كيف استخدمت إسرائيل الحراس الشخصيين كحلقة لاستهداف قادة إيران؟ في نيويورك تايمز

كيف استخدمت إسرائيل الحراس الشخصيين كحلقة لاستهداف قادة إيران؟ في نيويورك تايمز

نتناول في عرض الصحف الأحد، مقالاً في صحيفة “نيويورك تايمز” يتحدث عن آلية اغتيال إسرائيل لمسؤولين إيرانيين، ومقالا في الغارديان يتطرق إلى “الوضع الاستبدادي” الذي تعيشه الولايات المتحدة تحت حكم دونالد ترامب، ومقالا في الفايننشال تايمز عن كيف تلعب عملة البيتكوين دوراً في الثراء الجديد ورحلات السفر الفاخرة.

ونبدأ جولتنا من صحيفة “نيويورك تايمز” التي عنونت تقريرها المشترك لعدد من الصحفيين بـ “استهداف قادة إيران: إسرائيل وجدت الحلقة الأضعف في حراسهم الشخصيين”.

تذكر الصحيفة أن المسؤولين الإيرانيين كانوا حذرين فيما يتعلق باستخدام الهواتف النقالة، لكن وبحسب مسؤولين إيرانيين وإسرائيليين، فإن الاستخدام المتهور لحراس الأمن الإيرانيين للهواتف النقالة على مدار عدة سنوات، بما في ذلك النشر على وسائل التواصل الاجتماعي، لعب دوراً محورياً “في السماح للمخابرات العسكرية الإسرائيلية بمطاردة العلماء النوويين والقادة العسكريين الإيرانيين، وللقوات الجوية الإسرائيلية بالانقضاض عليهم وقتلهم بالصواريخ والقنابل خلال الأسبوع الأول من حرب حزيران/حزيران”.

تشير الصحيفة إلى السادس عشر من حزيران/حزيران الماضي، وهو اليوم الرابع من حرب إيران مع إسرائيل، حين اجتمع المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بشكل طارئ في مخبأ على عمق 100 قدم تحت منحدر جبلي في الجزء الغربي من طهران.

وعلى مدار أيام، أدى هجوم جوي إسرائيل متواصل إلى تدمير مواقع عسكرية وحكومية ونووية حول إيران، وأدى إلى مقتل عدد من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين الإيرانيين، حسب الصحيفة.

وتضيف: “وصل المسؤولون، ومن بينهم الرئيس مسعود بزشكيان، ورئيسا السلطة القضائية ووزارة الاستخبارات، وكبار القادة العسكريين، في سيارات منفصلة. لم يكن أي منهم يحمل هواتف محمولة، لعلمهم أن المخابرات الإسرائيلية قادرة على تتبعهم”.

لكن رغم جميع الاحتياطات، أسقطت طائرات إسرائيلية ست قنابل على المخبأ بعد بدء الاجتماع بقليل، مستهدفةً بابي الدخول والخروج.

تلفت الصحيفة إلى أنه “لم يُقتل أحدٌ في المخبأ. وعندما خرج القادة لاحقاً من المخبأ، عثروا على جثث بعض الحراس، قُتلوا بسبب الانفجارات”، إلا أنها أشارت أيضاً إلى إصابة بزشكيان حينها بجروح طفيفة.

ونقل التقرير عن بيزشكيان تصريحاته حول تفاصيل الهجوم في اجتماع مع كبار رجال الدين، قائلا: “لم يكن هناك سوى ثقب واحد، ورأينا الهواء يتسلل، فقلنا: لن نختنق. الحياة تتوقف على لحظة واحدة. لو نجحت إسرائيل في قتل كبار المسؤولين في البلاد، لخلقت حالة من الفوضى في البلاد، ولفقد الناس الأمل”.

أدى الهجوم إلى حالة من الفوضى في جهاز المخابرات الإيراني، وسرعان ما اكتشف المسؤولون الإيرانيون ثغرة أمنية فادحة، إذ تمكن الإسرائيليون من اختراق هواتف الحراس الشخصيين الذين رافقوا القادة الإيرانيين إلى الموقع وانتظروا في الخارج. في حين لم يُبلّغ سابقاً عن تتبع إسرائيل للحراس.

وتنقل الصحيفة عن المحلل السياسي ساسان كريمي، الذي شغل سابقاً منصب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإيرانية الحالية، قوله: “نعلم أن كبار المسؤولين والقادة لم يحملوا هواتف، لكن محاوريهم وحراس أمنهم وسائقيهم كانوا يحملون هواتف، لم يأخذوا الاحتياطات على محمل الجد، وهذه هي الطريقة التي تم بها تعقب معظمهم”.

تقول “نيويورك تايمز” إن إسرائيل استهدفت مجموعة واسعة من القادة الإيرانيين، بمن فيهم رؤساء فروع الحكومة في اجتماع الأمن القومي، وقتلت ما لا يقل عن 30 من كبار القادة العسكريين، من بينهم قائد القوات الجوية للحرس الثوري الجنرال حاجي زاده.

