أستراليا تضغط على عمالقة التكنولوجيا لمكافحة “التزييف الإباحي”

أستراليا تضغط على عمالقة التكنولوجيا لمكافحة “التزييف الإباحي”

أعلنت أستراليا، اليوم الثلاثاء، عن رغبتها في إجبار شركات التكنولوجيا العملاقة على منع استخدام أدوات “التزييف الإباحي”، التي تهدف إلى إنشاء ونشر صور أو مقاطع فيديو إباحية مزيفة، أو التعقّب المتواصل للأشخاص عبر الإنترنت (stalking) من دون انكشاف أمر الفاعلين.

وأوضحت وزيرة الاتصالات الأسترالية أنيكا ويلز أنّ “لا مكان للتطبيقات والتقنيات التي تُستخدم فقط لإساءة معاملة الناس وإذلالهم وإيذائهم، وخصوصاً أطفالنا”. وأشارت إلى أنّ الحكومة ستستخدم “كل الوسائل” الممكنة لفرض قيود على الوصول إلى التطبيقات التي تتيح هذا النوع من التحرش، مُلزمة شركات التكنولوجيا العملاقة بحظرها. وأكّدت: “مع أنّ هذا الإجراء لن يحل مشكلة التقنيات المسيئة بين عشية وضحاها، لكن سيكون له تأثير فعلي على حماية الأستراليين إلى جانب القوانين القائمة وإصلاحاتنا المتطورة للسلامة على الإنترنت”.

وأوضحت الحكومة الأسترالية أنها تعمل على تشريع جديد ضد المحتوى الإباحي المُولّد بواسطة الذكاء الاصطناعي والتحرش عبر الإنترنت، لكنها لم تُحدد جدولاً زمنياً لذلك.

وأظهر استطلاع حديث أجرته منظمة “سيف ذا تشيلدرن” (Save the Children) غير الحكومية أنّ واحداً من كل خمسة شباب في إسبانيا كان ضحية لصور عارية مزيفة. وأعلن مدّعون عامّون إسبان هذا العام أنهم يُحققون مع ثلاثة قاصرين في مدينة بويرتولانو في وسط البلاد يُشتبه باستهدافهم زملاءهم في الدراسة ومعلميهم بمحتوى إباحي مُولّد بواسطة الذكاء الاصطناعي، قاموا بتوزيعه في مدرستهم.

وفي المملكة المتحدة، أقرّت الحكومة هذا العام قانوناً يُجرّم إنتاج مقاطع “التزييف العميق” ذات الطابع الجنسي، ويواجه مرتكبو هذا الفعل عقوبة تصل إلى السجن سنتين. وفي أيار/أيار، أقرّت الولايات المتحدة قانوناً لمكافحة نشر التزييفات العميقة و”الانتقام الإباحي”؛ أي نشر صور جنسية بدافع الانتقام، غالباً بعد الانفصال.

وعُثر في تموز/تموز على مئات الصور الإباحية المُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي من صور تابعة لنحو 20 طالبة على حاسوب طالب جامعي في هونغ كونغ. وأعلنت مجموعة ميتا، المالكة لـ”فيسبوك” و”إنستغرام” و”واتساب“، أنها رفعت دعوى قضائية ضد شركة في هونغ كونغ مطوّرة لتطبيق التعرّي “كراش إيه آي” (CRASH AI)، الذي تدّعي الشركة أنه يتحايل على قواعدها لنشر إعلانات عبر منصاتها.

ورغم الإجراءات المُتّخذة، يرى الباحثون أن هذه التطبيقات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي تتمتع بقدرة كبيرة على الصمود.

(فرانس برس)

الذكاء الاصطناعي يغذّي التحيّز الجنسي وكراهية النساء

الذكاء الاصطناعي يغذّي التحيّز الجنسي وكراهية النساء

تتسم مقاطع فيديو تنتشر على الإنترنت وتُظهر نساءً يرتدين البكيني يُجرين مقابلات في الشارع، ويُثرن تعليقات بذيئة بواقعية كبيرة، لكنها في حقيقة الأمر مزيفة أُنتجت بواسطة الذكاء الاصطناعي سعياً إلى إغراق وسائل التواصل الاجتماعي بمحتوى متحيز جنسياً. وهذا المحتوى الرديء المُنتَج بكميات كبيرة باستخدام أدوات ذكاء اصطناعي منخفضة الجودة، غالباً ما يُغرق المنشورات الأصيلة ويبدد الخط الفاصل بين الخيال والواقع.

وأدى هذا الاتجاه إلى ظهور قطاع من المؤثرين الذين ينتجون بطريقة غير احترافية محتوى جنسياً، تشجعهم على ذلك الحوافز التي توفرها منصات تُكافئ مالياً المحتويات التي تنتشر بشكل واسع على شبكات التواصل الاجتماعي. وتكثر مقاطع الفيديو المُنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي، والحافلة بالفكاهة البذيئة التي تُظهر مُحاوِرات مزعومات شبه عاريات في شوارع الهند أو المملكة المتحدة.

