صحف: ترامب نسف ما بناه أسلافه مع الهند ودفعها لحضن الصين وروسيا

صحف: ترامب نسف ما بناه أسلافه مع الهند ودفعها لحضن الصين وروسيا

أكدت صحف غربية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أهان الهند وأغضبها مما دعاها إلى إعادة النظر في علاقتها ببلاده، والبحث عن مسارها الخاص وشركائها، الذين قد تجدهم في الصين وروسيا.

ورأت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن ترامب بدد ما استثمره أسلافه في بناء علاقات مع الهند، وقالت بلومبيرغ إن الهند بدأت تعزز علاقاتها مع الصين وروسيا متحدية واشنطن.

في حين نبهت لوموند الفرنسية إلى عودة مناخ السلام والاستقرار بين الهند والصين، ورأت لوفيغارو في زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للصين تقاربا مؤقتا بين البلدين، بينما اعتبرت إيكونوميست أن العواقب ستكون وخيمة على واشنطن، وخلصت تايمز إلى أن نهج ترامب العدواني في التعامل سيؤدي إلى نتائج عكسية.

وقالت نيويورك تايمز إن الرؤساء الأميركيين المتعاقبين استثمروا على مدى 3 عقود، رأس مال دبلوماسيا هائلا لبناء صداقة مع الهند، فوصف بيل كلينتون الديمقراطيتين بأنهما “حليفان طبيعيان”، ووصفهما جورج بوش الابن بأنهما “أخوان في قضية الحرية الإنسانية”، وقال باراك أوباما وجو بايدن إن العلاقة بينهما واحدة من أهم الاتفاقيات العالمية لهذا القرن.

In this handout picture taken and released by Photo host brics-russia2024.ru on تشرين الأول 22, 2024, Chinese President Xi Jinping, Russia's President Vladimir Putin and Indian Prime Minister Narendra Modi attend a concert prior to an informal dinner on the sidelines of the BRICS summit in Kazan. (Photo by Alexander Kryazhev / Photo host brics-russia2024.ru / AFP) / RESTRICTED TO EDITORIAL USE - MANDATORY CREDIT "AFP PHOTO / Photo host brics-russia2024.ru / Alexander Kryazhev" - NO MARKETING NO ADVERTISING CAMPAIGNS - DISTRIBUTED AS A SERVICE TO CLIENTS
لقاء مودي (يمين) مع بوتين (وسط) وشي جين بينغ يعزز العلاقات بين البلدان الثلاثة في تحد للولايات المتحدة (الفرنسية)

واعتبرت واشنطن الهند سوقا ناشئة ضخمة، وثقلا موازنا محتملا للصين، وشريكا رئيسيا في الحفاظ على أمن منطقة المحيطين الهندي والهادي، وقوة صاعدة من شأنها أن تعزز نظاما دوليا قائما على القواعد، وكذلك تخلت الهند عن شكوكها تجاه واشنطن، واقتربت منها بثبات، كما تقول الصحيفة الأميركية.

سلام واستقرار

لكنّ ترامب الذي ادعى لنفسه الفضل في إنهاء الحرب بين الهند وباكستان -تتابع نيويورك تايمز- أثار غضب مودي الذي تفاخر بقربه منه ذات مرة، وأهانه، كما قرّب قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير، وفرض رسوما جمركية عقابية بنسبة 50% على الواردات الهندية إلى الولايات المتحدة.

إعلان

وخلصت الصحيفة إلى أن الهند بدا أنها خُدعت بوهم أنها محمية بشكل فريد بفضل الرابطة الخاصة المزعومة بين ترامب ومودي، وقالت إنهما أخضعا العلاقات الخارجية لبلديهما لشخصيتيهما.

وتحدثت بلومبيرغ الأميركية عن لقاءات مودي بالرئيس الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين وعن مكالمته مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في إطار بحثه عن مساره الخاص وحلفاء جدد، ورأت في تعزيزه علاقاته مع الصين وروسيا تحديا للولايات المتحدة ولترامب خاصة.

الاجتماع بين مودي وشي استمر ساعة بدا بعدها مودي متفائلا للغاية، وصرح قائلا إن تعاوننا يخدم مصالح 2.8 مليار نسمة في بلدينا، كما أنه سيمهد الطريق لرفاهية البشرية جمعاء

بواسطة لوموند

وذكّرت بلومبيرغ بأن اللقاء مع الرئيس الصيني أدى إلى إعادة ضبط العلاقات، ونقاش قضايا الحدود، واستئناف الرحلات الجوية المباشرة، وتعزيز التجارة بين الجارين اللدودين.

