتخفيف من آلام غياب الطعام
من شدة الجوع لا يجد الأطفال الأيتام سوى النوم للتخفيف من آلام غياب الطعام (الجزيرة)

تهدئة القلق

يُعَدّ تعليم الأطفال تمارين التنفس العميق من أكثر الطرق فاعلية في تخفيف القلق لديهم، خصوصا تمارين التنفس البطني التي يمكن تقديمها في شكل لعبة ممتعة. فمثلا، يمكن تجربة “لعبة البالون” إذ يملأ الطفل رئتيه بهواء عميق ثم يخرجه ببطء وكأنه يُفرغ بالونا، ما يساعده على تهدئة توتره. كذلك، يُسهم الحفاظ على روتين يومي ثابت يشمل مواعيد منتظمة للطعام والنوم في إضفاء شعور بالاستقرار وسط الأجواء المربكة، ويعزز لديهم الإحساس بالأمان.

الصراحة بقدر مناسب حسب العمر

الصدق مع الأطفال يظل قاعدة أساسية، لكن من المهم أن يُقدَّم بطريقة تناسب أعمارهم وقدرتهم على الاستيعاب. فبدلا من إخفاء الحقائق أو مشاركة تفاصيل مخيفة قد تُربكهم، يمكن استخدام عبارات بسيطة تبعث الطمأنينة، مثل: “هناك صراع يحدث، لكننا سنفعل كل ما بوسعنا لنكون بخير”. وإذا استدعى الأمر الانتقال إلى مكان آخر، يمكن شرح ذلك ببساطة بقول: “سنأخذ بعض أغراضنا ونذهب إلى مكان أكثر أمانا”. مثل هذا الأسلوب يساعد الطفل على استيعاب الموقف تدريجيا من دون أن يسيطر عليه الخوف أو الذعر.

بدلا من إخفاء الحقائق أو مشاركة تفاصيل مخيفة قد تُربكهم، يمكن استخدام عبارات بسيطة تبعث الطمأنينة (فري بيك)

مواجهة الفقد بالتضامن الأسري

عند وفاة قريب أو فقدان صديق، لا ينصح بإخفاء الحقيقة عن الطفل لأن ذلك قد يهز ثقته بالكبار او يزيد من ارتباكه. الأفضل شرح الأمر ببساطة وصراحة، مع دعمه وتشجيعه على التعبير عن حزنه بالكلام أو المشاركة في طقوس الحداد. ووفقا لمنظمة أنقذوا الأطفال، فإن السماح للطفل بالتعبير عن حزنه يعزز تعافيه النفسي ويحافظ على شعوره بالتماسك الأسري.

تقليل التعرض الإعلامي المرهق

تشير جمعية علم النفس الأميركية إلى أن تكرار مشاهدة صور الدمار والموت يزيد من حدة القلق لدى الأطفال، لذلك من المهم الحد من تعرضهم للمشاهد العنيفة وحمايتهم من الصور المروعة. بدلا من ذلك، يمكن مشاركة قصص إيجابية عن التضامن الإنساني وجهود المساعدة، مثل المتطوعين الذين يدعمون المتضررين، أو الحديث عن مبادرات السلام بعبارات مبسطة تراعي استيعاب الطفل وتعزز شعوره بالأمان.

الاستماع ومراقبة السلوك

ينصح خبراء الصحة النفسية بالإنصات الجيد للأطفال ليس فقط من خلال كلماتهم، بل أيضا عبر مراقبة سلوكهم أثناء اللعب أو الرسم، إذ قد تعكس رسوماتهم أو ألعابهم مخاوف وصورا ذهنية مرتبطة بما يمرون به. إذا رسم الطفل مشاهد عنيفة أو أعاد تمثيل أحداث مؤلمة، فلا يجب منعه، بل استغلال ذلك لفهم مشاعره وطمأنته، فالجلوس معهم حتى في صمت يمنحهم شعورا بالدعم والأمان.

العودة إلى الروتين اليومي تمنح الأطفال إحساسا بالاستقرار والأمان في ظل الأجواء المليئة بالتوتر (فري بيك)

العودة إلى الروتين ومنح إحساس بالاستقرار

العودة إلى الروتين اليومي تمنح الأطفال إحساسا بالاستقرار والأمان في ظل الأجواء المليئة بالتوتر. فمآذارات بسيطة مثل قراءة قصة قبل النوم أو تخصيص وقت ثابت للعب تساعدهم على استعادة توازنهم النفسي. كما أن إتاحة خيارات صغيرة لهم، مثل اختيار القصة أو تحديد وقت اللعب، يعزز شعورهم بالسيطرة في وقت يفتقدون فيه التحكم بمعظم تفاصيل حياتهم، ويمنحهم قدرا من الطمأنينة والدعم.

إشراك الطفل في المساعدة

عندما يتاح للأطفال القيام بدور إيجابي كالمساعدة في ترتيب المكان أو المشاركة في الأعمال اليومية المناسبة لأعمارهم فإن ذلك يمنحهم شعورا بالقيمة والقدرة، ويخفف من الإحساس بالعجز. هذه المشاركة الفعالة تعزز التكيف الإيجابي وتقوي الشعور بالانتماء.

أهمية الدعم المجتمعي والرعاية المتخصصة

وجود شخص بالغ داعم وهادئ سواء كان أحد الوالدين أو المعلمين أو أحد الأقارب يعد عاملا مهما في حماية الأطفال من حدة الصدمة وتقليل استجابتهم للتوتر، إذ يشكل ما يعرف بعامل الحماية النفسي، كما أن التدخل المبكر في الساعات الأولى بعد التعرض للأحداث الصادمة يسهم في منع تفاقم الأعراض النفسية ويقلل من احتمالية الإصابة باضطرابات خطيرة مثل اضطراب ما بعد الصدمة، وهذا يمنح الطفل فرصة أفضل للتعافي واستعادة شعوره بالأمان.

إعلان