دعا سفير بريطانيا لدى إسرائيل سايمون والترز إلى إنهاء فوري للحرب في غزة، وإطلاق سراح الرهائن، واستئناف عملية سياسية تضمن الأمن لإسرائيل والفلسطينيين على حد سواء.
وفي مقال نشره موقع “واللا” بعنوان: “الوضع الراهن أخطر من الألم: لماذا إقامة دولة فلسطينية هو أمر جيد لإسرائيل؟”، قال سايمون والتر إن هجوم حركة “حماس” 7 تشرين الأول (2023) تسبب “بصدمة للمجتمع الإسرائيلي”، مضيفا: “وبصفتنا أصدقاء لإسرائيل، فإننا ندرك هذه الصدمة ونتقاسم وطأتها. يعاني الرهائن معاناة لا يمكن وصفها، وقد أظهرت عائلاتهم قوة وشجاعة لا تصدق طوال هذه الفترة المروعة. ونحن نواصل الدعوة إلى إطلاق سراح الرهائن فورا ودون شروط من قبل حماس”.
وتابع والتر: “نحن نتفهم حاجة الإسرائيليين المستمرة للتأكد من أن مثل هذا الهجوم لن يحدث مرة أخرى أبدا. لقد ساعد سلاح الجو الملكي البريطاني في الدفاع ضد الهجمات الصاروخية الإيرانية، ونحن نقف إلى جانبكم في مكافحة آفة الإرهاب. وبهذه الروحية، يمكنني القول إننا نعمل على تعزيز حل الدولتين كجزء من التزامنا العميق بأمن إسرائيل، وليس لأننا نبتعد عن هذا الالتزام. إقامة دولة فلسطينية لا تعني تهديدا وجوديا على حدود إسرائيل“.
وجاء في المقال: “وكما قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في 29 تموز، عندما أعلن عن نية بريطانيا الاعتراف بدولة فلسطينية في أيلول، فإن الهدف كان ولا يزال هو قيام دولة إسرائيل بسلام وأمان، إلى جانب دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة. هذه الرؤية تنبع من منطق استراتيجي واضح”.
وتابع السفير البريطاني في مقاله:
“أولا، العلاقات بين الدول هي الأكثر استقرارا: وهذا هو السبب في أن اتفاقيات السلام مع الأردن ومصر كانت حيوية جدا لأمن إسرائيل.
ثانيا، الوضع الراهن غير مستقر بطبيعته؛ فوجود سكان فلسطينيين في أرض تتقلص باستمرار، ويواجهون احتلالا مهينا ومستمرا دون نهاية، هو وصفة لدورات متكررة من العنف.
ثالثا، يجب أن يأتي حل الدولتين نتيجة مفاوضات بين إسرائيل وفلسطين. وخلال هذه المفاوضات، ستكون لإسرائيل الفرصة والحق في تأمين ضمانات لأمنها. وستدعم بريطانيا، ومعها حلفاء إسرائيل، إسرائيلَ لتحقيق هذه الضمانات، بما في ذلك نزع سلاح أي دولة فلسطينية قد تُقام. وبالفعل، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخرًا في رسالته إلى الرئيس الفرنسي ماكرون أن الدولة الفلسطينية ليس لديها أي نية للتسلح. إن حل الدولتين من خلال التفاوض سيوفر أمنا أكبر للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء مقارنة بالوضع الراهن”.
واستطرد سايمون والتر: “أنا قادم من مجتمع تشكل بسبب الصراع. في أيرلندا الشمالية، عانينا لعقود من إراقة الدماء والانقسامات. هناك درس واحد واضح: بدون رؤية سياسية إيجابية يجد العنف دائما طريقه للعودة. وتتصاعد مشاعر الظلم وتنطلق إذا لم تُعالج من خلال التفاوض. هذا مؤلم، ولكن الوضع الراهن أخطر بكثير”.
وأكمل والتر: “تسيطر إسرائيل بشكل متزايد على حياة ملايين الفلسطينيين الذين لا يتمتعون بحقوق سياسية داخل الدولة التي يعتبرون مواطنيها. هذا الوضع لا يتعارض فقط مع قيم إسرائيل الديمقراطية، بل يقوض أيضا أمنها على المدى الطويل. حقيقة أن العنف يشجعه مسؤولون سياسيون كبار لا تقوض فقط مكانة إسرائيل في العالم وتلغي الأصوات المعتدلة، بل تقلص أيضًا المساحة لحل سلمي عبر التفاوض”.
