واقعة برّاك في بيروت وما بعدها

واقعة برّاك في بيروت وما بعدها

حسناً صنع نقيب الصحافيين المصريين، خالد البلشي، في رميه المبعوث الأميركي إلى سورية ولبنان، توم برّاك، بالوقاحة والجلافة، بعد أن خاطب هذا الرجل بفوقيةٍ، وبلغةٍ مدرسيةٍ مهينةٍ وبالغة الإساءة، صحافيين لبنانيين في القصر الجمهوري في بيروت، كانوا يؤدّون عملهم الطبيعي عندما “أمطروه” (بالتعبير الذائع) بأسئلةٍ عن نتائج مباحثاته. وإذ عَدَّ بيان نقابة محرّري الصحافة اللبنانية فعلتَه أمراً غير مقبول، بل مستنكراً جدّاً، عندما “وصف تصرّف رجال وسيدات الإعلام في القصر الجمهوري بالحيواني”، فإن هذا البيان لزمَه أن يكون أكثر تعييناً في نعت ما تفوّه به برّاك، وإن طالب الأخيرَ ببيان اعتذارٍ علنيٍّ من الجسم الإعلامي، ولوّح بمقاطعة زياراته واجتماعاته، خطوةً أولى إذا لم يفعل. ولسائلٍ أن يستفهم عن عدم سماع رجل الرئيس الأميركي من أيٍّ ممن بلغَهم منه كلامُه الرديء ما يستحقّ أن يسمعَه في باحة القصر الرئاسي. والبيّن أن هذا الشخص ليس في وارد أن يُبادر إلى الاعتذار، فلا تتوطّن لدى المسؤولين الأميركيين هذه الثقافة، بل إنك يحدُث أن تراهم، في عواصم العرب وغير العرب، يشرّقون ويغرّبون، في تصريحاتهم، بخفّةٍ ومن دون أي اكتراثٍ بأي اعتباراتٍ أو لياقاتٍ أو بروتوكولات. وتلك زميلة برّاك، السيدة مورغان أورتاغوس، (مثالاً) تعطي نفسها حقّاً في أن تُحدّث اللبنانيين، أمام الإعلام في بيروت، بعدم وجوب أن يكون حزب الله في حكومتهم (بأي شكل، كما شدّدت القول)، بل وتُشهر امتنانَها لإسرائيل على هزيمتها الحزب عسكرياً.

وبصراحة، قليلاً ما تُصادَف من الصحافيين العرب تلك الأسئلة الواجبة منهم إلى المسؤولين الأميركيين (وغيرهم؟) في المناسبات الإعلامية، ولا نقع منهم على ردودٍ ضروريةٍ على هؤلاء عندما يلزم أن تكون ردود. ومعلومٌ أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي (مثالاً)، يُسأل من صحافي فرنسي في باريس عن أحوال حقوق الإنسان في بلاده، ولا تلقاه يسمَع عن شيءٍ كهذا في القاهرة أو أي عاصمةٍ عربية. ولئن وجب التنديد بالذي فعله توم برّاك في بيروت، ولزَم أن يقاطعه عموم الصحافيين العرب في أي بلدٍ يزورُه، فإننا، نحن أهل الإعلام العرب، يحسُن بنا أن نسلك السلوك اللازم مع أمثال هذا الرجل، ومع كل صاحب مسؤوليةٍ ومهمّةٍ يزاول مثل التعالي الاستشراقي الذي اقترفه في بيروت، سيّما وأنه تحدّث عن تحضّرٍ غائبٍ في المنطقة العربية. ويحسُن أن نتّصف بالمهنيّة العالية التي تلزمنا بطرح كل سؤال في موضعه، من دون تلعثُمٍ أو تردّد أمام المسؤول العربي، المطالَب بأن يُجيب ويوضح.

