by | Sep 2, 2025 | اقتصاد
سجلت أسعار المساكن في بريطانيا انخفاضاً غير متوقع في آب/آب مع استمرار الضغوط على القدرة الشرائية للمشترين بسبب ارتفاع تكاليف الرهن العقاري وتوقعات بزيادات ضريبية جديدة. وقالت شركة نيشن وايد للتمويل العقاري، أمس الاثنين، إن متوسط سعر المنزل تراجع بنسبة 0.1% على أساس شهري إلى 271.079 جنيهاً إسترلينياً (367 ألف دولار)، مقارنة بزيادة معدلة قدرها 0.5% في تموز/تموز. وارتفعت الأسعار بنسبة 2.1% سنوياً، وهو أدنى معدل نمو منذ أكثر من عام. وكان خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم قد توقعوا ارتفاعاً شهرياً نسبته 0.2% وسنوياً بنحو 2.8%.
وقال كبير الاقتصاديين في نيشن وايد، روبرت غاردنر، إنّ الأسعار لا تزال مرتفعة قياساً بالدخول، ما يجعل جمع الدفعة الأولى تحدياً كبيراً للمشترين المحتملين، وأضاف أن أقساط الرهن العقاري تستهلك الآن نحو 35% من دخل الأسر مقابل متوسط تاريخي عند 30%، في وقت ما زالت فيه تكاليف المعيشة تضغط على ميزانيات الأسر. ورغم أن بنك إنكلترا المركزي خفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار ربع نقطة مئوية في آب إلى 4% (وهو أدنى مستوى منذ آذار/آذار 2023) فإنّ متوسط سعر الرهن الثابت لعامين استقر عند 4.96%، بينما بلغ متوسط الرهن لخمس سنوات 5% وفق بيانات مؤسسة Moneyfacts المتخصصة في جمع وتحليل بيانات المنتجات المالية.
وأظهرت بيانات البنك المركزي أن موافقات الرهن العقاري ارتفعت إلى 65.352 قرضاً في تموز، وهو أعلى مستوى في ستة أشهر، ما يشير إلى وجود طلب كامن رغم التحديات. لكن محللين حذروا من أن خطط وزير الخزانة رايتشل ريفز لفرض ضرائب إضافية محتملة على مبيعات المنازل التي تتجاوز قيمتها 500 ألف جنيه قد تبطئ النشاط، خاصة في لندن وجنوب شرق البلاد.
ويرى خبراء في “بلومبيرغ إيكونوميكس” أن الانخفاض الشهري في الأسعار يعكس تعافياً هشاً للسوق العقارية بعد زيادة الضرائب في الربيع، مشيرين إلى أن الضبابية الاقتصادية والتضخم المرتفع الذي بلغ 3.8% في تموز (مع توقع بلوغه 4% في أيلول/أيلول) قد يضعف فرص استقرار الأسعار على المدى القريب.
وانعكست هذه التطورات سلباً على شركات البناء والتطوير العقاري. فقد أظهرت بيانات اتحاد بناة المنازل أن عدد المشروعات السكنية الجديدة تراجع بنسبة 12% في النصف الأول من 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. فيما حذرت شركات كبرى مثل Persimmon وBarratt Developments من تراجع أرباحها وخفض استثماراتها إذا استمرت أوضاع السوق على حالها، مشيرة إلى أن ضعف الطلب يجبرها على مراجعة خططها التوسعية. وقال محللون في بنك HSBC إن أي استمرار في تباطؤ المبيعات سيجبر هذه الشركات على خفض استثماراتها في مشروعات الإسكان الجديدة، وهو ما قد يؤدي إلى فجوة عرض إضافية في السوق على المدى المتوسط.
وأشار خبراء الإسكان إلى أن تراجع الأسعار قد يفتح نافذة محدودة أمام المشترين الجدد الذين خرجوا من السوق في السنوات الماضية، لكن استمرار فجوة الدخل وارتفاع الإيجارات يحدان من قدرة الكثيرين على الاستفادة من هذا التراجع المؤقت. وتشير بيانات الوكالة الأوروبية للإحصاءات (يوروستات) إلى أن بريطانيا ليست وحدها في مواجهة تباطؤ سوق العقارات، إذ سجلت أسعار المنازل في منطقة اليورو انخفاضاً بنسبة 1.1% في الربع الثاني من العام، متأثرة بارتفاع تكاليف التمويل وتباطؤ النمو الاقتصادي. غير أنّ المحللين يرون أن السوق البريطانية أكثر هشاشة بسبب اعتمادها المفرط على التمويل بالرهون العقارية قصيرة الأجل مقارنة بدول مثل فرنسا وألمانيا.
