كيف تُستخدم المحاكاة في التدريب الطبي؟

كيف تُستخدم المحاكاة في التدريب الطبي؟

شهد التعليم الطبي قفزات هائلة خلال السنوات الماضية، كان من أهم ركائزها استخدام المحاكاة في التدريب الطبي، فما هذا العلم وما الذي يقدمه للأطباء والمتخصصين في الرعاية الصحية وللمرضى؟ وكيف يتم تطبيقه في الرعاية الصحية؟

هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على الدكتور عبد الله صبابحة رئيس قسم المحاكاة في سدرة للطب في قطر، والمستشار والخبير في المحاكاة والتعليم الطبي، والمدرب الإقليمي المعتمد في جمعية القلب الأميركية.

  • ماذا يعني علم المحاكاة؟

المحاكاة هي تمثيل للواقع واستشراف للمستقبل، وهي علم قديم استخدم في مجالات متعددة مثل مجالات الطيران وتعليم الطيران، وفي المجالات العسكرية مثل المناورات العسكرية التي تشكل جزءا من المحاكاة، أما دخول مصطلح المحاكاة في المجال الطبي والتعليم الطبي فهو حديث العهد، تقريبا قبل 40 سنة.

والهدف من إدخال هذا العلم الحديث في التعليم الطبي هو توفير البيئة الآمنة للكادر الطبي والمتدربين لمآذارة مهاراتهم السريرية وتطويرها، ويمكن استخدامه أيضا لغايات الأبحاث وتطوير البروتوكولات الطبية المختلفة، بما ينعكس على الرعاية الصحية للمريض والمتدرب في الوقت نفسه.

تقدم المحاكاة بيئة آمنة لطرفي المعادلة: المتدرب الذي قد يكون طالبا على مقاعد الدراسة في الجامعة أو عاملا في القطاع الصحي، والمريض، إذ تحسن المحاكاة من جودة الرعاية الطبية المقدمة، وتسهم في تقليل الأخطاء الطبية، وتزيد من كفاءة الرعاية الصحية، وهو ما ينعكس على الرعاية المقدمة للمريض.

  • ما أنواع المحاكاة؟

يمكن تقسيم المحاكاة بأكثر من طريقة، إذا أردنا تقسيمها من حيث الأدوات المستخدمة في المحاكاة، فيمكن تقسيمها إلى محاكاة باستخدام دمية كاملة الأعضاء (full body manikin) تحاكي وظائف الجسم بنسبة تزيد على 99%، الشيء الوحيد غير القادرة على عمله هو القيام عن السرير والمشي، عدا ذلك يمكنها محاكاة أي علامات حيوية لدى الإنسان مثل ضربات القلب وارتفاع الصدر عند التنفس، والدمية قادرة على الكلام والتفاعل مع مقدمي الرعاية الصحية، وحديثا تم استخدام الذكاء الصناعي لجعل الدمية قادرة على الإجابة عن أي سؤال من المتدرب.

إعلان

بعض الدمى قادرة على الاستجابة للأوامر مثل رفع اليد أو الإصبع، وهذه تمثل الدمى الأكثر تطورا والأعلى ثمنا، وتوجد دمى تمثل جزءا من الجسم، ولكنها أقل تطورا وتكون أقل سعرا.

الدمى المتطورة يزيد سعرها على 140 ألف دولار للدمية الواحدة، والسعر يعتمد على التطور التكنولوجي. بعض الروبوتات المستخدمة في العمليات الجراحية يزيد سعرها على مليون دولار، وهذه الكلف العالية تشكل أكبر التحديات التي تواجه العاملين في هذا المجال، إضافة لكلف التشغيل العالية والصيانة الدورية للدمى، كما توجد ندرة في اختصاصيي المحاكاة.

لا يشترط أن تتوفر أحدث التقنيات في المجال في كل مركز للمحاكاة، إذ يتم تحدد نوع الأداة المستخدمة في المحاكاة بما يتناسب مع الهدف المنشود منها.

