قمة الصين الأمنية: هل تشهد ولادة تحالف جديد ضد النفوذ الأمريكي؟

قمة الصين الأمنية: هل تشهد ولادة تحالف جديد ضد النفوذ الأمريكي؟

يزور الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الصين للمرة الثانية، بيد أن هذه المرة مختلفة عن سابقتها، فلأول مرة منذ غزو أوكرانيا، يزور بوتين حليفه الرئيسي في المنطقة ليس بصفته تابعاً للرئيس الصيني، شي جينبينغ، ومحاصراً بعقوبات غربية، بل بصفته زعيماً عالمياً على قدم المساواة مع الرئيس الأمريكي، القوة الاقتصادية والعسكرية الأولى في العالم والمنافس الرئيس للصين.

وسوف تشكل هذه الزيارة الصينية انتصاراً لبوتين عقب عودته من ألاسكا، بعد أن استقبله دونالد ترامب استقبالاً رسمياً على الأراضي الأمريكية، واستطاع بوتين خلال اللقاء إقناع ترامب بالتخلي عن مطالبه بعدم شن ضربات على أوكرانيا، فضلاً عن وقف تهديداته بفرض عقوبات جديدة على روسيا.

وفي الصين، سيُستقبل بوتين استقبالاً حافلاً، في ظل مشاركة ما يزيد على 12 زعيماً إقليمياً في مدينة تيانجين الصينية لعقد قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي تستمر لمدة يومين.

كما سيضم الاجتماع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، المعروف بخطابه الصاخب والمعادي للغرب، ورئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، الذي تتميز علاقته مع كل من بكين وواشنطن بالتعقيد.

بيد أن هذا ليس سوى البداية.

إذ سيشارك عدد كبير من الزعماء في موكب رسمي، يوم الأربعاء في بكين، لإحياء الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية والاحتفال بـ”انتصار الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني، والانتصار في الحرب العالمية المناهضة للفاشية”.

وتطرح المناسبة تساؤلات من بينها هل تدلّ الفعاليات الجارية في الصين هذا الأسبوع على تقوية تحالف عالمي ضد الولايات المتحدة؟

وهل يشهد تكتل روسيا – الهند – الصين، وهو تحالف قوي يسعى لموازنة الهيمنة الغربية في الشؤون الدولية وظل خامداً خلال السنوات الخمس الماضية، نشاطاً في وقت تتصاعد فيه الحروب التجارية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟

ترامب يعجز عن إثارة خلاف بين بوتين وشي جينبينغ

تهدف زيارة بوتين غير المعتادة إلى الصين إلى إظهار “الصداقة اللامحدودة” بين روسيا والصين التي تزداد متانة، وأن محاولات الولايات المتحدة لزرع الفتنة بينهما ستبوء بالفشل، حسب رأي بعض الخبراء.

ويقولون إنه حتى إذا تنازل ترامب عن أوكرانيا لبوتين ورفع العقوبات، فإن روسيا لن تحيد عن الصين.

ويشير خبراء إلى الطريقة التي سبق و استطاع بها وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، هنري كيسنجر، في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، من سحب الصين من تحت النفوذ السوفيتي خلال سبعينيات القرن العشرين، إلا أن العلاقات بين بكين وموسكو كانت آنذاك متوترة بالفعل، لكن الوضع مختلف اليوم.

ويقول بيير أندريو، خبير العلاقات الصينية – الروسية بمعهد سياسات مجتمع آسيا، الذي شغل سابقاً مناصب دبلوماسية فرنسية في روسيا وطاجيكستان ومولدوفا، إن “زيادة الضغط التجاري على الصين من جانب إدارة ترامب تعزز المحور الروسي-الصيني. كما لم تسفر المحاولات الرامية لإضعاف الروابط بين البلدين وتنفيذ ما يُعرف بـ (كيسنجر العكسي) عن أي نتائج ملموسة”.

ويذكر خبير في العلاقات الروسية – الصينية، ولم يفصح عن اسمه، في مقال نشره مركز تحليل السياسات الأوروبية: “إن كانت استراتيجية الولايات المتحدة تقوم على إثارة الخلاف بين موسكو وبكين من خلال إنهاء الحرب في أوكرانيا ورفع بعض العقوبات عن روسيا، فإن واشنطن تُقدّر دون دقة عمق وتعقيد هذه الشراكة”.

