by | Sep 1, 2025 | اقتصاد
يستعد قادة مجموعة بريكس لعقد اجتماع افتراضي الأسبوع المقبل، بدعوة من الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، لمناقشة السياسة التجارية الأميركية وسبل تعزيز التعاون بين الدول الكبرى الناشئة. ويركز الاجتماع على تعزيز التعدّدية الاقتصادية والتنسيق بين الدول الأعضاء، بعيداً عن تحويل الاجتماع إلى منصة ضد الولايات المتحدة.
يأتي الاجتماع في وقت تتعرض فيه البرازيل لضغوط مباشرة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي فرضت رسوماً جمركية تصل إلى 50% على مجموعة واسعة من الصادرات، رغم إعفاء بعض المنتجات مثل الطائرات وعصير البرتقال. وتشير مصادر حكومية برازيلية إلى أن الاختلافات في الرسوم الأميركية المفروضة على مختلف دول بريكس تجعل من الصعب التوصل إلى بيان مشترك قوي، لكن الانسجام بين قادة الدول الأعضاء يبدو أكثر احتمالاً بعد التوتر الأخير بين ترامب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ما يفتح المجال لموقف أكثر وضوحاً من بريكس تجاه السياسات الأميركية.
ويعكس اجتماع قادة بريكس القادم قدرة المجموعة على تنسيق السياسات الاقتصادية في مواجهة الضغوط الخارجية، مع الحفاظ على نهج متوازن يربط بين المصالح الوطنية لكل دولة وضرورة تعزيز التعددية الاقتصادية، ما يعكس دور بريكس المتنامي لاعباً عالمياً مؤثراً في إعادة تشكيل قواعد التجارة العالمية.
وتأتي هذه المناقشات بعد سلسلة اجتماعات حاسمة بين قادة بريكس: اجتماع الرئيس الصيني شي جين بينغ مع مودي في تيانجين، ولقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع مودي، يليه اجتماع بوتين وشي في بكين. وتعكس هذه اللقاءات التنسيق الوثيق بين القوى الصاعدة لمواجهة الضغوط الخارجية وتعزيز الشراكات الاقتصادية الإقليمية والدولية.
في المقابل، أثارت تصريحات الرئيس ترامب جدلاً، إذ أعلن أن الهند عرضت خفض رسومها الجمركية إلى “الصفر”، في خطوة لم تحدد تفاصيلها بعد، عقب فرض الولايات المتحدة رسوماً تصل إلى 50% على صادرات هندية تشمل أكثر من نصف السلع المصدرة إلى السوق الأميركية. وتستهدف الرسوم الأميركية خاصّةً الصناعات كثيفة العمالة مثل النسيج والمجوهرات، فيما تُستثنى بعض القطاعات الحيوية مثل الإلكترونيات والأدوية، حفاظاً على استثمارات شركات كبرى مثل آبل في الهند.
وتشكل هذه الضغوط جزءاً من استراتيجية أوسع لإدارة الولايات المتحدة للعلاقات التجارية، بما في ذلك محاولة الحد من استخدام الدول الكبرى الناشئة للعملات المحلية وتقليص الاعتماد على الدولار. في المقابل، تسعى بريكس لتعزيز استقلالها المالي والتجاري من خلال توسيع التجارة بين أعضائها بالعملات المحلية، وتطوير سلاسل إمداد مشتركة، وتعزيز القدرة التنافسية لمجموعة الدول الناشئة على الساحة العالمية.
by | Sep 1, 2025 | أخبار العالم
نجحت قمة منظمة شنغهاي للتعاون، التي اختتمت أعمالها اليوم الاثنين، في مدينة تيانجين شمالي الصين بحضور 20 زعيم دولة، في إرسال عدة صرخات في وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يسعى بكل قوته وبلطجته إلى تعميق سيطرة الولايات المتحدة على الاقتصاد الدولي، والسطو على ثروات العالم، واحتلال دول وممرات مائية، وإزاحة المنافسين من المشهد، وفي المقدمة الصين والهند وروسيا.
وشكلت القمة تحولاً مهماً نحو إعادة رسم خريطة الاقتصاد العالمي، وصياغة بدائل عملية للنظام الحالي المليء بالعيوب، وخلخلة الواقع المر الذي صنعته الإدارات الأميركية المتلاحقة، كما سعت إلى وضع نهاية لأحادية النظام المالي الأوحد، وإعادة النظر في المنظومة القائمة على قيادة الولايات المتحدة منفردة لاقتصاد وأسواق وتجارة العالم، وفرض واشنطن الدولار عملةَ احتياط دولية لدى البنوك المركزية وعلى التعاملات المالية والتجارية وتسعير كل شيء، ومنها السلع والخدمات.
