هل تريد إسرائيل ضم الضفة أم مجرد تكتيك لمآرب أخرى؟

هل تريد إسرائيل ضم الضفة أم مجرد تكتيك لمآرب أخرى؟

لم تعد نية الحكومة الإسرائيلية بضم الضفة الغربية المحتلة وفرض السيادة عليها خافية على أحد، وسط تباين في مسألة المدى الجغرافي للخطوة، وتساؤلات إن كانت تكتيكية أو جدية.

واتفق الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي على أن ضم الضفة يجري على قدم وساق، حتى في مناطق تخضع للسيطرة الأمنية للسلطة الفلسطينية.

وترتكز إسرائيل في ذلك على دعم الإدارة الأميركية التي تخلت عن فكرة “حل الدولتين“، إذ لم يتطرق إليها الرئيس دونالد ترامب خلال ولايته الثانية، حسب حديث البرغوثي لبرنامج “ما وراء الخبر”.

وفي هذا السياق، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أخبر نظيره الأميركي ماركو روبيو نية تل أبيب ضم الضفة، ردا على اعتزام عدد من الدول إعلان الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

“شأن داخلي”

لكن الولايات المتحدة تحاول النأي بنفسها وتصف خطط إسرائيل لضم الضفة بشأن داخلي تعارضه في المجالس الخاصة، كما يقول المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري الأميركي أدولفو فرانكو، الذي أقر بأن واشنطن لا تقف على الحياد وأنها تميل كثيرا إلى الجانب الإسرائيلي.

ووفق فرانكو، فإن نتنياهو أقنع ترامب بأنه يستخدم ورقة الضم لفترة من الزمن لكي يضع إسرائيل في موقع يسمح لها بالتهديد لسببين اثنين هما:

  • ضغط إضافي على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والقضية الفلسطينية.
  • رسالة للدول الغربية مفادها أنه يتعين إبرام صفقة بكل ما يتعلق بقطاع غزة والضفة الغربية وتعزيز الأمن هناك.

وسارع البرغوثي للرد على ذلك، مؤكدا أن الولايات المتحدة عمدت دائما إلى تضليل الشعب الفلسطيني بحديثها عن المفاوضات لإقامة دولة فلسطينية، في وقت رفض فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجلوس مع رئيس السلطة على مدار عقد كامل.

إعلان

كما توقف البرغوثي عند تصريحات للسفير الأميركي في إسرائيل مايك هاكابي، التي استخدم فيها مصطلح “يهودا والسامرة” بدلا من الضفة الغربية، والتي تعكس رؤية الإدارة الأميركية لمصير الضفة الغربية.

ومع أن المحلل الإستراتيجي فرانكو حاول تبرير ما تفوه به هاكابي بزعم أن الأخير يتحدث من منطلق الطائفة الدينية المسيحية التي يتبعها، فإن تبريره لم يكن مقنعا، إذ يفترض أن يمثل السفير سياسات بلده، لا قناعاته الشخصية.

كذلك رفض الشوبكي ما ذهب إليه فرانكو بشأن نية إسرائيل تجاه الضفة الغربية، مؤكدا أن ما يجري ليس شكلا من أشكال الضغط والتلويح، بل استثمارا في المشهد وتقديم رؤى يمينية صهيونية يتم تبنيها على المستوى الرسمي السياسي.

واستدل بنقل واشنطن سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة، ومحاولة تقويض عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وفرض عقوبات على مجموعات استيطانية وليس إسرائيل.

ومع ذلك، لم يتردد المحلل الإستراتيجي لدى الجمهوريين في تأكيد دعم واشنطن لإسرائيل، وأنها ليست حيادية في هذا الشأن، لكن هناك تباينا في الرؤى بين نية إسرائيل الحصول على منطقة عازلة، في حين لا توجد رغبة أميركية في ضم الضفة.

أما بشأن الخيارات المطروحة في ظل اختلال موازين القوى، شدد البرغوثي على ضرورة تغيير ذلك عبر تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتوحيده على برنامج وطني كفاحي والتخلي عما سماها “أوهام المفاوضات”، إضافة إلى فرض عقوبات عربية وغربية فورية على إسرائيل.

