البرلمان التركي يعقد اجتماعاً طارئاً حول غزة: مطالبة بتعليق عضوية إسرائيل في المنظمات الدولية

البرلمان التركي يعقد اجتماعاً طارئاً حول غزة: مطالبة بتعليق عضوية إسرائيل في المنظمات الدولية

عقد البرلمان التركي اجتماعاً طارئاً، اليوم الجمعة، بسبب التطورات الجارية في قطاع غزة والخطط الإسرائيلية لتوسيع الهجوم على القطاع واستمرار المجاعة الإنسانية. وتعتبر القضية الفلسطينية واحدة من المسائل فوق النزاعات السياسية في تركيا، حيث تجتمع كل الأحزاب التركية على الحقوق الفلسطينية من دون أي خلافات.

وارتدى النواب في البرلمان ورئيسه نعمان قورتولموش كوفية فلسطينية تحمل العلمين التركي والفلسطيني في موقف للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وطلب رئيس البرلمان التركي باقتراح خطوات ملموسة وعاجلة، كما طالب بتعليق عضوية إسرائيل في المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، حتى تتخلى عن سياساتها في الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.

وقال قورتولموش: “تواصل إسرائيل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بقرارها توسيع احتلالها لغزة، لقد وصلنا إلى مرحلة تعجز الكلمات عن وصفها، حيث قُتل ما يقرب من 70 ألف شخص، وقبل أيام قليلة فقط، قُتل عشرات الأبرياء في هجمات على المستشفيات أمام أعين العالم، وأصبحت الرعاية الصحية في غزة غير متوفرة”. وأضاف: “قوافل الغذاء تحولت إلى مصائد موت على يد الصهاينة، وحُكم على شعب غزة عمداً بالجوع، ويجب على إسرائيل قبول وقف إطلاق النار فوراً وسحب قواتها العسكرية، ويجب إرسال قوات أممية إلى غزة وإعادة إعمارها، وكل إجراء تقوم به إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو انتهاك للقانون الدولي، وجريمة حرب، وإبادة جماعية”.

وشدد رئيس البرلمان التركي على أن “الغضب الشعبي يتزايد ضد (بنيامين) نتنياهو وعصابته في كل ركن من أركان العالم. حيث قررت دول غربية الاعتراف بفلسطين الشهر المقبل، الدول الآسيوية والأفريقية ودول أميركا اللاتينية لها دور قيادي في هذا الشأن، كما أن دعم إسرائيل في الولايات المتحدة يتضاءل يوماً بعد يوم”.

فيدان أمام البرلمان التركي: تركيا تقاطع إسرائيل

وعقب كلمته، أعطى قورتولموش الكلمة إلى وزير الخارجية هاكان فيدان

للحديث باسم الحكومة، على أن يتحدث لاحقاً في الجلسة ممثلو الكتل والأحزاب السياسية. وأفاد وزير الخارجية هاكان فيدان في كلمته بأنّ “تصرفات إسرائيل في المنطقة هي تحدٍّ للعالم وتصرفات دولة تتمتع بذهنية إرهابية، فيما تركيا تدعم دائماً القضية الفلسطينية وتضعها في مقدمة اهتمامها، وعملت عبر مسارين الأول هو وقف الإبادة الجماعية والمجازر بحق الفلسطينيين وإدخال المساعدات بشكل فوري، والثاني هو إبقاء فكرة حل الدولتين حية والعمل مع الدول المتشاركة بالفكر للدفع بهذا الاتجاه”.

وأضاف فيدان: “لا توجد دولة تفرض عقوبات على إسرائيل مثل تركيا، من الناحية الدبلوماسية، ومن ناحية وقف التجارة معها بشكل كامل، ومنع عبور السفن ولا توجد دولة قطعت التجارة بشكل كامل مع إسرائيل، كما منعت تركيا عبور الطائرات من المجال الجوي، أو مرور السفن المبحرة إلى إسرائيل”، مشدداً على أن “تركيا في الصفوف الأولى بالدبلوماسية العالمية والرئيس رجب طيب أردوغان يعمل جاهداً عبر اتصالاته الدولية، كما تعمل تركيا عبر المنصات الدولية على دور فعال، سنعمل بجهد لاستغلال الحالة الدولية في الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومسألة معاقبة المسؤولين الفلسطينيين في المحاكم الدولية”.

وأوضح الوزير التركي أن “إسرائيل في هجماتها الجديدة تهدف إلى محاصرة مليون فلسطيني في شمال القطاع وإجبارهم على التهجير”، مشدداً بالقول “يجب إيقاف التجارة مع إسرائيل وتجميد عضويتها ووقف تزويدها بالسلاح وتكثيف العمل الدبلوماسي من أجل كبح جماحها جراء الهجمات وعدم التزامها بالقوانين الدولية، إذ إن تصرفاتها لها عواقب دولية”.

وفي السياق نفسه قال فيدان “نسعى إلى السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، لكن سياسات إسرائيل التوسعية هي عقبة أمام السلام، وتأسيس السلام في غزة وفلسطين سيؤدي إلى السلام في المنطقة، لن يشهد الشرق الأوسط السلام من دون إخضاع حكومة (بنيامين) نتنياهو، حيث إن سياسة حكومته خطر على المنطقة، ومن دون حل المسألة الفلسطينية لن يكون هناك سلام واستقرار دائم في المنطقة”.

وبعدها تحدث بولنت كايا رئيس الكتلة النيابية لحزب الطريق الجديد، موجهاً انتقادات إلى سياسات الحكومة التركية إزاء ما يجري في غزة وتأخر خطوات قطع التجارة وعدم تسيير قوافل كسر الحصار التي جرت بإرادة مدنية شعبية، وتذبذب مواقف الحكومة.

