البرلمان الدنماركي يمنح وزير الدفاع صلاحيات استثنائية

البرلمان الدنماركي يمنح وزير الدفاع صلاحيات استثنائية

وافَق البرلمان الدنماركي اليوم الثلاثاء، في جلسة استثنائية وبأغلبية مريحة، على القراءة الثالثة لمشروع قانون مثير للجدل يمنح وزير الدفاع، ترويلز لوند بولسن، صلاحيات واسعة يمكن أن تتجاوز القوانين المحلية، بحجة مواجهة “العدوانية الروسية” وتسريع تنفيذ مشاريع أمنية حاسمة. الجديد في القانون أنه يمكن للوزير إلغاء أو تجاوز قوانين محلية، بما في ذلك متطلبات بيئية وتنظيمية، للسماح ببناء مرافق دفاعية بسرعة. وتشمل الصلاحيات أيضاً منع الاعتراضات البلدية (المحلية) وإخفاء تفاصيل المشاريع عن الجمهور من جيران المباني والمنشآت العسكرية. وقال الوزير بعد التصويت صباح اليوم: “يسرنا أن تحظى الخطة بدعم البرلمان الدنماركي. إن القانون الواسع ضروري لضمان بناء الدفاع في المناطق الحساسة”. كذلك، فإن بند انقضاء القانون بنهاية عام 2028، يُعدّ مجرد مرجعية مؤقتة، حسب منتقدين يخشون أن يُستخدم أساساً لتشريعات مستقبلية تستمر في تقليص الرقابة الديمقراطية.

قانون يهمّش البرلمان الدنماركي

النائب اليساري كارل فالنتين رفض القانون بشدة قائلاً: “لا يمكن حماية الديمقراطية بتفكيكها.. هذا القانون يجعل الدنمارك تتصرف مثل الأنظمة التي ندّعي أننا نحاربها”. وأضاف نواب من أحزاب “البديل” و“اللائحة الموحدة” (اليساريين) و”حزب المواطنين”، أن هذا القانون يهمّش البرلمان الدنماركي ويمنح السلطة التنفيذية صلاحيات لا تقارن حتى بالسلطات المحلية. في المقابل، تبرّر الحكومة الدنماركية تمرير القانون، بالحاجة الملحّة لتعزيز الدفاع ضد تهديد روسي متصاعد. لكن تقرير جهاز الاستخبارات الدفاعية (FE) يدحض ذلك، مشيراً إلى أن الأوضاع لا تدل على هجوم وشيك، بل إن روسيا بحاجة لسنوات للاستعداد، حتى في حال تأخر حلف شمال الأطلسي (ناتو) عن تعزيز قدراته.

يخشى مراقبون من أن هذه التوجهات تدفع الدنمارك بعيداً عن نموذج ديمقراطية شفافة

 

ورغم أن القانون مخصّص للمشاريع العاجلة، تشير ملاحظات معارضة إلى أن بعض بنوده تفتح المجال لإضافة مشاريع مدنية غير دفاعية، مثل مشاريع خلق فرص عمل، ضمن الصلاحيات الممنوحة لوزير الدفاع. هذه الصلاحيات التي يراها معارضوها خطوة جديدة نحو مركزية متزايدة جاءت ضمن سياق تغيرات دفاعية تشهدها الدنمارك، تشمل: تمديد وجود القوات الأميركية في قواعد من دون خضوع للدستور الدنماركي وعدم مثول الجنود الأميركيين لمحاكم محلية، وتأسيس صندوق دفاعي بقيمة 50 مليار كرونة (نحو 7.9 مليارات دولار)، ورفع الإنفاق الدفاعي إلى أكثر من 3% من الناتج المحلي، وتشييد منشآت وقواعد عسكرية ومصانع ضخمة من دون العودة للبرلمان. ويمكن لوزير الدفاع فتح الباب أمام تعويضاتٍ للمواطنين، الذين أصبحوا جيراناً لمنشآت إنتاج الأسلحة أو المنشآت العسكرية بسبب التسلح في الدنمارك. كذلك يمكنه حجب معولمات عن المجتمعات المحلية بحجة “السرية”، كما لخصت وكالة الأنباء الدنماركية ريتزاو.

اعتقال معارضين

ويخشى مراقبون من أن هذه التوجهات تدفع الدنمارك بعيداً عن نموذج ديمقراطية شفافة، نحو نهج يُعطي تنفيذية الدولة مزيداً من الاستقلال عن السيطرة الشعبية. ويمكن للوزير أن يُقرر تجاهل القواعد في مجالي التخطيط والبيئة فيما يتعلق بمبنى مُحدد أو نشاط مُحدد في مجال الدفاع. وانتقدت منظماتٌ مختلفة تمرير القانون، وينطبق الأمر نفسه على أحزابٍ يسارية مثل حزب البديل وتحالف الأحمر والأخضر (اللائحة الموحدة)، والتي صوّتت ضده، إلى جانب حزب المواطنين والنائبة المستقلة تيريزا سكافينيوس. واعتقلت الشرطة الدنماركية من المكان المخصص للجمهور أعلى قاعة البرلمان ثلاثة أشخاص قاموا بالتشويش على المناقشات ومقاطعة التصويت على القانون.