وكذلك طالب الشوبكي بعوامل جديدة تدفع تل أبيب وواشنطن للتراجع عن “إعدام فكرة الدولة الفلسطينية على حدود 1967″، مع تأكيده أن اعتراف بعض الدول الغربية بالدولة الفلسطينية غير كافٍ لردع إسرائيل.

تصالحت مع باكو وتقاربت مع واشنطن.. فهل تبقي أرمينيا القاعدة الروسية على أراضيها؟

تصالحت مع باكو وتقاربت مع واشنطن.. فهل تبقي أرمينيا القاعدة الروسية على أراضيها؟

موسكو- أثارت التحولات الأخيرة في العلاقات بين روسيا وأرمينيا مجموعة من التساؤلات حول آفاق التفاعل اللاحق بين البلدين، في وقت أصبحت فيه أرمينيا موقع تقاطع مصالح لقوى إقليمية ودولية فاعلة ومتناقضة في إقليم جنوب القوقاز.

وأصبحت هذه التساؤلات أكثر جدلية بعد توقيع أرمينيا وأذربيجان اتفاق سلام في الثامن من آب/آب الماضي بعد صراع مرير، تمثل بعدة حروب بين البلدين اندلعت خلال الـ40 عاما الأخيرة بسبب ملف إقليم ناغورني قره باغ قبل أن تستعيد أذربيجان السيطرة عليه عام 2023 بعملية عسكرية خاطفة.

والاتفاق التاريخي الذي وقع في واشنطن تحت رعاية أميركية ثبّت كذلك دورا غير مسبوق للولايات المتحدة في الإقليم الإستراتيجي، من خلال بوابة ممر زنغزور الذي تحوّل إلى “ممر ترامب للازدهار والسلام” بحقوق تطوير وإدارة أميركية تمتد لـ99 عاما، وتربط القوقاز بتركيا وأوروبا بعيدا عن روسيا وإيران.

في قلب هذه العاصفة الجيوسياسية، برز مصير القاعدة العسكرية الروسية في غيومري، ثاني أكبر مدينة في أرمينيا والعنصر الأثقل في الشراكة الأمنية بين يريفان وموسكو.

وإذا ما كان سيتم إغلاق هذه القاعدة بالنظر إلى التصريحات المتزايدة والصريحة للمسؤولين في أرمينيا عن قطع علاقاتهم الأمنية مع روسيا، والتي جاءت خطواتها الأولى في هذا الاتجاه بطرد حرس الحدود الروس الذين كانوا يوفرون الأمن في مطار يريفان الدولي منذ تسعينيات القرن الماضي.

Military vehicles of the Russian peacekeeping force move on the road outside Lachin on تشرين الثاني 29, 2020, after six weeks of fighting between Armenia and Azerbaijan over the disputed Nagorno-Karabakh region. - A Moscow-brokered peace deal was announced on تشرين الثاني 10 after Azerbaijan's military overwhelmed Armenian separatist forces and threatened to advance on Karabakh's main city Stepanakert. (Photo by Karen MINASYAN / AFP) (Photo by KAREN MINASYAN/AFP via Getty Images)
روابط عسكرية واقتصادية وجيوسياسية تاريخية واسعة تربط أرمينيا بروسيا (غيتي)

حالة تردد

ويشير الخبير في السياسة الخارجية الروسية، ديمتري باييتش، إلى أن أرمينيا تمر بحالة من عدم الاستقرار الداخلي والضغوط الخارجية، وأن رئيس الوزراء نيكول باشينيان يسعى إلى الحفاظ على التوازن بين مختلف القوى من دون اتخاذ خطوات حاسمة تستفز الأطراف، بما في ذلك روسيا.

إعلان

ويقول للجزيرة نت، إن الاتفاق الأخير بين أرمينيا وأذربيجان ترك عددا من القضايا من دون حل، ولا تزال التوترات مرتفعة، ما قد يبقي ملف القاعدة العسكرية الروسية في غيومري على حاله.