ترامب مرتدياً بدلة رسمية كحلية اللون وقميص أبيض وربطة عنق كحلية منقطة بالأحمر، ودبوس بالعلم الأمريكي. نظرات حادة تبرز من وجهه العابس في تلك اللحظة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اجتماع وزاري مع أعضاء إدارته في قاعة مجلس الوزراء في البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، بتاريخ 26 آب/آب 2025
  • بسبب إيران، البنتاغون يقيل رئيس وكالة الاستخبارات، فما القصة؟
  • لماذا ارتفع سعر بيتكوين وكيف تعمل العملات المشفرة؟

“ربما نريد ديكتاتوراً”

وفي صحيفة الغارديان، يقول الكاتب جوناثان فريدلاند إن “سلوك ترامب الأشبه بالديكتاتورية صار واضحاً، ونحن للمفارقة نتجاهله، لكن حان الوقت الآن لنسميه بما هو عليه”.

ويرى الكاتب أن أفعال ترامب لو كانت في إحدى دول أمريكا اللاتينية لكان الخطاب الموجه ضدها أكثر صرامة، مشيرا إلى أن “مسيرة دونالد ترامب نحو الاستبداد ثابتة للغاية، إذ تتقدم خطوة أو خطوتين كل يوم، مما يُسهل التعود عليها ـ إذ لا يُمكن أن تبقى في حالة صدمة دائمة”.

ويذكر فريدلاند أمثلة على سياسات ترامب الاستبدادية من بينها، “نشر ترامب الحرس الوطني في شوارع واشنطن العاصمة، ليصل عدد الجنود المدججين بالسلاح إلى 2000 جندي، يقومون بدوريات في العاصمة، تحت ذريعة مكافحة الجريمة، لكن جرائم العنف في العاصمة كانت في أدنى مستوياتها منذ 30 عاماً عندما اتخذ الرئيس الأمريكي قراره”.

كما أرسل في حزيران/حزيران “الحرس الوطني ومشاة البحرية إلى لوس أنجليس لقمع الاحتجاجات ضد سياساته المتعلقة بالهجرة، وهي احتجاجات وصفتها الإدارة بأنها ترقى إلى التمرد”. أما “وكالة الهجرة التي، بفضل ترامب، أصبحت ميزانيتها تُضاهي ميزانية أكبر جيوش العالم، فإنها تختطف الناس من الشوارع أو تسحبهم من سياراتهم”، وفق كاتب المقال.

ومن الأمثلة التي ذكرها المقال أيضاً أن “ترامب خالف جميع الأعراف، وربما القانون الأمريكي، بمحاولته إقالة ليزا كوك من مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي بتهم احتيال غير مثبتة في مجال الرهن العقاري”.

وفي نهاية مقاله، يعتقد الكاتب أن “المشكلة تكمن في أن الناس لا يريدون أن يروا هذا يحدث في الولايات المتحدة، والخوف من مواجهة واقع يغيّر موازين الاستراتيجيات العالمية. وإذا انزلقت أمريكا نحو الاستبداد المفرط، فإن موقع بريطانيا والاتحاد الأوروبي سيتأثر جذرياً بعد 80 عاماً من الاعتماد على فكرة الغرب بقيادة أمريكية ديمقراطية مستقرة”.

“الأثرياء الجدد”

وإلى صحيفة الفايننشال تايمز التي تحدثت في مقال للكاتبين ماري نوفيك ونيكو أسغري، عن طفرة البيتكوين التي تدفع الأثرياء الجدد إلى “الإسراف في السفر الفاخر”.

يذكر المقال أن رواد الأعمال الشباب الأثرياء، أحدثوا طفرة في سوق السفر العالمي الفاخر، إذ أنفق “الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و40 عاماً 28 مليار دولار على السفر الفاخر في عام 2023، ومن المتوقع أن ينفقوا 54 مليار دولار في عام 2028″، وفقاً لتحليل شركة ماكنزي، التي تعد واحدة من أكبر شركات الاستشارات الإدارية في العالم.

ويعزو المقال ذلك إلى بدء شركات الطيران الخاص الفاخرة، وكذلك رحلات السفن السياحية الفاخرة، في قبول الدفع بالعملات المشفرة، مع ازدياد الطلب من جيل جديد من الأثرياء ممن كوّنوا ثرواتهم من ارتفاع أسعار البيتكوين.

يعود ذلك أيضاً إلى تسجيل عملة البيتكوين أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 124,000 دولار أمريكي في الأسابيع الأخيرة، بدعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهذا القطاع وتعهده بجعل أمريكا “عاصمة العملات المشفرة” في العالم، بحسب المقال.

ويلفت المقال أيضاً إلى إقرار “الكونغرس تشريعات تاريخية، بينما عيّن ترامب جهاتٍ تنظيميةً داعمةً للعملات المشفرة، ودعم العديد من شركات الأصول الرقمية. وإلى جانب أسعار العملات المشفرة، وصلت أسهم شركات مثل بورصة كوين بيس، ومشغل العملات المستقرة سيركل، إلى مستويات قياسية”.

وبسبب كل ذلك “يمكن الآن شراء بطاقة السفر السنوية لشركة “فيرجن فوياجيز” للرحلات البحرية الفاخرة، والتي تبلغ قيمتها 120,000 دولار أمريكي، بمدفوعات العملات المشفرة”، حسب المقال.

ويستشهد المقال بتصريحات لرئيس قسم الطيران التجاري والفضاء في بنك جيفريز الاستثماري، نيك فازيولي، قال فيها إن “رواد أعمال البيتكوين والتكنولوجيا يمتلكون موارد غير محدودة، وأموالاً غير محدودة، وطموحات لا حصر لها”، لكن “العنصر الأهم الذي ينقصهم هو الوقت”. وبحسب فازيولي فإن الطائرات الخاصة تتيح للمسافرين “أن يكونوا في ثلاث مدن في يوم واحد، والعودة مساء لرؤية أسرهم. بمجرد أن تعتاد على السفر الخاص، من الصعب جداً أن تعود إلى غيره”.

