فواتير الطاقة تضرب ميزانيات البريطانيين

فواتير الطاقة تضرب ميزانيات البريطانيين

أعلنت هيئة تنظيم الطاقة البريطانية (أوفجيم)، أمس الأربعاء، أنها سترفع سقف أسعار الطاقة للأسر بنسبة 2% اعتباراً من تشرين الأول/تشرين الأول المقبل، ما يعني أن ملايين البريطانيين سيواجهون فواتير أعلى رغم معاناتهم بالفعل من ضغوط معيشية خانقة. ووفقاً لـ”رويترز”، سيرتفع متوسط الفاتورة السنوية إلى 1755 جنيهاً إسترلينياً (2370 دولاراً) للاستهلاك المتوسط من الكهرباء والغاز، أي بزيادة 35 جنيهاً إسترلينياً مقارنة بالربع الحالي.

وجاءت الزيادة في وقت ارتفع فيه التضخم البريطاني إلى أعلى مستوى في 18 شهراً خلال تموز/تموز الماضي، وهو ما زاد الضغوط على الحكومة الساعية لتحقيق هدفها بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050. وعزت هيئة تنظيم الطاقة البريطانية القرار إلى ارتفاع تكاليف الشبكة وتكاليف السياسات الحكومية، رغم أن أسعار الجملة للطاقة انخفضت بنسبة 2% خلال فترة التقييم الأخيرة.  كانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في حزيران/حزيران الماضي أنها ستوسع نطاق خصم المنازل الدافئة ليشمل 2.7 مليون أسرة إضافية، ما يرفع عدد المستفيدين إلى ستة ملايين أسرة تحصل كل منها على دعم قيمته 150 إسترلينياً. لكن هيئة تنظيم الطاقة البريطانية أوضحت أن تمويل هذا الخصم أضاف 1.42 إسترليني شهرياً إلى جميع الفواتير، أي إن بعض الأسر غير المستفيدة تدفع فعلياً جزءاً من تكلفة دعم الآخرين، وهو ما يثير جدلاً حول عدالة توزيع الأعباء بين مختلف شرائح المجتمع.

وعبرت جماعات حماية المستهلك عن قلقها، مؤكدة أن تكاليف الطاقة لا تزال غير قابلة للإدارة بالنسبة لملايين الأسر. ودعت الجماعات الحكومة إلى تقديم دعم إضافي للأكثر هشاشة، بدلاً من تحميل جميع المستهلكين أعباء السياسات. وفي المقابل، ردت الحكومة بأن الحل طويل الأمد يكمن في الانتقال إلى الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، إذ قال وزير الطاقة مايكل شانكس: “الإجابة الوحيدة لبريطانيا هي الخروج من دوامة أسعار الوقود الأحفوري، والاعتماد على الطاقة المحلية النظيفة التي نتحكم فيها”.

ورغم أن المحللين يتوقعون احتمال خفض السقف في كانون الثاني/كانون الثاني 2026 إذا واصلت أسعار الجملة الانخفاض، فإن الفواتير قد لا تنخفض فعلياً بسبب زيادة تكاليف السياسات طويلة الأمد. ومن بين هذه التكاليف، الرسوم المضافة لدعم مشاريع استراتيجية، مثل محطة الطاقة النووية سيزويل سي. وأوضح كريج لوري، المستشار في شركة كورنوال إنسايت، أن هذه الأعباء تمثل جزءاً من إعادة هيكلة تمويل تحول الطاقة، لكن في النهاية سيتعين على دافعي الفواتير تحمل جزء من هذه التكاليف.

يشار إلى أن أسعار الطاقة في بريطانيا تراجعت عن ذروتها في 2023، لكنها لا تزال أعلى بنسبة 50% مقارنة بصيف 2021، قبل أن تؤدي الحرب الروسية الأوكرانية إلى إشعال أزمة طاقة أوروبية غير مسبوقة. ومع استمرار برامج الانتقال الطاقي يبدو أن الفواتير ستظل مرتفعة في المدى المتوسط، وهو ما يعزز المخاوف من أزمة معيشية طويلة الأمد للأسر البريطانية.

