الشبلي لـ”العربي الجديد”: الأردن ضاعف مساعداته لغزة رغم قيود إسرائيل

الشبلي لـ”العربي الجديد”: الأردن ضاعف مساعداته لغزة رغم قيود إسرائيل

قال الأمين العام للهيئة الخيرية الهاشمية الأردنية، حسين الشبلي، إن الأردن يبذل جهوداً كبيرة لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، وخاصة المواد الغذائية والطبية منها، رغم عظم التحديات والمعوقات التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي والمخاطر الكبيرة التي تنطوي على إرسال تلك المساعدات وخاصة بواسطة الشاحنات.

وأضاف في حوار مع “العربي الجديد” أنه ومن خلال الممر الإغاثي الأردني يفرض الواقع قيوداً وعوائق أهمها، القيود الإجرائية التي تعوق إدخال المساعدات، وفرض قيود جمركية، وتحديد نقاط الدخول إلى القطاع، والتعمد في عدم تنظيم العملية الإغاثية في غزة، واستبعاد الصحافة العالمية من تغطية الأحداث داخل القطاع.

وفيما يلي نص الحوار:

  • دور إغاثي وإنساني يقوم به الأردن لدعم قطاع غزة، هل تطلعنا على تلك المساعدات وحجمها؟

تقدم الهيئة مساعدات لقطاع غزة من قبل اندلاع الحرب الأخيرة، وخلال الفترة من عام 2008 وحتى السابع من تشرين الأول/تشرين الأول من عام 2023 قدمت الهيئة مساعدات لغزة بقيمة إجمالية بلغت حوالي 93 مليون دولار على شكل مساعدات طبية وصحية وغذائية وإغاثية وتعليمية ونقدية. أما المساعدات المقدمة من خلال الهيئة لقطاع غزة منذ بداية حملة “لأهلنا في غزة” من تاريخ السابع من تشرين الأول من عام 2023 وحتى شهر آب/آب 2025 فقد بلغت قيمتها حوالي 571,073,540 مليون دولار وتوزعت بين المساعدات الإغاثية والطبية والصحية والغذائية والتعليمية والنقدية. وتضمنت إرسال 53 طائرة إغاثية إلى القطاع عبر مطار العريش، و193 قافلة بمجموع 8,455 شاحنة، و164 إنزالاً جوياً أردنياً، و400 إنزال بالتعاون مع دول شقيقة وصديقة، و102 طائرة عمودية ضمن الجسر الجوي، و6 آلاف وحدة دم، و535 طرفاً صناعياً، وحوالي 119 ألف طن مساعدات، وأكثر من مليون وحدة غذائية، ونحو 29 ألف ربطة خبز، إلى جانب المعالجات الطبية والمراجعات الصحية المختلفة.

  • ما أبرز الصعوبات التي تواجه الهيئة في إرسال المساعدات؟

من خلال الممر الإغاثي الأردني يفرض الواقع قيوداً وعوائق، أهمها القيود الإجرائية التي تعوق إدخال المساعدات، وفرض قيود جمركية، وتحديد نقاط الدخول إلى القطاع، والتعمد في عدم تنظيم العملية الإغاثية في غزة، واستبعاد الصحافة العالمية من تغطية الأحداث داخل القطاع، وحرمان عدد من المنظمات الدولية من العمل داخل القطاع مثل أونروا، والتعمد في إطالة أمد التفتيش ومدة وصول المساعدات، واعتداءات المستوطنين على القوافل، وتقييد نوع وكميات المواد مع منع إدخال مواد أساسية مثل المولدات وألواح الطاقة والمعدات الطبية، وكذلك انتشار تجارة الحرب واحتكار المواد، والفوضى المصطنعة، وتشكيل المليشيات الموجهة، والتدخل في عمل الوكالات المعنية بالعمل الإنساني داخل قطاع غزة، وتقليل نقاط توزيع المساعدات من 400 نقطة إلى 4 نقاط فقط. وهذه المآذارات أدت إلى صعوبة تنفيذ العملية الإغاثية في القطاع والتي تعد انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، وربما تصل إلى حد العقاب الجماعي المحظور بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة والذي يرقى إلى جريمة حرب.

