غزل اقتصادي بشنغهاي: شراكات بين بكين ونيودلهي… وموسكو تتحدى الغرب

غزل اقتصادي بشنغهاي: شراكات بين بكين ونيودلهي… وموسكو تتحدى الغرب

شهدت قمة منظمة شنغهاي للتعاون، التي اختتمت فعالياتها أمس الاثنين في مدينة تيانجين شمالي الصين تصريحات ودية لافتة بين قادة الصين والهند وروسيا، ما وصفه مراقبون بـ “الغزل الاقتصادي” بين القوى الآسيوية الثلاث وسط توترات متزايدة مع الغرب. فقد شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ على أن بلاده والهند ليستا خصمين وإنما شريكان في التنمية، مؤكداً أن الحدود يجب ألا تحدد مسار العلاقات. من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أن بلاده ملتزمة بتحسين العلاقات مع بكين على أساس الاحترام المتبادل والثقة، في خطوة تعكس سعي الطرفين إلى تجاوز إرث المواجهة الحدودية التي اندلعت عام 2020.

زيارة مودي للصين، الأولى منذ سبع سنوات، عكست بدورها إدراكاً هندياً لأهمية إعادة التوازن في العلاقات مع بكين في ظل الضغوط الاقتصادية الأميركية. فقد فرضت واشنطن في آب/آب الماضي رسوماً جمركية بنسبة 50% على الصادرات الهندية بسبب استمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي بكميات ضخمة وعدم إبرام اتفاق تجاري مع واشنطن، الأمر الذي دفع الهند إلى تعزيز تنويع شراكاتها وتقوية صلاتها مع جيرانها الآسيويين. 

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن شي قوله إن الصين والهند تمثلان فرصاً تنموية لبعضهما البعض، لا تهديدات. وأضاف “يجب ألا ندع قضية الحدود تُحدد مسار العلاقات الصينية الهندية بشكل عام”. وأكد شي أن العلاقات الصينية الهندية يمكن أن تكون “مستقرة وواسعة النطاق” إذا ركز الجانبان على النظر إلى بعضهما البعض بصفتهما شريكين لا متنافسين.

وتضم منظمة شنغهاي للتعاون عشر دول أعضاء هي الصين والهند وروسيا وباكستان وإيران وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وبيلاروسيا، و16 دولة بصفة مراقب أو شريك، وتمثّل قرابة نصف سكان العالم و23.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وتقدم نفسها على أنها قوّة موازنة لحلف شمال الأطلسي، كما أنها قوة اقتصادية، حيث إن بعض دولها ضمن مجموعة العشرين ذات الاقتصادات الكبرى، وأخرى غنية بمصادر الطاقة مثل النفط والغاز.

صديق عزيز

من جانبه وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الهندي، أمس الاثنين، بأنه “صديقه العزيز” وقال إن العلاقات بين البلدين تتطور بشكل ديناميكي، وذلك وفقاً لمقطع فيديو نشره الكرملين. وأجرى الجانبان محادثات في مدينة تيانجين الساحلية على هامش القمة. وعبر مودي عن أمله في أن تتوصل روسيا وأوكرانيا إلى اتفاق لإنهاء الحرب بينهما قريباً. وتأتي هذه التصريحات الودية لتظهر بوضوح اتجاه ثلاثي آسيا الصاعد إلى تقديم نموذج جديد للتعاون في مواجهة الغرب. وبحسب رويترز، سعى الزعماء الثلاثة إلى تقديم أنفسهم محوراً اقتصادياً بديلاً قادراً على صياغة “عولمة جديدة” أكثر عدلاً، تستند إلى استخدام العملات الوطنية وتوسيع التعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية.

وتكتسب العلاقات الروسية الهندية بعداً اقتصادياً مهماً في ظل العقوبات الغربية على موسكو. وتظهر بيانات وزارة التجارة الهندية أن التبادل التجاري مع روسيا بلغ 68.7 مليار دولار في العام المالي 2024 – 2025، مع اعتماد نيودلهي على موسكو لتأمين 37% من وارداتها النفطية. وشدد بوتين خلال تصريحاته في تيانجين على أن الهدف المشترك هو رفع هذا الرقم إلى 100 مليار دولار بحلول 2030، بينما عبر مودي عن أمله في أن تؤدي الجهود الدبلوماسية إلى إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية قريباً، في محاولة للجمع بين التزامه بالعلاقات مع موسكو ورغبته في الحفاظ على توازن في علاقاته مع الغرب.

عولمة اقتصادية جديدة

وحث الرئيس الصيني، أمس الاثنين، أعضاء منظمة شنغهاي على التعاون على الاستفادة من “سوقهم الهائلة”، في حين أظهر الرئيس الروسي دعمه لتطلع نظيره الصيني لإرساء نظام أمني واقتصادي عالمي جديد يشكل تحدياً للولايات المتحدة، بحسب “رويترز”. وقال شي في كلمته الافتتاحية التي ألقاها، في القمة أمام أكثر من 20 من قادة العالم، إن منظمة شنغهاي للتعاون وضعت نموذجاً لنوع جديد من العلاقات الدولية. 