إذا أردنا تصنيفها من حيث نوع المتدربين المنخرطين، فالنوع الأول هو المتدربون الموجودون على مقاعد الدراسة، وتم حديثا استخدام الواقع الافتراضي الذي يستخدم في الألعاب وغيره، فهذا النوع من المحاكاة يجذب انتباه هذا الجيل.

والنوع الثاني هو المآذارون الطبيون الذين يعملون في المستشفى ويكون التركيز هنا على تطوير البروتوكولات المتبعة في المستشفيات، مثل بروتوكولات التعامل مع الكوارث الطبيعية، حيث يتم عمل تمرين سنوي لتدريب الكوادر الطبية على التعامل مع هذه الحالات، وهذا نوع من استشراف المستقبل.

  • كيف تنعكس المحاكاة إيجابيا على المآذارة الطبية؟

تقدم المحاكاة بيئة آمنة للمتدرب من مقدمي الرعاية الصحية لتطوير مهاراته السريرية وتطوير بروتوكولات صحية، وذلك بعيدا عن الضغوط النفسية المتعلقة بسلامة المريض، ويحصل المتدرب بعد انتهاء المحاكاة على تغذية راجعة ونقاط يمكن تطويرها، ويمكن إعادة السيناريو حتى يصل المتدرب لأفضل أداء.

المحاكاة تساعد المريض على الحصول على أفضل رعاية صحية في أقل وقت ممكن من دون حدوث أخطاء أو مضاعفات، ومن ثم تزيد من رضا المريض ومرافقيه.

المنظومة الطبية بشكل عام تستفيد من المحاكاة، إذ تقل التكلفة العلاجية الناتجة عن الأخطاء الطبية والمضاعفات.

  • ما أبرز قصص النجاح التي تحققت عن طريق المحاكاة محليا ودوليا؟

إحدى قصص النجاح التي عشناها عام 2018 في مستشفى سدرة في قطر كانت عملية لفصل توأمين متلاصقين، هذه العملية كانت من أولى العمليات التي يتم إجراؤها في المنطقة.

قبل الولادة كان من المعروف أن إحدى الحوامل تحمل توأمين متلاصقين، وبدأ التحضير لعملية الولادة وكيف سيتم مع التعامل مع التوأمين. التحدي الأبرز تمثل في أن التوأمين كانا يشتركان في الكبد، في حين كانت باقي أعضائهم منفصلة.

تم إجراء 32 ساعة محاكاة بمشاركة 150 مقدم رعاية صحية من المعنين في هذه الحالات من أطباء تخدير وجراحة وأنسجة والمختبر وبنك الدم، وكانت النتائج الإيجابية لهذه المحاكاة من ضمن العوامل التي أثرت على نجاح العملية.

في كندا عام 2019 أُجريت دراسة على مجموعتين من جراحي الروبوتات، مجموعة تم تدريبها بالطرق التقليدية، والأخرى تم تدريبها باستخدام المحاكاة، وكانت النتيجة أن جراحي الروبوتات الذين تم تدريبهم بالمحاكاة كانوا قادرين على إنجاز العملية في وقت أقل بنسبة 30% من الفريق الذي تدرب بالطرق التقليدية، وقلت نسبة المضاعفات بعد العملية بما يزيد على 25%.

إعلان
  • كيف تنظر لمستقبل المحاكاة؟

التكنولوجيا صديقة للإنسان، وإذا استُخدمت بالطرق الصحيحة، فيمكن استخدامها لاستشراف المستقبل وتطوير الأدوية واللقاحات بما يقلل من عدد المتطوعين لتجريبها. والذكاء الاصطناعي وخوارزمياته قطعا سيحسن الرعاية الطبية وسيسهم في تطوير السياسات المتبعة في القطاع الطبي.

دراسة: المراهقات اللاتي يعانين دورة شهرية بألم قوي أكثر عرضة لألم مزمن بعد البلوغ

دراسة: المراهقات اللاتي يعانين دورة شهرية بألم قوي أكثر عرضة لألم مزمن بعد البلوغ

أظهرت دراسة جديدة أن المراهقات اللاتي يعانين من الدورة الشهرية ذات ألم قوي، قد يكن أكثر عرضة للإصابة بألم مزمن بعد البلوغ.