وفي أول تعليق فلسطيني، قالت حركة حماس في بيان “نثمّن المواقف التركية الداعمة لشعبنا الفلسطيني، في ظل حرب الإبادة الوحشية التي يشنها العدو الصهيوني المجرم، ومنها ما أكّد عليه اليوم وزير الخارجية السيد هاكان فيدان بقطع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الكيان الصهيوني، وإغلاق الأجواء أمام طائراته، وفضح جرائمه وعدوانه المتواصل على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة”.

وحثت الحركة، “تركيا والدول العربية والإسلامية، ودول العالم الحر، على تصعيد الإجراءات العقابية ضد الكيان الصهيوني المجرم، وقطع كافة العلاقات معه وعزله، لإلزامه بوقف الإبادة الجماعية، وتدمير قطاع غزة وكل سبل الحياة فيه، ومحاسبة قادته على جرائمهم ضد الإنسانية”.

يالوا التركية… وجهة عالمية للسياحة والعلاج بالمياه الكبريتية

يالوا التركية… وجهة عالمية للسياحة والعلاج بالمياه الكبريتية

باتت ولاية يالوا في شمال غربي تركيا وجهة بارزة للسياحة والاستثمار، كما باتت وجهة تعليمية، وكذا لتوفير العلاج بالمياه الكبريتية، رغم أنها أصغر ولايات البلاد من حيث المساحة.

نجحت ولاية يالوا التركية باستثمار الإمكانات المتاحة والتفوّق في الإدارة وتحقيق فرص النجاح بالشكل الأمثل، مستغلةً موقعها الجغرافي القريب من إسطنبول، حيث تقع على بُعد نحو 60 كيلومتراً من الشطر الآسيوي للمدينة، حتى إنّها تُوصف بـ”حديقة إسطنبول”، كما تتميز كذلك بقربها من ولاية بورصة، أول عاصمة للإمبراطورية العثمانية، ومن ولاية كوجا إيلي المزدهرة صناعياً.

وتمتد شواطئ يالوا على بحر مرمرة بطول يتجاوز 120 كيلومتراً، لتخطّ بذلك سحراً خاصاً يُضاف إلى خصائصها العديدة، إذ تمكنت من التحول إلى وجهة عالمية للسياحة والاستثمار، وحتى بقطاع التعليم، رغم أنها أصغر ولايات تركيا، إذ تبلغ مساحتها الإجمالية نحو 839 كيلومتراً مربعاً، ولا يتخطى عدد سكانها 200 ألف نسمة.

ويكشف الدليل السياحي التركي، سردار دونميز لـ”العربي الجديد”، أن ولاية يالوا اكتسبت شهرتها العالمية نتيجة المياه المعدنية التي يُعتقد أنها ناتجة من زلزال قديم، ما جعلها من أهم مناطق السياحة الشتوية في تركيا، خصوصاً أنها أحسنت استثمار منابع المياه المعدنية والترويج لأهمية هذه المياه وفوائدها في علاج أمراض المفاصل والجلد والقولون العصبي. كما أن طقسها المعتدل ساهم بجذب المواطنين والمقيمين والسيّاح.

ويضيف: “مع ازدياد شهرتها وارتفاع نسبة إقبال السيّاح العرب تحديداً، حرصت الولاية على استقطاب الريادة والأعمال طيلة العام، فكان أن أنشأت ثاني أكبر جامعة في تركيا بعد جامعة مرمرة، وقدّمت تسهيلات للاستثمار العقاري، حيث زادت مشاريعها السكنية مثل مشروع “جنة يالوا” ومشاريعها الصناعية والغذائية، وانتشرت عشرات المطاعم العربية، وخصوصاً العراقية، ما جعلها تلبّي متطلبات المستثمرين والسيّاح والطلاب. وبرزت على الخارطة السياحية وصارت مُدرجة ضمن رحلات السياحة الدائمة خارج إسطنبول، مثل صبنجة والمعشوقية وجبل أولوداغ في بورصة”.

وعن معنى الاسم وتاريخ الولاية، يوضح دونميز أن الولاية توصف في تركيا بـ”جنّة العيش”، نتيجة جمالها وخضرتها وهدوئها، أما اسمها فيعني “بيت الساحل”، ويعود تاريخها إلى حقبة قديمة نتيجة موقعها بين إسطنبول وبورصة، وعلى طريق ولاية إزمير. البعض يعيدها إلى فترة الحثّيين قبل الميلاد، ومراجع أخرى تقول إنها أقدم، ولكن آثار الولاية تشير إلى أن الحثّيين سكنوها قبل الحضارات الرومانية والبيزنطية، لتكثر الأحاديث عن الولاية خلال الدولة العثمانية في القرن الرابع عشر الميلادي، لكونها ولاية مستقلة وصغيرة تقع على طريق مهم مليء بالجسور والأنفاق. لكن ربطها بولاية إسطنبول الكبرى حصل عام 1930 بعد تأسيس الجمهورية التركية في عام 1923. وفي عام 1995 اعتُبرت ولاية مستقلة عن إسطنبول، وتتبع لها خمس مدن، والعديد من القرى والمناطق.

ويرى دونميز أن أهم مزايا ولاية يالوا، والتي قد تتفرد بها قياساً لمساحتها وعدد سكانها، تكمن بتعدّد أعراقها. فمنذ القرن التاسع عشر، وبسبب الهجرة لأطراف جبال سامانلي، سكن المنطقة يوغسلاف وروس ورومان ويونانيون وشركس، واليوم يسكنها عرب. وقد ساهم هذا التنوع الغني في تميز الولاية، والذي يبدو واضحاً من الطعام وتعدد ملامح السكان واللغات، علماً أن الأتراك بعد تأسيس الجمهورية واعتماد سياسة التتريك لم يتقنوا سوى لغتهم على حد تعبيره.