الرئيس الصيني شي جينبينغ يحمل طبقاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتينويتبادلان النخب باستخدام أكواب صغيرة
جزء كبير من التحالف بين الصين وروسيا يرجع إلى العلاقة الشخصية بين زعيميهما

وأصبحت الصين المشتري الرئيسي للطاقة الروسية والمورد الأساسي للسيارات والبضائع الأخرى إلى روسيا بعد تعليق الشركات الغربية نشاطها هناك، كما أدى العدوان على أوكرانيا إلى تقوية الروابط الإيديولوجية للصداقة بين روسيا والصين.

ويفسر أندريو ذلك قائلاً: “كلا الدولتين تعارضان الليبرالية الغربية وتتحديان الهيمنة الأمريكية. وكلاهما يمتلك القوة النووية ويشغل عضوية دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتتلاقى مصالحهما الاستراتيجية”.

ويضيف: “من الناحية الاقتصادية، يكمل كل منهما الآخر. روسيا دولة غنية بالمواد الخام، والصين دولة صناعية وتقنية”.

غير أنه يرى أن العلاقات الشخصية الحميمة بين قادتهما تشكل مفتاحاً أساسياً.

كما يشترك بوتين وشي جينبينغ في العديد من الصفات، فهما في نفس العمر (72 عاماً)، ونشأ كلاهما في ظل الشيوعية السوفيتية، ويحكمان منذ فترة طويلة، ووضع كل منهما هياكل سلطة استبدادية ويبدو أنهما لا يتسامحان مع أي معارضة.

وكان بوتين قد وقع مع شي جينبينغ، قبيل غزو أوكرانيا في عام 2022، بياناً بشأن “الصداقة بلا حدود والتعاون بلا قيود”، ويصف شي جينبينغ بوتين بأنه “صديق عزيز”، وقد التقى به أكثر من أي زعيم عالمي آخر، بما يزيد على أربعين مرة.

إلا أن زيارة بوتين للصين هذه المرة تتسم بطابع خاص.

وتقول باتريشيا كيم، الخبيرة في السياسة الخارجية الصينية والعلاقات الأمريكية – الصينية في مؤسسة بروكينغز بواشنطن، إن “الصين تستفيد من الحفاظ على بوتين تحت السيطرة ومنعه من الانحراف نحو الغرب مجدداً، لكنها لا ترغب في تعزيز قوة روسيا بشكل مفرط”.

وتضيف: “النتيجة المثالية لبكين تتمثل في أن تكون روسيا قوية بما يتيح لها مواجهة الغرب، وضعيفة بما يكفي للبقاء تحت نفوذ الصين”.

ويفسر أندريو: “تعتبر روسيا شريكاً مفيداً للصين، إذ تساعد شي جينبينغ في الحفاظ على الاستقرار داخل البلاد وفي كامل منطقة آسيا الوسطى. كما تساهم في تمكين بكين من حشد الدعم من دول الجنوب العالمي وتعزيز نموذج بديل عن النظام العالمي الغربي”.

انضمام مودي

رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ يتحدث مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال جلسة عامة لقمة البريكس في ريو دي جانيرو، البرازيل، في 7 تموز/تموز 2025
يتعين على رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (الذي يظهر هنا في قمة البريكس في البرازيل في تموز/تموز) أن يحرص على موازنة سياساته مع دول مثل الصين وروسيا

وتعد الهند، العضو الثالث في تكتل روسيا – الهند – الصين، عنصراً معقداً في علاقاتها مع كل من بكين وواشنطن، مما قد يعرقل أي محاولة لإحياء هذا التكتل.

ويكتسب لقاء شي جينبينغ ومودي، على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين، والذي يمثل أول زيارة لمودي للصين منذ سبع سنوات، أهمية بالغة، إذ تكاد الدولتان لا تتبادلان الحديث منذ المناوشات الحدودية في وادي غالوان عام 2020.

إلا أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في الهند غيرت الوقائع على الأرض، فقد فرض الرئيس ترامب رسوماً جمركية مرتفعة على السلع الهندية عقاباً على استمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي، مما بدا أنه يدفع الخصوم السابقين نحو التقارب.

وقال شي جينبينغ لمودي إن الصين والهند ينبغي أن تكونا شركاء لا خصمان، بينما أكد مودي وجود “أجواء من السلام والاستقرار” بين البلدين حالياً.

ولا يقتصر الوضع على أن هذين البلدين الأكثر سكاناً في العالم، بل إنهما يمتلكان أيضاً اثنتين من أكبر الاقتصادات عالمياً.