وقال بيتر نافارو، وهو أحد مساعدي ترامب، إن الهند تستغل الحرب بشرائها النفط الروسي بأسعار مخفضة لتبيعه إلى أوروبا، وجدد انتقاداته لها قائلا إن “الهند ليست سوى مغسلة ملابس للكرملين”، ومع ذلك قال إن “مودي قائد عظيم، لا أفهم لماذا يقيم علاقات مع بوتين وشي جين بينغ، وهو أكبر ديمقراطية في العالم”.

ومن جانبها علقت صحيفة لوموند الفرنسية بأن قمة منظمة شنغهاي للتعاون في الصين أبرزت العلاقات المتنامية بين الهند والصين بعد إهانة ترامب لنيودلهي، وأعطت مودي فرصة التقرب من بكين على الرغم من كونها خصمه وعدوه.

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن الاجتماع بين مودي وشي جين بينغ استمر ساعة، وبعدها بدا مودي متفائلا للغاية، مشيرا إلى “عودة مناخ السلام والاستقرار بعد فك الارتباط على الحدود”، ودعا إلى تكثيف العلاقات، وصرح قائلا “إن تعاوننا يخدم مصالح 2.8 مليار نسمة في بلدينا، كما أنه سيمهد الطريق لرفاهية البشرية جمعاء”.

خلاف شخصي

أما لوفيغارو، فرأت -خلافا لزميلاتها- أن زيارة رئيس الوزراء الهندي لأول مرة منذ 7 سنوات للصين، تؤكد تحسنا مؤقتا في العلاقات بين البلدين، وربطت ذلك بتصعيد واشنطن للضغط على نيودلهي.

ورأت الصحيفة الفرنسية أن هذه الدعوة المتأخرة تُخفي ضمنيا حدود حملة الصين الترويجية، وقالت إنها مجرد حل مؤقت بعد رفض الرئيس الكوري الجنوبي الجديد لي جاي ميونغ، السفر إلى ميدان تيانانمن، وسط مفاوضات مع واشنطن.

أما إيكونوميست، فعلقت بأن هذه الزيارة تعد مثالا صارخا على تحسن العلاقات بين الهند والصين التي دخلت في حالة جمود عميق عام 2020 عقب اشتباك حدودي، ورأت أن مودي سيركز أيضا على الخلاف بين بلاده وأميركا وكيفية رد الهند عليه.

https://x.com/pppoqjsksanbkpo/status/1961791774709727525/photo/1
الخلاف بين مودي (يسار) وترامب كلف البلدين غاليا على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي بحسب صحف دولية (رويترز)

ومن ناحيتها اهتمت صحيفة تايمز البريطانية، بسبب الخلاف بين مودي وترامب، وقالت إن نهج ترامب العدواني في التعامل مع الجغرافيا السياسية أدى إلى نتائج عكسية، حيث رفض ناريندرا مودي الرد على مكالماته الهاتفية، وهو ما نفاه مسؤولون أميركيون.

إعلان

وردت الصحيفة الخلاف بين القائدين إلى ما قاله ترامب، وقالت إن الخلاف بدأ مع ادعائه التوسط في تسوية نزاع حدودي بين الهند وباكستان في أيار/أيار، واتسع نطاقه مع فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية تعد الأعلى على الهند، إلى جانب البرازيل.

ويعود سبب الخلاف -حسب تايمز- إلى أمر شخصي بعد أن ظن ترامب خطأ، أن مودي سينضم إلى باكستان في ترشيحه لجائزة نوبل للسلام، في حين أتت مكالمته الهاتفية مع مودي في 17 حزيران/تموز بنتائج عكسية، عندما شعر رئيس الوزراء الهندي بأنه يضغط عليه لإعلان ترامب صانع سلام، كما قالت صحيفة نيويورك تايمز.

وفي الوقت الذي كلّف فيه قرار ترامب كلا البلدين غاليا من حيث رسوم الاستيراد والتصدير والعلاقات الجيوسياسية، يشيد مودي “بالزخم الإيجابي” في العلاقات مع الصين، دون أن يتراجع عن موقفه من روسيا برغم الرسوم الجمركية العقابية التي فرضها ترامب، كما قالت الصحيفة البريطانية.