وورد في المقال: “تتعلق رسالة رئيس الوزراء ستارمر أيضا بإنهاء الحرب في غزة. لقد هزت المشاهد المروعة للمجاعة، والأعداد الصادمة للقتلى المدنيين، الحكومات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم وحركتها. إنهم يطالبون بالتغيير. كما يدعو العديد من الإسرائيليين إلى إنهاء فوري للحرب، لأنهم يعلمون أن التفاوض ضروري لإطلاق سراح الرهائن المتبقين في غزة بأمان”.
واعتبر أن “الخطة الجديدة لتوسيع العملية العسكرية في مدينة غزة لن تؤدي إلا إلى المزيد من إراقة الدماء. وإراقة الدماء تؤدي إلى التطرف”، متابعا: “نحن ندعو الحكومة الإسرائيلية إلى عدم الاستمرار في هذا الاتجاه. من الواضح أنه لا يمكن هزيمة أيديولوجية حماس بالوسائل العسكرية وحدها. على العكس من ذلك، لن تُهزم حماس إلا بالوسائل السياسية-الدبلوماسية، التي ستجعلها لا لزوم لها من خلال تمكين بدائل أكثر مصداقية كجزء من صفقة أوسع لإنهاء الحرب”.
ورأى السفير البريطاني في مقاله أن “الحديث عن السلام قد يبدو بعيد المنال بالنسبة لبعض الناس”، مردفا: “لقد انهارت الثقة. ستشكل صدمة 7 تشرين الأول أجيالا بأكملها. لكن التاريخ يعلمنا أن الصراع لا يمكن أن ينتهي حين تكون الظروف مثالية – بل هو ينتهي عندما يقرر القادة أن ثمن عدم وجود حل باهظ للغاية”.
وأوضح قائلا: “لقد ساعد إعلان رئيس الوزراء ستارمر، جنبا إلى جنب مع شركائنا، على تحفيز 22 عضوا في جامعة الدول العربية على توقيع إعلان تاريخي يرفض علنا مسار حماس، ويدعو المنظمة إلى إلقاء سلاحها، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وإفساح المجال أمام السلطة الفلسطينية لحكم غزة. هذا حدث تاريخي. لكن تطبيع العلاقات في المنطقة يعتمد على إنهاء الحرب في غزة إلى الأبد والالتزام بمسار يتجه نحو السلام مع الفلسطينيين. بدون ذلك، سيكون من المستحيل على قادة المنطقة الحفاظ على الدعم الشعبي لاستمرار العلاقات. هذا أمر مهم لكل من يهتم بالوضع الإقليمي لإسرائيل، وشرعيتها على المدى الطويل، وأمنها”.
وختم سايمون والتر مقاله في الموقع العبري بالقول: “لقد وقفت بريطانيا إلى جانب إسرائيل في أحلك ساعاتها وفي أعظم إنجازاتها. نحن نعجب بقدرتكم على الصمود، وروح الابتكار لديكم، والقيم الأساسية التي جاءت في إعلان استقلال إسرائيل. لكن الصداقة الحقيقية تتضمن محادثات صادقة. إن المشاهد في غزة اليوم هي وصمة عار على جبين تاريخ وسمعة إسرائيل، ويجب أن تتوقف الحرب فورا. واقع الدولة الواحدة ليس حلا. مثل هذا الواقع يلغي إمكانية أن تعيش الأجيال القادمة حياة طبيعية، خالية من الصراعات والحروب. لقد حان الوقت للتفاوض مع الفلسطينيين، الذين يريد الغالبية العظمى منهم السلام أيضا. الوضع الراهن لا يُحتمل. لا يزال هناك وقت لاختيار طريق مختلف”.
أقام مستوطنون بؤرة استيطانية جديدة، صباح اليوم الجمعة، على أراضي بلدة بيت دجن جنوب شرق نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة. وأوضح المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة في فلسطين، حسن مليحات، في حديث مع “العربي الجديد” أن المستوطنين اقتحموا بيت دجن ونصبوا خياماً كخطوة أولى، وأحضروا مستلزمات لإقامة البؤرة في الأراضي التي تتصل جغرافياً بأراضي الأغوار الفلسطينية، في إطار سياسة استيطانية تهدف إلى السيطرة والتهجير.