ووفقا له، من غير الواضح ما إذا كان الاتفاق بين البلدين سيؤدي إلى سلام دائم، أم أن الخلافات المتبقية ستُدمر هذا التوازن الهش، حسب تعبيره. وعليه، فإن القيادة في أرمينيا ليست في عجلة من أمرها للمطالبة بإنهاء الوجود العسكري الروسي على أراضيها.

إضافة لذلك، يُشير المتحدث إلى أن يريفان تُحاول المناورة بين الشرق والغرب، سعيا للحفاظ على الاستقلال والأمن في ظل وضع جيوسياسي مُعقّد، كما أن القاعدة العسكرية لا تزال عنصرا أساسيا في نظام الأمن الأرميني ورمزا للشراكة الإستراتيجية مع روسيا.

 

اعتبارات الأمن القومي

من جانبه، يشير الخبير في شؤون القوقاز، أندريه أريشيف، إلى أن الوظيفة الرئيسية للقاعدة تتجلى بوضوح في موقعها، إذ تقع على الحافة الغربية لغيومري، على بُعد أقل من 10 كيلومترات من الحدود مع تركيا “عدو أرمينيا اللدود”، حسب وصفه.

ويضيف للجزيرة نت أن الأهمية الدفاعية للقاعدة تعود إلى عقود إلى الوراء، إذ كانت تعد واحدة من الأماكن القليلة التي يجاور فيها الاتحاد السوفياتي السابق مباشرةً دولة عضوا في حلف الناتو، وظلت قائمة.

ويتابع بأنه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، شعرت أرمينيا الفقيرة والمستقلة مجددا بالضعف في مواجهة جارتها القوية والأكبر حجما؛ تركيا.

وبحسب رأيه، ستبقى القاعدة في غيومري ما دامت الاتفاقية بين روسيا وأرمينيا سارية المفعول، فضلا عن أنه ليس لدى أرمينيا ما يدعوها إلى سحبها، لأن الوجود الروسي سيحافظ على توازن القوى والمصالح هناك.

خلافا لذلك، يؤكد الخبير أريشيف أن انسحاب هذه القاعدة سيؤدي إلى مزيد من تدهور العلاقات مع روسيا، ويريفان تتفهم ذلك ولا ترغب في الدخول في جدال مع موسكو، بل إنه مع مرور الوقت، قد يُطرح السؤال حول ما إذا كانت روسيا نفسها تحتاج إلى هذه القاعدة.

تصميم خاص خريطة أرمينيا
أرمينيا تقع في محيط إقليمي وواقع جيوسياسي معقّد (الجزيرة)

ارتباط واعتماد

تم إنشاء القاعدة العسكرية الروسية رقم (102) في غيومري شمال أرمينيا، عام 1995 بناء على اتفاقية بين البلدين.

وفي عام 2010 وخلال زيارة الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف إلى أرمينيا، مُددت الاتفاقية حتى عام 2044. وبموجبها، يجوز تمديد فترة عمل القاعدة تلقائيا بعد عام 2044 لمدة 5 سنوات، إذا لم يُبدِ أيٌّ من الطرفين رغبة في إنهاء الاتفاقية.

وتضم القاعدة حاميتين عسكريتين: في غيومري ويريفان. ويقع القسم الجوي في مطار إريبوني بالقرب من يريفان ويبلغ عدد أفرادها حوالي 4 آلاف فرد.

أما المعدات فتشمل أنظمة صواريخ مضادة للطائرات ومقاتلات ميغ – 29، ومروحيات مي- 24 بالإضافة إلى معدات عسكرية أخرى، بما في ذلك دبابات ومركبات مشاة قتالية.

وبموجب الاتفاقية بين الدولتين، تُوفر أرمينيا أراضي القاعدة مجانا، وتتحمل نصف تكاليف صيانتها. وتعمل القاعدة في إطار نظام الدفاع الجوي المشترك لرابطة الدول المستقلة، وتلعب دورا محوريا في ضمان أمن أرمينيا، وخاصة على الحدود مع تركيا.