انتخابات فرعية في غانا تختبر وعود ماهاما وقوة المعارضة

انتخابات فرعية في غانا تختبر وعود ماهاما وقوة المعارضة

تتجه الأنظار في غانا إلى مدينة أكواتيا -الواقعة في قلب حزام الألماس- حيث تُجرى غدا الثاني من أيلول/أيلول انتخابات فرعية حاسمة تُعد اختبارا مبكرا لسياسات الرئيس جون ماهاما، ومقياسا حاسما لقدرة حزب المعارضة الرئيسي “الحزب الوطني الجديد” على الحفاظ على ما تبقى من نفوذه البرلماني.

تأتي هذه الانتخابات بعد 7 أشهر فقط من عودة ماهاما إلى السلطة إثر فوزه على الحزب الوطني الجديد في انتخابات كانون الأول/كانون الأول 2024، وفقا لتقرير نشره موقع أفريكا ريبورت.

معركة رمزية في معقل متقلب

تُعرف أكواتيا، التي تبعد نحو 105 كيلومترات عن العاصمة أكرا، تاريخيا بأنها “مدينة الألماس”، غير أن تراجع القطاع دفع السكان إلى الاعتماد على الزراعة والتعدين اليدوي للذهب.

ويعكس هذا التحول الاقتصادي بدقة تقلبات المزاج السياسي في المنطقة، التي تتأرجح بين الحزب الوطني الجديد وحزب المؤتمر الوطني الديمقراطي منذ عام 1992.

ورغم أن المدينة تقع ضمن منطقة نفوذ الحزب الوطني الجديد، فإنها لم تُظهر ولاء ثابتا لأي طرف.

ففي انتخابات 2024، فاز النائب الراحل إرنست كومي عن الحزب الوطني الجديد بفارق ضئيل تجاوز ألفي صوت فقط، مما يجعل المقعد اليوم ساحة مواجهة بين أبرز خصمين سياسيين في البلاد.

ويقول الدكتور جوناثان أسانتي أوتشيري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كيب كوست، لموقع أفريكا ريبورت إن “الناس يميلون إلى حيث توجد السلطة، ومن المرجح أن يصوّت سكان أكواتيا لحزب المؤتمر الوطني الديمقراطي هذه المرة، بالنظر إلى تحسن الوضع الاقتصادي وتراجع تكاليف المعيشة”.

اختبار اقتصادي وسياسي

تُجرى الانتخابات في ظل مؤشرات على تعاف اقتصادي نسبي، إذ انخفض معدل التضخم من أكثر من 45% في عهد الرئيس السابق نانا أكوفو-أدو إلى نحو 12%، كما بدأت أسعار المواد الغذائية بالاستقرار، وفقا لما أوردته الحكومة التي تعتبر ذلك دليلا على نجاح خطتها للإنقاذ الاقتصادي.

إعلان

وفي هذا السياق، صرّح جونسون أسييدو نكيتياه، رئيس حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي، بأن “سكان أكواتيا سيصوتون من أجل الاستمرار والتقدم”، مؤكدا أن الحزب لن يتدخل في عمل الشرطة، وأنه يثق بالمؤسسات لحماية العملية الانتخابية.

في المقابل، يرى الحزب الوطني الجديد أن هذه الانتخابات تمثل معركة للدفاع عن الديمقراطية، محذرا من “مخططات تخريبية” يتهم بها خصومه.

وقال ريتشارد أهياغباه، مدير الاتصالات في الحزب، إن لديهم معلومات استخباراتية تفيد بأن حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي يدرب “بلطجية” متنكرين في زي عناصر أمنية بهدف التأثير على نتائج التصويت.

هواجس أمنية وتاريخ من العنف

أكواتيا ليست غريبة عن التوترات السياسية، فقد شهدت انتخابات عام 2008 أعمال عنف دفعت القوات الأمنية إلى التدخل.

كما أن أحداثا دامية وقعت مؤخرا في انتخابات فرعية بأحياء أخرى من أكرا، مثل أبلكما نورث وأيواسو ويست ووغون، مما يزيد من المخاوف قبيل يوم الاقتراع.

