أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة رفضها مساعي إسرائيل لضم أراض في الضفة الغربية المحتلة، معتبرة أن ذلك يُعدّ “خطاً أحمر”.
وأشارت مساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية، لانا نسيبة، في بيان الأربعاء، إلى أن “ضمّ أراض في الضفة الغربية سيشكّل خطاً أحمر بالنسبة للإمارات”.
ودعت الإمارات، التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل ضمن ما يعرف بـ”الاتفاقات الإبراهيمية”، إلى وقف خطط الضمّ في الضفة الغربية المحتلة، محذّرة من أنها ستقوّض بشكل خطير اتفاقيات التطبيع التي وُقعت في عام 2020 بين البلدين، وفق نسيبة.
وجرى التوقيع على أولى تلك الاتفاقيات في 15 أيلول/أيلول عام 2020، بين الإمارات والبحرين من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، برعاية مباشرة من الولايات المتحدة ودعمٍ من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب خلال ولايته الأولى، لتلحق بهما السودان والمغرب بعد ذلك.
وقالت المسؤولة الإماراتية إنه “منذ البداية، نظرنا إلى الاتفاقيات كوسيلة تمكّننا من الاستمرار في دعم الشعب الفلسطيني، وتطلعه المشروع إلى إقامة دولة مستقلة”.
ما خيارات الفلسطينيين بعد دعوة الكنيست إلى ضم الضفة الغربية؟
لماذا تشهد العلاقات الإماراتية الأمريكية “دفعة نوعية غير مسبوقة” في عهد ترامب؟
“دفن فكرة الدولة الفلسطينية”
دعت لانا نسيبة الحكومة الإسرائيلية إلى تعليق الخطط الرامية لضم الضفة الغربية
وأضافت لانا نسيبة أن “المقترحات الخاصة بضم أجزاء من الضفة الغربية، والتي يُقال إنها قيد النقاش داخل الحكومة الإسرائيلية، تأتي في إطار مسعى يهدف حسب كلمات أحد الوزراء الإسرائيليين، إلى دفن فكرة الدولة الفلسطينية)”، وذلك في إشارة لوزير المالية الإسرائيلي اليميني، بتسلئيل سموتريتش.
وكان الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي قد صادق، في 23 من تموز/تموز الماضي، على مقترح يدعو الحكومة إلى فرض “السيادة الإسرائيلية” على كامل أراضي الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن، ما أثار ردود فعل واسعة.
ورغم أن المقترح الذي تقدم به أعضاء في الائتلاف اليميني الحاكم، وحاز على موافقة أغلبية الكنيست بعدد 71 صوتاً مقابل 13، لا يلزم الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ القرار، غير أنه قد يعكس توجهاً سياسياً لترسيخ مشروع الضم.
وقال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إن المشروع يهدف إلى “دفن فكرة الدولة الفلسطينية”.
وكرر سموتريتش، الأربعاء، دعوته إلى ضم مساحات شاسعة من الضفة الغربية. وقال إن “الوقت حان لفرض السيادة الإسرائيلية” على هذه الأراضي.
وأضاف أن هذه الخطوة “ستُلغي فكرة تقسيم أرضنا الصغيرة وإقامة دولة إرهابية داخلها بشكل نهائي”، داعياً الى ضم “كل المناطق المفتوحة”، واستدرك: “المبدأ الأسمى لفرض السيادة، هو شعار: أقصى مساحة من الأرض مع أقل عدد من السكان الفلسطينيين”.
هل انتهى حلم الفلسطينيين بدولتهم؟
بي بي سي توثق هجوم مستوطنين إسرائيليين على مزرعة فلسطينية في الضفة الغربية
ردود فعل
فضلاً عن رد الفعل الإماراتي، أثارت تصريحات سموترتيش رفض العديد من الدول من بينها مصر، التي كانت أول دولة عربية تطبع علاقاتها مع إسرائيل، ووقعت على اتفاقية سلام معها عام 1979.
وأكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي على رفض بلاده “المخططات الاستيطانية والمآذارات غير القانونية بالضفة الغربية، مثل مصادرة الأراضي وحملات الترهيب التي يقوم بها المستوطنون الإسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني”، معرباً عن إدانة مصر القاطعة لـ”المخطط الاستيطاني الإسرائيلي بمنطقة E1 بالضفة الغربية، ورفض التصريحات الإسرائيلية حول ضم الضفة الغربية”.