ولأول مرة يجد قادة منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم عشر دول هي الصين والهند وروسيا وباكستان وإيران وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وبيلاروسيا، أنفسهم أمام مخاطر اقتصادية وتجارية وسياسية بالغة الخطوة، حيث الحروب الاقتصادية الشرسة التي يشنها ترامب ضد معظم دول العالم، وحروب العملات والتقنية والرسوم الجمركية المبالغ فيها التي فرضها عقب وصوله إلى البيت الأبيض، وباتت تهدد التجارة الدولية وسلاسل التوريد بشكل مباشر، وحيث تهديدات أخرى متلاحقة، سواء تعلقت بمجموعة بريكس التي هددها ترامب بفرض عقوبات قاسية في حال استبدال الدولار والاستغناء عن العملة الأميركية في المبادلات التجارية، وتهديده دولاً كبرى أخرى في حال شراء النفط الروسي وإقامة علاقات اقتصادية مع موسكو كما الحال مع الهند ودول جنوب شرق آسيوية، وهناك تهديدات تتعلق باستمرار هيمنة المؤسسات المالية الغربية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين على سوق الإقراض العالمي، والتحكم في مصير الدول المتعثرة والمتعطشة للسيولة النقدية.
في ظل هذا المشهد الاقتصادي الملبد والمعقد، ومحاولة التصدي لبلطجة ترامب التي لا سقف لها، شهدت قمة منظمة شنغهاي للتعاون الأخيرة تطورات إيجابية مهمة وملفتة، فلأول مرة يحدث تقارب صيني هندي روسي على هذا المستوى الرفيع، حيث شارك في القمة زعماء الدول الثلاث، الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، واللافت هنا هو حدوث تقارب شديد في الرؤى والتصريحات والمواقف بين الزعماء الثلاثة، والتعامل بصفتهم شركاء، وليس خصوماً أو متنافسين، ومحاولة إعادة بناء العلاقات المتصدعة، والتأكيد على الوقوف معاً “حتى في الأوقات الصعبة”، بل وتأكيد بوتين دعمه لنظيره الصيني في ضرورة إرساء نظام أمني واقتصادي عالمي جديد يشكل تحدياً للولايات المتحدة.
في قمة شنغهاي أدار مودي ظهره لترامب ولجأ إلى الصين عدوه التاريخي والغريم الأهم للولايات المتحدة، وعزز علاقته مع موسكو، وأصر على شراء النفط الروسي وتقوية علاقته التجارية مع بكين
واللافت أيضاً في قمة شنغهاي لهذا العام هو مشاركة الهند بتمثيل رفيع بعد غياب استمر سبع سنوات، والتقارب الشديد بين بكين ونيودلهي خلال القمة بعد فترة صراع دامت سنوات، والاتفاق على خطوات لطي ملف الخلافات، ومنها الحدودية، مثل استئناف الرحلات الجوية المباشرة بعد أكثر من خمس سنوات.
التحرك الأخير الذي تقوده العواصم الثلاث، بكين وموسكو ونيودلهي، يمكن البناء عليه في إعادة رسم خريطة اقتصاد العالم، وبناء موقف تفاوضي قوي مع الولايات المتحدة في الحرب التجارية الشرسة الحالية، وإقامة علاقات اقتصادية قوية يستفيد منها تجمع منظمة شنغهاي الذي يمثّل قرابة نصف سكان العالم و23.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويمتلك ثروات ضخمة من النفط والغاز والمعادن النادرة والثروات الطبيعية والمواد الخام.
في قمة شنغهاي أدار مودي ظهره لترامب ولجأ إلى الصين عدوه التاريخي والغريم الأهم للولايات المتحدة، وعزز علاقته مع موسكو، وأصر على شراء النفط الروسي وتقوية علاقته التجارية مع بكين صاحبة ثاني أقوى اقتصاد، وبالتالي فإن ترامب لن يغرد منفرداً في حرب الرسوم والهيمنة التجارية، والتحركات الأخيرة في مدينة تيانجين قد تأكل بسرعة من رصيد الدولار والهيمنة الأميركية على الاقتصاد العالمي.
by | Sep 1, 2025 | أخبار العالم
صرح مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، بأن روسيا والولايات المتحدة تواصلان العمل مع قادة الدول الأخرى، مع مراعاة التفاهمات التي تم التوصل إليها في ألاسكا.