إعلان

ولاعتماد أرمينيا العسكري على روسيا جذور راسخة، تعود إلى الحقبة السوفياتية وتعززت بعد انضمام أرمينيا إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي عام 1992.

وزودت روسيا أرمينيا بمعظم معداتها العسكرية، بما في ذلك خلال حربي قره باغ الأولى والثانية، وهذا ضاعف من اعتمادها على الدعم العسكري الروسي.

ورغم الجهود المبذولة لتنويع علاقاتها العسكرية، بما في ذلك مع فرنسا والاتحاد الأوروبي، لا تزال أرمينيا مرتبطة ارتباطا وثيقا بروسيا من خلال روابط عسكرية واقتصادية وجيوسياسية واسعة. ومن غير المستبعد أن يستمر هذا الاعتماد وأن يؤثر على علاقات أرمينيا الدولية وإستراتيجياتها العسكرية في المستقبل.

بوريل يدعو لمقاضاة الاتحاد الأوروبي لصمته عن إبادة غزة

بوريل يدعو لمقاضاة الاتحاد الأوروبي لصمته عن إبادة غزة

قال الصحفي كلودي بيريز -في مقال له بصحيفة إلباييس الإسبانية- إن الممثل الأعلى السابق للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل دعا الدول الأعضاء إلى مقاضاة مؤسسات الاتحاد بسبب تقاعسها عن التحرك تجاه الحرب على غزة.

وأضاف أن عدة دول أبدت دعمها لإقامة دولة فلسطينية أو تستعد لاتخاذ هذه الخطوة قبيل الاجتماع المقبل للأمم المتحدة.

ويأتي تصريح بوريل -وفق ما أورده المقال- في وقت تتصاعد فيه قناعة الشعوب الأوروبية، ولا سيما إسبانيا، بأن ما يجري في قطاع غزة يرقى إلى مستوى “الإبادة الجماعية” وسط دعوات متزايدة لاتخاذ مواقف حاسمة تجاه إسرائيل.

المسار القانوني

ولفت بيريز إلى أن آلاف الأكاديميين والمفكرين في أوروبا والولايات المتحدة وصفوا التصعيد العسكري بأنه “إبادة” ولكن بروكسل تواصل التزام الصمت، فلا العلاقات التجارية قُطعت ولا مبيعات السلاح توقفت.

وفي هذا السياق، قال بوريل إن “هناك إرادة واضحة لإبادة الشعب الفلسطيني، وإذا كانت إسرائيل تنتهك حقوق الإنسان -وكل المؤشرات تدل على ذلك- فإن بإمكان أي دولة عضو مثل إسبانيا رفع الأمر إلى المحاكم الأوروبية لتفعيل معاهدات حقوق الإنسان“.

وشدد بوريل على أن “غزة كشفت إفلاس أوروبا الأخلاقي، وحان الوقت للتحرك، وهذه اللامبالاة غير مقبولة، فإن المعاهدات واضحة بشأن عواقب خرق القانون الإنساني”.

ووفق ما أورده المقال، استنكر بوريل تقاعس أوروبا تجاه معاناة الفلسطينيين، مؤكدا أن الصورة التي تقدمها القارة عن قيمها الأخلاقية والإنسانية لا تعكس الواقع، خاصة بعد إعلان عدد من القادة الأوروبيين صراحة دعمهم لإسرائيل.

657 يوما على المظاهرات في اوروبا لمناصرة غزة
أغلب الشعوب الأوروبية ترى أن ما يحدث في غزة إبادة جماعية وفق مقال إلباييس (وكالات)

عجز وتقاعس

ووجه بوريل أصابع الاتهام إلى القيادات الأوروبية قائلا “إن جيل السياسيين الألمان الذين وُلدوا بعد الحرب العالمية الثانية وما زالوا في السلطة محكومون بعقدة ذنب تجاه دور ألمانيا التاريخي في المحرقة، ويعتقدون أن الصواب يعني دوما حماية إسرائيل”.