ورجح خبراء أن تتضرر المناطق الريفية أكثر من المدن الكبرى نظراً لاعتمادها الأكبر على التدفئة المنزلية كثيفة الاستهلاك. كما أن الأسر ذات الدخل المنخفض ستواجه ضغوطاً مضاعفة، إذ تنفق نسبة أعلى من دخلها الشهري على الطاقة مقارنة بالأسر الميسورة. ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى اتساع فجوة فقر الطاقة، وهو المصطلح الذي يستخدمه الخبراء للإشارة إلى الأسر التي تضطر للاختيار بين تدفئة منازلها أو الإنفاق على احتياجات أساسية أخرى، مثل الغذاء والتعليم.

فواتير الطاقة تضرب ميزانيات البريطانيين

فواتير الطاقة تضرب ميزانيات البريطانيين

أعلنت هيئة تنظيم الطاقة البريطانية (أوفجيم)، أمس الأربعاء، أنها سترفع سقف أسعار الطاقة للأسر بنسبة 2% اعتباراً من تشرين الأول/تشرين الأول المقبل، ما يعني أن ملايين البريطانيين سيواجهون فواتير أعلى رغم معاناتهم بالفعل من ضغوط معيشية خانقة. ووفقاً لـ”رويترز”، سيرتفع متوسط الفاتورة السنوية إلى 1755 جنيهاً إسترلينياً (2370 دولاراً) للاستهلاك المتوسط من الكهرباء والغاز، أي بزيادة 35 جنيهاً إسترلينياً مقارنة بالربع الحالي.

وجاءت الزيادة في وقت ارتفع فيه التضخم البريطاني إلى أعلى مستوى في 18 شهراً خلال تموز/تموز الماضي، وهو ما زاد الضغوط على الحكومة الساعية لتحقيق هدفها بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050. وعزت هيئة تنظيم الطاقة البريطانية القرار إلى ارتفاع تكاليف الشبكة وتكاليف السياسات الحكومية، رغم أن أسعار الجملة للطاقة انخفضت بنسبة 2% خلال فترة التقييم الأخيرة.  كانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في حزيران/حزيران الماضي أنها ستوسع نطاق خصم المنازل الدافئة ليشمل 2.7 مليون أسرة إضافية، ما يرفع عدد المستفيدين إلى ستة ملايين أسرة تحصل كل منها على دعم قيمته 150 إسترلينياً. لكن هيئة تنظيم الطاقة البريطانية أوضحت أن تمويل هذا الخصم أضاف 1.42 إسترليني شهرياً إلى جميع الفواتير، أي إن بعض الأسر غير المستفيدة تدفع فعلياً جزءاً من تكلفة دعم الآخرين، وهو ما يثير جدلاً حول عدالة توزيع الأعباء بين مختلف شرائح المجتمع.

وعبرت جماعات حماية المستهلك عن قلقها، مؤكدة أن تكاليف الطاقة لا تزال غير قابلة للإدارة بالنسبة لملايين الأسر. ودعت الجماعات الحكومة إلى تقديم دعم إضافي للأكثر هشاشة، بدلاً من تحميل جميع المستهلكين أعباء السياسات. وفي المقابل، ردت الحكومة بأن الحل طويل الأمد يكمن في الانتقال إلى الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، إذ قال وزير الطاقة مايكل شانكس: “الإجابة الوحيدة لبريطانيا هي الخروج من دوامة أسعار الوقود الأحفوري، والاعتماد على الطاقة المحلية النظيفة التي نتحكم فيها”.

ورغم أن المحللين يتوقعون احتمال خفض السقف في كانون الثاني/كانون الثاني 2026 إذا واصلت أسعار الجملة الانخفاض، فإن الفواتير قد لا تنخفض فعلياً بسبب زيادة تكاليف السياسات طويلة الأمد. ومن بين هذه التكاليف، الرسوم المضافة لدعم مشاريع استراتيجية، مثل محطة الطاقة النووية سيزويل سي. وأوضح كريج لوري، المستشار في شركة كورنوال إنسايت، أن هذه الأعباء تمثل جزءاً من إعادة هيكلة تمويل تحول الطاقة، لكن في النهاية سيتعين على دافعي الفواتير تحمل جزء من هذه التكاليف.