وأضاف “يتعين أن ندعو إلى تعددية أقطاب متكافئة ومنظمة في العالم والعولمة الاقتصادية الشاملة وتعزيز بناء نظام حوكمة عالمي أكثر عدلاً وإنصافاً”، موضحاً أن الصين ستقدم ملياري يوان (280 مليون دولار) من المساعدات التي لا تنطوي على أعباء على الدول الأعضاء هذا العام وعشرة مليارات يوان أخرى من القروض لكونسورتيوم بنوك تابع لمنظمة شنغهاي للتعاون. وبحسب وكالة أسوشييتد برس، تهدف هذه المبادرة إلى إظهار منظمة شنغهاي منصة للتنمية، وليس مجرد إطار أمني، وإلى منافسة مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وتابع شي قائلاً: “يجب أن نستفيد من السوق الضخمة… لتحسين مستوى تيسير التجارة والاستثمار”، وحث التكتل على تعزيز التعاون في مجالات تشمل الطاقة والبنية التحتية والعلوم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. 

ترحيب أممي

الأمم المتحدة من جانبها رحبت على لسان أمينها العام أنطونيو غوتيريس بالدور الصيني “الأساسي في تعزيز التعددية”، في اعتراف ضمني بوزن هذه القمة. في الوقت نفسه، حذرت تقارير غربية من أن توسع التعاون بين الصين والهند وروسيا قد يسرع من تآكل النظام الدولي القائم على المؤسسات الغربية. وتشير بيانات صادرة عن معهد الإحصاء التركي ودراسات اقتصادية آسيوية إلى أن منظمة شنغهاي تمثل أكثر من 40% من سكان العالم ونحو 30% من الناتج العالمي، ما يمنحها وزناً ديموغرافياً واقتصادياً متزايداً. ومع انضمام دول من الشرق الأوسط بصفة شركاء، من المتوقع أن تتوسع أنشطتها لتشمل مشاريع طاقة ونقل عابرة للأقاليم.

بوتين بدوره اعتبر أن القمة أحيت “التعددية الحقيقية”، لافتاً إلى أن تزايد استخدام العملات الوطنية في التسويات التجارية بين الدول الأعضاء يمثل قاعدة لنظام اقتصادي جديد في أوراسيا أكثر توازناً وعدالة. وأوضح أن النظام الأمني والاقتصادي الذي تدعو إليه موسكو وبكين سيختلف عن النماذج الأوروبية الأطلسية لأنه سيراعي مصالح مجموعة واسعة من الدول، ولن يسمح لطرف واحد بفرض أمنه أو مصالحه على الآخرين. وقالت “بلومبيرغ” إن تصريحات بوتين، التي جاءت في ظل استمرار عزلة بلاده عن الأسواق الغربية، جاءت تأكيداً على أن موسكو تسعى إلى ترسيخ نفسها جزءاً من محور اقتصادي جديد يقوده الجنوب العالمي.

وحضر حفل الافتتاح أيضاً زعماء آخرون من آسيا الوسطى والشرق الأوسط وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا في استعراض كبير للتضامن بين دول الجنوب. ودعا شي أيضاً شركاء المنظمة إلى “معارضة عقلية الحرب الباردة والتصادم بين التكتلات” ودعم أنظمة التجارة متعددة الأطراف، في إشارة واضحة إلى حرب الرسوم الجمركية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ توليه منصبه في البيت الأبيض مطلع العام الحالي، والتي أثرت بشكل غير متناسب على اقتصادات نامية مثل الهند. 

بدائل أكثر صلابة

وقال محللون إن الصين ستستخدم القمة الأكبر على الإطلاق هذا العام لإظهار رؤية بديلة للحوكمة العالمية للنظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في وقت يشهد فيه عدم انتظام في صنع السياسات وانسحاب واشنطن من منظمات متعددة الأطراف والتقلبات الجيوسياسية. وأضافوا: “قد تبدو القرارات التي خرجت من القمة سياسية الطابع أكثر منها اقتصادية، لكن تأثيرها العملي قد يظهر تدريجياً في السنوات المقبلة”، لافتين إلى أن تعزيز استخدام العملات الوطنية سيؤدي على المدى المتوسط إلى تقليل الاعتماد على الدولار، خاصة في التجارة الثنائية بين الهند وروسيا أو بين الصين ودول آسيا الوسطى.

كما أن المساعدات والقروض الصينية قد تفتح الباب أمام مشاريع تنموية في البنية التحتية والطاقة، ما يعزز النفوذ الاقتصادي لبكين. في المقابل، فإن استمرار تدفق النفط الروسي إلى الهند بأسعار تنافسية قد يمنح نيودلهي ميزة في الحفاظ على استقرار أسعار الطاقة رغم الضغوط الأميركية، وهو ما يعني أن الغزل الاقتصادي في تيانجين لم يكن مجرد شعارات، بل خطوة عملية لبناء بدائل اقتصادية أكثر صلابة.

