اغتالت رئيس حكومة الحوثي ووزراء.. ما مدى نفوذ إسرائيل الاستخباراتي في اليمن؟

اغتالت رئيس حكومة الحوثي ووزراء.. ما مدى نفوذ إسرائيل الاستخباراتي في اليمن؟

منذ اندلاع حرب غزة في تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، شنت جماعة الحوثي اليمنية أكثر من 90 هجومًا على إسرائيل بالطائرات المسيّرة والصواريخ، وأكثر من 100 هجوم على سفن إسرائيلية أو مرتبطة بها. ورغم نجاح تل أبيب في تحييد جبهات أخرى، بقيت الجبهة اليمنية عقدة لم تحسم حتى الآن.

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن الحوثيين أطلقوا منذ تشرين الأول 2023 أكثر من 200 صاروخ على إسرائيل؛ منهم 41 صاروخًا بالستيًا ومئات الطائرات المسيّرة، معظمها صوب إيلات والجنوب.

وفي البحر الأحمر، استهدفت الجماعة ما يزيد على مئة سفينة، أغرقت عددًا منها وقتلت ثمانية بحارة، ما دفع شركات الشحن لتغيير مساراتها.

جماعة الحوثي تفرض نفسها في المنطقة

وتكشف الصورة الأوسع أن الحوثيين يمتلكون ترسانة متطورة تشمل: صواريخ “بركان-3” بمدى 2000 كيلومتر وصواريخ كروز من عائلة “قدس” وطائرات مسيّرة بعيدة مثل “صماد-3”.

وجعل الدعم الإيراني في التدريب والتكنولوجيا والتصنيع المحلي المتنامي صنعاء ورشة مفتوحة للصواريخ والطائرات. كما انعكس هذا التطور على البحر الأحمر، حيث شلت حركة ميناء إيلات بنسبة 90% بفعل الخوف من الهجمات.

كما اضطرت واشنطن لقيادة تحالف دولي باسم “حارس الازدهار” لإعادة الملاحة. وهذا من شأنه أن يدل على أن جماعة الحوثي صارت لاعبًا مؤثرًا يربط بين حرب غزة والتوازنات الأوسع في الإقليم.

ولكن الحملة الأميركية لم تفلح في استعادة الملاحة كليًا، إذ استمر الحوثيون بتكتيك الكمائن الجوية والبحرية، فيما واصلت إسرائيل استهداف ترسانتهم العسكرية بالضربات الجوية، وسط تساؤلات عن مدى إمكانية نجاح المسعى الإسرائيلي.

ولا تبدو المهمة بتلك السهولة، فالمخازن محصنة تحت الجبال والأنفاق. كما أقر مسؤولون إسرائيليون بمفاجأتهم من حجم البنية التحتية، إذ كشف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن تل أبيب لم تكن تعلم أن الحوثيين يصنعون صواريخ بمدى 2000 كيلومتر في مخابئ ضخمة تحت الأرض.

إلا أن اغتيال إسرائيل السبت 12 مسؤولًا في حكومة جماعة الحوثي، بينهم رئيس الوزراء أحمد الرهوي وعدد من وزرائه أثار تساؤلات عن مدى نجاعة العمليات الاستخباراتية الإسرائيلية في اليمن، وتأثيرها على قدرات الحوثيين.

تفوق إسرائيل الاستخباري وقدرات الحوثيين العسكرية

وفي هذا الشأن، أوضح محلل التلفزيون العربي للشؤون العسكرية محمد الصمادي أن إسرائيل كانت تعاني من شح في المعلومة الاستخباراتية في اليمن، ولكنها استطاعت في الفترة الأخيرة أن تبني بنكًا من المعلومات بفضل تزويد العديد من الدول الغربية لها بالمعلومات الاستخبارية.

وأضاف الصمادي في حديثه من عمّان، أن عملية الاغتيال الأخيرة تدل على امتلاك إسرائيل معلومات مهمة أدت إلى نجاح العملية، لافتًا إلى أنه من غير المحتمل أن تؤثر الضربة في القدرات العسكرية للحوثيين.

وأكد أن العمليات غير التقليدية التي تنفذها جماعة الحوثي تشكل تحديًا مباشرًا للمفهوم التقليدي للتفوق الإسرائيلي سواء الجوي أو الأمني، مشيرًا إلى وجود تغير في موازين الردع الإقليمي.