وكانت بريطانيا وفرنسا من بين 21 دولة وقّعت بياناً مشتركاً، اعتبرت فيه أن موافقة إسرائيل على المشروع “أمر غير مقبول وانتهاك للقانون الدولي”.
أما وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، فقد انتقد فرنسا ودولاً أخرى تسعى للاعتراف بدولة فلسطينية، قائلاً إنه حذرها من أن إسرائيل “قد تردّ بضم الضفة الغربية”.
ورفض روبيو إدانة التوجهات نحو ضم الضفة، وقال لصحفيين في الإكوادور، يوم الخميس: “ما ترونه فيما يتعلّق بالضفة الغربية والضم ليس نهائياً، بل هو أمر تجري مناقشته بين بعض الساسة الإسرائيليين. لن أتحدث عن ذلك الأمر اليوم”.
ويعيش نحو 500 ألف إسرائيلي في مستوطنات بالضفة الغربية.
وتدين الأمم المتحدة بانتظام التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، باعتباره غير قانوني بموجب القانون الدولي، وأحد أهم العقبات أمام التوصل إلى حل سلمي دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، يفضي إلى قيام دولة فلسطينية تبسط سلطتها على الضفة الغربية وقطاع غزة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد أعلن في عام 2019 عن خطط لضم أجزاء من الضفة الغربية. لكن إسرائيل علقت هذه الخطوات، بموجب اتفاق تطبيع العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة عام 2020.
وزير خارجية الإمارات يزور إسرائيل ويثير جدلا حول التطبيع و”اتفاق السلام الإبراهيمي”
“تقويض التطبيع”
وُقّع اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 15 أيلول/ أيلول من عام 2020
واعتبرت الدبلوماسية الإماراتية، لانا نسيبة، أن ضمّ الضفة الغربية “سيقوّض بشدة رؤية وروح الاتفاقيات مع إسرائيل، وينهي مساعي الاندماج الإقليمي، ويغيّر الإجماع الواسع على المسار الذي يجب أن يسلكه هذا الصراع – أي قيام دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وازدهار وأمن”.
وقالت نسيبة: “ندعو الحكومة الإسرائيلية إلى تعليق هذه الخطط، لا يمكن السماح للمتطرفين، من أي طرف كانوا، بأن يحددوا مسار المنطقة”.
ورأى عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية في دولة الإمارات، أن تصريحات المسؤولة الإماراتية كانت جدية للغاية، واصفاً إياها بأنها رسالة “واضحة وقوية”، بأن الإمارات تعتبر “الضفة الغربية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على هذه الأرض خطاً إماراتياً أحمر، لا يجب تجاوزه”.
وأشار عبدالله في حديثه مع بي بي سي، إلى أن كلاًّ من إسرائيل والولايات المتحدة، راعية الاتفاق الإبراهيمي، يجب أن “تأخذا هذا التهديد بكل جدية”.
وقال إن “الإمارات جادة في أنها ستقطع أي علاقة مع إسرائيل، وعلى أي مستوى من المستويات، إذا تمادت حكومة بنيامين نتنياهو في ضم الضفة الغربية”.
“مجرد توصية غير ملزمة”
من جانب آخر يقول إيلي نيسان، المحلل السياسي الإسرائيلي، إن “فرض السيادة الإسرائيلية” هو مجرد توصية من الكنيست، وغير ملزمة للحكومة، وأوضح في حديثه لبي بي سي أن “العنوان الذي تداولته وسائل الإعلام بشأن هذا الموضوع، كان خاطئاً”.
وأضاف نيسان أن “قرار الكنيست عبارة عن نصيحة أو اقتراح غير ملزم للحكومة، ولا يقول إنه سيكون هناك فرض للسيادة الإسرائيلية على كافة أراضي الضفة الغربية، لأنه لا يمكن لإسرائيل أن تفرض سيادتها على نحو 2 أو 3 ملايين فلسطيني في الضفة، وتحمل كافة المسؤوليات المترتبة على ذلك”.
ويوضح نيسان أن “مقترح فرض السيادة الإسرائيلية، كان فقط على المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، من الناحية القضائية والإدارية، وليس كما جاء في عناوين الصحف بأنه فرض للسيادة الإسرائيلية على كافة أراضي الضفة الغربية”، مشيراً إلى أن الحكومة الإسرائيلية لم تعلن رسمياً تبنيها لهذا المقترح.