المياه الكبريتية مورد حيوي للسياحة العلاجية، يالوفا، 30 أيلول 2019 (مؤمن فايز/ Getty)

المياه الكبريتية مورد حيوي للسياحة العلاجية، 30 أيلول 2019 (مؤمن فايز/ Getty)

بدوره، يصف عمر تونج ولاية يالوا بأنها “أجمل بقعة في تركيا”، كونها جزيرة محاطة بالمياه من ثلاثة أطراف، تتمتع بغطاء نباتي وحرجي وعدد من الغابات، أهمها غابة “تشويقية” الشهيرة التي تجذب السيّاح وعشاق الهدوء والاسترخاء. ويتحدث تونج، المتحدر من الولاية ذاتها، عن أهمية المياه المعدنية الموجودة، حيث إن “حمامات ترمال الكبريتية” غنية بالفلورايد والكالسيوم والكبريت، وتلعب دوراً حيوياً في علاج الأمراض الجلدية، والتوسع باستغلال الينابيع لفت انتباه المقيمين خارج الولاية، حيث شكلت حمامات المياه الكبريتية مقصداً هاماً، مثل حمام كورشونلو القروي، ومغطس السلطان، وحمام والدة السلطان. ويضيف في حديث لـ”العربي الجديد”، أن الولاية تحتضن  اليوم العديد من الأسواق التجارية الكبيرة، مثل مجمع “أوزدلك”، و”ستار مول”، و”كيبا مول”، إلى جانب استثمارات سياحية عديدة، معظمها استثمارات عربية، ناهيك عن الاستثمار بقطاع التعليم في مدارس عربية وتركية ودولية، سواء حكومية أو خاصة، والأهم “جامعة يالوا”، وهي ثاني أكبر جامعة في تركيا، وتوفر فرصا تشجيعية للطلاب.

ويرى تونج الذي يعمل في “جامعة استينيا” بإسطنبول، أن تنوع ولاية يالوا، واستقطابها وفودا سياحية، فرض حتمية التنوع في الطعام، ولا سيما المأكولات العربية ومن ثم الأوروبية، مع الحفاظ على المطبخ التركي من الكباب بأنواعه إلى الشاورما واللحم بالعجين وتشي كوفتا والتنتوني والدجاج المغطى بالملح، لافتاً إلى أن طعم الخضار والفواكه في ولايته “مختلف ومذاقه رائع”. كما أن الفطور في يالوا لا يُقارن بغيره، حيث يتضمن الشاي والأجبان والمربّيات والبيض والمينيمن والكويماك واللحوم المجففة والمعجنات والخضار الطبيعية.
وتتفق مواقع سياحية ومراجع تاريخية على أن قرية ترمال والحمامات المعدنية الحارة فيها، تُعدّ أهم وجهات السياحة في يالوا، بل زادت من شهرة الولاية. كما تأتي هضبة إريكلي وبحيرة ديبسيز وحديقة ياديغولار ضمن عداد أهم المناطق الساحرة لأخذ قسط من الراحة والاسترخاء. وتبقى دهشة الشلالات وروعتها في كل من صودوشان وإريكلي.

لا تفتقر الولاية إلى المباني التاريخية الجاذبة، كونها تضم إلى جانب الأسواق والمحال التجارية الكبرى والقصور، أكثر من 170 مسجداً، أشهرها مسجد “رستم باشا” ومسجد “الفاتح”. ويبقى “كوشك” أو “البيت الماشي” العلامة الأبرز، وهو قصر تمّ تشييده عام 1929 بجانب شجرة الجميز، وسُمّي بـ”البيت الماشي” لأن غصناً من الشجرة تدلّى فوق البيت، وأمر مصطفى كمال أتاتورك بتحريك المنزل من دون قص الشجرة. وقد تحول في عام 2006 إلى متحف أثري يستقبل مئات الزوار، وهو غير متحف قصر أتاتورك الذي بناه بعد تأسيس الجمهورية، وكان يتخذه مقرّاً صيفياً، قبل أن يتحول عام 1981 إلى متحف يضم أثاثاً ومقتنيات خاصة بمؤسس الجمهورية التركية.

حضور حزبي بارز.. البرلمان التركي يعقد جلسة طارئة بشأن غزة

حضور حزبي بارز.. البرلمان التركي يعقد جلسة طارئة بشأن غزة

أنقرة- شهد البرلمان التركي، اليوم الجمعة، جلسة استثنائية خصصت لمناقشة الأوضاع المأساوية في قطاع غزة والبحث في سبل وقف المجازر وضمان وصول المساعدات إلى المدنيين المحاصرين.

جاءت الدعوة إلى هذه الجلسة بطلب مشترك من 7 أحزاب معارضة، في مقدمتها حزبا الشعب الجمهوري و”الجيد” القومي، إضافة إلى قوى يسارية وإسلامية أخرى، لتقطع بذلك العطلة البرلمانية الصيفية.

ورغم أن البرلمان كان مقررا أن يعود للانعقاد مطلع تشرين الأول/تشرين الأول المقبل، استجاب رئيسه نعمان قورتولموش للطلب، مستندا إلى الصلاحيات الدستورية الخاصة بعقد الجلسات الطارئة.