إعلان

وأضاف أن إرث المحرقة التاريخي “الذي يمتد إلى دول مثل النمسا وسلوفاكيا يشلّ الموقف الأوروبي، وتدعم قلة من الدول الأعضاء إسرائيل بلا شروط”.

وأشار كاتب المقال إلى أن أوروبا تواجه مأزقا أخلاقيا متشابها في أوكرانيا، حيث أخّر خوف القارة التاريخي من التهديد النووي الروسي وصول المساعدة العسكرية لكييف وفاقم الحرب.

وخلص بوريل -حسب المقال- إلى ضرورة أن تلجأ الدول الأعضاء الـ27 إلى استخدام المحاكم الأوروبية أداة لوقف انتهاكات إسرائيل في غزة، مؤكدا أن الوقت قد حان للتحرك لإنهاء الجمود السياسي والأخلاقي في أوروبا.

صحيفة عبرية: البلطجة أصبحت بطاقة الهوية الجديدة لإسرائيل

صحيفة عبرية: البلطجة أصبحت بطاقة الهوية الجديدة لإسرائيل

صورة إسرائيل في العالم لم تعد تُرى في شركات التكنولوجيا المتقدمة والمؤسسات الأكاديمية والثقافية، بل في سلوك المستوطنين وأحزاب أقصى اليمين الذين يفرضون حضورهم بالبلطجة والعنف بدعم علني من النخبة الحاكمة.

بهذه المقدمة افتتحت الكاتبة الإسرائيلية كسينيا سفتلوفا مقال رأي نشرته صحيفة “زمن إسرائيل”، واستشهدت بمقطع فيديو انتشر خلال الأيام الأخيرة من الضفة الغربية، ظهر فيه عدد من الفتية المستوطنين قرب قرية المغيّر القريبة من رام الله، وهم يهددون سيدة فلسطينية ويحاولون إخافتها، فصرخ أحدهم بالكلمة الوحيدة التي يعرفها من اللغة العربية “اسكتي” بينما صاح آخر بالعبرية “إلى الوراء”.

وتقول الكاتبة إن نظرات الكراهية التي علت وجوه هؤلاء الفتية لم تترك مجالا للشك في نواياهم، إذ كانوا يريدون بث الرعب في نفس امرأة بقيت متماسكة، رافضة الانصياع للخوف.

مستوطنون يهاجمون مركبات الفلسطينيين شبكة يافا للاخبار
مستوطنون يهاجمون مركبات الفلسطينيين بالضفة الغربية (الصحافة الفلسطينية)

وجه إسرائيل

ورغم أن هذا الفيديو لم يظهر عنفا جسديا مباشرا، فقد وصفته الكاتبة بأنه أكثر إزعاجا من صور الحرق والنهب والاعتداءات وحتى جرائم القتل التي ارتكبها مستوطنون ضد فلسطينيين في الأشهر الماضية.

وذلك لأن المشهد ببساطته يختصر التحول الأخطر الذي يجعل إسرائيل تُرى في العالم كدولة غارقة في الجنون، يغمرها خطاب الحقد، وتفقد قدرتها على ضبط أبنائها، توضح سفتلوفا.

وترى الكاتبة أن من يتشبث بالاعتقاد بأن إنجازات التكنولوجيا الإسرائيلية ومعاهد البحث مثل معهد وايزمان، أو حتى الفرق الموسيقية الشهيرة، هي التي تشكل صورة إسرائيل في الخارج، عليه أن يستفيق.

وقالت إن المشهد الذي يحفر في الوعي الدولي اليوم ليس مختبرا ولا حفلا موسيقيا، بل وجوه المستوطنين الفتية، وهم يصرخون على فلسطينية في قريتها، ويتصرفون كأنهم أصحاب الأرض، وبالتالي فهذه هي “بطاقة الهوية” التي باتت إسرائيل تقدمها للعالم.

لا توجد دعاية قادرة على محو هذا الواقع لأن المسألة لم تعد سوء إدارة إعلامية، بل هي نتيجة مباشرة لاختيارات سياسية واجتماعية، أصبح خلالها العنف أداة معلنة لبسط السيطرة على الفلسطينيين.