دبابات وسياحة وصور تذكارية: لماذا يزور كيم جونغ أون وفلاديمير بوتين الصين؟

دبابات وسياحة وصور تذكارية: لماذا يزور كيم جونغ أون وفلاديمير بوتين الصين؟

تنظم الصين، يوم الأربعاء الثالث من شهر أيلول/أيلول، في ميدان تيانانمن في العاصمة بكين، عرضاً عسكرياً كبيراً، سوف تتقدمه الصواريخ النووية والدبابات، فيما ستجوب مقاتلات الجيل الخامس سماء العاصمة.

بيد أن أنظار الحضور في عرض “يوم النصر” بالصين لن تتجه بالدرجة الأولى نحو التكنولوجيا القتالية المعروضة، بقدر ما ستتجه نحو زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اللذين سيشاركان في الحدث كضيوف للرئيس الصيني، شي جينبينغ.

ونظرا لقلة سفر هذين الزعيمين إلى الخارج خلال السنوات الأخيرة، يُطرح سؤال عما تكشفه مشاركتهما في هذا الحدث الذي يُحيي الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، وما هي طبيعة العلاقة بين هذه الدول الثلاث الرئيسة، وخططها المستقبلية؟

وفيما يلي بعض الآراء والتحليلات التي طرحها خبراء خدمات بي بي سي الكورية والروسية والصينية وتقييمهم للاستعراض العسكري.

مكانة كوريا وتعزيز السياحة

عضوات الجيش الصيني عن قرب، جميعهن ينظرن في نفس الاتجاه بتعبيرات جادة
بدأت بالفعل التدريبات على العرض في بكين

تقول جونا مون، من خدمة بي بي سي الكورية، إن “اللقاء بين كيم وشي جينبينغ سيكون أول لقاء لهما منذ نحو ست سنوات”.

وكانت المرة الأخيرة التي زار فيها كيم الصين قبل توجهه إلى قمة هانوي 2019 للقاء الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال فترة ولايته الأولى، بعدها زار الزعيم الصيني بيونغ يانغ في وقت لاحق من نفس العام.

ويُعد هذا الحدث مناسبة تاريخية، إذ سيكون – على سبيل المثال – اللقاء الأول الذي يظهر فيه زعماء كوريا الشمالية والصين وروسيا معاً.

كما يمثل استثناءً بالنسبة لزعماء كوريا الشمالية المعاصرين، نظراً لاقتصار اللقاءات السابقة لكيم جونغ أون ووالده وسلفه كيم جونغ إيل على الاجتماعات الثنائية الدبلوماسية.

ومن اللافت كذلك أنها المرة الأولى منذ عام 1959 التي يحضر فيها زعيم كوريا الشمالية استعراضاً عسكرياً صينياً.

وتقول مون أيضاً، إن “الزيارة تأتي في ظل مواجهة كوريا الشمالية صعوبات اقتصادية واستعدادها لمناسبات سياسية مهمة، مما يجعل الدعم الصيني يحمل أهمية كبيرة”، مشيرة إلى ارتفاع أسعار الأرز في البلاد.

ويسعى كيم جونغ أون إلى ضمان أن تسهم المساعدات الصينية في إحياء الذكرى الثمانين لتأسيس حزب العمال الكوري الشمالي في تشرين الأول/تشرين الأول، فضلاً عن المؤتمر التاسع للحزب، والمتوقع في العام المقبل، بأسلوب يضفي على الاحتفالات طابع الهيبة بدلاً من التقشف.

كيم جونغ أون وشي جينبينغ يقفان أمام أعلام، ويتصافحان مع تعبيرات جادة على وجوههما
قد يسهم العرض في بكين في تعزيز العلاقات بين شي جينبينغ وكيم جونغ أون

بيد أن كوريا الشمالية تواجه أيضاً تحديات اقتصادية بارزة، مما يستدعي الحصول على دعم صيني.

وتوضح مون: “تسعى بيونغ يانغ إلى استقطاب أعداد كبيرة من السياح الصينيين إلى منطقة منتجع وونسان – كالما الساحلية التي افتتحت مؤخراً، الأمر الذي يستلزم موافقة الحزب الشيوعي الصيني”.

بيد أن زيارة زعيم كوريا الشمالية إلى بكين سوف تركز على أمور أخرى تتعدى الجوانب المالية بكثير.

ويميل كيم عادة إلى الحفاظ على توازن في علاقاته بين موسكو وبكين، كي لا يكون معتمداً بشكل كامل على أي منهما، وسوف تشكل هذه المناسبة فرصة نادرة لرؤيته مع الطرفين.

وتضيف مون: “يهدف كيم، من خلال تنسيقه مع شي جينبينغ وبوتين، إلى تقديم نفسه كنظير للقوى العظمى، وإبراز مكانة كوريا الشمالية المهمة ضمن محور محتمل يضم الصين وروسيا وكوريا الشمالية”.

ومن الممكن أن يكون كيم جونغ أون يتمنى حضور الرئيس الصيني احتفالات حزب العمال الكوري الشمالي في تشرين الأول/تشرين الأول، وهي خطوة من شأنها أن تعزز مكانته على الصعيدين الداخلي والخارجي.

ماذا يعني ذلك بالنسبة لكوريا الجنوبية، المجاورة لكوريا الشمالية؟

تقول مون إن “زيارة كيم تعد على نطاق واسع بمثابة تحرك استراتيجي لمواجهة تعاظم التعاون بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، ودليلاً على استعداد بيونغ يانغ لتعزيز مكانتها الثلاثية مع الصين وروسيا”.

