تقارير: الولايات المتحدة تعلق معظم التأشيرات لحاملي جوازات السفر الفلسطينية

تقارير: الولايات المتحدة تعلق معظم التأشيرات لحاملي جوازات السفر الفلسطينية

ذكرت تقارير إعلامية أن الولايات المتحدة فرضت قيوداً إضافية على منح تأشيرات الزيارة للفلسطينيين، ورفضت منح التأشيرات لمعظم المتقدمين من حاملي جوازات السفر الفلسطينية.

جاء هذا التطور بعد أيام من رفض الولايات المتحدة منح 80 مسؤولاً فلسطينياً تأشيرات قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

كما أوقفت، في وقت سابق من آب/آب الماضي، تأشيرات الزيارة للأشخاص الراغبين في السفر من قطاع غزة.

وسيؤثر هذا القرار الجديد، الذي تم إقراره مؤخراً، على قطاع أكبر من الفلسطينيين، ومنهم سكان الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.

لكن وزارة الخارجية الأمريكية لم تؤكد هذا الإجراء بشكل صريح، لكنها قالت إنها “تتخذ خطوات ملموسة امتثالاً للقانون الأمريكي وأمننا القومي”.

  • الخارجية الأمريكية تلغي 6000 تأشيرة دراسة دولية
  • لماذا منع ترامب مواطني 12 دولة من السفر إلى الولايات المتحدة؟
  • برنامج أمريكي يضطر إسرائيل إلى السماح لمواطنين من غزة بالسفر عبر موانئها الدولية

وقد كُشف عن القرار من خلال برقية دبلوماسية بتاريخ 18 آب/آب، تحدثت عنها صحيفة نيويورك تايمز وشبكة سي إن إن الأمريكيتين.

وجاء في البرقية أنه طُلب من موظفي القنصلية الأمريكية رفض منح تأشيرات غير الهجرة “لجميع حاملي جوازات سفر السلطة الفلسطينية المؤهلين للحصول عليها”.

ينطبق هذا على الفلسطينيين الراغبين في القدوم إلى الولايات المتحدة لأسباب مختلفة، منها العمل أو الدراسة أو العلاج الطبي.

وأضافت صحيفة نيويورك تايمز في تقريرها أن هذه الخطوة تعني إلزام المسؤولين بإجراء مراجعة إضافية لكل متقدم، وهو ما يرقى إلى حظر شامل على إصدار التأشيرات للفلسطينيين.

لكن بالنسبة للفلسطينيين حاملي جوازات أخرى غير فلسطينية، فلن يتأثروا ويمكنهم التقدم لطلب التأشيرة، بحسب تقارير.

ومن غير المعروف الأسباب وراء اتخاذ هذه الخطوة، لكن جاءت في ظل استمرار إدارة ترامب في دعمها للحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حماس في غزة.

وتأتي هذه الأخبار أيضاً في أعقاب إعلان عدد من حلفاء الولايات المتحدة الآخرين، الشهر الماضي، نيتهم الاعتراف بدولة فلسطينية بشروط معينة، بينهم فرنسا وبريطانيا وكندا.

وصرح نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، بأن واشنطن “لا تعتزم” أن تحذو حذوهم.

كما شنت إدارة ترامب حملة قمع ضد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية.

وتمثل هذه الخطوة تشديداً إضافياً في موقف الرئيس ترامب بشأن التأشيرات، بعد إجراءين سابقين.

كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من بين عشرات المسؤولين الفلسطينيين الذين مُنعوا مؤخراً من حضور جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك المقررة في وقت لاحق من هذا الشهر، بعد أن ألغى مسؤولون أمريكيون تأشيرته واتهموا السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، اللتين يرأسهما عباس، بتقويض جهود السلام.

وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في 16 آب/آب، أنها أوقفت الموافقات على تأشيرات الزيارة للفلسطينيين القادمين من غزة تحديداً، حتى إجراء مراجعة.

حماس، المصنفة جماعة إرهابية من جانب الولايات المتحدة، هاجم مئات من مسلحيها إسرائيل في 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023، مما أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة.

وشنت إسرائيل حربا واسعة على غزة منذ هجوم حماس، ما أدى لمقتل أكثر من 63.459 فلسطينياً، بحسب وزارة الصحة في القطاع.