وقد يكون الإعلام والدبلوماسية الإسرائيلية قادرين على الحديث طويلا عن “فشل في الدعاية”، ولكن لا توجد دعاية قادرة على محو هذا الواقع، لأن المسألة لم تعد سوء إدارة إعلامية، بل هي نتيجة مباشرة لاختيارات سياسية واجتماعية، أصبح خلالها العنف أداة معلنة لبسط السيطرة على الفلسطينيين.

بلطجة

ونبهت الكاتبة إلى أن أفعال هؤلاء الفتية ليست حوادث فردية، بل هي تنسجم مع توجه معلن من قبل وزراء في الحكومة، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذين لا يكتفيان بالتغاضي عن أعمال العنف ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، بل يشجعانها ويدخلانها في خطابهم السياسي.

إعلان

واليوم تعرض مشاهد حرق مزارع الزيتون الفلسطينية، ومنع قوافل الإغاثة الإنسانية من الوصول إلى غزة، أمام الكاميرات بوقاحة، في الوقت الذي يتحدث فيه قادة أقصى اليمين علنا عن “الانتقام” و”إبادة العماليق”، في خطاب يتبناه علنا مسؤولون رسميون في الدولة، كما تقول الكاتبة.

وذهبت إلى أن هذه المآذارات لم تعد تهدد الفلسطينيين ووجودهم فقط، بل أصبحت تهدد إسرائيل نفسها على مستوى سمعتها ومكانتها الدولية، بعد أن سوقت نفسها كدولة حديثة ومتنورة، لكنها اليوم تجد نفسها في صورة دولة يحكمها خطاب الكراهية والعنف، ويقودها وزراء يتبنون مواقف دينية وقومية متطرفة.

وقد بات جزء من النخب السياسية يرى أن العنف هو اللغة الوحيدة التي يمكن من خلالها الحفاظ على السيطرة، وهذا -كما تقول الكاتبة سفتلوفا- ما يجعل “البلطجة” تتحول إلى سياسة دولة، لا مجرد انحرافات فردية.

ما أبعاد إعادة تموضع القوات الأميركية في العراق؟

ما أبعاد إعادة تموضع القوات الأميركية في العراق؟

بغداد- تشهد الساحة العراقية تطورات عسكرية هامة، يأتي في مقدمتها قرار إعادة تموضع القوات الأميركية في البلاد. وتُعد هذه الخطوة جزءًا من إستراتيجية أوسع للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والتي تهدف إلى تعديل انتشار القوات بما يتناسب مع التطورات الأمنية على الأرض.

ويأتي إخلاء قاعدة عين الأسد الجوية، الواقعة غربي الأنبار، وبعض المقرات في بغداد كخطوة رئيسية ضمن هذا التموضع، حيث تعكس الانتقال من مرحلة القتال المباشر إلى ما تسمى مرحلة تقديم الدعم اللوجستي والاستشارات للقوات الأمنية العراقية.

وأشارت مصادر أمنية إلى وجود تحركات لإعادة تموضع للقوات الأميركية وإخلاء تكتيكي لبعض المقرات، وتم رصد تفكيك بعض نقاط المراقبة والمقار الإدارية، أو المستودعات التي كانت تستخدمها تلك القوات، كما تم رصد قوافل من الشاحنات والناقلات التي تحمل معدات ومستلزمات عسكرية تتحرك بين القواعد، وتحديدا من عين الأسد في الأنبار وقاعدة في بغداد، باتجاه إقليم كردستان وسوريا.

وأشارت المصادر ذاتها إلى هبوط طائرات شحن عسكرية عدة مرات خلال الأيام الأخيرة في عين الأسد، وأقلعت منها حاملة للمعدات العسكرية الثقيلة والمركبات، كما أن عدد العسكريين قد بدأ في الانخفاض بشكل ملحوظ.

