جيش الاحتلال يبدأ تجنيد 60 ألف جندي احتياط استعداداً لاحتلال غزة

جيش الاحتلال يبدأ تجنيد 60 ألف جندي احتياط استعداداً لاحتلال غزة

تبدأ، الثلاثاء، في إسرائيل، عملية تجنيد نحو 60 ألف جندي احتياط استعدادا لاحتلال مدينة غزة. وقالت صحيفة معاريف: “سيبدأ (الثلاثاء) تجنيد حوالي 60 ألف جندي احتياط استعدادا لاحتلال مدينة غزة”.

والجمعة، أعلنت تل أبيب مدينة غزة التي يسكنها نحو مليون فلسطيني “منطقة قتال خطيرة”، وبدأت غارات وعمليات نسف واسعة تسفر عن استشهاد وإصابة العديد من الفلسطينيين ودمار هائل في المدينة المنكوبة تحت وطأة إبادة مضاعفة.

وأوضحت “معاريف” أن جنود الاحتياط “سيخضون لتدريب وتنظيم يستمر ما بين 3 إلى 4 أيام، حيث ستُكلف بعض وحدات الاحتياط باستبدال جنود الخدمة النظامية في مناطق الدفاع والقتال في الشمال”. وأشارت إلى أنه “من المتوقع أن تشارك بعض ألوية الاحتياط في القتال داخل غزة، بينما سيُكلف جزء آخر بتعزيز وجود الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية”.

ومساء الأحد، أفاد موقع “واللاه” العبري نقلا عن مصادر خاصة، لم يسمّها، أن وزير الخارجية جدعون ساعر أبلغ نظيره الأميركي ماركو روبيو، الأربعاء، أن تل أبيب تتحضر لإعلان فرض سيادتها على الضفة الغربية المحتلة خلال الأشهر المقبلة.

وتابعت “معاريف”: “تشير التقديرات إلى أن الجيش الإسرائيلي سيبدأ قريبا تركيز ألوية الخدمة النظامية في مناطق التجمع المحيطة بالقطاع تمهيدا لدخول واسع للقوات لفرض حصار على مدينة غزة وبدء المناورة العسكرية”.

وقالت “اللواءان المناوران اليوم، 99 و162، بدءا بالفعل عمليات الحصار”. وبحسب الصحيفة، فإن “اللواء 162 يحاصر المدينة من الشمال، بينما من المتوقع أن يكمل اللواء 99 خلال الأيام القادمة احتلال منطقتي الزيتون والصبرة وتطهيرهما”.

وأضافت: “الجيش الإسرائيلي سيفتح ممرا في الجزء الجنوبي الغربي لتمكين السكان من الخروج من مدينة غزة إلى المناطق الإنسانية في المواصي وجنوب القطاع”. واستطردت أن “تنفيذ إطلاق النار سيتم بشكل مختلف عن السابق (..) فقد تم وضع معايير أمان لتجنب الإضرار بالمختطفين المحتجزين”، على حد زعمها.

وأوضحت الصحيفة أنه: “يعتبر تعقيد العمليات في مدينة غزة كبير ومختلف عن المناطق التي عملت فيها قوات الجيش خلال العامين الماضيين”. وتابعت: “المدينة مكتظة بالسكان، والمساحة محدودة، ويتعلق الأمر بمنطقة حضرية تحتوي على مبانٍ مرتفعة”، وفق تعبيرها. وادعت “معاريف” أن القوات الإسرائيلية لن تحصل على موافقة لشن هجمات “إلا حال توافر معلومات مؤكدة عن عدم وجود مختطفين في الموقع”.

وفي موازاة حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر، تدور في أروقة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حالياً خطة لإعادة بناء القطاع بعد انتهاء الحرب وفق الاقتراح الذي كان تقدم به ترامب لبناء ما سماها “ريفييرا الشرق الأوسط” على أنقاض القطاع المدمر. وبحسب ما أوردته صحيفة واشنطن بوست الأميركية الأحد، تقوم الخطة على وضع القطاع تحت السيطرة الأميركية مدة عشر سنوات على الأقل أثناء عمليات البناء، وتحويله في نهاية المطاف إلى منتجع سياحي ومركز صناعي وتكنولوجي عالي التقنية.