وقال إن اليمن فاجأ جميع دول المنطقة وإسرائيل بامتلاكه أسلحة ردع وصواريخ بالستية فرط صوتية وطائرات مسيّرة بقدرات جيدة.

وختم بأن قدرات الجماعة اليمنية لم تكسر، وأنها لا تزال قادرة على الاستمرار في حرب الاستنزاف، مرجحًا أن تكون المسيّرات والخطر البحري الذي يشكله الحوثيون العنوان الرئيسي في المرحلة القادمة.

بجنازة عسكرية.. جماعة الحوثي تشيّع رئيس حكومتها ووزراء اغتالتهم إسرائيل

بجنازة عسكرية.. جماعة الحوثي تشيّع رئيس حكومتها ووزراء اغتالتهم إسرائيل

شيّع آلاف اليمنيين، اليوم الإثنين، جثامين 12 مسؤولًا في حكومة جماعة الحوثي اغتالتهم إسرائيل، بينهم رئيس الوزراء أحمد الرهوي وذلك في ميدان السبعين أكبر ميادين العاصمة صنعاء.

وأقيمت صلاة الجنازة على جثامين الشهداء في جامع الصالح الذي تسميه الجماعة جامع الشعب، وبعدها وصلت الجثامين إلى مقبرة “روضة الشهيد صالح الصماد” القريبة من الجامع. 

وأظهرت مشاهد بثتها قناة المسيرة لقطات من مراسم الجنازة العسكرية المهيبة حيث نُظم عرض عسكري في ميدان السبعين. 

من هم المسؤولون الذين اغتالتهم إسرائيل؟

وفي وقت سابق اليوم، نشرت الجماعة أسماء الشهداء الذين تم تشييعهم، وهم رئيس الحكومة، ووزراء الإعلام هاشم شرف الدين، والخارجية جمال عامر، والعدل وحقوق الإنسان مجاهد أحمد عبدالله علي.

كما شملت القائمة معين هاشم أحمد المحاقري وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار، ورضوان علي علي الرباعي وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، وعلي سيف محمد حسن وزير الكهرباء والطاقة والمياه، وكذلك علي قاسم حسين اليافعي وزير الثقافة والسياحة.

كذلك اغتالت إسرائيل “سمير محمد أحمد باجعالة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، إضافة إلى علي أحمد المولد وزير الشباب والرياضة، ومحمد قاسم الكبسي مدير مكتب رئاسة الوزراء، وزاهد محمد العمدي سكرتير مجلس الوزراء” وجرى تشييعهم في صنعاء.

دماء الشهداء “وقود لمواجهة إسرائيل”

وفي كلمة خلال مراسيم التشييع، قال القائم بأعمال رئيس الوزراء في حكومة الحوثيين محمد مفتاح، إن “جريمة اغتيال الرهوي وعدد من الوزراء لن تنجح في زعزعة أركان الدولة اليمنية”.

وأضاف مفتاح: “بدلًا من ذلك، ستكون دماء الشهداء وقودًا لمزيد من الإصرار والعمل، في مواجهة مخطط العدوان الفاشل”.

والسبت، أعلن الحوثيون اغتيال رئيس حكومتهم ووزراء آخرين جراء قصف إسرائيلي استهدف صنعاء الخميس، قبل أن يعلن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأحد، أن قواته تتجه نحو “مسار عسكري تصاعدي” لاستهداف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة أو بالحظر البحري.

ويستهدف الحوثيون سفنًا تتبع تل أبيب أو ترتبط بها، كما يشنون هجمات على إسرائيل بصواريخ ومسيّرات، ويقولون إنها رد على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها بدعم أميركي على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023.

بصاروخ باليستي.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط إسرائيلية

بصاروخ باليستي.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط إسرائيلية

أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة أنصار الله (الحوثيون) يحيى سريع، اليوم الإثنين، استهداف سفينة نفط إسرائيلية شمالي البحر الأحمر بصاروخ باليستي، مشيرًا إلى أن العملية أدت إلى إصابة السفينة بشكل مباشر.

وأفادت شركة أمبري للشحن البحري بتعرض سفينة تمتلكها إسرائيل وترفع علم ليبيريا لاستهداف جنوبي ينْبع في البحر الأحمر.

وأضافت الشركة أن “السفينة المستهدفة متوافقة مع الأهداف التي يهاجمها الحوثيون”، وفق قولها.

وكانت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية قد أعلنت الأحد أنّها تلقت بلاغًا عن استهداف سفينة بمقذوف مجهول في البحر الأحمر على بُعد 40 ميلًا بحريًا جنوب غرب مدينة ينبع السعودية.