ولتفادي أي تصعيد، أعلن قائد الشرطة الوطنية كريستيان تيتي يوهونو نشر 5 آلاف عنصر أمن في المدينة.

كما دعا “المجلس الوطني للسلام” إلى ضبط النفس، إذ قال الشيخ أرمياوو شعيب إن “الانتخابات ليست حروبا، ويجب ألا تتحول أكواتيا إلى ساحة معركة”.

رهانات برلمانية ثقيلة

تركت وفاة النائب كومي الحزب الوطني الجديد بـ87 مقعدا فقط في البرلمان المؤلف من 275 عضوا، مقابل 137 لحزب المؤتمر الوطني الديمقراطي، في حين تتوزع المقاعد المتبقية على المستقلين.

لذا، فإن خسارة أكواتيا ستُعمّق من مأزق الحزب الوطني الجديد، وتُضعف قدرته على مواجهة مشاريع القوانين الحكومية.

ويؤكد الباحث السياسي في جامعة غانا، جوشوا جيبنتي زاتو، أن “المعركة في أكواتيا رمزية وإستراتيجية، وقد يعوّل الحزب الوطني الجديد على تعاطف الناخبين، لكن خسارته ستُعد مؤشرا واضحا على تغيّر المزاج العام لمصلحة حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي”.

أما بالنسبة لحكومة ماهاما، فإن الفوز بالمقعد سيُعزز سردية التعافي الاقتصادي ويمنحها دفعة سياسية قوية في بداية ولايتها.

أما الخسارة، فستُظهر أن الشكوك لا تزال قائمة في مناطق تُعد تقليديا غير موالية للحزب الحاكم.

ومع وجود أكثر من 52 ألف ناخب مسجل موزعين على 119 مركز اقتراع، فإن الانتخابات في أكواتيا ستكون تحت المجهر، ليس فقط سياسيا، بل أيضا اقتصاديا، في مدينة كانت يوما ما جوهرة صناعة الألماس في غانا، قبل أن تتحول إلى رمز للبطالة والانكماش الاقتصادي.

إعلام إسرائيلي: خلافات الساسة والعسكر تهدد إستراتيجية الحرب في غزة

إعلام إسرائيلي: خلافات الساسة والعسكر تهدد إستراتيجية الحرب في غزة

استعرضت وسائل إعلام إسرائيلية التوترات المتصاعدة بين القيادة السياسية والعسكرية حول إستراتيجية الحرب في قطاع غزة، في ظل تزايد الخلافات حول جدوى احتلال المدينة ومستقبل العمليات العسكرية.

تتسع الهوة بين موقف الجيش والحكومة وتعليمات المجلس الأمني المصغر، حسبما أفاد محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل.

ولم تصل هذه الفجوة بعد إلى مستوى الصدام الكبير، إذ لم تشهد المؤسسة العسكرية استقالات بسبب رفض العمليات الحالية، لكنها تعكس عمق الخلافات الإستراتيجية حول مسار الحرب.

وبينما تتزايد التحذيرات العسكرية من مخاطر التوسع في العمليات البرية داخل غزة، تصر القيادة السياسية على المضي قدما في خططها التوسعية، ويوضح هارئيل أن هذا التباين في الرؤى يخلق توترا مؤسسيا قد يؤثر على فعالية القرارات العسكرية والسياسية.

في هذا السياق، تبنى جناح حكومي خيارات عسكرية وسياسية أكثر تطرفا، حيث طرح وزير النقب والجليل والمناعة القومية إسحاق فاسرلاوف رؤية متشددة أمام الحكومة والمجلس الأمني المصغر.

وتتمثل هذه الإستراتيجية المزدوجة في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية دون إعادتها، إلى جانب التهجير الجماعي للغزيين خارج القطاع نهائيا.

ويتماشى هذا الموقف المتشدد مع توجهات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير داخل المجلس المصغر، مما يعمق الخلاف مع المؤسسة العسكرية التي تفضل نهجا أكثر براغماتية.

ورغم كل هذه الانتقادات والتحديات، تكشف إستراتيجية التدمير المرحلي التي تبنتها الحكومة منذ بداية الحرب عن أهداف بعيدة المدى، حسبما يوضح وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت.

إذ كان الهدف المعلن تحويل الصخور إلى حجارة، والحجارة إلى حصى، وصولا إلى تحويل كل شيء إلى رمال.