الصورة

طرود مساعدات إنسانية من الأردن إلى غزة، 14 آب 2025 (Getty)

طرود مساعدات إنسانية من الأردن إلى غزة، 14 آب 2025 (Getty)

وبالرغم من التحديات فقد حافظ الأردن على التزامه الثابت تجاه غزة، من خلال التبرعات الشعبية والمجتمعية الأردنية ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية، وتوقيع 172 اتفاقية مع 29 دولة، منها 9 دول عربية لغايات إغاثية للقطاع. ويجري تنسيق إرسال المساعدات عبر الممر الإغاثي البري والجسر الجوي والتعاون مع الأمم المتحدة والوكالات الأممية والدولية في إيصال المساعدات الإنسانية وإدارة المخزون الإغاثي، بهدف إدامة تدفق المساعدات، وتأمين الدعم اللوجستي الدولي، من خلال موقع الأردن الجيوسياسي، وقدراته التنظيمية .

  • ما المهام التي تضطلع بها الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية؟

تضطلع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية التي تأسست عام 1990 بالعديد من المهام، فهي الذراع الرسمية للعمل الإغاثي والإنساني في الأردن، وهي مؤسسة وطنية غير ربحية تعمل تحت توجيهات الملك، وتُعنى بتنفيذ رسائل الأردن الإنسانية داخل البلاد وخارجها. تتمثل مهامها في إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية لمستحقيها وبأعلى درجات الكفاءة والشفافية، سواء في حالات الطوارئ والكوارث أو ضمن برامج مستدامة تستهدف تحسين أوضاع المجتمعات.
وتعتبر الهيئة مؤسسة وطنية لعمل الخير غير حكومية وغير ربحية، ذات نشاط متعدد الجوانب، تسعى لتحريك الفعاليات الخيرية التطوعية، والتعاون معها داخل الأردن وخارجه، ولترجمة مشاعر المحسنين ومساعداتهم في مشروعات وبرامج ترسخ معاني الخير، وتعمق مفاهيم العدالة والتكافل على المستويات الوطنية والعربية والإسلامية والدولية، وتؤكد معاني الانتماء والنماء، وتهتم بالعمل التطوعي والخدمة العامة، وتحرص على إيجاد فرص الحياة الكريمة من خلال مشروعات وبرامج تنموية وتأهيلية تتولى الهيئة إنشاءها أو إدارتها لتغطي النواحي الاقتصادية والإنسانية على حد سواء، بالإضافة إلى اهتمام خاص بالمساعدات الطارئة والفورية في حالات الكوارث والنوازل العامة. على أساس من نظرة إنسانية شاملة تلاحظ العلاقات الدولية الواسعة للمملكة الأردنية الهاشمية.

الصورة

مساعدات أردنية إلى غزة، 28 كانون الثاني 2028 (الهيئة الخيرية الهاشمية/فيسبوك)

مساعدات أردنية إلى غزة، 28 كانون الثاني 2028 (الهيئة الخيرية الهاشمية/فيسبوك)

والهيئة تعتبر رائدة في العمل الإغاثي والخيري والتعاوني المبني على القيم الإنسانية والإسلامية والموروث الاجتماعي، وتعمل على إرساء أسس ثابتة في العمل الإغاثي والخيري والتعاوني لتخدم كجزء من منظومة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافة الإنسانية في المجتمعات وتنفيذها وصولاً إلى تحقيق حياة كريمة للأفراد، قائمة على تمكينهم، في إطار من التعاون والشراكات الإقليمية والدولية.

