قال مسؤول عسكري باكستاني إن طائرة مروحية عسكرية باكستانية سقطت اليوم الاثنين في منطقة جيلجيت بالتستان الشمالية المتاخمة للحدود مع الصين والهند، مما أودى بحياة 4 أشخاص بينهم طياران.
وأوضح المسؤول أن الطائرة سقطت بالقرب من قرية هودور في أثناء تحليقها من جيلجيت، البلدة الرئيسية في المنطقة الجبلية، إلى مدينة شيلاس، وهي مدينة تقع على نهر السند الذي يربط الشمال ببقية باكستان، بعد أن أصيبت بخلل فني.
وأضاف أن أحد الجنود تمكن من القفز ونجا من الحادث.
ونقلت وسائل إعلام باكستانية عن مسؤول بالجيش في جيلجيت أن المروحية التابعة للجيش هي من طراز مي-17.
وأظهرت مشاهد نشرتها منصات محلية باكستانية ونشطاء تصاعد ألسنة الدخان من موقع بجيلجيت بعد تحطم المروحية، وسكانا في المنطقة وهم يحاولون بوسائل بسيطة إخماد النيران المندلعة في المروحية.
فجّرت السلطات في باكستان جسراً بجوار سدّ غمرته المياه نتيجة الأمطار الموسمية في إقليم البنجاب، اليوم الأربعاء، وذلك بعدما أغرقت السيول الناجمة عنها أحد أقدس مواقع السيخ في العالم. فقد غمرت الفيضانات معبد “كارتاربور” الذي يُقال إنّه مهد مؤسس ديانة السيخ غورو ناناك، وقد شُيّد في عام 1539.
وارتفع منسوب ثلاثة أنهر حدودية شرق باكستان إلى مستويات غير مسبوقة، على خلفية الأمطار الغزيرة في الهند المجاورة. وأدّى ذلك إلى إطلاق تحذيرات من فيضانات في كلّ أنحاء إقليم البنجاب موطن نحو نصف سكان باكستان البالغ عددهم 255 مليون نسمة. وبعدما طلبت السلطات في إقليم البنجاب المساعدة العسكرية في جهود الإنقاذ والإغاثة بعدما تسببت الأمطار الموسمية في فيضان الأنهار، وغرق القرى ونزوح عشرات الآلاف، نُشر عناصر الجيش للمساعدة في إجلاء السكان وإخراج الماشية بالقرب من أنهر تشيناب ورافي وسوتليج. ووفقاً لهيئة الكوارث في باكستان، نزح نحو 210 آلاف شخص إلى مناطق أخرى.
وعند سدّ قادر آباد على نهر تشيناب، فجّرت السلطات المعنية أحد الجسور، مع ارتفاع منسوب المياه. وفي هذا الإطار، صرّح المتحدّث باسم وكالة إدارة الكوارث في إقليم البنجاب مظهر حسين بأنّه “من أجل إنقاذ البنية، قمنا بخرق السدّ الهامشي الأيمن لتنظيم تدفّق المياه”. وقد أُرسلت خمسة قوارب إلى الموقع من أجل إنقاذ نحو 100 شخص.
وأفادت السلطات الباكستانية بأنّ الهند أطلقت المياه من سدود أعلى النهر عند جانبها من الحدود، الأمر الذي زاد من تدفّق المياه إلى باكستان. وأفادت وزارة خارجية إسلام أباد بأنّ نيودلهي أبلغت مسبقاً عبر القنوات الدبلوماسية بأنّها سوف تفتح قنوات تصريف فائض المياه. وقال رئيس إدارة الكوارث في إقليم البنجاب عرفان علي إنّه يتوقّع أن تمرّ الفيضانات “عبر لاهور الليلة وصباح غد”. لكنّ المسؤولين في الحكومة الهندية لم يعلّقوا على الأمر.
تجدر الإشارة إلى أنّ باكستان تعرّضت لأمطار موسمية قاسية هذا العام، وتسبّبت انزلاقات التربة والفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة بمقتل أكثر من 800 شخص منذ شهر حزيران/ حزيران الماضي.