by | Sep 2, 2025 | أخبار العالم
دخلت الأزمة بين مصر وبريطانيا مرحلة جديدة، بعد إعلان السفارة البريطانية في القاهرة، أول من أمس الأحد، عن إغلاق مبناها الرئيسي في القاهرة مؤقتاً عقب إزالة الحواجز الخرسانية التي كانت تحيط بمقرها منذ سنوات، في خطوة وصفتها بأنها تستدعي مراجعة إجراءاتها الأمنية. وجاء الإغلاق متزامناً مع تصاعد الجدل السياسي في القاهرة حول الضغوط الأمنية وملف حقوق الإنسان، لا سيما بعد توقيف الشاب المصري أحمد عبد القادر في لندن. وكانت الشرطة البريطانية قد ألقت القبض، الأسبوع الماضي، على عبد القادر المعروف بعلاقاته القوية مع قيادات أمنية بارزة وفي الأوساط المصرية في أوروبا، بعد اتهامات بتهديد ناشط آخر تظاهر أمام السفارة المصرية في لندن، ما استدعى تدخلاً فورياً من وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لدى السلطات البريطانية للإفراج عنه. لم تتوقف الأزمة عند هذا الحد، إذ شهدت القاهرة خلال الأيام الماضية تحركات من حزب “الجبهة الوطنية”، المقرب من الأجهزة السيادية، طالب فيها علناً بإزالة الحواجز الخرسانية من أمام السفارة البريطانية في غاردن سيتي بالقاهرة. واعتبر الحزب أن وجود هذه الحواجز “يمثل عائقاً أمام حركة المرور ويمنح السفارة وضعاً استثنائياً لا مبرر له”.
أسئلة حول علاقات مصر وبريطانيا
وقال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أستاذ القانون الدولي العام أيمن سلامة، لـ”العربي الجديد”، إن إغلاق السفارة البريطانية في القاهرة قد يكون إجراءً احترازياً مؤقتاً جاء ردة فعل على إزالة الحواجز الخرسانية المحيطة بمبناها، خصوصاً في ظل غياب أي تعليق رسمي سواء من وزارة الخارجية المصرية أو من الجانب البريطاني. لكنه أشار إلى أن هذه الخطوة يمكن أن تحمل دلالات سياسية أعمق، إذ قد تعكس حالة من التوتر في العلاقات الثنائية أو رغبة من الجانب المصري في توجيه رسالة سياسية محددة. وأضاف أن الأمر قد يرتبط بخلافات قائمة حول ملفات حساسة، مثل حقوق الإنسان أو العلاقات التجارية، وهو ما قد يدفع القاهرة إلى استخدام هذا النوع من الإجراءات أداة ضغط دبلوماسي. وأوضح سلامة أن عدم صدور تصريحات رسمية من الجانبين يزيد من مساحة التأويل، لافتاً إلى وجود تحليلات ترى أن الخطوة المصرية ربما تحمل رسالة ضمنية مؤداها أن بريطانيا لم تعد بحاجة إلى هذه التدابير الأمنية المبالغ فيها حول سفارتها في القاهرة.
أيمن سلامة: الأمر قد يرتبط بخلافات قائمة حول ملفات حساسة، مثل حقوق الإنسان أو العلاقات التجارية
من جهته، قال مساعد وزير الخارجية المصري السابق السفير حسين هريدي، لـ”العربي الجديد”، إن مثل هذه الإجراءات تُتخذ عادة في إطار من التنسيق والتعاون بين دولة الاعتماد والسفارات المعنية. وأوضح أن تعديل أو تغيير الترتيبات الأمنية الخاصة بالسفارات الأجنبية ينبغي أن يتم عبر التشاور المسبق والتنسيق الكامل مع تلك السفارات، وذلك بعد التوافق على تقييم مشترك لطبيعة التهديدات الأمنية المحتملة التي قد تتعرض لها.
