by | Sep 2, 2025 | أخبار العالم
ربما كان أحد أفضل الدروس، التي يمكن للإنسان أن يتعلمها خلال مسيرة حياته، وأن من المستحسن تعلّمها في وقت مبكر، التخلي عن وهم السيطرة المطلقة على مسار الأحداث، أو الإيمان الراسخ بديمومة الحاضر إلى حدّ إلغاء الماضي والمستقبل.
الحياة، كما تشير التجارب، ليست خطاً مستقيماً، تنطلق من مكان لتنتهي إلى مكان وفق مخطط دقيق، بل هي سلسلة من الأحداث، تتخللها مفاجآت غير متوقعة، أو ما يبدو لنا مفاجآت، تغير مجرى الأمور كما ألفناها، تعيد رغماً عنا تشكيل واقعنا الشخصي، وقد تتمدّد إلى دائرتنا الاجتماعية والسياسية والإنسانية. ويتضخم تأثيرها المعاكس، في حال اعتقادنا بدوام وهم الاستقرار.
هناك من يتوهم أن الحاضر، بما يحمله من استقرار نسبي، ولو شابه أحياناً اضطراب بسيط بين فترة وأخرى، سيبقى على حاله، ويمكن التنبؤ بالمستقبل استناداً إلى معطيات الحاضر. هذا الإيمان بدوام اللحظة الراهنة يجعل الإنسان يخطط، يحلم، وربما يطمئن. غير أن هذا النوع من الطمأنينة هش للغاية، لأنه يتجاهل الحقيقة الأساسية التي أثبتها التاريخ، وتجارب الأفراد على حد سواء: أن المفاجآت جزء أصيل من نسيج الحياة.
فجأة وجد السوريون أنفسهم في وضع لا يقلّ عن انقلاب
فكمْ من شخص استيقظ صباحاً وهو يظنّ أن يومه سيكون اعتيادياً، فإذا بخبر أو حادثة تغيّر مجرى حياته بأكملها. ماذا لو فكرنا فيه على مستوى الشعوب، فالسوريون استيقظوا يوم 8 كانون الأول/كانون الأول على سقوط النظام، بينما كانوا يسيرون في انحدار رتيب سياسياً واقتصادياً، في أفق مسدود تماماً، وانعدام للإرادة، بعدما أوقع النظام في يقين الشعب أنه مستمر إلى الأبد، والمتغيرات تأتي من فوق، بشكل محسوب لا علاقة لهم به على الإطلاق، حتى بات الاعتقاد أن لا شيء سيحدث، ولا انفراج في الأفق المنظور، فالخراب شامل، وعليهم التعايش معه.
فجأة وجد السوريون أنفسهم في وضع لا يقلّ عن انقلاب، لقد سقط نظام الأبد بسهولة، وعلى غير توقع. وكأنه لم يسبقه 14 عاماً من ثورة وحرب داميتين، كلّفت آلاف التضحيات، لا تقل عن مليون شهيد. الانتصار لم يكن سهلاً أبداً، وأحدث انفراجاً كبيراً، لكنه وضع البعض في خضم أزمة تحول جذري غامض، لم يستطيعوا التكيف مع انبثاقة مباغتة، قلبت الاستقرار المخادع والطمأنينة القلقة إلى أزمة، وكأنه كان لديهم ما يعملون عليه، ثم أصبحوا بلا عمل، وفقدوا خططهم الافتراضية للمستقبل، ما الذي يفعلونه؟ مع أن الحدث لم يمنع عنهم الحرية كي يتحركوا، لكن إلى أين؟ هذا ما طاول طبقة النخبة الكسيحة.
أمام هذا الواقع المتغير، تسابقت الجماعات التي تطمح إلى الانفصال، وبتعبير آخر محبب إلى الاستقلال، بينما كان دور المثقفين، الفشل في الانفتاح على الممكن، ومن دون مرونة، ولا نعني الاستسلام، لم يتقبلوا التغيير، مع إحساس بالقلق، وبلا خطط عملية بديلة، سوى الرفض لما فوجئوا به.
ما غاب عنهم، أو ما رفضوا الانخراط فيه، هو أن اللامتوقع لا يتجه دوماً نحو الأسوأ. في الكثير من الأحيان، يفتح أبواباً كانت مغلقة، وفرصاً كانت مستحيلة. هذا هو اللامتوقع السوري، فاجأ رهطاً من المثقفين، وهبَط محملاً بإمكانيات هائلة في التغيير، وكشف عجزهم عن التعامل معه، رغم قناعتهم أن النظام الساقط كان كارثة على البلاد، ارتدوا إلى أجنداتهم الأيديولوجية بعد تحديثها، بينما في الجوهر، أسفرت عن الفوضى الذي تحمله، وتبشر به.