وجاء في بيان الهيئة: “لقد تلقينا تقريرًا عن وقوع حادث على بُعد 40 ميلًا بحريًا جنوب غرب مدينة ينبع، التابعة لمنطقة المدينة المنورة بالسعودية”.

شظايا صاروخ ودوي انفجار

وأوضحت أن “قبطان سفينة (لم تحدد هويتها) أبلغ عن تناثر لـ(شظايا) صاروخ مجهول المصدر بالقرب من سفينته، وسماع دوي (انفجار) قوي”.

وبحسب الهيئة البريطانية، “تم الإبلاغ عن سلامة السفينة وطاقمها”.

وخلال الأشهر الأخيرة، انخفض معدل حوادث مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر التي ينفذها الحوثيون، لكن هذه الحادثة تشير إلى احتمالية عودتها خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تأكيد الجماعة استمرار حظر عبور السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر “لحين إنهائها حرب الإبادة بقطاع غزة”.

الحوثي يتوعد بالانتقام للاغتيالات

ويأتي هذا الحادث غداة إعلان جماعة الحوثي اغتيال رئيس حكومتها أحمد الرهوي، وعدد من وزرائه بعدوان إسرائيلي على صنعاء الخميس، وهو ما رد عليه زعيمها عبد الملك الحوثي في كلمة مصورة متوعدًا باستمرار التصعيد ضد إسرائيل.

وتوعّد الحوثي بمزيد من الهجمات بالصواريخ والمسيّرات في “مسار مستمر ثابت تصاعدي”، غداة الإعلان عن مقتل رئيس حكومة صنعاء وعدد من الوزراء في غارة إسرائيلية.

وقال عبد الملك الحوثي في كلمة متلفزة بثتها قناة “المسيرة” التابعة للجماعية: إنّ “استهداف إسرائيل بالصواريخ والمسيرات مسار مستمر ثابت تصاعدي“. وأكّد أنّ الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة “لن تؤدي إلى التراجع أو الضعف أو الهوان”.

وكان الحوثيون أعلنوا السبت مقتل رئيس حكومتهم أحمد غالب الرهوي مع عدد من رفاقه الوزراء” في الضربة الإسرائيلية على صنعاء الخميس، وهو أكبر مسؤول سياسي يُقتل في تداعيات المواجهة اليمنية الإسرائيلية على خلفية الحرب في قطاع غزة.

ويشن الحوثيون هجمات على إسرائيل بصواريخ ومسيّرات كما يستهدفون السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، ويقولون إنّها ردًا على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023 والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 63 ألف فلسطيني وجرح مئات الآلاف.

اليمن والجمهورية وجدلٌ عقيم

اليمن والجمهورية وجدلٌ عقيم

اعتدنا، نحن اليمنيين، بين فترة وأخرى، في السنوات العشر الماضية، على خوض جدل عقيم لا أستبعد افتعاله وتركيزه بدرجة رئيسية حول شكل (وطبيعة) النظام السياسي الحاكم الذي اختاره اليمنيون باكراً منذ ما قبل ثورة 26 أيلول (1962)، وهو النظام الجمهوري الذي كان أشبه بمخاض وخلاصة نضال يمني طويل، بذل اليمنيون فيه تضحياتٍ عظيمةً وكبيرة، للوصول إلى هذا المسار المتمثل بالنظام الجمهوري، نظاماً للحكم في اليمن.

تبنّى اليمنيون الجمهورية، كغيرهم من شعوب أخرى، لكن دوافعهم كانت ربما أكثر منطقية ومعقولية من دواعي غيرهم، لأن اليمن عاش تجارب حكم كهنوتية شديدة التخلف والظلم والهمجية والانحطاط السياسي، والكارثة أن هذه التجربة الكهنوتية كانت مرتبطة باستبداد ديني مذهبي بوصفها واحدة من أكثر تجارب الاستبداد الديني والسياسي انحطاطاً في التاريخ.