(الأناضول، العربي الجديد)

 

 

استمرار الاتصالات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة

استمرار الاتصالات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة

قال مصدر مصري مطلع على جهود الوساطة التي تشارك بها القاهرة بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، اليوم الأحد، إن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة على تواصل دائم مع الجانب الإسرائيلي، مؤكداً على أن القاهرة لا تزال تعول على عدم صدور رد رسمي من حكومة الاحتلال، معتبرة أن ذلك ربما يحمل مخرجاً طالما أنه لم يتم الرد بالرفض.

وأضاف المصدر،  الذي طلب عدم ذكر نفسه، إن المشاورات المصرية الأميركية، التي جرت خلال الساعات الماضية، بشأن الوضع في قطاع غزة وسبل إنهاء الحرب تطرقت إلى مصير حركة حماس وإقناع نتنياهو بضرورة الوصول إلى محطة النهاية سريعاً، لافتاً إلى أن هناك مطالب أميركية من الوسيطين المصري والقطري بشأن ضغوط على حماس للوصول إلى صيغة تخص مستقبلها وتحديد مصير جناحها العسكري؛ وذلك ضمن مشاورات تستهدف فتح مسارات لإقناع رئيس حكومة الاحتلال بالسير نحوها.

من جانبه، قال قيادي في وفد التفاوض في حركة حماس إن الحركة لا تزال تتواصل مع الوسطاء في مصر وقطر في انتظار الرد الإسرائيلي على المقترح الأخير الذي وافقت عليه الحركة من دون شروط. وشدد القيادي على أن هناك تنسيقاً كاملاً مع الوسطاء في القاهرة والدوحة بشأن جهود إنهاء الحرب والتوصل إلى هدنة قائلاً إن “المقاومة في الوقت الراهن تعمل على محورين، أحدهما يتعلق باستمرار الصمود الميداني والثاني يستهدف التوصل إلى اتفاق، سواء جاء دائماً أو هدنة من أجل تخفيف الضغط عن الناس في القطاع”.

وعلق القيادي في الحركة على أنباء استهداف الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة بأن “المعني بالحديث عن هذه الملفات هو قيادة القسام”، متابعاً: “حتى وإن كان الخبر صحيحاً، فإن المقاومة لا تتوقف على أحد”، مضيفاً: “خلال عامين، استشهد كبار القادة في المستويين السياسي والعسكري وعلى رأسهم يحيى السنوار وإسماعيل هنية ومحمد الضيف، واستمرت المقاومة وزادت شراستها”.

وأكد المصدر أن عمل الجناح العسكري في القطاع في الوقت الراهن أخذ شكلاً غير مركزي، ما جعله أكثر مرونة وزاد من صعوبة كسره”، ثم أضاف: “في كل مرة يخرج الجيش الإسرائيلي ويؤكد أنه قضى على المقاومة في منطقة، ولا يمر أكثر من ساعات أو أيام قليلة حتى يتلقى ضربة قوية في المناطق التي يتحدث عنها”.