وعند سؤاله عن الخطوة الأخيرة، قال متحدث باسم وزارة الخارجية في بيان: “إن إدارة ترامب تتخذ خطوات ملموسة امتثالاً للقانون الأمريكي ولمتطلبات أمننا القومي فيما يتعلق بالقيود والإلغاءات المعلنة للتأشيرات الخاصة بحاملي جوازات سفر السلطة الفلسطينية. ونحيلكم إلى تلك الإعلانات العامة لمزيد من المعلومات حول هذه القيود والإلغاءات”.

ويضيف “كل قرار متعلق بالتأشيرة هو قرار يتعلق بالأمن القومي، ووزارة الخارجية تقوم بفحص والبتّ في قرارات التأشيرات الخاصة بحاملي جوازات سفر السلطة الفلسطينية على هذا الأساس”.

“الأمن القومي”

وسعت الولايات المتحدة سياسة حظر التأشيرات الأمريكية فعلياً لتشمل سكان الضفة الغربية والفلسطينيين في الشتات على نطاق أوسع.

ورداً على سؤال حول الخطوة الأخيرة، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيان: “تتخذ إدارة ترامب خطوات ملموسة امتثالاً للقانون الأمريكي وأمننا القومي، فيما يتعلق بالقيود المعلنة على تأشيرات حاملي جوازات سفر السلطة الفلسطينية وإلغاء هذه التأشيرات”.

وأضاف: “نطالبكم بمتابعة تلك الإعلانات العامة لمزيد من المعلومات حول هذه القيود والإلغاءات”.

“كل قرار يتعلق بالتأشيرة هو قرار يتعلق بالأمن القومي، ووزارة الخارجية تدقق في قرارات منح التأشيرات لحاملي جوازات سفر السلطة الفلسطينية وتفصل فيها وفقاً لذلك.”

كيف تتعرض التجارة القانونية للأعضاء البشرية في الولايات المتحدة للاستغلال؟

كيف تتعرض التجارة القانونية للأعضاء البشرية في الولايات المتحدة للاستغلال؟

كان هارولد ديلارد يبلغ من العمر 56 عاماً، عندما تم تشخيص إصابته بسرطان خبيث في منطقة البطن، في تشرين الثاني/ تشرين الثاني من عام 2009. وفي غضون أسابيع، أصبح هذا الميكانيكي السابق والعامل الماهر – وهو من النوع الذي يطلق عليه في تكساس لقب “السيد المُصلِّح” والذي كان يرتدي قبعة رعاة البقر والجينز كل يوم تقريباً – في مركز رعاية في مرحلة الاحتضار.

خلال أيامه الأخيرة، زارت شركة تدعى”بيو كير” Bio Care، ديلارد في مركز الرعاية.

سألوه عما إذا كان يرغب في التبرع بجسده للعلوم الطبية، حيث يمكن للأطباء استخدامه للتدرب على جراحة استبدال الركبة. كانت الشركة ستحرق أجزاء جسده التي لن يتم استخدامها، وتعيد رماده (إلى موطنه) مجاناً.

تتذكر ابنته فرح فاسولد: “برقت عيناه… كان يرى أن ذلك يخفف العبء على عائلته. كان التبرع بجسده آخر شيء يمكنه القيام به بإيثار للغير”.

  • التبرع بالجثث والأعضاء البشرية للبحث العلمي: هدف نبيل وانتهاكات كثيرة
  • تجارة الأعضاء: كيف خدعت عصابة عائلات الضحايا في الصين؟

توفي ديلارد عشية عيد الميلاد، وفي غضون ساعات، توقفت سيارة تابعة لشركة “بيو كير” خارج مركز الرعاية ونقلت جثته. بعد بضعة أشهر، تلقت ابنته مكالمة من الشرطة. كانوا قد عثروا على رأس والدها.

صورة هارولد ديلارد (يسار) مع ابنته
تعرضت جثة هارولد ديلارد “للتشويه”، كما تقول ابنته فرح فاسولد

في مستودع الشركة، تقول الشرطة إنها عثرت على أكثر من 100 جزء من جثث 45 شخصاً. كتب محقق في ذلك الوقت: “يبدو أن جميع الجثث قد تم تقطيعها بواسطة أداة قطع خشنة، مثل منشار كهربائي”.