وأكد مودي على أن الرحلات الجوية بين الهند والصين، والتي توقفت منذ النزاع الحدودي قبل خمس سنوات، سوف تُستأنف، دون إعلان إطار زمني محدد.

وقال شي جينبينغ: “ينبغي لكلا الطرفين أن يتناول ويعالج علاقتهما من منظور استراتيجي بعيد المدى”، مؤكداً أن “كون الجانبين أصدقاء يمثل الخيار الصائب لكليهما”.

ماذا يعني ذلك لمستقبل التحالفات؟

يرى الخبراء أن إعادة إحياء تحالف ثلاثي كبير بشكل فعّال، وهو ما أعربت كل من روسيا والصين عن رغبتها في تحقيقه، وضم بعض أكبر اقتصادات العالم كأعضاء، سوف يؤدي إلى مواجهة النفوذ المتصاعد لواشنطن، إلى جانب تحالفات أخرى مثل مجموعة بريكس التي تأسست عام 2006 بين البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.

بيد أن الهند تجد نفسها مضطرة إلى الحفاظ على توازن سياسي دقيق للغاية، بغض النظر عن الواقع الاقتصادي الناتج عن الرسوم التي فرضها ترامب، وعليها أيضاً التوصل إلى حلول لمشكلات ثقة عميقة مع الصين.

ويشير الخبراء إلى أن الهند حريصة على الحفاظ على سياسة خارجية مستقلة، بينما لا تزال آثار الاشتباكات الحدودية الدامية مع الصين عالقة في الأذهان، كما يساورها القلق من العلاقة الوثيقة التي تربط الصين بباكستان، عدوها القديم.

علاوة على ذلك، فإن عقوداً من الدبلوماسية الدقيقة التي قرّبت الهند من الولايات المتحدة ستتطلب إعادة تقييم وربما التخلي عنها، وهو ما قد يكون ثمناً باهظاً إذا قررت البلاد الانضمام بالكامل في تحالف ضد واشنطن.

صورة لكيم جونغ أون وفلاديمير بوتين داخل سيارة معاً ويبتسمان في بيونج يانج في حزيران/حزيران الماضي
المظاهر العامة للصداقة، كما نرى في هذه الصورة التي تجمع بين كيم جونغ أون وفلاديمير بوتين، بمثابة تذكرة قوية بالتحالفات

بيد أن المشهد العام هذا الأسبوع يصعب تجاهله.

فمن المتوقع أن يحضر بوتين وكيم، إلى جانب الرئيس الإيراني، مسعود بيزشكيان، العرض العسكري في بكين، ضمن 26 رئيس دولة.

وسوف يشهد الحدث المخطط له بعناية، مسيرة تضم عشرات الآلاف من الجنود في تشكيلات منظمة عبر ساحة تيانانمن التاريخية، بمشاركة قوات من 45 فرقة عسكرية صينية بالإضافة إلى قدامى المحاربين.

ولأول مرة في التاريخ، سيجتمع قادة الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية في مناسبة واحدة، خلال عرض عسكري في بكين في الثالث من أيلول/أيلول.

ويتساءل نيل توماس، خبير الشؤون الصينية بمعهد سياسات منطقة آسيا: “هل يمثل هذا الاجتماع القمة الأولى لمحور الأنظمة الاستبدادية؟”.

ويضيف أن هذا الاتحاد من غير المحتمل أن يدوم طويلاً، نظراً لاختلاف أهداف أعضائه وغياب الثقة المتبادلة بينهم.

ويرى توماس أن “حضور بوتين وبيزشكيان وكيم يسلط الضوء على دور الصين بوصفها القوة الاستبدادية الرائدة عالمياً”.

وبناء على ذلك قد تمثل أحداث الأسبوع الجاري في الصين استعراضاً قوياً ليس بالضرورة لدور التحالفات كمنظمة شنغهاي للتعاون، وثلاثي روسيا – الهند – الصين، وبريكس في مواجهة واشنطن، بل لتأكيد مركزية الصين في أي من هذه التحالفات مستقبلاً.