  • ما آلية عمل الهيئة والجهات التي تنسق معها داخلياً وخارجياً؟

تعتمد الهيئة على منظومة عمل لوجستية وإدارية متكاملة، حيث تمتلك مستودعات استراتيجية داخل الأردن، إضافة إلى أسطول من الشاحنات والآليات، وتعمل بالتنسيق المباشر مع القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، التي تضطلع بدور رئيسي في إيصال المساعدات عبر الجسور البرية والجوية.
داخلياً، تنسّق الهيئة مع الوزارات والمؤسسات الوطنية مثل وزارة التنمية الاجتماعية، وزارة الصحة، وزارة التربية والتعليم، وأيضاً مع البلديات والمجتمع المحلي. أما خارجياً، فهي على تواصل دائم مع الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة (برنامج الأغذية العالمي، أونروا، يونيسف، منظمة الصحة العالمية)، إضافة إلى الصليب الأحمر، والهلال الأحمر، ومنظمات المجتمع المدني العربية والدولية، وكذلك مع السفارات والدول المانحة التي تعتمد على خبرة الهيئة في توزيع المساعدات داخل الأردن وخارجه.

  • ما أبرز مجالات عمل الهيئة والمناطق التي تقدم خدماتها فيها؟

تقود الهيئة مشاريع داخلية عدة تهدف إلى تحسين ظروف حياة الأسر العفيفة في المملكة، من خلال تغطية مختلف الجوانب والنواحي التي تتراوح ما بين توزيع المساعدات الغذائيّة، وتوفير الإيواء للأسر المحتاجة، ودعم القطاعين التعليمي والصحي. كما تعمل الهيئة على تمكين الأفراد، وتعزيز قدراتهم لضمان تحسين فرصهم المستقبليّة، من خلال تقديم برامج الدعم النفسي والبرامج التدريبيّة. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الهيئة بتنفيذ مشاريع كفالة ورعاية الأيتام. ولضمان تعزيز فاعليّة هذه الجهود، وتحقيق أكبر أثر ممكن في حياة الأفراد والمجتمع ككل، تعمل الهيئة على تنفيذ مختلف هذه المشاريع، بالتعاون مع شركاء محليّين وإقليميّين ودوليّين يشاركونها رؤيتها وتطلّعاتها.

 

ومن البرامج التي تنفذها البرامج الإغاثية والإيوائية والتي تعد من أبرز البرامج الحيويّة المصمّمة خصيصى لدعم المجتمعات المتضرّرة من الكوارث الطبيعيّة والنزاعات، من خلال تقديم الدعم اللازم لتوفير بيئة آمنة ودافئة للأسر والأفراد في هذه المجتمعات، حتى يتمكنوا من استعادة استقرارهم. وهي تشمل توفير وحدات سكنيّة مؤقتة (كرفانات) يمكن نقلها وتركيبها بسرعة لتوفير المأوى، إلى جانب برامج التشتية لتأمين مصادر الوقود والتدفئة لحماية الأفراد من برودة الطقس، خاصة في الأماكن التي تشهد تقلّبات مناخيّة قاسية.

أما برنامج الأمن الغذائي فتعمل الهيئة طيلة العام على توفير الدعم الغذائي للأسر العفيفة وتلبية احتياجاتهم الأساسيّة عبر توزيع الطرود والقسائم الغذائية، وتوزيعات اللحوم والتمور، وغيرها. وضمن جهودها الرامية إلى دعم الاقتصاد الوطني المحلّي وتحفيز نموّه، تحرص الهيئة على شراء مختلف هذه المواد الغذائية والسلع من السوق الأردنيّ المحلي ومنح أولويّة الشراء للشراكات المحليّة، الأمر الذي يساهم في خلق مزيد من فرص العمل، وتحسين الظروف المعيشيّة في المجتمعات الأردنيّة.