وتضيف أن “زيارة كيم في عيد النصر، تساهم في تعزيز التعاون بين كوريا الشمالية والصين وروسيا، كما يترتب عليها تداعيات بالغة الخطورة على البيئة الأمنية لكوريا الجنوبية”.

وتقول مون: “تتفاقم المخاطر المرتبطة بتعاون أعمق، ولو كان غير رسمي، بين بيونغ يانغ وبكين وموسكو في مجالات أنظمة الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية والاستخبارات واللوجستيات”.

روسيا تعود إلى الساحة العالمية

بوتن وترامب يمشيان ويتحدثان، ويستمع كل منهما إلى ما يقوله الآخر ويبتسمان
حضور العرض في بكين سيكون بمثابة دفعة أخرى للمكانة الدولية لبوتين بعد اجتماعه في ألاسكا مع الرئيس ترامب

يقول أليكسي كالميكوف، من خدمة بي بي سي الروسية إن “الدعوة إلى بكين، التي تأتي بعد فترة وجيزة من قمة مع الرئيس دونالد ترامب في ألاسكا، تُعتبر بمثابة موسيقى تطرب آذان فلاديمير بوتين”.

وأضاف أن روسيا “تعرضت على مدى السنوات الماضية، لعزلة متزايدة على صعيد المجتمع الدولي نتيجة العقوبات المفروضة عليها بسبب غزوها لأوكرانيا”.

وقال: “أصبح بوتين، الذي كان يوماً شريكاً متساوياً في اجتماعات مجموعة السبع، مرفوضاً بعد صدور مذكرة توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية”.

بيد أن بوتين الآن، وخلال فترة قصيرة، استقبلته قوتان عالميتان رئيسيتان استقبالاً رسمياً مهيباً.

وقال كالميكوف: “حتى وقت قريب، لم يكن من الممكن للسلطات الروسية أن تتصور تحقيق مثل هذا النجاح على المسرح الدولي. أما الآن، فهو واقع ملموس”.

وأضاف أن حضور بوتين الاستعراض في بكين لن يرسخ موقعه على الساحة الدولية فحسب، بل يعمل أيضاً على طمأنة الشعب الروسي بشأن مكانة البلاد على المستوى الدولي.

وأوضح كالميكوف أن “المصافحات العديدة، والأحضان الودية، ومد السجاد الأحمر بمثابة رسالة للشعب الروسي بأن موسكو ليست شريكاً تابعاً لبكين، بل مساوية لها”.

وعلاوة على العلاقات الشخصية، يبرز جانب رئيسي آخر في استعراض “عيد النصر” الصيني، الذي يحي الذكرى الثمانين لاستسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية ونهاية الصراع.

وقال كالميكوف إن “استعراض القوة في الصين يرسل إشارة بالغة الأهمية إلى باقي دول العالم، مفادها أن دول الجنوب متحدة حول شي جينبينغ وبوتين، وهي قوة يجب أخذها في الاعتبار”.

كما تبعث المناسبة رسالة مهمة أخرى إلى البيت الأبيض، مفادها أن أي محاولة لإحداث فجوة بين موسكو وبكين ستبوء بالفشل.

ولفت كالميكوف إلى أن “الصداقة الخالية من القيود، بين روسيا والصين، ما زالت قائمة ومتينة”.

الصين تستعرض قوتها العسكرية

أربعة أنظمة صاروخية خلال استعراض أمام حشد من الناس، مع جنود في المركبات يقفون في حالة تأهب.
معدات عسكرية في احتفالات الذكرى السبعين لعيد النصر في الصين عام 2015

تهدف الصين من تنظيم هذا العرض إلى التأكيد للعالم على أنها قوة عسكرية عصرية وعالمية.

وأفادت خدمة بي بي سي الصينية أن المسؤولين الصينيين “أعلنوا أن العرض الذي يمتد 70 دقيقة سيشمل عرضاً للجيل الجديد من أسلحة جيش التحرير الشعبي، بما في ذلك الأنظمة المتقدمة للصواريخ والدفاع الجوي والصواريخ الاستراتيجية، وجميعها مختارة من معدات قتالية رئيسية حالياً في للصين”.

وقبل الاستعراض، صرح متحدث باسم الحكومة بأن كمية كبيرة من المعدات الجديدة سوف تُعرض لأول مرة.

ومن المؤكد أن هذا الحدث سيحظى باهتمام عالمي واسع، إذ أفادت نشرة العلماء الذرّيّين أن الصين تعكف حالياً على تعزيز وتحديث أسلحتها النووية بمعدل أسرع من أي دولة أخرى.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، ستواجه الصين صعوبات أقل في إدارة قائمة ضيوفها مقارنة بالمناسبات السابقة.

وجدير بالذكر أن المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت مذكرة توقيف بحق بوتين، كما وُجّهت سابقاً انتقادات لبكين بسبب دعوتها لضيوف مطلوبين من قبل المحكمة إلى مثل هذه المناسبات.