قمة شنغهاي… 20 زعيماً يرسمون ملامح نظام مالي موازٍ

قمة شنغهاي… 20 زعيماً يرسمون ملامح نظام مالي موازٍ

تتواصل، اليوم الاثنين، في مدينة تيانجين الصينية أعمال قمة منظمة شنغهاي للتعاون وسط حضور استثنائي يضم أكثر من 20 زعيم دولة، ما يجعلها الأكبر منذ تأسيس المنظمة عام 2001، ويمنحها وزناً سياسياً واقتصادياً غير مسبوق على الساحة الدولية. ويعكس انعقاد القمة في هذا التوقيت الحرج سعي دول الشرق، وفي مقدّمتها الصين وروسيا، إلى صياغة بدائل عملية للنظام المالي والاقتصادي العالمي الذي ظلّ طوال عقود خاضعاً للهيمنة الغربية، سواء عبر هيمنة الدولار أو عبر مؤسسات مثل صندوق النقد والبنك الدوليين. 

اللافت في قمة شنغهاي لهذا العام كان مشاركة الهند بتمثيل رفيع بعد غياب استمر سبع سنوات، إذ جلس رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى طاولة المباحثات في تيانجين جنباً إلى جنب مع الرئيسَين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، في مشهد عكس براغماتية السياسة الهندية في لحظة إقليمية ودولية دقيقة. وأثارت عودة الهند المفاجئة اهتمام المراقبين؛ لأنها جاءت رغم استمرار الخلافات الحدودية مع بكين منذ اشتباكات وادي جالوان عام 2020، ورغم تحفظ نيودلهي سابقاً على الانخراط في قمم تستضيفها الصين، إلّا أن السياق الدولي الراهن، المتمثل في تصاعد الحرب التجارية الأميركية – الصينية وتشديد العقوبات الغربية على روسيا، دفع الهند إلى إعادة النظر في سياسة المقاطعة، واختيار الانخراط المباشر مع الجارين الكبيرين عبر منصة متعدّدة الأطراف توفر لها فرصاً اقتصادية يصعب تجاهلها، بحسب موقع “إيكونوميك تايمز” الهندي.

اجتماع صيني هندي

وعُقد الاجتماع الثنائي بعد خمسة أيام من فرض واشنطن رسوماً جمركية 50% على البضائع الهندية بسبب مشتريات نيودلهي من النفط الروسي. ويقول محلّلون، وفق رويترز، إنّ شي ومودي يسعيان لتشكيل جبهة موحّدة ضد الضغوط الغربية. وعقد الزعيمان اجتماعاً في روسيا العام الماضي بعد التوصل إلى اتفاق لتسيير دوريات على الحدود. ووافقت الصين على رفع القيود المفروضة على تصدير المواد الأرضية النادرة والأسمدة وآلات حفر الأنفاق هذا الشهر خلال زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى الهند. وتحتاج الهند، التي تسعى لترسيخ موقعها بوصفها أحد أسرع الاقتصادات نمواً عالمياً، إلى تأمين تدفقات مستقرة من الطاقة والموارد الأولية، خصوصاً المعادن النادرة التي تهيمن الصين على أكثر من 70% من إنتاجها وتكريرها.

وركز الاجتماع الثنائي بين مودي وشي على هذا الملف، مع بحث ترتيبات تتيح للهند الحصول على حصص مضمونة من تلك المعادن الحيوية لصناعات الإلكترونيات والسيارات الكهربائية. وفي المقابل، أبدت نيودلهي استعداداً لتوسيع التعاون التجاري، لكنها حرصت على ألّا يُفسر ذلك باعتباره اصطفافاً كاملاً وراء مشروع “النظام المالي الموازي” الذي تدفع إليه بكين وموسكو، وفق “إيكونوميك تايمز”، كما لا تعني مشاركة الهند في قمة شنغهاي هذا العام تحولها إلى جزء من المحور الصيني – الروسي، بحسب رويترز، فهي ما زالت متمسكة بتحالفاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، وتسعى إلى إبراز نفسها قوةَ توازن قادرة على الاستفادة من جميع الأطراف دون الانخراط في اصطفافات مغلقة. 