أكثر من مسألةٍ تثيرها زوبعة الموفد الأميركي، بخصوص علاقتنا، نحن أهل الإعلام العرب، بمهنتنا، أولاً، وبالتعاطي مع “النموذج” الذي يجسّده هذا الزائر الدوري لدمشق وبيروت (وعمّان)، ليخوض في الشؤون اللبنانية والسورية بمنطق الوصي. ولا يجد حرجاً في نفسه، وهو يلحّ على المسؤولين اللبنانيين بمطالبه، وعنوانها إنهاء سلاح حزب الله، من دون أن يُبلغهم بأي التزامٍ من إسرائيل بوقف اعتداءاتها اليومية على الأراضي اللبنانية. وفي دمشق، لا يجد حاجةً لمُطالبة نفسه وهو يسترسل عن سورية الموعودة، ومشاركة الجميع في السلطة والإدارة، بقول شيءٍ عن تمادي دولة الاحتلال في غاراتها وضرباتها في أرياف دمشق والقنيطرة وأراضٍ سورية تتّسع لشهوة العدوان. وليس بعيداً عن الصحّة رجحان أن انفعال (وتوتّر؟) الدبلوماسي الأميركي، رفيع المنزلة لدى ترامب، الثلاثاء الماضي في بيروت، يعودان إلى عدم سماعه من مراجع الدولة اللبنانية ما أراد أن يسمع، أي الامتثال المطلق لجداوله الزمنية وترتيباته بشأن حزب الله وسلاحه، من دون أي مقابلٍ إسرائيلي، فتلقّى الزملاء الصحافيون ما فاض منه، وقد توهّم أن ثمّة سطوةً لحضوره الشخصي، مرفوقاً بالموظفة أورتاغوس، التي تقيم على جهل واضح بلبنان وشؤونه وتفاصيله.

إنها فرصةٌ للزملاء في الإعلام اللبناني لأن يصعّدوا رفضهم سلوك المستشرق الأميركي، الزحلاوي المنبت، فلا يتساهلوا بشأن قرارهم مقاطعته. كما أن ما جرى مناسبةٌ لإعادة تفكّرنا، نحن العاملين في الصحافات العربية، في كثيرٍ من شؤون مهنتنا، سيّما على صعيد السؤال والجواب في المؤتمرات والمناسبات الإعلامية…

حزب الله يحذر.. نزع سلاحنا فرصة لإسرائيل

حزب الله يحذر.. نزع سلاحنا فرصة لإسرائيل

لا حديث عن انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية قبل نزع سلاح حزب الله، هذه هي خلاصة زيارة الوفد الأمريكي إلى بيروت..

في المقابل حزب الله يتمسك بانسحاب إسرائيل والإفراج عن الأسرى وإعادة الإعمار قبل أي نقاش بملف السلاح.
فما هي فرص نجاح الحراك الأمريكي في منطقة تتداخل فيها الحسابات بالمصالح الداخلية والإقليمية والدولية؟ وكيف سيتعاطى الجيش اللبناني مع خطة حصرية السلاح بيد الدولة في ظل الانقسام الداخلي حول هذا الملف؟
آخر مستجدات الوضع اللبناني نناقشها في هذه الحلقة من برنامج نيوزميكر مع عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين.

مجلس الأمن يمدد اليوم مهمة “يونيفيل” في لبنان للمرة الأخيرة

مجلس الأمن يمدد اليوم مهمة “يونيفيل” في لبنان للمرة الأخيرة

يصوّت مجلس الأمن الدولي، اليوم الخميس، على مشروع قرار يمدّد لمرة أخيرة عمل قوة حفظ السلام الأممية في جنوب لبنان

(يونيفيل) تمهيدا لانسحابها. وقالت الرئاسة البنمية لمجلس الأمن الدولي، أمس الأربعاء، إنّ جلسة التصويت ستعقد اليوم الخميس بعدما أرجئت مرارا بسبب رفض الولايات المتحدة وإسرائيل صيغة مسودة القرار.

وتأسست قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) عام 1978 وتتولى تسيير دوريات على الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل. ويتم تجديد تفويض المهمة سنويا، ومن المقرر أن ينتهي أجل التفويض الحالي يوم الأحد المقبل.

وقال دبلوماسيون تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم لوكالة رويترز إنه من المقرر أن يعتمد المجلس المكون من 15 عضوا مشروع قرار فرنسيا بعد التوصل إلى حل توافقي مع الولايات المتحدة، صاحبة حق النقض (الفيتو)، التي قالت في اجتماع مغلق الأسبوع الماضي إنه يتعين تمديد مهمة يونيفيل لعام واحد فقط أخير. ويطالب مشروع القرار قوات يونيفيل “بوقف عملياتها في 31 كانون الأول/ كانون الأول 2026 والبدء اعتبارا من هذا التاريخ وفي غضون عام واحد في خفض عدد أفرادها وسحبهم بشكل منظم وآمن، بالتشاور الوثيق مع حكومة لبنان بهدف جعل حكومة لبنان المسؤول الوحيد عن الأمن في جنوب لبنان”.