  • وماذا عن برنامج دعم القطاعين التعليمي والصحي؟

تؤمن الهيئة بأهميّة دعم قطاع التعلّم والتعليم في بناء أجيال وقادة المستقبل، وبالدور الحيوي الذي يلعبه في تعزيز التنمية الشاملة، لذا تعمل على توفير منح تعليميّة للطلاب المحتاجين، مع التركيز على التخصصات الأكثر طلباً في سوق العمل. كما تحرص الهيئة على توفير بيئة تعليميّة آمنة ومحفزة، من خلال بناء المدارس، والقيام بصيانة وتأهيل مرافقها المختلفة؛ مثل مختبرات الحاسوب، والغرف الصفيّة، والحدائق المدرسيّة. وسنوياً، تقوم الهيئة بتوفير وتوزيع الأدوات التعليميّة الأساسيّة؛ مثل الحقائب المدرسية والقرطاسية والزي المدرسي والملابس، لتخفيف العبء المالي على الأسر ذات الدخل المحدود، وتمكين الطلاب من مواصلة تعليمهم بفعاليّة، وبما يعزّز فرصهم في بناء مستقبل أفضل.

ويشكّل القطاع الصحي ركيزة أساسيّة وضروريّة في أي مجتمع، وتلتزم الهيئة بتعزيز الخدمات الصحية المقدّمة، وتسهيل وصول الأفراد إليها، من خلال تأسيس وتجهيز عدد من العيادات والمستشفيات، وتوفير المستلزمات الطبيّة الطارئة. كما تقوم الهيئة على مدار العام بتأمين طرود النظافة الشخصيّة، وتوزيعها على المحتاجين في أنحاء المملكة، إلى جانب أن الهيئة تسعى من خلال جهودها المستمرة والتزامها المتواصل إلى توفير شبكة أمان اجتماعيّة تحتضن الأطفال الأيتام، وتمنحهم الدعم اللازم والفرص الأساسيّة للعيش بكرامة وأمان، وتساهم في تحقيق استقرارهم النفسيّ والاجتماعيّ، حتى يتمكنوا من مواصلة مسيرتهم التعليميّة، والحصول على فرص مستقبليّة أكثر إشراقاً. ومن خلال برنامج كفالات الأيتام، توفّر الهيئة كفالات نقديّة لتغطية الاحتياجات اليوميّة للأيتام من الغذاء، والرعاية الصحيّة، والملابس، بالإضافة إلى تغطية التكاليف والرسوم التعليميّة. إضافة الى برنامج توفير الكساء (بنك الملابس الخيري)، ومشاريع التدريب المختلفة التي تستهدف عمليات التمكين في التنمية.

  • ماذا عن برنامج دعم اللاجئين السوريين خارج المخيمات؟

بالتزامن مع اندلاع الأزمة السورية عام 2011، وبتكليف حكوميّ، بدأت الهيئة الخيريّة الأردنيّة الهاشميّة بإنشاء وإدارة مخيم الزعتري للاجئين السوريّين في الأردن. ومع حلول عام 2013، أقرّت رئاسة الوزراء بإنهاء تكليف الهيئة في إدارة المخيمات، وتخويلها للقيام بالتنسيق مع المنظمات الدوليّة والجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني في مختلف المحافظات، والإشراف عليها في ما يُعنى بالتوزيعات العينيّة الخاصة باللاجئين السوريين الموجودين خارج المخيّمات في الأردن.

  • ما أبرز مصادر تمويل الهيئة؟

تتأتى مصادر التمويل بداية من الديوان الملكي والوقفيات (ما يوقف للهيئة من الأموال المنقولة وغير المنقولة) والبرامج والمشاريع بدعم من المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية وحملات التبرعات الإغاثية والمساعدات وفق القوانين والأنظمة.

  •  ما البلدان التي استفادت من خدمات الهيئة عربياً وأجنبياً؟

عملت الهيئة على تقديم المساعدات لـ 42 دولة حول العالم، منها في آسيا مثل فلسطين وأفغانستان وباكستان والصين والعراق والفيليبين وغيرها، وفي أفريقيا مثل الجزائر والسودان والصومال والكونغو والمغرب وتونس وجزر القمر وغيرها، وكذلك في العديد من الدول الأوروبية وأميركا الشمالية، وبكلفة إجمالية بلغت حوالي 682,840,185 مليون دولار.

