
صانعي الخراب.. ما الدور الذي يلعبه جنود سلاح الهندسة الإسرائيلي بغزة؟
بين كل الأهداف فإن كتائب ووحدات الهندسة في الجيش الإسرائيلي هي الأهم عند مقاتلي المقاومة الفلسطينية لأسباب عديدة، إذ تسميهم هذه الأخيرة بـ”صانعي الخراب”.
فجنود الهندسة المتنوعة هم المكلفون بتفخيخ المنازل لهدم أحياء كاملة، وشق الطرقات وتفكيك المتفجرات عدا عن تنفيذهم جرائم منها الإعدامات الميدانية.
ووثق مقطع مصور حصل عليه التلفزيون العربي، إعدام مسن في حي النصر بمدينة غزة، وصفه الجنود بالمخرب، لكنهم اعترفوا لاحقًا أنه كان أعزل، وقد أشار لهم بيديه الخاليتين، ليتبين بعدها أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ورغم ذلك تفاخر الجندي بقتله وهنأه الضابط وبقية الجنود.
جنود سلاح الهندسة الإسرائيلي
فهؤلاء الجنود من كتيبة الهندسة المدرعة “أساف 601″، وهي من أهم كتائب الجيش الهندسية إلى جانب “لاهاف 603″، و”هميخان 605″، و”باهَد 614″، والكتيبة الأحدث “همفتس 607”.
ويوجد داخل الكتائب وحدات متخصصة أبرزها “يلهوم”، وهي نخبة الهندسة القتالية المتخصصة في قتال الأنفاق ومعالجة العبوات والدفاع الكيماوي والنووي والتفجير تحت الأرض.
كما أن لكل لواء مشاة سرية هندسية، ولكل لواء مدرعات كتيبة هندسية. كجفعاتي وجولاني، وناحال.
وفي 15 حزيران/ حزيران 2004، نفذت المقاومة الفلسطينية كمينًا مركبًا في حي تل السلطان برفح، حيث بدأ الهجوم باستهداف جرافة “D9” بقذيفة “ياسين 105” مما أدى إلى توقفها.
وعند وصول آليات الدعم، بدأت المرحلة الثانية من الكمين، وتم استهداف ناقلة الجند المدرعة “النمر”، أسفر ذلك عن مقتل 8 جنود جميعهم من سلاح الهندسة، ومن بينهم النقيب وسيم محمود، والرقيب أول ضابط أور بلوموفيتش ضابط الرشاش، والرقيب أول أوزي يشعيا غرابر، وآخرون.
صورة خاصة بالتلفزيون العربي لجنود سلاح الهندسة الإسرائيلي
وتظهر صور وجدت بحوزة الجنود القتلى توثيقًا لعمليات تخريب وتدمير نفذوها في غرب مدينة غزة خلال بدايات شهر كانون الأول/ كانون الأول لعام 2023.
وبعد مرور 7 أشهر كانت نهايتهم على يد المقاومين في رفح، إذ تقول المقاومة إن خسائر سلاح الهندسة في معركة طوفان الأقصى كبيرة، وقد حصل التلفزيون العربي على 13 مقطعًا مختلفًا لكمائن نفذها مقاتلو القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.
في المقابل اعترف الاحتلال بمقتل 75 جنديًا وضابطًا من سلاح الهندسة تحت بند ما سمح بنشره.
ورصدت معظم العمليات في رفح خاصة في مناطق يبنا والشابورة وتل السلطان، كما وثقت هجمات مماثلة في بيت لاهيا وجباليا والريان.
كما أن الكمائن الأخيرة في خانيونس ضمن ما سمته المقاومة بسلسلة عمليات “حجارة داوود“، معظم قتلاها من ضباط وجنود الهندسة.
وكان آخرهم مشغل المعدات الهندسية أبراهام أزولاي الذي حاول المقاومون أسره، ولكنه أبى إلا أن يكون في عداد القتلى.
وفي تل زعرب في رفح رُصدت آليات هندسية استهدفت بـ”السهم الأحمر”، وقاذفة رجوم إضافة إلى الكمائن المركبة شرق رفح والاشتباكات المباشرة كما يظهر في أكثر من مقطع.
وفي بيت لاهيا شمالًا، رُصدت الآليات ثم استهدفت بشكل متزامن بعدة قذائف ياسين منها ميركافا و”D9″.
وفي جباليا كمين محكم لقوة هندسية جنوب دوار الصفطاوي، بدأ برسم المسار المتوقع ثم تجهيز العبوات ثم باستهداف الآليات بقذائف التاندوم لدفعها نحو مسار الكمين وجلب مزيد من التعزيزات قبل تفجير العبوات.
فما يظهر من هذه الكمائن ليس مجرد أرقام بل هو تحول نوعي في طبيعة المواجهة، حيث أصبح العمل الهندسي العسكري هدفًا مباشراً ومتكررًا في هذه المعركة، وبات صانع الخراب في عين الهدف.
ما الدور الذي يلعبه سلاح الهندسة الإسرائيلي؟
وفي هذا الإطار، أكد محلل التلفزيون العربي للشؤون العسكرية والإستراتيجية اللواء المتقاعد محمد الصمادي أن المهام التي تتبعها وحدات الهندسة الإسرائيلية هي “الهدم والتخريب وإفساد في الأرض”.
وفي حديث للتلفزيون العربي من العاصمة الأردنية عمان، أوضح أن منهجية التدمير التي تتبعها إسرائيل تهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه، عبر سياسة الأرض المحروقة، حيث تبدأ العمليات بدخول وحدات الهندسة، تمهيدًا لتوغل القوات البرية.
وأشار الصمادي إلى أن هذه الإستراتيجية ليست مجرد أداة عسكرية، بل تحمل أهدافًا سياسية واضحة، معتبرًا أن ما يجري في غزة يمثل أكبر عملية تطهير عمراني ممنهج في التاريخ الحديث.
وأضاف أن الاحتلال يعتمد على القصف المدفعي والجوي، إلى جانب استخدام الطائرات المسيّرة والمروحيات والروبوتات المتفجرة، لتجنب المواجهة المباشرة مع المقاومة التي لا تزال حاضرة، وقد تُلحق به خسائر فادحة.
كما لفت أن الاحتلال يستخدم ما يصل إلى 10 روبوتات في كل منطقة مستهدفة، يحمل كل منها ما بين 5 إلى 7 أطنان من المتفجرات، بهدف محو تلك المناطق بالكامل من الخارطة.
وفي حديث للتلفزيون العربي من غزة، أضاف بصل أن الاحتلال دمر أيضًا كامل المنطقة الجنوبية لحي الزيتون في مدينة غزة.
وأوضح أن الاحتلال لجأ إلى جميع الوسائل الممكنة لتنفيذ عمليات القتل والتدمير، بما في ذلك الروبوتات المفخخة، والعربات، والجرافات، والحفارات التي سوت المنازل بالأرض.
وأكد بصل أن الاحتلال ينتهج سياسة تدمير ممنهجة ومدروسة، تهدف إلى إزالة كل منزل قائم في أي منطقة تدخلها قواته البرية داخل قطاع غزة.