يشار إلى أن أسعار الطاقة في بريطانيا تراجعت عن ذروتها في 2023، لكنها لا تزال أعلى بنسبة 50% مقارنة بصيف 2021، قبل أن تؤدي الحرب الروسية الأوكرانية إلى إشعال أزمة طاقة أوروبية غير مسبوقة. ومع استمرار برامج الانتقال الطاقي يبدو أن الفواتير ستظل مرتفعة في المدى المتوسط، وهو ما يعزز المخاوف من أزمة معيشية طويلة الأمد للأسر البريطانية.

ورجح خبراء أن تتضرر المناطق الريفية أكثر من المدن الكبرى نظراً لاعتمادها الأكبر على التدفئة المنزلية كثيفة الاستهلاك. كما أن الأسر ذات الدخل المنخفض ستواجه ضغوطاً مضاعفة، إذ تنفق نسبة أعلى من دخلها الشهري على الطاقة مقارنة بالأسر الميسورة. ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى اتساع فجوة فقر الطاقة، وهو المصطلح الذي يستخدمه الخبراء للإشارة إلى الأسر التي تضطر للاختيار بين تدفئة منازلها أو الإنفاق على احتياجات أساسية أخرى، مثل الغذاء والتعليم.

بريطانيا تستذكر انتدابها على فلسطين التاريخية، وتضع الفلسطينيين بين “وعدين”، فما القصة؟

بريطانيا تستذكر انتدابها على فلسطين التاريخية، وتضع الفلسطينيين بين “وعدين”، فما القصة؟

لا تزال ظلال “وعد بلفور” تخيم على الفلسطينيين وكذلك الحكومة البريطانية، عند إطلاق رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وعداً مشروطاً، لكنه هذه المرة للفلسطينيين، بعد 77 عاماً على رحيل الانتداب البريطاني عن فلسطين.

في 29 من تموز/تموز، أعلن ستارمر أن بلاده، التي انتدبت على المنطقة من بينها الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، ستعترف رسمياً بـ”دولة فلسطين” في أيلول/أيلول، إلا إذا اتّخذت إسرائيل “خطوات حيوية” في غزة، بينها الموافقة على وقف إطلاق النار.

وتالياً تسلسل تاريخي لأبرز محطات الانتداب البريطاني على فلسطين.

“ظلم تاريخي” ووعد لم يُحترم

أحد أفراد الجيش البريطاني ينزل علم بلاده للمرة الأخيرة في 30 حزيران/حزيران 1948 في ميناء حيفا
أحد أفراد الجيش البريطاني ينزل علم بلاده للمرة الأخيرة في 30 حزيران/حزيران 1948 في ميناء حيفا

“تاريخنا يعني بأن بريطانيا يقع على عاتقها عبء خاص من المسؤولية لدعم حل الدولتين”، تصريح لوزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، وكأنه يلمح إلى فترة الانتداب.

وتحدّث لامي خلال مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التسوية السلمية لمسألة الدولة الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين، عن “ظلم تاريخي يتكشف أمامنا باستمرار لأن وعد بلفور جاء بوعد صريح (بأنه لن يؤتي بعمل من شأنه أن يضر بالحقوق المدنية والدينية) للشعب الفلسطيني كذلك لم يُحترم”.

ترى جولي نورمان، الأستاذة المساعدة في العلاقات الدولية في جامعة كولدج لندن، في حديث مع بي بي سي، أن قرار ستارمر بالاعتراف بدولة فلسطينية يستند بالأساس إلى الوضع الراهن، والدمار في قطاع غزة، وتصاعد العنف في الضفة الغربية، وخطط التهجير والضم في المنطقتين.

“لطالما التزمت المملكة المتحدة بحل الدولتين، وهي ترغب في إنقاذ هذا المسار قبل أن يصبح مستحيلاً”، تضيف نورمان المتخصصة في سياسات الشرق الأوسط، لكنها تحدثت عن تاريخ طويل من انخراط بريطانيا في فلسطين التاريخية، يعود إلى أكثر من 100 عام.

ماذا يعني الانتداب؟

قوات الانتداب البريطاني تغادر من ميناء حيفا
قوات الانتداب البريطاني تغادر من ميناء حيفا

يعبّر الانتداب عن تفويض صادر عن عصبة الأمم، لإحدى دول العصبة لحكم دول كانت تحت الحكم الألماني أو العثماني، بشكل مؤقت، وفق الموسوعة البريطانية، وذلك بهدف تطويرها في مختلف الأوجه تمهيداً لحصولها على استقلالها الذاتي.

وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، قُسّمت الانتدابات إلى ثلاث مجموعات بناءً على موقعها ومستوى تطورها السياسي والاقتصادي، ثم خُصّصت لكل دولة من الدول المنتصرة (القوى المُنتَدِبة).

وتألفت الفئة (أ) من مناطق الانتداب من دول كانت تحت حكم الدولة العثمانية، وهي العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، وفقاً للموسوعة البريطانية “بريتانيكا”.

واعتُبرت هذه الأراضي متقدمة بما يكفي للاعتراف باستقلالها المؤقت، وظلت خاضعة للسيطرة الإدارية للدول المنتدبة حتى أصبحت قادرة على الاستقلال التام، وفق الموسوعة.

وحصلت جميع مناطق الانتداب من الفئة (أ) على استقلالها بحلول عام 1949، عدا “الدولة الفلسطينية”.

ما موقع فلسطين من خريطة سايكس-بيكو؟

خريطة سايكس بيكو السرية الأصلية لعام 1916 وفيها المنطقة (A) مخصصة لفرنسا، والمنطقة (B) مخصصة لبريطانيا
خريطة سايكس بيكو السرية الأصلية لعام 1916 وفيها المنطقة (A) مخصصة لفرنسا، والمنطقة (B) مخصصة لبريطانيا

في 1916، عُقدت اتفاقية سايكس-بيكو “السرية” أثناء الحرب العالمية الأولى بين بريطانيا وفرنسا، بهدف تقاسم أراضٍ كانت تحت حكم الدولة العثمانية. واتفق ممثلا الحكومة الفرنسية فرنسوا جورج-بيكو والبريطانية مارك سايكس على وضع فلسطين تحت إدارة دولية من عدة دول بينها بريطانيا وفرنسا، وفق الموسوعة البريطانية.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، اجتمع رئيسا الحكومتين الفرنسية جورج كليمنصو والبريطانية ديفيد لويد جورج لتعديل اتفاق سايكس بيكو، وتخلت فرنسا عندئذ عن “فلسطين” ومنطقة الموصل، وفق فرانس برس.

خريطة توضح مناطق الانتدابات الفرنسية والبريطانية لدول عربية، قبل منح بريطانيا الانتداب على فلسطين
خريطة توضح مناطق الانتدابات الفرنسية والبريطانية لدول عربية، قبل منح بريطانيا الانتداب على فلسطين

67 كلمة

كانت فلسطين تحت الحكم العثماني حتى عام 1917، حينما دخلها الجيش البريطاني بقيادة الجنرال إدموند ألنبي.

وفي الثاني من تشرين الثاني/تشرين الثاني 1917، وجّه وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور إلى أحد زعماء اليهود في بريطانيا والتر روتشيلد رسالة مطبوعة صادقت عليها الحكومة البريطانية، وطلب منه فيها أن يبلغ مضمونها إلى الاتحاد الصهيوني.

ومما قالته الرسالة: “إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية”.

وتعهّدت الرسالة بعدم “الانتقاص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر”.

لم تكن الكلمات الـ67 تعبر عن رسالة عابرة، بل كانت حدثاً غيّر مسار الفلسطينيين واليهود والشرق الأوسط.

  • ما هو وعد لفور؟
نسخة الرسالة المعروفة بـ"وعد بلفور"
نسخة الرسالة المعروفة بـ”وعد بلفور”

شكّل هذا النص القصير “نصراً كبيراً” لزعيم الصهاينة في المملكة المتحدة حاييم وايزمان الذي أصبح في ما بعد أول رئيس لدولة إسرائيل، وبذل جهوداً كبيرة في اتجاه تحقيق هذا الوعد.

يختلف الفلسطينيون والإسرائيليون في نظرتهم للوعد. فإسرائيل تُشيد به كأحد العوامل التي ساعدت على قيامها عام 1948، وشجع اليهود على الهجرة إليها. لكن بالنسبة للفلسطينيين، ساهم هذا الوعد في مأساة سلب أرضهم، ما أدى إلى ما يُعرف بـ”النكبة الفلسطينية” عام 1948، وتهجير نحو 760 ألف فلسطيني من أرضهم.

  • صور من فلسطين تحكي ما حدث بين “وعد بلفور” و”إعلان بن غوريون”

وأعرب الفلسطينيون عن معارضتهم للوعد البريطاني في مؤتمر عقد في القدس عام 1919.