وقال أوشاكوف لقناة “روسيا 1” التلفزيونية: “على حد علمي، يواصل الجانبان الأمريكي والروسي العمل، استنادا إلى هذا الاتفاق (الذي تم التوصل إليه في ألاسكا)، بما في ذلك التواصل مع قادة الدول الأخرى”.
وأضاف: “حتى الآن، ما يُذاع في الصحافة ليس بالضبط ما اتفقنا عليه. الآن يتحدثون عن لقاء ثلاثي، وعن لقاء بين بوتين وزيلينسكي. ولكن على حد علمي، لم يكن هناك اتفاق محدد بين بوتين وترامب بشأن هذا الأمر”.
وأفادت مجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية في وقت سابق، أن ترامب مستاء من مطالب فلاديمير زيلينسكي والقادة الأوروبيين بشأن تسوية الأزمة في أوكرانيا، ويعتبرها “غير واقعية”.
وبحسب المصادر، فإن ترامب أصبح “أكثر نفاد صبر” خلال عملية التفاوض، ويعبر على انفراد عن استيائه من أن “محاولاته الدبلوماسية” لم تنجح بعد. كما يعتقد الرئيس الأمريكي أن “على أوكرانيا أن تتقبل” الخسارة المحتملة لأجزاء من أراضيها لإنهاء النزاع مع روسيا.
يذكر أنه في 15 آب، عُقد لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون العسكرية في ألاسكا.
وفي بيان صحفي هو بمثابة خلاصة للمفاوضات، أعلن بوتين أن تسوية النزاع الأوكراني كانت الموضوع الرئيسي للقمة. وفي 18 آب، عقد ترامب اجتماعًا في واشنطن مع زيلينسكي وقادة الدول الأوروبية.
وعقب اللقاء اتصل ترامب ببوتين، وكما أفاد مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، أعرب الرئيسان عن دعمهما لاستمرار المشاورات المباشرة بين موسكو وكييف، وتم النظر أيضا في فكرة رفع مستواها.
ولاحقا أوضح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن روسيا مستعدة للتفاوض بشأن أوكرانيا بأي شكل من الأشكال، شريطة أن يكون العمل في هذا الاتجاه صادقا ولا يسعى إلى جر الولايات المتحدة إلى الحملة العدوانية الأوروبية.
المصدر: RT
by | Sep 1, 2025 | أخبار العالم
صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الهند عرضت مؤخرا خفض الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية إلى ما يقارب الصفر، مشيرا إلى أن هذه الخطوة جاءت “متأخرة” و كان يجب أن تتخذ منذ سنوات.
وقال ترامب في منشور على منصة “تروث سوشيال”: “حتى الآن، كانت الهند تفرض علينا رسوما مرتفعة جدا حالت دون قدرة شركاتنا على بيع منتجاتها في السوق الهندية… والآن يقترحون إلغاء هذه الرسوم بالكامل، لكن الأوان قد فات. كان عليهم القيام بذلك منذ سنوات”.
ووصف الرئيس الأمريكي العلاقات التجارية بين البلدين بأنها “غير متكافئة”، مشيرا إلى أن الهند تصدّر “كميات هائلة من السلع” إلى الولايات المتحدة، بينما تستورد منها القليل فقط.
وكانت إدارة ترامب قد فرضت أواخر آب رسوما جمركية إضافية بنسبة 25% على الواردات من الهند، لترتفع بذلك النسبة الإجمالية إلى 50%، وهو أحد أعلى المعدلات الجمركية في الولايات المتحدة.
وربطت واشنطن هذا القرار بزيادة واردات الهند من النفط الروسي، حيث ارتفعت حصته في سوق الطاقة الهندية من أقل من 1% إلى 42% منذ عام 2022، بالإضافة إلى فشل خمس جولات من المفاوضات التجارية التي لم تُسفر عن نتائج، رغم توقعات نيودلهي بأن تقتصر الرسوم على 15%.
من جانبها، وصفت الحكومة الهندية الخطوة الأمريكية بأنها “غير مبررة وغير عادلة”، لكنها شددت على استعدادها لمواصلة الحوار والبحث عن حلول وسط.
وأكد وزير التجارة بيوش غويال أن بلاده “تتمسك بنهج إيجابي” في علاقاتها مع واشنطن وتأمل التوصل إلى اتفاق مستقبلي. كما أشارت نيودلهي إلى أن الانتقادات الأمريكية “انتقائية”، إذ تواصل كل من الصين والاتحاد الأوروبي استيراد النفط الروسي بمستويات مرتفعة.