تقول فاسولد إنها كانت تتخيل أن جثة والدها ستُعامل باحترام، لكنها تعتقد أنه تم “تشويهها” بدلاً من ذلك.

“كنت أغمض عيني في الليل، وأرى أحواضاً حمراء ضخمة مليئة بأجزاء من الجثث. كنت أعاني من الأرق. لم أكن أنام”.

وقالت الشركة في ذلك الوقت من خلال محامٍ إنها تنفي إساءة معاملة الجثث. لم تعد الشركة موجودة الآن، ولم يُتمكن من الوصول إلى مالكيها السابقين للتعليق.

كانت هذه أول مرة تتعرف فيها فاسولد على عالم ما يسمى بـ “سماسرة الجثث”: شركات خاصة تحصل على الجثث وتقطعها ثم تبيع الأطراف لتحقيق ربح، غالباً إلى مراكز الأبحاث الطبية.

بالنسبة للمنتقدين، تمثل هذه الصناعة شكلاً حديثاً من أشكال نهب القبور. ويجادل آخرون بأن التبرع بالجثث ضروري للبحوث الطبية، وأن الشركات الخاصة تملأ ببساطة فجوة تركتها الجامعات، التي تفشل باستمرار في الحصول على ما يكفي من الجثث لدعم برامجها التعليمية والبحثية.

على الرغم من أن فاسولد لم تدرك هذا في ذلك الوقت، إلا أن قضية والدها تلقي الضوء على نقاش عاطفي يلامس جوهر أفكارنا عن الحياة، وما يعنيه أن يحظى الإنسان بـ “موت كريم”.

  • تجارة الأعضاء: كيف تمكن نيجيري من الفرار من مهربي بشر حاولوا سرقة كليته في بريطانيا؟

تجارة الجثث

منذ القرن التاسع عشر على الأقل، عندما انتشر تدريس الطب، أعجب بعض الأشخاص ذوي العقلية العلمية بفكرة استخدام جثثهم لتدريب الأطباء.

براندي شميت هي مديرة برنامج التبرع بالأعضاء في جامعة كاليفورنيا، وهو وجهة شهيرة للأشخاص الذين يرغبون في التبرع بجثثهم. تقول إنهم تلقوا العام الماضي 1,600 “تبرع كامل بالجسد”، ولديهم قائمة تضم ما يقرب من 50 ألف شخص على قيد الحياة، سجلوا بالفعل نيتهم للتبرع.

غالباً ما يكون التبرع بالجثث مدفوعاً بالإيثار البسيط، كما تقول: “كثير من الناس إما متعلمون أو مهتمون بالتعليم”.

لكن العوامل المالية تلعب دوراً أيضاً. تقول شميت إن الجنازات باهظة التكلفة، ويغري الكثيرين احتمال أن يتم نقل جثثهم مجاناً.

متجر الجثث

تسلط المحادثات مع سماسرة الجثث والعلماء والأسر المتضررة الضوء على هذه الصناعة الغامضة.

مثل معظم كليات الطب، لا تحقق جامعة كاليفورنيا أرباحاً من برنامج التبرع بالأجساد، ولديها قواعد صارمة حول كيفية التعامل مع تلك الجثث.

ولكن في العقود الأخيرة، ظهر شيء أكثر إثارة للجدل في الولايات المتحدة: شبكة من الشركات الربحية التي تعمل كوسطاء، حيث تحصل على الجثث من الأفراد، وتشرحها، ثم تبيعها. يطلق عليهم على نطاق واسع اسم سماسرة الجثث، على الرغم من أن الشركات تسمي نفسها “بنوك الأنسجة غير المخصصة للزراعة”.

بعض العملاء من جامعات تستخدم الجثث لتدريب الأطباء، وشركات هندسة طبية، تستخدم الأطراف لاختبار منتجات مثل مكونات مفصلية صناعية تستخدم لاستبدال الأجزاء التالفة من مفصل الورك.

يذكر أن تجارة الأعضاء البشرية الربحية محظورة فعلياً في المملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى، لكن التنظيم الأقل صرامة في الولايات المتحدة سمح لهذه التجارة بالازدهار.