  • ما أبرز المشاريع التي تعكف الهيئة على تنفيذها حالياً؟

تعمل الهيئة حالياً على تعزيز بنيتها التحتية من خلال بناء وتطوير مستودعات استراتيجية جديدة مجهزة بأنظمة حديثة للتخزين والتبريد، والحفاظ على المواد الغذائية والطبية. كما تعمل على إدخال تقنيات حديثة في إدارة سلسلة التوريد، بما يعزز سرعة الاستجابة عند حدوث الأزمات. إضافة إلى ذلك، تواصل تنفيذ برامج مشاريع إغاثية ومجتمعية داخل الأردن، مثل الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية المباشرة كالطرود، ومشروع كفالة الأيتام وتوزيع لحوم الأضاحي المجمدة، وتوزيع القرطاسية المدرسية على الطلاب المحتاجين، واستمرار تقديم خدمات للأطفال والنساء، من خلال مركز “ترابط” للتدريب المجتمعي لإتاحة التعلّم اللامنهجي، وصالة “ضي” لعرض منتجات السيدات الحرفية، وتحسين المستوى المعيشي للمتدربات والمتدربين من الخريجين في دوراتنا التدريبية، ومواصلة تقديم برامج الدعم النفسي والإسناد الاجتماعي، من خلال مشروع طمأنه، وتقديم دورات التمكين والتدريب من أجل التشغيل من خلال مشروع أرزاق.

  • ما خطط الهيئة للتعامل مع زيادة حجم المساعدات وخاصة المتجهة إلى غزة؟

تستعد الهيئة لمضاعفة قدرتها التخزينية عبر مستودعات جديدة، وتوسيع شبكة المتطوعين، وتكثيف الشراكات الدولية، بما يتيح التعامل مع أي ارتفاع متوقع في حجم المساعدات، خصوصاً مع طول أمد الأزمة. وتجربة الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية في العمل الإغاثي أصبحت نموذجاً يُحتذى به، حيث طلبت دول ومنظمات عدة الاطلاع على تجربتها في إدارة المساعدات وتوزيعها، لما تتميز به من كفاءة وشفافية وسرعة استجابة. والهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية تمثل اليوم قصة نجاح أردنية بامتياز، إذ جمعت بين المهنية والشفافية والبعد الإنساني، ورسّخت صورة الأردن بلداً إنسانياً يقف دائماً مع الشعوب المتضررة. 

خبراء أمميون ينددون بحالات اختفاء قسري في مواقع “مؤسسة غزة الإنسانية”

خبراء أمميون ينددون بحالات اختفاء قسري في مواقع “مؤسسة غزة الإنسانية”

عبر خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة اليوم الخميس عن قلقهم إزاء تقارير عن حالات “اختفاء قسري” ضحيتها فلسطينيون جوعى كانوا يحاولون الحصول على الطعام في مواقع توزيع تديرها “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة أميركياً، وطالبوا إسرائيل بوضع حد لهذه “الجريمة البشعة”. وأفاد الخبراء المستقلون السبعة في بيان مشترك أنهم تلقوا تقارير تفيد بأن عدداً من الأفراد، بينهم طفل، كانوا ضحية “الاختفاء القسري” بعد توجههم إلى مواقع لتوزيع المساعدات في رفح.

وأضافوا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، بحسب التقارير، “متورط بشكل مباشر في حالات الاختفاء القسري لأشخاص كانوا يسعون للحصول على المساعدة”، فيما سارعت “مؤسسة غزة الإنسانية” إلى القول إنه “لا دليل على حالات اختفاء قسري” في مواقع توزيع المساعدات. وزعمت في بيان “نحن نعمل في منطقة حرب، حيث تُوجه اتهامات خطيرة إلى جميع الأطراف التي تعمل خارج موقعنا، لكن داخل منشآت مؤسسة غزة الإنسانية، لا يوجد أي دليل على وقوع حالات اختفاء قسري“.

