by | Aug 29, 2025 | أخبار العالم
أعلن مجلس الوزراء في لبنان عقده جلسة بعد ظهر يوم الجمعة المقبل في قصر بعبدا الجمهوري لعرض ومناقشة الخطة التطبيقية لحصر السلاح التي كُلِّف الجيش بوضعها، وذلك بعدما كانت محدّدة يوم الثلاثاء. ويأتي تأجيل الجلسة على وقع خلافات داخلية وانقسامات لا تزال قائمة حول ملف حصر السلاح بيد الدولة على وقع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية ومواصلة احتلاله النقاط الخمس جنوباً، والتي تفاقمت بعد تنصّل الجانب الأميركي من تعهّداته بضرورة قيام إسرائيل بخطوة بعد مقرّرات الحكومة التي اتخذت في جلستي 5 و7 آب/ آب الجاري.
وكلّف مجلس الوزراء الجيش اللبناني في جلسة 5 آب بوضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الجاري، في حين أقرّ في جلسته بتاريخ 7 آب أهداف الورقة الأميركية الـ11. وأكدت مصادر عسكرية لـ”العربي الجديد” أن خطة الجيش “باتت شبه جاهزة، وهي معدّة بشكل لا يؤدي إلى صدام ويؤمن الاستقرار والسلم الأهلي”. وتتضمّن المذكرة الأميركية 11 هدفاً، أبرزها تنفيذ لبنان لوثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتفاق الطائف، والدستور اللبناني، وقرارات مجلس الأمن، وفي مقدّمها القرار 1701 لعام 2006، واتخاذ الخطوات الضرورية لبسط سيادته بالكامل على جميع أراضيه، بهدف تعزيز دور المؤسسات الشرعية وتكريس السلطة الحصرية للدولة في اتخاذ قرارات الحرب والسلم، وضمان حصر حيازة السلاح بيد الدولة وحدها في جميع أنحاء لبنان.
كما تنص على ضمان ديمومة وقف الأعمال العدائية، بما في ذلك جميع الانتهاكات البرية والجوية والبحرية، من خلال خطوات منهجية تؤدي إلى حل دائم وشامل ومضمون، علماً أن سريان الورقة يتطلب أيضاً موافقة كلّ من إسرائيل وسورية عليها. وأكدت قيادة الجيش اللبناني اليوم الجمعة أنّها تنفذ مهماتها “بأعلى درجات المسؤولية والمهنية والحرص على أمن الوطن واستقراره الداخلي، وفق قرار السلطة السياسية، والتزاماً بأداء الواجب مهما بلغت الصعوبات”.
وقال قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل إنّ “الجيش يتحمّل مسؤوليات كبرى على مختلف المستويات، وهو مقبل على مرحلة دقيقة يتولى فيها مهمات حساسة، وسيقوم بالخطوات اللازمة لنجاح مهمته آخذاً في الاعتبار الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار الداخلي”. وأضاف في موقف له اليوم الجمعة: “لقد بذلنا تضحيات جساماً وقدّمنا الشهداء في سبيل واجبنا الوطني، ولن يثنينا شيء عن المضي في تحمُّل مسؤوليتنا في مختلف المناطق وعلى امتداد الحدود”.
وكانت مصادر وزارية قالت لـ”العربي الجديد” اليوم إنّ “جلسة الحكومة لا تزال قائمة، لكن التعقيدات إلى تزايد، وكل شيء وارد حصوله، بما في ذلك التأجيل، بحيث إنّ هناك انقسامات داخل مجلس الوزراء، ومطالبات بضرورة عدم السير بالمقررات التي اتخذت في جلستي 5 و7 آب/آب الجاري، خصوصاً بعد عودة أميركا عن تعهداتها، وعدم تقديم إسرائيل جواباً على الورقة، وعدم تقديم أي ضمانات بوقف الاعتداءات والانسحاب، وبالتالي فإنّ عدم التزام إسرائيل يدفع لبنان بدوره إلى عدم الالتزام أيضاً”.
