
إيران تقدم عرضًا جديدًا.. هل تبقي الترويكا الأوروبية يدها على “الزناد”؟
حجرٌ آخر تلقيه طهران في بحيرة ملفها النووي الساكنة أو الراكدة، إذ تقول إنها مستعدة لخفض تخصيب اليورانيوم في حال التوصل إلى اتفاق.
وتُثار تساؤلات عما إذا كانت هذه مناورة من طهران في اللحظات الأخيرة، بعد أن هددت الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) بتفعيل آلية الزناد وإعادة العقوبات الأممية على إيران.
عرض إيراني جديد
فبعد ساعات قليلة من إعلان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال كلمته في اجتماع “شانغهاي بلس” بالصين، أن بلاده لا تزال مستعدة لتسوية سلمية، خرج المتحدث باسم وزارة خارجيته إسماعيل بقائي ليقدم رقم التنازل المقترح من إيران، لخفض مستوى تخصيب اليورانيوم.
وأعلن بقائي أن مستوى التخصيب المقترح من جهة بلاده هو 3.67%، كما كان منصوصًا عليه بالاتفاق النووي في 2015، وذلك طبعًا في حال التوصل إلى اتفاق نووي جديد.
إذًا، فعنوان العرض الإيراني الجديد هو “لا تخصيب عالي مقابل عدم عودة العقوبات”، وهو حل مرتبط بتعقيدات مستويات ثلاث.
يرتبط المستوى الأول بواشنطن، فالتصريحات الأميركية المتمسكة بالخيط الدبلوماسي تخلو من الجدية وحسن النية، بحسب إسماعيل بقائي.
وترفض الخارجية الإيرانية الانخراط في حوار مباشر مع الولايات المتحدة، إذا ما بقيت يد الترويكا الأوربية ممسكة بالزناد.
تصعيد الترويكا الأوروبية ضد إيران
بينما يرتبط المستوى الثاني من التعقيد بالترويكا الأوروبية، التي جنحت إلى التصعيد بإرسال طلب رسمي إلى مجلس الأمن من أجل بدء تفعيل آلية “سناب باك” أو آلية الزناد لإعادة فرض عقوبات على طهران، بعد انتهاء المهلة الممنوحة لإيران.
واعتبرت الخارجية الإيرانية أن القرار اتُخذ بناء على رغبة الولايات المتحدة وإسرائيل، بينما أشار رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف إلى أن بلاده تملك أوراقًا قويةً للرد.
ومن بين أوراق الرد التي لوحت بها طهران، مشروع قانون في البرلمان ينص على انسحاب إيران من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وقطع التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
أما المستوى الثالث من التعقيد فيتعلق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية التي لم يعد مرحبًا بها في إيران. فإلى اليوم لم يتخذ أي قرار بشأن استكمال جولتَي المفاوضات التي جرت على مستوى نائب المدير العام للوكالة، ولم تسفر عن نتيجة نهائية واضحة.
وحتى مجلس الشورى الإيراني بحث إعادة النظر في بروتوكول التعامل مع الوكالة بعد الهجوم الأخير على المنشآت النووية الإيرانية.
هكذا إذن، يقف الملف النووي الإيراني عند مفترق طرق حاسم، فإما أن تختار طهران نهج المواجهة والإجراءات المضادة، وما يترتب عليها من كلفة باهظة، أو أن تتبنى قدرًا من المرونة والتعاون المحسوب؛ بما يتيح لها فرصة جديدة للدبلوماسية.
وقع آلية الزناد
وفي هذا الصدد، يقول الباحث في شؤون الشرق الأوسط لويسيانو زاكارا إن العرض الإيراني الجديد ليس هو ما يتطلع إليه الاتحاد الأوروبي.
ويتساءل زاكارا في إطلالته على شاشة التلفزيون العربي من لوسيل، عما إذا كان بإمكان إيران أن توفر شيئًا آخر للأوروبيين، مع الأخذ بالاعتبار انعدام الثقة من وجهة نظر إيران تجاه الاتحاد الأوروبي.
ويوضح أن إيران لا يمكنها أن تقدم شيئًا أفضل بطبيعة الحال بعدما تعرضت لقصف أميركي، بينما الاتحاد الأوروبي لا يمكنه أن يقدم أي شيء لإيران تعارضه الولايات المتحدة.
ويلفت زاكارا إلى أن الدول الأوروبية لديها مساحة تمكنها من أن تفرض عقوبات إضافية، لكن إيران خضعت للعقوبات منذ انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل المشتركة في 2018، كما أن ترمب يتبع فرض سياسة العقوبات القصوى، وبالتالي ليس لدى الاتحاد الأوروبي ما يقوم به إضافة على ذلك.
ويختم بالقول إن وقع آلية تفعيل الزناد لن يكون وقعًا ملحوظًا كما تتوقع الترويكا الأوروبية.