من جانب آخر، اقتحم مستوطنون قرية دير عمّار شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، وانتشروا في شوارعها وأطرافها تحت حماية قوات الاحتلال، حيث تعمّدوا التجوّل قرب منازل المواطنين وحقولهم في محاولة لفرض أجواء من الخوف والضغط النفسي، كما اقتحمت مجموعات من المستوطنين خربة سمرة في الأغوار الشمالية في خطوة استفزازية وصفها السكان بالمقلقة.
وفي السياق، أعلنت مصلحة مياه القدس أن مستوطنين اعتدوا الليلة الماضية على محطة آبار عين سامية شرق كفر مالك شمال شرق رام الله، حيث أعطبوا مركبات وحطموا كاميرات مراقبة، قبل أن تتمكن الطواقم من إعادة تشغيل بئر المياه بعد توقفه لساعات، وفق بيان لمصلحة مياه القدس. كما أفادت مصادر محلية بأن مستوطنين اقتحموا منزلاً في قرية دوما جنوب نابلس من دون وقوع أضرار.
على صعيد آخر، أصيب 3 فلسطينيين خلال اقتحامات نفذتها قوات الاحتلال، فجر اليوم الجمعة، في مدينة نابلس وبلدة سالم شرق المدينة، بينهم شاب بجروح خطيرة في الرأس وآخر برصاص الاحتلال في قدميه قبل أن يتم احتجازه لساعات، ويصاب برضوض جراء الاعتداء عليه بالضرب. كما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة، ثلاثة مواطنين من محافظة الخليل، حيث داهمت قوات الاحتلال مخيم الفوار جنوب الخليل، كما نصبت قوات الاحتلال عدة حواجز عسكرية على مداخل الخليل وبلداتها وقراها ومخيماتها، وأغلقت عدداً من الطرق الرئيسية والفرعية بالبوابات الحديدية والمكعبات الإسمنتية والسواتر الترابية.
على صعيد منفصل، أفرجت سلطات الاحتلال عن الدكتور سمير مطور بعد اعتقاله خلال اقتحام مقر مجمع النقابات المهنية، صباح اليوم، في بلدة بيت حنينا شمال مدينة القدس. وأفادت محافظة القدس بأن مخابرات وشرطة الاحتلال داهمت مجمع النقابات المهنية في البلدة، ومنعت إجراء انتخابات نقابة الأطباء، واعتقلت الدكتور سمير مطور. ويشار إلى أنه تجري اليوم الجمعة انتخابات نقابة الأطباء في كل المحافظات، لانتخاب نقيب للنقابة.
اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي -اليوم الجمعة- مجمع النقابات المهنية في القدس، في حين شهدت الضفة الغربية سلسلة من الاعتداءات والاقتحامات أسفرت عن إصابات واعتقالات وتضييق على المواطنين.
ففي القدس المحتلة، دهمت قوات الاحتلال مجمع النقابات المهنية في بلدة بيت حنينا، ومنعت إجراء انتخابات نقابة الأطباء، واعتقلت رئيس لجنة الانتخابات سمير مطور، قبل أن تفرج عنه لاحقا.
وتأتي هذه المداهمة استكمالا لقرار وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير بمنع العملية الانتخابية برمّتها في المدينة، حيث حظرت سلطات الاحتلال نهاية تموز/تموز الماضي عمل نقابة المحامين الفلسطينيين في القدس.
كما ضيقت قوات الاحتلال على المصلين أثناء توافدهم لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، من خلال الحواجز والإجراءات المشددة على مداخل المدينة والبلدة القديمة، وفقا لمحافظة القدس.
وفي نابلس، شمال الضفة الغربية، أصيب مواطن برصاص الاحتلال في هجوم نفذه مستوطنون على سهل بلدة سالم تحت حماية الجيش الإسرائيلي، إذ أطلقت القوات الرصاص الحي وأصابت أحد المواطنين في قدميه، قبل أن تحتجزه ساعات وتسمح لاحقا بنقله إلى المستشفى.