نواب من مختلف الأحزاب في الاجتماع
نواب من مختلف الأحزاب التركية حضروا الجلسة (مواقع التواصل)

وحدة الموقف

كما حضر وزير الخارجية هاكان فيدان لعرض إحاطة أمام النواب حول آخر المستجدات الميدانية وجهود أنقرة الدبلوماسية، وذلك عقب عودته من مشاركات إقليمية ودولية شملت ترؤسه اجتماعا استثنائيا لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة.

وبدت الجلسة محملة برمزية خاصة جسدت وحدة الموقف التركي تجاه القضية الفلسطينية، إذ ارتدى رئيس البرلمان ونوابه الكوفية الفلسطينية الموشحة بالعلمين التركي والفلسطيني.

كما شارك عدد من قادة الأحزاب أو ممثليهم، من بينهم أوزغور أوزيل رئيس حزب الشعب الجمهوري، ودولت بهتشلي زعيم حزب الحركة القومية، ومساوات درويش أوغلو رئيس حزب “الجيد”، ومحمود أريكان رئيس حزب السعادة. كما لفت الأنظار حضور رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، زعيم حزب المستقبل، من شرفة الضيوف متابعا مجريات النقاش.

أجمع ممثلو الأحزاب، سواء في صفوف المعارضة أو الموالاة، على إدانة الجرائم الإسرائيلية وضرورة التحرك العاجل لوقفها، في إشارة واضحة إلى أن فلسطين تظل قضية عابرة للانقسامات الحزبية داخل تركيا.

وافتتحت الجلسة بكلمة رئيس البرلمان، تلتها إحاطة مطولة من وزير الخارجية، ثم مداخلات لزعماء الكتل النيابية.

إعلان

وعرض فيدان صورة قاتمة للأوضاع الإنسانية في غزة، مؤكدا أن إسرائيل ترتكب منذ قرابة عامين فظائع ترقى إلى جريمة إبادة جماعية على مرأى العالم، محذرا من أن اتساع رقعة العدوان ليشمل الضفة الغربية ومناطق أخرى يهدد بإشعال المنطقة بأسرها.

وقال إن ما يجري في غزة سيسجّل كإحدى أحلك الصفحات في تاريخ البشرية، مشددا على رفض تركيا القاطع لأي خطة تهدف إلى تهجير سكان القطاع، ومؤكدا “مهما كان مصدر هذا المقترح، فهو بالنسبة لنا باطل ولاغٍ”.

قرارات تركيا

وفي استعراضه لخطوات أنقرة، أعلن فيدان أنها أنهت تماما علاقاتها التجارية والاقتصادية مع إسرائيل، مشيرا إلى أنه “لا توجد دولة أخرى غير تركيا أقدمت على ذلك”.

وأوضح أن المجال الجوي والموانئ التركية باتت مغلقة أمام الطائرات والسفن الإسرائيلية، معتبرا ذلك ردا مباشرا على تجاهل تل أبيب لكل القيم الإنسانية في غزة. ودعا المجتمع الدولي إلى اتباع نهج بلاده في مقاطعة إسرائيل وعزلها، محذرا من أن استمرار الصمت سيعني تفاقم المأساة.

من جانبه، شدد رئيس البرلمان على أن القضية الفلسطينية تمثل قضية وطنية لتركيا وإجماعا راسخا لدى الشعب ومؤسسات الدولة. واستعرض ما وصفه ببشاعة الجرائم الإسرائيلية في غزة، مؤكدا أن الاحتلال يسعى لتحويل المجاعة إلى أداة للإبادة الجماعية. وقال إن حجم الفظائع تجاوز قدرة الكلمات على الوصف بعدما تحولت غزة إلى مسرح لانتهاكات غير مسبوقة.

وأكد قورتولموش أن إسرائيل مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار وسحب قواتها من القطاع دون تأخير، معتبرا أن انعقاد هذه الجلسة الاستثنائية للبرلمان يأتي في إطار مسؤولية تاريخية لتركيا في الدفاع عن فلسطين.

رئيس حزب السعادة محمود أريكان يسارا
محمود أريكان (يسار) رئيس حزب السعادة شارك في الجلسة الطارئة (مواقع التواصل)

في ختام المداولات، خرج البرلمان التركي بإجماع نادر بين مختلف أطيافه على إدانة العدوان الإسرائيلي على غزة، مقرونا بسلسلة توصيات موجهة للحكومة والمجتمع الدولي.

وشدد النواب على ضرورة أن تواصل أنقرة تحركاتها الدبلوماسية المكثفة للضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون قيود. كما دعوا إلى إطلاق برامج عاجلة لإعادة إعمار غزة فور توقف الحرب، وإلى توفير حماية دولية للمدنيين عبر آليات أممية واضحة.

كما طالب البرلمان الحكومة بتعزيز جهودها القانونية في المحافل الدولية، مذكرا بمساهمة تركيا في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية، وبتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى أن تلتزم بالقانون الدولي، ونشر قوات حفظ سلام أممية في غزة لفتح ممرات آمنة للإغاثة وحماية المدنيين.

إعلان

ودعا النواب الدول الإسلامية والغربية إلى فرض عقوبات فعلية وقطع التعاملات مع تل أبيب، معتبرين أن أنقرة قدّمت نموذجا عبر إنهاء علاقاتها التجارية معها بالكامل.

أوزال يصافح بهشلي
أوزيل (يمين) في مصافحة نادرة لخصمه بهتشلي (مواقع التواصل)

توافق نادر

قال المحلل السياسي مراد تورال إن الجلسة البرلمانية عكست توافقا سياسيا نادرا جمع الحكومة والمعارضة في موقف واحد دفاعا عن الفلسطينيين. واعتبر أن انعقادها يبرز المكانة الراسخة للقضية الفلسطينية في الوعي التركي، إذ إنها تتجاوز كل الانقسامات الداخلية.