وأشارت المصادر إلى أن “هذه المواقف عبّر عنها وزراء حزب الله وحركة أمل الممثلين في الحكومة، والذين يصرّون على ضرورة عدم السير بالمقررات طالما أن إسرائيل لم تلتزم بشيء”، موضحة أنه “على الرغم من تمسّك الحكومة بموقفها لناحية حصرية السلاح، لكنها باتت الآن في وضع صعب بعد نتائج جولة الموفد الأميركي توماس برّاك الأخيرة، وهي تدرس كل الخيارات أمامها، بما يضمن مصلحة لبنان ويؤكد على البيان الوزاري وقسم الرئيس جوزاف عون”.
وشددت المصادر على أن “لبنان فعل كل شيء، وبدأ بشكل جدي مسار حصر السلاح بيد الدولة، سواء السلاح المرتبط بحزب الله في جنوب نهر الليطاني، والعمليات المشتركة التي تحصل بين الجيش اللبناني واليونيفيل في هذا الإطار، وكذلك على صعيد السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، ورأينا أمس واحدة من أكبر عمليات سحب السلاح، وستستكمل في المرحلة المقبلة، في حين أن إسرائيل لم تفعل شيئاً، بل تواصل اعتداءاتها وخروقاتها اليومية للاتفاق”.
وجرى أمس الخميس تسليم دفعات من السلاح الثقيل العائد إلى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في مخيمات الرشيدية والبص والبرج الشمالي، في صور جنوبي لبنان، ووُضعت جميعها في عهدة الجيش اللبناني، ووُصفت الكمية المسلَّمة بأنها الأكبر منذ الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1990)، وذلك بعدما كانت انطلاقة المرحلة الأولى من مخيم برج البراجنة قد تعرّضت لانتقادات عدّة، بالنظر إلى حجم الشحنة الصغير جداً التي تسلّمها الجيش.
في الأثناء، لفتت المصادر إلى أن “هناك اتصالات تحصل مع الجانبين الأميركي والفرنسي للضغط على إسرائيل لتنفيذ التزاماتها، وتقديم ضمانات للبنان، إذ لا يمكن الاستمرار بمطالبة لبنان بالقيام بخطوات من دون إلزام إسرائيل بشيء، وهي التي تواصل خرقها اتفاق وقف إطلاق النار منذ 27 تشرين الثاني/تشرين الثاني الماضي، بلا أي تحرك أو ردّ فعل دولي”، مشيرة إلى أنه “هناك مساع داخلية أيضاً لإجراء حوار بين الأفرقاء وفق رغبة رئيس البرلمان نبيه بري، بما يضمن مصلحة لبنان ويحمي الساحة الداخلية، وكذلك الجيش اللبناني”.
ووسط هذه التطورات، تتجه الأنظار إلى الكلمة التي سيلقيها بري يوم الأحد في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، والتي من المتوقع أن تكون حاسمة قبيل الجلسة المرتقبة لمجلس الوزراء، وتحدّد الخطوات أو الطروحات التي يمكن السير بها، وسط تمسك بري المستمرّ بالتوافق والحوار مدخلاً أساسياً لأي أزمة.
by | Aug 28, 2025 | أخبار العالم
يدرس حزب الله وحركة أمل الخيارات المتاحة أمامهما بعدما لم تخلف الزيارة الأخيرة لوفد واشنطن الموسّع إلى بيروت أي أثر إيجابي على الساحة اللبنانية، بل أخذت الأمور إلى مزيدٍ من التعقيد، وهو ما أكده رئيس البرلمان نبيه بري في تصريح صحافي، حيث أعلن صراحةً عن إحباطه من نتائج الجولة بعدما أتى الأميركيون بعكس ما وعدوا لبنان به، مشدداً على أن الأمور ليست سهلة.