ماذا سيحدث بعد الحكم بعدم قانونية رسوم ترامب الجمركية؟

ماذا سيحدث بعد الحكم بعدم قانونية رسوم ترامب الجمركية؟

قضت محكمة الاستئناف الفيدرالية بأن معظم الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تشكل تجاوزاً لصلاحياته بصفته رئيساً.

وقالت محكمة الاستئناف الأمريكية، الجمعة، إن الرسوم الجمركية المتبادلة، المفروضة على كل دولة تتعامل معها الولايات المتحدة تقريباً، فرضت بشكل غير قانوني.

ويؤيد هذا القرار حكماً صدر في أيار/أيار من محكمة التجارة الدولية، التي رفضت حجة ترامب بأن الرسوم الجمركية العالمية التي فرضها، مسموحة بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة.

وتعود العديد من الرسوم الجمركية التي سيتأثر بها الحكم، إلى إعلان صدر في نيسان/نيسان، بفرض معدل ثابت قدره 10 بالمئة على الواردات من جميع الدول، وقال ترامب إن ذلك سيوازن العلاقات التجارية “غير العادلة” مع الولايات المتحدة.

لكن المحكمة لم توقف الرسوم الجمركية، بل قالت إنها ستظل سارية حتى منتصف تشرين الأول/تشرين الأول، ما يمهد لتحدٍ قانوني آخر أمام المحكمة العليا الأمريكية.

ولا يزال هناك الكثير من الأمور الغامضة حول مصير التعريفات الجمركية. لكن نستعرض في هذا المقال أهمّ ما فهمناه من الحكم حتى الآن – وما قد يعنيه بالنسبة لسياسة الرئيس الأمريكي.

ماذا قالت محكمة الاستئناف؟

في قرارها الذي صدر بأغلبية سبعة أصوات مقابل أربعة، أيّدت محكمة الاستئناف حكم محكمة قضى بأن ترامب لا يملك سلطة فرض رسوم جمركية عالمية.

وكان السبب الرئيسي وراء ذلك، القانون الذي استخدمه ترامب لتبرير سياساته، وهو قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA)، الذي قال القضاة إنه لا يمنح “سلطة فرض تعريفات جمركية أو رسوم أو ما شابه ذلك، أو سلطة فرض ضرائب”.

ورفضت محكمة الاستئناف الأمريكية، حجة ترامب، بأن الرسوم الجمركية مسموح بها بموجب سلطاته الاقتصادية الطارئة، ووصفت الرسوم بأنها “باطلة لأنها تتعارض مع القانون”.

وعلى الفور، انتقد ترامب الحكم، ووصف عبر منصته “تروث سوشال” بعد ساعات من صدوره، محكمة الاستئناف بأنها “منحازة جداً”، ووصف الحكم بأنه “كارثة” على البلاد.

وكتب ترامب: “إذا استمرّ هذا القرار، فإنه سيدمر الولايات المتحدة الأمريكية فعلياً”.

  • محكمة استئناف تحكم بعدم قانونية رسوم جمركية فرضها ترامب على دول العالم
  • الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على عشرات الدول تدخل حيز التنفيذ، فماذا نعرف عنها؟

ما هو قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية؟

يمنح القانون الذي يعود إلى عقود – الذي استخدمه ترامب مراراً خلال ولايتيه في البيت الأبيض – رئيس الولايات المتحدة سلطة كبيرة للاستجابة لحالة طوارئ وطنية أو تهديد كبير من الخارج.

وينص القانون الصادر عام 1977، على أن الرئيس يستطيع استخدام أدوات اقتصادية “للتعامل مع أي تهديد غير عادي أو استثنائي، يكون مصدره كلياً أو جزئياً خارج الولايات المتحدة، أو يهدد الأمن القومي أو السياسة الخارجية أو الاقتصاد”.

واستخدم الرئيسان باراك أوباما وجو بايدن، هذا القانون، لفرض عقوبات على روسيا بعد الضم غير القانوني لشبه جزيرة القرم عام 2014، ثم بعد غزو أوكرانيا بعد ثماني سنوات.

لكن محكمة الاستئناف ذكرت في قرارها أن قانون الطوارئ “لم يمنح الرئيس سلطة واسعة النطاق لفرض الرسوم الجمركية”.

وقالت إن القانون “لا يذكر الرسوم الجمركية (أو أي من مرادفاتها) ولا يشمل ضمانات إجرائية تتضمن حدوداً واضحة لسلطة الرئيس في فرض الرسوم الجمركية”.

وقال ترامب، عندما كشف عن التعريفات الجمركية، إن اختلال التوازن التجاري يضر بالأمن القومي الأمريكي، وبالتالي فهو حالة طوارئ وطنية.

لكن المحكمة قضت بأن فرض الرسوم الجمركية لا يقع ضمن صلاحيات الرئيس، وأنها “من صلاحيات الكونغرس الأساسية”.

لماذا هذا مهم؟

وبعيداً عن كونها انتكاسة كبيرة لمحور أساسي ضمن أجندة ترامب، قد يكون لحكم محكمة الاستئناف تأثير فوري على الاقتصاد الأمريكي، مع تأثيرات غير مباشرة قد تشعر بها الأسواق العالمية.