وأوضح للجزيرة نت أن النقاشات البرلمانية أكدت أن الخلافات الحادة بين الأحزاب تتلاشى عندما يتعلق الأمر بغزة، وأن حتى الأصوات الأكثر انتقادا للحكومة، انخرطت في هذا الاصطفاف، وأنها مع الدعوة إلى المضي بخطوات عملية أكبر.

وحسب تورال، فإن مشهد مصافحة بهتشلي وأوزيل قبل انعقاد الجلسة شكّل رمزا واضحا لهذا التوافق الوطني، الذي ترجم لاحقا إلى إجماع كامل على البيانات والتوصيات الصادرة في ختامها، ما جعله محطة فارقة في المشهد السياسي التركي.

نواب من حزب العدالة والتنمية في الاجتماع
مشاركة نواب من حزب العدالة والتنمية الحاكم (مواقع التواصل)

أما على الصعيد الخارجي، يرى المحلل السياسي علي أسمر أن الجلسة عكست انتقال تركيا من مستوى التضامن السياسي والإعلامي التقليدي مع الفلسطينيين إلى مستوى الخطوات العملية والقرارات العقابية، بدءا من وقف التجارة ومرورا بحظر الموانئ وإغلاق الأجواء أمام الطائرات الإسرائيلية.

وأضاف للجزيرة نت أن هذه الإجراءات، إلى جانب الخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية في منظمة التعاون الإسلامي، تكشف سعي أنقرة لإبراز نفسها قوة إقليمية قيادية قادرة على تحويل مواقفها السياسية إلى أدوات ضغط ملموسة.

ووفق أسمر، فإن أنقرة تسعى إلى موازنة سياستها الخارجية مع اعتبارات الداخل:

  • فهي من جهة تخاطب الرأي العام التركي المتعاطف مع غزة وتؤكد على الهوية الإسلامية للبلاد.
  • ومن جهة أخرى تعمل على تعزيز مكانتها الدولية عبر تقديم نفسها طرفا محوريا في الجهود الرامية لوقف الحرب، سواء بالتنسيق مع دول مثل قطر ومصر، أو عبر الضغط على المؤسسات الدولية لتعليق عضوية إسرائيل.
ماذا بعد اختتام مؤتمر “غزة: مسؤولية إسلامية وإنسانية” بإسطنبول؟

ماذا بعد اختتام مؤتمر “غزة: مسؤولية إسلامية وإنسانية” بإسطنبول؟

أنقرة- اختتمت في مدينة إسطنبول التركية، اليوم الجمعة، أعمال المؤتمر العالمي “غزة: مسؤولية إسلامية وإنسانية” بإعلان البيان الختامي عقب صلاة الجمعة في جامع آيا صوفيا الكبير، وسط حضور حاشد لعشرات العلماء المشاركين الذين توافدوا من أكثر من 50 دولة.

وتليت وثيقة “إعلان إسطنبول” باعتبارها حصيلة أعمال المؤتمر الممتد على مدى أسبوع كامل، متضمنة توصيات ورؤى عملية تهدف إلى وقف العدوان على غزة ودعم صمود سكانها.

وجاء ختام المؤتمر في مسجد “آيا صوفيا” بوصفه لحظة رمزية عكست وحدة الموقف الإسلامي وتماسكه تجاه القضية الفلسطينية، خاصة وأن الانطلاقة كانت قبل أسبوع في جامع أيوب سلطان التاريخي حيث أقيمت خطبة وصلاة الجمعة إيذانا ببدء الفعاليات.

إعلان إسطنبول

صدر عن المؤتمر بيان حمل عنوان “إعلان إسطنبول” مثّل نداء عاجلا للأمتين الإسلامية والدولية لتحمل مسؤولياتهما الأخلاقية والقانونية تجاه ما يجري في غزة. وأكد أن القضية الفلسطينية لم تعد شأنا محليا يخص الفلسطينيين وحدهم، بل باتت مسؤولية شرعية وإنسانية تقع على عاتق الأمة الإسلامية والضمير العالمي بأسره.

وشدد على ضرورة تعبئة الجهود كافة لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع المحاصر وفتح الممرات الإنسانية دون تأخير. كما دعا إلى تأسيس تحالف إسلامي إنساني موحد يواجه جرائم الإبادة ويحُول دون التوسع الاستيطاني، عبر إحياء روح “حلف الفضول” الإنساني كإطار دولي لملاحقة مجرمي الحرب وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

وفي ختام البيان، وجّه العلماء رسائل مباشرة أبرزها التأكيد لأهالي القطاع “كلنا معك يا غزة العزة” وإلى المقاومة الفلسطينية “مقاومتكم حق شرعي ومشروع، ونصركم نصر للعدالة والحرية”.

وأجمع المشاركون على أن المؤتمر يمثل بداية لحراك ممتد، عبر آليات متابعة لتنفيذ توصياته وضمان استمرار الجهود الشعبية والرسمية في نصرة القطاع الفلسطيني حتى إنهاء العدوان.

إعلان

واختتم المؤتمر أعماله بجملة من التوصيات التي وُصفت بخارطة طريق ملحة لدعم غزة والقضية الفلسطينية، حيث دعا إلى:

  • الفتح الفوري للمعابر والممرات الإنسانية لإيصال المساعدات دون قيود.
  • كسر الحصار البري والبحري والجوي المفروض على القطاع، مؤكدا أن هذا واجب شرعي وقانوني على الدول العربية والإسلامية المجاورة.
  • قطع جميع أشكال العلاقات مع إسرائيل، بما في ذلك سحب السفراء وإغلاق البعثات وإيقاف أي مظاهر للتطبيع، معتبرا ذلك التزاما دينيا وأخلاقيا في مواجهة العدوان.

