إي دريمز الإسبانية تُبعد نفسها عن المستوطنات الإسرائيلية: لا خدمات في الأراضي المحتلة

إي دريمز الإسبانية تُبعد نفسها عن المستوطنات الإسرائيلية: لا خدمات في الأراضي المحتلة

تتصاعد الضغوط الدولية على الشركات العالمية مع اتساع نطاق المساءلة بشأن أنشطتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أصبحت قضية المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية اختباراً لمدى التزام المؤسسات الاقتصادية بالقانون الدولي وحقوق الإنسان. وفي هذا السياق، وجدت شركة السفر الإسبانية “إي دريمز أوديجيو” نفسها في قلب عاصفة من الانتقادات بعدما ارتبط اسمها بقائمة مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان التي تضم الشركات المتورطة في أنشطة تدعم المستوطنات.

وبينما تمثل هذه القائمة أداة ضغط معنوية وأخلاقية على الشركات، فإنها في الوقت نفسه تحمل تداعيات مالية وتجارية تهدد سمعة أي مؤسسة عالمية. أمام ذلك، سارعت “إي دريمز” إلى الإعلان عن حذف أماكن الإقامة في المستوطنات من منصاتها الإلكترونية، في خطوة تهدف إلى النأي بنفسها عن أي اتهامات بالضلوع في انتهاكات للقانون الدولي، ولتؤكد حرصها على ترميم صورتها المؤسسية والتكيف مع بيئة الأعمال العالمية التي أصبحت أكثر حساسية تجاه القضايا الحقوقية والسياسية.

وفي تصريح لوكالة “رويترز”، قال المدير المالي لشركة السفر الإسبانية إي دريمز أوديجيو، اليوم الثلاثاء، إن الشركة حذفت أماكن الإقامة في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من موقعها الإلكتروني، وستواصل حجبها. وأضاف المدير المالي، دافيد إليثاجا، في تصريحات لوكالة “رويترز”، أن الشركة تتبع دوماً سياسة عدم تقديم خدمات في المستوطنات غير القانونية في الأراضي التي تحتلها إسرائيل، لكنه أوضح أن بعض أماكن السكن ظهرت تلقائياً على موقعها الإلكتروني بعد أن قام أصحابها بتحميلها على المنصات.

ولفتت هذه القضية الأنظار خلال اجتماع الجمعية العمومية السنوي في تموز/تموز الماضي، الذي شهد احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين ومناهضة للشركة، بعد أن كانت إي دريمز الإسبانية الوحيدة التي ورد اسمها في قائمة مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، المنشورة في 2023، والتي تضمنت شركات منخرطة في أنشطة متعلقة بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأشار إليثاجا إلى أن الشركة فعّلت آليات فحص إضافية لرصد الشقق والفنادق المعروضة في المستوطنات غير القانونية وحذفها، مؤكداً أن إي دريمز تتواصل مع الأمم المتحدة، وكذلك مع منظمات غير حكومية ومحلية، لضمان عدم إدراجها مجدداً في قوائم الشركات التي تقدم خدمات ومرافق تدعم صيانة المستوطنات ووجودها.

وقال إليثاجا إن الأمم المتحدة تعمل بالوتيرة التي تسمح بها مواردها، لكن من الضروري عدم إدراج شركتنا في النسخة المقبلة من التقرير،  ومن المقرر أن تصدر النسخة المحدثة من تقرير المفوضية قبل أيام قليلة من نشره رسمياً في 29 أيلول/أيلول الجاري.

على الصعيد المالي، أعلنت إي دريمز في وقت سابق اليوم تحقيق ربح صافٍ بلغ 13.6 مليون يورو (15.92 مليون دولار) خلال الفترة من إبريل/نيسان حتى حزيران/حزيران، مقارنة بخسارة صافية بلغت 1.2 مليون يورو في الفترة نفسها من العام الماضي.