أكثر من مليون غزي بلا خيارات: لا شبر متبقّياً لاستيعاب المهجرين

أكثر من مليون غزي بلا خيارات: لا شبر متبقّياً لاستيعاب المهجرين

يعيش أهالي مدينة غزة والنازحون فيها حالة استثنائية من الحيرة والقلق الجماعي، بفعل إعلان الجيش الإسرائيلي أمس الجمعة مدينة غزة “منطقة قتال خطيرة” وأنه بدأ العمليات التمهيدية والمراحل الأولية للهجوم على المدينة مضيفاً أنه يعمل حالياً بقوة كبيرة على مشارف المدينة، ما يعيد إلى الأذهان سيناريو النزوح الأكبر بداية العدوان قبل 22 شهراً. وتبدو حركة الناس في شوارع مدينة غزة المهددة بالاقتحام بطيئة ومثقلة بالأسئلة، فلا أحد يعرف إلى أين يسير، ولا إلى أي جهة يمكن أن يتجه في حال بدأ الاجتياح البري الشامل للمدينة. وتحولت التهديدات الإسرائيلية إلى هاجس يومي يثقل صدور الأهالي، ويضعهم أمام سؤال وجودي “إلى أين يمكن أن نذهب بعد أن امتلأ الجنوب عن آخره؟”. الجنوب الذي كان يمثل لآلاف العائلات “الملاذ الأخير”، لم يعد يتسع لاستقبال أي أسرة جديدة، بعدما تعرضت رفح وخانيونس لدمار واسع، وتكدست مئات آلاف الأسر في أحياء مهدمة أو مخيمات نزوح مكتظة، ومع تهديد دير البلح والمناطق الوسطى بالقصف والاقتحام، تلاشت آخر المساحات التي كان الناس يأملون التوجه إليها.

لا مكان لنصب خيمة في غزة

وشهدت الأيام الأخيرة محاولات عائلات من مدينة غزة للنزوح نحو المحافظات الوسطى أو الجنوب، لكنهم اصطدموا بالواقع القاسي، لا مكان لنصب خيمة جديدة، ولا ساحة تتسع حتى لأسرة واحدة، البعض قضى ليالي في العراء أو على الطرقات، وآخرون اضطروا للعودة مجدداً إلى بيوتهم المهددة بالقصف، في مشهد يجسّد انسداد الأفق وانعدام البدائل. هذا الواقع فاقم مشاعر الرعب والضغط النفسي، إذ بات الغزيون يعيشون بين خيارين أحلاهما مر: البقاء تحت خطر الاحتلال والقصف في مدينة غزة، أو المحاولة المستحيلة للنزوح نحو مناطق لم تعد تتسع لأي قادم جديد، وبين هذين الخيارين، يعيش الناس في حالة انتظار خانق يختلط فيه الخوف من المستقبل مع العجز عن اتخاذ أي قرار آمن. وفي ظل استمرار الغارات والقصف على كل مكان، تزداد مخاوف السكان من أن يتحول النزوح القسري، إذا ما فرض، إلى مأساة مفتوحة بلا أفق، خصوصاً في وقت لم يعد فيه الجنوب سوى صورة أخرى من الجوع والاكتظاظ والموت البطيء.

سمية بدوي: هذه أول مرة أشعر بأن غزة تُدفع دفعاً نحو التهجير القسري

في السياق، تقول الفلسطينية سمية بدوي (42 عاماً)، وهي أم لخمسة أطفال، إنها أعدت بعض الحقائب الصغيرة حتى يكونوا جاهزين في أي لحظة، لكن الحقيقة أنها لا تعرف إلى أين ستذهب، وهو ما بات يشعرها بأنها وأسرتها باتوا بين فكي كماشة. وتضيف في حديثٍ لـ”العربي الجديد”: “حاولنا الأسبوع الماضي النزوح إلى (المنطقة) الوسطى، وعندما وصلنا إلى مشارف دير البلح اكتشفنا أن لا مكان، ولا حتى متراً واحداً لنضع خيمة فيها. الناس هناك يفترشون الشوارع والطرقات، عدنا إلى منطقتنا المهددة بالقصف وكأننا لم نفعل شيئاً”. وتضيف بدوي: “عشت كل جولات التصعيد السابقة، لكن هذه أول مرة أشعر بأن غزة تُدفع دفعاً نحو التهجير القسري، الجنوب لم يعد موجوداً، رفح وخانيونس أصبحتا أنقاضاً، والوسطى مهددة كل يوم بالقصف، لم يبقَ أمامنا سوى أن نعيش هنا وننتظر قدرنا”.