بيد أن قرار ترامب بدعوة الزعيم الروسي إلى ألاسكا قبل عدة أسابيع يجعل توجيه الانتقاد للصين هذه المرة أمراً صعباً، وفقاً لما ذكرته بي بي سي الصينية، التي أشارت إلى أن “الجنود الأمريكيين استقبلوا بوتين رسمياً”.

وليس المهم فقط من يحضر المناسبة، بل أيضاً من سيغيب عن الحضور.

ففي العرض نفسه، قبل عشر سنوات، شارك رئيس حزب الكومينتانغ الحاكم آنذاك في تايوان، وكان ضيفاً بارزاً.

وأفادت بي بي سي الصينية بأن ذلك كان “خلال فترة تفاهم أولية في العلاقات عبر المضيق”.

بيد أنه منذ عام 2016، تولى إدارة تايوان الحزب التقدمي الديمقراطي، الذي تتسم علاقاته عادة مع بكين بالفتور.

وفي خطوة تهدف إلى الرد على حملة الصين ضد معارضين في هونغ كونغ، أفادت بي بي سي الصينية بأن “تايوان فرضت حظراً على سفر المسؤولين العموميين إلى بكين لحضور الاستعراض العسكري”.

وبناء عليه لن يشارك أي ممثل من تايوان ضمن 26 رئيس دولة من المتوقع حضورهم المناسبة.

وتعتبر الصين تايوان جزءاً من أراضيها ذاتية الحكم، وقد تعهدت منذ زمن طويل بـ”إعادة توحيدها”.

تصالحت مع باكو وتقاربت مع واشنطن.. فهل تبقي أرمينيا القاعدة الروسية على أراضيها؟

تصالحت مع باكو وتقاربت مع واشنطن.. فهل تبقي أرمينيا القاعدة الروسية على أراضيها؟

موسكو- أثارت التحولات الأخيرة في العلاقات بين روسيا وأرمينيا مجموعة من التساؤلات حول آفاق التفاعل اللاحق بين البلدين، في وقت أصبحت فيه أرمينيا موقع تقاطع مصالح لقوى إقليمية ودولية فاعلة ومتناقضة في إقليم جنوب القوقاز.

وأصبحت هذه التساؤلات أكثر جدلية بعد توقيع أرمينيا وأذربيجان اتفاق سلام في الثامن من آب/آب الماضي بعد صراع مرير، تمثل بعدة حروب بين البلدين اندلعت خلال الـ40 عاما الأخيرة بسبب ملف إقليم ناغورني قره باغ قبل أن تستعيد أذربيجان السيطرة عليه عام 2023 بعملية عسكرية خاطفة.

والاتفاق التاريخي الذي وقع في واشنطن تحت رعاية أميركية ثبّت كذلك دورا غير مسبوق للولايات المتحدة في الإقليم الإستراتيجي، من خلال بوابة ممر زنغزور الذي تحوّل إلى “ممر ترامب للازدهار والسلام” بحقوق تطوير وإدارة أميركية تمتد لـ99 عاما، وتربط القوقاز بتركيا وأوروبا بعيدا عن روسيا وإيران.

في قلب هذه العاصفة الجيوسياسية، برز مصير القاعدة العسكرية الروسية في غيومري، ثاني أكبر مدينة في أرمينيا والعنصر الأثقل في الشراكة الأمنية بين يريفان وموسكو.

وإذا ما كان سيتم إغلاق هذه القاعدة بالنظر إلى التصريحات المتزايدة والصريحة للمسؤولين في أرمينيا عن قطع علاقاتهم الأمنية مع روسيا، والتي جاءت خطواتها الأولى في هذا الاتجاه بطرد حرس الحدود الروس الذين كانوا يوفرون الأمن في مطار يريفان الدولي منذ تسعينيات القرن الماضي.

Military vehicles of the Russian peacekeeping force move on the road outside Lachin on تشرين الثاني 29, 2020, after six weeks of fighting between Armenia and Azerbaijan over the disputed Nagorno-Karabakh region. - A Moscow-brokered peace deal was announced on تشرين الثاني 10 after Azerbaijan's military overwhelmed Armenian separatist forces and threatened to advance on Karabakh's main city Stepanakert. (Photo by Karen MINASYAN / AFP) (Photo by KAREN MINASYAN/AFP via Getty Images)
روابط عسكرية واقتصادية وجيوسياسية تاريخية واسعة تربط أرمينيا بروسيا (غيتي)

حالة تردد

ويشير الخبير في السياسة الخارجية الروسية، ديمتري باييتش، إلى أن أرمينيا تمر بحالة من عدم الاستقرار الداخلي والضغوط الخارجية، وأن رئيس الوزراء نيكول باشينيان يسعى إلى الحفاظ على التوازن بين مختلف القوى من دون اتخاذ خطوات حاسمة تستفز الأطراف، بما في ذلك روسيا.

إعلان

ويقول للجزيرة نت، إن الاتفاق الأخير بين أرمينيا وأذربيجان ترك عددا من القضايا من دون حل، ولا تزال التوترات مرتفعة، ما قد يبقي ملف القاعدة العسكرية الروسية في غيومري على حاله.

