صحف: ترامب نسف ما بناه أسلافه مع الهند ودفعها لحضن الصين وروسيا

صحف: ترامب نسف ما بناه أسلافه مع الهند ودفعها لحضن الصين وروسيا

أكدت صحف غربية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أهان الهند وأغضبها مما دعاها إلى إعادة النظر في علاقتها ببلاده، والبحث عن مسارها الخاص وشركائها، الذين قد تجدهم في الصين وروسيا.

ورأت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن ترامب بدد ما استثمره أسلافه في بناء علاقات مع الهند، وقالت بلومبيرغ إن الهند بدأت تعزز علاقاتها مع الصين وروسيا متحدية واشنطن.

في حين نبهت لوموند الفرنسية إلى عودة مناخ السلام والاستقرار بين الهند والصين، ورأت لوفيغارو في زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للصين تقاربا مؤقتا بين البلدين، بينما اعتبرت إيكونوميست أن العواقب ستكون وخيمة على واشنطن، وخلصت تايمز إلى أن نهج ترامب العدواني في التعامل سيؤدي إلى نتائج عكسية.

وقالت نيويورك تايمز إن الرؤساء الأميركيين المتعاقبين استثمروا على مدى 3 عقود، رأس مال دبلوماسيا هائلا لبناء صداقة مع الهند، فوصف بيل كلينتون الديمقراطيتين بأنهما “حليفان طبيعيان”، ووصفهما جورج بوش الابن بأنهما “أخوان في قضية الحرية الإنسانية”، وقال باراك أوباما وجو بايدن إن العلاقة بينهما واحدة من أهم الاتفاقيات العالمية لهذا القرن.

In this handout picture taken and released by Photo host brics-russia2024.ru on تشرين الأول 22, 2024, Chinese President Xi Jinping, Russia's President Vladimir Putin and Indian Prime Minister Narendra Modi attend a concert prior to an informal dinner on the sidelines of the BRICS summit in Kazan. (Photo by Alexander Kryazhev / Photo host brics-russia2024.ru / AFP) / RESTRICTED TO EDITORIAL USE - MANDATORY CREDIT "AFP PHOTO / Photo host brics-russia2024.ru / Alexander Kryazhev" - NO MARKETING NO ADVERTISING CAMPAIGNS - DISTRIBUTED AS A SERVICE TO CLIENTS
لقاء مودي (يمين) مع بوتين (وسط) وشي جين بينغ يعزز العلاقات بين البلدان الثلاثة في تحد للولايات المتحدة (الفرنسية)

واعتبرت واشنطن الهند سوقا ناشئة ضخمة، وثقلا موازنا محتملا للصين، وشريكا رئيسيا في الحفاظ على أمن منطقة المحيطين الهندي والهادي، وقوة صاعدة من شأنها أن تعزز نظاما دوليا قائما على القواعد، وكذلك تخلت الهند عن شكوكها تجاه واشنطن، واقتربت منها بثبات، كما تقول الصحيفة الأميركية.

سلام واستقرار

لكنّ ترامب الذي ادعى لنفسه الفضل في إنهاء الحرب بين الهند وباكستان -تتابع نيويورك تايمز- أثار غضب مودي الذي تفاخر بقربه منه ذات مرة، وأهانه، كما قرّب قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير، وفرض رسوما جمركية عقابية بنسبة 50% على الواردات الهندية إلى الولايات المتحدة.

إعلان

وخلصت الصحيفة إلى أن الهند بدا أنها خُدعت بوهم أنها محمية بشكل فريد بفضل الرابطة الخاصة المزعومة بين ترامب ومودي، وقالت إنهما أخضعا العلاقات الخارجية لبلديهما لشخصيتيهما.

وتحدثت بلومبيرغ الأميركية عن لقاءات مودي بالرئيس الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين وعن مكالمته مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في إطار بحثه عن مساره الخاص وحلفاء جدد، ورأت في تعزيزه علاقاته مع الصين وروسيا تحديا للولايات المتحدة ولترامب خاصة.

الاجتماع بين مودي وشي استمر ساعة بدا بعدها مودي متفائلا للغاية، وصرح قائلا إن تعاوننا يخدم مصالح 2.8 مليار نسمة في بلدينا، كما أنه سيمهد الطريق لرفاهية البشرية جمعاء

بواسطة لوموند

وذكّرت بلومبيرغ بأن اللقاء مع الرئيس الصيني أدى إلى إعادة ضبط العلاقات، ونقاش قضايا الحدود، واستئناف الرحلات الجوية المباشرة، وتعزيز التجارة بين الجارين اللدودين.