أهداف بكين وموسكو

الملفات الاقتصادية على طاولة قمة شنغهاي لا تتوقف عند العملات والتجارة، فهناك حديث موسّع عن سلاسل التوريد التي تعرضت لاضطرابات كبيرة بسبب جائحة كورونا ثم الحرب في أوكرانيا وأخيراً الحرب التجارية بين واشنطن وبكين. وتسعى الصين عبر “الحزام والطريق” إلى تقديم مشروعات بنية تحتية مشتركة، من سكك حديد وموانئ ومراكز لوجستية، لربط اقتصادات المنظمة في شبكة قادرة على تقليل الاعتمادية على الغرب. بينما تدفع روسيا باتجاه شراكات في قطاع الطاقة، عبر عقود طويلة الأجل للنفط والغاز مع الهند وباكستان وإيران، مستفيدة من تعطّش تلك الاقتصادات لمصادر طاقة بأسعار تنافسية بعيداً عن الأسواق الأوروبية التي باتت مغلقة نسبياً أمام موسكو. وما يلفت الانتباه هذا العام دخول ملف التكنولوجيا إلى قلب أجندة المنظمة، فقد أطلقت الصين خلال القمة مبادرة لتعزيز التعاون في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، فيما جذب الأنظار ظهور روبوت بشري يدعى “Xiao He” في المركز الإعلامي ليقدم خدمات الترجمة والمعلومات للصحافيين، كرمز لتحول المنظمة من إطار أمني إلى منصة “دبلوماسية رقمية”. ويعكس هذا البعد التقني إدراك بكين أنّ المعركة الاقتصادية المقبلة ليست حول النفط والغاز فحسب، بل حول من يضع معايير الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية التي ستحدّد شكل الاقتصاد العالمي في العقدين المقبلين.

الزعماء المشاركون

شهدت قمة شنغهاي للتعاون هذا العام حضوراً غير مسبوق لأكثر من 20 زعيم دولة، منهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس وزراء باكستان شهباز شريف. وشارك في القمة أيضاً رؤساء دول آسيا الوسطى، منهم رئيس كازاخستان كاسيم-جومارت توكاييف، ورئيس قيرغيزستان سادير جاباروف، ورئيس طاجيكستان إيمومالي رحمن، ورئيس أوزبكستان تشافكات ميرضيييف، إضافة إلى رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو، كما حضر عدد من قادة الدول بصفة مراقب أو شريك في الحوار، منهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس وزراء إقليم المالديف محمد مويناز، ورئيس وزراء نيبال كي بي شارما أولي، ورئيس وزراء كمبوديا هونغ مانيت، ورئيس أرمينيا نيكول باشينيان، ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ورئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، ورئيس إندونيسيا برابوو سوبيا نتو، ورئيس ميانمار مين أونغ هلاينغ. بالإضافة إلى ذلك، حضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وعدد من رؤساء مؤسسات دولية إقليمية مثل رؤساء منظمة الأمن الجماعي، وآسيان، واليونسكو، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.

الصين والهند تتعهدان بحل خلافاتهما الحدودية وتعزيز التعاون

الصين والهند تتعهدان بحل خلافاتهما الحدودية وتعزيز التعاون

تعهّد الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، اليوم الأحد، بحل خلافاتهما الحدودية وتعزيز التعاون، وذلك قبيل افتتاح قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي تستضيفها الصين في مدينة تيانجين الساحلية. واجتمع شي مع مودي، قبيل افتتاح القمة، في خطوة تعكس انفراجة رسمية بين القوتين النوويتين. وتعدّ هذه أول زيارة لمودي إلى الصين منذ تدهور العلاقات بين الجانبين، بعد اشتباكات دامية بين جنود صينيين وهنود على الحدود في عام 2020. ويزور مودي الصين في إطار عضوية بلاده في منظمة شنغهاي للتعاون، وهي مجموعة سياسية واقتصادية وأمنية إقليمية أسستها الصين. وقال مودي، في كلمته الافتتاحية، إن العلاقات مع الصين تحركت في “اتجاه هادف”، مضيفاً أن “هناك بيئة سلمية على الحدود بعد فك الاشتباك”.

من جانبه، قال شي إنه يأمل أن يساهم اجتماع تيانجين في “رفع مستوى” العلاقات و”تعزيز التنمية المستدامة والصحية والمستقرة للعلاقات الثنائية”، وذلك وفق ما ذكره التلفزيون المركزي الصيني. وأكد شي أنه يتعين على الجانبين “ألا يجعلا قضية الحدود هي المحدد للعلاقة الشاملة بين الصين والهند”، مشيراً إلى أن التنمية الاقتصادية يجب أن تكون محور الاهتمام الأساسي لكلا البلدين، مضيفاً: “طالما التزمت الصين والهند بالهدف الأسمى المتمثل في كونهما شريكتين لا متنافستين، وتوفير فرص للتنمية لا تهديدات، فإن العلاقات الصينية الهندية ستزدهر وتتقدم بثبات”.