في 2021، قالت محكمة فلسطينية إن “وعد بلفور” أدى إلى “حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه القانونية والسياسية والإنسانية ومنعه من حقه في تقرير مصيره على أرضه”.

ترى جولي نورمان في حديث مع بي بي سي، أن وعد بلفور اتسم بالإشكالية في الاعتراف بالحقوق المدنية والدينية للشعب الفلسطيني، بدون حقوقه الوطنية أو السياسية (مع وعده بـ”وطن” للشعب اليهودي).

وترى نورمان أن لامي محق في أن بريطانيا أخفقت في الوفاء بوعدها، وفقاً لتصريح بلفور، في حماية حقوق الفلسطينيين.

صك الانتداب

أقر مؤتمر سان ريمو في إيطاليا في 1920، الانتداب الذي يفترض أن يعد للاستقلال وعهد به إلى بريطانيا (فلسطين التاريخية والضفة الشرقية لنهر الأردن والعراق) وفرنسا (سوريا ولبنان).

وفي 1922، وبعد سحق الثورات في فلسطين وسوريا والعراق، صادقت عصبة الأمم على وضع هذه المناطق تحت الانتدابين الفرنسي والبريطاني.

وشكّلت رسالة بلفور الأساس للانتداب البريطاني على فلسطين، الذي وافقت عليه عصبة الأمم في 1922.

وأقرت العصبة “صك الانتداب” الذي تسلمت بموجبه بريطانيا مهمتها في فلسطين لتتولى “مسؤولية أن ترسي في هذا البلد وضعاً سياسياً وإدارياً واقتصادياً من شأنه أن يضمن إقامة وطن قومي للشعب اليهودي”، وفق فرانس برس.

أحداث 1929

اجتاحت فلسطين سنة 1929 في عهد الانتداب البريطاني موجة من الاضطرابات الدامية، وتتضارب الروايات بشأن شرارة الأحداث التي تصاعدت إلى مظاهرات نحو الحائط الغربي ونزاع للوصول إليه.

امتدت الاضطرابات إلى مناطق عدة خارج القدس بينها الخليل، وانخرط فيها عرب ويهود وقوات بريطانية وأدت إلى مقتل 133 يهودياً و 116 عربياً.

سُميت تلك الأحداث بـ”ثورة البراق” أو “أحداث تارباط” نسبة إلى تاريخ اندلاع الاشتباكات حسب التقويم اليهودي.

ويعتبر الحائط الحائط الغربي مقدساً لدى اليهود والمسلمين، إذا يرتبط برواية الإسراء والمعراج في التاريخ الإسلامي، فيما يعده اليهود الأثر الأخير الباقي من هيكل سليمان.

يقع الحائط في الناحية الغربية للحرم الشريف المقدس لدى المسلمين، أو ما يعرف بجبل الهيكل المقدس لدى اليهود أيضاً.

الثورة الفلسطينية الكبرى

جنود بريطانيون مع فلسطينيين خلال الثورة الفلسطينية الكبرى ضد الانتداب البريطاني، في كانون الأول/كانون الأول 1938
جنود بريطانيون مع فلسطينيين خلال الثورة الفلسطينية الكبرى ضد الانتداب البريطاني، في كانون الأول/كانون الأول 1938

في 1921، حدثت اضطرابات في مدينة يافا بين العرب واليهود، واصطدم العرب بالقوات البريطانية وانتقلت الأحداث إلى سائر المدن الفلسطينية، ودامت هذه الاضطرابات حوالي أسبوعين قُتل خلالها من العرب 48 شخصاً، وبلغ عدد قتلى اليهود 47، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وبادرت الحكومة البريطانية إلى تأليف لجنة للتحقيق في أسباب الاضطرابات.

وفي 1925، زار بلفور القدس للمشاركة في افتتاح الجامعة العبرية، مما أدى لإضراب ومظاهرات فلسطينية.

وعُقد في القدس أول مؤتمر نسائي فلسطيني لرفض الانتداب في 1929.

وفي 1935، قُتل عز الدين القسام الذي كان يُقاتل بجماعته المسلحة ضد الانتداب البريطاني بالقرب من مدينة جنين، وفق وكالة (وفا).