منذ اليوم الأول، صرخوا هذه مؤامرة، كي يفسروا هذا الذي لم يتوقعوه. لم يفهموا أن البلد غير محصن من التحولات، ولن ينتظر. لهذا سيمضي مخلفاً وراءه، هؤلاء الذين قصروا عنه.
* روائي من سورية
by | Aug 29, 2025 | أخبار العالم
متابعةً لردات الفعل التي أثارها طلبُ مديرية تربية دمشق من الوزارة الموافقةَ على تغيير اسم مدرسة المسرحي الراحل سعد الله ونوس، من ضمن مجموعة من المدارس في المحافظة، أعلن وزير الثقافة في الحكومة الجديدة تدخّل الوزارة عبر اتصال مع وزير التربية، نفى فيه الأخير تغيير اسم المدرسة.
من جانبه، أكّد وزير الثقافة حرص الوزارة على “تكريم مبدعي سورية وقاماتها الأدبية، وتخليد تراثهم الكبير، وتكريس حضورهم في الحياة العامة، وفي كافة المواقع”.
وكانت “رابطة الكتّاب السوريين” قد أصدرت بياناً مساء أمس، اعتبرت فيه الخطوة “مساساً بأحد أبرز رموز الثقافة العربية والمسرح العالمي، وعبثاً بالذاكرة الثقافية”، وقد وجَّهت الرابطة النداء إلى المؤسسات السورية المعنية للتدخّل لدى وزارة التربية كي تتفادى الأخذ باقتراح المديرية، ولوجوب عدم تمرير القرار، وخصّت في بيانها رئاسة الجمهورية، ووزارة الثقافة، واتحاد الكتّاب العرب، مؤكدة أن سعد الله ونوس “كاتب حر ومستقل، لم يرتبط بأي نظام سياسي، بل كان في طليعة المبدعين العرب الذين واجهوا الاستبداد، وناضلوا من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية”.
وسعد الله ونوس (1941-1997)، مسرحي سوري، من مواليد حصين البحر في طرطوس. من مسرحياته “حفلة سمر من أجل الخامس من حزيران”، التي تناولت هزيمة 1967، و”منمنمات تاريخية”، التي كتب فيها عن حصار تيمورلنك لدمشق واستحضر فيها شخصية ابن خلدون. من مسرحياته أيضاً “الاغتصاب” التي تميّز بين الصهيوني واليهودي، و”الفيل يا ملك الزمان”، و”رأس المملوك جابر”، وغيرها العديد من المسرحيات التي كانت تطبيقاً لمفهومه عن “مسرح التسييس”، لا المسرح السياسي، وهو مسرح قائم على التحريض والرفض، وتبني خطاب النقد السياسي للأنظمة ببناها الفكرية والاجتماعية.
by | Aug 28, 2025 | أخبار العالم
في إطار ردات الفعل على الكتاب الصادر عن مديرية تربية دمشق، والموجه إلى الوزارة، للموافقة على إعادة تسمية مجموعة من المدارس، من بينها مدرسة باسم المسرحي السوري سعد الله ونوس، أصدرت “رابطة الكتّاب السوريين” بياناً اعتبرت فيه الخطوة “مساساً بأحد أبرز رموز الثقافة العربية والمسرح العالمي”.
مع افتراض الرابطة “حسن النية”، إلا أنّها اعتبرت في الوقت نفسه تغيير اسم صاحب “الفيل يا ملك الزمان” عبثاً بالذاكرة الثقافية، وهو أمر رأت الرابطة وجوب تفاديه، بعدم تمرير القرار، موجهة النداء إلى المؤسسات السورية المعنية للتدخل لدى وزارة التربية، للحفاظ على “التراث والذاكرة الثقافية والإبداعية، وحمايتها من أي اعتداء أو عبث تحت أي ذريعة كانت”.
وقد خصّت الرابطة في بيانها؛ رئاسة الجمهورية، ووزارة الثقافة، واتحاد الكتّاب العرب، مطالبةً بتحرك هذه الهيئات، لوقف الإجراءات المتعلقة بتغيير اسم مدرسة الكاتب السوري سعد الله ونوس، مؤكدة أن سعد الله ونوس “كاتب حر ومستقل، لم يرتبط بأي نظام سياسي، بل كان في طليعة المبدعين العرب الذين واجهوا الاستبداد، وناضلوا من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية”.