وقبيل زيارة مودي توجّه وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، إلى نيودلهي في وقت سابق من آب/آب الجاري، حيث أعلن الجانبان عن تقاربهما. وتعهّدت الحكومتان بإعادة إطلاق محادثات الحدود، واستئناف إصدار التأشيرات والرحلات الجوية المباشرة. وتزامنت زيارة وانج مع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الهند بسبب شرائها النفط الروسي، لكن عملية إعادة بناء العلاقات بين نيودلهي والصين كانت قيد الإعداد منذ أشهر.

وكثّفت الصين والهند الزيارات الرسمية، خلال العام الجاري، وناقشتا تخفيف بعض القيود على التجارة وحركة الأفراد عبر الحدود. وفي حزيران/حزيران الماضي، سمحت بكين للحجاج الهنود بزيارة المواقع المقدسة في التبت. ومن المقرر أيضاً أن يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي وصل إلى تيانجين، اليوم الأحد، بالزعيمين الصيني والهندي خلال الأيام المقبلة.

(أسوشييتد برس)

الرئيس الإيراني إلى الصين وسط استعدادات لتجدد الحرب مع إسرائيل

الرئيس الإيراني إلى الصين وسط استعدادات لتجدد الحرب مع إسرائيل

توجّه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، صباح اليوم الأحد، إلى الصين للمشاركة في قمة منظمة شنغهاي، واصفاً الزيارة بأنها “مهمة للغاية واستراتيجية”. وأضاف في تصريحات للتلفزيون الإيراني في مطار طهران، أنّ القمة تمثل فرصة مهمة لتعزيز التعددية والتعاون الإقليمي، مشيراً إلى أن منظمة شنغهاي تضم نحو مليارين ونصف المليار نسمة، وتشكل أكثر من 40% من الاقتصاد العالمي.

وأكّد أنّ طبيعة هذه المنظمة تتمثل في “السعي لمواجهة الأحادية وتعزيز التعددية في العلاقات الدولية”، لافتاً إلى أن بلاده تسعى في هذا المسار إلى لعب دور فاعل. وأوضح بزشكيان أنّه على هامش هذه القمة سيعقد لقاءات مع رؤساء جمهوريات ورؤساء حكومات الدول الأعضاء والمراقبة، وهي “فرص قيّمة لتقريب وجهات النظر في المجالات العلمية والاقتصادية والثقافية والسياسية والأمنية”، ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الإيراني نظيريه الصيني والروسي ويجري معهما محادثات.

إيران تستعد لاستئناف الحرب

في شأن آخر، دعا رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء عبد الرحيم موسوي، اليوم الأحد، في رسالة بمناسبة يوم الدفاع الجوي في التقويم الإيراني، إلى أن يكون الدفاع الجوي الإيراني “عبر الاستفادة من التقنيات الحديثة والابتكارات المحلية والاستثمار في الكوادر البشرية الملتزمة والمتخصّصة، في مستوى يتناسب مع التهديدات المستجدة، وأن يثبت ويعزز كفاءته واقتداره في مواجهة أي اعتداءات محتملة من العدو”. يُذكر أنّ وصول المقاتلات الإسرائيلية خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً في حزيران/حزيران الماضي إلى طهران، وقيامها بقصف في عمق إيران، أثار انتقادات بشأن انكشاف أجواء البلاد.

من جهته، قال القائد العام للجيش الإيراني، اللواء أمير حاتمي، اليوم الأحد، خلال لقائه عائلات عدد من ضحايا قوات الدفاع الجوي في العدوان الإسرائيلي على إيران في حزيران/حزيران الماضي: “لقد كان للأعداء نيّات خبيثة وأهداف شريرة ضد إيران الإسلامية، لكنّ الشعب الإيراني العظيم ومقاتلي القوات المسلحة، بفضل توجيهات قائد الثورة الإسلامية والقائد العام للقوات المسلحة، وبالانسجام والاقتدار والمقاومة، أحبطوا مؤامرات الأعداء”، وأضاف في هذا اللقاء الذي جاء بمناسبة يوم الدفاع الجوي في التقويم الإيراني، أنّ “الدفاع الجوي يقف في الخط الأمامي لحماية سماء البلاد، وقد أثبت في الحرب المفروضة التي استمرت 12 يوماً أنّه مستعد لمواجهة التهديدات على أيّ مستوى”.