وقال بيتر نافارو، وهو أحد مساعدي ترامب، إن الهند تستغل الحرب بشرائها النفط الروسي بأسعار مخفضة لتبيعه إلى أوروبا، وجدد انتقاداته لها قائلا إن “الهند ليست سوى مغسلة ملابس للكرملين”، ومع ذلك قال إن “مودي قائد عظيم، لا أفهم لماذا يقيم علاقات مع بوتين وشي جين بينغ، وهو أكبر ديمقراطية في العالم”.

ومن جانبها علقت صحيفة لوموند الفرنسية بأن قمة منظمة شنغهاي للتعاون في الصين أبرزت العلاقات المتنامية بين الهند والصين بعد إهانة ترامب لنيودلهي، وأعطت مودي فرصة التقرب من بكين على الرغم من كونها خصمه وعدوه.

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن الاجتماع بين مودي وشي جين بينغ استمر ساعة، وبعدها بدا مودي متفائلا للغاية، مشيرا إلى “عودة مناخ السلام والاستقرار بعد فك الارتباط على الحدود”، ودعا إلى تكثيف العلاقات، وصرح قائلا “إن تعاوننا يخدم مصالح 2.8 مليار نسمة في بلدينا، كما أنه سيمهد الطريق لرفاهية البشرية جمعاء”.

خلاف شخصي

أما لوفيغارو، فرأت -خلافا لزميلاتها- أن زيارة رئيس الوزراء الهندي لأول مرة منذ 7 سنوات للصين، تؤكد تحسنا مؤقتا في العلاقات بين البلدين، وربطت ذلك بتصعيد واشنطن للضغط على نيودلهي.

ورأت الصحيفة الفرنسية أن هذه الدعوة المتأخرة تُخفي ضمنيا حدود حملة الصين الترويجية، وقالت إنها مجرد حل مؤقت بعد رفض الرئيس الكوري الجنوبي الجديد لي جاي ميونغ، السفر إلى ميدان تيانانمن، وسط مفاوضات مع واشنطن.

أما إيكونوميست، فعلقت بأن هذه الزيارة تعد مثالا صارخا على تحسن العلاقات بين الهند والصين التي دخلت في حالة جمود عميق عام 2020 عقب اشتباك حدودي، ورأت أن مودي سيركز أيضا على الخلاف بين بلاده وأميركا وكيفية رد الهند عليه.

https://x.com/pppoqjsksanbkpo/status/1961791774709727525/photo/1
الخلاف بين مودي (يسار) وترامب كلف البلدين غاليا على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي بحسب صحف دولية (رويترز)

ومن ناحيتها اهتمت صحيفة تايمز البريطانية، بسبب الخلاف بين مودي وترامب، وقالت إن نهج ترامب العدواني في التعامل مع الجغرافيا السياسية أدى إلى نتائج عكسية، حيث رفض ناريندرا مودي الرد على مكالماته الهاتفية، وهو ما نفاه مسؤولون أميركيون.

إعلان

وردت الصحيفة الخلاف بين القائدين إلى ما قاله ترامب، وقالت إن الخلاف بدأ مع ادعائه التوسط في تسوية نزاع حدودي بين الهند وباكستان في أيار/أيار، واتسع نطاقه مع فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية تعد الأعلى على الهند، إلى جانب البرازيل.

ويعود سبب الخلاف -حسب تايمز- إلى أمر شخصي بعد أن ظن ترامب خطأ، أن مودي سينضم إلى باكستان في ترشيحه لجائزة نوبل للسلام، في حين أتت مكالمته الهاتفية مع مودي في 17 حزيران/تموز بنتائج عكسية، عندما شعر رئيس الوزراء الهندي بأنه يضغط عليه لإعلان ترامب صانع سلام، كما قالت صحيفة نيويورك تايمز.

وفي الوقت الذي كلّف فيه قرار ترامب كلا البلدين غاليا من حيث رسوم الاستيراد والتصدير والعلاقات الجيوسياسية، يشيد مودي “بالزخم الإيجابي” في العلاقات مع الصين، دون أن يتراجع عن موقفه من روسيا برغم الرسوم الجمركية العقابية التي فرضها ترامب، كما قالت الصحيفة البريطانية.

قمة الصين الأمنية: هل تشهد ولادة تحالف جديد ضد النفوذ الأمريكي؟

قمة الصين الأمنية: هل تشهد ولادة تحالف جديد ضد النفوذ الأمريكي؟

يزور الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الصين للمرة الثانية، بيد أن هذه المرة مختلفة عن سابقتها، فلأول مرة منذ غزو أوكرانيا، يزور بوتين حليفه الرئيسي في المنطقة ليس بصفته تابعاً للرئيس الصيني، شي جينبينغ، ومحاصراً بعقوبات غربية، بل بصفته زعيماً عالمياً على قدم المساواة مع الرئيس الأمريكي، القوة الاقتصادية والعسكرية الأولى في العالم والمنافس الرئيس للصين.