ووفقا له، من غير الواضح ما إذا كان الاتفاق بين البلدين سيؤدي إلى سلام دائم، أم أن الخلافات المتبقية ستُدمر هذا التوازن الهش، حسب تعبيره. وعليه، فإن القيادة في أرمينيا ليست في عجلة من أمرها للمطالبة بإنهاء الوجود العسكري الروسي على أراضيها.

إضافة لذلك، يُشير المتحدث إلى أن يريفان تُحاول المناورة بين الشرق والغرب، سعيا للحفاظ على الاستقلال والأمن في ظل وضع جيوسياسي مُعقّد، كما أن القاعدة العسكرية لا تزال عنصرا أساسيا في نظام الأمن الأرميني ورمزا للشراكة الإستراتيجية مع روسيا.

 

اعتبارات الأمن القومي

من جانبه، يشير الخبير في شؤون القوقاز، أندريه أريشيف، إلى أن الوظيفة الرئيسية للقاعدة تتجلى بوضوح في موقعها، إذ تقع على الحافة الغربية لغيومري، على بُعد أقل من 10 كيلومترات من الحدود مع تركيا “عدو أرمينيا اللدود”، حسب وصفه.

ويضيف للجزيرة نت أن الأهمية الدفاعية للقاعدة تعود إلى عقود إلى الوراء، إذ كانت تعد واحدة من الأماكن القليلة التي يجاور فيها الاتحاد السوفياتي السابق مباشرةً دولة عضوا في حلف الناتو، وظلت قائمة.

ويتابع بأنه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، شعرت أرمينيا الفقيرة والمستقلة مجددا بالضعف في مواجهة جارتها القوية والأكبر حجما؛ تركيا.

وبحسب رأيه، ستبقى القاعدة في غيومري ما دامت الاتفاقية بين روسيا وأرمينيا سارية المفعول، فضلا عن أنه ليس لدى أرمينيا ما يدعوها إلى سحبها، لأن الوجود الروسي سيحافظ على توازن القوى والمصالح هناك.

خلافا لذلك، يؤكد الخبير أريشيف أن انسحاب هذه القاعدة سيؤدي إلى مزيد من تدهور العلاقات مع روسيا، ويريفان تتفهم ذلك ولا ترغب في الدخول في جدال مع موسكو، بل إنه مع مرور الوقت، قد يُطرح السؤال حول ما إذا كانت روسيا نفسها تحتاج إلى هذه القاعدة.

تصميم خاص خريطة أرمينيا
أرمينيا تقع في محيط إقليمي وواقع جيوسياسي معقّد (الجزيرة)

ارتباط واعتماد

تم إنشاء القاعدة العسكرية الروسية رقم (102) في غيومري شمال أرمينيا، عام 1995 بناء على اتفاقية بين البلدين.

وفي عام 2010 وخلال زيارة الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف إلى أرمينيا، مُددت الاتفاقية حتى عام 2044. وبموجبها، يجوز تمديد فترة عمل القاعدة تلقائيا بعد عام 2044 لمدة 5 سنوات، إذا لم يُبدِ أيٌّ من الطرفين رغبة في إنهاء الاتفاقية.

وتضم القاعدة حاميتين عسكريتين: في غيومري ويريفان. ويقع القسم الجوي في مطار إريبوني بالقرب من يريفان ويبلغ عدد أفرادها حوالي 4 آلاف فرد.

أما المعدات فتشمل أنظمة صواريخ مضادة للطائرات ومقاتلات ميغ – 29، ومروحيات مي- 24 بالإضافة إلى معدات عسكرية أخرى، بما في ذلك دبابات ومركبات مشاة قتالية.

وبموجب الاتفاقية بين الدولتين، تُوفر أرمينيا أراضي القاعدة مجانا، وتتحمل نصف تكاليف صيانتها. وتعمل القاعدة في إطار نظام الدفاع الجوي المشترك لرابطة الدول المستقلة، وتلعب دورا محوريا في ضمان أمن أرمينيا، وخاصة على الحدود مع تركيا.

إعلان

ولاعتماد أرمينيا العسكري على روسيا جذور راسخة، تعود إلى الحقبة السوفياتية وتعززت بعد انضمام أرمينيا إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي عام 1992.

وزودت روسيا أرمينيا بمعظم معداتها العسكرية، بما في ذلك خلال حربي قره باغ الأولى والثانية، وهذا ضاعف من اعتمادها على الدعم العسكري الروسي.

ورغم الجهود المبذولة لتنويع علاقاتها العسكرية، بما في ذلك مع فرنسا والاتحاد الأوروبي، لا تزال أرمينيا مرتبطة ارتباطا وثيقا بروسيا من خلال روابط عسكرية واقتصادية وجيوسياسية واسعة. ومن غير المستبعد أن يستمر هذا الاعتماد وأن يؤثر على علاقات أرمينيا الدولية وإستراتيجياتها العسكرية في المستقبل.

طائرة رئيسة المفوضية الأوروبية تتعرض لتشويش روسي محتمل على نظام تحديد المواقع العالمي

طائرة رئيسة المفوضية الأوروبية تتعرض لتشويش روسي محتمل على نظام تحديد المواقع العالمي

أعلنت المفوضية الأوروبية عن تعطل نظام الملاحة في طائرة كانت تقل أورسولا فون دير لاين؛ بسبب ما يُشتبه في أنه تدخل روسي.