من جانبه، قال أول قائد للحرس الثوري الإيراني جواد منصوري، في تصريح لموقع “خبر أونلاين” الإيراني، إنّه “يجب أن نكون مستعدين لحرب جديدة؛ فإذا اندلعت مجدداً، فإنّ نطاقها سيكون واسعاً”، وأضاف: “إذا قال أحد إنّنا لا نواجه اختراقاً أو لا يعرف ما هو الاختراق، فهو إما مخترَق أو لا يدرك الأمر”، واستطرد قائلاً: “ليس مستبعداً أن يصل الاختراق إلى المستويات العليا”. وأشار منصوري إلى أنّ “المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة خلقت توقعاً بالتخلي عن المواجهة المباشرة مع إسرائيل”، لكنه أكد أنّ “إسرائيل لن تقبل أبداً بالتعايش مع الجمهورية الإسلامية”.

وبشأن حرب حزيران/حزيران الماضية بين إيران وإسرائيل، قال: “رغم أنّ إيران تلقت ضربة في بداية العمليات، إلّا أنّ حدثين أهم وقعا لاحقاً؛ أولاً تمكنت إيران سريعاً من استعادة قدراتها، وثانياً وجّهت ضربة كانت بلا شك أثقل من تلك التي تلقتها. لكن من حيث الخسائر البشرية، لا أنكر أن إسرائيل وجهت إلينا ضربة كبيرة”. وكان رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، قد قال أمس السبت إن الحرب يمكن أن تستأنف و”يجب أن نكون أقوياء”.

مقتل عقيد في الحرس الثوري

أعلن الحرس الثوري الإيراني في بيان أنّه، أمس السبت، قُتل العقيد رحيم محمدي من قواته أثناء تنفيذ مهمة في المنطقة الحدودية لمدينة سراوان بمحافظة سيستان وبلوشستان. وفي الأشهر الأخيرة، تصاعدت الاشتباكات في هذه المحافظة بين جماعة “جيش العدل” المعارضة المسلحة والقوات العسكرية الإيرانية.

محكمة الاستئناف الأمريكية تقضي بعدم قانونية بعض الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على دول العالم

محكمة الاستئناف الأمريكية تقضي بعدم قانونية بعض الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على دول العالم

قضت محكمة الاستئناف الأمريكية بعدم قانونية معظم الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما قد يمهد الطريق لمواجهة قانونية يمكن أن تغيّر السياسة الخارجية التي يتّبعها ترامب.

ويؤثر الحكم على الرسوم الجمركية “المتبادلة” التي فرضها ترامب على معظم دول العالم، بما في ذلك الرسوم المفروضة على الصين والمكسيك وكندا.

وفي قرار صدر بأغلبية سبعة أصوات مقابل أربعة، رفضت محكمة الاستئناف الأمريكية للدائرة الفيدرالية، حُجة ترامب بإمكانية فرض رسوم جمركية بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة، ووصفت الرسوم بأنها “باطلة لأنها تتعارض مع القانون”.

ولن يدخل حكم المحكمة حيز التنفيذ قبل 14 تشرين الأول/تشرين الأول، للسماح بتقديم طلب للمحكمة العليا للنظر في القضية.

وانتقد ترامب حكم المحكمة على منصة “تروث سوشيال”، وكتب منشوراً قال فيه: “إذا استمرّ هذا القرار، فإنه سيدمر الولايات المتحدة الأمريكية فعلياً”.

وأضاف: “اليوم، قالت محكمة الاستئناف المنحازة أنه يجب وقف التعريفات الجمركية لدينا، لكنهم يعرفون أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تفوز في النهاية”.

و”إذا أُلغيت التعريفات، فسيكون ذلك كارثةً شاملةً على البلاد. سيجعلنا ذلك ضعفاء مالياً، وعلينا أن نكون أقوياء”.

وبرر ترامب الرسوم الجمركية بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة (IEEPA)، الذي يمنح الرئيس سلطة التصرف ضد التهديدات “غير العادية والاستثنائية”.

وأعلن ترامب حالة طوارئ وطنية في ما يتعلّق بالتجارة، باعتبار أن اختلال التوازن التجاري يضر بالأمن القومي الأمريكي كما يقول.

لكن المحكمة قضت بأن فرض الرسوم الجمركية لا يقع ضمن صلاحيات الرئيس، وأنها “من صلاحيات الكونغرس الأساسية”.