عاش اليمنيون تجربة تاريخية شديدة القسوة، تركت في أذهانهم ولاشعورهم الجمعي ندوباً من الحكايات والذكريات المؤلمة عن حقبة سوداء، اجتمع فيها كل أصناف الظلم والاستبداد والهمجيّة والتخلف التي ربما لم يعشها أيٌّ من الشعوب العربية الأخرى، هذه التجربة التي ارتبطت بالمذهب الزيدي ونظريته السياسية، ممثلةً بالإمامة، وما يعيشه بعض اليمنيين اليوم مع جماعة الحوثي وما عاشه آباؤهم وأجدادهم من كفاح وصراع طويل مع دويلات هذا المذهب الذي حوّل الإسلام إلى دين عائلي بحصر الحكم في سلالة من الناس دون غيرهم، مكفّراًَ كل من لم يؤمن بهذه الرؤية والنظرية السياسية، وواصفهم بكفار التأويل.

ما الذي يدفعنا اليوم للعودة إلى هذا النقاش اليوم بشأن الجمهورية، وهل نحن ملزمون بالردّ على كل من يحاول العودة إلى فتحه، ولماذا في هذا التوقيت، وما الجديد فيه، خصوصاً أنني نشرت عدة مقالات في هذا السياق عن قصة الجمهورية في اليمن وكل يتعلق بها، وكثير من الأفكار والنقاشات السابقة التي تصبّ كلها في دائرة الرد على الأصوات الإشكالية المفتعلة لنقاشات عقيمة ومكرره دائماً.

عودة النقاش الدائم حول الجمهورية يأتي دائماً عبر منصّاتٍ لا علاقة لها باليمن، وإن كان المتحدّثون عنها يمنيين أساساً

الملاحظ أن عودة النقاش الدائم حول الجمهورية يأتي دائماً عبر منصّاتٍ لا علاقة لها باليمن، وإن كان المتحدّثون عنها يمنيين أساساً، ويتماهون كثيراً مع توجّهاتٍ أو سياساتٍ معينة تجاه اليمن، بقصد أو بدونه، خصوصاً أن موضوع النظام السياسي اليمني جمهورياً قد حُسم باكراً، ولم يعد مادة للنقاش، عدا عن أن عودة الإمامة اليوم بأبشع صورها ممثلة بالحوثية هي أكبر الدوافع لتمسّك اليمنيين بالنظام الجمهوري، ولو لم تكن إلا الإمامة وحدها أهم نقيض للنظام الجمهوري لكفى ذلك دافعاً لليمنيين للدفاع عن جمهوريتهم… هذا أولاً.

ثانياً: الجمهورية كغيرها من أفكار سياسية أخرى، كالديمقراطية والوحدة، ناجحة في كثير من تجارب البشر والدول التي تمكنت نخبها السياسية من تجاوز فشلها الذاتي، وتمكّنت بهذه الأفكار من تقديم نماذج ملهمة وناجحة، فيما فشل الآخرون، وهذا ما حدث في الحالة اليمنية، حيث لم تحظَ اليمن بنخبة سياسية محترمة تمكّنت من القفز بالتجربة اليمنية إلى الأمام، وأفرغت هذه الأفكار الكبيرة من مضمونها، كالجمهورية وغيرها.

ثالثاً: للتجربة الجمهورية في اليمن خصوم عديدون في الداخل والخارج، في مقدمتهم وأكثرهم شراسة الفكرة الإمامية والإماميون الذين أزاحتهم الجمهورية وقضت عليهم، ولذا تحوّلوا فجأة إلى جمهوريين بقلوب وأفكار إمامية تُخفي ما تبطن، فضّلوا عقوداً الجمهورية الماضية كلوبي لقوى ظلامية تعمل من داخل النظام الجمهوري نفسه، وفي أطره وهياكله، على ضرب فكرة الجمهورية، وقد وصل بعض منهم إلى أعلى المناصب السيادية وزراء ورؤساء أجهزة أمنية وعسكرية، وعملوا كعصي في دواليب النظام الجمهوري.

على اليمنيين اليوم أن يعيدوا الاعتبار للفكرة الجمهورية والدفاع عنها باعتبارها لا تزال هي الفكرة الأكثر وضوحاً وشبهاً بهم

رابعاً: مثلت الفكرة المعادية للجمهورية بصور وأشكال شتى، حتى كان إماميون من كان يتلفع برداء اليسار، كمحمد علي الشهاري، والليبرالية، كمحمد عبد الملك المتوكل، وكلاهما يتفقان على نسف فكرة الجمهورية وفشلها، وأنه يجب البحث عن فكرة بديلة، وكأن الجمهورية في اليمن بدعة منكرة كغيرها من البلدان الجمهورية في العالم، والتي لا تعاني أزمة بنيوية في طبيعة أنظمة الحكم، كالتي شهدتها اليمن طوال عقود، كالإمامة والسلطنات والمشيخيات التي كانت في عموم اليمن.