كما أكد المجتمعون شرعية المقاومة الفلسطينية بكافة الوسائل، وفي مقدمتها الكفاح المسلح، ورفض أي محاولات لنزع سلاحها.

توصيات

وعلى الصعيد السياسي، أوصى مؤتمر “غزة” بإطلاق تحرك دبلوماسي عاجل عبر وفود عربية وإسلامية رفيعة المستوى للضغط على المحافل الدولية، ولا سيما الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مع الدعوة إلى بناء تحالف اقتصادي وعسكري إسلامي يشكل قوة رادعة تحمي الفلسطينيين والمقدسات.

وحذر البيان الختامي من خطورة الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة للمسجد الأقصى ومخططات تقسيمه، معتبرا ذلك خطا أحمر يهدد بإشعال المنطقة.

كما أولى المؤتمر اهتماما خاصا بمعركة الوعي، مطالبا المؤسسات الإعلامية في العالم الإسلامي والعالم بنشر الرواية الفلسطينية بلغات متعددة، وتوثيق الجرائم الإسرائيلية، وإحياء ذكرى الصحفيين الذين قتلوا خلال تغطيتهم للحرب على غزة.

وأوصى بتفعيل المسارات القانونية والقضائية لملاحقة قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي كمجرمي حرب أمام المحاكم الدولية والوطنية، مع الدعوة إلى إنشاء محاكم خاصة في الدول الإسلامية والحرة لمحاكمة المتورطين في جرائم الإبادة.

وعلى المستوى الاقتصادي والإنساني، أعلن المشاركون عن إنشاء صندوق إسلامي دائم لإعمار غزة، ودعوا رجال الأعمال والمؤسسات إلى تخصيص نسبة من أرباحهم لدعم جهود التنمية والإغاثة، كما أقر العلماء فتوى بتخصيص نصف زكاة العام المقبل لصالح القطاع الفلسطيني، باعتبار ذلك من أولويات الشريعة في إغاثة المظلومين.

كما أوصى المؤتمر بوضع ميثاق إسلامي لدعم فلسطين تُوقع عليه المرجعيات الدينية والسياسية، وإدراج قضية القدس وفلسطين في المناهج التعليمية لتعزيز وعي الأجيال. ووجه نداء للمؤسسات الدينية المسيحية واليهودية الحرة لاتخاذ مواقف أخلاقية واضحة ضد العدوان، والضغط على الحكومات الغربية لوقف الحرب.

وشدد على أن خذلان فلسطين يفتح الباب أمام مشروع “إسرائيل الكبرى” مؤكدا أن نصرة غزة واجب ديني وإنساني لا يقبل التأجيل، وأن نجاح هذه التوصيات مرهون بتحويلها إلى خطوات عملية على الأرض.

**داخلية**الدكتور-علي-محمد-الصلابي-مع-الرئيس-التركي--الجزيرة-نت
الدكتور الصلابي (يسار): توصيات إعلان إسطنبول بدأت تأخذ مسارها العملي (الجزيرة)

مسار عملي

من جانبه، أكد الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي محمد الصلابي أن توصيات إعلان إسطنبول بدأت تأخذ مسارها العملي عبر التواصل المباشر مع قادة الدول والمنظمات الدولية.

إعلان

وأوضح الشيخ الصلابي للجزيرة نت أن وفد العلماء التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وسلمه ملف توصيات المؤتمر. وقال إن اللقاء كان إيجابيا ولاقت المقترحات استحسانا من القيادة التركية، مؤكدا أن وفود العلماء ستواصل جولاتها للتواصل مع زعماء دول أخرى ومنظمات حقوقية لتوسيع دائرة الدعم.

وأضاف أن المؤتمر حظي بتغطية واسعة في الصحف التركية، وأسهم في تعزيز الرأي العام المؤيد لغزة داخل تركيا، متوقعا تجاوبا مماثلا من دول أخرى قريبا. واعتبر أن المؤتمر شكّل سابقة من حيث مدة انعقاده التي تجاوزت 8 أيام، ومن حيث عدد المشاركين والنقاشات المركزة حول سبل دعم قطاع غزة.

وشدد الشيخ الصلابي على أن التحرك المدروس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يمكن أن يحدث أثرا في المحافل الدولية رغم التحديات، داعيا القيادة المصرية والأزهر الشريف إلى الاضطلاع بدور محوري في فتح المعابر ووقف الحرب على غزة.

وخلص الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين إلى أن المؤتمر يمثل محطة غير مسبوقة في تاريخ الاتحاد، سواء من حيث حجم المشاركة أو نوعية التوصيات التي ركزت على آليات عملية لدعم الشعب الفلسطيني.

قوة التأثير

من جهته، أكد رجب سونغل (عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) أن التحركات العلمية والفكرية والدينية التي يقوم بها الاتحاد تمتلك قوة التأثير في المحافل الدولية، وأن البيانات الصادرة من جامع “آيا صوفيا” تحمل طابعا عالميا موجها إلى الأمة والإنسانية جمعاء.

وقال -للجزيرة نت- إن هذا الخطاب يستند إلى مسؤوليات دينية وإنسانية، ويرتكز على نصرة المظلومين ومواجهة الظالمين والسعي لإرساء العدالة، مضيفا أن ما تتعرض له غزة اعتداء على الأمة كلها، وهو ما يشكل رسالة قوية قادرة على تحريك الضمير العالمي.