معاملة بالمثل؟
أما السفير السابق معصوم مرزوق، فقال لـ”العربي الجديد”، إن قرار إزالة الحواجز أو الإبقاء عليها شأن سيادي مصري خالص، ولا يتعارض مع أي قاعدة من قواعد القانون الدولي. وأضاف مرزوق أن المقلق في المشهد ليس الإجراء ذاته إنما التصعيد الإعلامي أحادي الجانب، وما يصاحبه من شحن سياسي وإعلامي قد يخلق تهديدات أمنية بدلاً من أن يسهم في معالجتها، تحت شعارات من قبيل “الوطنية” أو “المعاملة بالمثل”. وختم قائلاً إن ما قامت به السلطات المصرية لن يؤثر جوهرياً على العلاقات الثنائية مع بريطانيا، خصوصاً إذا كان قد جرى في إطار تنسيق وتفاهم متبادل، مشدداً على أن إدارة الملف بهدوء وبعيداً عن المبالغة الإعلامية كفيلة بالحفاظ على مسار العلاقات بين البلدين.
معصوم مرزوق: ما قامت به السلطات المصرية لن يؤثر جوهرياً على العلاقات الثنائية مع بريطانيا
بدوره، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير رخا أحمد حسن، لـ”العربي الجديد”، إن المسألة المثارة حالياً بين مصر وبعض الدول، ومنها بريطانيا، تتعلق أساساً بمبدأ المعاملة بالمثل في حماية السفارات. وأوضح أن مصر وفّرت للسفارة البريطانية في القاهرة إجراءات حماية استثنائية على مدى سنوات، شملت إغلاق الشارعين المحيطين بها بالمتاريس والحواجز، ونشر قوات الشرطة على مدار 24 ساعة، رغم ما سببه ذلك من معاناة للسكان وأصحاب المحال التجارية في الحي الواقع فيه مقر السفارة، حتى باتوا يعيشون “وكأنهم في معسكر”. وأضاف أن بريطانيا، في المقابل، لم توفر الحماية الكافية للسفارة المصرية في لندن، بل تركت مقرها عرضة لاعتداءات المتظاهرين، بل واعتداء الشرطة البريطانية نفسها على بعض أفراد الجالية المصرية الذين حاولوا الدفاع عن سفارتهم. واعتبر رخا أن ردة فعل السفارة البريطانية بتقليص عملها جاء مبالغاً فيه وغير مبرر، مشيراً إلى أن تطبيق المعاملة بالمثل هو إجراء بروتوكولي وقانوني لا يمس جوهر العلاقات المتنوعة بين البلدين.
وبريطانيا أحد أهم الشركاء الأوروبيين لمصر على الصعيدين التجاري والاستثماري. وبحسب بيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، تتجاوز حجم الاستثمارات البريطانية في مصر 50 مليار دولار، موزعة على قطاعات رئيسية مثل الطاقة، النفط والغاز، الخدمات المالية، الاتصالات، والصناعات الغذائية. وتحتل الشركات البريطانية موقعاً متقدماً بين أكبر المستثمرين الأجانب في السوق المصري، فيما تمثل مصر سوقاً واعداً للشركات البريطانية الباحثة عن التوسع في أفريقيا والشرق الأوسط. إلى جانب ذلك، تعد بريطانيا من أبرز الوجهات للمصريين في مجالات التعليم العالي، إذ تستقطب الجامعات البريطانية آلاف الطلاب المصريين سنوياً، فضلاً عن التعاون الأمني في ملفات مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية.
by | Aug 31, 2025 | أخبار العالم
أغلقت السفارة البريطانية في القاهرة، مقرها الرئيسي بوسط العاصمة المصرية القاهرة مؤقتاً، في أعقاب إزالة السلطات، اليوم الأحد، الحواجز الأمنية المحيطة بمبنى السفارة التاريخي، الذي تدير منه أعمالها منذ نحو 90 عاماً. وأوضحت السفارة، في بيان على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك، أن الإغلاق يأتي لحين مراجعة تأثير هذه التغييرات التي أزيلت حول المبنى.
ونشرت صحف محلية صوراً تظهر السفارة البريطانية وقد أزيلت من حولها الأسوار الخرسانية شديدة التحصين والبوابات الأمنية المنتشرة بالشوارع المجاورة لها، لتظهر أسوار السفارة الحديدية، كاشفة للمبنى الذي اختارته بريطانيا في بداية القرن الماضي، ليكون مركزاً لإدارة شؤونها الدبلوماسية في مصر ومنطقة الشرق الأوسط. وأكدت السفارة أن خدمات المساعدة القنصلية الطارئة ما زالت متاحة من خلال أرقام تواصل، حددتها على الموقع، داعية أصحاب المواعيد المسبقة إلى التواصل على الرقم ذاته للحصول على إرشادات بشأن كيفية الدخول إلى مجمع السفارة.