وتأتي هذه التطورات بعدما التزمت السلطات اللبنانية بسحب سلاح حزب الله قبل نهاية العام الجاري في إطار تطبيق وقف إطلاق النار الذي أنهى الحرب بين إسرائيل وحزب الله. وقطعت الحكومة اللبنانية هذه التعهدات على وقع ضغوط أميركية وتخوّف من أن تنفّذ إسرائيل تهديدات بعدوان جديد ما لم يتم نزع سلاح الحزب. وتزعم تل أبيب أنه كان من المفترض أن تطبّق القوات الدولية قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بلبنان، بما في ذلك منع تسليح حزب الله بعد حرب لبنان الثانية (العدوان على لبنان عام 2006)، إلّا أنها لم تقم بذلك فعلياً.

من جهتها، تحدثت الرئاسة اللبنانية عن توافق حول تمديد مهمة يونيفيل حتى نهاية العام 2027، وقالت الرئاسة في بيان إنّ الرئيس جوزاف عون تلقى، اليوم الخميس، اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تناول آخر الاتصالات الجارية للتمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل). وشكر عون الرئيس الفرنسي على “الجهد الذي بذله شخصياً ووفد بلاده في الأمم المتحدة بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الأعضاء في مجلس الأمن، والذي أسفر عن التوافق للتمديد للقوات الدولية حتى نهاية العام 2027، على أن تكون مدة الفترة العملانية لهذه القوات سنة وأربعة أشهر، وتخصص سنة 2027 لتمكين الجنود الدوليين من مغادرة الجنوب تدريجياً حتى نهايتها”.

واعتبر عون “هذا الأمر خطوة متقدمة ستساعد الجيش اللبناني في استكمال انتشاره حتى الحدود المعترف بها دولياً، متى تحقق الانسحاب الإسرائيلي الكامل وتوقفت الأعمال العدائية، وأعيد الأسرى اللبنانيون”.

وتناول البحث أيضاً، بحسب بيان الرئاسة، الخطة التي سيضعها الجيش لتنفيذ قرار مجلس الوزراء بحصرية السلاح في يد القوى الأمنية اللبنانية وحدها، إذ اعتبر الرئيس ماكرون أنها “خطوة مهمة ينبغي أن تتسم بالدقة، ولا سيما أنها تلقى دعماً أوروبياً ودولياً واسعاً”. وتطرق الرئيسان عون وماكرون إلى التحضيرات الجارية لعقد مؤتمرين دوليين لإعادة إعمار لبنان ولدعم الجيش.

(رويترز، العربي الجديد)

حزب الله وحركة أمل يدرسان خياراتهما بعد زيارة برّاك السلبية

حزب الله وحركة أمل يدرسان خياراتهما بعد زيارة برّاك السلبية

يدرس حزب الله وحركة أمل الخيارات المتاحة أمامهما بعدما لم تخلف الزيارة الأخيرة لوفد واشنطن الموسّع إلى بيروت أي أثر إيجابي على الساحة اللبنانية، بل أخذت الأمور إلى مزيدٍ من التعقيد، وهو ما أكده رئيس البرلمان نبيه بري في تصريح صحافي، حيث أعلن صراحةً عن إحباطه من نتائج الجولة بعدما أتى الأميركيون بعكس ما وعدوا لبنان به، مشدداً على أن الأمور ليست سهلة.

وتوقّع المسؤولون اللبنانيون أن يأتي الوفد الأميركي بجواب إسرائيلي نهائي على الورقة اللبنانية الأميركية المشتركة وبخطوة إسرائيلية مقابلة بعدما قامت الحكومة بخطوتها في جلستي الخامس والسابع من آب/ آب الجاري، الأمر الذي أكد عليه الموفد الأميركي توماس برّاك نفسه قبل أسبوعٍ، بيد أنه عاد ليطلب التزامات جديدة من لبنان، مشترطاً وضع الجيش الخطة التطبيقية لنزع سلاح حزب الله والاطلاع عليها وبدء خطوات عملية بهذا الاتجاه، بما يشجع إسرائيل على بدء عملية الانسحاب من الأراضي اللبنانية، من دون أن يعطي أي ضمانات، ولا سيما بشأن وقف الاعتداءات الإسرائيلية.