33 قتيلاً في فيضانات ناجمة عن أمطار قياسية في منطقة جامو الهندية
من جهة أخرى، أودت فيضانات وانزلاقات للتربة ناجمة عن أمطار قياسية في منطقة جامو وكشمير الهندية بحياة أكثر من 30 شخصاً، بحسب ما أفاد مسؤولون اليوم الأربعاء. وأوضح مسؤول إدارة الكوارث المحلية محمد إرشاد لوكالة فرانس برس، أنّ انزلاقاً للتربة على الطريق إلى معبد “فايشنو ديفي” الهندوسي الشهير أدّى إلى سقوط 33 قتيلاً على الأقلّ. ووصف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي سقوط القتلى بأنّه أمر “محزن”.
وذكرت هيئة الأرصاد الجوية الهندية أنّ الأمطار كانت قياسية في منطقتَين. فسجّلت منطقتا جامو وأدهامبور أعلى معدّل لهطول الأمطار خلال 24 ساعة، اليوم الأربعاء، في زيادة نسبتها 84% عن المستوى الأعلى المسجّل في عام 2019. وقد عمّت الفوضى شطر كشمير الخاضع لإدارة الهند في منطقة الهيملايا نتيجة الأمطار الموسمية الغزيرة.
وتكثر الفيضانات وانزلاقات التربة في موسم الأمطار، بين حزيران/ حزيران وأيلول/ أيلول، لكنّ خبراء يشيرون إلى أنّ تغيّر المناخ المتزامن مع التطوير العمراني غير المخطّط له يزيد من تكرارها وشدّتها وتأثيرها.
ويحذّر خبراء المناخ لدى “المركز الدولي للتنمية الجبلية المتكاملة” من أنّ سلسلة الكوارث تعكس المخاطر الناجمة عن اجتماع عوامل الأمطار الغزيرة والمنحدرات الجبلية التي يضعفها ذوبان التربة الصقيعية، وأعمال البناء في وديان معرّضة لخطر الفيضانات. وبيّن المركز، في بيان أصدره في شهر آب/ آب الجاري، أنّ منطقة هندوكوش هملايا الممتدّة من أفغانستان إلى ميانمار تعاني من “تسارع ذوبان الجليد وتبدّل أنماط الطقس وازدياد وتيرة الكوارث” بما في ذلك الفيضانات.
وذكرت الإدارة المحلية، اليوم الأربعاء، أنّ الآلاف أُجبروا على الفرار من منطقة جامو. وأُغلقت المدارس في المنطقة، فيما قال رئيس وزرائها عمر عبد الله إنّ المسؤولين يعانون من “انقطاع شبه كامل للاتصالات”. كذلك ارتفع منسوب نهر جهلم في وادي كشمير متجاوزاً مستوى الخطر، فيما حذّرت السلطات من خطر وقوع فيضانات، بما في ذلك بمدينة سريناغار الرئيسية.
وكانت فيضانات جارفة، تسبّبت فيها أمطار غزيرة، قد ضربت في 14 آب الجاري قرية شيسوتي في شطر كشمير الخاضع لإدارة الهند، الأمر الذي أسفر عن مقتل 65 شخصاً على الأقلّ فيما فُقد 33 آخرون. وضربت فيضانات في الخامس من آب نفسه بلدة دارالي في الهملايا بولاية أتراكند الهندية، فدفنتها تحت الوحول. ويُرجَّح أن تكون حصيلة ضحايا هذه الكارثة قد تجاوزت 70 قتيلاً.
تسود حالة من الغضب والاستياء في الأوساط الأفغانية بسبب الغارات الجوية التي نفذتها طائرات مسيّرة باكستانية في جنوب وشرق أفغانستان. وفي حين أعلنت وزارة الخارجية الباكستانية، اليوم الخميس، أنها استدعت القائم بأعمال السفير الباكستاني عبيد الرحمن نظاماني وسلمته رسالة احتجاج شديدة اللهجة، أكد مسؤولون محليون أن أي عدوان باكستاني لن يبقى من دون رد.