وقامت السلطات المصرية في ساعة متأخرة من أمس السبت برفع الحواجز الأمنية، من أمام المبنى الرئيسي للسفارة البريطانية المطل على نيل القاهرة بضاحية غاردن سيتي، التي يوجد بها مقر السفارة الأميركية وعدد من القنصليات والسفارات العربية والأجنبية، وعلى مسافة أمتار من مبنى مجلس الوزراء والبرلمان المصري.
وتأتي الخطوة المصرية في أعقاب تحذيرات رسمية على لسان وزير الخارجية بدر عبد العاطي بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع سفارات الدول التي قال إنها لا تتعاون في تعزيز الإجراءات الأمنية على السفارات المصرية في الخارج، في أعقاب الفعاليات الاحتجاجية التي استهدفت السفارات المصرية بعدد من العواصم الأوروبية والولايات المتحدة، متهمين السلطات المصرية بالمشاركة في غلق معبر رفح وعدم إيصال المساعدات لقطاع غزة، حيث أقدم عدد من النشطاء في الخارج على إغلاق مقرات السفارات بأقفال، ما أدى لاندلاع مواجهات بين المعارضين للنظام المصري ومؤيدين له ينتمون لما يسمى باتحاد شباب مصر في الخارج.
في غضون ذلك، كشف مصدر دبلوماسي مصري أن الخطوة الخاصة برفع الحواجز الأمنية من أمام السفارة البريطانية في القاهرة، جاءت في أعقاب مخاطبات رسمية بين البلدين، وعدم تجاوب الجانب البريطاني مع المطالب المصرية الخاصة، بعدم إفساح المجال أمام المعارضين المتهمين، من وجهة نظرها، بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، الموجودين في بريطانيا، وقيامهم بالإساءة للدولة المصرية، والهجوم على مقراتها في بريطانيا.
وأوضح المصدر أن التوتر الدبلوماسي بين البلدين زادت حدته في أعقاب إلقاء السلطات البريطانية القبض على الناشط المصري أحمد عبد القادر الذي كان موجوداً أمام مقر السفارة البريطانية في لندن برفقة آخرين، للوقوف في مواجهة محتجين أمام السفارة الأسبوع الماضي.
وكان حزب الجبهة الوطنية، الداعم للنظام، قد طالب وزارة الخارجية المصرية باتخاذ خطوات واضحة وحاسمة للرد بالمثل، على عدم توفير الحماية الكافية للسفارة المصرية في لندن. وأكد الحزب أن الوقت قد حان لإعادة النظر في المعاملة الممنوحة للبعثات الدبلوماسية البريطانية بالقاهرة، وفي مقدمتها السفارة البريطانية بغاردن سيتي، والتي تحولت بفعل الحواجز الخرسانية والإجراءات الأمنية المُبالغ فيها إلى منطقة مُغلقة تعوق حياة المواطنين وتفرض واقعاً مشوهاً وسط العاصمة.
ودعا الحزب إلى إزالة تلك الحواجز وإلزام السفارة البريطانية بما تلتزم به السفارات الأجنبية الأخرى العاملة في مصر، على قاعدة المساواة الكاملة والمُعاملة بالمثل. يذكر أن السلطات المصرية لم تمس الإجراءات والحواجز الأمنية المحيطة بالسفارة الأميركية المجاورة لمقر السفارة البريطانية في منطقة غاردن سيتي، رغم تعرض المقرات الدبلوماسية المصرية في الولايات المتحدة لاحتجاجات مماثلة.
by | Aug 29, 2025 | اقتصاد
ارتفعت ثقة الأعمال في بريطانيا الشهر الجاري إلى أعلى معدلاتها خلال نحو 10 سنوات، مع اتجاه أغلبية الشركات إلى توظيف مزيد من العمالة خلال العام المقبل رغم زيادة الضرائب التي فرضتها وزيرة المالية راشيل ريفز. وأظهر مؤشر باروميتر الأعمال، الذي يصدره بنك لويدز البريطاني، أنّ أكثر من 80% من الشركات ذكرت أنّ الزيادة الحادة في ضريبة الأجور والحد الأدنى للأجور في إبريل/ نيسان الماضي لن يكون لها سوى تأثير محدود على خططها للتوظيف.