وأكد الباحثون أنه لا يجب “تجاهل آلام الدورة الشهرية أو التقليل من أهميتها”، إذ إنها مسألة “تستحق اهتماما بالغا” عندما يتعلق الأمر بالصحة العامة، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا)، اليوم الاثنين.

كما يأمل الخبراء في أن تمهد نتائج الدراسة الطريق، لفهم كيفية التعامل مع آلام الدورة الشهرية وآثارها طويلة المدى، بشكل أفضل.

وحلل باحثون من جامعة أكسفورد -في الدراسة التي تم نشرها في مجلة “لانسيت لصحة الطفل والمراهقين”- بيانات خاصة بـ1157 امرأة شاركت في “دراسة أفون الطولية للآباء والأطفال”، والمعروفة أيضا باسم “أطفال التسعينيات”.

وأفاد نحو 60% ممن شملتهن الدراسة، بمعانتهن من آلام متوسطة أو شديدة أثناء الدورة الشهرية في سن الـ15.

ووجد الباحثون أن النساء اللاتي عانين من آلام شديدة أثناء الدورة الشهرية في سن الـ15، كن أكثر عرضة بنسبة 76% للإصابة بألم مزمن، بالمقارنة مع نسبة 26% ممن لم يعانين من هذه الآلام. في حين كانت النسبة بين الفتيات اللاتي عانين من ألم متوسط 65%.

الكوابح البروتينية مفتاح لحل معضلة التصلب المتعدد

الكوابح البروتينية مفتاح لحل معضلة التصلب المتعدد

اكتشف فريق من العلماء كابحا يتحكم في وقت نضوج خلايا عصبية مهمة في تكوّن الغلاف الذي يغطي الأعصاب، وحددت الدراسة إطارا جديدا لكيفية تحكّم الخلايا في وقت نضوجها.

ويقدم هذا الاكتشاف نهجا محتملا في الطب التجديدي لإصلاح الضرر الذي يسببه مرض التصلب اللويحي (التصلب المتعدد) وأمراض مماثلة تصيب الجهاز العصبي.

وتُظهر النتائج أن هذا الكابح يبقى يعمل لفترة طويلة جدا في التصلب اللويحي، مما يجعل الخلايا غير قادرة على إصلاح الضرر الذي يسببه المرض.

وأجرى الدراسة باحثون من معهد علوم الخلايا الدبقية في كلية الطب بجامعة “كيس ويسترن ريزيرف” بالولايات المتحدة، ونشرت نتائجها في مجلة سيل (Cell) في 25 آب/آب الماضي، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.

ويصنف مرض التصلب اللويحي ضمن أمراض المناعة الذاتية، ويبدأ المرض بحدوث خلل ما في الجهاز المناعي الذي يهاجم عن طريق الخطأ جزءا سليما من الجسم.

وفي مرض التصلب اللويحي يهاجم الجهاز المناعي الطبقة التي تحيط وتحمي الأعصاب التي تسمى “غمد المايلين” (Myelin Sheath).

وقال بول تيسار الباحث المشارك في الدراسة ومدير معهد علوم الخلايا الدبقية وأستاذ العلاجات المبتكرة في كلية الطب بجامعة “كيس ويسترن ريزيرف” إن “تلف الميالين يسبب الإعاقة في مرض التصلب العصبي المتعدد، والخلايا الوحيدة القادرة على إصلاحه هي الخلايا الدبقية المعروفة باسم الخلايا قليلة التغصن”.

وأضاف “من خلال تحديد المكبح الجزيئي الذي يتحكم في نضج الخلايا قليلة التغصن نكشف عن مسار واضح لإطلاق برنامج إصلاح الدماغ”.

كيف يتكون الميالين؟

ويعمل الفريق الآن على فهم سبب تفاقم حالة عدم النضج هذه الخلايا في أدمغة مرضى التصلب العصبي المتعدد، وما إذا كان هذا الإطار نفسه يعمل في أنواع خلايا أخرى أو يسهم في توقف الإصلاح في أمراض أخرى.