والرسوم الجمركية هي ضرائب يتعين على الشركات دفعها لقاء استيراد سلع معينة من دول أجنبية – وبالتالي يمكن أن يكون لها تأثير على المبيعات وهامش الربح.

كما تسعى الرسوم الجمركية إلى منع الشركات المحلية عن شراء سلع أجنبية، مما يؤثر بدوره على التجارة الدولية.

وفيما تنتظر دول لمعرفة ما إذا كانت المحكمة العليا الأمريكية ستنظر في القضية – وهو ما يبدو مرجحاً – فقد تقرر وقف مآذارة الأعمال التجارية مع الولايات المتحدة مؤقتاً.

وإذا حدث ذلك، تقول المختصة الاقتصادية في جامعة أوكسفورد – كلية لندن للأعمال، ليندا يويه إن ذلك قد يؤدي إلى “إضعاف النشاط الاقتصادي”.

وهناك تداعيات كبيرة يمكن الشعور بها في المجال السياسي.

على سبيل المثال، إذا ألغت المحكمة العليا قرار محكمة الاستئناف وانحازت إلى إدارة ترامب، فقد يشكل ذلك سابقة تشجع الرئيس على استخدام قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية بشكل أكثر عدوانية من الآن.

ماذا سيحدث؟

من المرجح أن تنتقل القضية إلى أعلى محكمة أمريكية، وهو تحدٍ أشار إليه ترامب عبر منصته “تروث سوشال”.

وكتب ترامب: “لقد سُمح لسياسيينا غير المبالين وغير الحكماء باستخدام الرسوم الجمركية ضدنا. والآن، بمساعدة المحكمة العليا للولايات المتحدة، سنستخدمها لصالح أمتنا، وسنجعل أمريكا غنية وقوية ومقتدرة من جديد!”.

ومن الممكن أن تزيد الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا من احتمالية انحيازها إلى وجهة نظر الرئيس.

كما عيّن الرؤساء الجمهوريون ستة من القضاة التسعة في المحكمة العليا، بينهم ثلاثة اختارهم ترامب خلال فترة ولايته الأولى.

لكن المحكمة أصبحت أكثر انتقاداً للرؤساء عند تجاوزهم حدود السياسات التي لم يقررها الكونغرس بشكل مباشر.

فخلال فترة رئاسة جو بايدن، على سبيل المثال، وسعت المحكمة ما أطلقت عليه “مبدأ الأسئلة الرئيسية” لإبطال محاولات الديمقراطيين استخدام القوانين القائمة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة من محطات الطاقة، وإعفاء ملايين الأمريكيين من ديون القروض الطلابية.

ماذا لو حُكم بأن الرسوم الجمركية غير قانونية؟

انقسمت محكمة الاستئناف بأغلبية 7 أصوات مقابل 4، في قرارها بأن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب غير قانونية.

ومنحت الإدارة الأمريكية مهلة حتى منتصف تشرين الأول/تشرين الأول للاستئناف أمام المحكمة العليا في قضية لها تداعيات على الاقتصاد الأمريكي وعلاقاته التجارية مع بقية العالم.

وإذا أيدت المحكمة العليا القرار، فقد يؤدي ذلك إلى حالة من عدم اليقين في الأسواق المالية.

وستطرح تساؤلات بشأن ما إذا كان سيتعين على الولايات المتحدة سداد مليارات الدولارات التي جمعتها من ضرائب الواردات على المنتجات.

وقد تُثار تساؤلات عما إذا كانت الاقتصادات الكبرى – بينها المملكة المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية – ستلتزم بالاتفاقيات التجارية الفردية التي أبرمتها مع الولايات المتحدة قبل الموعد النهائي في آب/آب. وقد تسيطر حالة من الفوضى على المفاوضات التي تجري حالياً للوصول إلى اتفاقيات تجارية أخرى.

وإذا أيّدت المحكمة العليا قرار محكمة الاستئناف، فسيكون بمثابة ضربة قاسية لسلطة ترامب السياسية وسمعته كصانع صفقات، أما إذا ألغته فسيكون له أثر معاكس.

هل لا تزال التعريفات الجمركية سارية؟

يؤثر هذا الحكم على “الرسوم الجمركية المتبادلة” التي فرضها ترامب، والتي تشمل خليطاً من المعدّلات المختلفة على معظم البلدان في العالم، بينها ضرائب مفروضة على المنتجات من الصين والمكسيك وكندا.

وستبقى الرسوم مفروضة على كل السلع تقريباً من كل دولة تتعامل معها الولايات المتحدة تجارياً سارية حتى منتصف تشرين الأول/تشرين الأول.

وقالت محكمة الاستئناف إنه، بعد 14 تشرين الأول/تشرين الأول، لن تكون هذه الرسوم قابلة للتنفيذ.

من ناحية أخرى، ستظل الرسوم المفروضة على الصلب والألمنيوم والنحاس – التي فُرضت بموجب سلطة رئاسية مختلفة – قائمة وغير متأثرة بحكم المحكمة.

محكمة الاستئناف الأمريكية تقضي بعدم قانونية بعض الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على دول العالم

محكمة الاستئناف الأمريكية تقضي بعدم قانونية بعض الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على دول العالم

قضت محكمة الاستئناف الأمريكية بعدم قانونية معظم الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما قد يمهد الطريق لمواجهة قانونية يمكن أن تغيّر السياسة الخارجية التي يتّبعها ترامب.