في الأثناء، جاء في رسالة اطلعت عليها “رويترز” أن مئات الموظفين في مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك طلبوا منه وصف حرب غزة صراحة بأنها إبادة جماعية تحدث حالياً. وأظهرت الرسالة، التي وُجهت أمس الأربعاء، أن الموظفين يعتبرون أن المعايير القانونية من أجل وصف ما يحدث بأنه إبادة جماعية قد تحققت في الحرب الإسرائيلية غزة المتواصلة منذ 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023، وأشاروا إلى حجم الانتهاكات الموثقة هناك ونطاقها وطبيعتها.

وتؤكد بيانات الأمم المتحدة أن أكثر من 1800 فلسطيني قُتلوا في أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء منذ أيار/ أيار الماضي، بينهم نحو ألف شخص في محيط مواقع “مؤسسة غزة الإنسانية”. وتشير تقارير مفوضية حقوق الإنسان إلى أن إطلاق النار أصبح شبه يومي في تلك المواقع، فيما تحدث مقاولون أميركيون سابقون لوسائل إعلام أخرى عن مشاهدتهم إطلاق نار على الحشود الفلسطينية.

وترفض وكالات الأمم المتحدة وأغلبية المنظمات الإنسانية العاملة في غزة التعاون مع “مؤسسة غزة الإنسانية” مع التشكيك في آليات عملها ومبادئها. ومنذ افتتاحها نقاط توزيع للمواد الغذائية في أيار/أيار في غزة، استشهد مئات الفلسطينيين بنيران إسرائيلية وهم ينتظرون الحصول على ما يمسك رمقهم في هذه المواقع. وطالبت السلطة الفيدرالية السويسرية للرقابة على الشركات المؤسسة بتوضيح الوضع حتّى نهاية حزيران/حزيران الفائت، “نظراً إلى أنها لا تحترم بعض التزاماتها القانونية”.

وبعد أشهر من التحذيرات، أعلنت الأمم المتحدة في 22 آب/آب الجاري رسميّاً حالة المجاعة في غزة. وأصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من المنظمة الدولية، والذي يتّخذ من روما مقرّاً له، تقريراً أفاد بوجود مجاعة في محافظة غزة التي تضمّ مدينة غزة ومحيطها وتشكل 20% من مساحة القطاع، مع تقديرات بأن تنتشر المجاعة في دير البلح (وسط)، وخانيونس (جنوب)، بحلول أواخر أيلول/ أيلول المقبل.

(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)

برنامج الأغذية العالمي: المساعدات الإضافية لقطاع غزة غير كافية إطلاقاً

برنامج الأغذية العالمي: المساعدات الإضافية لقطاع غزة غير كافية إطلاقاً

كشفت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، اليوم الخميس، أنّ مساعداتٍ غذائية إضافية تصل إلى قطاع غزة، لكنّها لا تزال غير كافية إطلاقاً لمنع انتشار المجاعة. وأردفت بالقول: “تدخل كميات إضافية من الغذاء. نسير في الاتجاه الصحيح، لكنّها لا تكفي للقيام بما يتعيّن علينا فعله لضمان ألا يعاني السكان من سوء التغذية والتضوّر جوعاً”. وذكرت أنّ البرنامج قادر حاليّاً على توصيل نحو 100 شاحنة مساعدات يوميّاً إلى غزة، لكن هذا العدد لا يزال أقل بكثير من 600 شاحنة كانت تدخل إلى قطاع غزة بشكل يومي خلال وقف إطلاق النار.

وحذّرت ماكين بعد زيارة لغزة من أنّ القطاع وصل إلى “حافة الانهيار الكامل”، داعيةً إلى معاودة تفعيل شبكة البرنامج لتوزيع المواد الغذائية بصورة عاجلة منعاً لاتّساع انتشار المجاعة. وأتت زيارتها إلى القطاع عقب إعلان الأمم المتحدة رسميّاً المجاعة في غزة في 22 آب/ آب الجاري. وقالت ماكين في بيان: “التقيتُ أطفالاً يتضوّرون جوعاً ويتلقّون علاجاتٍ لسوء التغذية الخطير، ورأيتُ صوراً لهم حين كانوا بصحة جيدة. لا يمكن التعرّف إليهم”. وأضافت: “بلغ اليأس ذروته وكنت شاهدة على ذلك بشكل مباشر”.