خامساً: ندرك جيداً أن الحرب الملكية الجمهورية في اليمن خلال عقد الستينيات، والتي بدأت بعد قيام ثورة 26 أيلول مباشرة، واستمرّت حتى ما أطلق عليها بالمصالحة الملكية الجمهورية عام 1970، وندرك جيداً الجدل الذي دار بشأن طبيعة نظام الحكم الذي يجب أن تختاره اليمن، وهناك مقترحاتٌ شتى، كان الإماميون في تلك المفاوضات يصرّون على أن لا تمضي اليمن نحو النظام الجمهوري، وأن تبقى دولة إسلامية بلا ملامح نظام حقيقي، وهو المقترح الذي رفضه حينها تماماً الجمهوريون، وهو ما تحقق لهم بعد ذلك بأن تبنّى الجميع النظام الجمهوري.

سادساً: لا تستند الخفّة التي تذهب اليوم إلى نقاش الفكرة الجمهورية سوى على أوهام وتصوّرات سطحية ومغلوطة، من قبيل أن القبيلة في اليمن عائق أمام نظام الجمهورية، وهذه أكبر مغالطة لا تنسجم مع حقيقة القبيلة ونظام المشيخ فيها، والذي يستند إلى رضى كل أفراد القبيلة، ولا يمكن أن يرث المشيخ إذا كانت شخصية الشيخ ضعيفةً وغير مقبولة، وإنما يذهب الجميع إلى اختيار أحد أقوى رجال القبيلة، وإن كان من خارج أسرة الشيخ الراحل نفسه، ما يجعل نظام المشيخ أقرب إلى المفهوم الجمهوري منه إلى أي نظام آخر.

تدّعي فكرة الإمامة اليوم حقاً إلهياً لحكم اليمن، وتسعى إلى فرض سلطتها بالقسر والإكراه، ما يدفع اليمنيين إلى الاستماتة في سبيل نظامهم الجمهوري

سابعاً: لليمن ظروفه ومشكلاته الخاصة التي لا تتشابه مع ظروف الآخرين من حوله، ولكل مجتمعٍ تجاربه وخصوصيّاته، فمثلما وجد الخليجيون أنفسهم من خلال أنظمتهم السياسية الوراثية، وهي أنظمة قائمة اليوم، وفي رصيدها كثير من الإنجاز التنموي والسياسي، وأصبحت محلّ رضى شعوبها، ولا تربط وجودها بغير شرعية الإنجاز، بعكس فكرة الإمامة اليوم التي تدّعي حقاً إلهياً لحكم اليمن، وتسعى إلى فرض وجودها وسلطتها بالقسر والإكراه، وهذا دفع ويدفع اليمنيين إلى الاستماتة في سبيل نظامهم الجمهوري.

ختاماً: لا يعني فشل النخبة السياسية التي أدارت الجمهورية في اليمن، خصوصاً بعد وحدة أيار (1990)، أن الفكرة الجمهورية فشلت، وأن الفشل لم يتعدّ تلك النخبة التي حوّلت الدولة إلى ملكية خاصة، وأدارت الدولة بطريقةٍ لا تمت إلى فكرة الجمهورية ولا إلى دستورها وقانونها بصلة، بقدر ما كانت نزوات شخصية تتستّر خلف الشعارات، فيما كانت تسعى إلى تفريغ النظام الجمهوري من محتواه وروحه، وهو ما أوصل اليمن إلى لحظة الانفجار في شباط/ شباط 2011، محاولاً إعادة اليمن إلى مساره الصحيح، ولكن نتيجة أيضاً، لأن النخبة التي تولت دفّة القيادة هي نفسها التي صنعت الكارثة، ما سهل الطريق لعودة الإمامة ومشاريع ما قبل الدولة كلها، شمالاً وجنوباً، وأن على اليمنيين اليوم أن يعيدوا الاعتبار للفكرة الجمهورية والدفاع عنها باعتبارها لا تزال هي الفكرة… الأكثر وضوحاً وشبهاً بهم ومشكلاتهم وحلولها، وليس التنكّر لفكرة الجمهورية كما يفعل بعضهم اليوم ممن أعتقتهم الجمهورية وآباءهم من أسر العبودية والكهنوت.