كما يرى نيسان أن هذا الأمر، في حال تنفيذه، سيؤدي إلى “إسقاط السلطة الفلسطينية المتدهورة بالفعل”، وهو الأمر الذي لا ترغب فيه إسرائيل ولا الولايات المتحدة ولا يخدم أهداف أي طرف من الأطراف في الشرق الأوسط.
ومع ذلك، دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى ضرورة ضم نحو 82 في المئة من أراضي الضفة الغربية، ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أنه اقترح أن تدير السلطة الفلسطينية ما يتبقى من أراضي الضفة “حتى إيجاد بديل”.
وحسب القناة 12 الإسرائيلية، اتخذ سموتريتش خطوات خلال الفترة الماضية باتجاه الترويج لمخطط الضم، أبرزها وقف تحويل 500 مليون دولار من أموال الضرائب للسلطة، وفصل البنوك الفلسطينية عن النظام المالي الإسرائيلي، ما يهدد بانهيار السلطة الفلسطينية.
ما هو مستقبل العلاقات بين الإمارات وإسرائيل؟
لا يستبعد عبدالخالق عبدالله أن تمضي إسرائيل قدماً في تنفيذ مقترح “فرض السيادة”، ورأى أن “هناك حكومة إسرائيلية استيطانية برئاسة نتنياهو ومشاركة فريق يميني متشدد، وتحدثوا صراحة عن أنهم يخططون لضم الضفة، بل وتحدثوا عن فكرة إسرائيل الكبرى”.
ويقول عبدالله إن المشروع ليس في الكنيست فقط، بل مطروح على طاولة الحكومة التي من المفترض أن تناقش هذه “المبادرة الاستيطانية”.
ويعتقد عبدالله أن الاتفاق الإبراهيمي بين الإمارات وإسرائيل “يحتضر في الوقت الراهن”، وفي حال تنفيذ ذلك المخطط سينهار تماماً.
كما اعتبر الأكاديمي الإماراتي أن “اتفاقات التطبيع أصبحت عبأً استراتيجياً على جميع الدول العربية، التي تقيم علاقات مع إسرائيل، وأن تلك الدول ستكون أفضل حالاً إذا انسحبت من تلك الاتفاقات وقطعت علاقاتها بإسرائيل” على حد وصفه.
لكن المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، يتمسك بفكرة أن إسرائيل لن تمضي قدماً في طريق تحويل “فرض السيادة” إلى أمر واقع، إذ أن “هناك ضغوطاً أمريكية على إسرائيل ومطالبة بالتريث في هذا الأمر، لأنه سيؤدي لانهيار السلطة الفلسطينية، وإلى تراجع التفاهمات وكل ما يتعلق بالتطبيع مع الدول العربية، وسينعكس سلباً على العلاقات بين إسرائيل ودولة الإمارات”.
ويضيف: “على الرغم من وجود أفكار بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، أو المنطقة المصنفة (c) أو المستوطنات في الضفة الغربية، إلا أن إسرائيل تتخذ موقف التريث، لأنه لا أحد يرغب في إسقاط السلطة الفلسطينية، ولا في انهيار وقطع العلاقات بين إسرائيل ودولة الإمارات”.
أما في ظل ما صدر من تصريحات إماراتية حتى الآن، يرى نيسان أنها ربما تؤدي إلى بعض الجمود أو الفتور في العلاقات بين البلدين، بشكل مؤقت على المدى القريب، لكن دون انهيارها تماماً أو إلغاء اتفاق التطبيع بينهما.
وفي أثناء كتابة هذا التقرير أفادت تقارير إسرائيلية بأن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أرجأ مناقشة موضوع فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية، خلال اجتماع أمني لحكومته عُقد الخميس.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية إنه طلب من وزراء حكومته عدم الحديث علناً عن هذا الأمر.
قالت مصادر إسرائيلية ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيجري، مساء الأحد، “تقييماً للوضع” في الضفة الغربية خلال لقائه الوزراء وكبار مساعديه لمناقشة إمكانية تطبيق السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية.