ولم يختلف الواقع كثيراً عند الفلسطيني أدهم السمري (33 عاماً) الذي نزح مرتين سابقاً من الشجاعية إلى مدارس غزة، حيث كان يأمل في كل نزوح أن يجد مكاناً جديداً أكثر أماناً، بينما لم يجد الآن أي مكان بعد امتلاء المدارس ومخيمات النزوح المعتمدة والعشوائية وحتى الطرقات والمفترقات. ويوضح السمري، في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، أنه بات يشعر بالرعب الحقيقي من كلمة “أخلوا مناطق سكنكم”، ليس لأنها جيدة أو تنعم بالخدمات والبنية التحتية التي جرى تدميرها بشكل كامل، وإنما لعدم توفر أماكن، حتى وإن كانت بلا خدمات “لا يوجد شبر واحد يمكنه استيعاب أسرة صغيرة”. ويشير السمري إلى أنه عاد من نزوح طويل في المحافظات الجنوبية، ذاق خلاله كل أصناف العذاب، ونزح مجدداً بعد عودته إلى مدينة غزة، ولا يزال يشعر بالعذاب ذاته بعد فقدان بيته، لكن الهاجس الأكبر يتمثل في معاودة النزوح نحو الجنوب، معتبراً أن صدور مثل هذا الأمر لا يمكن اعتباره سوى “حكم بالإعدام الجماعي”.

أما الفلسطيني عدي حبيب (28 عاماً) فيقول: “لم يبقَ لنا سوى الانتظار، نزحنا سابقاً إلى عدة أماكن، لكن لم نجد مكاناً حتى في الساحات، عدنا إلى بيتنا رغم أنه نصف مهدم”. ويلفت حبيب في حديثٍ لـ”العربي الجديد” إلى أن النزوح مجدداً في مثل هذه الظروف التي تنعدم فيها كل سبل الحياة ومقوماتها، إلى جانب انعدام وجود أماكن لاستقبال النازحين حتى وإن كانت أماكن بلا مقومات، يعني “التشرد في العراء، والنوم على الأرصفة أو بين الركام”. وتنتشر الأحاديث داخل البيوت والخيام عن الأخبار المتداولة باحتمال اجتياح المدينة، وكثير من الأسر تبيت بثياب جاهزة للنزوح، لكن من دون وجهة، البعض ينام بجانب حقائب صغيرة تحوي وثائق وأدوية وبعض الملابس، بينما يتناوب الكبار على طمأنة الصغار الذين يسألون: “وين رح نروح؟”.

أدهم السمري: لا يوجد شبر واحد يمكنه استيعاب أسرة صغيرة

مآسي المدينة

وبعد تدمير مدينتي رفح وخانيونس لم يعد أي متسع لاستقبال نازحين جدد، لدرجة أن بعض العائلات تسكن داخل هياكل مدمرة أو بين الركام، في الوقت الذي لم تعد المحافظات الوسطى آمنة ولا متاحة، فهي مهددة بالقصف والاقتحام، وتفتقر أصلاً لأي قدرة على استقبال مزيد من الأسر، في الوقت الذي يعيش أهالي مدينة غزة بين حيرة البقاء في مواجهة التهديد المباشر بالاحتلال أو البحث عن ملاذ غير موجود. حول ذلك، يقول الباحث السياسي جميل مازن شقورة لـ”العربي الجديد” إن سياسات جيش الاحتلال على الأرض من خلال التطويق والتدمير الممنهج، تهدف إلى إعادة تشكيل الواقع الميداني في القطاع، لا سيما مدينة غزة، من خلال خلق ظروف معيشية غير قابلة للاستدامة، ما يؤدي فعلياً إلى تفريغ مناطق واسعة من سكانها ومن ثم احتلالها.