وأفاد متحدث باسم المفوضية بأن “تشويش في نظام تحديد المواقع العالمي” حدث بينما كانت رئيسة المفوضية على وشك الوصول إلى جنوب بلغاريا يوم الأحد، لكنها هبطت بسلام.

وأضاف: “تلقينا معلومات من السلطات البلغارية تشتبه في أن السبب هو تدخل روسي سافر”.

ونقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، عن مسؤولين لم تُسَمِّهم، أن طائرة فون دير لاين اضطرت للهبوط في مطار بلوفديف في بلغاريا، وكان الطيارون يستخدمون خرائط ورقية.

وأكدت المفوضية الأوروبية على أن “التهديدات والترهيب عنصر أساسي في الأعمال العدائية الروسية”، وأن هذه الحادثة ستعزز التزامها “بتكثيف قدراتنا الدفاعية ودعمنا لأوكرانيا”.

وصرح مفوض شؤون الدفاع في الاتحاد الأوروبي، أندريوس كوبيليوس، عقب الحادثة، بأن الاتحاد الأوروبي سينشر أقماراً صناعية إضافية في مدار أرضي منخفض، بهدف تعزيز قدرته على رصد أي تشويش على نظام تحديد المواقع العالمي.

وأكدت الحكومة البلغارية أنه خلال الرحلة، “تم تعطيل إشارة القمر الصناعي التي تنقل المعلومات إلى نظام الملاحة GPS الخاص بالطائرة”.

وأضاف البيان: “لضمان سلامة الرحلة، عرضت خدمات المراقبة الجوية على الفور طريقة هبوط بديلة، باستخدام أدوات الملاحة الأرضية”.

وصرح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، لصحيفة “فاينانشيال تايمز” بأن معلوماتها “غير صحيحة”.

روسيا وأوكرانيا: السلطات الأوكرانية تؤكد تعرض مؤسسات حكومية لهجوم سبراني شل خدماتها

مقتل رئيس البرلمان الأوكراني السابق في لفيف، وهجوم روسي واسع النطاق على أوكرانيا

وأفادت هيئة خدمات الحركة الجوية البلغارية بوجود “زيادة ملحوظة” في حوادث نظام الملاحة GPS، بما في ذلك التشويش، منذ شباط/شباط 2022، مع الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.

وأبلغت شركات الطيران العاملة حول ساحل البلطيق عن عشرات الآلاف من حوادث التشويش في السنوات القليلة الماضية. وتقع دول البلطيق الثلاث – لاتفيا وليتوانيا وإستونيا – على حدود الأراضي الروسية.

في آذار/آذار 2024، أبلغت طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني تقل وزير الدفاع البريطاني آنذاك، غرانت شابس، عن حادثة تزوير للإحداثيات – بالتقاط إشارات مزيفة عوضاً عن الإشارات الصحيحة، ما يشير إلى موقع زائف.

وتمكنت الطائرة التي كانت تُحلّق قرب جيب كالينينغراد الروسي، الواقع بين بولندا وليتوانيا، من مواصلة رحلتها بسلام.

وقد تفاقمت هذه المشكلة لدرجة أن هيئة سلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي (EASA) والاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) عقدا مؤتمراً خاصاً في عام 2024 لمناقشة حوادث التلاعب بالإحداثيات، محذرين من أنها قد “تشكل تحديات كبيرة لسلامة الطيران”.

وعادة ما تنفي موسكو اتهامات التدخل أو الهجمات على الطيران التجاري، ولم يُثبت حتى الآن وجود صلة بين روسيا وتزايد تشويش نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).

ومع ذلك، فإن الحكومات والخبراء الأوروبيين يُلقون باللوم على روسيا باستمرار، مدعين أن هذه المآذارات تتماشى مع استراتيجية يُزعم أن الكرملين ينتهجها بهدف إثارة الفوضى وتقويض الأمن الأوروبي.

وعلى الرغم من أن الطائرات يمكنها أن تعتمد على أشكال أخرى من الملاحة غير نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، إلا أن تشويشه أثناء الطيران قد يزيد من خطر الاصطدام، إما بطائرات أخرى أو عن طريق التسبب في اصطدام الطيار عن غير قصد بالأرض أو الماء أو أي عائق آخر.

وصرح كير جايلز، أحد كبار الاستشاريين في برنامج روسيا وأوراسيا بمعهد تشاتام هاوس، لبي بي سي بأن هذا التدخل أصبح بالفعل “سمة ثابتة” للطيران قرب روسيا، ما يُعطل خدمات التوقيت وتحديد المواقع التي كانت “تُعد في السابق أمراً بديهياً”.

وقال: “لقد تحولت هذه الحوادث من حوادث متفرقة إلى أمر طبيعي”، مضيفاً أن “لا أحد لديه الرغبة أو القدرة” على إقناع موسكو بوقف “حملة التدخل” المتوسعة.

وكانت فون دير لاين تزور بلغاريا في إطار جولة على دول شرق الاتحاد الأوروبي لمناقشة الاستعداد العسكري الدفاعي.