وقد كتبت زوجة الراحل فايزة الشاويش على صفحتها على الفيسبوك: “إن طلب تعديل اسم مدرسة “سعد الله ونوس” خبر محزن وسط ما تعيشه سورية من أحزان كثيرة أخرى”، واعتبرت في منشورها أن من حق وزير التربية إلغاء رموز النظام البائد، لكن سعد الله “رمز وطني، وليس من مفردات عائلة الأسد، وهو رمز يستحق التكريم، لا الإلغاء”.
وكانت مديرية تربية دمشق وجهت طلباً إلى وزارة التربية، للموافقة على تغيير أسماء عشرات المدارس في دمشق، وتضمنت القائمة إعادة تسمية مدرسة سعد الله ونوس، لتصبح “السفيرة المهنية”. وجاء هذا التوجه ضمن سلسلة قرارات غيّرت فيها الحكومة الجديدة أسماء مدارس، وهيئات رسمية عديدة، مثل استبدال اسم صحيفة “تشرين” لتصبح “الحرية”، إضافة إلى استبدال أسماء المستشفيات والجامعات، التي كانت تحمل أسماء رموز النظام السابق.
by | Aug 28, 2025 | أخبار العالم
استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، اليوم الخميس في دمشق، رئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري، الذي وصل على رأس وفد أمني رفيع، في ثالث زيارة من نوعها للمسؤول الأمني العراقي منذ إسقاط نظام بشار الأسد في كانون الأول/كانون الأول الماضي. وقالت الرئاسة السورية في بيان إن الشرع استقبل الشطري بحضور رئيس جهاز الاستخبارات العامة السورية حسين السلامة.
وأوضحت الرئاسة السورية أنه جرى خلال اللقاء بحث المستجدات الأخيرة في المنطقة، وفي مقدمتها الوضع الأمني، وتأكيد وحدة الأراضي السورية وسيادتها، وأن استقرار سورية يشكل عاملاً أساسياً في أمن المنطقة. كما تناولت المباحثات الجوانب الاقتصادية، ولا سيما تفعيل حركة التبادل التجاري وفتح المنافذ البرية بين البلدين. بدورها، نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) عن مسؤول حكومي قوله إن الشرع والشطري ناقشا “أمن الحدود ومكافحة الإرهاب وأوضاع الجالية العراقية في سورية”، مؤكدة أن الجانبين اتفقا على “زيادة التعاون الأمني لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة”.
ووفقاً للوكالة، فإن الزيارة جاءت بتوجيه من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، كما زار الشطري مبنى السفارة العراقية في دمشق والتقى القائم بالأعمال العراقي هناك واستمع إلى المشكلات التي تواجه أبناء الجالية العراقية في سورية وسبل معالجتها. وهذه الزيارة هي الثالثة التي يجريها الشطري منذ إسقاط نظام الأسد، حيث زار دمشق مرتين وعقد مباحثات مع الرئيس السوري في 26 كانون الأول الماضي، فيما جرى الاتفاق خلال الزيارة الثانية، في 24 إبريل/ نيسان الماضي، على فتح معبر القائم البري بين البلدين والتنسيق بملف الحدود، وسبل مواجهة بقايا تنظيم “داعش” الإرهابي.
وقال مسؤول أمني في بغداد قال لـ”العربي الجديد”، إن الشطري وصل برفقة ضباط أمن كبار ونقل رسائل من بغداد إلى دمشق تتعلق “بأوضاع المنطقة والعدوان الصهيوني المتكرر على سورية، وأهمية تطوير العلاقات”، مؤكداً في اتصال عبر الهاتف أن هناك “ملفات التبادل بالمعلومات الأمنية، يتصدر حالياً اهتمام العراق وتسعى لعقد تفاهمات مع السوريين حياله”.
وعقب سقوط نظام الأسد بأيام قليلة زار الشطري العاصمة دمشق، وعقد لقاءً مغلقاً مع الرئيس السوري، أعقبه لقاء آخر بينهما بحضور مسؤولين أمنيين من كلا البلدين، ونتج عنه تفاهمات عديدة في هذا الإطار، تتعلق بملف الحدود، وتبادل المعلومات المتعلقة بأنشطة بقايا تنظيم “داعش”، وإعادة فتح المعبر البري الحدودي بين البلدين، وملف مخيم “الهول”، في الشمال الشرقي السوري. وفي السابع عشر إبريل الماضي، التقى لأول مرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الرئيسَ السوري أحمد الشرع، في الدوحة، ضمن مبادرة قادتها دولة قطر، لتقريب وجهات النظر بين البلدين الجارين.