  • ما هي الرسوم الجمركية وكيف تعمل ولماذا يستخدمها ترامب؟
  • ما تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على عشرات الدول؟

ويقول الحكم المكون من 127 صفحة إن قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة “لا يذكر التعريفات الجمركية (أو أي من مرادفاتها) ولا يتضمن ضمانات إجرائية واضحة لسلطة الرئيس، تخوله فرض تعريفات جمركية”.

وبناء على ذلك، قضت المحكمة بأن سلطة فرض الضرائب والتعريفات الجمركية تظل من اختصاص الكونغرس، ولا يبطل قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة ذلك.

وأوضحت المحكمة أنه من غير المرجح أن يكون القصد من إقرار الكونغرس لهذا القانون في عام 1977، هو “تغيير مآذاراته السابقة، ومنح الرئيس سلطة غير محدودة لفرض التعريفات الجمركية”.

وبحسب القرار: “إذا كان الكونغرس يريد تفويض الرئيس بسلطة فرض الرسوم الجمركية، لأعلن عن ذلك صراحة، إما باستخدام مصطلحات لا لبس فيها مثل التعريفة الجمركية والرسوم، أو من خلال هيكل عام يوضح أن الكونغرس يشير إلى الرسوم الجمركية”.

ويأتي هذا الحكم رداً على دعاوى قضائية رفعتها شركات صغيرة وائتلاف من الولايات الأمريكية، بعد أوامر ترامب التنفيذية في نيسان/ نيسان، التي فرضت تعريفات جمركية أساسية بنسب لا تقل عن 10 في المئة على معظم دول العالم، بالإضافة إلى تعريفات جمركية متبادلة على عشرات الدول.

وأعلن ترامب أن هذا التاريخ هو “يوم تحرير” أمريكا من سياسات التجارة غير العادلة.

وفي أيار/أيار، قضت محكمة التجارة الدولية، ومقرها نيويورك، بعدم قانونية الرسوم الجمركية، وتم تعليق هذا القرار خلال إجراءات الاستئناف.

كما يشمل حكم محكمة الاستئناف أيضاً التعريفات الجمركية على كندا والمكسيك والصين، التي يزعم ترامب أنها ضرورية لوقف تجارة المخدرات.

ومع ذلك، فإن هذا القرار لا ينطبق على جميع التعريفات الجمركية، بما في ذلك تلك المفروضة على الصلب والألومنيوم، التي تم فرضها بموجب سلطة رئاسية مختلفة.

وقبل صدور الحكم، زعم محامو البيت الأبيض أن إبطال التعريفات الجمركية من شأنه أن يؤدي إلى انهيار مالي على غرار انهيار سوق الأوراق المالية عام 1929، وهو ما أدى إلى الكساد العظيم.

وكتبوا في رسالة، أن “إلغاء سلطة الرئيس في فرض التعريفات الجمركية بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة فجأة، من شأنه أن يؤدي إلى عواقب كارثية على أمننا القومي وسياساتنا الخارجية واقتصادنا”.

وأضاف المحامون: “يعتقد الرئيس أن بلادنا لن تكون قادرة على سداد تريليونات الدولارات التي تعهدت دول أخرى بسدادها بالفعل، وهو ما قد يؤدي إلى دمار مالي”.

كما يثير قرار المحكمة تساؤلات حول الصفقات التي اتفقت عليها بعض الدول مع الولايات المتحدة لخفض معدلات الرسوم الجمركية.

ويعني التطور الأخير أن القضية ستتجه الآن إلى المحكمة العليا الأميركية دون شك، وهي محكمة عرفت بمواقفها الصارمة في السنوات الأخيرة تجاه الرؤساء الذين يحاولون تنفيذ سياسات جديدة شاملة، ولا يتم تمريرها مباشرة من قبل الكونغرس.

فخلال رئاسة جو بايدن، توسعت المحكمة فيما أسمته “مبدأ الأسئلة الرئيسية” لإبطال جهود الديمقراطيين لاستخدام القوانين القائمة للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من محطات الطاقة، وإسقاط ديون قروض الطلاب لملايين الأمريكيين.

وإذا وافق قضاة المحكمة العليا التسعة على النظر في القضية، فسيقررون ما إذا كان برنامج التعريفات الجمركية الموسع لترامب، هو مثال آخر على تجاوزات الرئيس، أم أنه يمتثل إلى القوانين والسلطة الرئاسية الممنوحة له.

وتضم المحكمة العليا ستة قضاة معينين من قبل الجمهوريين، بما في ذلك ثلاثة اختارهم ترامب بنفسه.