الجدول الزمني

غير أن غالانت نفسه حذر من طول الجدول الزمني لهذه الإستراتيجية، مستشهدا بتجربة مشابهة في الضفة الغربية حيث تواصل إسرائيل محاربة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ 1987 دون تحقيق حسم نهائي.

إعلان

ولذلك، يتوقع غالانت استمرار القتال في غزة لفترة طويلة، مؤكدا ضرورة استعادة الأسرى كأولوية قصوى.

إلى جانب الخلافات الإستراتيجية، تطرح الأزمة السياسية الداخلية تساؤلات جوهرية حول الشرعية الديمقراطية للقرارات الحربية، حسبما يرى المحامي عوفر بارتل الخبير في القانون الجنائي.

ويثير بارتل زاوية قانونية مهمة تتعلق بشرعية القرارات الحربية، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية تفتقر للأغلبية في الكنيست.

ويتساءل الخبير القانوني عن مدى صحة اتخاذ حكومة بلا أغلبية برلمانية قرارات بتنفيذ عمليات حربية عنيفة ستكون لها أصداء دولية ضخمة.

ومع استمرار هذه الخلافات النظرية، يرصد واقع الحرب أرقاما كبيرة للقتلى تلقي بظلالها على كل النقاشات الإستراتيجية، حيث وصل عدد القتلى الإسرائيليين إلى 900 جندي، حسبما أفاد مراسل صحيفة “هآرتس” جوش برايمر، الذي يتساءل بمرارة عما قد يمنع الوصول إلى الألف قتيل.

وينتقد برايمر غياب أي مؤشرات إيجابية من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو المطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية، ويصف المراسل الحكومة الحالية بحكومة الحرب والدماء، معبرا عن إحباطه من تكرار العمليات في المناطق نفسها دون تحقيق نتائج حاسمة.

الأمر الأكثر إثارة للجدل في نظر برايمر هو رفض الحكومة مناقشة صفقات تبادل الأسرى، معتبرا ذلك دليلا على عدم اهتمامها بهم.

الشرق الأوسط وحكمة الاستعداد للأسوأ

الشرق الأوسط وحكمة الاستعداد للأسوأ

يتفق الجميع على أن الشرق الأوسط ليس رقعة جغرافية عابرة، بل هو مهد الديانات السماوية الثلاث: اليهودية، والمسيحية والإسلام. ومن هذه الأرض انطلقت رسالات غيرت وجه الإنسانية ومساراتها.

بيد أن هذه القدسية الروحية لم تُحصن المنطقة من الأطماع، بل جعلتها محط أنظار وأطماع القوى الكبرى ومسرحا لصراعات ممتدة منذ قرون.

وعلاوة على جانبها الديني، تحتضن المنطقة النسبة الكبرى من الاحتياطي العالمي للنفط والغاز، ما جعلها القلب النابض للاقتصاد العالمي.

لكن الحقيقة الأعمق أن الصراع لم يكن يوما على الطاقة وحدها، بل على العقيدة والهوية والرواية التاريخية. فالأبعاد الاقتصادية مجرد أدوات تُستغل لخدمة صراع أيديولوجي طويل الأمد، متشابك يغذيه البعد العقائدي من جهة، والمصالح الاقتصادية والجيوسياسية من جهة أخرى، وتبقى الحقيقة الثابتة أنه صراع أيديولوجي متبدل المظاهر والأشكال.

منذ سايكس-بيكو مرورا بمشاريع إعادة تشكيل الشرق الأوسط، لم تتوقف محاولات القوى الكبرى لإعادة رسم خريطة المنطقة.

واليوم، يُعاد إنتاج هذه المخططات بثوب مختلف: خرائط تقوم على أسس دينية وطائفية، هدفها تفتيت الكيانات الوطنية الجامعة، وتذويبها في فسيفساء هشة يسهل التحكم بها. المستفيد الأول والأخير من هذا هو المشروع الصهيوني، وفي القلب منه إسرائيل.

يقوم الفكر الصهيوني المتطرف على إحياء أحلام توراتية مؤدلجة، يُعاد تفسيرها بشكل انتقائي ومنحرف؛ لتبرير التوسع وشرعنة الاحتلال.

هذا المنظور لا يكتفي بالحدود الراهنة، بل يرسم ملامح مستقبل تُهيمن فيه إسرائيل على محيطها عبر إضعافه وإغراقه في صراعات داخلية.