أكبر تحقيق من نوعه – أجراه الصحفي براين غرو من وكالة رويترز للأنباء في عام 2017 – حدد 25 شركة سمسرة أعضاء ربحية في الولايات المتحدة. حققت إحدى هذه الشركات 12.5 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات، من تجارة أعضاء الجسم البشري.

تحظى بعض هذه الشركات باحترام واسع النطاق، وتدعي أنها تتبع مبادئ أخلاقية صارمة. بينما اتُهمت شركات أخرى بعدم احترام الموتى، واستغلال الأشخاص الضعفاء المكلومين.

تجارة عالمية

تقول جيني كليمان، التي أمضت سنوات في البحث في هذا الموضوع لتؤلف كتابها “ثمن الحياة”، إن هذه التجارة نمت بسبب ثغرة في اللوائح الأمريكية.

في حين أن قانون الأنسجة البشرية البريطاني يحظر -باستثناءات محدودة- تحقيق الربح من أي جزء بشري، لا يوجد قانون مماثل في الولايات المتحدة.

من الناحية النظرية، يحظر قانون التبرع التشريحي الموحد في الولايات المتحدة بيع الأنسجة البشرية – لكن القانون نفسه يسمح بفرض “مبلغ معقول” مقابل “معالجة” جزء من الجسم البشري.

وقد جعلت هذه الثغرات من الولايات المتحدة مُصدِّراً عالمياً للجثث. ووجدت كليمان في كتابها أن إحدى أكبر الشركات الأمريكية شحنت أعضاء بشرية إلى أكثر من 50 دولة، بينها بريطانيا.

وتقول السيدة كليمان: “في العديد من البلدان هناك نقص في التبرعات. والمكان الذي يمكنهم الحصول منه على الجثث هو أمريكا”.

لا يوجد سجل رسمي للوسطاء، ومن الصعب العثور على إحصاءات دقيقة. لكن وكالة رويترز للأنباء قدَّرت أن الوسطاء في الولايات المتحدة تلقوا ما لا يقل عن 50 ألف جثة، ووزعوا أكثر من 182 ألف جزء من الجسم بين عامي 2011 و2015.

  • تجارة الأعضاء: كيف خدعت عصابة عائلات الضحايا في الصين؟

“جثث الولاية”

بالنسبة للبعض، يمثل سماسرة الجثث من القطاع الخاص أسوأ أنواع الجشع المرتبط بالموت.

في تحقيقه لرويترز، وجد براين غرو حالات أصبح فيها السماسرة “متشابكين مع صناعة الجنازات الأمريكية”، من خلال ترتيبات تقوم فيها دور الجنازات بتقديم السماسرة إلى أقارب المتوفى حديثاً. في المقابل، تتلقى الدار رسوم إحالة “عمولة”، تتجاوز أحياناً ألف دولار.

من السهل العثور على قصص مرعبة، وبسبب اللوائح التنظيمية غير المُحكمة في الولايات المتحدة، غالباً ما لا يكون هناك أي سبيل قانوني لإنصاف المظلومين عندما تسوء الأمور.

بعد مشكلتها مع شركة “بيو كير”، كانت فاسولد تأمل في إقامة دعوى جنائية. بالإضافة إلى حقيقة أن أطراف والدها ربما تم قطعها بمنشار كهربائي، كانت متشككة في الطرد الذي تلقته عبر البريد، في كيس بلاستيكي، ادعت الشركة أنه رماد والدها. تقول إن محتويات الطرد لم تبدو أنها رماد بشري، كما أنها لم تشعر بذلك.

هارولد ديلارد
تقول ابنته إن هارولد ديلارد كان “راعي بقر” تكساسي كلاسيكي

تم توجيه تهمة الاحتيال في البداية إلى مالك شركة “بيوكير”، ولكن تم سحب التهمة لاحقاً لأن النيابة العامة لم تستطع إثبات وجود نية للخداع.

شعرت فاسولد باليأس المتزايد، فاتصلت بالمدعي العام المحلي. ولكن قيل لها إن الشركة لم تنتهك أي قانون جنائي في الولاية.

ومما يثير الجدل بنفس القدر التبرعات بـ”جثث الولاية”، عندما يموت شخص مشرد في الشارع، أو يموت شخص في المستشفى دون أن يكون له أقارب معروفون، يتم التبرع بجثته للعلم.