وسوف تشكل هذه الزيارة الصينية انتصاراً لبوتين عقب عودته من ألاسكا، بعد أن استقبله دونالد ترامب استقبالاً رسمياً على الأراضي الأمريكية، واستطاع بوتين خلال اللقاء إقناع ترامب بالتخلي عن مطالبه بعدم شن ضربات على أوكرانيا، فضلاً عن وقف تهديداته بفرض عقوبات جديدة على روسيا.

وفي الصين، سيُستقبل بوتين استقبالاً حافلاً، في ظل مشاركة ما يزيد على 12 زعيماً إقليمياً في مدينة تيانجين الصينية لعقد قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي تستمر لمدة يومين.

كما سيضم الاجتماع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، المعروف بخطابه الصاخب والمعادي للغرب، ورئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، الذي تتميز علاقته مع كل من بكين وواشنطن بالتعقيد.

بيد أن هذا ليس سوى البداية.

إذ سيشارك عدد كبير من الزعماء في موكب رسمي، يوم الأربعاء في بكين، لإحياء الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية والاحتفال بـ”انتصار الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني، والانتصار في الحرب العالمية المناهضة للفاشية”.

وتطرح المناسبة تساؤلات من بينها هل تدلّ الفعاليات الجارية في الصين هذا الأسبوع على تقوية تحالف عالمي ضد الولايات المتحدة؟

وهل يشهد تكتل روسيا – الهند – الصين، وهو تحالف قوي يسعى لموازنة الهيمنة الغربية في الشؤون الدولية وظل خامداً خلال السنوات الخمس الماضية، نشاطاً في وقت تتصاعد فيه الحروب التجارية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟

ترامب يعجز عن إثارة خلاف بين بوتين وشي جينبينغ

تهدف زيارة بوتين غير المعتادة إلى الصين إلى إظهار “الصداقة اللامحدودة” بين روسيا والصين التي تزداد متانة، وأن محاولات الولايات المتحدة لزرع الفتنة بينهما ستبوء بالفشل، حسب رأي بعض الخبراء.

ويقولون إنه حتى إذا تنازل ترامب عن أوكرانيا لبوتين ورفع العقوبات، فإن روسيا لن تحيد عن الصين.

ويشير خبراء إلى الطريقة التي سبق و استطاع بها وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، هنري كيسنجر، في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، من سحب الصين من تحت النفوذ السوفيتي خلال سبعينيات القرن العشرين، إلا أن العلاقات بين بكين وموسكو كانت آنذاك متوترة بالفعل، لكن الوضع مختلف اليوم.

ويقول بيير أندريو، خبير العلاقات الصينية – الروسية بمعهد سياسات مجتمع آسيا، الذي شغل سابقاً مناصب دبلوماسية فرنسية في روسيا وطاجيكستان ومولدوفا، إن “زيادة الضغط التجاري على الصين من جانب إدارة ترامب تعزز المحور الروسي-الصيني. كما لم تسفر المحاولات الرامية لإضعاف الروابط بين البلدين وتنفيذ ما يُعرف بـ (كيسنجر العكسي) عن أي نتائج ملموسة”.

ويذكر خبير في العلاقات الروسية – الصينية، ولم يفصح عن اسمه، في مقال نشره مركز تحليل السياسات الأوروبية: “إن كانت استراتيجية الولايات المتحدة تقوم على إثارة الخلاف بين موسكو وبكين من خلال إنهاء الحرب في أوكرانيا ورفع بعض العقوبات عن روسيا، فإن واشنطن تُقدّر دون دقة عمق وتعقيد هذه الشراكة”.

الرئيس الصيني شي جينبينغ يحمل طبقاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتينويتبادلان النخب باستخدام أكواب صغيرة
جزء كبير من التحالف بين الصين وروسيا يرجع إلى العلاقة الشخصية بين زعيميهما

وأصبحت الصين المشتري الرئيسي للطاقة الروسية والمورد الأساسي للسيارات والبضائع الأخرى إلى روسيا بعد تعليق الشركات الغربية نشاطها هناك، كما أدى العدوان على أوكرانيا إلى تقوية الروابط الإيديولوجية للصداقة بين روسيا والصين.

ويفسر أندريو ذلك قائلاً: “كلا الدولتين تعارضان الليبرالية الغربية وتتحديان الهيمنة الأمريكية. وكلاهما يمتلك القوة النووية ويشغل عضوية دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتتلاقى مصالحهما الاستراتيجية”.

ويضيف: “من الناحية الاقتصادية، يكمل كل منهما الآخر. روسيا دولة غنية بالمواد الخام، والصين دولة صناعية وتقنية”.

غير أنه يرى أن العلاقات الشخصية الحميمة بين قادتهما تشكل مفتاحاً أساسياً.