جنود أميركيون يستقلون طائرة نقل “سي-17” لمغادرة العراق في وقت سابق (الأوروبية)

إعادة انتشار

يقول المستشار العسكري صفاء الأعسم أن ما يجري حاليا هو “عملية إعادة تموضع” للقوات إلى مواقع بديلة باستثناء نقل نحو 600 مقاتل من القوات البرية الأميركية إلى الأراضي السورية.

وقال الأعسم -للجزيرة نت- إن هذه الخطوة تندرج ضمن الإجراء التكتيكي العملياتي المدروس من قبل القوات الأميركية، مرجحا أن يكون ذلك تحسبا لأية تطورات إقليمية محتملة، لا سيما في ظل التوتر القائم بين إسرائيل وإيران.

إعلان

وشدد المستشار العسكري على أن هذه التحركات لا تمثل انسحابا من العراق، بل خطة لإعادة الانتشار.

وتوقع الأعسم أن يتم إنهاء وجود قوات التحالف بالكامل في العراق بحلول عام 2026، وذلك بناء على الاتفاقيات المبرمة، مشيرا إلى أن هذا الانسحاب لن ينهي الشراكة، بل سيتيح للعراق بناء علاقات ثنائية قوية مع واشنطن ودول التحالف بشكل مستقل، وهو ما بدأت بغداد بالفعل في تنفيذه.

وفيما يتعلق بأمن الحدود، أكد الأعسم أن الحدود العراقية مؤمّنة بشكل محكم، وأن التأمين يتم عبر 3 خطوط دفاعية، تضم قوات الحشد الشعبي، والشرطة الاتحادية، وجهاز مكافحة الإرهاب، بالإضافة لأنظمة مراقبة متطورة تشمل المُسيرات والكاميرات الحرارية، مما يجعل أي اختراق محتمل صعبًا للغاية.

7- الأعسم: هناك خلافات كبيرة ما بين إيران وأميركا وكانا يعملان على تصفيتها داخل العراق - الجزيرة نت
المستشار الأعسم: لا يزال العراق يفتقر لمنظومات دفاع جوي لحماية أجوائه (الجزيرة)

قدرات وتحديات

يقرّ الأعسم بأن العراق لا يزال يفتقر إلى بعض القدرات الحيوية، أبرزها منظومات الدفاع الجوي والطائرات الحديثة لحماية أجوائه، لكنه أكد أن بلاده بدأت بالفعل في التحرك لتعويض هذا النقص عبر استيراد طائرات رافال وكاراكال ورادارات من كوريا الجنوبية.

وأكد أن خطر تنظيم الدولة لا يزال قائما، لكنه أعرب عن ثقته التامة بقدرة المؤسسة العسكرية العراقية على منع التنظيم من العودة إلى سابق عهده.

وأكد الدكتور عماد علو رئيس “مركز الاعتماد للدراسات الأمنية والإستراتيجية” أن عدد قوات التحالف الدولي في العراق بلغ خلال الفترة السابقة حوالي 6100 مقاتل ومستشار ومدرب، من بينهم نحو 2500 عنصر من الجنسية الأميركية.

وأشار -في حديث للجزيرة نت- لوجود تحركات فعلية جارية لإعادة تموضع هذه القوات، وتتضمن انسحاب بعض العناصر إلى قواعد في سوريا والكويت، ويتم نقل البعض الآخر إلى قاعدة الحرير في إقليم كردستان، حيث تم الانسحاب من قاعدتي “عين الأسد” في الأنبار و”فيكتوريا” في بغداد كجزء من هذه العملية.

وتوقع المتحدث ذاته أن يتم تقليص عدد القوات المتبقية في العراق بحلول نهاية أيلول/أيلول من العام المقبل إلى ما بين 500 و600 عنصر من التحالف الدولي، والذين سيقومون بمهام استشارية وتدريبية فقط.

كما توقع أن يصدر التحالف الدولي بيانا رسميا بنهاية أيلول/ أيلول الحالي لتوضيح آخر التطورات المتعلقة بتحركات قواته ضمن عملية “العزم الصلب” (الاسم العسكري للتدخل العسكري الأميركي ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، والتي أطلقتها الولايات المتحدة عام 2014).

