4 مسارات مصرية لإبطال مفعول تنصيب حميدتي نفسه رئيساً

4 مسارات مصرية لإبطال مفعول تنصيب حميدتي نفسه رئيساً

أفادت مصادر مصرية مطلعة لـ”العربي الجديد”، بأنّ القاهرة تتحرّك على مسارات متعدّدة، لدعم الحكومة السودانية الشرعية والجيش السوداني، إفشالاً لإعلان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أول من أمس السبت، نفسَه رئيساً للمجلس الرئاسي التابع لما يسمى “تحالف السودان التأسيسي”.

خطوة “خطيرة” من حميدتي

وتتحرك القاهرة على مسارات دعم أربعة: على المستوى الدبلوماسي، تكثف القاهرة اتصالاتها داخل الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية لتأكيد بطلان خطوات “الدعم السريع”. وعلى المستوى الأمني، تعمل على تعزيز التنسيق الميداني مع الجيش السوداني في إقليمَي كردفان ودارفور لقطع الطريق على أيّ محاولة للتوغل نحو الحدود المشتركة. وعلى المستوى الإقليمي، تستخدم علاقاتها مع السعودية والإمارات للضغط على حميدتي وتحجيم أي دعم سياسي أو مالي له. أمّا على المستوى الإنساني، فهي تواصل إدارة ملف اللاجئين السودانيين القادمين إلى مصر، مع السعي إلى حشد دعم أممي ودولي لتقليل الأعباء الاقتصادية والاجتماعية.

وفق قراءة مصرية، فإنّ أخطر ما تحمله خطوة حميدتي، ترسيخ واقع الانقسام بين حكومتَين متوازيتَين، وهو ما قد يحوّل السودان إلى ساحة صراع مفتوحة شبيهة بالنموذج الليبي. هذا السيناريو تعتبره القاهرة “كابوساً أمنياً”، لأنه يهدّد بخلق فراغ طويل الأمد على حدودها الجنوبية. أما السيناريو الآخر، والمفضل لدى مصر، فهو نجاح الجيش في حسم المعركة عسكرياً واستعادة وحدة الدولة السودانية، وترى المصادر أن تنصيب حميدتي نفسَه رئيساً لمجلس رئاسي موازٍ قد يمنحه زخماً إعلامياً في دارفور، لكنه لا يغيّر حقيقة أن قواته في موقع دفاعي بعد خسائر متتالية. بالنسبة لمصر، يشكل التطوّر إنذاراً جديداً بضرورة مضاعفة الجهد لدعم الجيش السوداني، سياسياً وعسكرياً، مع الانفتاح على تحرك إقليمي ودولي واسع، لتفادي سيناريو تقسيم السودان، وما يحمله من أخطار مباشرة على الأمن المصري.

تعمل مصر على تعزيز التنسيق الميداني مع الجيش السوداني في كردفان ودارفور

وفي السياق، قال السفير حسام عيسى، مساعد وزير الخارجية المصري ومدير إدارة السودان وجنوب السودان السابق، لـ”العربي الجديد”، إن الخطوة التي أقدم عليها دقلو بتنصيب نفسه رئيساً لمجلس رئاسي موازٍ “لن يكون لها تأثير مباشر على مصر، لكنها تمثل مشكلة كبيرة للسودان نفسه، لأنها تكرّس الانقسام وتؤدي إلى وجود سلطتَين وغياب حكومة مركزية”. وانتقد السفير انخراط بعض السياسيين السودانيين في هذه التطورات، مثل فضل الله برمة ناصر، رئيس حزب الأمة، ومريم الصادق المهدي، وقيادات أخرى، رغم أنهم ينتمون إلى أحزاب قومية، معتبراً أن هذه المواقف “تعزّز النزعات الانفصالية والهوياتية التي تمزق السودان بدلاً من توحيده”.

من جهتها، قالت الدكتورة نجلاء مرعي، الخبيرة في الشؤون الأفريقية، لـ”العربي الجديد”، إنّ الخطوة التي أقدم عليها حميدتي كانت متوقعة، في ظل الإعلان السابق عن هذه الحكومة في تموز/تموز الماضي، والذي قوبل برفض من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وأشارت إلى أن المنظمة الأممية سبق أن حذرت من مخاطر مثل هذه الخطوات على وحدة السودان، معتبرة أن “شبح التقسيم يخيّم على البلاد منذ اندلاع الأزمة السودانية”.

نجلاء مرعي: حميدتي يحاول تشتيت المجتمع الدولي بخطوات متتالية

وأضافت مرعي أن هذه الخطوة جاءت وسط تصاعد ميداني لافت في شهر آب/آب الماضي، إذ أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن “فزعه” من الهجمات المتواصلة، لا سيّما في مدينة الفاشر (عاصمة ولاية شمال دارفور) التي تحولت، من وجهة نظرها، إلى “بؤرة قتال دامية” بين الجيش والدعم السريع منذ إبريل/نيسان 2023، وأكدت أن “الحكومة الموازية” لن تلقى صدى على الصعيد الخارجي، حتى لدى بعض الدول الداعمة لأطراف النزاع، لكنها تؤثر سلبياً على جهود إطلاق حوار سياسي شامل بين طرفَي الأزمة، كما أنها تضعف فرص الوصول إلى هدنة إنسانية طالبت بها الأمم المتحدة منذ حزيران/حزيران الماضي ولم تتحقق حتّى الآن.

وأوضحت الخبيرة في الشؤون الأفريقية أن توقيت خطوة حميدتي تزامن مع إلغاء وزارة الخارجية الأميركية اجتماع “الرباعية حول السودان” الذي كان مقرراً في 30 تموز بمشاركة مصر والسعودية، مشيرة إلى أن “حميدتي يحاول تشتيت المجتمع الدولي بخطوات متتالية، تارةً بإعلان حكومة موازية، وتارةً بتنصيب نفسِه رئيساً لها، وذلك بهدف إجهاض أيّ مسار لحوار سياسي جاد”، وأشارت إلى أن محاولاته لتوسيع دائرة الاهتمام الإقليمي بإدخال أطراف مثل قطر والاتحاد الأوروبي تعكس بحثه عن مخرج بعد التراجع الأميركي عن بعض خطوات الانخراط في الأزمة.