كما شهدت المدينة إصابة شابين أثناء اقتحام “شارع فيصل” فجرا، إذ أصيب شاب (20 عاما) برصاصة في الرأس ووصفت حالته بالخطيرة، في حين أصيب آخر (22 عاما) برضوض جراء اعتداء الجنود عليه، وفقا للهلال الأحمر الفلسطيني.
وفي الأغوار الشمالية، اقتحم مستوطنون خربة سمرة وتجولوا بين خيام المواطنين، مما أثار حالة من الخوف بين الأطفال والنساء وكبار السن. ويعاني التجمع من اعتداءات يومية من قبل مستوطنين مسلحين يحرمون الأهالي من الوصول إلى المراعي التي تشكل مصدر رزقهم الأساسي.
إعلان
وفي الخليل، جنوب غرب الضفة الغربية، اعتقلت قوات الاحتلال 3 مواطنين بعد مداهمات واقتحامات طالت مخيم الفوار وبلدة السموع، كما شددت القوات إجراءاتها العسكرية بنصب حواجز وإغلاق طرق رئيسية وفرعية بالمكعبات الإسمنتية والسواتر الترابية.
وفي بيت لحم، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة الخضر جنوب المدينة، وتمركزت في منطقة “التل” بالبلدة القديمة، إذ منعت تحركات المواطنين ودهمت منزلا دون تسجيل اعتقالات.
ومنذ بدء حرب الإبادة على غزة، يواصل الاحتلال الإسرائيلي تصعيد عملياته في الضفة الغربية وشرقي القدس المحتلة، مما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 1016 فلسطينيا وإصابة نحو 7 آلاف، إلى جانب اعتقال أكثر من 18 ألفا و500، وفق إحصاءات فلسطينية.
رغم أن سلطات الاحتلال تُعامل الفلسطينيين في القدس كمقيمين دائمين في مدينتهم المقدسة لا مواطنين، فإنها تُلزمهم بدفع كافة الضرائب كما المواطنين، ولا تنعكس الأعباء المالية الضخمة الملقاة على كاهلهم على الخدمات التي يتلقونها، والتي تكاد تكون معدومة مقارنة بالميزانيات التي تُضخُّ لصالح اليهود الذين يعيشون في شطري المدينة الشرقي والغربي.
ومع مرور الوقت تحولت الضرائب لأداة ضغط اقتصادية وسياسية تسعى سلطات الاحتلال من خلالها لدفع المقدسيين إلى الهجرة طوعيا من المدينة المحتلة، لتُحسم الديموغرافيا في القدس لصالح اليهود الذين يشكلون ما نسبته 61% من عدد السكان، وفقا لبيانات جهاز الإحصاء المركزي الإسرائيلي.
ومن خلال الإجابة عن مجموعة من الأسئلة نحاول التعرف على كيفية تحول الجباية في مدينة القدس إلى أداة لتقليص الوجود الفلسطيني.
هل الضرائب التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين بالقدس قانونية؟
لا، لأن تطبيق القانون الإسرائيلي على القدس وسكانها مخالف للقانون الدولي الذي لا يعترف بالسيادة الإسرائيلية على القدس بشطريها الشرقي والغربي.
ووفقا للأكاديمي المقدسي وخبير القانون الدولي منير نسيبة، فإن هذا الرأي ثابت بعدد من قرارات الأمم المتحدة، والتي لا تتحدث فقط عن شرقي القدس الذي احتُل عام 1967، بل عن غربيها المحتل عام 1948.
وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 تشرين الثاني/تشرين الثاني 1947 قرار تقسيم فلسطين رقم 181، وبه دخلت القدس إلى أروقة الأمم المتحدة، حيث تم التنصيص على تدويل القدس وسيلةً لحماية جميع المصالح الدينية بالمدينة المقدسة.
إعلان
ويؤكد القرار رقم 181 أن القانون الدولي يقر بأن مدينة القدس “أرض محتلة” ولها وضعها الخاص، وأنه مع كل محاولة إسرائيلية جديدة لبسط السيطرة على القدس كان المجتمع الدولي يصدر قرارا يرفض الاعتراف بتلك السيطرة.