ووفق سونغل، ستلقى هذه الجهود صدى داخل العالم الإسلامي وعلى المستوى الدولي، لافتا إلى أن الضغط المباشر على الساسة، وإبقاء القضية حيّة في الإعلام، واعتبار التحرك واجبا شرعيا، مع إشراك المجتمع المدني بكل إمكاناته، تشكل (كلها) أدوات فعالة لإيصال صوت الأمة وتعزيز الردع في مواجهة العدوان.

وختم عضو مجلس أمناء الاتحاد بأن هذه التعبئة الشاملة من العلماء والإعلام والجماهير تمثل السبيل الحقيقي لتوسيع دائرة التأثير، وإيجاد قوة رادعة أمام الظلم الواقع على غزة.

مؤتمر “من الجذور إلى الآفاق” يروي قصة صعود الصناعات الدفاعية التركية

مؤتمر “من الجذور إلى الآفاق” يروي قصة صعود الصناعات الدفاعية التركية

أنقرة- شهدت العاصمة التركية أنقرة -اليوم الجمعة- انعقاد مؤتمر دولي بعنوان “من الجذور إلى الآفاق: قصة صعود الصناعات الدفاعية التركية”، نظمته دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية ضمن فعاليات أسبوع النصر الذي يتزامن مع ذكرى انتصار حرب الاستقلال.

وحضر المؤتمر مسؤولون حكوميون وقادة كبرى شركات هذه الصناعات، وعشرات الصحفيين والخبراء من 23 دولة، بهدف إبراز التحول الإستراتيجي الذي حققته أنقرة في بناء قدراتها الدفاعية الوطنية وتوسيع صادراتها العسكرية.

وافتتحت الجلسات بكلمات رسمية ألقاها فرحات بيرينتشجي نائب رئيس دائرة الاتصال، أعقبه هالوك غورغون رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية، حملا خلالها رسائل سياسية واضحة حول رؤية أنقرة الدفاعية وطموحاتها المستقبلية.

فرحات بيرينتشجي نائب رئيس دائرة الاتصال رئاسة الاتصال
بيرينتشجي: نسبة الإنتاج المحلي في الصناعات الدفاعية تجاوزت 80% (رئاسة الاتصال)

رؤية إستراتيجية

أكد فرحات بيرينتشجي في كلمته أن ما حققته تركيا في مجال الصناعات الدفاعية لم يكن وليد الصدفة، بل جاء ثمرة مسار متدرج وتراكم خبرات ممتد لعقود، وتجسيدا لرؤية إستراتيجية وضعتها الدولة خلال السنوات الأخيرة.

وأشار إلى أن نسبة الإنتاج المحلي في هذا القطاع تجاوزت 80%، بفضل العزيمة الراسخة للمهندسين والإداريين الأتراك، وبدعم من رؤية “قرن تركيا” ومبادرة التكنولوجيا الوطنية.

وأضاف “لقد أثبتت أنقرة أنه حين تجتمع الرؤية الإستراتيجية مع الإرادة الوطنية، تصبح بلادنا بين أبرز 11 دولة مصدرة للصناعات الدفاعية في العالم”، مؤكدا أن هذا القطاع بات ركيزة أساسية تحدد موقع تركيا على الخريطة الدولية وتعزز دورها كفاعل لا غنى عنه في أمن المنطقة والعالم.

أما هالوك غورغون فقد رسم في كلمته معالم التجربة التركية، مستهلا حديثه بالقول “نجحت أنقرة في تحويل فكرها إلى إستراتيجية، وإستراتيجيتها إلى تكنولوجيا، وتكنولوجيتها إلى منتجات”.

هالوك غورغون رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية رئاسة الاتصال
غورغون: الصناعات الدفاعية التركية باتت رسالة استقلال جديدة (رئاسة الاتصال)

وبيّن أن المؤتمر يجمع بين الذاكرة المؤسسية للصناعات الدفاعية والرؤية المستقبلية لها، مؤكدا أن هذا القطاع ليس مجرد مجال تقني أو عسكري، بل امتداد لمسيرة تاريخية تربط بين روح المقاومة في حرب الاستقلال قبل 100 عام ونهضة التكنولوجيا المتقدمة اليوم.

إعلان

وكشف غورغون أن نسبة الاكتفاء الذاتي في الصناعات الدفاعية بلغت نحو 83%، بفضل شبكة تضم أكثر من 3 آلاف و500 شركة، يعمل بها نحو 100 ألف موظف على تنفيذ أكثر من ألف و380 مشروعا محليا.

ولفت إلى أن السياسات التي أطلقها الرئيس رجب طيب أردوغان ضمن مبادرة التكنولوجيا الوطنية أثمرت قفزة نوعية نالت إشادة دولية، حيث تجاوزت صادرات الدفاع والطيران 7.1 مليارات دولار عام 2024 بزيادة بلغت 29% عن العام السابق.

واعتمدت هذه الإنجازات -وفقا له- على حلول وطنية في مجالات متعددة، من الهندسة المتقدمة والذكاء الاصطناعي إلى أنظمة الحرب الإلكترونية والفضاء، معتبرا أن الصناعات الدفاعية التركية باتت “رسالة استقلال” جديدة، وكل استثمار فيها هو بمثابة خطاب إستراتيجي يكتبه الشعب لمستقبل البلاد.