وتوقّع المسؤولون اللبنانيون أن يأتي الوفد الأميركي بجواب إسرائيلي نهائي على الورقة اللبنانية الأميركية المشتركة وبخطوة إسرائيلية مقابلة بعدما قامت الحكومة بخطوتها في جلستي الخامس والسابع من آب/ آب الجاري، الأمر الذي أكد عليه الموفد الأميركي توماس برّاك نفسه قبل أسبوعٍ، بيد أنه عاد ليطلب التزامات جديدة من لبنان، مشترطاً وضع الجيش الخطة التطبيقية لنزع سلاح حزب الله والاطلاع عليها وبدء خطوات عملية بهذا الاتجاه، بما يشجع إسرائيل على بدء عملية الانسحاب من الأراضي اللبنانية، من دون أن يعطي أي ضمانات، ولا سيما بشأن وقف الاعتداءات الإسرائيلية.
هذه المشهدية دفعت حزب الله وحركة أمل إلى وضع خيار التصعيد على الطاولة بعدما كان الثنائي قد تمهّل بخطوة الشارع بذريعة “الإفساح في المجال أمام حوار معمّق وبنّاء حول القضايا المصيرية التي تواجه لبنان”، بحيث أن مواقف الموفد الأميركي أظهرت انحيازاً كبيراً لإسرائيل، خصوصاً تلك الصادرة عن السيناتور ليندسي غراهام، بشكلٍ أدخل المسؤولين اللبنانيين بحالٍ من الإرباك والامتعاض وسط خلافات تتعمّق ولا سيما على خطي الثنائي ورئيس الحكومة نواف سلام.
وكان برّاك، الذي قام بجولة على المسؤولين في لبنان غداة زيارته إسرائيل، قد شدد، أول أمس الثلاثاء، على أن واشنطن ستعمل على ضمان انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، “لكن الأهم هو نزع سلاح حزب الله”. من جانبه، رأى السيناتور الأميركي ليندسي غراهام أن فكرة نزع سلاح حزب الله تأتي من الشعب اللبناني، وعندما يُنزع السلاح سيكون هناك حديث مع إسرائيل بشأن النقاط الخمس في الجنوب، مضيفاً “لا تسألوني ماذا ستقوم به إسرائيل قبل أن تنزعوا سلاح حزب الله، وإلا فإن الحديث لن يكون له معنى”.
في هذا الإطار، قال مصدر مقرّب من بري لـ”العربي الجديد”، إن “الوضع حتماً ليس سهلاً، فلبنان كان يتوقع شيئاً لكن ما حدث مختلف تماماً، والآن يجب درس الخيارات بدقة، فهناك حرص أكيد سواء من جانب حركة أمل أو حزب الله على السلم الأهلي والاستقرار، والأهم على المؤسسة العسكرية”، لافتاً إلى أن “الحكومة تسرّعت بخطوتها، والمطلوب اليوم وضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، وتجنيب البلاد أي سيناريو لا أحد يرغب به”.
وأكد المصدر ذاته أن “أجواء اللقاء مع الموفد الأميركي لم تكن جيدة، ولكن الرئيس بري كان متمسّكاً بموقفه لناحية ضرورة إلزام إسرائيل بالقيام بخطوتها، والتوقف عن خرقها اتفاق وقف إطلاق النار، وهو عبّر عن انزعاجه من الموقف الأميركي، ومن الطلب فقط من لبنان الالتزام بينما من يواصل الخرق هو الإسرائيلي”.
وأوضح أن “بري أكثر المتمسّكين بالتوافق والحوار، وهذا ما يجب أن يحصل خدمة للبنان ومصلحة الشعب اللبناني، أما التصعيد والخطوات الاحتجاجية فهي قيد الدرس وهي من الخيارات المطروحة ليس من باب الاستفزاز أو تفجير الشارع بل للتعبير عن موقف وثوابت، حيث أن المطلوب اليوم الضغط باتجاه وقف الاعتداءات الإسرائيلية وانسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها والتي توسّعت فيها لأكثر من خمس نقاط”، لافتاً إلى أن “الرئيس بري ستكون له كلمة مهمة وواضحة ومباشرة في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه يوم 31 آب، وسيشدد خلالها على ضرورة التوافق والحوار”.