وقالت الخارجية الأفغانية، في بيان، إنها استدعت القائم بالأعمال وسلمته رسالة احتجاج على ما ترتكبه باكستان من انتهاك للسيادة الأفغانية، مضيفة أن الحكومة الأفغانية لن تقبل أي نوع من المساومة بهذا الخصوص، وأن الدفاع عن سيادة الدولة أولوية. كما أكدت الخارجية أن الاعتداء على الأراضي الأفغانية خط أحمر، ولن يبقى بدون عواقب وخيمة جداً، مشيرة إلى أن كل ضحايا الغارات الباكستانية هم مدنيون، ومعتبرة ذلك عملاً استفزازياً وانتهاكاً، سيكون له عواقب وتأثيرات.
من جانبه، قال الناطق باسم الحكومة المحلية في ولاية خوست (شرق) مستغفر كربز لـ”العربي الجديد”: “خلال الليلة الماضية استهدفت غارات باكستانية منزلاً في مديرية سبيره، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أطفال وإصابة خمسة أشخاص بينهم نساء”، موضحاً أن المنزل المستهدف يعود لتاجر محلي من أبناء قبيلة زدران، ولا علاقة بأي جهة سياسية أو عسكرية.
وأوضح زعيم قبلي في المنطقة يدعى محمد نبي زدران لـ”العربي الجديد” أن المنزل المستهدف هو “لحاجي محمد نعيم، المعروف بحاجي سجل، وهو تاجر محلي، يعرفه سكان القرية، كل همه التجارة والشغل، وقد أدى إلى مقتل ثلاثة من الأطفال وإصابة ثمانية آخرين، خمسة منهم إصاباتهم بليغة”. ودعا الزعيم القبلي الحكومة الأفغانية إلى الرد بشكل قوي، مشدداً على أن قبائل المنطقة تقف جنباً إلى جنب مع القوات الأفغانية للوقوف في وجه الاعتداء الباكستاني.
بدورها، أكدت الحكومة المحلية في ولاية ننغرهار (شرق) أن غارتين جويتين استهدفتا منزلاً بمديرية شينواري، مؤكدة، في بيان، أن المنزل يعود لأحد سكان المنطقة يدعى شاهسوار وهو عامل مياوم. وأكدت مصادر قبلية لـ”العربي الجديد” في وقت سابق أن الغارتين اللتين استهدفتا ننغرهار سبّبتا مقتل شخصين وإصابة أربعة آخرين بجراح.
إلى ذلك، قال عضو البرلمان السابق، عبد الناصر أصولي، في شريط مصور على حسابه بمنصة “إكس” إن “الجيش الباكستاني بكل وقاحة يشن غارات على منازل الناس ما أدى إلى مقتل وإصابة المدنيين”. وطلب أصولي من جميع الشرائح الأفغانية أن تكون صفاً واحداً في وجه ما سماه بالعدوان الباكستاني، وطلب من الحكومة الأفغانية أيضاً أن تقوم بالرد بشكل قوي جداً، وإشراك المسلحين المعارضين للجيش الباكستاني في ذلك.
وقال الإعلامي الأفغاني، ميرويس أفغان، في تسجيل على صفحته على “فيسبوك” إن “جميع الأفغان متحدون حيال هذا العدوان السافر، وإن حكومة طالبان ستقوم بالرد، لا محالة، ويكون ذلك على طريقتها الخاصة”.
وفيما لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة أو الجيش الباكستاني على الغارات، ذكرت منابر إعلامية وبعض الإعلاميين الباكستانيين أن إسلام أباد “لم يكن أمامها من خيار سوى القضاء على مواقع المسلحين”، متحدثة عن أن الغارات الجوية الباكستانية استهدفت مواقع لمسلحي طالبان الباكستانية. وكان دوي انفجارات عديدة قد سمع خلال الليلة الماضية في كل من ولاية ننغرهار وكنر في شرق أفغانستان وخوست جنوبي البلاد. وأكدت مصادر قبلية حينها لـ”العربي الجديد” أن الانفجارات نجمت عن غارات جوية نفذتها طائرات مسيّرة باكستانية.
وليست هذه أول مرة تقوم بها القوات الباكستانية بتنفيذ غارات جوية داخل أفغانستان بذريعة استهداف مواقع مسلحي طالبان الباكستانية، بل سبق أن فعلت ذلك ثلاث مرات آخرها في كانون الأول/كانون الأول من العام الماضي، وأدت تلك الغارات إلى مقتل وإصابة العشرات، وكانت حكومة طالبان قد أعلنت أن الضحايا مدنيون، ولكن باكستان ذكرت أنها استهدفت مسلحي طالبان الباكستانية.