وها هي إسرائيل تكشف عن بعض نواياها بما تفعله في فلسطين وغزة، واعتداءاتها المتكررة على سوريا مؤخرا، وما يصرح به رئيس وزرائها وبعض ساستها من أطماع توراتية تجاه المنطقة، وخدمة لهدفها في إعلان يهودية الدولة العبرية والتهام محيطها بالكامل. وما نسمعه عن مخطط لتهجير الفلسطينيين، دليل واضح على هذه التوجهات.

إعلان

إن الإرهاصات والمعطيات الراهنة تنذر بأن المنطقة على أعتاب صراعات داخلية مركبة وخطيرة، تتجاوز الانقسام التقليدي بين العرب وإسرائيل.

أخطر هذه السيناريوهات يتمثل في الدفع نحو اندلاع صراع سني-سني، تُرجح المؤشرات أن يبدأ من سوريا توطئة لتفتيتها وبلقنتها، وهذا بدوره سيمتد إلى فضاء أوسع. مثل هذا النزاع يضمن استنزاف المجتمعات من الداخل، ويمنح إسرائيل وحلفاءها فرصة ذهبية لترسيخ مكاسبهم.

وبطبيعة الحال يجب ألا يغيب عن المشهد مخططات الدول الإقليمية ومشاريعها القديمة الجديدة التي تحاصر المنطقة وتتقاطع مع المشروع الصهيوني في إيقاف عجلة التنمية في الدول العربية، وتعميق الخلافات القائمة بين شعوبها، عبر تأجيج الاختلافات المذهبية، وتأليب العصبيات والكراهية، وكذلك الحروب بالوكالة، بحيث يتم القضاء على أي بارقة أمل لشعوب المنطقة في التطور والنمو والعيش بأمان وسلام.

هذه السيناريوهات المدمرة تجد بيئتها الخصبة حين تقع شعوب المنطقة وبعض قياداتها ضحية تضليل القوى الكبرى التي تسوق رؤى براقة وشعارات براغماتية عناوينها السلام والاستقرار والتنمية، لكنها في العمق مجرد أدوات لتمرير مخططات صهيونية تقوم على تفسيرات توراتية مزورة تمهد لتحقيق المشروع الصهيوني، وبالاستفادة من بعض الأدوات الموجودة أصلا في المنطقة، أفرادا وجماعات تحركها مغريات تُقدم لها لتسريع تنفيذ مخططها الشرير.

وهنا تكمن خطورة أكبر أن يتحول هؤلاء المضلَلون إلى منفذين غير مدركين لأجندات مرسومة في غرف مغلقة.

أمام هذه التحديات، ليس هناك خيار سوى أن تبادر القيادات العربية والإسلامية الفاعلة، ومعها النخب المثقفة، إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية، واستنفار كل الأوراق الممكنة: من وحدة الصف، إلى إعادة بناء التحالفات، إلى تعزيز المناعة الداخلية، واستخدام كل الأدوات التي كفلتها الشرائع السماوية، إضافة إلى ما نص عليه القانون الدولي، وذلك من أجل وقف ما يُرسم للمنطقة وإنقاذ مستقبل الأجيال القادمة.

إن التاريخ لا يرحم، والشعوب لا تغفر لمن فرط بمصيرها. ما يُرسم اليوم للمنطقة ليس مجرد تكتيك سياسي عابر، بل إعادة تشكيل وجودي على أسس دينية وطائفية ستغير ملامحها لعقود.

إن القيادات العربية والإسلامية، ومعها النخب المثقفة، أمام مسؤولية تاريخية لا تحتمل التأجيل: إما أن تتحرك سريعا لإجهاض هذه المخططات، أو أن تجد نفسها في الغد القريب شاهدة على انهيار ما تبقى من منظومة الأمن القومي.

إنني أقول ما أقول وأنا أتمنى أن أكون مخطئا في بعضه، لكن الحكمة تقتضي الاستعداد للأسوأ، والعمل الجاد لانتزاع الأفضل.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

ناشونال إنترست: القبة الفولاذية مشروع يمنح تركيا الحماية التي تنشدها

ناشونال إنترست: القبة الفولاذية مشروع يمنح تركيا الحماية التي تنشدها

في عالم يشهد سباق تسلح غير مسبوق وتزايدا في التهديدات الجوية من صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة هجومية، كشفت تركيا عن مشروع “القبة الفولاذية”، الذي تمثل منظومة الدفاع الجوي غير المأهول “غورز” أحد ركائزه.