ويحذّر من أن ما يفعله الاحتلال يهدف إلى التهجير القسري، لكنه يغلف هذا الأمر بمصطلح الهجرة الطوعية من خلال ما يقوم به وما يآذاره على الأرض. وينبّه كذلك إلى أن ذلك بات سياسة متعمدة، وليست نتيجة اعتباطية للحرب، إذ اعتبر إيلي باخر، المستشار القانوني السابق لجهاز الشاباك، أن الحرب تجاوزت أهدافها العسكرية لتصبح أداة سياسية لإفراغ غزة تدريجياً من سكانها، تمهيداً لمشاريع ضم واستيطان مستقبلية، وهو ما يصفه بـ”خطة الحسم”. ويلفت شقورة إلى أنه في ظل غياب أي أفق واضح لإنهاء الحرب والحصار المفروض على مدينة غزة وتدمير المساحات المدنية، لم يعد المكان في غزة قابلاً لحياة السكان، وسيدفعهم الاحتلال بشتى الطرق للنزوح جنوباً من أجل تنفيذ مخططاته الرامية لاحتلال المدينة.

وزيرة إسبانية تدافع عن متظاهري فلسطين وتنتقد مدير سباق فويلتا

وزيرة إسبانية تدافع عن متظاهري فلسطين وتنتقد مدير سباق فويلتا

دافعت وزيرة الشباب والطفولة الإسبانية، سيرا ريغو (51 عاماً)، عن المتظاهرين المؤيدين لفلسطين الذين ظهروا خلال سباق فويلتا واحتجوا أمام فريق برميير تيك الإسرائيلي، المشارك في سباق ضد الساعة، مؤكدة أن هدفهم كان إيصال صوت المظلومين في قطاع غزة الذين يواجهون إرهاب الاحتلال الإسرائيلي. كما وجّهت الوزيرة، التي شغلت مناصب بارزة في مؤسسات أوروبية، انتقادات لمدير السباق، خافيير غيلين بسبب تصريحاته التي اعتبرتها “غير مبرّرة”.

وأثار مدير سباق فويلتا غضب الوزيرة الإسبانية بسبب تصريحاته التي وصف فيها المتظاهرين بـ”المشاركين في أعمال عنف”، ما دفعها إلى توجيه رسالة عبر حساباتها في منصات التواصل الاجتماعي، خاطبت فيها الرأي العام ومدير السباق فقالت: “لقد تلقيت ببالغ القلق والاستنكار تصريحاتكم التي وصفتم فيها التظاهرة السلمية التي نظمها مجموعة من المواطنين الإسبان، خلال مرور فريق إسرائيل برميير تيك في طواف إسبانيا، بأنهه عمل عنيف”.

وأضافت الوزيرة في رسالتها “اسمحوا لي أن أعبّر عن الأمر بهذه الطريقة: أجد من غير المقبول إطلاقاً تشبيه التعبير المشروع عن رفض مواطنينا بالعنف الممنهج الذي تآذاره إسرائيل اليوم ضد سكان قطاع غزة، بما في ذلك آلاف الأطفال الفلسطينيين”. وأكدت أن هذا الموقف يعكس التزامها بالدفاع عن الحق في التظاهر السلمي ورفض محاولات خلطه بمآذارات الاحتلال، التي تتسبب يومياً في معاناة المدنيين.

وشددت الوزيرة الإسبانية على أن التظاهر السلمي حق مشروع يكفله الدستور، ويهدف إلى “التنديد بالظلم والمطالبة بمسؤولية دولية”، معتبرة أن ما جرى خلال سباق فويلتا يندرج ضمن هذا الإطار. ووجهت ريغو رسالة مباشرة إلى مدير الطواف “أدعوكم إلى التفكير في خطورة تصريحاتكم، والاعتراف بأن العنف الحقيقي لا يوجد في شوارع مدننا ولا في لافتات شبابنا، بل في المأساة اليومية، التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال والحصار”.

وفي ختام رسالتها، جدّدت الوزيرة الإسبانية سيرا ريغو موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، وأكدت رفضها مشاركة فريق إسرائيل برميير تيك في طواف إسبانيا، باعتباره يمثل دولة تنتهك القانون الدولي وترتكب إبادة جماعية بحق شعب أعزل في غزة، وشددت على أن السماح للفريق بالمشاركة يتعارض مع القيم الإنسانية والرياضية التي يفترض أن يجسدها الطواف، وذكّرت بأن طوافي إيطاليا وفرنسا شهدا بدورهما احتجاجات واسعة ضد الفريق الإسرائيلي، في مشهد يعكس التضامن الشعبي المتنامي مع الفلسطينيين ومعاناتهم تحت الاحتلال والحصار.