ولفت علو إلى أن القوات البرية العراقية تمتلك القدرة البشرية على ملء الفراغ الذي سيتركه انسحاب قوات التحالف. ومع ذلك، شدد على حاجة العراق الماسة إلى دعم جوي واستخباري من قبل التحالف، حيث لا تزال الأجهزة الاستخبارية تفتقر إلى الأنظمة الجوية المتقدمة للمراقبة.

وأشار رئيس “مركز الاعتماد للدراسات الأمنية والإستراتيجية” إلى وجود انقسام بين القوى السياسية العراقية:

  • فمن جهة، تطالب أطراف عراقية بانسحاب كامل للقوات الأجنبية لتعزيز السيادة الوطنية.
  • في حين ترى جهات أخرى أن بقاء هذه القوات ضروري لمنع عودة “الإرهاب” وتخشى من تعرض البلاد لضغوط وتهديدات في حال انسحاب التحالف.
إعلان

وحذّر علو من أن انسحاب قوات التحالف قد يرفع الغطاء الأمني عن العراق، مما يجعله أكثر عرضة للتهديدات الإقليمية، مثل الوجود العسكري التركي في الشمال، أو اختراقات الحدود من قبل تنظيمات إرهابية. كما أن هذا الانسحاب قد يغري خلايا تنظيم الدولة النائمة بالعودة إلى النشاط في الساحة العراقية، حسب رأيه.

 سيناريوهات محتملة

وعرض علو 3 سيناريوهات محتملة للانسحاب:

  • السيناريو الأول: انسحاب سلس للقوات الأجنبية، مع قدرة القوات العراقية على ملء الفراغ بنجاح.
  • السيناريو الثاني: تراجع في مستوى الدعم الجوي والاستخباري من التحالف، مما يخلف ثغرات أمنية قد تستغلها دول أو خلايا إرهابية.
  • السيناريو الثالث والأكثر خطورة: انسحاب يترك ثغرات كبيرة في الجدار الأمني العراقي، مما يشجع تنظيم الدولة و”تنظيمات إرهابية” على تصعيد عملياتها، بما قد يؤدي إلى عودة الحرب.

وأكد علو أن هذه السيناريوهات المحتملة قد تزيد من حدة التنافر والصراع داخل دائرة صنع القرار العراقي، مما قد يؤدي إلى توترات مجتمعية وأمنية.

عائد الهلالي - محلل سياسي
المحلل السياسي الهلالي: الوجود الأميركي بالعراق لن ينتهي بشكل كامل (مواقع التواصل )

شراكة جديدة

من جهته، أكد السياسي العراقي المستقل عائد الهلالي أن وجود القوات الأميركية في البلاد لن ينتهي بشكل كامل، بل سيتحول إلى شراكة جديدة تدعم هذا التحول.

وقال الهلالي للجزيرة نت إن انسحاب قوات قتالية سيرافقه بقاء المدربين والخبراء، بالإضافة إلى الحضور الدبلوماسي الكبير للسفارة الأميركية في بغداد.

وأوضح أن هذا التطور يحمل رسالتين رئيسيتين:

  • الأولى هي أن العراق بدأ يستعيد عافيته الإقليمية والدولية.
  • والثانية أن الولايات المتحدة تسعى لتجنب الانخراط في صراعات جديدة، وهو ما يتماشى مع السياسة الخارجية الحالية.

وتأتي خطوة إعادة التموضع وخروج بعض القوات الأجنبية عقب اتفاق سابق بين بغداد وواشنطن نهاية أيلول/أيلول الماضي، بهدف تحديد موعد رسمي لإنهاء مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في البلاد، على ألا يتجاوز نهاية أيلول/أيلول الجاري.

وأكد الهلالي أن الحكومة تعمل على إبعاد العراق عن الصراعات الإقليمية لتجنب تداعياتها السلبية، وترسيخ دور بغداد كلاعب محوري وعامل تهدئة في المنطقة.