كما يشترك بوتين وشي جينبينغ في العديد من الصفات، فهما في نفس العمر (72 عاماً)، ونشأ كلاهما في ظل الشيوعية السوفيتية، ويحكمان منذ فترة طويلة، ووضع كل منهما هياكل سلطة استبدادية ويبدو أنهما لا يتسامحان مع أي معارضة.

وكان بوتين قد وقع مع شي جينبينغ، قبيل غزو أوكرانيا في عام 2022، بياناً بشأن “الصداقة بلا حدود والتعاون بلا قيود”، ويصف شي جينبينغ بوتين بأنه “صديق عزيز”، وقد التقى به أكثر من أي زعيم عالمي آخر، بما يزيد على أربعين مرة.

إلا أن زيارة بوتين للصين هذه المرة تتسم بطابع خاص.

وتقول باتريشيا كيم، الخبيرة في السياسة الخارجية الصينية والعلاقات الأمريكية – الصينية في مؤسسة بروكينغز بواشنطن، إن “الصين تستفيد من الحفاظ على بوتين تحت السيطرة ومنعه من الانحراف نحو الغرب مجدداً، لكنها لا ترغب في تعزيز قوة روسيا بشكل مفرط”.

وتضيف: “النتيجة المثالية لبكين تتمثل في أن تكون روسيا قوية بما يتيح لها مواجهة الغرب، وضعيفة بما يكفي للبقاء تحت نفوذ الصين”.

ويفسر أندريو: “تعتبر روسيا شريكاً مفيداً للصين، إذ تساعد شي جينبينغ في الحفاظ على الاستقرار داخل البلاد وفي كامل منطقة آسيا الوسطى. كما تساهم في تمكين بكين من حشد الدعم من دول الجنوب العالمي وتعزيز نموذج بديل عن النظام العالمي الغربي”.

انضمام مودي

رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ يتحدث مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال جلسة عامة لقمة البريكس في ريو دي جانيرو، البرازيل، في 7 تموز/تموز 2025
يتعين على رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (الذي يظهر هنا في قمة البريكس في البرازيل في تموز/تموز) أن يحرص على موازنة سياساته مع دول مثل الصين وروسيا

وتعد الهند، العضو الثالث في تكتل روسيا – الهند – الصين، عنصراً معقداً في علاقاتها مع كل من بكين وواشنطن، مما قد يعرقل أي محاولة لإحياء هذا التكتل.

ويكتسب لقاء شي جينبينغ ومودي، على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين، والذي يمثل أول زيارة لمودي للصين منذ سبع سنوات، أهمية بالغة، إذ تكاد الدولتان لا تتبادلان الحديث منذ المناوشات الحدودية في وادي غالوان عام 2020.

إلا أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في الهند غيرت الوقائع على الأرض، فقد فرض الرئيس ترامب رسوماً جمركية مرتفعة على السلع الهندية عقاباً على استمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي، مما بدا أنه يدفع الخصوم السابقين نحو التقارب.

وقال شي جينبينغ لمودي إن الصين والهند ينبغي أن تكونا شركاء لا خصمان، بينما أكد مودي وجود “أجواء من السلام والاستقرار” بين البلدين حالياً.

ولا يقتصر الوضع على أن هذين البلدين الأكثر سكاناً في العالم، بل إنهما يمتلكان أيضاً اثنتين من أكبر الاقتصادات عالمياً.

وأكد مودي على أن الرحلات الجوية بين الهند والصين، والتي توقفت منذ النزاع الحدودي قبل خمس سنوات، سوف تُستأنف، دون إعلان إطار زمني محدد.

وقال شي جينبينغ: “ينبغي لكلا الطرفين أن يتناول ويعالج علاقتهما من منظور استراتيجي بعيد المدى”، مؤكداً أن “كون الجانبين أصدقاء يمثل الخيار الصائب لكليهما”.

ماذا يعني ذلك لمستقبل التحالفات؟

يرى الخبراء أن إعادة إحياء تحالف ثلاثي كبير بشكل فعّال، وهو ما أعربت كل من روسيا والصين عن رغبتها في تحقيقه، وضم بعض أكبر اقتصادات العالم كأعضاء، سوف يؤدي إلى مواجهة النفوذ المتصاعد لواشنطن، إلى جانب تحالفات أخرى مثل مجموعة بريكس التي تأسست عام 2006 بين البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.

بيد أن الهند تجد نفسها مضطرة إلى الحفاظ على توازن سياسي دقيق للغاية، بغض النظر عن الواقع الاقتصادي الناتج عن الرسوم التي فرضها ترامب، وعليها أيضاً التوصل إلى حلول لمشكلات ثقة عميقة مع الصين.

ويشير الخبراء إلى أن الهند حريصة على الحفاظ على سياسة خارجية مستقلة، بينما لا تزال آثار الاشتباكات الحدودية الدامية مع الصين عالقة في الأذهان، كما يساورها القلق من العلاقة الوثيقة التي تربط الصين بباكستان، عدوها القديم.

