عيد الفصح.. ذكرى “قيامة المسيح” في القدس

عيد الفصح.. ذكرى “قيامة المسيح” في القدس

عيد مسيحي، يُعرف أيضا بـ”عيد القيامة”، يمثل قمة الأسبوع المقدس الذي يحاكي في طقوسه الأسبوع الأخير في حياة السيد المسيح، وفق المعتقدات المسيحية. يُعد من أقدس المناسبات الدينية في مدينة القدس.

تعريف ومعنى العيد

يُجسد عيد الفصح انتصار الحياة على الموت، والنور على الظلام، والخلاص بعد المعاناة، وذلك عبر إحياء ذكرى قيامة المسيح من بين الأموات بعد صلبه ودفنه، وفق العقيدة المسيحية.

يُطلق عليه في اللغة العربية “الفصح” نسبة إلى العبور والخلاص، وفي اللغة الآرامية كلمة “الشعانيني” (هوشعنا)، والتي “يا رب خلّصنا”، وهي دعوة للخلاص والنجاة.

توقيت العيد

عيد الفصح من الأعياد المتنقلة، فسنويا يتغير تاريخه، الذي يحسب استنادا إلى التقويم القمري الشرقي والغربي، وليس بناء على الرؤية أو المشاهدة، ويُحتفل به عادة بين أواخر آذار/آذار وأواخر نيسان/نيسان.

وتعتمد الكنائس الغربية (الكاثوليكية والبروتستانتية) التقويم الغريغوري (الميلادي)، أما الكنائس الشرقية (الأرثوذكسية) فتعتمد التقويم اليولياني (التقويم الشمسي)، وغالبا ما يأتي الفصح عندهم بعد الفصح الغربي بأسبوع أو أكثر.

الطوائف التي تحتفل بعيد الفصح

تحتفل بعيد الفصح الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والأنجليكانية والبروتستانتية، ولا تحتفل به بعض الطوائف المسيحية مثل “شهود يهوه”، التي تحيي بدلا عنه ذكرى موت المسيح فقط، وفي يوم محدد حسب حساباتها الخاصة.

طقوس أسبوع الفصح

يبدأ أسبوع الفصح من “أحد الشعانين” ويُختتم بـ”أحد القيامة”، ويُعد تمثيلا دراميا وروحيا لأيام المسيح الأخيرة في الأرض، وفق المعتقدات المسيحية. وتختلف الطقوس بين الطوائف، لكنها تلتقي في الجوهر الروحي.

  • أحد الشعانين: افتتاح الأسبوع المقدس

يحيي المسيحيون ذكرى دخول المسيح إلى القدس، حيث استقبله الناس بسعف النخل والزيتون.

وفي القدس، تنطلق مسيرة شعبية من بيت فاجي بجبل الزيتون حتى كنيسة القديسة حنّة داخل البلدة القديمة، حاملين أغصان الزيتون والنخيل. ويردد المشاركون عبارة “هوشعنا لابن داود”، كناية عن مناشدتهم السلام.

3-أسيل جندي، البلدة القديمة، صورة من داخل كنيسة القيامة التي تعد مقصدا لكل الحجاج المسيحيين في العالم خلال عيد الفصح(الجزيرة نت)
مشهد من كنيسة القيامة بالبلدة القديمة التي تعد مقصدا لكل الحجاج المسيحيين بالعالم في عيد الفصح (الجزيرة)
  • خميس الأسرار: ذكرى العشاء الأخير
إعلان

في هذا اليوم، يستذكر المسيحيون العشاء الأخير الذي جمع فيه يسوع تلاميذه وغسل أقدامهم.

وتقام الطقوس تُقام في “العليّة” (المكان التقليدي للعشاء الأخير) وتشمل غسل أقدام المصلين وقراءات كتابية تؤكد التواضع.

  • جمعة الآلام: درب الصليب

يُقام موكب صامت في درب الآلام داخل البلدة القديمة، ويحمل المشاركون صلبانا خشبية ويتلون الصلوات عند المحطات الـ14، حتى الوصول إلى كنيسة القيامة.

  • سبت النور: شعلة القيامة

في هذا اليوم، تُقام طقوس “النور المقدس” في كنيسة القيامة، حيث يعتقد المسيحيون أن نورا سماويا يخرج من قبر المسيح ويُشعل الشموع. وتجتذب هذه الطقوس آلاف الحجاج، وتُنقل مباشرة على شاشات التلفزة.

1-أسيل جندي، القدس المحتلة، جانب من مسيرة الشعانين التي تعد أحد أهم الطقوس في الأسبوع المقدس بعيد الفصح(الجزيرة نت).
جانب من مسيرة الشعانين التي تعد أحد أهم الطقوس في الأسبوع المقدس بعيد الفصح (الجزيرة)
  • أحد القيامة: يوم الفرح الأعظم

يُقام قداس الفصح فجرا في كنيسة القيامة، وتُقرع الأجراس احتفالا بـ”قيامة المسيح”. يتبادل المؤمنون التهاني بعبارة “المسيح قام- حقا قام”، وتنتشر أجواء الفرح في الأحياء المسيحية.