تجدر الإشارة إلى أن الهند تُعد ثالث أكبر مستورد للطاقة في العالم، وتعتمد على الأسواق الدولية لتلبية أكثر من 80% من احتياجاتها النفطية.
المصدر: RT
by | Sep 1, 2025 | اقتصاد
في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية، خاصة الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، تسعى بكين إلى تطوير قدراتها اللوجستية الداخلية وبناء مسارات بديلة لتصدير بضائعها إلى أوروبا وآسيا. وخلال السنوات الأخيرة، فرضت واشنطن رسوما جمركية مرتفعة على المنتجات الصينية، في إطار استراتيجية تعتبر الصين خصما تجاريا يجب الحد من نفوذها، مما خلق مخاوف واسعة من تعطّل سلاسل الإمداد العالمية وزيادة التكاليف على الشركات.
وفي هذا السياق، برزت مدينة تشونغتشينغ (Chongqing)، أكبر مدينة داخلية صينية، كنقطة ارتكاز استراتيجية تربط بين جنوب شرق آسيا وأوروبا، بعيدا عن الممرات البحرية التقليدية المعرضة للضغط السياسي مثل قناة السويس ومضيقَي هرمز وملقا. فالبنية التحتية الضخمة في المدينة، التي تشمل مستودعات مساحتها 82 ألف متر مربع وأوناشا لنقل الحاويات، تدعم حركة القطارات السريعة المتجهة إلى أوروبا وروسيا، إضافة إلى ربطها بدول جنوب شرق آسيا مثل فيتنام وسنغافورة. وهذا الخيار لا يتيح فقط تقليص زمن الشحن 10–20 يوما مقارنة بالطرق البحرية التقليدية، بل يسهل أيضا إجراءات التخليص الجمركي، كما أظهر تشغيل قطار آسيان السريع في 2023 الذي خفّض زمن الشحن بين هانوي وتشونغتشينغ إلى خمسة أيام، فيما تصل البضائع إلى أوروبا في أقل من أسبوعين.
هذا الخيار لا يتيح فقط تقليص زمن الشحن 10–20 يوما مقارنة بالطرق البحرية التقليدية، بل يسهل أيضا إجراءات التخليص الجمركي
ولا يقتصر الدور الاستراتيجي لتشونغتشينغ على الجانب اللوجستي، بل يمتد إلى الاقتصاد والإنتاج. فالمدينة مسؤولة عن نحو ثلث إنتاج أجهزة الكمبيوتر المحمولة عالميا، وتعد قاعدة أساسية لإنتاج السيارات الكهربائية، ومركزا رئيسيا لتصدير ربع السيارات الصينية. هذا المزيج من الإنتاجية العالية والبنية التحتية المتطورة يجعل من تشونغتشينغ نموذجا يحتذى لتطوير ممرات برية إضافية غرب الصين، ضمن خطط بكين لتعزيز استقلالها التجاري، وفقا لتقريره أوردته صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” في تموز/تموز الفائت.
أبعاد جيوسياسية نتيجة الحرب التجارية
أما الأبعاد الجيوسياسية لهذا التحرك فواضحة. فقد أظهرت الحرب التجارية مع الولايات المتحدة هشاشة الاعتماد على الممرات البحرية التقليدية، كما كشفت جائحة كورونا مدى ضعف سلاسل الإمداد البحرية الطويلة. مع استمرار الحرب في أوكرانيا وعمليات مصادرة بعض الشحنات الصينية في 2023، بات المرور عبر روسيا أكثر مخاطرة، على الرغم من أن حجم التجارة الثنائية بين بكين وموسكو بلغ 240 مليار يورو في 2024. لذلك، تدفع الصين نحو تطوير “الممر الأوسط” عبر كازاخستان وبحر قزوين لتقليل الاعتماد على البحار والمضائق البحرية وتفادي العقبات الجيوسياسية.
ورغم النجاحات، تواجه الصين تحديات ملموسة تشمل التأخيرات الجمركية، وارتفاع تكاليف النقل، وضعف بعض البنى التحتية، بالإضافة إلى الحاجة إلى استدامة مالية طويلة الأجل، حيث يعتمد جزء من مبادرات الحزام والطريق على دعم حكومي مباشر لتسهيل حركة البضائع.