ينعكس الوضع الأمني المتردي الناتج عن أعمال العنف في باكستان على جوانب الحياة كافة، وأعلنت الحكومة قطع شبكة الإنترنت في إقليم بلوشستان (جنوب غرب)، حتى آخر آب/ آب الجاري، وقد يستمر القطع مدة أطول، الأمر الذي يؤثر على تفاصيل الحياة اليومية للسكان ويرخي بثقله على عملية التعليم، علاوة على الآثار النفسية التي يقاسيها الآباء والأمهات، حيث ينقطع تواصلهم مع أبنائهم عندما يكونون في المدارس أو الجامعات.
وبرّرت الحكومة الباكستانية خطوتها بالقول إن المسلحين يستخدمون الإنترنت من أجل التنسيق في ما بينهم والتخطيط للعمليات المسلحة وتنفيذها، مؤكدة أن الخطوة مؤقتة ولن تستمر أكثر من اللازم. لكن نظراً للواقع الأمني المتدهور، لا يتوقع المراقبون وسكان الإقليم عودة شبكة الإنترنت في القريب العاجل.
وتستند الحكومة في قرار تعطيل شبكة الإنترنت إلى المادة رقم 54 من قانون الاتصالات الباكستاني لعام 1996 التي تمنح الحكومة والسلطات المعنية صلاحية تعليق عمل الإنترنت والهواتف الذكية في حالات الطوارئ، وكلما رأت السلطات ضرورة لذلك. غير أن القانون المذكور لا يحدد فترة التعطيل، إنما يترك ذلك لرأي الحكومة ووفقاً لما تراه مناسباً، ما يثير خشية سكان بلوشستان، ولا سيما الأساتذة والطلاب، من إطالة أمد هذا القرار.
ليست هذه المرة الأولى التي تعطل فيها الحكومة الباكستانية شبكة الإنترنت، بل فعلت ذلك مراراً، لكنها كانت تكتفي عادةً بيوم أو يومين، وعلى الأكثر ثلاثة أيام، أما هذه المرة فتمتد لأسابيع، من دون معرفة إمكانية عودة الشبكة في الفترة القريبة. وفي السياق، نظم عدد من سكان الإقليم وبعض السياسيين وعلماء الدين احتجاجات شارك فيها صحافيون وناشطون، لكنها لم تؤدِّ إلى النتيجة المرجوة.
ويقول الناشط الاجتماعي لعل كل كاكر، لـ”العربي الجديد”: “ندرك جميعاً أن القرار لم يأتِ من الحكومة، بل من الجيش الباكستاني وفيلق بلوشستان، والحكومة المحلية ليست إلا واجهة تعلن ما تقرّره المؤسسة العسكرية. ومن المعروف أن الجيش الباكستاني إذا اتخذ قراراً فلا يمكن تغييره، كون رأي المواطن لا يعنيه، ولا يمكن أصلاً الحديث مع الجيش. لكننا شاركنا في الاحتجاجات، وسنشارك فيها مستقبلاً، كي نرفع الصوت تجاه معاناتنا”.
تتذرع الحكومة بالوضع الأمني في إقليم بلوشستان، 21 أيار 2025 (آصف حسن/فرانس برس)
ويوضح الناشط أن قادة الجيش وصنّاع القرار في المؤسسة العسكرية “لا يدركون معاناة سكان بلوشستان الذين يعيشون بأشد حالة من الفقر والبطالة المستشرية، إضافة إلى أعمال العنف التي تحصد أرواحهم”. ويتابع: “كما أن طلاب الإقليم يقاسون كل أنواع المعاناة التي فاقمتها اليوم مسألة قطع الإنترنت. فالعثور على كتاب في الإقليم أمر صعب جداً، ما دفع العديد من الطلاب إلى الاستعانة بالإنترنت من أجل الحصول على مراجع ومعلومات وتعزيز معارفهم ومتابعة الدراسة، لكن بعد تعطيل الشبكة لم يعد بإمكانهم مواصلة التعلّم أو البحث والتحقق من المعلومات أو إعداد البحوث العلمية أو حتى الدراسة عن بُعد. ويواجه الأساتذة أيضاً مشاكل ليس فقط في التواصل مع الطلاب والإدارات المعنية، بل أيضاً في البحث عمّا يحتاجون إليه”.