ونفى مسؤول إسرائيلي أن يكون الاجتماع مُخصصاً لموضوع الضم، ويقول إن هذا الأمر ليس مُدرجاً على جدول الأعمال الرسمي.
وفي ذات السياق، قالت مصادر لصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرر استبعاد مسألة فرض “السيادة” على الضفة الغربية من جدول اجتماع سيُعقد مساء الخميس، بعدما اعتبرت الإمارات أن هذه الخطوة تمثل “خطاً أحمر”.
وسيركز الاجتماع، وفق الصحيفة، على الوضع الأمني في الضفة الغربية قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تستعد عدة دول للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وأكدت الإمارات في بيان حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه إلى أن “ضمّ (أراض) في الضفة الغربية سيشكّل خطاً أحمر بالنسبة للإمارات”.
ودعت الإمارات التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل، إلى وقف خطط الضمّ في الضفة الغربية المحتلة، محذّرة من أنها ستقوّض بشكل خطير اتفاقيات التطبيع التي أقيمت في العام 2020 بين البلدين.
كما قالت مساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية لانا نسيبة إنه “منذ البداية، نظرنا إلى الاتفاقيات كوسيلة تمكّننا من الاستمرار في دعم الشعب الفلسطيني وتطلعه المشروع إلى إقامة دولة مستقلة”.
وأضافت أن “المقترحات الخاصة بضم أجزاء من الضفة الغربية، والتي يُقال إنها قيد النقاش داخل الحكومة الإسرائيلية، تأتي في إطار مسعى يهدف، بكلمات أحد الوزراء الإسرائيليين، إلى ‘دفن فكرة الدولة الفلسطينية'”.
وكانت بريطانيا وفرنسا من بين 21 دولة وقّعت بياناً مشتركاً اعتبرت فيه أن موافقة إسرائيل على المشروع “أمر غير مقبول وانتهاك للقانون الدولي”.
الاستيطان الإسرائيلي: هل تسعى إسرائيل إلى منع إمكانية إقامة دولة فلسطينية؟
بي بي سي توثق هجوم مستوطنين إسرائيليين على مزرعة فلسطينية في الضفة الغربية
دعا وزراء اليمين المتطرف في الأشهر الأخيرة علناً إلى ضم إسرائيل لمناطق في الضفة الغربية
“الوضع في الضفة الغربية قد ينفجر في أي لحظة”
وحذرت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن “الوضع في الضفة الغربية قد ينفجر في أي لحظة”، مشيرة إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها المنطقة، إضافة إلى حالة الغموض السياسي.
وكشف وزير المالية الاسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي سيحضر الاجتماع، أمس عن مقترح لإسرائيل لضم 82 في المئة من أراضي الضفة الغربية.
وفي وقت سابق من هذا العام، وافق الكنيست على اقتراح غير ملزم بضم الضفة الغربية بأغلبية 71 صوتاً مقابل 13.
وفي تطور آخر، هدّد وزير الدفاع الاسرائيلي، يسرائيل كاتس، بشن حرب على الضفة الغربية، بالقول: “إذا انقلبت الأجهزة الأمنية للسلطة ووجّهت أسلحتها ضد الجيش الاسرائيلي ، فان الأخير سيخوض حرباً تنتهي بالحسم، وان اسرائيل لن تسمح بانتفاضة جديدة”.
وقالت “القناة 14” الإسرائيلية: “أصدر كاتس تعليماته للجيش الإسرائيلي، في اجتماع مغلق عُقد الأربعاء مع قادة الجيش، بإعداد خطة حاسمة في الضفة الغربية، في حال حدوث سيناريو متطرف في المنطقة”، على حد تعبيرها.
ونقلت عن كاتس خلال الاجتماع “ان هدف الحكومة هو الحفاظ على الاستقرار، ولكن إذا انقلبت الأجهزة الأمنية للسلطة ووجّهت أسلحتها ضدنا، فسنخوض حربا تنتهي بالحسم، ولن نسمح بانتفاضة جديدة”.
ويعيش نحو 500 ألف إسرائيلي في مستوطنات بالضفة الغربية وسط ثلاثة ملايين فلسطيني.
وتدين الأمم المتحدة بانتظام النشاط الاستيطاني الإسرائيلي باعتباره غير قانوني بموجب القانون الدولي، وأحد أهم العقبات إلى جانب العنف المستمر بين الجانبين، أمام التوصل إلى حل سلمي دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال قيام دولة فلسطينية تبسط سلطتها على الضفة الغربية وقطاع غزة.
ذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، سيحاول خلال اجتماع يعقده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو غداً الخميس، الدفع بخطته لضم الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.
وأضافت الصحيفة أن الاجتماع سيخصص لبحث المخاوف الأمنية من اندلاع انتفاضة جديدة في أعقاب الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وفي مؤتمر صحفي بمدينة القدس، الأربعاء، قال سموتريتش إن حكومته لن تسمح بأن تتحول المدن الإسرائيلية إلى ما يشبه مناطق غلاف غزة، مؤكداً أن فرض السيادة على الضفة الغربية خطوة واقعية لمواجهة الهجوم السياسي على إسرائيل.
وأضاف أن الإدارة الأمريكية تؤيد قرار إسرائيل القضاء على فكرة إقامة دولة فلسطينية، مشدداً على أن هدف حكومته هو القضاء تماماً على تلك الفكرة.
الاستيطان الإسرائيلي: هل تسعى إسرائيل إلى منع إمكانية إقامة دولة فلسطينية؟
تقود فرنسا جهودا للاعتراف بدولة فلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر.
وكان الوزير اليميني المتطرف قد اعتبر في وقت سابق أنه “حان الوقت” لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة منذ العام 1967، بعدما أبدت دول غربية عدة نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية هذا الشهر.
“المبدأ الأسمى لفرض السيادة… هو شعار: أقصى مساحة من الأرض مع أقل عدد من السكان (الفلسطينيين)”، وفق سموتريتش.
تقود فرنسا جهوداً للاعتراف بدولة فلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر.
وانضمّت بلجيكا إلى الدول الغربية التي أعلنت عزمها الاعتراف بدولة فلسطين، لتحذو بذلك حذو بلدان منها أستراليا وكندا وفرنسا.
ولاقت هذه المواقف انتقادات لاذعة من المسؤولين الإسرائيليين، يتقدمهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.
ردود فعل
أثارت تصريحات سموتريتش ردود أفعال عدة، حيث أشارت مساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية، لانا نسيبة أن مساعي إسرائيل لضم الضفة الغربية المحتلة تُعدّ “خطاً أحمر” بالنسبة لأبو ظبي، وذلك في بيان حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه.
كما نقلت وكالة رويترز عن نسيبة قولها إن أي ضم للضفة الغربية سيُقوّض روح “اتفاقيات أبراهام”، مشيرة إلى أن الإمارات، ومنذ البداية، اعتبرت الاتفاقيات وسيلة تمكّنها من مواصلة دعم الشعب الفلسطيني وتطلعاته المشروعة إلى دولة مستقلة.
وعلق القيادي في حركة حماس، عبد الحكيم حنيني، على تصريحات سموتريتش، قائلاً إنها “دليل على نهج الحكومة الاستيطانية، التي ترتكب الإبادة في غزة وتسعى لفرض الضم والتهجير في الضفة الغربية”، بحسب تعبيره.
بي بي سي توثق هجوم مستوطنين إسرائيليين على مزرعة فلسطينية في الضفة الغربية
ورأت وزارة الخارجية الأردنية أن تصريحات سموتريتش “العدائية والعنصرية حول ضم الضفة الغربية المحتلة ومنع إقامة الدولة الفلسطينية، وتهديده للسلطة الوطنية الفلسطينية، يعد خرقاً فاضحاً للقانون الدولي، وتصعيداً خطيراً مرفوضاً، وتحدّياً للإرادة الدولية الداعمة لحل الدولتين”.
وشددت على أنه “لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة”.
وانتقد الناطق باسم الخارجية الأردنية “غياب المحاسبة الدولية لهم وإفلاتهم من العقاب”، داعياً المجتمع الدولي الى “إلزام إسرائيل وحكومتها المتطرفة وقف عدوانها على غزة، وتصعيدها الخطير في الضفة الغربية المحتلة وتصريحات مسؤوليها التحريضية، وتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني وتلبية حقوقه المشروعة” في إقامة دولته.