هذه المشهدية دفعت حزب الله وحركة أمل إلى وضع خيار التصعيد على الطاولة بعدما كان الثنائي قد تمهّل بخطوة الشارع بذريعة “الإفساح في المجال أمام حوار معمّق وبنّاء حول القضايا المصيرية التي تواجه لبنان”، بحيث أن مواقف الموفد الأميركي أظهرت انحيازاً كبيراً لإسرائيل، خصوصاً تلك الصادرة عن السيناتور ليندسي غراهام، بشكلٍ أدخل المسؤولين اللبنانيين بحالٍ من الإرباك والامتعاض وسط خلافات تتعمّق ولا سيما على خطي الثنائي ورئيس الحكومة نواف سلام.

وكان برّاك، الذي قام بجولة على المسؤولين في لبنان غداة زيارته إسرائيل، قد شدد، أول أمس الثلاثاء، على أن واشنطن ستعمل على ضمان انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، “لكن الأهم هو نزع سلاح حزب الله”. من جانبه، رأى السيناتور الأميركي ليندسي غراهام أن فكرة نزع سلاح حزب الله تأتي من الشعب اللبناني، وعندما يُنزع السلاح سيكون هناك حديث مع إسرائيل بشأن النقاط الخمس في الجنوب، مضيفاً “لا تسألوني ماذا ستقوم به إسرائيل قبل أن تنزعوا سلاح حزب الله، وإلا فإن الحديث لن يكون له معنى”.

في هذا الإطار، قال مصدر مقرّب من بري لـ”العربي الجديد”، إن “الوضع حتماً ليس سهلاً، فلبنان كان يتوقع شيئاً لكن ما حدث مختلف تماماً، والآن يجب درس الخيارات بدقة، فهناك حرص أكيد سواء من جانب حركة أمل أو حزب الله على السلم الأهلي والاستقرار، والأهم على المؤسسة العسكرية”، لافتاً إلى أن “الحكومة تسرّعت بخطوتها، والمطلوب اليوم وضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، وتجنيب البلاد أي سيناريو لا أحد يرغب به”.

وأكد المصدر ذاته أن “أجواء اللقاء مع الموفد الأميركي لم تكن جيدة، ولكن الرئيس بري كان متمسّكاً بموقفه لناحية ضرورة إلزام إسرائيل بالقيام بخطوتها، والتوقف عن خرقها اتفاق وقف إطلاق النار، وهو عبّر عن انزعاجه من الموقف الأميركي، ومن الطلب فقط من لبنان الالتزام بينما من يواصل الخرق هو الإسرائيلي”.

وأوضح أن “بري أكثر المتمسّكين بالتوافق والحوار، وهذا ما يجب أن يحصل خدمة للبنان ومصلحة الشعب اللبناني، أما التصعيد والخطوات الاحتجاجية فهي قيد الدرس وهي من الخيارات المطروحة ليس من باب الاستفزاز أو تفجير الشارع بل للتعبير عن موقف وثوابت، حيث أن المطلوب اليوم الضغط باتجاه وقف الاعتداءات الإسرائيلية وانسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها والتي توسّعت فيها لأكثر من خمس نقاط”، لافتاً إلى أن “الرئيس بري ستكون له كلمة مهمة وواضحة ومباشرة في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه يوم 31 آب، وسيشدد خلالها على ضرورة التوافق والحوار”.

من جهته، قال مصدر نيابي في حزب الله لـ”العربي الجديد”، إنّ “كلّ الخيارات مطروحة على الطاولة، وضمنها التحرّك في الشارع، فنحن نتمهّل ونتروّى، ولكنّ للصبر حدوداً، ولا يمكن أن نقف متفرجين على وفود تأتي وترحل وتحاول فرض إملاءاتها علينا بهذا الشكل”، مشيراً إلى أنّ “حزب الله وحركة أمل حريصان على السلم الأهلي والاستقرار ولا يريدان الدخول في أي مواجهة مع أحد وخصوصاً مع الجيش اللبناني، لكن من يريد أن يضع الناس بوجه الجيش هو الأميركي الذي ينفذ الأجندة الإسرائيلية ولا يأبه سوى لمصلحة إسرائيل”.

وأشار المصدر إلى أن “على الحكومة التراجع عن قراراتها وتصحيح مسارها، وإبعاد الجيش عن الفتنة، على أن يكون ما حصل عبرة لها، بينما تقدم التنازلات بلا أي مقابل أو ضمانة، وذلك في ظل تنصّل الأميركي من تعهداته، وظهوره بشكل صريح منحازاً إلى العدو الإسرائيلي”.