وقال تيسار “التصلب العصبي المتعدد مرض يزداد سوءا بمرور الوقت، ولا يزال المرضى يفتقرون إلى العلاجات التي تعيد الميالين الذي فقدوه، نعتقد أن هذه الرؤى الجديدة ستسهم في تحقيق وعود العلاجات التجديدية التي يحتاجها مرضى التصلب العصبي المتعدد بشدة”.

إعلان

وركزت الدراسة على الخلايا قليلة التغصن التي تغلف الخلايا العصبية بأغلفة الميالين الواقية التي تُفقد في مرض التصلب العصبي المتعدد.

وتنتمي الخلايا قليلة التغصن إلى فئة من الخلايا تُعرف باسم الخلايا الدبقية، والتي تشكل أكثر من نصف خلايا الجهاز العصبي.

ولفهم كيفية اكتساب الخلايا قليلة التغصن قدرتها على تكوين الميالين في الخلايا العصبية تتبّع العلماء آلاف التغيرات الجزيئية أثناء تطور الخلايا غير الناضجة إلى خلايا قليلة التغصن ناضجة مكونة للميالين، وبرز بروتين واحد يسمى “إس أو إكس 6” (SOX6).

ووجد الفريق أن “إس أو إكس 6” يعمل بمثابة كابح، حيث يوقف الخلايا في حالتها غير الناضجة من خلال ظاهرة تعرف باسم “ذوبان الجينات”.

ويعد هذا الكابح ضروريا لنمو الدماغ السليم، لأنه يمنع تكوين الميالين المبكر ويضمن نضج الخلايا قليلة التغصن في المكان والزمان المناسبين، ولكن في مرض التصلب العصبي المتعدد يبدو أن آلية التوقيت الوقائية هذه تتوقف.

خلايا عالقة

من جهته، قال كيفن ألان المؤلف المشارك في الدراسة من كلية الطب بجامعة “كيس ويسترن ريزيرف” إننا “فوجئنا باكتشاف قدرة بروتين “إس أو إكس 6″ على التحكم بدقة في نضج الخلايا قليلة التغصن”.

وأضاف “هذا يقدم لنا تفسيرا محتملا لعدم قدرة هذه الخلايا غالبا على إعادة تكوين الميالين الخلايا العصبية التالفة في أمراض مثل التصلب المتعدد”.

وعندما فحص الباحثون بيانات أنسجة الدماغ لدى مرضى التصلب المتعدد لاحظوا عددا كبيرا بشكل غير معتاد من الخلايا العالقة في حالة عدم النضج المرتبطة ببروتين “إس أو إكس 6″، ولكن يبدو أن هذا النضج المتوقف خاص بالتصلب المتعدد، ولم يُعثر على أي دليل على ذلك في عينات من مرضى ألزهايمر وباركنسون.

ولاختبار ما إذا كان تحرير المكابح يمكن أن يسرّع النمو استخدم الفريق دواء جزيئيا مستهدفا يسمى “قليل النوكليوتيد المضاد للاتجاه” (Antisense Oligonucleotide) لتقليل بروتين “إس أو إكس 6” في نماذج الفئران، ونضجت الخلايا المعالجة في غضون أيام وبدأت في تكوين الميالين للخلايا العصبية المجاورة.

وقال جيسي زان المؤلف المشارك في الدراسة من كلية الطب بجامعة “كيس ويسترن ريزيرف” إن “نتائجنا تشير إلى أن الخلايا قليلة التغصن في التصلب المتعدد لا تعاني من خلل دائم، بل قد تتوقف ببساطة”.

وأضاف “والأهم من ذلك، أننا نُظهر أنه من الممكن تحرير هذه الخلايا من قيودها لاستئناف وظائفها الحيوية في الدماغ”.

أطفال القمر.. المرض الوراثي الذي يجعل الشمس عدوًا قاتلًا

أطفال القمر.. المرض الوراثي الذي يجعل الشمس عدوًا قاتلًا

قد يتحول ضوء الشمس، الذي يُعد مصدرًا للحياة وللفيتامين “د”، إلى خطر قاتل لدى المصابين بمرض “أطفال القمر”، وهو اضطراب وراثي نادر يعرّضهم لمخاطر جسيمة مثل تلف الجلد والعين، ويهدد حياتهم عند التعرض المباشر للأشعة فوق البنفسجية.