ويؤثر الحكم على الرسوم الجمركية “المتبادلة” التي فرضها ترامب على معظم دول العالم، بما في ذلك الرسوم المفروضة على الصين والمكسيك وكندا.

وفي قرار صدر بأغلبية سبعة أصوات مقابل أربعة، رفضت محكمة الاستئناف الأمريكية للدائرة الفيدرالية، حُجة ترامب بإمكانية فرض رسوم جمركية بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة، ووصفت الرسوم بأنها “باطلة لأنها تتعارض مع القانون”.

ولن يدخل حكم المحكمة حيز التنفيذ قبل 14 تشرين الأول/تشرين الأول، للسماح بتقديم طلب للمحكمة العليا للنظر في القضية.

وانتقد ترامب حكم المحكمة على منصة “تروث سوشيال”، وكتب منشوراً قال فيه: “إذا استمرّ هذا القرار، فإنه سيدمر الولايات المتحدة الأمريكية فعلياً”.

وأضاف: “اليوم، قالت محكمة الاستئناف المنحازة أنه يجب وقف التعريفات الجمركية لدينا، لكنهم يعرفون أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تفوز في النهاية”.

و”إذا أُلغيت التعريفات، فسيكون ذلك كارثةً شاملةً على البلاد. سيجعلنا ذلك ضعفاء مالياً، وعلينا أن نكون أقوياء”.

وبرر ترامب الرسوم الجمركية بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة (IEEPA)، الذي يمنح الرئيس سلطة التصرف ضد التهديدات “غير العادية والاستثنائية”.

وأعلن ترامب حالة طوارئ وطنية في ما يتعلّق بالتجارة، باعتبار أن اختلال التوازن التجاري يضر بالأمن القومي الأمريكي كما يقول.

لكن المحكمة قضت بأن فرض الرسوم الجمركية لا يقع ضمن صلاحيات الرئيس، وأنها “من صلاحيات الكونغرس الأساسية”.

  • ما هي الرسوم الجمركية وكيف تعمل ولماذا يستخدمها ترامب؟
  • ما تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على عشرات الدول؟

ويقول الحكم المكون من 127 صفحة إن قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة “لا يذكر التعريفات الجمركية (أو أي من مرادفاتها) ولا يتضمن ضمانات إجرائية واضحة لسلطة الرئيس، تخوله فرض تعريفات جمركية”.

وبناء على ذلك، قضت المحكمة بأن سلطة فرض الضرائب والتعريفات الجمركية تظل من اختصاص الكونغرس، ولا يبطل قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة ذلك.

وأوضحت المحكمة أنه من غير المرجح أن يكون القصد من إقرار الكونغرس لهذا القانون في عام 1977، هو “تغيير مآذاراته السابقة، ومنح الرئيس سلطة غير محدودة لفرض التعريفات الجمركية”.

وبحسب القرار: “إذا كان الكونغرس يريد تفويض الرئيس بسلطة فرض الرسوم الجمركية، لأعلن عن ذلك صراحة، إما باستخدام مصطلحات لا لبس فيها مثل التعريفة الجمركية والرسوم، أو من خلال هيكل عام يوضح أن الكونغرس يشير إلى الرسوم الجمركية”.

ويأتي هذا الحكم رداً على دعاوى قضائية رفعتها شركات صغيرة وائتلاف من الولايات الأمريكية، بعد أوامر ترامب التنفيذية في نيسان/ نيسان، التي فرضت تعريفات جمركية أساسية بنسب لا تقل عن 10 في المئة على معظم دول العالم، بالإضافة إلى تعريفات جمركية متبادلة على عشرات الدول.

وأعلن ترامب أن هذا التاريخ هو “يوم تحرير” أمريكا من سياسات التجارة غير العادلة.

وفي أيار/أيار، قضت محكمة التجارة الدولية، ومقرها نيويورك، بعدم قانونية الرسوم الجمركية، وتم تعليق هذا القرار خلال إجراءات الاستئناف.

كما يشمل حكم محكمة الاستئناف أيضاً التعريفات الجمركية على كندا والمكسيك والصين، التي يزعم ترامب أنها ضرورية لوقف تجارة المخدرات.

ومع ذلك، فإن هذا القرار لا ينطبق على جميع التعريفات الجمركية، بما في ذلك تلك المفروضة على الصلب والألومنيوم، التي تم فرضها بموجب سلطة رئاسية مختلفة.

وقبل صدور الحكم، زعم محامو البيت الأبيض أن إبطال التعريفات الجمركية من شأنه أن يؤدي إلى انهيار مالي على غرار انهيار سوق الأوراق المالية عام 1929، وهو ما أدى إلى الكساد العظيم.

وكتبوا في رسالة، أن “إلغاء سلطة الرئيس في فرض التعريفات الجمركية بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة فجأة، من شأنه أن يؤدي إلى عواقب كارثية على أمننا القومي وسياساتنا الخارجية واقتصادنا”.

وأضاف المحامون: “يعتقد الرئيس أن بلادنا لن تكون قادرة على سداد تريليونات الدولارات التي تعهدت دول أخرى بسدادها بالفعل، وهو ما قد يؤدي إلى دمار مالي”.

كما يثير قرار المحكمة تساؤلات حول الصفقات التي اتفقت عليها بعض الدول مع الولايات المتحدة لخفض معدلات الرسوم الجمركية.