وتقول الطالبة الجامعية بروين مظفر، وهي من سكان مديرية مستونك في إقليم بلوشستان، لـ”العربي الجديد”: “60% من عملية تعليمنا توقفت بشكل كامل، لا يمكننا البحث عمّا يطلبه الأساتذة والمعلمون، ولا يمكننا الاستعداد للامتحانات المقبلة. علاوة على ذلك، تبرز إشكالية التواصل مع الأهل، أحياناً نتواصل معهم عبر الاتصال الهاتفي، لكن كلفته عالية من جهة، وشبكات إرسال الهواتف ضعيفة من جهة أخرى، وأحياناً تكون معدومة”.
وترى أنه “كان من الأنسب أن تعلن الحكومة توقف عملية التعليم بشكل كامل، خصوصاً أن الأساتذة يضغطون علينا ويصرّون على إنجاز البحوث العلمية والواجبات الدراسية الفصلية. لكنهم في النهاية يعرفون أننا نواجه جميعاً مشاكل عديدة تعرقل إنجاز أي بحث علمي أو عمل فصلي أو حتى التحضير للامتحانات والتعليم عن بُعد. لقد توقفت العملية التعليمية برمّتها. فقط نقصد الصفوف لنتلقى الدروس المتاحة لدى الأساتذة”.
وتؤكد الطالبة مظفر أن المدارس تعاني بدورها من المشاكل جراء قطع الإنترنت، لكن تلامذة المدارس لا يحتاجون للأبحاث المعمقة مثل طلاب الجامعات. لذلك، فإن تعطل شبكة الإنترنت يمثل مصيبة كبرى بالنسبة إلى عموم طلاب الجامعات والأساتذة من دون استثناء، لكن صنّاع القرار، بنظرها، لا يدركون حجم المعاناة، حيث إنّ أولوياتهم تختلف كثيراً عن أولويات الطلاب وسكان الإقليم.
أعلنت حكومتا إقليم البنجاب (شمال شرقي باكستان)، وإقليم خيبر بختونخوا (شمال غربي البلاد)، حالة الطوارئ في بعض المناطق الباكستانية المعرّضة لخطر الفيضانات، وأمرت السكان بإخلائها، خصوصاً المناطق التي تقع على ضفاف الأنهار في الإقليمين، حيث توقعت مصلحة الأرصاد الجوية هطول المزيد من الأمطار. ويأتي إعلان حكومة إقليم البنجاب تحسّباً لأي كارثة إنسانية، مع توقع دخول المزيد من المياه من الأراضي الهندية إلى الأراضي الباكستانية، وبدء سلسلة جديدة من الأمطار في بعض المناطق.
من جانبها، أعلنت الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث في باكستان أنّ عملية إجلاء السكان من المناطق المعرّضة لخطر الفيضانات في إقليم البنجاب مستمرة، وقد تمّ لغاية تاريخه إجلاء أكثر من 210 آلاف شخص من مختلف المناطق في الإقليم. كما أكدت الهيئة أنها تواصل التنسيق مع الإدارات المعنية وقوات الجيش لمواصلة عمليات الإجلاء، وتسعى لتحويل المياه من المناطق السكنية إلى المناطق غير السكنية من أجل تقليل الخسائر المادية والحفاظ على البنية التحتية.
ورغم تأكيد رئيس الهيئة إنعام حيدر ملك أنه لا أنباء عن وقوع خسائر بشرية، غير أن وسائل الإعلام المحلية أكدت وقوع بعض الخسائر في الأرواح، وأن الخسائر المادية قد تصل إلى ملايين الدولارات، لأن مدناً بأكملها غرقت بمياه الفيضانات، ولا يزال تدفق المياه من الجانب الهندي متواصلاً إثر هطول الأمطار الغزيرة هناك.