ويُعرف مرض “أطفال القمر” بجفاف الجلد المصطبغ (Xeroderma pigmentosum)، وهو اضطراب وراثي نادر يُسبب حساسية مفرطة تجاه الأشعة فوق البنفسجية، وتظهر أعراضه عادةً في المناطق المعرضة للشمس بانتظام، مثل الوجه والذراعين والشفاه.

غالبًا ما تبدأ العلامات في مرحلة الطفولة المبكرة، حيث قد يُصاب الطفل بحروق شمسية مؤلمة ومليئة بالبثور بعد دقائق قليلة فقط من التعرض لأشعة الشمس.

ما هو مرض “أطفال القمر”؟

يُصنّف هذا المرض ضمن الأمراض الجلدية الوراثية (Genodermatoses)، وينتج عن طفرات تؤثر في آلية إصلاح الحمض النووي عبر الاستئصال النووي (Nucleotide excision repair)، وفق “المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية“.

وتتميّز الحالة بحساسية شديدة تجاه أشعة الشمس، وتغيرات في تصبغ الجلد، وتطور أورام خبيثة جلدية، وأحيانًا تدهور عصبي تدريجي.

يُعد “جفاف الجلد المصطبغ” مرضًا نادرًا للغاية، إذ يُقدّر أن نسبة الإصابة في الولايات المتحدة وأوروبا هي حالة واحدة لكل مليون شخص. لكن المرض أكثر شيوعًا في مناطق أخرى من العالم، حيث يُصيب نحو 1 من كل 22,000 شخص في اليابان، كما ينتشر بشكل أكبر في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

مرض "أطفال القمر" وهو اضطراب وراثي نادر

مرض “أطفال القمر” وهو اضطراب وراثي نادر – غيتي

لمحة تاريخية

أول من وصف المرض كان طبيب الأمراض الجلدية موريتس كابوزي عام 1874، حين لاحظ حالات لمرضى يعانون من جفاف الجلد، وتغيرات صبغية، وظهور أورام جلدية متعددة في سن مبكرة.

وخلال العقود التالية، أثبتت الدراسات الدور الجوهري للحساسية المفرطة تجاه الأشعة فوق البنفسجية في فهم آلية المرض. وفي ستينيات القرن الماضي، أجرى الدكتور جيمس كليفر دراسات على خلايا مأخوذة من مرضى جفاف الجلد المصطبغ، فاكتشف أن هذه الخلايا تعجز عن إصلاح الحمض النووي بعد التعرض للأشعة فوق البنفسجية.

الأعراض المبكرة والمضاعفات الخطيرة

أظهرت الدراسات أن المرضى الذين يعانون أعراضًا عصبية لديهم قدرة أقل على إصلاح الحمض النووي مقارنةً بغيرهم، وهو ما يفسّر شدة حالتهم. وساهمت هذه الأبحاث في تعميق الفهم حول العلاقة بين التعرض للأشعة فوق البنفسجية، تلف الحمض النووي وآلية إصلاحه، وتطوّر الأورام الخبيثة.

تؤثر الحالة بشكل رئيسي على العينين ومناطق الجلد المعرضة للشمس، وترتبط بزيادة هائلة في خطر الإصابة بسرطانات الجلد الناتجة عن الأشعة فوق البنفسجية. وغالبًا ما يعاني المصابون من علامات الشيخوخة المبكرة، وقد تظهر لديهم أيضًا مشكلات في الجهاز العصبي.

تبدأ الأعراض في مرحلة الطفولة المبكرة، بل وأحيانًا منذ الرضاعة. ويُصاب نحو نصف الأطفال المصابين بحروق شمسية شديدة بعد بضع دقائق فقط من التعرض للشمس، إذ تسبب هذه الحروق احمرارًا وتكوّن فقاعات تستمر لأسابيع. وبحلول عمر السنتين، يظهر لدى معظمهم نمط غير معتاد من النمش على الوجه والذراعين والشفاه.