منذ صدور قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإعداد قاعدة بيانات للشركات العاملة في هذه المستوطنات، تحولت هذه القضية إلى محور جدل عالمي يمس سمعة الشركات والتزامها بالقانون الدولي. والقائمة الأممية، التي نُشرت أول مرة عام 2020 وتم تحديثها في 2023، أثارت قلقاً واسعاً لدى الشركات المتورطة، إذ إنها تضعها في مواجهة اتهامات بمخالفة القانون الدولي الإنساني وقرارات الأمم المتحدة التي تعتبر المستوطنات غير قانونية. الشركات المدرجة في هذه القائمة تواجه ضغوطاً من منظمات حقوقية ومقاطعة محتملة من مستهلكين ومؤسسات مالية تتبنى سياسات استثمارية أخلاقية.

من جهة أخرى، تسعى الشركات، مثل إي دريمز، إلى حماية سمعتها التجارية في الأسواق الأوروبية والعالمية التي تزداد حساسية تجاه قضايا حقوق الإنسان. أي استمرار في تقديم خدمات بالمستوطنات قد يؤدي إلى خسارة شريحة واسعة من العملاء، خصوصاً في أوروبا حيث تنشط حركات المقاطعة وسحب الاستثمارات.

اقتصادياً، فإن إعلان إي دريمز عن أرباح فصلية إيجابية يعكس نجاح الشركة في تحسين أدائها المالي، لكن ارتباطها السابق بالقائمة الأممية كان يمثل تهديداً لصورتها المؤسسية. لذلك، فإن قرارها الأخير ينسجم مع استراتيجيات “إدارة المخاطر” التي تتبناها الشركات العابرة للحدود لتجنب التداعيات القانونية والسياسية والأخلاقية.

(الدولار = 0.8542 يورو)

(رويترز، العربي الجديد)

هدم بيوت الفلسطينيين في الضفة الغربية ارتفع 40% تطبيقاً لمخططات سموتريتش

هدم بيوت الفلسطينيين في الضفة الغربية ارتفع 40% تطبيقاً لمخططات سموتريتش

طرأت زيادة بنسبة 40% في عدد المباني الفلسطينية التي هدّمتها الجرافات الإسرائيلية، التابعة لوحدة الرقابة فيما يُسمى “الإدارة المدنية” في الضفة الغربية المحتلة، في النصف الأوّل من العام الجاري، وفقاً لتقرير أعدته الوحدة مؤخراً، مستعرضةً جرائمها ضد الفلسطينيين.

ويلفت التقرير الذي نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم”، اليوم الاثنين، إلى أن أحد المشاريع الرئيسية التي أطلقتها مديرية الاستيطان، التي أقامها وزير المالية، والوزير (الثاني) في وزارة الأمن، بتسلئيل سموتريتش، هدفت إلى ما أطلقت عليه الصحيفة “المعالجة الصارمة للبناء غير القانوني في مناطق “ج”، في إشارة إلى البناء الفلسطيني الذي أصبح بوصف الصحيفة “مشكلة استراتيجية” لأنه يُقام في منطقة تُشكّل 61% من مساحة الضفة الغربية، وتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة أمنياً ومدنياً بموجب اتفاقية أوسلو الثانية لعام 1995، وبموجبه تقرر إسرائيل منح حق تراخيص البناء من عدمها في هذه المنطقة.

التقرير الصادر عن المديرية يزعم أنه “على مدار سنوات طويلة، وفي ظل غياب تطبيق القانون، استولى الفلسطينيون على مساحات واسعة من الأراضي، وفي حالات قصوى أُقيمت قرى كاملة في مناطق يُفترض أن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة”. نتائج جرائم الهدم المتواصلة تظهر واضحة على الأرض، وهو ما يتبدى كذلك في تزايد البلاغات الفلسطينية على نطاق واسع حول عمليات الهدم. فعلى سبيل المثال، في الأسبوع الماضي هدم مبنى متعدد الطوابق في شرق كتلة “عتصيون”، كما نُفّذت عملية واسعة لهدم 40 مبنى “غير قانوني” في سوق وصفته الصحيفة بـ”العشوائي”، أقيم جنوب جبل الخليل.