وفي تقريرين منفصلين لمحررها الأول لشؤون الأمن القومي برندون ويكيرت، تناولت مجلة ناشونال إنترست تفاصيل مشروع القبة الفولاذية، واصفة إياه بأنه يمثل تحولا محوريا نحو الدفاع الذاتي المعتمد على الذكاء الاصطناعي في عالم متعدد الأقطاب على نحو متزايد.

وعلى عكس القبة الحديدية الإسرائيلية التي تركز أساسا على اعتراض الصواريخ قصيرة المدى، صُممت القبة الفولاذية التركية لتوفير حماية شاملة، وهي بذلك أشبه بمفهوم القبة الذهبية الذي طرحته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحسب ويكيرت في تقريره بالمجلة.

ويستهدف المشروع حماية البنى التحتية الحيوية، بما في ذلك الموانئ ومنشآت الطاقة ومحطة “أكويو” النووية.

ويُشرف على تنسيقه رئاسة الصناعات الدفاعية (إس إس بي)، بمشاركة شركات رئيسية مثل أسيلسان وروكتسان وتوبيتاك ساجيه و شركة الصناعات الميكانيكية والكيميائية، مع التركيز على الإنتاج المحلي لتقليص الاعتماد على الخارج وتعزيز فرص التصدير لأسواق مثل الخليج وأوروبا الشرقية.

كيف يعمل نظام “غورز”؟

ارتكز تطوير “غورز” على دمج الذكاء الاصطناعي في عملية اكتشاف التهديدات والتعامل معها، مما يقلل الحاجة لتدخل بشري ويزيد سرعة الاستجابة في بيئات عالية الخطورة.

ويعتمد نظام “غورز” على منصة مجنزرة متوسطة الحجم ذات قدرة عالية على الحركة في التضاريس الوعرة، وصغر حجمه يسمح بنقله جوا عبر مروحيات، مثل مروحية “سي إتش-47″، وهو مصمم لمواجهة طيف واسع من التهديدات، بما في ذلك المسيّرات الصغيرة، والذخائر الخاصة، والصواريخ الجوالة، والمروحيات، والأسلحة الموجهة بدقة.

إعلان

وأوضح التقرير أن هذه المنظومة -التي طورتها شركة أسيلسان الرائدة في الإلكترونيات الدفاعية التركية- تعتمد على مركبة أرضية مجنزرة غير مأهولة، مما يتيح لها الانتشار السريع في أصعب التضاريس، ويمنحها ميزة على الأنظمة التقليدية.

Turkish army tanks take up position on the Turkish-Syrian border near the southeastern town of Suruc in Sanliurfa province تشرين الأول 6, 2014. Outgunned Kurdish fighters vowed on Monday not to abandon their increasingly desperate efforts to defend the Syrian border town of Kobani from Islamic State militants pressing in from three sides and pounding them with heavy artillery. Despite the heavy fighting, which has seen mortars rain down on residential areas in Kobani and stray fire hit Turkish territory, a Reuters reporter saw around 30 people cross over from Turkey, apparently to help with defence of the town. REUTERS/Umit Bektas (TURKEY - Tags: MILITARY CONFLICT POLITICS)
تركيا طورت جيشها في العقدين الأخيرين كثيرا (رويترز)

والمنظومة مجهزة بـ 8 صواريخ طراز “سونغور”، ومدفع دوار عيار 30 ملم، إضافة إلى رادارات متقدمة وأنظمة استشعار كهروبصرية، لتكون قادرة على التعامل مع طيف واسع من تهديدات الطائرات المسيّرة الصغيرة والذخائر المتسكعة إلى الصواريخ الجوالة والمروحيات.

وجاء الكشف عنها خلال معرض الصناعات الدفاعية الدولي (IDEF 2025) في إسطنبول.

ورغم التحديات المرتبطة بموثوقية الذكاء الاصطناعي في بيئات الحرب الإلكترونية، يتمتع “غورز” بتصميم معياري يتيح تحديثه بتكلفة منخفضة، مما يزيد قدرته على مواكبة التطورات التكنولوجية.