علاوة على ذلك، فإن عقوداً من الدبلوماسية الدقيقة التي قرّبت الهند من الولايات المتحدة ستتطلب إعادة تقييم وربما التخلي عنها، وهو ما قد يكون ثمناً باهظاً إذا قررت البلاد الانضمام بالكامل في تحالف ضد واشنطن.

صورة لكيم جونغ أون وفلاديمير بوتين داخل سيارة معاً ويبتسمان في بيونج يانج في حزيران/حزيران الماضي
المظاهر العامة للصداقة، كما نرى في هذه الصورة التي تجمع بين كيم جونغ أون وفلاديمير بوتين، بمثابة تذكرة قوية بالتحالفات

بيد أن المشهد العام هذا الأسبوع يصعب تجاهله.

فمن المتوقع أن يحضر بوتين وكيم، إلى جانب الرئيس الإيراني، مسعود بيزشكيان، العرض العسكري في بكين، ضمن 26 رئيس دولة.

وسوف يشهد الحدث المخطط له بعناية، مسيرة تضم عشرات الآلاف من الجنود في تشكيلات منظمة عبر ساحة تيانانمن التاريخية، بمشاركة قوات من 45 فرقة عسكرية صينية بالإضافة إلى قدامى المحاربين.

ولأول مرة في التاريخ، سيجتمع قادة الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية في مناسبة واحدة، خلال عرض عسكري في بكين في الثالث من أيلول/أيلول.

ويتساءل نيل توماس، خبير الشؤون الصينية بمعهد سياسات منطقة آسيا: “هل يمثل هذا الاجتماع القمة الأولى لمحور الأنظمة الاستبدادية؟”.

ويضيف أن هذا الاتحاد من غير المحتمل أن يدوم طويلاً، نظراً لاختلاف أهداف أعضائه وغياب الثقة المتبادلة بينهم.

ويرى توماس أن “حضور بوتين وبيزشكيان وكيم يسلط الضوء على دور الصين بوصفها القوة الاستبدادية الرائدة عالمياً”.

وبناء على ذلك قد تمثل أحداث الأسبوع الجاري في الصين استعراضاً قوياً ليس بالضرورة لدور التحالفات كمنظمة شنغهاي للتعاون، وثلاثي روسيا – الهند – الصين، وبريكس في مواجهة واشنطن، بل لتأكيد مركزية الصين في أي من هذه التحالفات مستقبلاً.

قمة شنغهاي… 20 زعيماً يرسمون ملامح نظام مالي موازٍ

قمة شنغهاي… 20 زعيماً يرسمون ملامح نظام مالي موازٍ

تتواصل، اليوم الاثنين، في مدينة تيانجين الصينية أعمال قمة منظمة شنغهاي للتعاون وسط حضور استثنائي يضم أكثر من 20 زعيم دولة، ما يجعلها الأكبر منذ تأسيس المنظمة عام 2001، ويمنحها وزناً سياسياً واقتصادياً غير مسبوق على الساحة الدولية. ويعكس انعقاد القمة في هذا التوقيت الحرج سعي دول الشرق، وفي مقدّمتها الصين وروسيا، إلى صياغة بدائل عملية للنظام المالي والاقتصادي العالمي الذي ظلّ طوال عقود خاضعاً للهيمنة الغربية، سواء عبر هيمنة الدولار أو عبر مؤسسات مثل صندوق النقد والبنك الدوليين. 

اللافت في قمة شنغهاي لهذا العام كان مشاركة الهند بتمثيل رفيع بعد غياب استمر سبع سنوات، إذ جلس رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى طاولة المباحثات في تيانجين جنباً إلى جنب مع الرئيسَين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، في مشهد عكس براغماتية السياسة الهندية في لحظة إقليمية ودولية دقيقة. وأثارت عودة الهند المفاجئة اهتمام المراقبين؛ لأنها جاءت رغم استمرار الخلافات الحدودية مع بكين منذ اشتباكات وادي جالوان عام 2020، ورغم تحفظ نيودلهي سابقاً على الانخراط في قمم تستضيفها الصين، إلّا أن السياق الدولي الراهن، المتمثل في تصاعد الحرب التجارية الأميركية – الصينية وتشديد العقوبات الغربية على روسيا، دفع الهند إلى إعادة النظر في سياسة المقاطعة، واختيار الانخراط المباشر مع الجارين الكبيرين عبر منصة متعدّدة الأطراف توفر لها فرصاً اقتصادية يصعب تجاهلها، بحسب موقع “إيكونوميك تايمز” الهندي.