واجه الانتداب البريطاني “الثورة الفلسطينية الكبرى” ما بين 1936 و1939، بعد عوامل عدة أثارت الفلسطينيين بينها تزايد الهجرة اليهودية ومقتل القسام، وتخلل الثورةَ إضرابٌ فلسطينيٌ استمر 183 يوماً، وفق وكالة (وفا).

يقول مؤرخون إن أكثر من 5 آلاف فلسطيني قُتلوا، بينما أصيب نحو 15 ألفاً خلال الثورة، أما القتلى من البريطانيين واليهود فكانوا بالمئات.

الكتاب الأبيض

اضطرت بريطانيا إثر الثورة إلى إعادة تقييم سياستها في فلسطين التاريخية، فنظمت مؤتمراً في لندن وأصدرت عام 1939 وثيقة “الكتاب الأبيض” الذي قيّد بيع الأراضي لليهود في فلسطين التاريخية، كما قيّد هجرتهم خلال خمس سنوات تبدأ من أول نيسان/نيسان 1939.

وتعهّدت بريطانيا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة في غضون السنوات العشر التالية – إذا أمكن ذلك – على أنْ يتقاسم فيها الفلسطينيون واليهود مهام السلطات الحكومية.

رجل يهودي ينتظر القطار في 1 كانون الأول/كانون الأول 1933 في محطة قطار تل يوسف أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين
رجل يهودي ينتظر القطار في 1 كانون الأول/كانون الأول 1933 في محطة قطار تل يوسف أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين

وألمحت الوثيقة إلى خطط إنهاء الانتداب البريطاني.

في تموز/تموز 1946 شنت عناصر من حركة أرغون الصهيونية السرية سلسلة من الهجمات والتفجيرات التي استهدفت القوات البريطانية ومن بينها الهجوم على فندق الملك داوود في القدس الذي كانت تتواجد فيه قيادة سلطة الانتداب المدنية والعسكرية البريطانية فسقط عدد كبير من الجنود والموظفين البريطانيين.

قُتل 91 شخصاً من جنسيات مختلفة خلال تفجير نفذته منظمة الأرغون الصهيونية لفندق الملك داوود بالقدس في 22 تموز/تموز 1946
قُتل 91 شخصاً من جنسيات مختلفة خلال تفجير نفذته منظمة الأرغون الصهيونية لفندق الملك داوود بالقدس في 22 تموز/تموز 1946

الهجرة اليهودية

شهدت فلسطين منذ القرن التاسع عشر عدداً من موجات الهجرة اليهودية المحدودة، لكنها تسارعت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مع تأسيس الحركة الصهيونية التي كان محور نشاطها إقامة دولة لليهود في فلسطين التاريخية.

وسرّعت المشاعر المعادية لليهود في أوروبا والعمليات ضدهم في روسيا، هجرة العديد منهم إلى فلسطين التاريخية.

وبلغ عدد اليهود في فلسطين 47 ألفاً في 1895 مقابل 24 ألفاً في 1882، وفق فرانس برس.

أما الموجة الثانية من الهجرات فكانت بين عامي 1904 و1914، وتراوح مجموع الواصلين بين 35 ألفاً و40 ألف يهودي روسي.

يهود يغادرون بولندا إلى فلسطين في 1922
يهود يغادرون بولندا إلى فلسطين في 1922

ومع صعود النازية في ألمانيا وبعد المذابح التي تعرّض لها اليهود فيها أثناء الحرب العالمية الثانية، اتخذت هجرة اليهود إلى فلسطين حجماً كبيراً.

وشجع وعد بلفور اليهود على الهجرة إلى فلسطين، وكان عدد قليل من اليهود يعيشون فيها قبل 1917 إلى جانب العرب.

وفي 1917، كانت نسبة اليهود لا تزيد عن 7 في المئة من المجتمع المحلي في فلسطين التاريخية.

وعند صدور قرار خطة تقسيم فلسطين عام 1947، كان يعيش فيها 1.3 مليون فلسطيني و600 ألف يهودي، وبذلك حصل اليهود على 54 في المئة من الأراضي وفق القرار، في حين كانوا يمثلون 30 في المئة فقط من السكان، بحسب فرانس برس.

وتجاوز عدد اليهود في فلسطين عام 1948، حاجز 700 ألف، وفق وكالة وفا.