وفي كلمة له اليوم الخميس، قال رئيس كتلة حزب الله البرلمانية (الوفاء للمقاومة)، النائب محمد رعد إنّ “رفع البعض لشعار حصرية السلاح بيد الدولة في ظل انتهاك السيادة ووجود الاحتلال هو نفاق ‏وتضليل لصالح مشاريع التبعية، فالسيادة شرط أساس لأيّ شعار أو موقف”. واعتبر رعد أنّ “القرار الحكومي المتخذ في أوائل ‏آب خطيئة كبرى ارتُكبت عن سابق إصرار”.

في هذه الأثناء، أكد الرئيس اللبناني جوزاف عون في موقف له اليوم أن “لبنان يصرّ على أن يبقى أرض لقاء لا صدام، وأرض رسالة لا ساحة نزاع”. وضمن لقاءاته اليوم، استقبل عون سفير دولة قطر في لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، وعرض معه العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها في المجالات كافة. وأكد السفير القطري استمرار دعم بلاده للبنان وحرصها على تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين، عارضاً لأبرز المشاريع التي تلقى دعماً قطرياً مستمراً، ومن بينها دعم المؤسسة العسكرية.

ويسود الترقب في لبنان لجلسة مجلس الوزراء، في الثاني من أيلول/ أيلول المقبل، والتي من المنتظر أن يقدّم فيها الجيش اللبناني خطته التطبيقية لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الجاري، وفق ما أكدته لـ”العربي الجديد” مصادر في الجيش في وقت سابق، موضحة أنّ الجيش في طور الانتهاء منها، ومشددة على أنها “لن تكون خطة مواجهة أو تؤدي إلى صدام مع أي طرف، فهو حريص على الاستقرار والسلم الأهلي”.

ميدانياً، تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، وضمنها ما حصل اليوم الخميس، حيث ألقت مسيّرات إسرائيلية أربع قنابل صوتية على مواطن بينما كان يرمّم منزله في بلدة كفركلا، جنوبي البلاد، وعلى عدد من الشبان في وسط البلدة وسيارة رابيد وشاحنة تابعة للبلدية، وذلك بحسب ما ذكرت وسائل إعلام تابعة لحزب الله. كما نفذت إسرائيل غارات استهدفت مناطق مفتوحة في المحمودية والجرمق، جنوبي لبنان.

زيارة باراك إلى لبنان.. دعم للمبادرة الأميركية أم انتكاسة جديدة؟

زيارة باراك إلى لبنان.. دعم للمبادرة الأميركية أم انتكاسة جديدة؟

أضافت زيارة الوفد الأميركي إلى بيروت تعقيدات سياسية جديدة على المشهد السياسي في البلاد. 

وقد ألغى المبعوث الأميركي توم باراك زيارة إلى قرى في جنوب لبنان بالتزامن مع احتجاجات نفذها أهالي بلدة الخيام اعتراضًا على الزيارة رافعين فيها لافتات معارضة لسياسات واشنطن ورافضين طروحات نزع السلاح من حزب الله.

ولا يكتمل المشهد في الجنوب اليوم دون الإشارة إلى استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على قرى حدودية بينها كفركلا.

استياء شعبي من زيارة باراك

ويأتي الاستياء الشعبي من زيارة باراك عقب تصريحاته في قصر بعبدا التي قرأت على أنها خطوة إلى الوراء عن موقفه في زيارته الماضية على ضرورة مبادلة إسرائيل لبنان بخطوة بعد مقررات الحكومة اللبنانية الأخيرة في موضوع حصر السلاح بيد الدولة.

باراك اكتفى هذه المرة بدعوته إلى ضرورة نزع سلاح حزب الله أولاً باعتبار ذلك خطوة من شأنها أن تشجع إسرائيل على الانسحاب من الأراضي اللبنانية.

احتجاجات رافضة لزيارة المبعوث الأميركي إلى جنوب لبنان

احتجاجات رافضة لزيارة المبعوث الأميركي إلى جنوب لبنان – غيتي

ورفع باراك ما وصف بلهجة الاستقواء والاستعلاء على منبر قصر بعبدا، ووجه إهانة إلى الصحفيين ما أسهم في زيادة الاستياء السياسي والشعبي من الزيارة.