في المجمل، تمثل تشونغتشينغ نموذجا استراتيجيا لكيفية مواجهة الصين للمخاطر التجارية العالمية. فهي تقلل الاعتماد على الممرات البحرية المعرضة للصراعات السياسية، وتسهم في تسريع زمن الشحن، وتخفيف العقبات اللوجستية، مع توفير نموذج قابل للتكرار على طول غرب الصين لتوسيع شبكة الممرات البرية بين آسيا وأوروبا، بما يعزز القدرة التنافسية للصادرات الصينية ويدعم أهداف بكين في إعادة تشكيل اقتصادها واستراتيجياتها التجارية في بيئة عالمية متقلبة.
وفي السنوات الأخيرة، أثارت السياسات التجارية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قلقا عالميا واسعا، إذ فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية مرتفعة على بضائع صينية وصلت إلى مئات المليارات من الدولارات، مستهدفة تقليص العجز التجاري وتقويض نفوذ الصين في الأسواق العالمية. وهذا التحرك لم يكن مجرد إجراء اقتصادي، بل جاء ضمن استراتيجية أوسع تصوّر الصين كخصم تجاري يجب الحد من تأثيره العالمي، مما دفع إلى تصاعد التوترات في سلسلة الإمداد العالمية وأجبر الشركات على إعادة النظر في مسارات الشحن التقليدية.
أظهرت الحرب التجارية مع الولايات المتحدة هشاشة الاعتماد على الممرات البحرية التقليدية، كما كشفت جائحة كورونا مدى ضعف سلاسل الإمداد البحرية الطويلة
بسبب هذه الإجراءات، أصبحت الممرات البحرية المعتمدة على النفوذ الغربي، مثل قناة السويس ومضيقي هرمز وملقا، نقاط ضعف استراتيجية للصين، إذ يمكن لأي تصعيد سياسي أو عقوبات إضافية أن تعيق حركة التجارة بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، كشفت جائحة كورونا هشاشة الاعتماد على الشحن البحري التقليدي وسلاسل الإمداد الطويلة، ما عزز الحاجة إلى حلول بديلة لتقليل المخاطر.
الصين وعوائق مبادرة الحزام والطريق
وسبق أن أطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق عام 2013 بهدف تعزيز الروابط التجارية واللوجستية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، من خلال استثمارات ضخمة في البنية التحتية، تشمل السكك الحديدية، والموانئ، والطرق، والمناطق الصناعية. ومع ذلك، واجهت المبادرة في السنوات الأخيرة عددا من الصعوبات والعقبات:
1 – التحديات المالية: اعتمد العديد من المشاريع على قروض حكومية صينية بفوائد منخفضة، مما وضع بعض الدول المستفيدة تحت ضغط ديون كبير، وأدى إلى تأخير تنفيذ المشاريع أو إعادة هيكلة الديون.
2 – ضعف البنية التحتية المحلية: في بعض الدول، كانت شبكات النقل والطاقة المحلية غير مؤهلة لاستيعاب الاستثمارات الضخمة، ما أدى إلى تأخيرات تشغيلية وارتفاع تكاليف الصيانة.
3 – المخاطر السياسية والأمنية: تعرضت بعض المشاريع في مناطق مضطربة أو ذات توترات سياسية عالية، مثل باكستان، وكازاخستان، وأجزاء من أفريقيا، لأعمال تخريبية أو احتجاجات محلية، مما أثر على استمرارية تنفيذها.
مبادرة الحزام والطريق أضعفها اعتماد العديد من المشاريع على قروض حكومية صينية بفوائد منخفضة، مما وضع بعض الدول المستفيدة تحت ضغط ديون كبير
4 – انتقادات الشفافية والإدارة: شابت بعض المشاريع قضايا فساد أو إدارة غير كفؤة، مما أضر بسمعة المبادرة وأدى إلى إعادة تقييم أو إلغاء بعض الاتفاقيات.
5 – تأثير الأزمات العالمية: جائحة كورونا أظهرت هشاشة سلاسل الإمداد العالمية، وأدت إلى تعطّل بعض المشاريع بسبب قيود السفر ونقص المواد، فيما أدت الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة إلى زيادة التكاليف وتأخير بعض الخطوط الحيوية.
ونتيجة لهذه التحديات، اضطرت بكين إلى إعادة تقييم بعض مشاريعها، والتركيز على ممرات استراتيجية قابلة للتكرار داخليا، مثل تطوير ممرات برية عبر تشونغتشينغ وغرب الصين، التي تقلل الاعتماد على الممرات البحرية الدولية وتضمن تحكما أكبر في سلسلة التوريد.