ويمنح “قانون العودة” الجنسية الإسرائيلية إلى اليهود الذين يأتون للإقامة في إسرائيل.

التقسيم ثم “النكبة”

اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1947 القرار 181 الذي أصبح يعرف بـ”قرار التقسيم” الذي نصّ على: “تُنشأ في فلسطين دولة يهودية ودولة عربية، مع اعتبار القدس كياناً متميزاً يخضع لنظام دولي خاص”.

أيّد القرار 33 دولة بينها الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وفرنسا، وعارضته 13 دولة بينها الدول العربية، وامتنعت 10 دول عن التصويت بينها بريطانيا.

قبل زعماء اليهود الخطة التي أعطتهم 56 في المئة من الأرض، ورفضتها جامعة الدول العربية، ورفضتها القيادة العربية المحلية في فلسطين التاريخية.

ثم أُعلن إنشاء دولة إسرائيل في 14 أيار/أيار 1948.

وبعد يوم واحد، بدأت حرب بين دول عربية وإسرائيل، وانتهت الحرب بسيطرة إسرائيل على 77 في المئة من الأراضي.

  • النكبة: ماذا حدث في 1948؟
  • الصراع الإسرائيلي الفلسطيني: شرح مبسط وموجز
خطوط الهدنة وحدود إسرائيل بعد انتهاء حرب 1948
خطوط الهدنة وحدود إسرائيل بعد انتهاء حرب 1948

قتل تعسفي وتعذيب ودروع بشرية

في 2022، طالبت عريضة، تضم ملف “أدلة” من 300 صفحة، بإقرار رسمي واعتذار عن “الانتهاكات” خلال فترة الحكم البريطاني لفلسطين التاريخية.

وكان المحامي البريطاني بن إيمرسون كاي سي، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعنيّ بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب قال لبي بي سي، إن الفريق القانوني اكتشف أدلة على “جرائم مروعة ارتكبتها عناصر من قوات الانتداب البريطاني بشكل منهجي ضد السكان الفلسطينيين”.

وأضاف المحامي لبي بي سي “إن بعض (الجرائم) على درجة كبيرة من الخطورة، حتى أنها كانت تعد في ذلك الحين انتهاكات للقانون الدولي العرفي”.

  • عريضة تطالب بريطانيا بالاعتذار عن “جرائم حرب” ارتكبتها في فلسطين
فلسطينيون مقيدون لنقلهم إلى سجن في القدس خلال فترة حظر التجول من قبل قوات الانتداب البريطانية، في 26 تشرين الأول/تشرين الأول 1938
فلسطينيون مقيدون لنقلهم إلى سجن في القدس خلال فترة حظر التجول من قبل قوات الانتداب البريطانية، في 26 تشرين الأول/تشرين الأول 1938

وتتضمن مراجعة لبي بي سي لأدلة تاريخية “تفاصيل القتل التعسفي والتعذيب واستخدام الدروع البشرية واللجوء إلى هدم المنازل كعقاب جماعي. وأغلب هذه المآذارات جاءت في إطار مبادئ توجيهية للسياسة الرسمية للقوات البريطانية في ذلك الوقت أو بموافقة كبار الضباط”.

كان ما ارتكبته بريطانيا في فلسطين “عنيفاً” و”استثنائياً”، وفقاً للمؤرخ العسكري البروفيسور ماثيو هيوز، الذي قال إن تكتيكاتها لم تصل بشكل روتيني إلى مستويات الوحشية التي شهدتها بعض المستعمرات الأخرى.

يحتفظ أرشيف متحف الحروب الإمبراطورية في لندن بذكريات العديد من الجنود وضباط الشرطة البريطانيين في فلسطين التاريخية.

وتفصّل بعض سجلات التاريخ الشفوي روايات عن الغارات “العقابية” واستخدام الدروع البشرية والتعذيب.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية في بيان إنها كانت على علم بادعاءات تاريخية ضد أفراد القوات المسلحة خلال تلك الفترة، وإن أي دليل يُقدم سيخضع لـ”مراجعة شاملة”.

  • “على بريطانيا مواجهة ماضيها الاستعماري بأمانة”

11 آب 2025: خضعت هذه المقالة لتعديل بعض الصياغات وتضمين معلومات أساسية لم تكن واردة فيها عندما نُشرت لأول مرة.