ويؤدي التعرض المستمر للشمس إلى جفاف الجلد (Xeroderma) وتغير لونه (تصبغات)، وهي السمات التي اشتُق منها اسم المرض. ويُقدَّر أن خطر الإصابة بسرطان الجلد غير الميلانومي يرتفع لدى هؤلاء المرضى بمعدل 10,000 مرة، بينما يزيد خطر الميلانوما بحوالي 2,000 مرة مقارنةً بالأشخاص غير المصابين.

يعرف مرض "أطفال القمر" بجفاف الجلد المصطبغ

يعرف مرض “أطفال القمر” بجفاف الجلد المصطبغ – غيتي

تأثيرات المرض على العيون والجهاز العصبي

قد يكون مرضى “أطفال القمر” أكثر عرضة لبعض أنواع السرطانات الداخلية مثل أورام الدماغ، وسرطان الغدة الدرقية، وسرطانات الدم. كما أن التدخين يرفع بشكل هائل خطر الإصابة بسرطان الرئة.

أما على صعيد العين، فغالبًا ما يعاني المصابون من “رهاب الضوء” (Photophobia)، حيث تصبح العيون شديدة الحساسية للأشعة فوق البنفسجية. وإذا لم تُحمَ العينان بشكل كافٍ، فقد تصاب القرنية بالعتمة، وقد تتساقط الرموش وتصبح الجفون رقيقة أو مائلة بشكل غير طبيعي، ما يزيد من خطر الإصابة بسرطان سطح العين وأورام أخرى غير سرطانية.

عيون المصابين بهذا المرض قد تكون شديدة الحساسية تجاه الأشعة فوق البنفسجية

عيون المصابين بهذا المرض قد تكون شديدة الحساسية تجاه الأشعة فوق البنفسجية – غيتي

نحو 30% من المصابين يعانون أيضًا من اضطرابات عصبية تقدمية، مثل فقدان السمع، وضعف التوازن الحركي، وصعوبات في المشي والكلام والبلع، إضافةً إلى نوبات صرع وتراجع في القدرات الإدراكية. هذه الأعراض تميل إلى التفاقم مع مرور الوقت. كما قد تواجه النساء المصابات انقطاع الطمث المبكر.

الأنواع الوراثية لمرض جفاف الجلد المصطبغ

حدّد الباحثون ما لا يقل عن ثمانية أنواع وراثية من جفاف الجلد المصطبغ: من المجموعة التكميلية A (XP-A) إلى المجموعة التكميلية G (XP-G)، بالإضافة إلى نوع متحوّر يُعرف بـ XP-V.

تختلف هذه الأنواع بحسب السبب الجيني، وجميعها تزيد من خطر الإصابة بسرطان الجلد، فيما يرتبط بعضها أكثر بالاضطرابات العصبية، حسب موقع “موقع MedlinePlus“.

العلاج وإدارة المرض

لا يوجد علاج شافٍ للمرض، لكن يمكن التخفيف من أعراضه عبر خيارات متعددة، منها:

  • قطرات العين: مرطبة لتقليل الالتهاب في القرنية.

  • أجهزة السمع: لمواجهة فقدان السمع، مع إمكانية زراعة القوقعة.

  • الجراحة: لإزالة سرطانات الجلد أو لعلاج مشاكل في العين مثل تدلي الجفن أو تلف القرنية، وقد تصل إلى زرع قرنية.

  • مكملات فيتامين د: لتعويض نقص الفيتامين بسبب تجنب التعرض للشمس.

التعايش مع المرض: خطوات وقائية أساسية

إذا كنت مصابًا بجفاف الجلد المصطبغ فستحتاج إلى اتخاذ عدة خطوات للحفاظ على صحتك العامة، ومنها:

الحماية من الشمس

تُعد حماية الجلد من الأشعة فوق البنفسجية الخطوة الأهم في إدارة المرض. ارتدِ ملابس واقية من الشمس مثل الأكمام الطويلة، والسراويل، والقفازات، والقبعات.