اجتماع صيني هندي

وعُقد الاجتماع الثنائي بعد خمسة أيام من فرض واشنطن رسوماً جمركية 50% على البضائع الهندية بسبب مشتريات نيودلهي من النفط الروسي. ويقول محلّلون، وفق رويترز، إنّ شي ومودي يسعيان لتشكيل جبهة موحّدة ضد الضغوط الغربية. وعقد الزعيمان اجتماعاً في روسيا العام الماضي بعد التوصل إلى اتفاق لتسيير دوريات على الحدود. ووافقت الصين على رفع القيود المفروضة على تصدير المواد الأرضية النادرة والأسمدة وآلات حفر الأنفاق هذا الشهر خلال زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى الهند. وتحتاج الهند، التي تسعى لترسيخ موقعها بوصفها أحد أسرع الاقتصادات نمواً عالمياً، إلى تأمين تدفقات مستقرة من الطاقة والموارد الأولية، خصوصاً المعادن النادرة التي تهيمن الصين على أكثر من 70% من إنتاجها وتكريرها.

وركز الاجتماع الثنائي بين مودي وشي على هذا الملف، مع بحث ترتيبات تتيح للهند الحصول على حصص مضمونة من تلك المعادن الحيوية لصناعات الإلكترونيات والسيارات الكهربائية. وفي المقابل، أبدت نيودلهي استعداداً لتوسيع التعاون التجاري، لكنها حرصت على ألّا يُفسر ذلك باعتباره اصطفافاً كاملاً وراء مشروع “النظام المالي الموازي” الذي تدفع إليه بكين وموسكو، وفق “إيكونوميك تايمز”، كما لا تعني مشاركة الهند في قمة شنغهاي هذا العام تحولها إلى جزء من المحور الصيني – الروسي، بحسب رويترز، فهي ما زالت متمسكة بتحالفاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، وتسعى إلى إبراز نفسها قوةَ توازن قادرة على الاستفادة من جميع الأطراف دون الانخراط في اصطفافات مغلقة. 

أهداف بكين وموسكو

الملفات الاقتصادية على طاولة قمة شنغهاي لا تتوقف عند العملات والتجارة، فهناك حديث موسّع عن سلاسل التوريد التي تعرضت لاضطرابات كبيرة بسبب جائحة كورونا ثم الحرب في أوكرانيا وأخيراً الحرب التجارية بين واشنطن وبكين. وتسعى الصين عبر “الحزام والطريق” إلى تقديم مشروعات بنية تحتية مشتركة، من سكك حديد وموانئ ومراكز لوجستية، لربط اقتصادات المنظمة في شبكة قادرة على تقليل الاعتمادية على الغرب. بينما تدفع روسيا باتجاه شراكات في قطاع الطاقة، عبر عقود طويلة الأجل للنفط والغاز مع الهند وباكستان وإيران، مستفيدة من تعطّش تلك الاقتصادات لمصادر طاقة بأسعار تنافسية بعيداً عن الأسواق الأوروبية التي باتت مغلقة نسبياً أمام موسكو. وما يلفت الانتباه هذا العام دخول ملف التكنولوجيا إلى قلب أجندة المنظمة، فقد أطلقت الصين خلال القمة مبادرة لتعزيز التعاون في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، فيما جذب الأنظار ظهور روبوت بشري يدعى “Xiao He” في المركز الإعلامي ليقدم خدمات الترجمة والمعلومات للصحافيين، كرمز لتحول المنظمة من إطار أمني إلى منصة “دبلوماسية رقمية”. ويعكس هذا البعد التقني إدراك بكين أنّ المعركة الاقتصادية المقبلة ليست حول النفط والغاز فحسب، بل حول من يضع معايير الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية التي ستحدّد شكل الاقتصاد العالمي في العقدين المقبلين.

الزعماء المشاركون

شهدت قمة شنغهاي للتعاون هذا العام حضوراً غير مسبوق لأكثر من 20 زعيم دولة، منهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس وزراء باكستان شهباز شريف. وشارك في القمة أيضاً رؤساء دول آسيا الوسطى، منهم رئيس كازاخستان كاسيم-جومارت توكاييف، ورئيس قيرغيزستان سادير جاباروف، ورئيس طاجيكستان إيمومالي رحمن، ورئيس أوزبكستان تشافكات ميرضيييف، إضافة إلى رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو، كما حضر عدد من قادة الدول بصفة مراقب أو شريك في الحوار، منهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس وزراء إقليم المالديف محمد مويناز، ورئيس وزراء نيبال كي بي شارما أولي، ورئيس وزراء كمبوديا هونغ مانيت، ورئيس أرمينيا نيكول باشينيان، ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ورئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، ورئيس إندونيسيا برابوو سوبيا نتو، ورئيس ميانمار مين أونغ هلاينغ. بالإضافة إلى ذلك، حضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وعدد من رؤساء مؤسسات دولية إقليمية مثل رؤساء منظمة الأمن الجماعي، وآسيان، واليونسكو، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.

