الاقتصاد الأميركي ينمو بوتيرة 3.3% مدفوعاً بالاستثمار وتجارة السلع

الاقتصاد الأميركي ينمو بوتيرة 3.3% مدفوعاً بالاستثمار وتجارة السلع

أظهرت بيانات رسمية حديثة أن الاقتصاد الأميركي واصل مساره التصاعدي في الربع الثاني من العام، بوتيرة أسرع قليلاً مما كان متوقعاً في التقديرات الأولية، مستفيداً من زيادة ملحوظة في الاستثمار التجاري وطفرة غير مسبوقة في الصادرات الصافية. وتعكس هذه البيانات قوة بعض قطاعات الاقتصاد، في حين تحذر من تباطؤ النمو الأساسي مع تزايد تأثير السياسات التجارية للرئيس دونالد ترامب على المستهلكين والشركات.

وكشف مكتب التحليل الاقتصادي أن الناتج المحلي الإجمالي المعدل على أساس التضخم ارتفع بنسبة 3.3% سنوياً، مقارنة بتقدير أولي بنسبة 3%. وقد سجل الاستثمار التجاري نمواً قوياً بنسبة 5.7% بعد ارتفاعه الحاد في الربع الأول، مدعوماً بمراجعة صعودية في الاستثمار في معدات النقل وتسجيل أقوى نمو في المنتجات الفكرية منذ أربع سنوات. وتشير هذه الأرقام إلى تعافي نشاط الاقتصاد الأميركي بعد التراجع في الربع الأول، الذي كان نتيجة لاستباق الشركات لرفع الرسوم الجمركية على الواردات، وفقاً لما أوردت بلومبيرغ اليوم الخميس.

ومع ذلك، يشير خبراء الاقتصاد في سيتي غروب إلى أن “المراجعات لا تغير من حقيقة تباطؤ الطلب الأساسي في معظم أجزاء الاقتصاد الأميركي، باستثناء بعض القطاعات المحددة”. ويتوقعون أن يستمر النمو في التباطؤ مع ضعف سوق العمل وزيادة تأثير الرسوم الجمركية على النشاط الاقتصادي. وقد تباطأت قوة الدولار الأميركي بعد صدور البيانات، في حين بقيت عوائد سندات الخزانة لأجل عامين مرتفعة، مع توقع غالبية المتداولين أن يخفّض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الشهر المقبل.

وتشير بيانات الدخل القومي الإجمالي، التي تقيس الدخل الناتج من إنتاج السلع والخدمات، إلى ارتفاع بنسبة 4.8% بعد تقدير أولي متواضع بلغ 0.2% في الربع الأول. وتضمنت البيانات ارتفاع أرباح الشركات غير المالية بنسبة 1.7%، بعد انخفاض كبير في الأشهر الثلاثة الأولى من العام. ويُعد هذا مؤشراً على أن الشركات الأميركية تتحكم جيداً في هوامش الربح رغم الضغوط المرتبطة بالرسوم الجمركية.

وسجلت الصادرات الصافية إضافة قياسية تقارب خمس نقاط مئوية للناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كانت عاملاً مثبطاً في الربع الأول. أما المحرك الأساسي للنمو، وهو الإنفاق الاستهلاكي، فقد نما بنسبة 1.6% سنوياً، مقارنة بتقدير أولي بلغ 1.4%. وأعربت كبرى شركات التجزئة مثل “وولمارت” و”هوم ديبو” عن تفاؤلها بشأن قدرة المستهلكين الأميركيين على الصمود، رغم تأثير ارتفاع الأسعار الناجم عن الرسوم الجمركية. ولأن التذبذبات في التجارة والمخزونات قد شوهت أرقام الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، يولي الاقتصاديون اهتماماً أكبر لمبيعات المستهلكين والقطاع الخاص المحلي، وهو مقياس أضيق يعكس قوة الطلب الحقيقي. وقد سجل هذا المؤشر ارتفاعاً بنسبة 1.9% في الربع الثاني.

أما من ناحية التضخم، فقد أظهر التقرير أن مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، مستبعداً الغذاء والطاقة، ارتفع بنسبة 2.5%، في مستوى التقدير الأولي نفسه، وهو المؤشر المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي. ويترقب المستثمرون صدور بيانات تموز لتقدير نمو الاستهلاك الحقيقي والأجور، في مؤشر مهم لتحديد موقف البنك المركزي في السياسة النقدية خلال الربع الثالث. وفي أثناء مشاركته في مؤتمر جاكسون هول، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى أن تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار أصبح “واضحاً الآن”، لكنه لم يستبعد احتمال خفض الفائدة في أيلول في حال ضعف سوق العمل.

في سياق آخر، بدأ مكتب التجارة الأميركي بنشر بيانات الناتج المحلي الإجمالي عبر سلاسل الكتل العامة، بوصفه خطوة إضافية لنشر البيانات بشكل شفاف، بينما أظهرت تقارير منفصلة تراجع طلبات إعانات البطالة الأسبوعية، وهو مؤشر يسبق صدور تقرير التوظيف الشهري المقرر الأسبوع المقبل.