ومن بين القرارات المهمة المتعلقة بالقدس قرار مجلس الأمن رقم 478 بتاريخ 20 آب/آب 1980، والذي لم يعترف بقانون إسرائيل الأساسي الذي أعلنت من خلاله أن القدس الموحدة بشرقيها وغربيها عاصمة لها، ودان القرار محاولةَ ضمها.
ما أنواع الضرائب التي تُلزم بها سلطات الاحتلال الفلسطينيين بالقدس؟
ضريبة “الأرنونا ” (المسقّفات): تفرضها بلدية الاحتلال على كل الأملاك المسقوفة كالمنازل والمحلات التجارية والمكاتب والعيادات الصحية وغيرها، وتُحسب بناءً على مساحة العقار وموقعه، بغضّ النظر عن دخل الفرد ومدى قدرته على الالتزام بدفعها.
وتعتبر هذه الضريبة من أكثر ما يُثقل كاهل المقدسيين خاصة بعد ارتفاع نسبتها مطلع عام 2025 الجاري.
ضريبة الدخل: يُلزم بها كل من يعمل داخل القدس أو سائر المدن والبلدات التي تُصنفها إسرائيل داخل حدودها، ويدفعها كل مقدسي مسجّل كموظف رسمي في مكان عمله.
ضريبة القيمة المضافة: نسبتها 18% وتُفرض على جميع السلع والخدمات، ويدفعها المقدسيون كسائر السكان في إسرائيل.
رسوم التأمين الوطني: يشمل التأمين الصحي والتقاعد والبطالة وغيرها، وفي حال تخلف المقدسيون عن دفع هذه الرسوم الشهرية فإنهم يفقدون حقهم في الخدمات الاجتماعية والصحية.
ويُحرم من هذه الخدمات أيضا كافة الأطفال غير المسجلين في هوية أحد ذويهم الذي يحمل بطاقة الهوية الإسرائيلية (الزرقاء) ويُحرم منها أيضا كل من أثبتت طواقم مؤسسة التأمين الوطني أو الداخلية الإسرائيلية أن مركز حياته يقع خارج حدود بلدية القدس التي رسمتها إسرائيل.
صالح: يُجبر الفلسطيني في القدس على دفع ضرائب عدة من أجل أن يستصدر رخصة بناء (الجزيرة)
ماذا عن الرسوم الإضافية والضرائب غير المباشرة؟
رسوم تراخيص البناء: وهي من أكثر الرسوم تكلفة في مدينة القدس، وتهدف بلدية الاحتلال من خلالها لثني المقدسيين عن التوسع العمراني، ودفعهم للسكن خارج المدينة.
ووفقا لمدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان رامي صالح -للجزيرة نت- فإنه من أجل أن يستصدر المقدسي رخصة بناء يُجبر على دفع ضرائب عدة، من بينها ضريبة التسجيل والطرق وفحص الآثار والتحسين وغيرها، مضيفا أن تكلفة استصدارها تعادل 80% من قيمة البناء نفسه.
وتدفع التكلفة الباهظة والمتطلبات التعجيزية بكثير من المقدسيين إلى تشييد منازلهم دون الحصول على التراخيص اللازمة، وهو ما يعرضها للغرامات أو الهدم أو الاثنين معا.
المخالفات المرورية ومخالفات البلدية: وتفرض بشكل تعسفي شرقي القدس، ويخضع تحريرها لمزاج أفراد الشرطة وطواقم البلدية، وفق منظمات مقدسية.
ويعمل مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان على إصدار تقرير حول المعضلات التي يواجهها التجار في البلدة القديمة بالقدس بسبب المخالفات العشوائية والتي يقول إنها تخضع لمزاج مفتش البلدية لا لأنظمة قانونية واضحة.
فعلى سبيل المثال لا توجد لوائح قانونية واضحة تتعلق بالمساحة التي يمكن للتاجر استخدامها أمام حانوته لعرض البضائع هل هي 30 سنتيمتراً أم 60 سنتيمتراً أم أقل أم أكثر من ذلك، وبسبب الحالة الضبابية والأنظمة الفضفاضة حُررت وما تزال تُحرر بشكل شبه يومي مخالفات تعسفية بحق تجار القدس.