وجد فريق خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس مئات من هذه الفيديوهات على “إنستغرام“، بينها الكثير باللغة الهندية، تُظهر ذكوراً تُجرى معهم مقابلات يُطلقون تعليقات مُعادية للنساء ومتحيزة جنسياً، بل ويحاولون أحياناً الإمساك بالنساء، بينما يتفرج حشد من الرجال أو يضحكون في الخلفية.

وحظيت مقاطع الفيديو هذه بعشرات الملايين من المشاهدات، حتى أن البعض استغل هذا الإقبال عليها مادياً من خلال الترويج لتطبيق مراسلة للبالغين يهدف إلى “تكوين صداقات جديدة”. وأُنشئت هذه المقاطع باستخدام مُولّد الذكاء الاصطناعي “فيو 3” (Veo 3) من “غوغل“، والمعروف بصوره شديدة الواقعية، وفقاً لما ذكرته شركة الأمن السيبراني الأميركية “غِت ريل سيكيوريتي” في تحليلٍ حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه.

تحيّز جنسي 

ترى عالمة النفس المتخصصة في الشؤون السيبرانية المقيمة في الهند، نيرالي بهاتيا، أن “كراهية النساء، التي كانت عادة تبقى محصورة في غرف الدردشة والمجموعات، أصبحت الآن مُقنّعة في شكل صور مُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي”. وأضافت: “هذا جزء من التحيزات الجنسية التي يُحدثها الذكاء الاصطناعي وهو يُغذّي التحيز الجنسي”.

تغرق شبكات التواصل الاجتماعي الآن بشكل متزايد في كم هائل من الميمات والفيديوهات والصور المُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي والتي تُنافس المحتوى الأصلي على جذب الانتباه. ورأت إيمانويل صليبا من “غِت ريل سيكيوريتي” أنه “إنترنت اليوم”. ولاحظت أن “المحتوى المُتواضع المُولّد بواسطة الذكاء الاصطناعي، وأي نوع من المحتوى غير المُصنّف المولّد بواسطة الذكاء الاصطناعي، يُقوّض ببطء الثقة الضئيلة التي لا تزال قائمة بالمحتوى المرئي”. وتُسهب مقاطع فيديو من حساب شهير على “تيك توك” في تعداد ما قد تفعله “فتيات جامحات” للحصول على المال.

وتُستهدف النساء أيضاً بواسطة حيَل لجذب الانتباه مقلقة مُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي. وقد تتبع فريق تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس الانتشار الواسع لمقاطع فيديو تُظهر مدربة حوت مزيفة تُدعى “جيسيكا رادكليف” تتعرّض لهجوم قاتل من حوت قاتل خلال عرض في حديقة مائية. وانتشر المقطع المُفبرك عبر منصات عدة، من بينها “تيك توك” و”فيسبوك” و”إكس“، ما أثار تعاطفاً واسعاً من مستخدمين من مختلف أنحاء العالم أعربوا عن حزنهم لمقتل المرأة التي اعتقدوا أنها حقيقية.

الذكاء الاصطناعي لا يخترع كراهية النساء

في العام المنصرم، اكتشف مدير مبادرة الأمن والثقة والسلامة في جامعة كورنيل للتكنولوجيا أليكسيوس مانتزارليس 900 حساب على “إنستغرام” لـ”عارضات أزياء” يُحتمل أنهن من إنتاج الذكاء الاصطناعي، معظمهن شبه عاريات.

واستقطبت هذه الحسابات المزيفة 13 مليون متابع ونشرت أكثر من 200 ألف صورة، وعادةً ما تُحقق الربح من جمهورها من خلال إعادة توجيههم إلى منصات تجارية لمشاركة المحتوى. ومع انتشار المحتوى المزيف المُولّد بواسطة الذكاء الاصطناعي، رأى مانتزارليس أن “الأرقام قد تكون أعلى بكثير اليوم”. وأضاف: “توقعوا رؤية المزيد من المحتوى السخيف الذي يستغل معايير الجسد، وهي (…) غير حقيقية” كلياً.

ويقدم كثر من منشئي المحتوى على “يوتيوب” و”تيك توك” دورات مدفوعة الأجر حول كيفية تحقيق الدخل من المحتوى الواسع الانتشار المُولّد بواسطة الذكاء الاصطناعي. وسعت بعض المنصات إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الحسابات التي تُروّج لمحتوى رديء الجودة. فقد أعلنت “يوتيوب” أخيراً أن منشئي المحتوى “المزيف” و”المُنتَج بكميات كبيرة” لن يكونوا مؤهلين لتحقيق الدخل بعد الآن.

وقالت مستشارة الذكاء الاصطناعي ديفيندرا جادون: “الذكاء الاصطناعي لا يخترع كراهية النساء. إنه يعكس ويُضخّم ما هو موجود أصلاً”. وتابعت: “إذا كافأ الجمهور هذا النوع من المحتوى بملايين علامات الإعجاب، فستستمر الخوارزميات ومنشئو الذكاء الاصطناعي في إنتاجه. المعركة الأهم ليست تكنولوجية فحسب، بل اجتماعية وثقافية أيضاً”.

(فرانس برس)