من جهته، قال مصدر نيابي في حزب الله لـ”العربي الجديد”، إنّ “كلّ الخيارات مطروحة على الطاولة، وضمنها التحرّك في الشارع، فنحن نتمهّل ونتروّى، ولكنّ للصبر حدوداً، ولا يمكن أن نقف متفرجين على وفود تأتي وترحل وتحاول فرض إملاءاتها علينا بهذا الشكل”، مشيراً إلى أنّ “حزب الله وحركة أمل حريصان على السلم الأهلي والاستقرار ولا يريدان الدخول في أي مواجهة مع أحد وخصوصاً مع الجيش اللبناني، لكن من يريد أن يضع الناس بوجه الجيش هو الأميركي الذي ينفذ الأجندة الإسرائيلية ولا يأبه سوى لمصلحة إسرائيل”.
وأشار المصدر إلى أن “على الحكومة التراجع عن قراراتها وتصحيح مسارها، وإبعاد الجيش عن الفتنة، على أن يكون ما حصل عبرة لها، بينما تقدم التنازلات بلا أي مقابل أو ضمانة، وذلك في ظل تنصّل الأميركي من تعهداته، وظهوره بشكل صريح منحازاً إلى العدو الإسرائيلي”.
وفي كلمة له اليوم الخميس، قال رئيس كتلة حزب الله البرلمانية (الوفاء للمقاومة)، النائب محمد رعد إنّ “رفع البعض لشعار حصرية السلاح بيد الدولة في ظل انتهاك السيادة ووجود الاحتلال هو نفاق وتضليل لصالح مشاريع التبعية، فالسيادة شرط أساس لأيّ شعار أو موقف”. واعتبر رعد أنّ “القرار الحكومي المتخذ في أوائل آب خطيئة كبرى ارتُكبت عن سابق إصرار”.
في هذه الأثناء، أكد الرئيس اللبناني جوزاف عون في موقف له اليوم أن “لبنان يصرّ على أن يبقى أرض لقاء لا صدام، وأرض رسالة لا ساحة نزاع”. وضمن لقاءاته اليوم، استقبل عون سفير دولة قطر في لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، وعرض معه العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها في المجالات كافة. وأكد السفير القطري استمرار دعم بلاده للبنان وحرصها على تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين، عارضاً لأبرز المشاريع التي تلقى دعماً قطرياً مستمراً، ومن بينها دعم المؤسسة العسكرية.
ويسود الترقب في لبنان لجلسة مجلس الوزراء، في الثاني من أيلول/ أيلول المقبل، والتي من المنتظر أن يقدّم فيها الجيش اللبناني خطته التطبيقية لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الجاري، وفق ما أكدته لـ”العربي الجديد” مصادر في الجيش في وقت سابق، موضحة أنّ الجيش في طور الانتهاء منها، ومشددة على أنها “لن تكون خطة مواجهة أو تؤدي إلى صدام مع أي طرف، فهو حريص على الاستقرار والسلم الأهلي”.
ميدانياً، تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، وضمنها ما حصل اليوم الخميس، حيث ألقت مسيّرات إسرائيلية أربع قنابل صوتية على مواطن بينما كان يرمّم منزله في بلدة كفركلا، جنوبي البلاد، وعلى عدد من الشبان في وسط البلدة وسيارة رابيد وشاحنة تابعة للبلدية، وذلك بحسب ما ذكرت وسائل إعلام تابعة لحزب الله. كما نفذت إسرائيل غارات استهدفت مناطق مفتوحة في المحمودية والجرمق، جنوبي لبنان.