دائرة الاتصال رئاسة الاتصال
حضور لافت في المؤتمر الدولي حول الصناعات الدفاعية التركية (رئاسة الاتصال)

غزة حاضرة

من جهة أخرى، حملت كلمة غورغون نبرة سياسية حادة إزاء التطورات في فلسطين، إذ وجّه إدانة صريحة للهجمات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، واصفا إياها بأنها ارتقت إلى مستوى الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، في انسجام مع توصيف القيادة التركية لهذه الجرائم بأنها انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وجرائم ضد الإنسانية.

وأكد أن أنقرة لن تقف موقف المتفرج أمام هذه الفظائع، بل ستواصل رفع صوتها عاليا دفاعا عن غزة في جميع المحافل الدولية والإنسانية.

وأضاف أن هذا الموقف المبدئي ليس عابرا، بل هو امتداد لنهج تركيا الثابت في انتقاد السياسات الإسرائيلية العدوانية، والدعوة إلى وقف فوري للعدوان وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين.

عقب الكلمات الرسمية، انعقدت جلسة نقاشية رباعية جمعت قادة أكبر 4 شركات تركية في قطاع الصناعات الدفاعية:

  • أسيلسان للإلكترونيات الدفاعية.
  • توساش للصناعات الجوية والفضائية.
  • روكيتسان المتخصصة في المنظومات الصاروخية.
  • بايكار الرائدة في تكنولوجيا الطائرات المسيّرة.

وقدّم المشاركون عرضا شاملا لأحدث إنجازات شركاتهم ورؤيتهم للمستقبل، في صورة تعكس الطموح التركي لبناء منظومة دفاعية متكاملة.

من جانبه، أوضح أحمد أكيول، المدير العام لشركة أسيلسان، أن نجاح تركيا في هذا المجال ارتكز إلى رؤية دولة استشرافية ودعم شعبي وطني متين، إضافة إلى جهود آلاف المهندسين.

ولفت إلى أن حرب قبرص 1974 كانت نقطة تحول رسخت قناعة أنقرة بضرورة الاعتماد على الذات. وكشف أن أسيلسان تمثل تركيا في مشروع “القبة الفولاذية” لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، معتبرا أن ذلك يعكس الثقة الدولية بالكفاءة التركية. وأضاف “أنقرة لم تعد تلاحق التكنولوجيا، بل باتت تضع قواعدها الجديدة”.

رسالة إستراتيجية

من جهته، أوضح المدير العام لشركة توساش محمد دمير أوغلو، أن مشروع المقاتلة الشبح “قآن” يواصل التقدم بخطى ثابتة، مع خطط لتحليق النموذج الثاني في نيسان/نيسان 2026.

كما استعرض المسيّرة النفاثة “عنقاء-3″، مشيرا إلى تفرد تصميمها الذي تطلب تحديات هندسية معقدة نجح الأتراك في تجاوزها. وأكد أن تركيا تخطو بثبات نحو الانضمام إلى رواد الجيل السادس من المقاتلات، جسرا للفجوة مع القوى الكبرى في صناعة الطيران.

إعلان

أما المدير العام لشركة روكيتسان مراد أكنجي، فأكد أن شركته أنتجت الصواريخ الرئيسة لمنظومة “القبة الفولاذية”، فضلا عن تطوير الصاروخ الباليستي “طيفون” بعيد المدى.

واعتبر أن بلاده باتت الأولى عالميا في ذخائر المسيّرات الذكية بفضل قدرتها على تجهيز طائراتها المسيّرة بترسانة واسعة تمتد من صواريخ مضادة للدروع إلى صواريخ كروز فرط صوتية. وشدد على أن الإستراتيجية التركية لم تعد تقتصر على تصدير السلاح، بل باتت تقوم على نقل القدرات الكاملة إلى الدول الصديقة عبر الإنتاج المشترك.

SAHA EXPO Defence & Aerospace Exhibition in Istanbul
الطائرة المسيّرة التركية “بيرقدار آقنجي” (رويترز)

من ناحيتها، قدمت بايكار أحدث تطوراتها، مستعرضة مسيرتها في تغيير موازين القوى عبر طائرات “بيرقدار تي بي 2” و”آقنجي”، وصولا إلى المقاتلة النفاثة “قزل إلما” المنتظر دخولها الخدمة على متن السفينة البرمائية “أناضولو”.

وأكد مسؤولو الشركة أن النجاحات العملياتية لهذه المسيّرات في مناطق مختلفة -من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا- جعلت تركيا ضمن كبار مصدري الطائرات بدون طيار عالميا، مشيرين إلى أن الخطوة المقبلة تتمثل في توظيف الذكاء الاصطناعي لتنسيق أسراب المسيّرات في العمليات العسكرية.

خلال العقدين الأخيرين، حققت الصناعات الدفاعية التركية قفزات نوعية جعلتها ركيزة محورية في رؤية “تركيا القوية” التي يتبناها الرئيس رجب طيب أردوغان، بعدما تحولت من مستورد يعتمد على الخارج إلى مصدّر تنافس منتجاته في الأسواق العالمية.

وترى الباحثة في شؤون الأمن والدفاع، مروة كاراكوتش، أن المؤتمر لم يكن مجرد احتفاء بإنجازات الصناعات الدفاعية، بل رسالة إستراتيجية جمعت بين رمزية عيد النصر والطفرة التقنية، لتؤكد أن تركيا تواصل مسيرة الاستقلال بأدوات القرن الـ21.

وتوضح للجزيرة نت أن هذا المزج عزز داخليا ثقة الأتراك باستقلالهم الصناعي، ورسخ خارجيا صورة أنقرة كقوة منتجة ومصدرة للتكنولوجيا الدفاعية، مما يمنحها نفوذا أوسع إقليميا ودوليا.