ووفقاً للتقرير، طرأت قفزة بنحو 40% في عدد عمليات هدم المباني الفلسطينية “غير القانونية”، بالإضافة إلى زيادة بنحو 7% في اكتشاف مبانٍ “غير قانونية” جديدة. وبحسب الصحيفة فإنه في السنوات الأخيرة، سُجّل تراجع كبير في وتيرة بناء المباني “غير القانونية”، وذلك نتيجة عمليات إنفاذ القانون المكثفة والمتابعة التي تجريها أقسام الأراضي في المجالس المحلية وبلديات المستوطنات المختلفة.

الضفة… “السيادة الإسرائيلية أن نهدم أكثر مما يبنون”

ما سبق هو عملياً تطبيق لرؤية الوزير سموتريتش، صاحب “خطة الحسم”؛ حيث يعتقد بحسب ما تنقل عنه الصحيفة أن “السيطرة على الأرض هي جوهر المسألة. من يسيطر على الأرض هو من يحدد مستقبلها. من يطبّق القانون على الأرض هو من يفرض سيادته عملياً؛ وهذا بالضبط ما نقوم به”، مضيفاً أن “التقرير نصف السنوي لعام 2025 يُثبت أننا نواصل تغيير قواعد اللعبة؛ فنحن لا نكتفي بملاحقة البناء غير القانوني، بل ننجح في وقفه وإعادة الأرض إلى السيطرة الإسرائيلية الكاملة”.

وتشير المعطيات أيضاً إلى أنه في النصف الأول من عام 2025 هُدم 443 مبنى غير مُرخص، مقارنة بهدم 310 مبانٍ في النصف الأول من العام الماضي، والذي صنف بحد ذاته عاماً حُقق فيه رقم قياسي في عدد عمليات الهدم. إلى جانب ما سبق، رُصد 648 مبنى “غير قانوني” خلال الفترة ذاتها من هذا العام، مقابل 524 مبنى في الفترة نفسها من العام الماضي.

وفي السياق، يشير سموتريتش إلى أنه يطمح بالوصول لوضع يصبح فيه عدد المباني غير المرخصة المهدومة أكثر من تلك التي تُبنى، موضحاً: “إذا كان عام 2024 عاماً قياسياً في الهدم، فإن 2025 ستكون السنة الأولى منذ عام 1967 التي سنهدم فيها أكثر مما يبنون”. وشدد على أن “هذا ليس محض شعار، وإنما واقع يُنفّذ على الأرض يوماً بعد يوم، بفضل العمل الحازم الذي يقوم به مفتشو وحدة الرقابة في الإدارة المدنية، بقيادة مدير الوحدة، ماركو بن شبات”، واصفاً الأخير ورفاقه بأنهم “جنود المعركة على أرض إسرائيل، وهم مدعومون مني بالكامل على صعيد منحهم كل الموارد اللازمة… سنواصل معاً حماية الأرض وتطبيق السيادة الإسرائيلية عملياً فيها”.

إلى جانب الأهداف التوسعية، ومساعي إحكام السيطرة الإسرائيلية على الأرض وفرض السيادة عليها انطلاقاً أيضاً من أسس أيديولوجية وعقائدية تفترض أن “الاستيطان في أرض إسرائيل هو فريضة إلهية، التخلف عنها يجلب العقاب على الشعب اليهودي”، يلعب البُعد الأمني، بحسب زعم الصحيفة، دوراً مهماً في سياق عمليات هدم بيوت الفلسطينيين؛ إذ وفقاً لتوجيهات قائد فرقة يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، آفي بلوط، فإن التركيز على تسريع هدم المباني غير القانونية يأتي ضمن ما يصفه بـ”الطوق الأمني” في الضفة الغربية. وفي حين لم يتضح بالتفصيل ما المقصود بمصطلح “الطوق الأمني”، من جانب من يوصف بأنه “جنرال الدم”، الذي أمر بإعدام آلاف من شجرات الزيتون في المغير، لمعقابة سكانها الفلسطينيين، رجحت الصحيفة أن الحديث يدور عن مبانٍ تقع قرب المستوطنات أو قرب جدار الفصل، والتي قد تُعتبر “تهديداً أمنياً محتملاً للإسرائيليين”.