كما يُوصى باستخدام نظارات شمسية تحجب الأشعة فوق البنفسجية، ووضع واقي شمس واسع الطيف بمعامل حماية SPF 35 أو أكثر يوميًا.

ويوصي الخبراء أيضًا باستخدام جهاز قياس الأشعة فوق البنفسجية لتحديد وتجنب المناطق ذات التعرض العالي للأشعة.

فحوصات العين

يجب زيارة طبيب العيون مرة واحدة على الأقل سنويًا، أو حسب توجيهات الطبيب، لفحص أي تغيرات قد تؤثر على الرؤية مثل تدلي الجفن أو نموات على العين.

فحوصات الجلد

يجب زيارة طبيب الجلدية كل 6 إلى 12 شهرًا، أو حسب الحاجة، لفحص علامات السرطان أو النموات ما قبل السرطانية.

وبين زيارات الطبيب، يُنصح بفحص الجلد ذاتيًا مرة واحدة شهريًا، وإذا ظهرت أي آفات جديدة أو تغيرات، يجب مراجعة الطبيب فورًا.

الرعاية العصبية

يجب إجراء فحوصات منتظمة لدى طبيب الأعصاب لفحص المنعكسات والسمع. وإذا ظهرت أي تغيرات، يمكن للطبيب اقتراح خيارات علاجية لإبطاء أو إيقاف تطور الحالة.

يُجسّد مرض “أطفال القمر” واحدًا من أكثر الاضطرابات الوراثية قسوةً، حيث يتحول عنصر أساسي للحياة مثل ضوء الشمس إلى تهديد مباشر للبقاء. ورغم غياب العلاج الشافي حتى الآن، فإن التطور المستمر في أبحاث الوراثة والجينات يمنح الأمل بإيجاد حلول أكثر فاعلية في المستقبل، سواء عبر تحسين آليات إصلاح الحمض النووي أو تطوير علاجات تستهدف الخلل الجيني مباشرة. وحتى ذلك الحين، يبقى الالتزام الصارم بالإجراءات الوقائية والمتابعة الطبية الدقيقة الركيزة الأساسية لحماية المصابين وضمان أفضل جودة ممكنة لحياتهم.
اضطراب أنماط النوم لدى مرضى قصور القلب يضاعف خطر الانتكاسات

اضطراب أنماط النوم لدى مرضى قصور القلب يضاعف خطر الانتكاسات

كشفت دراسة أميركية جديدة أن اضطراب أنماط النوم لدى مرضى قصور القلب قد يضاعف من خطر تعرضهم لانتكاسات صحية خطيرة خلال فترة لا تتجاوز 6 أشهر، حتى بعد الأخذ في الاعتبار اضطرابات النوم الأخرى والحالات الصحية المصاحبة.

وأوضح فريق البحث من جامعة ولاية أوريغون أن تحسين انتظام مواعيد النوم قد يشكل وسيلة بسيطة وفعالة لتعزيز فرص التعافي والبقاء على قيد الحياة، داعين المرضى إلى الاهتمام بالذهاب إلى النوم والاستيقاظ في أوقات ثابتة يوميا.

ووفقا لما أورده موقع “ساينس دايلي”، وجد الباحثون أن النوم غير المنتظم يزيد احتمالات التعرض لمضاعفات مثل الحاجة إلى دخول المستشفى، أو زيارة قسم الطوارئ، أو حتى الوفاة.

وأوضحت الباحثة الرئيسية بروك شيفر أن الالتزام بروتين ثابت للنوم والاستيقاظ لا يقتصر على تحسين الصحة العامة فحسب، بل قد يكون له أثر بالغ الأهمية لدى المصابين بقصور القلب.

وبعد متابعة 32 مريضا بقصور القلب في أحد المستشفيات الجامعية، خلص الفريق إلى أن انتظام النوم يمكن أن يكون نهجا علاجيا منخفض التكلفة يخفف من المضاعفات.

وأضافت شيفر أن التباين في أوقات النوم قد يربك الآليات المسؤولة عن تنظيم الجهاز القلبي الوعائي، ما يفاقم المخاطر الصحية لدى هذه الفئة من المرضى.