ويرى مراقبون أن إدخال “غورز” إلى الخدمة سيمنح تركيا ميزة إستراتيجية في النزاعات غير المتكافئة، حيث تبرز المسيّرات كسلاح رئيسي. في المقابل، يثير النظام تساؤلات أخلاقية حول مستقبل الأسلحة الذاتية التشغيل بالكامل، وهو ما دفع البعض لتشبيهه بالتكنولوجيا “المدمرة”.

وتعود جذور مشروع القبة الفولاذية -بحسب المجلة- إلى مساعي تركيا الطويلة لتحديث قدراتها الدفاعية الجوية، بعد أن ظلت تعتمد تاريخيا على مزيج من الأنظمة الأجنبية، بما في ذلك “إس-400” الروسية، ومنظومة “إم آي إم-23 هوك” الأميركية للدفاع الصاروخي متوسطة المدى من نوع أرض-جو، وأصول تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

ومن العوامل التي حدت بتركيا لتحديث قدراتها الدفاعية -طبقا لويكيرت- “التوتر الملحوظ” في علاقاتها العسكرية في 2013 مع الولايات المتحدة “بسبب رغبة أنقرة في شراء بطاريات صواريخ باتريوت“.

ومن بينها أيضا، أن التدخل الروسي في سوريا كان قد بلغ آنذاك ذروته، الأمر الذي اعتبرته تركيا تهديدا لسلامة أراضيها، بالإضافة إلى قلق أنقرة من مشكلة تنظيمات كردية مسلحة.

“الدرع الفولاذية” ستمنح تركيا قريبا الحماية التي تتطلع إليها قيادتها، لكونها دولة تقع عند مفترق 3 قارات (آسيا وأوروبا وأفريقيا)

طبقات وتحديات

ويرتكز مشروع القبة الفولاذية على 3 طبقات مترابطة:

1. الطبقة قصيرة المدى المنخفضة الارتفاع: تشمل أنظمة مثل مدافع “كورتوك” عيار 35 ملم وصواريخ “سونغور” المحمولة على الكتف للتعامل مع المسيّرات والطائرات ذات الطيران المنخفض.

2. الطبقة المتوسطة المدى: تتمثل في صواريخ “هيسار” بأنواعها البرية والبحرية.

3. الطبقة البعيدة المدى العالية الارتفاع: تعتمد على منظومة “سيبر” المطورة لاعتراض الصواريخ الباليستية والطائرات على ارتفاعات عالية.

وتشير المجلة إلى أن هذه الطبقات مدعومة برادارات متقدمة مثل “إيرالب” للمراقبة بعيدة المدى، وشبكة “رادنت”، إضافة إلى أدوات حرب إلكترونية كمنظومة الرادار المتنقل “كورال 200″، وأجهزة التشويش المضادة للطائرات المسيّرة.

أما نظام القيادة والسيطرة “حكيم”، فيدمج الذكاء الاصطناعي ليتيح رصدا فوريا وصورة جوية موحدة تعزز سرعة الاستجابة.

تركيا تواجه تحديات جدية، تتمثل في اتساع الرقعة الجغرافية مما يجعل تغطية الأجواء بالكامل مهمة باهظة ومعقدة، كما أن مساحة البلد الشاسعة تجعل من الصعب توفير تغطية محكمة

ورغم هذه الطموحات الكبيرة، فإن محرر شؤون الأمن القومي بالمجلة الأميركية يقول في تقريره إن تركيا تواجه تحديات جدية، تتمثل في اتساع الرقعة الجغرافية مما يجعل تغطية الأجواء بالكامل مهمة باهظة ومعقدة، كما أن مساحة تركيا الشاسعة تجعل من الصعب توفير تغطية محكمة.

إعلان

هذا إلى جانب أن التكنولوجيا اللازمة للتصدي للتهديدات الفرط-صوتية لا تزال قاصرة. ثم إن الاعتماد الجزئي على التعاون الخارجي، مثل الانفتاح على فرنسا للحصول على منظومة “سامب-تي” يكشف أن بلوغ الاكتفاء الذاتي الكامل لم يتحقق بعد، وفقا للمجلة الأميركية.

ويختتم ويكيرت تقريره قائلا إن هذه “الدرع الفولاذيي” ستمنح تركيا قريبا الحماية التي تتطلع إليها قيادتها، لكونها دولة تقع عند مفترق 3 قارات هي آسيا وأوروبا وأفريقيا.