من جهتها، اكتفت الرئاسة اللبنانية ببيان وُصف بالخجول أعربت فيه عن أسفها للكلام الذي صدر عفوًا عن منبرها من قبل أحد ضيوفها دون تسمية بارّاك صراحة.

وروّجت أوساط حركة أمل أن الوفد الأميركي القادم من تل أبيب لم يأت بأي جديد وبأن الأمور ذهبت نحو التعقيد مجددًا، فيما قال المعاون السياسي للأمين العام ‏لحزب الله إن واشنطن تريد القضاء على مقومات الصمود والدفاع التي يتمتع بها لبنان، مشيرًا إلى أن ما وصفها بالإملاءات الجديدة بمثابة تنصل واضح من اتفاق وقف إطلاق النار في أواخر تشرين الثاني/ تشرين الثاني الماضي.

“خطوة إلى الأمام”

وفي هذا الإطار، يرى الكاتب والباحث السياسي أسعد بشارة أن زيارة باراك الأخيرة تمثل “خطوة إلى الأمام، لأن مسار التفاوض الذي تقوده الولايات المتحدة ما زال مستمرًا ولم ينته بعد”.

وأوضح بشارة، في حديث إلى التلفزيون العربي من بيروت، أن الموفد الأميركي شدّد على ضرورة تحقيق تقدم في مسار تطبيق أي تفاهم يُفترض أن يفضي إلى انسحاب إسرائيلي من جنوب لبنان وسحب سلاح حزب الله، معتبرًا أن التفاوض لا يمكن أن ينتهي من دون بلوغ هذين الهدفين.

كما لفت إلى أهمية عقد مؤتمر دولي لمساعدة لبنان على إعادة الإعمار، مؤكدًا أن الهدفين الأساسيين المتعلقين بالانسحاب الإسرائيلي يتمثلان في وقف الاعتداءات والاغتيالات الإسرائيلية ووقف الخروقات الجوية والبرية للأراضي اللبنانية.

كما يلحظ الكاتب السياسي أن “اتفاق وقف إطلاق النار أعطى إسرائيل الذريعة إذ جاءت حصرية السلاح بيد القوى الشرعية في نصه الحرفي، وهو ما “لم يطبق من جهة لبنان”، حسب قوله. وأوضح أن مبادئ حصرية السلاح لم يبدأ البحث في آلية تنفيذها بعد.

انتكاسة في مصلحة إسرائيل

من جهته، يعتبر عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” في مجلس النواب اللبناني، إيهاب حمادة، أن رئيس البرلمان نبيه بري عبّر عن “انتكاسة” لمسار الوساطة الأميركية، بعد أن كان الوفد قد وعد في زيارته السابقة بـ”خبر طيب”.

وفي حديث إلى التلفزيون العربي من بيروت، يوضح حمادة أن “الخبر الطيب المقصود كان يتمثل في تنصّل واشنطن من الضغط على إسرائيل”، مشيرًا إلى أن “الإجابة جاءت من الجنوب، حيث لم يتمكّن الموفد الأميركي باراك من زيارة المنطقة”.

ويرى حمادة أن زيارة الوفد الأميركي “خطوة إلى الأمام في اتجاه وضع لبنان تحت الرهن الإسرائيلي، والمضي في مشروع صهيو-أميركي يخدم مصالح إسرائيل”.

ويضيف أن حزب الله ملتزم بما أُعلن من قبل رئاسة الجمهورية اللبنانية، لافتًا إلى إعلان الجيش اللبناني سيطرته على نحو 90% من المواقع جنوب نهر الليطاني، “في وقت يواصل الجيش الإسرائيلي اعتداءاته وخروقاته”.

تعويل أميركي على استمرار المباحثات

وفي قراءة للموقف الأميركي، يشير المستشار السابق في البيت الأبيض ستيف جيل إلى أن المبعوث الأميركي في وضع لا يُحسد عليه فيما لا يثق الطرفان اللبناني والإسرائيلي ببعضهما البعض.

وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يلفت جيل إلى أن الولايات المتحدة تريد أن تكون وسيطًا، مشيرًا إلى أن إجراء مباحثات يعني إحراز تقدم قد يفضي إلى اتفاق مستدام.

جيل يرى أن احتلال إسرائيل للأراضي في جنوب لبنان جاء لدرء خطر الصواريخ التي كانت تُطلق من لبنان، حسب قوله.