ويعني التطور الأخير أن القضية ستتجه الآن إلى المحكمة العليا الأميركية دون شك، وهي محكمة عرفت بمواقفها الصارمة في السنوات الأخيرة تجاه الرؤساء الذين يحاولون تنفيذ سياسات جديدة شاملة، ولا يتم تمريرها مباشرة من قبل الكونغرس.

فخلال رئاسة جو بايدن، توسعت المحكمة فيما أسمته “مبدأ الأسئلة الرئيسية” لإبطال جهود الديمقراطيين لاستخدام القوانين القائمة للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من محطات الطاقة، وإسقاط ديون قروض الطلاب لملايين الأمريكيين.

وإذا وافق قضاة المحكمة العليا التسعة على النظر في القضية، فسيقررون ما إذا كان برنامج التعريفات الجمركية الموسع لترامب، هو مثال آخر على تجاوزات الرئيس، أم أنه يمتثل إلى القوانين والسلطة الرئاسية الممنوحة له.

وتضم المحكمة العليا ستة قضاة معينين من قبل الجمهوريين، بما في ذلك ثلاثة اختارهم ترامب بنفسه.

ترامب يستعد لمعركة قضائية تهدد استقلالية الفيدرالي

ترامب يستعد لمعركة قضائية تهدد استقلالية الفيدرالي

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعداده لخوض معركة قضائية مفتوحة مع عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأميركي” ليزا كوك، بعد أن أصدر قراراً بعزلها بدعوى ارتكابها مخالفات تتعلق بتزوير بيانات في طلبات رهن عقاري. وقال ترامب، خلال اجتماع لمجلس الوزراء، أول أمس الثلاثاء، إنه “غير قلق” من التحدي القانوني المتوقع، مضيفاً أن القضية تتعلق مباشرة بملف حساس هو الرهون العقارية، وأن أي خلل فيه لا يمكن التساهل معه، بحسب “بلومبيرغ”. ولم يسبق لرئيس أميركي أن أقال عضواً من مجلس محافظي الفيدرالي منذ تأسيسه عام 1913.

وفي أول تعليق رسمي على القرار، أكد مجلس الاحتياطي الفيدرالي أنه سيلتزم بأي حكم قضائي قد يصدر بشأن شرعية عزل كوك، وأنه أجل حسم وضعها الوظيفي إلى حين الفصل في الدعوى القضائية. من جانبها، أكدت كوك أنها لن تستقيل، وأنها ستلجأ إلى المحاكم لإبطال القرار، وقالت في بيان رسمي: “سأواصل أداء مهامي لخدمة الاقتصاد الأميركي كما كنت منذ 2022″، فيما أعلن محاميها آبي لويل أن الخطوة التي اتخذها ترامب تمثل “تجاوزاً صارخاً للقانون” بحسب “رويترز”. 

تهديد لاستقلالية الفيدرالي

واعتبر ديمقراطيون قرار ترامب بإقالة كوك “انقلاباً استبدادياً” إذ قالت إليزابيث وارن، كبيرة الديمقراطيين في لجنة البنوك بمجلس الشيوخ، إن إقالة كوك “انتهاك صارخ لقانون الاحتياطي الفيدرالي ومحاولة غير قانونية يجب إسقاطها في المحكمة”، وفق واشنطن بوست. يشار إلى أن استقلالية الفيدرالي تعد حجر الأساس لثقة المستثمرين العالمية بالاقتصاد الأميركي، وأي مساس بها قد ينعكس سلباً على تصنيفات الديون الأميركية ويزيد تكاليف الاقتراض.

وألمح ترامب إلى أنه يفكر في إعادة ترتيب مقاعد الفيدرالي لتعزيز نفوذه. فقد اقترح نقل ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين، من المقعد قصير الأجل إلى المقعد الذي تشغله كوك، والذي يمتد حتى عام 2038، ما يمنحه فرصة لتشكيل أغلبية موالية له داخل المجلس (4 من أصل 7 أعضاء). وسيمنح ذلك ترامب نفوذاً مباشراً على السياسة النقدية، خصوصاً في ظل دعواته المتكررة إلى خفض أسعار الفائدة بشكل حاد لدعم النمو قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وقال مستثمرون ومحللون، إن استقلالية الفيدرالي كانت على الدوام خطاً أحمر في ما يخص أسواق وول ستريت ووكالات التصنيف الائتماني، وأي شعور بأن قرارات البنك المركزي باتت خاضعة لضغوط سياسية قد ينعكس على سعر الدولار، وعوائد السندات، وثقة المستثمرين الدوليين. ووفقاً لتقديرات “فاينانشال تايمز”، فإن هذه المواجهة بين ترامب والفيدرالي قد يضعف موقف الولايات المتحدة في إدارة الدين العام الذي تجاوز 34 تريليون دولار، كما قد يزيد من هشاشة الأسواق الناشئة المرتبطة بالدولار.

وجاءت ردات فعل الأسواق حذرة منذ تداولات الثلاثاء. فقد ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بنحو 7 نقاط أساس ليسجل 4.46%، مع تزايد المخاوف من أن يؤدي الصراع إلى تعطيل مسار السياسة النقدية. في المقابل، شهد مؤشر الدولار (DXY) تراجعاً طفيفاً إلى 101.9 نقطة بعد أن سجل مكاسب في بداية الجلسة، ما يعكس انقسام المستثمرين بين توقعات خفض الفائدة السريع إذا تمكن ترامب من السيطرة على الفيدرالي، وبين المخاوف من اهتزاز الثقة المؤسسية. أما أسواق الأسهم، فقد أنهى مؤشر S&P 500 الجلسة منخفضاً بنسبة 0.6%، فيما سجل مؤشر ناسداك تراجعاً أكبر بلغ 1.1%، مع هبوط أسهم البنوك الكبرى مثل جي بي مورغان وسيتي غروب نتيجة القلق من تقويض استقلالية المؤسسة النقدية.