ولم يتسنَّ الحصول على تعليق من وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي تابعة للجيش الإسرائيلي، وتشرف على تدفق المساعدات إلى القطاع، بحسب تصريحات ماكين. وقال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي للجوع، في تقرير أصدره، الجمعة، إنّ نحو 514 ألف شخص، أي ما يقرب من ربع سكان القطاع، يواجهون حاليّاً ظروف المجاعة في مدينة غزة والمناطق المحيطة بها. وهاجمت إسرائيل مراراً هذه النتائج، ووصفتها بأنها “مغلوطة ومنحازة لحركة حماس”.

وزارت ماكين هذا الأسبوع دير البلح وخانيونس، وتفقّدت عيادة تقدم الخدمات للأطفال والحوامل والمرضعات، والتقت أمهات من النازحين روَين لها المعاناة اليومية، كما سلّطت الضوء على الصعوبات المستمرة التي تواجه إيصال المساعدات للسكان الأكثر عرضة للخطر في عمق قطاع غزة. وقالت: “ما شهدناه هو خراب تامّ. بتعبيرٍ مبسّط مناطق سُوّيت بالأرض. ورأينا سكاناً يعانون من جوعٍ وسوء تغذية لدرجة بالغة الخطورة”.

وأضافت: “يثبت ذلك وجهة نظري، وهي أنّنا نحتاج للتمكن من الوصول إلى العمق (في قطاع غزة) لنتأكد من أنهم يحصلون باستمرار على ما يحتاجونه”. وشدّدت على الحاجة “الفورية لإعادة تفعيل شبكتنا الواسعة الموثوقة من 200 نقطة توزيع للغذاء في أنحاء قطاع غزة والتكيات والمخابز”، وعلى الأهمية العاجلة “لتوفير الظروف الملائمة لنتمكن من مساعدة الأكثر ضعفاً وإنقاذ حياة الناس”.

ورأت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، أنّ التحسن الطفيف الذي تحقق في دخول الأغذية والإمدادات التي تُتاح تجاريّاً إلى قطاع غزة ساهم في تراجع الأسعار، لكنّ أغلب السكان لا يستطيعون تحمّل تكلفته. وأملت أن يتمكن برنامج الأغذية العالمي من الدخول بشكل أكبر إلى قطاع غزة، بعد اجتماع عُقد أمس الأربعاء مع رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير، ضغطت خلاله للوصول إلى هناك من دون عوائق، وإتاحة المزيد من الطرق الآمنة، وضمان عدم تعرّض الشاحنات لعمليات مطوّلة قبل الحصول على الإذن والتصاريح بالدخول. وأفاد بيان للجيش بأنّ زامير “أكد التزام إسرائيل بإتاحة وصول المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة”.

وحذّر تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي من أنّ المجاعة قد تنتشر إلى دير البلح في وسط القطاع وخانيونس في جنوبه بنهاية أيلول/ أيلول المقبل. ووصفت ماكين تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي بأنّه “المعيار الذهبي” لقياس انعدام الأمن الغذائي، وحثت على تكثيف دخول المساعدات للقطاع.

ورفضت إسرائيل تقرير المرصد العالمي، وقالت إنّه “معيب للغاية”، وطالبت أمس الأربعاء التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي بسحبه. ولم يصدر بعد من المرصد تعليق على ذلك. كما طالبت إسرائيل بسحب تقرير الخبراء الذي استندت إليه الأمم المتحدة لإعلان المجاعة، والذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنّه “كذب صريح”. وأتت تصريحات ماكين في وقت كثّف الجيش الإسرائيلي، أمس الأربعاء، عملياته عند أطراف مدينة غزة التي يسعى لإخلائها من سكانها على الرغم من إعلان الأمم المتحدة المجاعة فيها.

(رويترز، فرانس برس)