الحوثيون يعتقلون 11 موظفاً أممياً، والأمين العام يطالب بالإفراج الفوري عنهم

الحوثيون يعتقلون 11 موظفاً أممياً، والأمين العام يطالب بالإفراج الفوري عنهم

قال المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ الأحد، إن جماعة أنصار الله الحوثي في اليمن اعتقلت 11 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بعد أن أعلن مصدر أمني حوثي في وقت سابق “توقيف سبعة من موظفي برنامج الأغذية العالمي وثلاثة من موظفي اليونيسف” بعد دهم مكاتب الوكالتين الأمميتين.

وأدان غروندبرغ على منصة إكس “بشدة الموجة الجديدة من الاعتقالات التعسفية لموظفي الأمم المتحدة اليوم في صنعاء والحديدة من قبل أنصار الله”، مشيراً إلى أنّ “هذه الاعتقالات تضاف إلى 23 موظفاً من موظفي الأمم المتحدة ما زالوا رهن الاحتجاز، بعضهم منذ عامي 2021 و2023”.

وأعلن برنامج الأغذية العالمي في بيان بالإنجليزية الأحد، عن أن ” قوات الأمن المحلية اقتحمت صباح 31 آب/آب، مكاتب برنامج الأغذية العالمي في صنعاء واحتجزت أحد موظفيه”، معتبراً أن “الاحتجاز التعسفي لموظفي الإغاثة الإنسانية أمر غير مقبول”.

  • كيف تغيرت جماعة الحوثيين خلال عقد من الصراع؟

وأشار البرنامج الأممي إلى “ورود تقارير عن اعتقالات أخرى لموظفين في البرنامج في مناطق أخرى” الأحد، مؤكداً أن “سلامة وأمن الموظفين أمران أساسيان للقيام بالعمل الإنساني المنقذ للحياة”.

ثم مع حلول مساء الأحد، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في بيان آخر أن “قوات أمن محلية اقتحمت مكتب منظمة اليونيسف في صنعاء واعتقلت عدداً من موظفيها”، لكن لم تحدد عددهم.

اتهامات بـ”التجسس”

وتأتي حملة اعتقالات موظفي المنظمات الدولية هذه ضمن حملة أوسع نفذتها الجماعة عقب اغتيال رئيس حكومة الحوثيين وعدد من وزرائها.

وبحسب وكالة فرانس برس، فقد أكدت مصادر أمنية يمنية أن السلطات الحوثية اعتقلت العشرات في العاصمة وفي عمران شمال صنعاء وذمار جنوب العاصمة “للاشتباه بتعاونهم مع إسرائيل”.

ونقلت الوكالة عن مصدر أمني حوثي أن الجماعة قامت بـ”توقيف سبعة من موظفي برنامج الأغذية العالمي وثلاثة من موظفي اليونيسف” بعد مداهمة مكاتب الوكالتين الأمميتين الأحد.

وتحتجز جماعة الحوثي عشرات الموظفين الأمميين وموظفي منظمات إنسانية محلية ودولية آخرين منذ أكثر من عام، بـ”شبهة التجسس”.

  • بعد ملاحقة عمال إغاثة وتجميد الدعم الأمريكي، نازحون يمنيون: خفض المساعدات يعني حكماً بالموت

وفي حزيران/ حزيران الماضي، قالت منظمتا “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” إن الحوثيين نفذوا منذ حزيران/حزيران 2024 سلسلة مداهمات في مناطق خاضعة لسيطرتهم، أسفرت عن توقيف 13 موظفاً أممياً و50 موظفاً على الأقل من منظمات إنسانية محلية ودولية.

من جانبهم يقول الحوثيون إن الاعتقالات منذ حزيران/حزيران 2024، مرتبطة باكتشاف “شبكة تجسّس أمريكية إسرائيلية” تعمل تحت غطاء منظمات إنسانية، وهي اتهامات رفضتها الأمم المتحدة.

إدانات أممية

وفي رد فعل حول الاعتقالات الأخيرة، دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد في بيان “بشدة الاعتقالات التعسفية التي طالت 11 على الأقل من موظفي الأمم المتحدة”، في المواقع الخاضعة لسيطرة من وصفها بـ”سلطات الأمر الواقع الحوثية”.

ودعا الأمين العام إلى “الإفراج الفوري وغير المشروط” عن الموظفين، بالإضافة إلى الإفراج عن “جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية ومن المجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية المحتجزين تعسفاً”.

فيما جدد المبعوث الأممي غروندبرغ الأحد، مطالبة “جماعة أنصار الله بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى موظفي المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، ومنظمات المجتمع المدني، والبعثات الدبلوماسية”.