وفي هذه الأثناء، قال الناطق باسم الجيش الباكستاني الجنرال أحمد شريف إنّ قوات الجيش الباكستاني تساهم بأعداد كبيرة في إخلاء السكان من المناطق المعرّضة للخطر أو المتضرّرة إلى المناطق الآمنة وتوفير احتياجاتهم، كما المشاركة في شتى العمليات لتدارك تداعيات الأمطار والفيضانات، خصوصاً مع تدفق ثلاثة أنهار أساسية في إقليم البنجاب، حيث وصل منسوب المياه إلى حد خطير. وأعلن شريف خلال مؤتمر صحافي أن إقليمَي خيبر بختونخوا وجلجت بلتستان سبق أن تعرّضا للفيضانات، واليوم يتعرّض إقليم البنجاب لكارثة طبيعية، ما يستدعي تكثيف الأعمال والجهود في هذا الإقليم، وهناك تنسيق كامل بين الحكومة والمؤسسة العسكرية.
بدوره، كشف عمدة مدينة لاهور (عاصمة إقليم البنجاب)، محمد آصف بلال، في حديث مع الصحافيين، أنّ منسوب المياه ارتفع بشكل كبير في نهر رافي القريب من المدينة، ما أجبر الحكومة المحلية، خلال ساعات ليل أمس الأربعاء، على إجلاء 500 عائلة تعيش قرب النهر، ولا تزال عملية الإخلاء متواصلة. وأضاف: “كل الإدارات المحلية وُضعت في حالة الطوارئ القصوى منذ مساء أمس، نظراً لخطر دخول المياه إلى المدن، وتحديداً مدينة لاهور. وقد توافد المسؤولون منذ يوم أمس إلى المناطق المعرّضة للخطر للإشراف على عمليات الإخلاء ووضع خطط من شأنها تقليل الخسائر”.
وأعلنت الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث في البلاد، أمس الأربعاء، أن 804 أشخاص لقوا حتفهم جراء الفيضانات في مختلف المناطق منذ بداية آب/ آب الجاري وحتى 27 منه، موضحة أن “الخسائر المادية كبيرة جدّاً، لكن الأولوية في الوقت الراهن تكمن بالحفاظ على حياة الناس وإغاثة المتضرّرين وإسعافهم”.
وكانت السلطات في باكستان قد فجّرت أمس جسراً بجوار سدّ غمرته المياه نتيجة الأمطار الموسمية في إقليم البنجاب، وذلك بعدما أغرقت السيول الناجمة عنها أحد أقدس مواقع السيخ في العالم. فقد غمرت الفيضانات معبد “كارتاربور” الذي يُقال إنّه مهد مؤسس ديانة السيخ غورو ناناك، وقد شُيّد في عام 1539. وارتفع منسوب ثلاثة أنهر حدودية في شرق باكستان إلى مستويات غير مسبوقة على خلفية الأمطار الغزيرة في الهند المجاورة. وأدّى ذلك إلى إطلاق تحذيرات من فيضانات في كلّ أنحاء إقليم البنجاب، موطن نحو نصف سكان باكستان البالغ عددهم 255 مليون نسمة. وكانت السلطات في إقليم البنجاب قد طلبت المساعدة العسكرية في جهود الإنقاذ والإغاثة بعدما تسببت الأمطار الموسمية في فيضان الأنهار وغرق القرى ونزوح عشرات الآلاف، حيث نُشر عناصر الجيش للمساعدة في إجلاء السكان وإخراج الماشية بالقرب من أنهر تشيناب ورافي وسوتليج.
وعند سدّ قادر آباد على نهر تشيناب، فجّرت السلطات المعنية أحد الجسور مع ارتفاع منسوب المياه. وفي هذا الإطار، صرّح المتحدّث باسم وكالة إدارة الكوارث في إقليم البنجاب مظهر حسين بأنّه “من أجل إنقاذ البنية، قمنا بخرق السدّ الهامشي الأيمن لتنظيم تدفّق المياه”. وقد أُرسلت خمسة قوارب إلى الموقع من أجل إنقاذ نحو 100 شخص. وكانت السلطات الباكستانية قد أفادت بأنّ الهند أطلقت المياه من سدود أعلى النهر عند جانبها من الحدود، الأمر الذي زاد تدفّق المياه إلى باكستان.