تناقص الحضور المسيحي في القدس

تُقدّر أعداد المسيحيين في القدس بنحو 10 آلاف فقط من أصل نحو 350 ألف نسمة عام 1948، إذ كانوا يشكلون أكثر من 20% من السكان قبل ذلك العام.

ويعزى هذا الانخفاض إلى عوامل سياسية واقتصادية، من أبرزها الاحتلال والتمييز وصعوبة الحياة المعيشية.

وتشير تقارير كنسية إلى أن نسبة الهجرة المسيحية من القدس في تزايد مستمر، مما يهدد التوازن الديمغرافي والديني في المدينة المقدسة.

إسرائيل تهاجم بيان مجلس الأمن حول غزة

إسرائيل تهاجم بيان مجلس الأمن حول غزة

هاجمت إسرائيل بيان مجلس الأمن الداعي إلى وقف فوري للحرب على غزة وتسليم الأسرى ووقف المجاعة.

 يأتي هذا مع بدء الخارجية الإسرائيلية حملة إعلامية للرد على تقرير يؤكد أن ربع سكان غزة يعانون من الجوع الشديد.

محمود زيباوي وإرث أيقونات القدس

محمود زيباوي وإرث أيقونات القدس

عادةً ما يقودنا الحديث، عندما نأتي على سيرة الأيقونات المسيحية، إلى تتبُّع هذا الفنّ الكنسي في أصوله التاريخية القديمة، بل إلى حصر التركيز، وبشكل كبير، على حواضره غير العربية التي انتعش فيها. لكن ماذا لو وقفنا على حدوده في أواخر العصر العثماني، أي خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر؟ وفي مدينة مثل القدس التي شهدت خلال هذه الفترة ازدهاراً كبيراً، كما يُفيدنا معرضٌ جمَعه ونسّقه الباحث ومؤرّخ الفنون اللبناني محمود زيباوي، وافتُتح أخيراً في دار النمر للفن والثقافة ببيروت.

تعكس مقتنيات المعرض، الذي يحمل عنوان “كما في السماء كذلك على الأرض: أيقونات من القدس“، مزيجاً وتأثّراً فريداً بين مُصوّري الأيقونات اليونانيّين والروس ونظرائهم الفلسطينيين، الذين شكّلوا بمجموعهم مدرسة فنية (متأخّرة) يمكن تمييز سماتها دوناً عن غيرها من المدارس البيزنطية. وبهذا تنفتح أمام الزائر مروحة واسعة من الأعمال التي يأخذ بعضها طابعاً تذكارياً، تنامى بفضل حركة الحُجّاج، وبعضها الآخر موزّعٌ على هيئة خرائط طوبوغرافية منجزة على قطع قماش كبيرة، بالإضافة إلى أيقونات منمنمة مرسومة على القواقع والعظام وغيرها.

إعادة تقديم لتراث بصري جمعي لا يقلّ أهمّية عن الفنون الحديثة

وبطبيعة الحال، تتعدد المشاهد التي تتناولها أيقونات المعرض، وتتقاطع مع موضوعات الأيقونات البيزنطية التقليدية، من مركزية حضور المسيح ووالدته، مروراً بإعادة تمثيل سِيَر القدّيسين (خاصة الفرسان منهم)، وصولاً إلى تصوير أحوال المؤمنين والخطَاة وقصص من الكتاب المقدّس. لكن ما يميّز هذه الأعمال بالفعل هو بداية ظهور ملامح الأسلوب الشعبي المحلي فيها، والذي يذكّر بالفنّ الفطري، ممّا أضفى عليها طابعاً أكثر حيوية وطفولية مقارنة بالدِقّة النسكية الجامدة في المدارس القديمة.

من معرض محمود زيباو -القسم الثقافي

(من المعرض)

يثير المعرض، بما فيه من تراتيل أيضاً ترافق الزائر، أسئلةً حول المشهد الفني العامّ، مثل كيفية استعادة فنّ الأيقونات خارج الإطار الكنسي الصرف، عبر إعادة تقديمه تراثاً بصرياً جمعياً لا يقلّ أهمّية عن الفنون الحديثة. فالأيقونة، هنا، تحوّلت إلى مادّة فنّية قادرة على مخاطبة جمهور واسع من الباحثين في تاريخ الفن والمهتمين بالتراث، كما أنّ المتلقّي ليس المؤمن التقليدي فقط، بل المُشاهد العادي ودارس الفنون البصرية. وما يلفت الانتباه أيضاً أنّ المشهد البيروتي قلّما يحتفي بمثل هذا النوع من المعارض، بل نادراً ما يتسنى له استقبال تجربة بصرية تُعيد الأيقونة إلى واجهة النقاش الفني والثقافي.

ولعلّ هذا المعرض ليس سوى امتداد لمسار الباحث محمود زيباوي في قراءة الأيقونة ببُعدها الحيوي أكثر من كونها مادة جامدة في كتب التاريخ والمتاحف، إذ يستند في عمله النقدي والمعرفي إلى خلفية أكاديمية بدأها بكتابه “الأيقونة، معناها وتاريخها”، قبل أن يتبعه بمؤلفات أُخرى مثل “مشارق مسيحية، بين بيزنطية والإسلام”، و”الفن المسيحي الأول”، و”جداريات من واحة البجوات”، و”مجموعة الأيقونات الحلبية في دير سيدة البلمند”.