وكشف المؤشر أنّ خطط التوظيف ارتفعت للشهر الرابع على التوالي، حيث أعربت 62% من الشركات عن اعتزامها إضافة عمالة خلال الشهور الـ12 المقبلة. وأظهر الاستطلاع، الذي شمل 1200 شركة وأُجري خلال أول أسبوعين من الشهر الجاري، ارتفاع ثقة الشركات بنسبة 2% ليسجل المؤشر 54 نقطة، في أعلى معدل له من تشرين الثاني/ تشرين الثاني عام 2015.
ونقلت وكالة بلومبيرغ للأنباء عن هان جو هو، كبير خبراء الاقتصاد لدى مصرف لويدز التجاري، قوله: “يشير استمرار الاتجاه الصعودي في ثقة الأعمال إلى أن الشركات البريطانية ما زالت تشعر بالتفاؤل بشأن آفاقها التجارية، في حين أن هناك فتوراً في الثقة حيال الاقتصاد البريطاني الأوسع”.
ارتفاع مؤشر ثقة الأعمال في بريطانيا إلى أعلى مستوى منذ نحو عقد يعكس مزيجاً من العوامل الاقتصادية والسياسية. فمن جهة، ورغم الضغوط المالية الناجمة عن السياسات الضريبية الجديدة، خصوصاً زيادة ضريبة الأجور والحد الأدنى للأجور، يبدو أن الشركات تتبنى نظرة طويلة الأمد تُرجح النمو على التحديات قصيرة الأجل. هذا التفاؤل قد يرتبط أيضاً بتحسن نسبي في بيئة الأعمال نتيجة استقرار السياسات النقدية وتراجع الضغوط التضخمية مقارنة بالعامين الماضيين.
لكن في المقابل، يظهر تباين واضح بين ثقة الشركات في مستقبل أعمالها الخاصة وبين رؤيتها للاقتصاد البريطاني ككل. فتراجع النمو الاقتصادي، وضعف الإنتاجية، واستمرار التحديات المرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست“، كلها عوامل لا تزال تلقي بظلالها على الاقتصاد الأوسع. ومع ذلك، يبدو أن الشركات تراهن على قدراتها الداخلية في الابتكار والتوظيف وتوسيع الإنتاج، وهو ما يفسر ارتفاع خطط التوظيف للشهر الرابع على التوالي.
إضافة إلى ذلك، فإن سوق العمل البريطانية لا تزال من أبرز نقاط القوة في الاقتصاد، حيث تُظهر مرونة في مواجهة الأزمات، ما يدفع الشركات إلى الاستثمار في الكفاءات البشرية لتعزيز تنافسيتها. هذا يفسر قبولها بزيادة تكاليف التشغيل مقابل الحفاظ على جاذبية القوى العاملة وضمان استمرارية النمو.
يُظهر ارتفاع ثقة الأعمال في بريطانيا أن القطاع الخاص يسعى إلى تجاوز التحديات المالية والاقتصادية عبر الاستثمار في التوظيف والتوسع، مع إبداء مرونة أمام السياسات الضريبية الجديدة. لكن هذا التفاؤل لا يخلو من الحذر، إذ يظل مشروطاً بقدرة الحكومة على توفير بيئة اقتصادية مستقرة تدعم خطط النمو. ومع أن مؤشر باروميتر الأعمال يبعث برسالة إيجابية عن مستقبل الشركات، إلا أن التباين بين تفاؤلها الداخلي وقلقها حيال الاقتصاد الكلي يعكس أن الطريق نحو انتعاش شامل لا يزال يحتاج إلى إصلاحات هيكلية ودعم أكبر للإنتاجية والاستثمار.