من الناحية النظرية، يحاول مسؤولو المقاطعة أولاً العثور على الأقارب، ولا يتم التبرع بالجثة إلا إذا تعذر عليهم العثور على أي شخص.

لكن بي بي سي علمت أن هذا قد لا يحدث دائماً.

في العام الماضي، كان تيم ليغيت يتصفح تطبيقاً إخبارياً في منزله في تكساس، عندما عثر على قائمة بأسماء أشخاص محليين تم استخدام جثثهم بهذه الطريقة.

صُدم عندما رأى اسم شقيقه الأكبر، ديل، الذي كان يعمل سائق رافعة (شاحنة لرفع الأحمال) وتوفي قبل عام بسبب فشل تنفسي.

استخدمت شركة تعليم طبي ربحية جثة شقيقه، لتدريب أطباء التخدير. كانت هذه الجثة واحدة من أكثر من 2,000 جثة، لم يطالب بها أحد، تم تسليمها إلى مركز العلوم الصحية بجامعة شمال تكساس بين عامي 2019 و2024، بموجب اتفاقيات مع مقاطعتي دالاس وتارانت.

  • التبرع بالجثث والأعضاء البشرية للبحث العلمي: هدف نبيل وانتهاكات كثيرة

يقول ليغيت: “كنت غاضباً. لم يكن أخي يرغب في أن يكون موضوعاً للنقاش، أو أن يشار إليه بهذا الشكل”.

يتذكر ليغيت أن شقيقه كان رجلاً هادئاً “يريد فقط أن يُترك وشأنه”، وكان كرهه للتكنولوجيا يجعل من الصعب البقاء على اتصال به. ومع ذلك، يقول ليغيت إن شقيقه كان إنساناً، مثل أي شخص آخر، يستحق أن يُعامل بكرامة في موته.

يتذكر: “كان يحب كتب مارفل الكوميدية، وكان لديه قطة سماها كات”.

في بيان إلى بي بي سي، قدم مركز العلوم الصحية بجامعة شمال تكساس “أعمق اعتذاراته” للعائلات المتضررة، وقال إنه “يعيد تركيز” برنامجه على التعليم و”تحسين جودة الصحة للعائلات والأجيال القادمة”.

وأكد المركز أنه منذ ظهور القصة لأول مرة العام الماضي، قام بفصل الموظفين الذين أشرفوا على البرنامج.

هل تم تشويه صورتهم بشكل غير عادل؟

لكن إذا نحينا قصص الرعب مثل هذه جانباً، يشير آخرون إلى أن التبرع بالجثث يلعب دوراً حاسماً في الاكتشافات العلمية.

تقول براندي شميت من جامعة كاليفورنيا إن الجثث تُستخدم، في أبسط المستويات، لتعليم الأطباء أو لتدريب الجراحين على إجراء العمليات المعقدة.

غالباً ما تكون هذه هي المرة الأولى التي يعمل فيها طالب الطب مع لحم ودم حقيقيين، وهي تجربة لا يمكن محاكاتها من خلال الكتب الدراسية.

وتقول: “هؤلاء الطلاب سيمضون قدماً لمساعدة الناس”.

ثم هناك الجثث المستخدمة للمساعدة في هندسة علاجات جديدة. تشير شميت إلى عدد من التقنيات التي لم يتم تطويرها، كما تقول، إلا بعد اختبارها على الجثث. وتشمل هذه التقنيات استبدال الركبة والورك، والجراحة الروبوتية، وأجهزة تنظيم ضربات القلب.

شخص يمسك بأدوات جراحية
بالنسبة للعديد من طلاب الطب، فإن التدريب على جثة ميتة هو أول مرة يعملون فيها على لحم ودم حقيقيين

يقول بعض الوسطاء الخاصين إنهم يتعرضون لاتهامات غير عادلة. يقول كيفن لوبرايرا، الذي يعمل في إحدى كبريات شركات “تجارة الجثث”، إن اعتمادها من قبل الجمعية الأمريكية لبنوك الأنسجة يعني أنها يجب أن تتبع المبادئ التوجيهية، التي تحدد كيفية معاملة الجثث وتخزينها. الاعتماد طوعي – وقد وقعت عليه سبع شركات – ولا يحتاج الوسيط الخاص إليه للعمل بشكل قانوني.