الصين والهند تتعهدان بحل خلافاتهما الحدودية وتعزيز التعاون

الصين والهند تتعهدان بحل خلافاتهما الحدودية وتعزيز التعاون

تعهّد الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، اليوم الأحد، بحل خلافاتهما الحدودية وتعزيز التعاون، وذلك قبيل افتتاح قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي تستضيفها الصين في مدينة تيانجين الساحلية. واجتمع شي مع مودي، قبيل افتتاح القمة، في خطوة تعكس انفراجة رسمية بين القوتين النوويتين. وتعدّ هذه أول زيارة لمودي إلى الصين منذ تدهور العلاقات بين الجانبين، بعد اشتباكات دامية بين جنود صينيين وهنود على الحدود في عام 2020. ويزور مودي الصين في إطار عضوية بلاده في منظمة شنغهاي للتعاون، وهي مجموعة سياسية واقتصادية وأمنية إقليمية أسستها الصين. وقال مودي، في كلمته الافتتاحية، إن العلاقات مع الصين تحركت في “اتجاه هادف”، مضيفاً أن “هناك بيئة سلمية على الحدود بعد فك الاشتباك”.

من جانبه، قال شي إنه يأمل أن يساهم اجتماع تيانجين في “رفع مستوى” العلاقات و”تعزيز التنمية المستدامة والصحية والمستقرة للعلاقات الثنائية”، وذلك وفق ما ذكره التلفزيون المركزي الصيني. وأكد شي أنه يتعين على الجانبين “ألا يجعلا قضية الحدود هي المحدد للعلاقة الشاملة بين الصين والهند”، مشيراً إلى أن التنمية الاقتصادية يجب أن تكون محور الاهتمام الأساسي لكلا البلدين، مضيفاً: “طالما التزمت الصين والهند بالهدف الأسمى المتمثل في كونهما شريكتين لا متنافستين، وتوفير فرص للتنمية لا تهديدات، فإن العلاقات الصينية الهندية ستزدهر وتتقدم بثبات”.

وقبيل زيارة مودي توجّه وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، إلى نيودلهي في وقت سابق من آب/آب الجاري، حيث أعلن الجانبان عن تقاربهما. وتعهّدت الحكومتان بإعادة إطلاق محادثات الحدود، واستئناف إصدار التأشيرات والرحلات الجوية المباشرة. وتزامنت زيارة وانج مع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الهند بسبب شرائها النفط الروسي، لكن عملية إعادة بناء العلاقات بين نيودلهي والصين كانت قيد الإعداد منذ أشهر.

وكثّفت الصين والهند الزيارات الرسمية، خلال العام الجاري، وناقشتا تخفيف بعض القيود على التجارة وحركة الأفراد عبر الحدود. وفي حزيران/حزيران الماضي، سمحت بكين للحجاج الهنود بزيارة المواقع المقدسة في التبت. ومن المقرر أيضاً أن يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي وصل إلى تيانجين، اليوم الأحد، بالزعيمين الصيني والهندي خلال الأيام المقبلة.

(أسوشييتد برس)

باكستان تفجّر سداً استعداداً لفيضانات جارفة

باكستان تفجّر سداً استعداداً لفيضانات جارفة

فجّرت السلطات في باكستان جسراً بجوار سدّ غمرته المياه نتيجة الأمطار الموسمية في إقليم البنجاب، اليوم الأربعاء، وذلك بعدما أغرقت السيول الناجمة عنها أحد أقدس مواقع السيخ في العالم. فقد غمرت الفيضانات معبد “كارتاربور” الذي يُقال إنّه مهد مؤسس ديانة السيخ غورو ناناك، وقد شُيّد في عام 1539.

وارتفع منسوب ثلاثة أنهر حدودية شرق باكستان إلى مستويات غير مسبوقة، على خلفية الأمطار الغزيرة في الهند المجاورة. وأدّى ذلك إلى إطلاق تحذيرات من فيضانات في كلّ أنحاء إقليم البنجاب موطن نحو نصف سكان باكستان البالغ عددهم 255 مليون نسمة. وبعدما طلبت السلطات في إقليم البنجاب المساعدة العسكرية في جهود الإنقاذ والإغاثة بعدما تسببت الأمطار الموسمية في فيضان الأنهار، وغرق القرى ونزوح عشرات الآلاف، نُشر عناصر الجيش للمساعدة في إجلاء السكان وإخراج الماشية بالقرب من أنهر تشيناب ورافي وسوتليج. ووفقاً لهيئة الكوارث في باكستان، نزح نحو 210 آلاف شخص إلى مناطق أخرى.