وقالت متحدثة باسم المفوضية إنها “اطلعت بنفسها على التهديدات اليومية من روسيا ووكلائها” خلال الجولة.

النسخة الروسية من رواية “الشوك والقرنفل” تصف السنوار بـ”جنرال الأحرار”

النسخة الروسية من رواية “الشوك والقرنفل” تصف السنوار بـ”جنرال الأحرار”

قال تقرير نشرته صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية إن مكتبات روسيا وبيلاروسيا بدأت منذ يوم الثلاثاء بيع رواية مترجمة إلى اللغة الروسية التي كتبها قائد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار.

وحسب التقرير، تُرجم عنوان الرواية الأصلي “الشوك والقرنفل” إلى “كيف نهزم إسرائيل: أشواك وورود الشرق الأوسط”، ويقدم وصف الكتاب باللغة الروسية السنوار على أنه “تشي غيفارا الفلسطيني”، في إشارة إلى الثائر الأرجنتيني المشهور.

ويؤكد الوصف أن السنوار يعد “أحد أبرز القادة العسكريين العرب في القرن الـ21″، إذ إنه هندس عملية “طوفان الأقصى” وقاد جهود الدفاع عن غزة بين عامي 2023 و2024.

ويضيف النص: “رغم تفوق إسرائيل من حيث المقومات العسكرية، فإنها فشلت في الاستيلاء على غزة، وقد ألقى الجيش الإسرائيلي أكثر من 80 ألف طن من القنابل على الشريط الساحلي الصغير، ولكن القطاع صمد بفضل السنوار”.

المؤرخ الإيطالي ماركو دي برانكو يُدخل "الشوك والقرنفل" ليحي السنوار إلى جامعة لاسابيينزا بروما
رواية السنوار صدرت أيضا باللغة الإيطالية في كانون الأول/كانون الأول الماضي عن دار لا لوتشي بميلانوا (الجزيرة)

ويشير النص إلى أنه “في هذا الكتاب، يروي “جنرال الأحرار” سيرة حياته التي كرسها للكفاح والنضال من أجل تحرير الفلسطينيين وجميع الشعوب العربية”.

وأفاد موقع “نيوزرو” الروسي، الذي نشر التقرير الأصلي، بأن الطبعة محدودة وهناك 150 نسخة فقط، أصدرتها دار رودينا التابعة لدار ألغوريثم للنشر المعروفة بمؤلفاتها ذات الطابع السياسي.

ولفت التقرير إلى أن أحد مؤلفي دار ألغوريثم هو ألكسندر بروخانوف، الذي أصدر كتابا في 2008 بعنوان “حماس: مديح للأبطال”.

“في هذا الكتاب، يروي “جنرال الأحرار” سيرة حياته التي كرسها للكفاح والنضال من أجل تحرير الفلسطينيين وجميع الشعوب العربية”

بواسطة وصف كتاب “كيف نهزم إسرائيل: أشواك وورود الشرق الأوسط”

وكتب السنوار روايته هذه في السِّجن، الذي قضى فيه 23 عاما بعد أحكام بالسَّجن المؤبد، إثر اتهامه بالتخطيط لاختطاف وقتل جنديين إسرائيليين، وقتل 4 فلسطينيين كانوا عملاء للاحتلال.

ترجمة إيطالية

وسبقت الترجمة الروسية للرواية ترجمة للإيطالية اعتبرت الأولى لكتاب السنوار في دولة غربية أثارت لغطا واسعا، واعتبر مقدمها المؤرخ الإيطالي والأكاديمي البارز المختص بالتاريخ الإسلامي، ماركو دي برانكو أن “السنوار شخصية ملهمة لا تقل تأثيرا عن تشي غيفارا في الوجدان الإنساني المقاوم”، واعتبر أن “تجاهل النتاج الفكري والإبداعي للشهيد السنوار يعد خسارة لكل من يرغب في الاطلاع على تاريخ النضال الفلسطيني”.

إعلان

وواصل المؤرخ الإيطالي تقديمه “للشوك والقرنفل” مؤكدا أهمية رواية السنوار من ناحية الظروف المحيطة بتلقيها في إيطاليا: “ورغم أنني مختصّ بتاريخ القرون الوسطى فإن النص الذي نناقشه اليوم تنبع أهميته من كونه يعد من دون أدنى شك وثيقة تاريخية، تعرضت لنوع من أنواع الحظر الناعم”.

وفي سياق تقديم بيكاردو للنص شدد هذا الأخير على خلو الرواية من أي مشاعر للحقد أو الكراهية، بل العكس تماما حيث كانت تكتنف العمل مشاعر المؤمن المطمئن لقضاء الله. ليستطرد مباشرة دي برانكو في أن السنوار كان يواجه في روايته مفهوم “المكتوب” في الثقافة العربية، وأن عاطفة الكاتب الهادئة كما ظهرت في النص، من شأنها أن تثير استغراب القارئ الغربي لكونه لا يشف عن أي مشاعر كره لليهود أو ما يعرف بمعاداة السامية، وهو ما اعتبره المؤرخ الميزة الأبرز في العمل.