مقتل 33 شخصاً من منتظري المساعدات في غزة
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل 113 شخصاً في قطاع غزة من بينهم 33 من منتظري المساعدات، بينما أُصيب 304 آخرين جراء استمرار القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي خلال ال 24 ساعة الماضية، ليرتفع إجمالي أعداد القتلى منذ بداية الحرب إلى 63,746 شخصاً.
كما سجّلت وزارة الصحة في قطاع غزة، خلال الـ 24 ساعة الماضية، ست حالات وفاة نتيجة الجوع وسوء التغذية من بينهم طفل، ليرتفع إجمالي أعداد وفيات سوء التغذية إلى 367 حالة وفاة، منهم 131 طفلاً.
وقد قُتِلَ أكثرُ من 15 فسطينيا في قطاع غزة منذ فجر اليوم، مع استمرار القصف الجوي والمدفعي الاسرائيلي.
إذ قُتِلَ أربعة فلسطينيين، من بينهم امرأة حامل، إثر قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية في محيط ميناء الصيادين غربي مدينة غزة.
وقالت والدة المرأة الحامل لبي بي سي وهي في حالة انهيار وبكاء تام : “كنا نائمين، وفجأة استيقظنا عندما سمعنا أصواتاً، وكان كل شيء من حولنا مُظلماً ويغطي الغرفة دخان كثيف… بعدها ذهبت إلى غرفة ابنتي وزوجها وأطفالها ووجدتهم جميعاً مقتولين، وكانت ابنتي حامل في شهرها السابع، وقد وجدت الجنين بجوارها ميتاً”.
“لم نعد نخاف من الموت والحياة”
أفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بأن أكثر من 76 ألف فلسطيني نزحوا خلال الأسبوعين الماضيين من أنحاء مدينة غزة، حيث أُعلنت المجاعة.
وفي هذه الأثناء، أفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بأن أكثر من 76 ألف فلسطيني نزحوا خلال الأسبوعين الماضيين من أنحاء مدينة غزة، حيث أُعلنت المجاعة.
بينما بدأ عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين بالتوجه إلى الخدمة، حيث تخطط الحكومة لتوسيع نطاق الهجوم ليشمل السيطرة على مدينة غزة بأكملها.
ماذا تعني “الإبادة الجماعية”؟ ومَن الذي استخدم المصطلح لحرب غزة؟
وبعيد إعلان الجيش الإسرائيلي، استعداده لتوسيع نطاق القتال داخل مدينة غزة، وتوجيهه نداءات إلى السكان المدنيين بالابتعاد عن مناطق الاشتباكات، تحدثت بي بي سي إلى بعض من سكان قطاع غزة.
إذ يأمل أبو يحيى وهو نازح أن تقف الدول بجانب الشعب الفلسطيني، قال لبي بي سي “لقد سئمنا، إلى أين سنذهب، لقد نزحنا من الشمال إلى الجنوب، وبعد ذلك رجعنا إلى الشمال، نحن نحتاج إلى 1000 دولار لركوب السيارات والتحرك وليس لدينا دولار واحد. لقد انهار الشعب الفلسطيني”.
اعتراض صاروخ من اليمن
في غضون ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه صاروخ أُطلق من اليمن، مشيراً إلى أنه كان موجهاً نحو تل أبيب والقدس ومطار بن غوريون.
وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن خمسة صواريخ باليستية وطائرتين مسيّرتين، قد أُطلقت منذ عملية اغتيال رئيس الحكومة اليمنية في صنعاء، الموالية لحركة أنصار الله الحوثية، وعدد من الوزراء.
قال مسؤولون إسرائيليون إنهم يدرسون تطبيق السيادة على أجزاء من الضفة الغربية، إما بشكل استباقي قبل اعتراف الأمم المتحدة المحتمل بدولة فلسطينية في أيلول/أيلول المقبل، أو ربما كرد فعل في حال حدوث هذا الاعتراف.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، عن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، يوم الخميس، قوله إن السيادة في “يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أمرٌ لا مفر منه، والسؤال هو أي المناطق”.
وتشير تقارير أخرى إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حذر من “الضغوط الدولية”، ومن المرجح أنه ينتظر رؤية موقف فرنسا في الأمم المتحدة قبل اتخاذ أي خطوة.
من جانبها، حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من دعوات وزراء في الحكومة الإسرائيلية وحزب الليكود، لضم الضفة الغربية وتفكيك السلطة الفلسطينية.