إعلان
رسوم على المهن والأعمال التجارية:
ضريبة خصم “يوم نقاهة”: أُدرجت خلال الحرب الحالية على غزة، وخضع لها المقدسيون وجميع المُشغلين قسرا وهي خصم “يوم نقاهة” وتحويله إلى سلطة الضرائب التي تحولها بدورها لقوات احتياط الجيش الإسرائيلي.
بلدية الاحتلال تفرض ضريبة الأرنونا على الأملاك المسقوفة بغضّ النظر عن دخل الفرد (الجزيرة)
كيف تتجلى السياسات العنصرية بالقدس من خلال الخدمات المقدمة لسكان شطري المدينة؟
يطال التمييز العنصري المقدسيين في كل من قطاع التعليم والرعاية الصحية والعمل وحقوق الإقامة والبناء، إضافة لعمليات الطرد وهدم المنازل.
ووفقا لبيانات أصدرتها مؤسسات حقوقية عدة عاملة بالقدس عام 2017 -منها مؤسسة الحق- فإن التمييز العنصري بالمدينة يبدأ بسياسة “مركز الحياة” إذ يتمكن كل يهودي يصل لإسرائيل من الخارج أن يصبح مواطنا فيها، بينما تم إلغاء أكثر من 14 ألفا و500 إقامة لفلسطينيين بالقدس منذ عام 1967، وتتم معاملتهم على أنهم مهاجرون في بلادهم، وقد مُنحوا إقامات يمكن إلغاؤها في أي لحظة.
وتتمتع المستوطنات بطرق خاصة بها للوصول لمركز المدينة، بينما يفصل الجدار العازل أكثر من 150 ألف مقدسي عن المدينة.
وفي قطاع البناء، رُصدت 78% من مخالفات البناء غربي القدس (الجزء المحتل عام 1948) خضع 27% منها للهدم، وفي شرق القدس رُصدت 22% من المخالفات خضع 84% منها لأوامر هدم.
وليس بعيدا عن السكن، تم بناء 15 مستوطنة شرقي المدينة يسكن فيها حتى الآن 230 ألف مستوطن، يقابل ذلك الحاجة إلى 78 ألفا و775 وحدة سكنية للمقدسيين عام 2017 بالإضافة إلى 60 ألف مقدسي كانوا معرّضين لخطر هدم منازلهم.
وفي إطار توزيع الميزانيات، فإن 90% من ميزانية المدينة تذهب إلى 63% من سكان القدس اليهود، و10% تذهب إلى 37% من سكان المدينة الفلسطينيين، مما ينعكس بشكل جلي على البنية التحتية والخدمات الرديئة.
ووفق فخري أبو ذياب الناشط في الدفاع عن أراضي بلدة سلوان -في حديثه للجزيرة نت- فإن المقدسيين أجبروا على دفع نحو 16 مليون دولار أميركي مخالفات على البناء غير المرخص لبلدية الاحتلال عام 2023، وكان لأهالي سلوان حصة الأسد من هذه المخالفات، علما بأنهم يجبرون على دفع أكثر من 140 مليون دولار سنويا مقابل ضريبة الأرنونا والتي تجبيها منهم البلدية ولا تقدم مقابلها الحد الأدنى من الخدمات.
أبو دياب: المقدسيون أجبروا على دفع نحو 16 مليون دولار مخالفات بناء خلال عام 2023 (الجزيرة)
كيف تُلقي الضرائب الباهظة بظلالها على الوضع الاقتصادي للمقدسيين؟
يعيش السواد الأعظم من المقدسيين تحت خط الفقر، ويؤدي ذلك في بعض الحالات إلى التفكير بالهجرة الطوعية إلى مناطق ومدن أقل تكلفة.
ووفق تقدير سابق لمركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، فإن نحو 80% من المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر، بسبب “برامج ومخططات” إسرائيلية رُسمت على مدى سنوات لإفقار أهالي المدينة.
وأشارت معطيات نشرها جهاز الإحصاء المركزي الإسرائيلي منتصف عام 2023 إلى أن 74% من الفلسطينيين بالقدس غير راضين عن وضعهم الاقتصادي، مقابل 74% من اليهود الذين يسكنون المدينة وهم راضون عن وضعهم.
وأفادت المعطيات أيضا أن 44% من سكان القدس يجدون صعوبة في تغطية نفقات الأسرة الشهرية، ومن بين هؤلاء 78% من الفلسطينيين، و23% من اليهود.