وعند سدّ قادر آباد على نهر تشيناب، فجّرت السلطات المعنية أحد الجسور، مع ارتفاع منسوب المياه. وفي هذا الإطار، صرّح المتحدّث باسم وكالة إدارة الكوارث في إقليم البنجاب مظهر حسين بأنّه “من أجل إنقاذ البنية، قمنا بخرق السدّ الهامشي الأيمن لتنظيم تدفّق المياه”. وقد أُرسلت خمسة قوارب إلى الموقع من أجل إنقاذ نحو 100 شخص.

وأفادت السلطات الباكستانية بأنّ الهند أطلقت المياه من سدود أعلى النهر عند جانبها من الحدود، الأمر الذي زاد من تدفّق المياه إلى باكستان. وأفادت وزارة خارجية إسلام أباد بأنّ نيودلهي أبلغت مسبقاً عبر القنوات الدبلوماسية بأنّها سوف تفتح قنوات تصريف فائض المياه. وقال رئيس إدارة الكوارث في إقليم البنجاب عرفان علي إنّه يتوقّع أن تمرّ الفيضانات “عبر لاهور الليلة وصباح غد”. لكنّ المسؤولين في الحكومة الهندية لم يعلّقوا على الأمر.

تجدر الإشارة إلى أنّ باكستان تعرّضت لأمطار موسمية قاسية هذا العام، وتسبّبت انزلاقات التربة والفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة بمقتل أكثر من 800 شخص منذ شهر حزيران/ حزيران الماضي.

33 قتيلاً في فيضانات ناجمة عن أمطار قياسية في منطقة جامو الهندية

من جهة أخرى، أودت فيضانات وانزلاقات للتربة ناجمة عن أمطار قياسية في منطقة جامو وكشمير الهندية بحياة أكثر من 30 شخصاً، بحسب ما أفاد مسؤولون اليوم الأربعاء. وأوضح مسؤول إدارة الكوارث المحلية محمد إرشاد لوكالة فرانس برس، أنّ انزلاقاً للتربة على الطريق إلى معبد “فايشنو ديفي” الهندوسي الشهير أدّى إلى سقوط 33 قتيلاً على الأقلّ. ووصف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي سقوط القتلى بأنّه أمر “محزن”.

وذكرت هيئة الأرصاد الجوية الهندية أنّ الأمطار كانت قياسية في منطقتَين. فسجّلت منطقتا جامو وأدهامبور أعلى معدّل لهطول الأمطار خلال 24 ساعة، اليوم الأربعاء، في زيادة نسبتها 84% عن المستوى الأعلى المسجّل في عام 2019. وقد عمّت الفوضى شطر كشمير الخاضع لإدارة الهند في منطقة الهيملايا نتيجة الأمطار الموسمية الغزيرة.

وتكثر الفيضانات وانزلاقات التربة في موسم الأمطار، بين حزيران/ حزيران وأيلول/ أيلول، لكنّ خبراء يشيرون إلى أنّ تغيّر المناخ المتزامن مع التطوير العمراني غير المخطّط له يزيد من تكرارها وشدّتها وتأثيرها.

ويحذّر خبراء المناخ لدى “المركز الدولي للتنمية الجبلية المتكاملة” من أنّ سلسلة الكوارث تعكس المخاطر الناجمة عن اجتماع عوامل الأمطار الغزيرة والمنحدرات الجبلية التي يضعفها ذوبان التربة الصقيعية، وأعمال البناء في وديان معرّضة لخطر الفيضانات. وبيّن المركز، في بيان أصدره في شهر آب/ آب الجاري، أنّ منطقة هندوكوش هملايا الممتدّة من أفغانستان إلى ميانمار تعاني من “تسارع ذوبان الجليد وتبدّل أنماط الطقس وازدياد وتيرة الكوارث” بما في ذلك الفيضانات.

وذكرت الإدارة المحلية، اليوم الأربعاء، أنّ الآلاف أُجبروا على الفرار من منطقة جامو. وأُغلقت المدارس في المنطقة، فيما قال رئيس وزرائها عمر عبد الله إنّ المسؤولين يعانون من “انقطاع شبه كامل للاتصالات”. كذلك ارتفع منسوب نهر جهلم في وادي كشمير متجاوزاً مستوى الخطر، فيما حذّرت السلطات من خطر وقوع فيضانات، بما في ذلك بمدينة سريناغار الرئيسية.

وكانت فيضانات جارفة، تسبّبت فيها أمطار غزيرة، قد ضربت في 14 آب الجاري قرية شيسوتي في شطر كشمير الخاضع لإدارة الهند، الأمر الذي أسفر عن مقتل 65 شخصاً على الأقلّ فيما فُقد 33 آخرون. وضربت فيضانات في الخامس من آب نفسه بلدة دارالي في الهملايا بولاية أتراكند الهندية، فدفنتها تحت الوحول. ويُرجَّح أن تكون حصيلة ضحايا هذه الكارثة قد تجاوزت 70 قتيلاً.

(فرانس برس، العربي الجديد)