واعتبرت أن هذه الدعوات تشكل “غطاء سياسياً لجرائم الاستيطان وتشجيعاً لمزيد من الاعتداءات”، كما دعت الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي إلى التعامل معها باعتبارها تصريحات “استعمارية توسعية عنصرية”، على حد وصفها.
لماذا يخفت صوت الشارع في الضفة رغم الحرب في غزة؟
ما خيارات الفلسطينيين لمواجهة “الدعوة غير الملزِمة” لفرض “السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية؟
المستوطنون المتطرفون يستولون على أراضي الضفة الغربية بوتيرة متسارعة – تقرير لبي بي سي
وفي نيويورك، قال المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، إن “إسرائيل تنتهج سياسة منهجية لتهجير الشعب الفلسطيني وتجريده من أرضه”.
مشيراً إلى أن الغارات الأخيرة على مستشفى ناصر في خان يونس مثال على “الاستهداف المتعمد للمدنيين والطواقم الطبية والصحفيين”.
وأضاف منصور أن “المجاعة المفروضة عمداً على غزة تتسع بسرعة”، متهماً إسرائيل بمنع دخول الصحفيين والبعثات الدولية لـ”إخفاء الحقائق”.
توسع استيطاني
جنود إسرائيليون يحملون أسلحة ويطلقون الرصاص والغاز المسيل للدموع على محتجين فلسطينيين في البلدة القديمة بالقدس الشرقية بعد مداهمة منازل واعتقال عشرات الشباب الفلسطينيين.
وتطرق رياض منصور إلى الوضع في الضفة الغربية، مؤكداً استمرار عمليات “القتل والتهجير القسري، وتصاعد عنف المستوطنين في مناطق عدة بينها المغير وسنجل ومسافر يطا”، إلى جانب تسريع المخططات الاستيطانية ولا سيما في منطقة E1، ووصف ما يجري بأنه محاولة “تقويض حل الدولتين”.
وفي سياق متصل، أفادت تقارير فلسطينية بوجود أعمال توسع استيطاني جديدة في البؤرة المقامة على قمة جبل الرأس بقرية أم صفا شمال رام الله.
وهاجمت مجموعة من المستوطنين، صباح الخميس، رعاة أغنام في منطقة عين سامية قرب بلدة كفر مالك شرق رام الله.
وأفادت مصادر محلية فلسطينية أن المستوطنين استولوا على أكثر من 300 رأس غنم، واعتدوا بالضرب على أحد الرعاة قبل أن يلقوه قرب مستوطنة “كوكب الصباح” المقامة على أراضي المنطقة.
يأتي هذا فيما أغلقت القوات الإسرائيلية، ليل الأربعاء، البوابات الحديدية في مداخل بلدة حزما شمال شرق القدس، وذلك رداً على هجوم بالحجارة استهدف حافلة مستوطنين مما أدى إلى تضررها قرب البلدة، ما تسبب بأزمة خانقة للمركبات، وفق مصادر محلية.
اعتقالات جديدة
اعتقلت القوات الإسرائيلية الصحفي أسيد عمارنة، من بيت لحم، إضافة إلى فلسطيني آخر يدعى شادي بداونة بعد مداهمة منزله في مخيم عايدة شمال المدينة. كما داهمت قوة عسكرية عدة منازل في مدينة البيرة، دون الإبلاغ عن اعتقالات.
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني فإن 55 صحفياً فلسطينياً معتقلون في السجون الإسرائيلية، من بينهم 50 صحفياً اعتُقلوا بعد السابع من تشرين الأول/تشرين الأول 2023، حيث كان آخرهم الصحفي أسيد عمارنة والذي اعتقل صباح الخميس من منزله في مدينة بيت لحم.
كما أفادت مصادر عائلية بأن السلطات الإسرائيلية حكمت على الصحفي معاذ عمارنة البالغ 36 عاماً، بالسجن الإداري لمدة أربعة أشهر.
وهذه هي المرة الثانية التي يُعتقل فيها عمارنة منذ السابع من تشرين الأول/ تشرين الأول، حيث اعتُقل 9 أشهر إدارياً “دون تهمة”.
وكان عمارنة قد فقد عينه اليسرى عام 2019 بعد إصابته برصاص القوات الإسرائيلية أثناء تغطيته احتجاجاً في بلدة صوريف جنوب الضفة الغربية.