لسانان… من فلسطين إلى السودان

لسانان… من فلسطين إلى السودان

حين تقع جريمة في سياق الإبادة الجماعية في غزة، أو في إرهاب المستوطنين بالضفة الغربية، تسارع آلة الدعاية الصهيونية لتلطيف وطأة الجريمة وتلميع صورتها أمام العالم. في استهداف مستشفى ناصر، واصل الاحتلال قصف الصحافيين والمستشفيات والمدنيين، منتهكاً كل المواثيق الدولية. وقد عبّر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بلسان غير عبري، عن “أسفه” لمقتل خمسة صحافيين، دون اعتذار، مكتفياً بـ”تحقيق” لا يُعوّل عليه.

أما في الخطاب العبري الداخلي، فكل من يُقتل في غزة، بغض النظر عن وظيفته، يُوصم فوراً بـ”الإرهابي”، بمن فيهم الأطفال والنساء. هذا التناقض بات بديهياً لدى الفلسطينيين، الذين خبروا خبث الاحتلال وكذبه، وسعيه المحموم للتطهير العرقي بحقهم. في مقابل لسان الفاشية والإبادة بالعبرية، هناك ما يشبهه في خنوع السياسات العربية الرسمية. خطاب “الأخوّة” والتضامن بات صدى باهتاً، يتذرع بالعجز أو بحجج الاحتلال لمنع إنقاذ الفلسطينيين من التجويع، لكنه أعجز من تفسير صمته أمام تجويع ملايين السودانيين. حدود السودان لا تُفتح لإنهاء الحصار، بل تُستغل لتغذية الصراع وإدامته. فمن يمنع العرب من تسيير قوافل إنقاذ براً وبحراً وجواً للسودانيين، لإنقاذهم من مجاعة تتسع يوماً بعد يوم؟

إن تردي مكانة الدولة العربية وتأثيرها هنا وهناك لا يضرب تلك الدولة فحسب، بل يعكس حالة عربية مريضة، باتت على موائد تقاسم يرسمها الخارج لمستقبل نحو نصف مليار إنسان. إذا كان نتنياهو ومعسكره الفاشي، المدعوم من واشنطن وآخرين، يلوّح بخرائط “إسرائيل الكبرى”، فلكل عربي حق التساؤل: أين أنظمتنا التي أقسمت على حماية أوطانها؟

وليس الاحتلال وحده من يتحدث بلسانين؛ فالعرب الرسميون يفعلون ذلك أيضاً: شعارات دعم الفلسطيني علناً، وحماسة لإخماد المقاومة سراً، بزعم تهديدها “لأمنهم”، بينما الاحتلال وحده يهددهم علناً بخططه ومشاريعه. هو الفلسطيني ذاته الذي يُوصف بأنه “شقيق”، تماماً كما السوداني، لكنه يُمنع حتى من تلقي تبرعات تسد رمق أطفاله، ويُلاحق من يحاول دعمه بالكلمة أو برفع علمه.

ما يجري اليوم لا يهدد الحاضر فحسب، بل يؤسس لكارثة مقبلة. ومواجهة خرائط الصهيونية لا تكون بالتقليل من شأنها، بل بفعل سياسي عاجل ومسؤول، يواجه الغرب بوضوح ويترك للشارع العربي حق التعبير. والمفارقة أن وزراء في أوروبا يستقيلون احتجاجاً على مواقف حكوماتهم، والمطالب تتصاعد لقطع العلاقات مع الاحتلال، بينما يواصل بعض العرب التصرف كأن لا شأن لهم… لا بما يحدث في السودان، ولا فلسطين، ولا بما يُرسم لهم في الخرائط.