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)
by | Aug 28, 2025 | اقتصاد
أعلنت هيئة تنظيم الطاقة البريطانية (أوفجيم)، أمس الأربعاء، أنها سترفع سقف أسعار الطاقة للأسر بنسبة 2% اعتباراً من تشرين الأول/تشرين الأول المقبل، ما يعني أن ملايين البريطانيين سيواجهون فواتير أعلى رغم معاناتهم بالفعل من ضغوط معيشية خانقة. ووفقاً لـ”رويترز”، سيرتفع متوسط الفاتورة السنوية إلى 1755 جنيهاً إسترلينياً (2370 دولاراً) للاستهلاك المتوسط من الكهرباء والغاز، أي بزيادة 35 جنيهاً إسترلينياً مقارنة بالربع الحالي.
وجاءت الزيادة في وقت ارتفع فيه التضخم البريطاني إلى أعلى مستوى في 18 شهراً خلال تموز/تموز الماضي، وهو ما زاد الضغوط على الحكومة الساعية لتحقيق هدفها بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050. وعزت هيئة تنظيم الطاقة البريطانية القرار إلى ارتفاع تكاليف الشبكة وتكاليف السياسات الحكومية، رغم أن أسعار الجملة للطاقة انخفضت بنسبة 2% خلال فترة التقييم الأخيرة. كانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في حزيران/حزيران الماضي أنها ستوسع نطاق خصم المنازل الدافئة ليشمل 2.7 مليون أسرة إضافية، ما يرفع عدد المستفيدين إلى ستة ملايين أسرة تحصل كل منها على دعم قيمته 150 إسترلينياً. لكن هيئة تنظيم الطاقة البريطانية أوضحت أن تمويل هذا الخصم أضاف 1.42 إسترليني شهرياً إلى جميع الفواتير، أي إن بعض الأسر غير المستفيدة تدفع فعلياً جزءاً من تكلفة دعم الآخرين، وهو ما يثير جدلاً حول عدالة توزيع الأعباء بين مختلف شرائح المجتمع.
وعبرت جماعات حماية المستهلك عن قلقها، مؤكدة أن تكاليف الطاقة لا تزال غير قابلة للإدارة بالنسبة لملايين الأسر. ودعت الجماعات الحكومة إلى تقديم دعم إضافي للأكثر هشاشة، بدلاً من تحميل جميع المستهلكين أعباء السياسات. وفي المقابل، ردت الحكومة بأن الحل طويل الأمد يكمن في الانتقال إلى الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، إذ قال وزير الطاقة مايكل شانكس: “الإجابة الوحيدة لبريطانيا هي الخروج من دوامة أسعار الوقود الأحفوري، والاعتماد على الطاقة المحلية النظيفة التي نتحكم فيها”.
ورغم أن المحللين يتوقعون احتمال خفض السقف في كانون الثاني/كانون الثاني 2026 إذا واصلت أسعار الجملة الانخفاض، فإن الفواتير قد لا تنخفض فعلياً بسبب زيادة تكاليف السياسات طويلة الأمد. ومن بين هذه التكاليف، الرسوم المضافة لدعم مشاريع استراتيجية، مثل محطة الطاقة النووية سيزويل سي. وأوضح كريج لوري، المستشار في شركة كورنوال إنسايت، أن هذه الأعباء تمثل جزءاً من إعادة هيكلة تمويل تحول الطاقة، لكن في النهاية سيتعين على دافعي الفواتير تحمل جزء من هذه التكاليف.
يشار إلى أن أسعار الطاقة في بريطانيا تراجعت عن ذروتها في 2023، لكنها لا تزال أعلى بنسبة 50% مقارنة بصيف 2021، قبل أن تؤدي الحرب الروسية الأوكرانية إلى إشعال أزمة طاقة أوروبية غير مسبوقة. ومع استمرار برامج الانتقال الطاقي يبدو أن الفواتير ستظل مرتفعة في المدى المتوسط، وهو ما يعزز المخاوف من أزمة معيشية طويلة الأمد للأسر البريطانية.
ورجح خبراء أن تتضرر المناطق الريفية أكثر من المدن الكبرى نظراً لاعتمادها الأكبر على التدفئة المنزلية كثيفة الاستهلاك. كما أن الأسر ذات الدخل المنخفض ستواجه ضغوطاً مضاعفة، إذ تنفق نسبة أعلى من دخلها الشهري على الطاقة مقارنة بالأسر الميسورة. ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى اتساع فجوة فقر الطاقة، وهو المصطلح الذي يستخدمه الخبراء للإشارة إلى الأسر التي تضطر للاختيار بين تدفئة منازلها أو الإنفاق على احتياجات أساسية أخرى، مثل الغذاء والتعليم.