يقول لوبرايرا إن المشكلة لا تكمن في “الشركات النزيهة مثل شركته، بل في الشركات غير النزيهة”. ويضيف: “لا تزال هناك برامج غير معتمدة. أنا أقول للناس دائماً: ابتعدوا عنها”.

ويضيف أنه من الخطأ تشديد اللوائح المنظمة لصناعته، إلى درجة القضاء عليها بالكامل، بسبب بعض “الشركات الفاسدة”.

ماذا بعد التجارة الربحية؟

كل من تحدثت إليهم تقريباً -من جميع أطراف النقاش- يعتقدون أن هناك حاجة إلى مزيد من التنظيم في الولايات المتحدة.

إذاً، كيف يمكن أن يكون ذلك؟

ترى شميت، من جامعة كاليفورنيا، أن الولايات المتحدة يمكن أن تحذو حذو الدول الأوروبية، وتحظر سمسرة الأعضاء البشرية الربحية.

وتقول إن هناك بعض “التكاليف المشروعة” التي تترتب على معالجة الجثث، مثل الإنفاق على النقل والمواد الكيميائية الحافظة. وتقول إنه من المعقول أن تفرض الشركات رسوماً على هذه التكاليف. لكن فكرة تحقيق ربح فعلي تجعل الكثيرين يشعرون بالاشمئزاز.

وتقول: “أعتقد أن القدرة على بيع الرفات البشرية، أو تحقيق ربح منها، تعقد الفكرة الإيثارية للتبرع من أجل التعليم”.

وتقترح أن تحذو الولايات المتحدة حذو سياستها الخاصة بالتبرع بالأعضاء، التي يحكمها قانون التبرع التشريحي الموحد، وتحظر بيع الأعضاء.

لكن المؤلفة كليمان تقول إنه إذا حظرت الولايات المتحدة التبرع بالجثث بهدف الربح غداً، فلن يكون هناك ما يكفي من الجثث لتلبية الطلب.

وتقول: “إذا كنت لا تريد أن يكون هناك تجارة في هذه الأعضاء، فنحن بحاجة إلى إيجاد طريقة لجعل المزيد من الناس يتبرعون بدافع الإيثار”.

وهي تحث الجامعات على إطلاق حملات ترويجية أكثر قوة، تطلب فيها مباشرة التبرع بالجثث. “لا توجد حملة توعية عامة مماثلة لتلك الموجودة للتبرع بالأعضاء (بهدف الربح)، على سبيل المثال”.

وتقول إنه بمجرد معالجة هذا النقص، يمكن للولايات المتحدة حظر التبرع بهدف الربح.

ومن الممكن أيضاً أن يؤدي التقدم في تكنولوجيا الواقع الافتراضي (VR) إلى عدم الحاجة إلى الجثث الحقيقية في المستقبل. يمكن للطبيب المتدرب ببساطة ارتداء سماعة رأس والتدرب على مريض، تم إنشاؤه بواسطة الكمبيوتر.

في عام 2023، أصبحت جامعة “كيس ويسترن ريزيرف” واحدة من أوائل كليات الطب في الولايات المتحدة، التي أزالت الجثث البشرية من برنامجها التدريبي، واستبدلتها بنماذج الواقع الافتراضي.

وقال مارك غريسوولد، أستاذ في الكلية، لموقع Lifewire الإلكتروني في ذلك الوقت إن الأجساد البشرية الحقيقية تحافظ على “ألوان الجسم وملمسه، ما قد يجعل من الصعب تمييز – على سبيل المثال – العصب عن الأوعية الدموية”.

في المقابل، قال إن برنامج الكمبيوتر “يوفر للطلاب خريطة ثلاثية الأبعاد واضحة تماماً لهذه الهياكل التشريحية، وعلاقاتها ببعضها”.

لكن كليمان تقول إن تقنية الواقع الافتراضي، بشكل عام، ليست جيدة بما يكفي حتى الآن لمحاكاة التدريب على الجثث.

في الوقت الراهن، يبدو أن الطلب على الجثث البشرية سيظل قائماً، وكذلك الأموال التي يمكن ربحها.