منطقة مجهولة

وبحسب تقرير أكسيوس الأميركي، فإن قرار ترامب بعزل ليزا كوك يدفع الولايات المتحدة إلى ما وصف بأنه “منطقة مجهولة” في تاريخ العلاقة بين البيت الأبيض والبنك المركزي. فالإقالة لا تعد مجرد خطوة فردية ضد مسؤول بعينه، بل تحمل دلالات أوسع قد تغير القواعد المؤسسية المستقرة منذ أكثر من قرن. فإذا أقر القضاء بسلامة هذه الخطوة، فسيعني ذلك أن أي رئيس مستقبلي يمكنه استخدام الذريعة نفسها لفصل أعضاء الفيدرالي متى شاء، وهو ما يحول استقلالية البنك المركزي من قاعدة راسخة إلى خيار سياسي يخضع لتقديرات السلطة التنفيذية.

وأشار التقرير إلى أن هذه السابقة المحتملة قد تعرض أمام المحكمة العليا لتحديد المدى الدستوري لعبارة “لأسباب مبررة” التي ينص عليها قانون الاحتياطي الفيدرالي. وحتى الآن لم يسبق لأي محكمة أميركية أن تعاملت مع قضية تتعلق بإقالة عضو من مجلس محافظي الفيدرالي، مما يجعل أي حكم قضائي في هذا الملف سابقة ستستشهد بها في العقود المقبلة. وإذا قررت المحكمة العليا دعم سلطة الرئيس في التفسير الفضفاض لعبارة “لأسباب مبررة”، فسيعني ذلك توسيعاً جذرياً للسلطات الرئاسية على حساب استقلال المؤسسات التنظيمية.

يذكر أنّ العلاقة بين الرؤساء الأميركيين والبنك الفيدرالي شهدت توترات عديدة، لكن من دون أن تصل إلى مستوى العزل المباشر. فعلى سبيل المثال، كان الرئيس ريتشارد نيكسون في السبعينيات يآذار ضغوطاً كبيرة على رئيس الفيدرالي آنذاك آرثر بيرنز لخفض الفائدة قبل الانتخابات، وهو ما أثار لاحقاً انتقادات بأنه ساهم في انفجار التضخم. كذلك، اصطدم الرئيس دونالد ترامب نفسه خلال ولايته الأولى مع رئيس الفيدرالي جيروم باول، ووصل به الأمر إلى وصفه بـ “الغبي والعدو الأكبر”، لكنه لم يملك صلاحية عزله. وما يفعله ترامب اليوم يتجاوز كل هذه السوابق، إذ يحاول أن يؤسس لأول مرة لحق مباشر في إقالة عضو من المجلس، وهو ما قد يستخدم مستقبلاً لتغيير تشكيل الفيدرالي بما يتماشى مع أي أجندة سياسية آنية.

ترامب يستعد لمعركة قضائية تهدد استقلالية الفيدرالي

ترامب يستعد لمعركة قضائية تهدد استقلالية الفيدرالي

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعداده لخوض معركة قضائية مفتوحة مع عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأميركي” ليزا كوك، بعد أن أصدر قراراً بعزلها بدعوى ارتكابها مخالفات تتعلق بتزوير بيانات في طلبات رهن عقاري. وقال ترامب، خلال اجتماع لمجلس الوزراء، أول أمس الثلاثاء، إنه “غير قلق” من التحدي القانوني المتوقع، مضيفاً أن القضية تتعلق مباشرة بملف حساس هو الرهون العقارية، وأن أي خلل فيه لا يمكن التساهل معه، بحسب “بلومبيرغ”. ولم يسبق لرئيس أميركي أن أقال عضواً من مجلس محافظي الفيدرالي منذ تأسيسه عام 1913.

وفي أول تعليق رسمي على القرار، أكد مجلس الاحتياطي الفيدرالي أنه سيلتزم بأي حكم قضائي قد يصدر بشأن شرعية عزل كوك، وأنه أجل حسم وضعها الوظيفي إلى حين الفصل في الدعوى القضائية. من جانبها، أكدت كوك أنها لن تستقيل، وأنها ستلجأ إلى المحاكم لإبطال القرار، وقالت في بيان رسمي: “سأواصل أداء مهامي لخدمة الاقتصاد الأميركي كما كنت منذ 2022″، فيما أعلن محاميها آبي لويل أن الخطوة التي اتخذها ترامب تمثل “تجاوزاً صارخاً للقانون” بحسب “رويترز”. 

تهديد لاستقلالية الفيدرالي

واعتبر ديمقراطيون قرار ترامب بإقالة كوك “انقلاباً استبدادياً” إذ قالت إليزابيث وارن، كبيرة الديمقراطيين في لجنة البنوك بمجلس الشيوخ، إن إقالة كوك “انتهاك صارخ لقانون الاحتياطي الفيدرالي ومحاولة غير قانونية يجب إسقاطها في المحكمة”، وفق واشنطن بوست. يشار إلى أن استقلالية الفيدرالي تعد حجر الأساس لثقة المستثمرين العالمية بالاقتصاد الأميركي، وأي مساس بها قد ينعكس سلباً على تصنيفات الديون الأميركية ويزيد تكاليف الاقتراض.