على الجانب الآخر، لم يتطرّق التقرير للبناء الإسرائيلي غير القانوني (بتعريف القانون الإسرائيلي). وقد ذُكر فقط أنه سُجّلت زيادة بنحو 90% في هدم مبانٍ إسرائيلية، إلى جانب ارتفاع بنحو 70% في اكتشاف مثل هذه المباني. ولكن في الغالبية العظمى من الحالات، وفقاً للصحيفة، يدور الحديث عن هدم متكرر لبؤرٍ أو مبانٍ متنقلة في تلال محددة، حيث يُحسب كل هدم بشكل منفصل، ما يؤدي إلى تزييف المعطيات والتلاعب فيها.

إلى جانب هدم المباني، سجلت قفزة في إجراءات إنفاذ القانون على ما يُصنّف بأنه “أراضي الدولة”: زيادة بنسبة 500% في أوامر الإخلاء ضد “التعدي” على “أراضي الدولة وأراضي المسح”، إلى جانب ارتفاع بنحو 30% في عدد حالات إزالة “التعديات”. وأنفذ القانون، بحسب التقرير، على 114 قضية، صُنّفت “تعدياً على أراض زراعية” وشمل الإنفاذ هدم المباني القائمة في الأراضي الزراعية أيضاً، مقارنة بـ21 حالة فقط في العام الماضي. إلى جانب ذلك نُفذت 58 عملية إخلاء (تهجير) فلسطينيين من “أراضي دولة”، مقارنة بـ44 في العام الماضي.

طبقاً لمعطيات التقرير، سُجّل تراجع كبير في مصادرة المعدات التي استُخدمت في أعمال “البناء غير القانوني” أو “التعدي”، وذلك بسبب إشكاليات قانونية؛ حيث صودرت خمس أدوات ومعدات فقط خلال هذه الفترة، مقارنة بـ14 في الفترة نفسها من العام الماضي. وعلى الرغم من أن النسب والزيادات الملحوظة في عمليات مصادرة أراضي الفلسطينيين وحقهم في البناء التي وصفت في التقرير بأنها “إنجازات”، كانت كبيرة جداً، لفت معدوه إلى أن هذه الإنجازات كانت ستُضاعف لولا أن  جزءاً كبيراً من مفتشي وحدة الرقابة لم يُستدعوا للخدمة العسكرية في الجيش بموجب “الأمر 8″، ما أعاق حضورهم لعملهم، وتسبب عملياً في نقص القوى العاملة التي تُنفذ عمليات الهدم؛ وبحسب مصدر في وزارة الاستيطان فإنه “لولا النقص في الموظفين بسبب الاستدعاء للخدمة الاحتياطية، لكان عدد عمليات الهدم قد تضاعف”.

مشاريع استيطانية مستقبلية

إلى جانب “الإنجازات” المتعددة التي ذكرها التقرير، وتبدت عملياً في جرائم الهدم ومصادرة الأراضي، أشار أيضاً إلى جرائم هدم مخطط لها مُستقبلاً بينها المساعي المبذولة مع المستشار القضائي لوزارة الأمن والمستشار القضائي لـ”يهودا والسامرة” (الاسم التوراتي للضفة الغربية) لدفع عمليات هدم مبانٍ تقع في “منطقة تدريبات إطلاق النار 918″، أي قرية مسافر يطا الفلسطينية. وعلى الرغم من أنه هدمت الجرافات الإسرائيلية بالفعل 18 مبنى في هذه المنطقة، لفتت الصحيفة إلى أن “ثمة عمل كثير ينبغي فعله” في إشارة إلى مزيد من عمليات الهدم.
إلى ذلك، ذكر التقرير أنه دُفع هذا العام، بإجراءات إدارية سريعة للتعامل مع “البناء غير القانوني” في محيط شارعين حاسمين بالنسبة للاستيطان، وهما شارع “نسيج الحياة” قرب معبر الزعيم بجوار مستوطنة “معاليه أدوميم”. ومشروع “نفق قلنديا” المتوقع افتتاحه خلال نصف سنة تقريباً. وعملياً فإن الأبنية الفلسطينية التي تشكل عائقاً في تنفيذ هذين المشروعين سيطاولها الهدم.