وألمح ترامب إلى أنه يفكر في إعادة ترتيب مقاعد الفيدرالي لتعزيز نفوذه. فقد اقترح نقل ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين، من المقعد قصير الأجل إلى المقعد الذي تشغله كوك، والذي يمتد حتى عام 2038، ما يمنحه فرصة لتشكيل أغلبية موالية له داخل المجلس (4 من أصل 7 أعضاء). وسيمنح ذلك ترامب نفوذاً مباشراً على السياسة النقدية، خصوصاً في ظل دعواته المتكررة إلى خفض أسعار الفائدة بشكل حاد لدعم النمو قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وقال مستثمرون ومحللون، إن استقلالية الفيدرالي كانت على الدوام خطاً أحمر في ما يخص أسواق وول ستريت ووكالات التصنيف الائتماني، وأي شعور بأن قرارات البنك المركزي باتت خاضعة لضغوط سياسية قد ينعكس على سعر الدولار، وعوائد السندات، وثقة المستثمرين الدوليين. ووفقاً لتقديرات “فاينانشال تايمز”، فإن هذه المواجهة بين ترامب والفيدرالي قد يضعف موقف الولايات المتحدة في إدارة الدين العام الذي تجاوز 34 تريليون دولار، كما قد يزيد من هشاشة الأسواق الناشئة المرتبطة بالدولار.

وجاءت ردات فعل الأسواق حذرة منذ تداولات الثلاثاء. فقد ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بنحو 7 نقاط أساس ليسجل 4.46%، مع تزايد المخاوف من أن يؤدي الصراع إلى تعطيل مسار السياسة النقدية. في المقابل، شهد مؤشر الدولار (DXY) تراجعاً طفيفاً إلى 101.9 نقطة بعد أن سجل مكاسب في بداية الجلسة، ما يعكس انقسام المستثمرين بين توقعات خفض الفائدة السريع إذا تمكن ترامب من السيطرة على الفيدرالي، وبين المخاوف من اهتزاز الثقة المؤسسية. أما أسواق الأسهم، فقد أنهى مؤشر S&P 500 الجلسة منخفضاً بنسبة 0.6%، فيما سجل مؤشر ناسداك تراجعاً أكبر بلغ 1.1%، مع هبوط أسهم البنوك الكبرى مثل جي بي مورغان وسيتي غروب نتيجة القلق من تقويض استقلالية المؤسسة النقدية.

منطقة مجهولة

وبحسب تقرير أكسيوس الأميركي، فإن قرار ترامب بعزل ليزا كوك يدفع الولايات المتحدة إلى ما وصف بأنه “منطقة مجهولة” في تاريخ العلاقة بين البيت الأبيض والبنك المركزي. فالإقالة لا تعد مجرد خطوة فردية ضد مسؤول بعينه، بل تحمل دلالات أوسع قد تغير القواعد المؤسسية المستقرة منذ أكثر من قرن. فإذا أقر القضاء بسلامة هذه الخطوة، فسيعني ذلك أن أي رئيس مستقبلي يمكنه استخدام الذريعة نفسها لفصل أعضاء الفيدرالي متى شاء، وهو ما يحول استقلالية البنك المركزي من قاعدة راسخة إلى خيار سياسي يخضع لتقديرات السلطة التنفيذية.

وأشار التقرير إلى أن هذه السابقة المحتملة قد تعرض أمام المحكمة العليا لتحديد المدى الدستوري لعبارة “لأسباب مبررة” التي ينص عليها قانون الاحتياطي الفيدرالي. وحتى الآن لم يسبق لأي محكمة أميركية أن تعاملت مع قضية تتعلق بإقالة عضو من مجلس محافظي الفيدرالي، مما يجعل أي حكم قضائي في هذا الملف سابقة ستستشهد بها في العقود المقبلة. وإذا قررت المحكمة العليا دعم سلطة الرئيس في التفسير الفضفاض لعبارة “لأسباب مبررة”، فسيعني ذلك توسيعاً جذرياً للسلطات الرئاسية على حساب استقلال المؤسسات التنظيمية.

يذكر أنّ العلاقة بين الرؤساء الأميركيين والبنك الفيدرالي شهدت توترات عديدة، لكن من دون أن تصل إلى مستوى العزل المباشر. فعلى سبيل المثال، كان الرئيس ريتشارد نيكسون في السبعينيات يآذار ضغوطاً كبيرة على رئيس الفيدرالي آنذاك آرثر بيرنز لخفض الفائدة قبل الانتخابات، وهو ما أثار لاحقاً انتقادات بأنه ساهم في انفجار التضخم. كذلك، اصطدم الرئيس دونالد ترامب نفسه خلال ولايته الأولى مع رئيس الفيدرالي جيروم باول، ووصل به الأمر إلى وصفه بـ “الغبي والعدو الأكبر”، لكنه لم يملك صلاحية عزله. وما يفعله ترامب اليوم يتجاوز كل هذه السوابق، إذ يحاول أن يؤسس لأول مرة لحق مباشر في إقالة عضو من المجلس، وهو ما قد يستخدم مستقبلاً لتغيير تشكيل الفيدرالي بما يتماشى مع أي أجندة سياسية آنية.